; logged out
الرئيسية / العلاقات الروسية ـ التركية .. وتأثيرها على دول مجلس التعاون الخليجي

العدد 105

العلاقات الروسية ـ التركية .. وتأثيرها على دول مجلس التعاون الخليجي

الأحد، 06 آذار/مارس 2016

يعتبر العقد الأول من القرن الحالي استثنائياً في العلاقات الروسية ــ التركية حيث استطاع البلدان خلاله تجاوز الماضي الصراعي الممتد بينهما لقرون طويلة، وإطلاق تعاون تقني واقتصادي وصل إلى مستويات استراتيجية فى إطار تفاهم سياسي ودفء عام اتسمت به العلاقات بين البلدين.                                                                                  

فقد قفز التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة ليبلغ 31 مليار دولار عام 2014م، ولتصبح روسيا ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا، والأخيرة أكبر خامس شريك تجاري لروسيا. وتدفقت السياحة الروسية على تركيا خاصة بعد إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين لتصبح روسيا ثاني أكبر مصدر للسياحة إلى تركيا حيث بلغ إجمالي عدد السياح الروس الذين قصدوا تركيا عام 2014 م، نحو 5,4 مليون سائح، وبلغت عوائدهم على الاقتصاد التركى 10 مليارات دولار.

وشهد التعاون بين البلدين فى مجال الطاقة طفرة واضحة حيث تمد روسيا تركيا بحوالي 60% من احتياجاتها من الطاقة، كما تعتبر تركيا معبر رئيسي للغاز الروسي المتجه إلى أوروبا. وإلى جانب "الخط الغربي" لنقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وخط أنابيب الغاز العابر للبحر الأسود "السيل الأزرق" الذي تم افتتاحه في عام 2005م، تم البدء فى مشروع انبوب النفط "سامسون-جيهان" الذي يمر من شمال تركيا إلى جنوبها التفافا على مضيقي البوسفور والدردنيل، لينقل النفط الروسي من حوض البحر الأسود إلى الأسواق الأوروبية، وتم الاتفاق بين البلدين على مشروع "السيل الجنوبي" الطموح لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر قاع البحر الأسود وتركيا.

كما بدأت شركة "روس أتوم" ببناء أول محطة كهروذرية، محطة "أكويو"، في مدينة مسين بتركيا، باستثمارات تصل إلى 20 مليار دولار، وكان من المتوقع الانتهاء منها قبل عام 2022م. وكانت تركيا أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تقيم اتصالات مكثفة مع روسيا في مجال التعاون العسكري التقني.

ورغم التحدي الذي مثلته الأزمة السورية للعلاقات بين موسكو وأنقرة نظراً للتناقض الذي وصل حد الصدام فى المصالح والمواقف والتحالفات لكلا البلدين، والذى عمق منه التباعد بينهما حول مجموعة من الملفات والقضايا الأخرى ومنها تلك المتعلقة بمنطقة القوقاز خاصة الصراع حول ناجورنو قارباخ بين أرمينيا وأذربيجان، وبالسياسة الداخلية تجاه الشيشان فى روسيا والأكراد فى تركيا، ومشكلة المضائق التركية التقليدية المستمرة لقرون، والخلافات حول السياسة البلقانية والقضية القبرصية، فضلا ًعن الاختلافات في سياق استراتيجيات حلف الناتو؛ فإن اللقاءات رفيعة المستوى شبه السنوية لم تتوقف بين الجانبين منذ زيارة الرئيس بوتين الأولى إلى أنقرة عام 2004م، وكان أخرها زيارة الرئيس التركي أردوغان لروسيا ومشاركته فى حفل افتتاح مسجد موسكو فى سبتمبر الماضى. مما دفع البعض للحديث عن العلاقات الروسية التركية باعتبارها نموذجاً للبرجماتية السياسية حيث تختلف مواقف البلدين إزاء بعض القضايا دون أن يؤثر ذلك على مجمل التطور الحادث فى العلاقة بينهما والمسار العام لها.

إلى أن جاءت حادثة إسقاط تركيا للطائرة الحربية الروسية فى 24 نوفمبر الماضى لتهوي بالعلاقات بين البلدين إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر المتصاعد. ورغم تأكيد تركيا أن الطائرة الروسية اخترقت مجالها الجوى وإنها قامت بتحذيرها، وأن إسقاطها كان دفاعاً عن سيادتها وحدودها، فقد اعتبر الرئيس بوتين الحادث "طعنة في الظهر"، ووصفها رئيس الوزراء الروسي بأنها "جريمة"، ورأى رئيس مجلس الدوما (المجلس الأدنى فى البرلمان) إنها "خيانة". واعتبرت موسكو أن تركيا نصبت "كميناً" للطائرة الروسية وأسقطتها عمداً، وإن إسقاط الطائرة لم يكن فى إطار اشتباك فى الجو ولكنه قرار سياسي من القيادة التركية اتخذته مسبقاً فى محاولة منها لتوجيه ضربة موجعة لروسيا واستفزاز الأخيرة وجرها إلى مواجهة مع تركيا وحلف الناتو، وذلك ردا على التدخل الروسي في سوريا الذي أعاد خلط الأوراق وأعاد ترتيب التوازنات على الأرض فى غير صالح تركيا. هذا إلى جانب حديث الرئيس بوتين خلال قمة العشرين عن تورط دول مشاركة فى القمة فى دعم الإرهاب وداعش فى إشارة إلى تركيا، وهو ما أثار حفيظة الأخيرة.

وعلى الفور قامت وزارة الدفاع الروسية بقطع كل الاتصالات العسكرية بين الجانبين ووقف الخط الساخن بينهما، واستدعاء الملحق العسكري التركي في موسكو وتسليمه احتجاجا رسميا موجها لأنقرة على إسقاط الطائرة الروسية. وسحبت موسكو ممثل أسطولها الحربي في تركيا الذي ينسق عمل أسطول البحر الأسود. كما قامت بوضع الطراد "موسكو" المزود بمنظومة صواريخ "فورت" المضادة للطائرات (المماثلة لمنظومة "إس-300") في ساحل اللاذقية، ونشر منظومة إس-400 في قاعدة حميميم الجوية السورية، ومن المعروف إنها الأكثر تطورا في العالم والقادرة على صد جميع وسائل الهجوم الجوي المعاصرة، بما في ذلك الوسائل الخاضعة للتطوير، وتدمير كافة أنواع الأهداف الجوية. وحذرت موسكو من أن جميع الأهداف التي ستمثل خطرا محتملا على قواتها الجوية وقاذفاتها سيتم تدميرها. ولا شك أن نشر منظومة إس-400 فى سوريا ومرابطة الطراد "موسكو" في اللاذقية لم يكن أمراً متصوراً قبل الحادث.

على صعيد أخر، أصدر الرئيس بوتين مرسوماً تضمن مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الموجعة لتركيا من أبرزها حظر استيراد عدد من السلع والبضائع التركية، وحظر العمليات التجارية والاقتصادية المرتبطة بذلك، ومنع الشركات التركية من ممارسة أى نشاط داخل روسيا، ومنع استخدام الأيدى العاملة التركية، وإيقاف العمل بنظام الإعفاء من تأشيرات الدخول مع تركيا، وكذلك وقف رحلات الطيران التجاري، وحظر الرحلات السياحية الروسية لتركيا وتشديد الرقابة على تلك القادمة منها.كما أعلن الرئيس بوتين أن روسيا لن تبرم عقودا جديدة في مجال قطاع البناء مع أنقرة، الذي يعمل فيه حاليا زهاء 300 شركة تركية تبلغ قيمة عقودها بروسيا نحو 50 مليار دولار.

وكرد فعل بدأت تركيا فى التلويح بإمكانية الاستعانة بدول أخرى مثل اليابان لاستكمال محطة "أكويو" للطاقة النووية. ورغم عدم إثارة روسيا لقضية إمدادات الغاز الطبيعي لتركيا والاستمرار فى ضخه وفقاً للتعاقدات السابقة،قام الرئيس التركي بتوقيع اتفاقية كبيرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر، وفي الوقت نفسه وقع رئيس الوزراء التركي على اتفاقية مماثلة مع أذربيجان، كما اتفق الطرفان على إنجاز مشروع "تاناب" الذي يتضمن إقامة خط أنابيب عابر للأناضول لنقل الغاز الأذري إلى أوروبا عبر تركيا قبل الموعد المحدد للمشروع عام 2018م. تزامن هذا مع إعلان حكومة إقليم كردستان العراق استعدادها لتلبية احتياجات أنقرة من الغاز الطبيعي، وكان الإقليم قد وقع اتفاقًا استراتيجيًا مع تركيا بشأن نقل غاز الإقليم إلى أوروبا عبر تركيا، يدخل حيز التنفيذ عام 2017م.

وتشير التطورات اللاحقة إلى أن الشرخ الذي أحدثه إسقاط الطائرة الروسية يصعب ترميمه فى المستقبل المنظور، وأن الإنفراج فى العلاقات بين البلدين مازال بعيد المنال. فقد استمر التوتر مهيمناً على العلاقات الروسية التركية خاصة مع تكثيف روسيا قصفها على المناطق التي تقطنها أغلبية تركمانية في جبل التركمان في ريف اللاذقية السوري، واتهام تركيا لروسيا بارتكاب جرائم تطهير عرقي في سوريا بحق السنة والتركمان المرتبطين بتركيا.وأثار تقارب موسكو مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي تعتبره أنقرة "منظمة إرهابية"، ومع زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض صلاح الدين ديمرتاش، واستقباله في موسكو غضب أنقرة.واتهمت تركيا موسكو باختراق مجالها الجوى يوم 29 يناير وقامت باستدعاء السفير الروسي لديها احتجاجاً على الحادث، وطالبت واشنطن روسيا باحترام المجال الجوي لتركيا باعتبارها عضواً فى الناتو، فى حين نفت وزارة الدفاع الروسية الحدث واعتبرته "استفزاز متعمد" ومزاعم "لا تدعمها أي بيانات واقعية".

إن استمرار التوتر بين موسكو وأنقرة على هذا النحو له تداعيات إقليمية ودولية عدة. أولها، يتعلق بتحالفات أنقرة الإقليمية، فرغم إعلان أردوغان عن عزمه تصفية كافة الخلافات والقضايا العالقة مع دول الجوار العربية وغير العربية، فيما عُرف بسياسة "صفر مشاكل"، فإن تطورات الأحداث والمواقف جعلت تركيا محاطة بحلقة من التوترات والصراعات المتفاقمة مع دول الجوار، ومن الطبيعى أن تحاول أنقرة كسر هذه الحلقة بالاتجاه نحو تعميق تحالفها مع دول الخليج لا سيما المملكة العربية السعودية. فتركيا هى الأقرب دون شك لدول الخليج، وسوف يزيد التوتر بين أنقرة وموسكو التحالف التركي الخليجي تماسكاً وقوة، ويدفع أنقرة إلى تعزيز تحالفها مع دول الخليج من ناحية، وقد يؤدي أيضاً إلى مزيد من الحذر والتردد الخليجي فى التقارب مع روسيا من ناحية أخرى.

وسيكون التركيز التركي على إقامة ما يشبه تحالف مع المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من المواقف السياسية المشتركة للبلدين تجاه العديد من قضايا المنطقة، لاسيما الأزمة السورية، وطموح تركيا فى تطوير علاقاتها الاقتصادية مع المملكة وجذب استثمارات سعودية ضخمة تقدرها إحدى المصادر بحوالي 250 مليار دولار، ستمثل دفعة قوية ونقلة نوعية للاقتصاد التركي. وسوف تظهر تركيا فى هذا السياق دعمها الإعلامي والسياسي للمواقف والسياسات السعودية تجاه الأزمة اليمنية، وتجاه إيران بعد أن تفاقمت الخلافات السعودية الإيرانية وتصاعد التوتر بين البلدين إثر الإعتداء على السفارة والقنصلية السعودية فى إيران. ولكن نظراً لما تتسم به السياسة التركية من برجماتية واضحة، فإنها رغم حرصها على إبراز دعمها للمواقف السعودية، سوف تحرص بالتوازي على الحفاظ على مصالحها الاقتصادية وقنواتها الدبلوماسية المفتوحة مع إيران، وعلى الإبقاء على حد أدنى من التفاهمات مع الأخيرة.

على صعيد أخر، تتجه تركيا لتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، والتي كانت قد قطعت من قبل الجانب التركي قبل خمس سنوات، نتيجة مقتل تسعة نشطاء أتراك كانوا على متن السفينة "مافي مرمرة" التي حاولت اختراق الحصار الإسرائيلى المفروض على قطاع غزة. وقد تردد منتصف ديسمبر الماضي أن الطرفان توصلا إلى تفاهمات تتضمن قيام إسرائيل بدفع تعويضات عن ضحايا الهجوم على السفينة التركية، والعودة لتبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، وبدء محادثات حول تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا بعد التوقيع على اتفاق بهذا الشأن.

ثانيها، تتعلق بالحالة السورية، فالاستقطاب الدولي والإقليمي الذي بدأ مع الأزمة السورية من المتوقع أن يزداد عمقاً خاصة على الصعيد الإقليمي، مما ينذر باتساع الهوة واحتدام الخلاف حول مسار التسوية السلمية للأزمة السورية، ومن له حق الجلوس على طاولة المفاوضات بشأن مستقبل سوريا. وسوف يتبلور التوافق التركي الخليجي ويزداد وضوحاً بهذا الخصوص في مواجهة الرفض الروسي لبعض أطراف المعارضة. ويعكس تعليق مفاوضات جنيف3 حتى 25 فبراير بعد أيام معدودة من بدء عمق الخلافات والاستقطابات بين الأطراف المختلفة، وأن المشكلة ليست فقط بين الأطراف السورية ولكن بين الأطراف الأخرى المعنية ومنها بالطبع روسيا وتركيا، الأمر الذي يعقد المفاوضات المتعثرة أصلاً بين ممثلي المعارضة والنظام السوري.

ثالثها، يتعلق بتصعيد المواجهة الروسية الأمريكية وتأجيج التوتر القائم بين الطرفين منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية نهاية عام 2013م. فموسكو تعتبر تركيا موطئ قدم هامة للولايات المتحدة وإحدى القوى الإقليمية التي تعتمد عليها واشنطن فى تنفيذ سياستها واستراتيجياتها فى المنطقة التي تتناقض في ملفات ومواضع هامة مع المصالح الروسية وتتضمن تهديداً للأمن القومي الروسي فى حالات عدة. وقد كانت تركيا من أوائل الدول التى انضمت إلى حلف شمال الأطلسي عام 1952م، ومنذ ذلك الحين تعتبر أنقرة أحد مرتكزات السياسة الأمريكية فى المنطقة. ورغم انتهاء الحرب الباردة فقد استمرت الإلتزامات التركية تجاه واشنطن، ومن أبرز القضايا الخلافية بين موسكو وأنقرة التى أدت إليها هذه الإلتزامات محاولة واشنطن وحلف الناتو عام 2011م، نشر رادار تابع للدرع الصاروخية الأمريكية في جنوب شرق الأراضي التركية يبلغ مداه عدة آلاف من الكيلومترات في الاتجاهين الشرقي والجنوبي حيث رفضت روسيا نشر الرادار أو أي عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية في منطقة البحر الأسود.

كما اعترضت موسكو على نشر ست منظومات صواريخ "باتريوت" في جنوب تركيا بناء على طلب الأخيرة، بحجة حماية الأراضي التركية من أي قصف صاروخي محتمل من جانب سوريا. ورأت روسيا أن النظام السوري المنهك بأزمته الداخلية ليس بصدد هجوم على تركيا، ولا يمكن اعتبارها قوة ردع في ظل غياب أي تهديد من طرف سوريا، وأن الخطوة التركية قد تكون اتخذت فى إطار الاستعداد للتدخل العسكري في سوريا، وهو ما ترفضه روسيا بشكل مطلق وتؤكد على ضرورة الحل السياسي للأزمة من خلال الحوار والتوافق الإقليمي والدولي.

على صعيد آخر، تعتبر تركيا ركيزة أساسية في مشروعات الطاقة التي تدعمها الولايات المتحدة وتهدف من خلالها إلى تحجيم النفوذ الروسي المتزايد فى سوق الطاقة العالمي وخاصة السوق الأوروبي، من خلال مشروعات تنافسية لروسيا تهدد أمن الطاقة الروسي القائم على الحفاظ على مكانة روسيا كمصدر عملاق للنفط والغاز فى العالم، والسيطرة على شبكات نقل الطاقة التي تمثل بدائل محتملة أو منافسة للطاقة الروسية بالنسبة لأسواقها لاسيما أوروبا من خلال الشراكة والاستثمارات المشتركة. فتركيا تطمح إلى أن تصبح دولة عبور رئيسية لنقل الطاقة من مناطق بحر قزوين والقوقاز والشرق الأوسط إلى أوروبا، وأبرزها خط "باكو - تبليسي – جيهان" لنقل النفط الأذري إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي، والذي بدأ يضخ النفط إلى الأسواق العالمية في مايو 2006م، وانضمت كازاخستان في نفس العام للخط لنقل نفطها.

فى ضوء أهمية تركيا لواشنطن وخصوصية العلاقات التركية الأمريكية، واحتمال إندلاع مواجهة تركية روسية على الأراضي السورية، يتخوف البعض من أن يكون تصاعد التوتر الروسي التركي مقدمة "لحرب عالمية ثالثة" أو مواجهة بين روسيا والناتو خاصة وأن أول رد فعل من جانب تركيا بعد إسقاط الطائرة الروسية كان الاتصال بحلف شمال الأطلسي وطلب عقد اجتماع طارئ للحلف. إلا أن رد فعل حلفاء أنقرة جاء محفزاً لضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد، فقد فشلت جهود تركيا فى استنفار الناتو لمساندتها، وعقب اجتماع طارئ عقده الناتو على الفور فى نفس يوم وقوع الحادث بناء على طلب تركيا، حث الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج على "إلتزام الهدوء لتفادي تصعيد الوضع"، كما لم تبدي واشنطن أى خطوة جادة لدعم تركيا. وأتم الرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، زيارته إلى موسكو وأكد على أهمية عدم التصعيد والتركيز على محاربة الإرهاب والتنسيق مع روسيا في هذا الإطار. فقد جاءت دعوات مختلف الأطراف الدولية والإقليمية إلى التهدئة وتجنب التصعيد إنطلاقاً من إدراكها أن حرب عالمية ثالثة تعني فناء العالم كله، وليس فيها منتصر أو مهزوم، ولا يمكن تصور أن تقدم دولة على اتخاذ قرار بفنائها وفناء البشرية.

إن الأزمة بين موسكو وأنقرة لا تبدو حدثاً عابراً، ولكنها هوة عميقة تتجاوز تداعياتها التفاعلات بين البلدين لتلقي بظلال واضحة على التحالفات الإقليمية، ومسار العديد من الملفات المحورية وفي مقدمتها التسوية السلمية للأزمة السورية.

مجلة آراء حول الخليج