; logged out
الرئيسية / واشنطن تخطط لعودة التحالف الخليجي الأمريكي لمواجهة التهديدات الإيرانية الإدارة الأمريكية في طور بلورة رؤية سياسية لتجاوز "مرحلة أوباما" المترددة

العدد 120

واشنطن تخطط لعودة التحالف الخليجي الأمريكي لمواجهة التهديدات الإيرانية الإدارة الأمريكية في طور بلورة رؤية سياسية لتجاوز "مرحلة أوباما" المترددة

الخميس، 08 حزيران/يونيو 2017

قابلية الغزو الخليجية

الحذر من الغزو الخارجي له وجود في منطقة الخليج العربي، وإذا كانت هناك شعوب تعاني من "القابلية للاستعمار" طبقًا للمفهوم الذي طرحه العالم الفذ مالك بن نبي، فإن هناك شعوب لديها قابلية للغزو. والغازي الذي يهدد المنطقة إيرانيًا أو عراقيًا أو غربيًا، توطن مع مرور الزمن في الوجدان الجمعي الخليجي وأوجد نموذجًا من الفكر والحركة ، وأصبح من جرائها  الشعب الخليجي يقبل بالحدود التي يرسمها له الغازي ويفكر داخلها، بل ويدافع حتى لا تزول تلك الحدود التي أقتنع بها، وحينها نكون هنا أمام شعب يعاني من "القابلية للغزو" .

قابلية الغزو الخليجية أججتها واشنطن ، وارتفعت وتيرتها مؤخرًا جراء الاستدارة الاستراتيجية الأمريكية بعيدًا عن الخليج، ثم وصول دونالد ترامب للسلطة متوعدًا دول الخليج برفع الكلفة الأمنية في تعامله مع الحرب كمنتج تجاري .لذا يجدر بنا مراجعة القدرات الأمريكية في التوازن الاستراتيجي في منطقة الخليج، ومدى ثقتنا فيها ،عبر تتبع الدور الأمريكي السابق والحالي والمستقبلي في تحقيق التوازن الاستراتيجي بمنطقة الخليج ، وقدرة واشنطن على لعب هذا الدور في المستقبل ، إن كانت قد تراجعت عنه  بإرادتها أم مجبرة تحت ضغوط معينة. وهل مازالت دول الخليج تعول على الدور الأمريكي. وما هي البدائل الخليجية لمواجهة المتغيرات والتحولات التي ضربت المنطقة أو المتوقعة بعد عودة إيران إلى لعب دور غير مسبوق في المنطقة؟

تحقيق التوازن الاستراتيجي في الخليج :

التوازن الاستراتيجي هو قدرة دولة ما أو عدة دول على إعداد وتكوين قوتها بما يضمن حماية قيمها وغاياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والحضارية، بحيث تضمن ردع أو مجابهة التهديدات الموجهة ضدها للوصول لحالة الاستقرار. وقد نجحت كيانات أكثر انكشافًا استراتيجيًا من الخليجيين في وقف الانسياق لحالة التقهقر وحققت التوازن مع من ينافسها، مما يجعل دول مجلس التعاون قادرة على تعديل ميلان التوازن الاستراتيجي لو حدث مع إيران مثلا من خلال إتباع إجراءات أولها الاعتماد على الذات عبر تسخير القدرات لحالة تعبئة تفرض لفترة محددة، وجعل وسائل الردع العسكري في حالة تأهب ، بالردع الاستباقي وهو تضييق الحدود الفاصلة بين الدفاع والهجوم، وعلى من يجادل في ذلك النظر مليًا إلى «عملية عاصفة الحزم» وما تركته من آثار سياسية، حيث أثبتت أن التفوق الكيفي وزخم الهجوم الكمي ليس من العسير خلق عقيدة قتالية تقلب مرحلة التردد رأسًا على عقب، وأن تصيب في مقتل مبدأ الاعتماد على الدعم الخارجي خاصة من واشنطن. وثانيها بناء هياكل وحدوية وتعاون إقليمي مع كيانات صغيرة، فبإعطاء الكيانات الصغرى عناصر القوة جراء تنافس القوى الكبرى لاجتذابها تتراجع سطوة الكبار. وخلق الظروف التي لا تسمح بتغيير الوضع الراهن «Status quo» طالما يخل بالتوازن الاستراتيجي. وثالثًا بتحويل الحالة من «توازن استراتيجي» إلى «توازن رعب» بالاحتماء بمظلة نووية أو بامتلاك سلاح نووي، والدخول بحقبة من حقب الحرب الباردة، بما فيها من تصعيد وتهدئة ، سيقود الطرفين على ضفتي الخليج إلى نوع من «اتفاقية سالت» والوفاق القسري لمنع كل لاعب من التصرف وفق مصالحه الضيقة[1].

-الدور الأمريكي السابق والحالي

 

لم يكن الجزء الأكبر من القرن 20 إلا قصة مبادئ أمريكية أو سيرة ذاتية لرؤساء ما جعله (القرن الأمريكي) .ولم يكن الخليج العربي استثناء من التأثر بقرارات رجال بقامة تاريخية من عيار رفيع. فلوقف المد الشيوعي كان هناك الرئيس نيكسون ومبدأ الدعامتين 1969م، ولحماية تدفق نفط الخليج، عبر منع الحروب وعدم الاستقرار اعتمدت  الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ 1977م، على عقيدة كارتر الذي ربط أمن الخليج بالأمن القومي الأمريكي ،فقد كان الخليج العربي  منطقة مصالح حيوية لواشنطن و القوى الكبرى، فضلاً عن أن جواره الإقليمي يعاني العديد من التوترات.   مما يضع  واشنطن في وسط سيل من التجاذبات فهناك ارتباطها بمصادر الطاقة و صفقات التسليح . مما دفع أمريكا لإيجاد تبرير سياسي وعسكري لوجودها بالخليج منذ حرب تحرير الكويت 1991م، خصوصًا بعد  زيادة سباق  التسلح العسكري بين الخليجيين وإيران في العقدين الماضيين ،ثم محاولة الأخيرة امتلاك السلاح النووي من مسببة اختلال بالتوازن الاستراتيجي . لكن من المأثور عن ونستون تشرتشل قوله  "أن الأمريكان لن يستخدموا الطرق الصحيحة لحل المشاكل إلا بعد أن يستنفدوا جميع الطرق الخاطئة" حيث  فشل في قيادة عربة التاريخ الأمريكي في الخليج الرئيس السابق باراك أوباما. فوفق انتهازية متهافتة تم إخراج عقيدة أوباما ، التي تقوم على "التعدد المتداخل الأطراف والقيادة من الخلف وتقليل الكلفة وعدم التدخل في الصراعات الإقليمية." وفي عصره تهاوت ثقة الخليجيين بالقدرة الأمريكية على تحقيق أمن الخليج أمام إيران ؛ حيث  لم تُخفِ إدارة أوباما حرصها على سحب قواتها من المنطقة بحجة أنها  استنزفت قدراتها، بل لم تعتبر عمليات عدوانية  إيرانية سافرة خطرًا يستدعي ردًا عليها، كمعاملتها المهينة للمارينز الأمريكان الذين قبض عليهم 2016م، بل ومضايقتها للسفن  وحاملات الطائرات الأمريكية، ثم مد الحوثة بأسلحة ثقيلة هاجموا بها مدمرة بحرية أمريكية.

 

-الدور الأمريكي المستقبلي

 

مع وصول ترامب للبيت الأبيض تقوم الإدارة الأمريكية ببلورة رؤية سياسية  مستقبلية تميل للاستراتيجية التقليدية عبر تجاوز "مرحلة أوباما" المترددة ، وتخطط لعودة التحالف الخليجي الأميركي لمواجهة التهديدات الإيرانية. فإدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب أكثر توافقًا مع الرؤية الخليجية في تقييم مخاطر السياسات الإيرانية على الأمن والاستقرار وضرورة القيام  بمواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة بصورة مشتركة [2]. وعليه فمن غير المُرجَّح تخفيض التواجد العسكري في المنطقة . لكن ربما خفض التواجد وفق مبادئ السياسة الخارجية الابتزازية التي يتبناها الرئيس ترامب.

 

القرن الـ21أمريكي

 

          ظهر مصطلح "القرن الأمريكي" في عام1941م، لإخراج الولايات المتحدة من انعزاليتها لكي تلعب دورًا أساسيًا في الحرب العالمية الثانية، والمشاركة في الأحداث الدولية ، ولا تزال هي اللاعب المهيمن في توازن القوى العالمي. فهل تراجعت واشنطن عن دورها في الشرق الأوسط ؟ وفي الخليج العربي خاصة ؟ يرى "جوزيف ناي" Joseph Nyeأن مفهوم "التراجع" هو مفهوم مربك ومضلل, لأنه يدمج شيئين مختلفين معًا، وهما: "التراجع التام" و"التراجع النسبي". فالتراجع التام هو الذي يؤدي إلى تفوق الدول الأخرى على دولة كانت تتمتع بهيمنة عليها، ولكنها تراجعت نتيجة إعاقة داخلية. أما التراجع النسبي، فهو يحدث عندما تتراجع هيمنة دولة ما نتيجة تحقيق الدول الأخرى نمو أفضل منها, وليس نتيجة انهيار الأولى[3].و ما يحدث في تقديرنا هو إعادة تموضع للقوة الأمريكية فأميركا صامدة وقد مضى عقدين من القرن 21 وهي لا زالت في الصدارة. وسيبقى تأثيرها على تسيير أحداث الخليج العربي مستمرًا لأسباب عدة منها كبر الولايات المتحدة وحاجتها للطاقة، وقوتها الاقتصادية و العسكرية  كالتالي :

 

- يتوقع خبراء السكان أن الولايات المتحدة ستبقى  ثالث أكبر دولة بالعالم بعد الصين والهند حتى عام 2050م، لتزايد معدلات الهجرة إلى الولايات المتحدة ، فهي كدولة كبرى لن تتخلى عن منطقة تعد  مصدرًا من مصادر قوتها دافعت عنها في الحرب الباردة بعزيمة صلبة.

- ستبقى أمريكا مكتفية ذاتيًا من الطاقة حتى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بسبب ثورة "النفط الصخري"، لكونها رائدة في مجال الأبحاث والتطوير.لكن تطور تكنولوجيا النفط يعني اكتشاف مزيد من الحقول في الخليج والتي استعصت على وسائل الكشف القديمة.

- القوة الاقتصادية الأمريكية أدت لارتفاع مقدار دخل الفرد أربعة أضعاف الدخل في منافستها الأقرب وهي الصين. والتي معظم صادراتها تتكون من منتجات رديئة الجودة، منخفضة القيمة، ستدفع الاقتصاد الصيني نحو الهبوط . وللقوة الشرائية للخليجيين ستبقى منطقتهم إقليم جذب للبضائع الأمريكية، والمنتجات عالية الجودة.

ـ لا تزال الميزانية العسكرية الأمريكية تعادل أربعة أضعاف  أقربها إليها وهي الصين .لكن الصين تسعى لزيادة اعتمادها على نفط الخليج، بينما تقلل الولايات المتحدة من تركيزها عليه، وسيشكل ذلك خطرًا على التواجد الصيني  في هذه المنطقة  المراقبة أمريكًا .

 

ولم يعد الأمر مجرد تحليلات مبنية على مؤشرات متناثرة تقود إلى أن إدارة ترامب مقبلة على القيام بتغيير في علاقات واشنطن بدول الخليج العربي وإن لم يكن بأسلوب الانكفاء الذي ميز عهد أوباما . بل بالانخراط التام في قضايا المنطقة لكن  تقرب ترامب من الخليجيين لن يكون على نفس القيم التي بني عليها مبدأ نيكسون ومبدأ كارتر إلا أن تلك المبادئ لم تخل من قيم الحرية والديمقراطية وحفظ سيادة الدول وحقوق  وكرامة الإنسان، حيث أن نظرة ترامب تقوم على دفع قيمة كل ما يقدم لدول الخليج من منتجات أمنية محولاً التعاون من تبادل مصالح إلى عملية بيع وشراء مهددًا عامل الثقة. ومقدمًا قيم البيع والشراء وأفضل العروض .

 

من ينازع أمريكا على الخليج

تراجع الاهتمام الأمريكي في شؤون الخليج في عصر أوباما، فتح الأبواب على مصراعيها أمام الأطماع الإقليمية والدولية. وساهمت في الاختلال الاستراتيجي الذي أصاب المنطقة لمصلحة القوى المنافسة كإيران وروسيا والصين .وكل المُعطيات تؤكد أن مجال إعادة التوازن ممكنة من خلال تفعيل الدور الأمريكي بالتعاون مع الخليجيين من جديد . يدعم ذلك تأكيدات بعض المسؤولين الأمريكيين عن استمرار الاهتمام في توازنات المنطقة ويؤيدها التحركات الأمريكية الأخير في الجوار الإقليمي الخليجي عبر التحركات العسكرية في العراق وسوريا أو بالزيارات العملية التي قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين ثم ختمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه للملكة العربية السعودية. وتأتي الصين  على رأس القوى التي تتقرب لمنطقة الخليج العربي عبر طرق عدة ؛ منها تواجدها الكثيف في إفريقيا وعلى ضفاف البحر الأحمر وفي تقربها الاقتصادي والتجاري من دول الخليج عبر شراكات استراتيجية مشتركة ومنفردة مع دول الخليج. كما  تسعى بكين إلى زيادة قوتها الناعمة وتعد استراتيجية دمج القوة الناعمة مع القوة الصلبة بأساليب ذكية، لكن بكين أمامها معوقات كثيرة للحلول محل واشنطن في الخليج . فسيرة الصين محفوفة بالمخاطر وتتسم بمناحي قصور لا يستهان بها، لذا من الصعب التكهن بالدور الذي ستتبوؤه في  خليج القرن الحادي والعشرين رغم أن القـوة الصـينية تنـدفع في القـرن 21 في تحـدي للصـيرورة التاريخيـة للقـوى الدوليـة بسبب تزايد نموها الاقتصادي والعسكري والسكاني, وثمة تنبؤات تشير إلى أن السياسة العالمية تتجه نحو عصرِ ستكون فيه الصين  لاعبًا مهمًا وإن لم يكن مسيطرًا كالولايات المتحدة  إلا أن تراجعت واشنطن  كقوة عالمية.

دول الخليج تعول على واشنطن

كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما مصرًا على عقد اتفاق نووي مع إيران بأي ثمن وبشكل سلمي لينهي طموحات إيران النووية مضحيًا بدول الخليج التي  تجاهلها خلال عقد الاتفاق، كما تجاهل تدخلات إيران في المنطقة ومساعيها لزعزعة استقرار دول عربية والهيمنة عليها . تلك السياسية كانت تُظهر واشنطن بمظهر الملتزم بـ«الصبر الاستراتيجي» مع من لا ينفع معه الصبر من جهة أخرى صبر أهل الخليج على تحولات إدارة أوباما  ودفعوا الكلفة الباهظة لعملية التحول.

وتعول دول الخليج على دعم أميركي أكبر في مواجهة طموحات طهران التوسعية في المنطقة . لذا لم تفقد الأمل حتى وصل ترامب للبيت الأبيض وحيث يعمل الطرفان على إعادة ترميم العلاقة التي طغى عليها شعور الخليج بالتهميش ، حيث تجد في إدارة ترامب آذانًا صاغية تتفاعل مع قلقها  الأمني، يشجعها على عدم فقدان الأمل تكثيف رجال ترامب اتهاماتهم لطهران كمصدر لعدم  الاستقرار للمنطقة وتلويحهم باتخاذ إجراءات بحقها. وتأتي زيارة ترامب للمنطقة  في سياق سعى الإدارة الجديدة إثبات جديتها في مواجهة النفوذ الإيراني بمحيطها الإقليمي. لكن  البوصلة الترامبية في العلاقات الدولية غير مستقرة،و تتجاذبها أهواء الرجل أكثر من آراء مستشاريه حتى الآن مما يجعل واشنطن تعيش حالة ارتباك في علاقاتها ليس مع دول مجلس التعاون بل ومع حلفائها في حلف شمال الأطلسي، وفي الفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، فما يقلقنا هو أن  البأس العسكري قد يضيعه البؤس  السياسي الذي يمارسه رجل البيت الأبيض.

البدائل الخليجية لتجاوز السلبية الأمريكية

لمواجهة المتغيرات والتحولات التي ضربت المنطقة أو المتوقعة بعد عودة إيران إلى لعب دور غير مسبوق في المنطقة.لا يظهر صانع القرار الخليجي قليل الحيلة قاصر العزم بل لديه العديد من  البدائل الخليجية لتجاوز السلبية الأمريكية، ومنها :

- إيران تبحث عن أمة شيعية كي تتزعمها . ومن المعروف أن رجل السياسة يلجأ إلى توظيف حالة نشر الفوضى لعله يستطيع الاستفادة منها في الوقت المناسب، وبعد خطاب الأمير محمد بن سلمان في مقابلته التلفزيونية مع داوود الشريان يبدو أنه تم إهدار دم نظام طهران عبر نقل المعركة لداخل إيران من خلال خلق أطراف إيرانية تتحرك لتقويض نظام الملالي.

- في واشنطن ينظر البنتاغون للخليج كمن لم يبلغ سن الرشد العسكري القتالي بعد، ومن المرجح أن تعمل دول الخليج على تبني  نهج واشنطن في  مواجهة إيران من خلال محاولة عزلها على الصعيد الدولي ، لكن الأهم هو إقناع واشنطن  - وكمصلحة أمريكية - بتقديم دعم عسكري واستخباراتي  أكبر للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، لمواجهة مليشيات الحوثة ، إضافة إلى مواجهة المليشيات الموالية لها في العراق وسوريا.[4]

- بسبب العقوبات المفروضة عليها لم تستطع إيران الإنفاق على مجال الدفاع والحصول على معدات متفوقة .فيما تتمتع دول الخليج العربي بتفوق مرشح للاستمرار في مجال القوة الجوية ؛ بفضل ما استحوذت عليه من أسلحة غربية ومن أكبر شركات السلاح العالمية ، فالترسانة الخليجية تكفي لخفض ميزان القوة لعقدين قادمين.

 - كما أن السيناريوهات الخليجية المطروحة للتعامل مع ملء الفراغ في المنطقة، وخلق التوازن  الاستراتيجي تشمل تعزيز القدرات العسكرية الذاتية الخليجية، بالتوسع في التكامل العسكري الخليجي المشترك بالتوجه نحو إنشاء الجيش الخليجي الموحد . بالإضافة إلى الدخول في تحالفات إقليمية جديدة وجادة وأن تكون الأولوية في هذه التحالفات مع القوى العربية الفاعلة، ثم الدول الإسلامية، والدول الصاعدة[5].

- مع استمرار ارتفاع فاتورة الواردات العسكرية و انخفاض أسعار النفط، يتطلب الأمر  ضرورة توطين الصناعات العسكرية في دول مجلس التعاون، ويشجع على ذلك توفر المال والعلاقات الحسنة بالدول المصنعة ، كما أن تكنولوجيا الدفاع لم تعد حكرًا على الغرب. فقد استطاعت السعودية من خلال الهيأة العامة للصناعات الحربية منذ1982م،  النجاح عبر خمسة مصانع للأسلحة والمعدات الحربية. والنجاح الخليجي الآخر نجده في  الإمارات حيث تحول معرض الدفاع الدولي "آيدكس" في أبوظبي لنافذة تعرض منتجات عصب المجمع الصناعي العسكري وهما شركتي الإمارات للصناعات العسكرية "إديك"، ومؤسسة الإمارات لتكنولوجيا الدفاع "إنيغما"،بالإضافة إلى صناعات عسكرية في دول خليجية أخرى بدرجات أقل .

الخلاصات

يعاني الخليج من شعور بقابلية الغزو أججتها واشنطن ، وارتفعت وتيرتها مؤخرًا جراء الاستدارة الاستراتيجية الأمريكية بعيدًا عن الخليج. لكن دول الخليج قادرة على تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إيران ،فقد نجحت كيانات أكثر انكشافًا استراتيجيًا من الخليجيين في وقف الانسياق لحالة التقهقر وحققت التوازن مع من ينافسها . ويرجع الارتباط الأمني الخليجي بالولايات المتحدة إلى أن القرن 20 كان قرنًا أمريكيا بامتياز ترددت في ثناياه  قصة مبادئ أميركية أو سيرة ذاتية لرؤساء أمريكا . ولم يكن الخليج العربي استثناء من التأثر الذي شمل العالم .لكن الرئيس السابق باراك أوباما فشل في قيادة عربة التاريخ الأمريكي في الخليج. وفي عصره تهاوت ثقة الخليجيين بالقدرة الأمريكية على تحقيق أمن الخليج أمام إيران. لكن وصول ترامب للبيت الأبيض  وقيام الإدارة الأمريكية ببلورة رؤية سياسية  مستقبلية تميل للاستراتيجية التقليدية  مع الخليجيين عبر تجاوز “مرحلة أوباما” المترددة، وتخطط لعودة التحالف الخليجي الأمريكي لمواجهة التهديدات الإيرانية وإعادة الأمل بالتعاون البناء بين الطرفين. وعليه فمن  غير المُرجَّح للدور الأمريكي المستقبلي تخفيض التواجد العسكري  في المنطقة . لكن ربما خفض التواجد وفق مبادئ السياسة الخارجية الابتزازية التي يتبناها الرئيس ترامب.  وسيكون القرن الـ21  أمريكي السمات فما يحدث في تقديرنا هو إعادة تموضع للقوة الأميركية فأمريكا صامدة وقد مضى عقدين من القرن 21 وهي لا زالت في الصدارة. وسيبقى تأثيرها على تسيير أحداث الخليج العربي مستمرا لأسباب عدة منها كبر الولايات المتحدة وحاجتها للطاقة، وقوتها الاقتصادية و العسكرية. ولن تتجاوزها الصين التي تتقرب لمنطقة الخليج العربي عبر طرق عدة رغم تزايد نموها الاقتصادي والعسكري والسكاني. وستبقى دول الخليج  تعول على واشنطن في مواجهة طموحات طهران التوسعية في المنطقة . خصوصًا أنها  تجد في إدارة ترامب آذاناً صاغية تتفاعل مع قلقها  الأمني. كما أن دول الخليج لا تخلوا من تدبيرات جادة لخلق البدائل لتجاوز السلبية الأمريكية حال حدوثها كما حصل في عصر أوباما .حيث لم يظهر صانع القرار الخليجي قليل الحيلة قاصر العزم بل لديه العديد من  البدائل لتجاوز  تلك السلبية .

 

 

 

 

[1].ظافر العجمي .التوازن الاستراتيجي الخليجي مع إيران .صحيفة عكاظ.26 يوليو 2015

http://okaz.com.sa/article/1005727/

[2].بدر الراشد. واشنطن تعود لحلفائها بمواجهة إيران: فصل النووي عن "الأذرع". العربي الجديد.21 أبريل 2017

https://www.alaraby.co.uk/politics/2017/4/20/

[3]. الصمود الأمريكي: هل انتهى “القرن الأمريكي” أمام التنين الصيني؟

http://rawabetcenter.com/archives/5124

 

[4].وحدة الدراسات الخليجية . مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية.

http://rawabetcenter.com/archives/44962

[5]. عبدالعزيز بن صقر .التوازن الاستراتيجي في الخليج: المتغيرات والخيارات . مجلة آراء حول الخليج. العدد116.

http://www.araa.ae/index.php?view=article&id=4016:2017-02-06-13-15-14&Itemid=172&option=com_content

مقالات لنفس الكاتب