انشغل الفكر التنموي العربي لعقود طويلة بمحاولة الإجابة عن سؤال النهضة "لماذا تأخر العرب وتقدم غيرهم"؟، ورغم طرحه مع بداية القرن التاسع عشر، إلا أن هذا السؤال لم ينفك أن يرافق مسيرة الفكر العربي حتى وقتنا هذا. ولعل الإصرار على إعادة طرح السؤال إنما يعكس رغبة وإرادة قوية في البحث عن نهضة عربية حقيقية، محددة المقاصد والآليات في ضوء المستجدات الإقليمية والعالمية الراهنة، وفي ظل ما تشهده الدول العربية من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية جذرية. وعلى الرغم من أن المكتبة العربية تذخر بالعديد من الكتب التي تحاول الإجابة عن هذا السؤال إلا أنه من الضروري تخطي مرحلة التأصيل النظري إلى طرح نماذج واقعية، تسهم في فك احتكار مركزية التجربة الغربية في النهوض، بما يفسح المجال للتعرف على تجارب أخرى لا تقل أهمية عن التجربة الغربية، بل ربما تتفوق عليها في بعض الجوانب.
في ظل ما يشهده العالم منذ انتهاء الحرب الباردة من تغيرات جوهرية في بنية النظام الدولي، وصعود قوى اقتصادية جديدة، كالصين والهند والبرازيل، كان من الضروري الانفتاح على هذه التجارب بغية التعرف على أسباب نجاحها، والأسس الفكرية والحضارية لنهضتها التنموية، وإن لم يكن الهدف نسخ التجربة، أو اقتباسها، ولكن الاهتداء بها، واستخلاصالدروس منها.
وتعد التجربة البرازيلية من التجارب الجديرة بالدراسة والتحليل؛ في ظل وجود العديد من جوانب التشابه مع بعض الدول العربية وخاصة الديمغرافية والطبيعية والجيواستراتيجية، كما أن تجربة البرازيل الناجحة في التنمية الاقتصادية ذات أهمية خاصة لأنها تأتي من دولة نامية ذات ظروف مشابهة، دولة واجهت ظروفًا تنموية صعبة ثم استطاعت أن تتغلب عليها وحققت نجاحًا كبيرًا، وبالتالي فإنه يمكن الاستفادة منها أكثر من تجارب دول أخرى قد تكون ظروفها مختلفة عن الدول العربية. بالإضافة إلى ما يربط البرازيل والدول العربية من علاقات تاريخية وأواصر إنسانية قوية؛ نظرًا لوجود حوالي 12 مليون مواطن من أصول عربية بالبرازيل (غالبيتهم من أصول لبنانية وسورية وفلسطينية)، كما أن البرازيل والدول العربية قد وقعتا ضحية للغزو الإستعماري، بل إن عدم وجود تاريخ استعماري للبرازيل في منطقة الشرق الأوسط، قد أضفى قدراً من الحيادية على المواقف التي تتخذها بشأن القضايا الملحة في المنطقة، وبخاصة دعمها للقضية الفلسطينية. ناهيك عن أن مواقف البرازيل من بعض القضايا المثارة على الساحة الدولية، وبخاصة التجارة العالمية، البيئة والتغيرات المناخية، ونزع أسلحة الدمار الشامل، يكشف بوضوح أهمية وجود تنسيق عربي برازيلي تجاه التحديات المشتركة، كما أن النجاحات التي حققتها البرازيل في قطاعات محددة مثل مكافحة الفقر والجوع والصحة والطاقة والزراعة، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك على ضرورة الاستفادة من التجربة البرازيلية.
والبرازيل من أهم القوى الصاعدة في العالم، وعضو في تجمع البريكس الذي يمثل قوة كبرى في الاقتصاد العالمي، وقد استطاعت تخطي فترات عدم الاستقرار السياسي التي شهدتها منذ نهاية فترة الحكم العسكري في عام 1985م، ونجحت في تجاوز عقود طويلة من التردي الاقتصادي والارتهان للمؤسسات المالية العالمية وبخاصة البنك وصندوق النقد الدوليين، لتصبح من بين أكثر الدول المؤهلة للقيام بدور محوري على المستوى الدولي، واعتبرها المجلس الأمريكي للشؤون الخارجية عام 2011م، من بين مجموعة الدول التي ستكون قادرة على المساهمة بفعالية في صياغة شكل العالم في القرن الحادي والعشرين. ولدى البرازيل أضخم اقتصاد في أمريكا اللاتينية، وثاني أكبر اقتصاد في الأمريكتين، وسابع أكبر اقتصاد في العالم عام 2015م، وقد حققت هذا التقدم الاقتصادي بعدما كاد ينهار اقتصادها القومي عام 1999م، وكانت على شفا الإفلاس مع انخفاض قيمة الريال البرازيلي، وضعف معدل النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات التضخم والدين العام والبطالة والفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
وكان اهتمام البرازيل بترسيخ وتدعيم أسس النظام الديمقراطي، وتطبيق برنامج صارم للإصلاح الاقتصادي مع الحرص الشديد على تضمين الأبعاد الاجتماعية فيه، إلى جانب سعيها الحثيث إلى مد جسور التواصل والتعاون مع القوى الصاعدة الأخرى مثل: الهند، وجنوب إفريقيا، دون أن تفقد اتصالها مع القوى الكبرى في النظام الدولي، وبخاصة روسيا والصين، من الركائز الأساسية لنجاح التجربة البرازيلية في التنمية.
وتؤكد التجربة البرازيلية على أهمية دور الدولة كمنظم للأسواق، وموفر للبنية الأساسية، وضامن لتحقيق التنمية البشرية، وذلك من خلال قيام الدولة البرازيلية بتطبيق برامج المعاشات والتحويلات النقدية المشروطة لمكافحة الفقر، وتقديم إعانات بطالة للفقراء، والاهتمام بالمشروعات والقروض الصغيرة، والاستثمار في التعليم والصحة، إلى جانب الاهتمام بتنمية الأقاليم المهمشة وتحقيق العدالة بين مختلف الولايات. وعلى الرغم من قوة ونجاح برنامج الخصخصة، والدور المحوري الذي تلعبه الشركات الخاصة والدولية البرازيلية، إلا أن الشركات الوطنية الكبرى تعد من أهم دعائم استقرار الاقتصاد.
وكان حرص البرازيل على الاستفادة مما تمتلكه من ثروات وموارد طبيعية ضخمة، عاملًا مهمًا لنجاحها في إنتاج مجموعة من المحاصيل الزراعية التي لم تتوفر في بلاد أخرى، مما أدى إلى زيادة الطلب عليها، بالإضافة إلى امتلاكها ثروات معدنية ونفطية هائلة. وإلى جانب ذلك اهتمت البرايل بتطوير الصناعة، فبالإضافة إلى الصناعات التقليدية مثل الصناعات الغذائية والجلدية والنسيج، طورت البرازيل العديد من الصناعات عالية التقنية، كصناعة السيارات والطائرات المدنية.
تجربة التنمية البرازيلية مهمة للعرب نظراً لتشابه الظروف وتكسر التجربة الغربية في النهضة
البرازيل عضو البريكس تمتلك أضخم اقتصاد في أمريكا اللاتينية والسابع على مستوى العالم
تؤكد التجربة البرازيلية أن الإصلاح الاقتصادي يتطلب استراتيجية شاملة لا خطة لعلاج الاختلالات
من أبرز دروس التجربة البرازيلية أن امتلاك مصادر القوة لا يعني القدرة على استخدامها لتحقيق النفوذ
وتوضح التجربة التنموية في البرازيل كيف يمكن تحقيق النجاح الاقتصادي دون التقيد بمقولات توافق واشنطن أو الالتزام الصارم بالسياسات الاقتصادية الليبرالية، وذلك من خلال استقاء الحلول المحلية للمشكلات، مما يعني أن التنمية ليست لها وصفة سحرية تصلح للتطبيق على جميع البلدان؛ فلكل بلد نمط التنمية الخاص به. وهذا ما حققته البرازيل من خلال ترسيخ أسس العدالة الاجتماعية دون التخلي عن اقتصاد السوق، وتطوير الدور الإنمائي للدولة دون تعطيل دور الشركات الخاصة.
وتثبت التجربة البرازيلية إمكانية التزاوج الناجح بين السياسات الاقتصادية الموجهة للسيطرة على الاختلالات المزمنة في الاقتصاد وتحفيز النمو والاستثمار من جهة وسياسات مكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى. فمن ناحية،وفرالنموالاقتصادي المواردالماليةاللازمةللاستثمارفي الصحةوالتعليم،وخلق نوعاًمن الترابطالوثيقبينالسياسةالاقتصادية والاجتماعية. ومن ناحية أخرى، كانت العدالة الاجتماعية عاملاً محفزاً للنمو الاقتصادي؛ حيث ساعدت البرامج الاجتماعية بشكل مباشر على رفع مستوى الدخل، وتحسين مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وزيادة حجم الطبقة المتوسطة، التي أصبحت تمثل قوة شرائية كبيرة، ساهمت في ازدهار المشروعات الإنتاجية الوطنية ومثلت بديلًا عن السوق الخارجي، لذلك فإن أحد مصادر قوة الاقتصاد البرازيلي وجود سوق محلي قوي. وكان تبني البرازيل برامج رائدة في مجال التنمية الاجتماعية ومحاربة الفقر والجوع سببًا لسعي ما يقرُب من عشرين بلداً، لاستلهام تلك البرامج في مجتمعاتها المحلية، مما يشير إلى إمكانية أن تتقاسم الدول النامية المعارف والخبرات فيما بينها.
وتكشف تجربة البرازيل عن أن تحقيق النمو الاقتصادي قد يأتي في مرحلة تالية للتحول الديمقراطي، ولكن ذلك ليس مدعاة لسقوط المؤسسات الديمقراطية والشرعية السياسية، بل أن هذا يؤكد أهمية وجود نظام ديمقراطي مستقر لتوفير البيئة المناسبة لتحقيق النمو الاقتصادي، مما يعطي دلالة واضحة على أن تحقيق التحول الديمقراطي يعد ضمانة ضرورية للنمو الاقتصادي في دول الربيع العربي. وتؤكد التجربة البرازيلية أن الإصلاح الاقتصادي يتطلب تبني استراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية، وليس مجرد خطة لعلاج الاختلالات، وفي هذا الإطار، كانت المصارحة والمكاشفة عنصرًا أساسيًا لنجاح التجربة البرازيلية، عندما أعلن الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" (2002 -2010) عن أن سياسة التقشف هي البديل الأول والأمثل لحل مشاكل الاقتصاد، وطلب دعم الطبقات الفقيرة له والصبر على هذه السياسة. وكان ذلك سببًا في الدعم الشعبي الكبير له، كما ساهم في استعادة الثقة في الاقتصاد البرازيلي. وبذلك تؤكد التجربة البرازيلية على أن التوافق السياسي والمجتمعي، وخاصة خلال مرحلة التحول الديمقراطي، يعد ضرورة حتمية لتمرير أية سياسات اقتصادية قد يترتب عليها متاعب اقتصادية للسواد الأعظم من المواطنين، لاسيما الطبقات الدنيا والفئات الأكثر فقراً.
وعلى المستوى السياسي، نجحت البرازيل في تجاوز مرحلة "الانتقال الديمقراطي" إلى مرحلة "التماسك الديمقراطي"، بنجاح مرشح من المعارضة في الفوز بالانتخابات الرئاسية أكثر من مرتين؛ حيث وصل زعيم التيار اليساري المعارض "لولا دا سيلفا" لسدة الرئاسة عام 2002 وأعيد انتخابه مرة أخرى عام 2006، دون حدوث انقلاب عسكري، وفي المقابل التزم لولا بعدم إجراء تغيير جذري في السياسات الاقتصادية الليبرالية التي أرساها الرئيس الأسبق " فيرناندو كاردوسو" (1995-2002)، تجنبًا لتداعيات ذلك على الاستثمارات الأجنبية. ثم جاء فوز مرشحة اليسار "ديلما روسيف" بالانتخابات الرئاسية عام 2010 ثم إعادة انتخابها لفترة رئاسية ثانية عام 2014، ليعطي دفعة جديدة للتجربة الديمقراطية، بوصول أول سيدة إلى منصب الرئاسة بالبرازيل، خاصة أن روسيف تعد رمزًا للكفاح والنضال ضد السياسات القمعية للنظام العسكري الذي حكم البلاد لعقود طويلة.
ومن الدروس التي تقدمها التجربة البرازيلية، أن نجاح عملية التحول الديمقراطي يتطلب توافقاً بين مختلف القوى السياسية على النظام الديمقراطي بأسسه ومبادئه وضوابطه، وهذا ما حققته البرازيل من خلال ما يعرف بالتحالفات أو الائتلاف الوطني Pacts والذي يجمع بين القوى والطوائف المختلفة، بما فيها بعض أفراد النظام السابق، بخلاف ما يشهده عدد من البلدان العربية من أن بعض القوى الثورية التيكانلهاالفضلالأكبر في المبادرة بالثورة أضحتمهمشةأومعزولةعنالقراراتالكبرى الخاصةبإدارةالمرحلة الانتقالية.
وتشير التجربة البرازيلية إلى أن إحداث التحول الديمقراطي يتطلب وجود معارضة سياسية حقيقية وموحدة في تحركاتها في مواجهة بعضها البعض وتجاه النظام، وليست منقسمة على نفسها، كما هو واضح في العديد من البلدان العربية. وتكشف تجربة البرازيل عن أنه من الطبيعي أن تمر الدول التي شهدت سقوط نظم الحكم السلطوي بمرحلة انتقالية تتسم بعدم الاستقرار السياسي؛ حيث إن البرازيل لم تعرف الاستقرار السياسي سوى مع انتخاب "فيرناندو كاردوسو" رئيساً للبلاد، وذلك بعد وفاة أول رئيس منتخب من جانب المجلس التشريعي وممثلي الولايات قبل توليه السلطة رسمياً، وكذلك بعد إجبار أول رئيس منتخب بصورة مباشرة من جانب الشعب عام 1992 على الاستقالة على إثر اتهامات بالفساد.
ومن دروس التجربة البرازيلية أن النجاح في إقامة نظام ديمقراطي يتمتع بالشرعية يصعب تحقيقه ما لم يكن الدستور الذي يرسم ملامح هذا النظام موضع توافق بين القوى السياسية والاجتماعية الأساسية في البلاد، وقد استغرقت عملية إعداد وكتابة الدستور من جانب الجمعية الدستورية تسعة عشر شهرًا، وكان ذلك بمشاركة مجتمعية واسعة.
ومن جوانب تميز التجربة البرازيلية انتهاج سياسة المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية فيما يتعلق بالانتهاكات التي وقعت إبان فترة الحكم العسكري، وذلك عبر تطبيق تجربة جنوب أفريقيا في هذا الصدد، فأنشأت ما يسمى بـ"لجان الحقيقة" للتحقيق في جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، مع إعلاء مبدأ العدالة وليس الانتقام، وتعويض المتضررين من جراء الحقبة الآفلة وأسرهم تعويضاً مادياً ومعنوياً. وفي المقابل، نلحظ أن العديد من البلدان العربية خلال مرحلة ما بعد الثورات، تعاني من تفاقم مشكلات التمييز العرقي والطائفي والمذهبي، والاختلاف السياسي والفكري، كما تحظى العدالة الجنائية بالأولوية في التطبيق على تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع فئات المجتمع. وبناء على ذلك، جعلت البرازيل من قضية المواطنة أولوية كبرى، وذلك من خلال تبنيها نظام الكوتا من أجل مساعدة الأقليات في الحصول على الخدمات الحكومية، كما تبنت تشريع مهم لمحاربة التمييز ضد المواطنين من أصول أفريقية، وكانت من أولى دول العالم التي أوجدت أمانة خاصة على مستوى وزاري لتعزيز المساواة بين الأعراق عام 2003، كما نصت في دستورها على ضرورة احترام كافة الأديان، وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو اللغة.
وكان استقرار التجربة الديمقراطية لعدة سنوات، بعيدًا عن تدخل المؤسسة العسكرية التي لديها ميراث تاريخي طويل من الاستبداد والقهر، عاملًا مهمًا لنجاح التجربة البرازيلية، وقد أفرز هذا المناخ الديمقراطي إرادة شعبية قوية، ورغبة عارمة لدى البرازيليين لتحقيق النجاح والنمو والتقدم، كما وفر الاستقرار السياسي المناخ الملائم لتحقيق التقدم الاقتصادي والانطلاق نحو سياسة خارجية أكثر نشاطًا. وفي هذا الإطار، كان وقوع البرازيل في إقليم جغرافي خال نسبيًا من النزاعات المسلحة بين بلدانه؛ بحيث تكاد لا تعاني من صراعات جوهرية مع جيرانها الإقليميين، من العوامل التي دفعت لخفض إنفاقها على الأغراض الدفاعية، لحساب الإنفاق على الأغراض التنموية. وهنا تبرز العلاقة القوية بين النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي؛ فغياب التهديدات الاستراتيجية الخطيرة في البرازيل ساهم في دفع عملية التنمية الاقتصادية قدمًا.
ومن أبرز دروس التجربة البرازيلية أن امتلاك مصادر القوة لا يعني بالضرورة القدرة على استخدامها أو توظيفها من أجل تحقيق النفوذ والتأثير الدولي، إذ لابد من توافر الإرادة السياسية القادرة على والراغبة في توظيف المقدرات القومية لدولة ما, من أجل إحداث التأثير بدرجاته المتفاوتة. ولعب الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" هذا الدور بشكل كبير؛ فوجوده على رأس السلطة في البرازيل كان من العوامل التي ساهمت في تعزيز مكانتها على الساحة العالمية؛ حيث كانت لديه خبرة حقيقية بمشكلات الدولة والشعب، وامتلك رؤية واضحة وواقعية لنهضة الاقتصاد البرازيلي، ساعدت في تحقيق معدلات نمو مرتفعة يستفيد منها الأجيال الحالية والقادمة، كما تبنى لولا سياسات تُراعي حقوق الفقراء دون إهمال حقوق المستثمرين ورجال الأعمال. هذا بالإضافة إلى حرصه على إتباع سياسة خارجية تتسم بالتوازن والتنوع، وتضمن الاستقلال الوطني لبلاده، دون الوقوع في خطأ التهويل أو التهوين، مما جعل قرارات السياسة الخارجية أكثر رشادة، وجنب البلاد التورط في مشكلات لا قبل لها بها. وفي هذا الإطار، تقدم البرازيل مثالاً جديراً بالتحليل لكيفية توظيف التقدم الاقتصادي لدعم مكانة ودور الدولة على الساحة الدولية، وكيفية الاستفادة من اتباع سياسة خارجية متوازنة في تشجيع التنمية الاقتصادية في الداخل؛ وذلك من خلال المشاركة النشطة في المنتديات الدولية والإقليمية وغير الإقليمية، وتشكيل التحالفات الدبلوماسية للدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية.
وإجمالًا يمكن القول أن ما حققته البرازيل من إنجازات كبرى خلال فترة زمنية قصيرة، يثبت أن التقدم والنهضة هي أمور يمكن تحقيقها، وأن التخلف ليس حتمياً، مما يشير إلى إمكانية الاستفادة من هذه التجربة لاستنهاض همم التنمية في دولنا العربية.