; logged out
الرئيسية / د. عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية لـ (آراء حول الخليج): طموحات الخليجيين أكبر ما حققه مجلس التعاون

العدد 101

د. عبد الرحمن الزامل رئيس مجلس الغرف السعودية لـ (آراء حول الخليج): طموحات الخليجيين أكبر ما حققه مجلس التعاون

الأحد، 01 تشرين2/نوفمبر 2015

 

في حوار صريح مع شخصية لها تاريخها الحافل في العام والخاص، ورجل من رجال الصناعة، سبق ومازال يعمل في مواقع كثيرة وله وجهات نظر مهمة للقطاع الاقتصادي السعودي والخليجي، يتحدث من خلال التجربة عن المعضلات الاقتصادية، ويقدم حلولاً مهمة من واقع خبراته المتنوعة .. إن الحوار مع الدكتور عبد الرحمن عبدالله الزامل رئيس مجلس إدارة الغرف السعودية، الذي أكد أن مجلس التعاون الخليجي كان بمثابة خطوة أولى نحو تكامل اقتصادي خليجي كامل وما تحقق بين دول المجلس ليس سيئا، ولكنه ليس كما كنا نتطلع إليه كخليجيين بعد 35 عامًا على تأسيس المجلس، وحول رؤيته لمستقبل الاقتصاد الخليجي ،قال الدكتور عبد الرحمن الزامل إن هذا المستقبل واعد إذا تم استخدام ثرواته وأرصدته لتنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية وهذا الاتجاه تسير فيه المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى ، وفيما يتعلق بتأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الخليجي، أبدى الدكتور عبد الرحمن الزامل تفاؤلاً، وقال في هذا الصدد إن البعض ينظر إلى هذا الانخفاض بالأمر السيء، لكن نحن نقول في القطاع الخاص السعودي رب ضارة نافعة ونرى في انخفاض أسعار النفط فرصة لمراجعة أساليب أعمالنا السابقة وخططنا المستقبلية الحكومية والخاصة، وهناك بدائل يمكن طرحها لأن حكومتنا ستؤكد على توجيه كل الأعمال للقطاع الخاص وشركائه، وستتابع تنفيذ الأوامر الملكية السابقة في إعطاء الأولوية للمنتجين المحليين وستكون المتابعة جادة وهناك إرهاصات وبوادر خير في هذا الأمر.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه قطاع النفط والغاز الخليجي ومن بينها دخول منتجين جدد والطاقة البديلة، ذكر الدكتور عبد الرحمن الزامل أن دخول منتجين جدد في أي صناعة لا يقلق سوى المنتجين الضعفاء، بل سوف يؤدي ذلك إلى زيادة المنافسة والسعي الدائم إلى التطوير والابتكار وعدم الارتهان إلى ما تحقق من إنجازات، وفيما يتعلق ببدائل الطاقة الجديدة التي تواجه النفط، أوضح الدكتور الزامل أن لكل زمن نجمه ولابد أن يأفل هذا النجم، وعصر النفط لن يستمر إلى الأبد كطاقة غير متجددة، وصناع القرار في بلداننا يعلمون ذلك، ولكن الحمد لله لدينا الطاقة البديلة سواء الشمسية أو الرياح وغيرها.

ووصف رئيس مجلس الغرف السعودية، العلاقات التجارية الخليجية بأنها أشبه ما تكون بين الأخوة داخل البيت الواحد وليست كتجارة لبيت واحد، أي لكل منهم مصالحه وتوجهاته وسياساته التجارية، ومع ذلك قطعنا شوطًا جيدًا على طريق الوحدة بما سيعزز التجارة البينية لدول مجلس التعاون، وحول رؤيته للنهوض بالصناعات الصغيرة والمتوسطة أوضح الدكتور عبد الرحمن الزامل أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تساهم بنحو أكثر من 80% في القيمة المضافة للاقتصاد كما هو الحال في الدول المتقدمة، وهنا لابد على دول مجلس التعاون أن تعطي أفضلية للمنتج المحلي الخليجي في المشروعات والمناقصات الحكومية.

وحول آمال المواطنين الخليجيين نحو إقامة السوق الخليجية المشتركة والعملة الموحدة وغيرها، قال رئيس مجلس الغرف السعودية: نعم توجد آمال وطموحات وفي المقابل هناك تعثر، والمشكلة هي ليست متطلبات اقتصادية وإنما في الرؤية السياسية للتكامل، فالتكامل لا يبنى على قاعدة غالب ومغلوب أو مستفيد ومتضرر ، والرؤية الصحيحة هي أن الجميع مستفيد والجميع فائز وإن اختلفت درجات الاستفادة والفوز، وهذا ما جعل الآخرون يسبقوننا على الرغم من اختلاف الثقافات واللغة وغيرها، إلا أن خطانا بطيئة في هذا الاتجاه وعلينا أن نعلم كما يعلم الأوروبيون أن هناك قائد للتكامل بحكم المؤشرات الاقتصادية والجغرافية والسكانية وغيرها، فقائد التكامل الأوروبي بلا شك هي ألمانيا تليها فرنسا وغيرها من الدول الكبيرة ، ولذا فعلينا تغيير رؤيتنا للتكامل والقول باختلاف درجات المنافع والمزايا التي تعود علينا كدول خليجية والتفهم الكامل لما يمكن أن نسميه بمفهوم قائد التكامل.

وفيما يلي نص الحوار:

 

  •  بعد مرور مسيرة تقترب من 35 عامًا على إنشاء مجلس التعاون الخليجي .. كيف ترون ما تحقق من التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون؟ وهل يلبي طموحات مواطني ودول مجلس التعاون؟

ــ  مجلس التعاون الخليجي هو مرحلة وخطوة أولى نحو تكامل اقتصادي خليجي كامل ننشده نحن كمواطنين كما تنشده دول الخليج كمؤسسات، ومرحلة التعاون الخليجي هي في غاية الأهمية كونها تعد حجر الأساس الذي سيتم بناء التكامل على ما توافقت عليه دول المجلس خلال هذه المرحلة، ما تحقق في إطار عملية التكامل بين دول المجلس ليس سيئاً، ولكنه ليس ما كنا نتطلع إليه كخليجيين خلال هذه الفترة الطويلة، ما تحقق جيد بل وممتاز إذا كان تحقيقه استغرق 5 أو 10 سنوات، ولكن بعد 35 عامًا فإن طموحاتنا كانت أكبر مما تم تحقيقه، ولا شك أن الطموحات كانت أكبر لأنها لم تأخذ في اعتباراتها التحولات والتحديات التي شهدتها دول الخليج كحرب الخليج الأولى والثانية وغيرها من أحداث سلبية أثرت على المنطقة.

  •  كيف تقيمون تجربة القطاع الخاص الخليجي وأهم المكاسب التي حققها هذا القطاع خلال مسيرته الطويلة، وما هي أهم التحديات التي ما زالت تواجه هذا القطاع وكيف يمكن تجاوزها؟

ـ  تجربة القطاع الخاص بشكل كلي في الخليج تجربة ناجحة، تختلف درجة نجاحها من دولة لأخرى ودوره في الاقتصاد المحلي يتحدد وفقًا لعاملين رئيسيين: الأول المزايا التنافسية التي تتمتع بها كل دولة، ثانيا السياسات القطرية التي تتبناها أقطار دول الخليج ومدى تشجيعها للقطاع الخاص، فعلى سبيل المثال في المملكة قبل 30 عامًا لا يمكن أن نقول القطاع الخاص كان مؤثرا في اقتصاد المملكة كما هو الآن، فتزايد دور القطاع الخاص يعزو إلى توجهات القيادة السعودية لتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي والمزايا التنافسية التي تنعم بها المملكة.

  •  كيف تنظرون إلى مستقبل الاقتصاد الخليجي في ظل تدني أسعار النفط، وكيف يمكن تجاوز معضلة تدني هذه الأسعار؟ وما هي البدائل لدى هذه الدول؟

ـ مستقبل الخليج واعد إذا استخدمت ثرواته وأرصدته المالية لتنويع وتوسيع القاعدة الإنتاجية بها، وهو الاتجاه الذي تسير فيه المملكة ودول الخليج الأخرى، أما تدني الأسعار فهذا هو حال السوق لا أحد يستطيع السيطرة عليه؛ فتارة ترتفع الأسعار وتارة أخرى تنخفض، ونحن قبل هذا الانخفاض كانت أسعار البترول مرتفعة بشكل واضح وصلت فيه إلى أـكثر من 120 دولارًا للبرميل. ويزعم بعض المحللين خطأً أن الأزمة (تدني أسعار النفط) ستكون مدمرة على الاقتصاد السعودي المعتمد على المشاريع الحكومية وعلى النفط أساسًا. بل إن بعضهم وصف تأثيرها على اقتصادنا بأنه مثل ارتطام الطائرة بقوة في الأرض أثناء الهبوط الاضطراري. إننا في القطاع الخاص السعودي المنتج ننظر للأمر بمنظار آخر، ونقول رب ضارة نافعة بمعنى أن ما يحدث هذه الأيام من انخفاض في أسعار النفط هي فرصة لنا وليست أزمة؛ فرصة لنا لمراجعة كل أساليب أعمالنا السابقة وخططنا المستقبلية الحكومية والخاصة وهناك بدائل يمكن طرحها لأن حكومتنا ستؤكد على توجيه كل الأعمال للقطاع الخاص السعودي وشركائه من مُصَّنعٍ ومقاولٍ ومقدم خدمات وتاجر سواء كانت مملوكة للسعوديين 100% أو بمشاركة شريك أجنبي لشركة حقيقية مسجلة بالمملكة من خلال الاستثمار الأجنبي، وستُتابع تنفيذ الأوامر الملكية السابقة في إعطاء الأولوية للمنتجين المحليين وستكون المتابعة جادة. ووهناك إرهاصات وبوادر خير في هذا الأمر.

  •  من المقرر أن تشهد موازنات دول مجلس التعاون الخليجي نقصًا أو تراجعًا على ضوء انخفاض أسعار النفط، بما تقدرون قيمة هذا التراجع؟ وهل سيؤثر على الإنفاق العام للدول الخليجية؟

ـ التأثير السلبي لانخفاض أسعار النفط لن يكون كبيرًا، إلا إذا "لا قدر الله" استمر هذا الانخفاض لفترات طويلة، أما في الأجل القصير لن يكون هذا التأثير كبيرًا لأسباب مختلفة، أولها أن الحكومات ملتزمة بخطط ومشاريع تنموية تم البدء فيها بالفعل في العام الماضي وقبل الماضي، ومن الصعب إيقاف هذه المشاريع في منتصف مرحلة التنفيذ، ثانيًا دول الخليج لديها فوائض جيدة يمكن أن تستخدمها الحكومات في مثل هذه الظروف وإلا فمتى ستستخدم؟، ولذا فنحن نتوقع عدم تأثر الإنفاق العام في دول الخليج في الأجل القصير وحتى المتوسط.

  •  هناك تحديات كبيرة تواجه قطاع النفط والغاز في دول مجلس التعاون ومن بينها دخول منتجين جدد إلى هذا القطاع، ووجود بدائل في الطاقة، كيف تنظرون إلى مستقبل هذا القطاع وما هي الخيارات المتاحة لدول مجلس التعاون؟

ــ دخول منتجين جدد في أي صناعة لا يقلق سوى المنتجين القدامى الضعفاء، فدخول المنتجين الجدد يعني زيادة المنافسة والسعي الدائم للتطوير والابتكار وعدم الارتكان على إنجازات الماضي بتكنولوجيته وأساليبه. أما بدائل الطاقة، فلكل زمن نجمه ولابد أن يأفل هذا النجم؛ وعصر النفط لن يستمر إلى الأبد كطاقة غير متجددة؛ وصناع القرار في بلداننا يعلمون هذا، ولكن فضل الله على المنطقة لا يعد ولا يحصى؛ فلدينا أيضا الطاقة البديلة سواء الشمسية أو الرياح وغيرها من المصادر المستدامة، فمنطقتنا يمكن أن نطلق عليها منطقة الوهج أو منطقة الطاقة، وهذا فضل من الله.

  •  حجم التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي ما زال ليس بالمناسب مقارنة بحجم وقيمة التجارة العالمية لدول المجلس.. ما هي الأسباب وكيف تكون الحلول؟

ــ التجارة البينية الخليجية تواجه تحديات وكذلك تتسع لمزيد من النمو والتطوير، فبجانب تشابه الموارد الإقتصادية بين دول المنطقة، فالعلاقات التجارية الخليجية كأنها بين الأخوة داخل البيت الواحد وليست كتجارة لبيت واحد، فالإخوة على الرغم من أنهم في بيت خليجي واحد، إلا أن لكل منهم مصالحه وتوجهاته وسياساته التجارية، وعلى الرغم من ذلك فنحن قطعنا شوطا جيدا على طريق الوحدة بما سيعزز من التجارة البينية، نأمل أن ينعكس في الأجل القصير بزيادة التجارة الخليجية البينية.    

  •  سبق أن طالبتم سعادتكم بأهمية تذليل العقبات أمام انتقال السلع والبضائع الخليجية... هل تحقق تطورا على هذا الصعيد؟ وكيف ترون الحلول المثلى في هذا الشأن؟

ــ التطور موجود. فدول الخليج لا تتسم بالجمود حتى وإن كان التطور ليس بدرجة السرعة المطلوبة. ويجب أن نفرق في هذا الشأن لأن هناك تقسيم للتجارة البينية الخليجية، أولا المنتج الخليجي أي أن مدخلات الإنتاج وعمالة ورأس المال خليجي تصل إلى 40% فأكثر، لا يواجه مشكلة في النواحي الإجرائية لكن هذه المنتجات ليست كثيرة وكافية بالدرجة التي تقود التجارة البينية إلى النمو الكبير، أما السلع التي يعاد تصديرها إلى دول الخليج فهي ما زالت تحتاج إلى نوع من التوافق بين دول الخليج حول آلية ونسب الرسوم الجمركية.

  •  الصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي كانت يجب أن تكون أحد أهم أدوات تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الإقتصادية، كيف يمكن النهوض بهذا القطاع، وما هي معطلات هذا النهوض؟

ــ النهوض بقطاع الصناعة يتطلب النهوض بروافد القطاع الصناعي الخلفية وقنوات التوزيع الأمامية. فعلى سبيل المثال لن يتم النهوض بقطاع الصناعات الغذائية إلا بتوافر منتجات زراعية وفيرة وذات جودة مرتفعة تمثل الإمداد الخلفي لقطاع الصناعات الغذائية ويتم الترويج وتوسيع رقعة التوزيع لمنتجات الصناعات الغذائية، وكذلك الربط والترويج الصناعي بين الصناعات المختلفة لبناء عناقيد صناعية تعمل كشريان حياة لكافة الصناعات المكونة لها؛ فبدون الربط الخلفي بين مدخلات العملية الصناعية من قطاعات كالزراعة أو الصناعات الأولية وكذلك قنوات التوزيع الأمامي، لا ينهض قطاع الصناعة. ومن الأخطاء الشائعة هو تركيز الاهتمام بالنهوض بقطاع الصناعة دون إعطاء الاهتمام الكافي لمدخلات ومخرجات العملية الصناعة، وهذا الخطأ هو أحد الأسباب الرئيسية في عدم النهوض بشكل كبير في قطاع الصناعة.

 

  الصناعات الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة، كيف يمكن تفعيلها والاهتمام بها، ما هو الدور المنوط بمجالس الغرف التجارية الصناعية، والقطاع الخاص والحكومات في تنمية هذا القطاع؟

 ــ الصناعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تساهم بنحو 80% أو يزيد في القيمة المضافة الإقتصادية كما هو الحال في كثير من الدول المتقدمة. مجالس الغرف التجارية الصناعية تعمل على دعم تحقيق نجاحات هامة في هذا الشأن على المستوى الخليجي ككل، ودفع التكامل الفني والصناعي بين الصناعات وعدم العمل كجزر منعزلة. وطبعاً التكامل الناجح يتطلب عددًا من العناصر، أولها: إتاحة وتوافر المعلومات الخاصة بالسوق، بحيث يكون معلوم من هم المنتجون ومنتجو المواد الخام وحجم الطلب على المنتجات وغيرها من البيانات التي تساعد على التكامل الرأسي والأفقي داخل الصناعة وبين الصناعات، وتساعد على الترويج للمنتجات واختراق الأسواق والوصول للمستهلك، ثانياً: إعطاء أفضلية للمنتج المحلي الخليجي خاصة في المشروعات والمناقصات الحكومية، فكما نعلم جميعاً نحن حديثو عهد بالتصنيع ونواجه منافسة شرسة على المستوى العالمي، ولذا فنحن نحتاج إلى مزيد من الدعم والتفضيلات التي تساهم في توسيع القاعدة الصناعية.وهناك قواعد موحَّدة تم اعتمادها في كل دولة خليجية لإعطاء الأولوية للمنتجين الخليجيين وستكون المتابعة جادة وطنياً.

  •  توطين اقتصاديات المعرفة كان من أهم الأهداف التي ينادي بها المتخصصون في هذا المجال.. هل تعتقدون تحقيق ذلك؟ وكيف يمكن تحقيق هذا الهدف المهم؟

ــ توطين اقتصاديات المعرفة ليس عنوانًا يتم تقديمه وإنما عبارة عن حجر مضيء وداعم لكافة القطاعات الإقتصادية، فبدون المعرفة سنصبح في حالة جمود ولن نستطيع تحقيق انجازات على أي مستوى وسنصبح اعتماديين وتابعين: نتقدم فقط، وفقط بعد أن يتقدم الآخرون. نعم نحن وجميع من يعلم الدور والأثر الذي يمكن أن يعود على المملكة ككل وليس على الصناعة أو القطاع الخاص من التطور العلمي والتكنولوجي القائم على توطين اقتصاديات المعرفة، ينادي بتحقيق هذا الهدف. توطين المعرفة يمكن تحقيقه. كيفية التحقيق تكون من خلال تبني آليات تحفيزية وتشجيعية للبحوث والتطوير ودعم القطاع الخاص مادياً وفنياً في البحوث الصناعية والتطويرية، بجانب تنمية قطاع التعليم والبحث العلمي وتوجيهه نحو الجوانب التطبيقية الخاصة بالصناعة وتطويرها وحل المشاكل التي تواجه هذا القطاع.

  •  الاستثمارات الخليجية في دول مجلس التعاون، هل تناسب حجم القطاع الاستثماري الخليجي؟ وكيف يمكن زيادة حجم هذه الاستثمارات؟

ــ الاستثمارات الخليجية في دول مجلس التعاون حجمها جيد. ولكن يمكن زيادتها بنسب كبيرة، إذا ما استطعنا دعمها. وهذا الدعم لا يعني الدعم المادي فقط وإنما هناك الدعم الفني وأشكال أخرى؛ فأصحاب الأعمال والاستثمارات بشكل عام وليس الاستثمار الخليجي فقط، لن يكونوا راغبين في ضخ استثمار إلا إذا تأكد من قدرته على المنافسة والبقاء في السوق في ظل معدلات ربحية ملائمة. رؤوس الأموال متوافرة. وفي الحقيقة حكومة المملكة وكذلك حكومات الخليج لا تدخر جهداً في تقديم التمويل والدعم المادي وغير المادي للاستثمارات المحلية. ولكن الاستثمارات الخليجية تواجه منافسة كبيرة من الشركات والمنتجات الأجنبية في بعض القطاعات، وأحيانا تنطوي هذه المنافسة على ممارسات غير جيدة كالإغراق وغيره. وبشكل عام فإن المحك هو القدرة على المنافسة والبقاء في السوق بجانب الربح، وهذه هي العوامل الرئيسية المحددة لزيادة الاستثمارات الخليجية في ظل نعمة الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تنعم بها دول الخليج.

 

 

  •  الاستثمارات الخليجية في الخارج هل حققت المأمول؟ وهل ما زالت آمنة في ظل الأزمات المالية العالمية؟ وكيف يمكن تفعيلها بما يخدم احتياجات السوق الخليجي؟

ــ الاستثمارات الخليجية في الخارج تهدف إلى الاستحواذ على جزء أكبر من السوق العالمي وليس فقط المحلي، بجانب التمتع بالمزايا التي تتوافر أو تقدمها الدول المضيفة لتلك الاستثمارات، وكذلك تنويع التكنولوجيا المستخدمة. كل هذا يعني زيادة ربحية الاستثمارات وتوسعها. وهنا أنا أتحدث عن الاستثمارات الحقيقية وليس الاستثمارات المالية. أما بالنسبة للأمان، فلا توجد استثمارات آمنة إلا الاستثمارات الحقيقية داخل الوطن، وغير ذلك فلا نستطيع أن نقول أن هناك أصول آمنة، سواء كان لديك استثمارات حقيقية في دولة أخرى أو تستثمر في الأصول المالية أو غيرها من الأصول؛ ففي الاستثمار خارج الوطن فأنت ضيف في غير بلدك تتأثر بأي سياسة أو قرارات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية ترتبط بتوجهات تلك الدولة التي تهتم بالدرجة الأولى بأمنها ومصالحها القومية، أما الأصول المالية فلن أُعقب كثيراً لأن الأزمات والانهيارات بها في الفترات الماضية ساطعة كالشمس في وضح النهار ولا يستطيع أحد أن يقول أنها آمنة. وتفعيل الاستثمارات الخليجية يحتاج إلى تقديم الحكومات لمزيد من الدعم المالي والفني وتدريب وتنمية العمالة الوطنية.

  •  هناك آمال كبيرة من جانب المواطنين الخليجيين منها: السوق الخليجية المشتركة ــــــ والعملة الخليجية الموحدة ... لكن هناك تعثر في تحقيق ذلك؟؟ كيف ترون المعوقات والحلول؟

ــ نعم توجد آمال وطموحات وفي المقابل هناك تعثر. المشكلة من وجهة نظري هي ليست المتطلبات الإقتصادية والتي تتمثل في المعوقات التجارية وتيسير التبادل التجاري وتقارب المؤشرات الاقتصادية كالاستقرار النقدي والمالي والتوظيف وغيرها، وإنما الرؤية السياسية للتكامل؛ فالتكامل لا يبنى على قاعدة غالب ومغلوب أو مستفيد ومتضرر، لأن هذه الرؤية لن تقود إلى تكامل. الرؤية الصحيحة هي أن الجميع مستفيد والجميع فائز وإن اختلفت درجات الاستفادة والفوز. هذا ما جعل الآخرون يسبقوننا على الرغم من اختلاف الثقافات واللغة و....، إلخ. ونحن على الرغم من وحدة اللغة والثقافة والدين وغير ذلك، إلا أن خُطانا بطيئة في هذا الاتجاه. وعلينا أن نعلم كما يعلم الأوربيون مثلا أن هناك قائد للتكامل بحكم المؤشرات الإقتصادية والجغرافية والسكانية وغيرها؛ فقائد التكامل الأوروبي بلا شك هي ألمانيا تليها فرنسا وغيرها من الدول الكبيرة. ولذا فعلينا تغيير رؤيتنا للتكامل والقبول باختلاف درجات المنافع والمزايا التي تعود علينا كدول خليجية والتفهم الكامل لما يمكن أن نسميه بمفهوم قائد التكامل.

  •  مازال نقص الغذاء والمياه العذبة من أهم التحديات التي تواجه دول الخليج .. من وجهة نظركم كيف لهذه الدول أن توفر الحد الأدنى من الغذاء والماء بما يحقق الأمن الغذائي للمواطن؟

ــ الحد من الفجوة الغذائية يمكن العمل عليه من خلال محورين، الأول هو مزيد من التكامل الزراعي مع دول الجوار العربي والإسلامي كالسودان ودول منظمة التعاون الإسلامي التي كانت ضمن "الاتحاد السوفيتي" السابق، وكذلك مع الصومال حال تحقق الاستقرار والأمن فيها. الثاني وهو خاص بالمملكة، من خلال تعظيم الاستفادة من هطول الأمطار على المناطق الجنوبية والشمالية للمملكة. فلدينا معدلات هطول مرتفعة في جنوب وشمال المملكة، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الاهتمام للاستفادة منها وعدم التعامل معها كفائض يجب التخلص منه، وإنما كمورد يحتاج إلى تنظيم وتطوير المرافق اللازمة للاستفادة من هذه الأمطار.

  •  هل البيئة التشريعية في مجال الاستثمار الخليجي في حاجة إلى تطوير لكي تكون بيئة جاذبة؟ وما الذي يجب تطويره في هذا الصدد؟

ــ الأطر التشريعية تحتاج دائما إلى تطوير لتواكب التغيرات التي تشهدها البيئة الاستثمارية والاقتصادية؛ ولذا فالتطوير التشريعي مطلب دائم لخلق بيئة استثمار جاذبة، خاصة لتحقيق معادلة جذب الاستثمارات الأجنبية وتوطينها والحصول على التكنولوجيا الحديثة، بجانب تحقيق الأهداف القومية الخاصة برفع معدلات توظيف العمالة الوطنية وإنتاج السلع التي لها بُعد قومي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك عدد من النقاط التي تتسع لمزيد من التطوير كالبعد الزمني والأطر الإجرائية وغيرها من النقاط التي لا يتسع لها الحديث المُجْمل وإنما يتم تناولها بشكل تفصيلي ودقيق.

 

مقالات لنفس الكاتب