; logged out
الرئيسية / لنشرع في حوار ندي بمقر مجلس التعاون للاتفاق على المستقبل القضية الجنوبية: جذورها و مضمونها ..اليمن إلى أين؟

العدد 122

لنشرع في حوار ندي بمقر مجلس التعاون للاتفاق على المستقبل القضية الجنوبية: جذورها و مضمونها ..اليمن إلى أين؟

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

الكل مُجمع على أن حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً هو أحد المفاتيح الرئيسية لحل الصراع والحرب في اليمن، ولهذا، من المهم فهم طبيعة وأبعاد هذه القضية. ويمكن تلخيص القضية الجنوبية في المحاور والمحطات التالية:

  1. حتى أوائل خمسينيات القرن الماضي، كان الجنوب مقسمًا إلى 23 سلطنة وإمارة ومشيخة وعدن . وفي 29 إبريل 1951م، تم تكوين حزب رابطة أبناء الجنوب بعدن، كأول حزب سياسي بالجنوب، بل ربما في الجزيرة العربية. وكان هدف حزب الرابطة إلى تحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني، وتوحيد كل تلك الكيانات في دولة جنوبية واحدة، هي دولة الجنوب العربي. وكان بذلك رائدًا لفكرة "الجنوب العربي" ومؤصلاً للهوية الجنوبية العربية. وحقق شعب الجنوب العربي إرادته الوطنية في 30 نوفمبر 1967م، بالتحرر من الاستعمار البريطاني، وأقام دولته على ترابه الوطني. وأشارت المادة الأولى من "وثيقة الاستقلال" إلى أن ينال الجنوب العربي الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، وأشارت المادة الثانية من الوثيقة إلى أن تُقام في يوم الاستقلال دولة مستقلة ذات سيادة تُعرف باسم "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" بـ"إرادة من قبل الجبهة القومية". (الجبهة القومية هي الفصيل الوطني الجنوبي الذي "انفرد" بالسلطة صبيحة يوم الاستقلال، وأبعد وحارب بقية القوى الوطنية). وبهذا تم لأول مرة ربط الجنوب العربي بـ"اليمن".

 

  1. أما "اليمن"، ككيان سياسي، فكان تحت الحكم العثماني حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1918م، وبعد انسحاب تركيا من اليمن، تم إطلاق اسم "المملكة المتوكلية اليمنية" على ما عُرف فيما بعد بـ"الجمهورية العربية اليمنية" ولم يكن الجنوب العربي جزءًا من تلك الدولة "المتوكلية"، بل كان مكونًا من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة وعدن. وسعت القيادات الوطنية المستنيرة في الجنوب إلى جمع شتات هذه المكونات الجنوبية في كيان سياسي واحد، وهوية جنوبية عربية واحدة. وهنا كان الدور الريادي لحزب الرابطة في هذا المجال، والذي دفع ثمنه نفيًا وتشريدًا وتشويهًا ومعاناة حتى اليوم.
  2. شهد العالم متغيرات جذرية في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، وانهيار كُتل ومنظومات حكم كاملة (من أبرزها سقوط الاتحاد السوفييتي) وأدى ذلك إلى تسارع واندفاع كلاً من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية إلى إبرام اتفاق عدن في 30 نوفمبر 1989م، بشأن إتمام الوحدة في 30 نوفمبر 1990م. تبع ذلك الهرولة لإعلان اتفاق على وحدة (اتفاق غير مدروس، وفي أقل من صفحتين، وبدون أي ضوابط) وأن تقوم في 22 مايو 1990م. وتم كل ذلك دون الرجوع إلى الشعبين في كل من الدولتين.
  3. كان المنطلق لإعلان الدولة الواحدة، على أنقاض الدولتين، هو تحقيق مصلحة كلا الشعبين في الجمهوريتين. كان هذا هو مفهوم الطرف الجنوبي. ولكن اتضح أن الطرف الشمالي – القبلي العسكري – كان له مفهوم آخر. فقد اعتبر أنه بهذا الاتفاق، قد تم عودة الفرع للأصل، كما عبر عن ذلك أحد رموز صنعاء، المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، شيخ مشايخ قبيلة حاشد، رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح ورئيس مجلس النواب حينها. فقد قال في جلسة لمجلس النواب في 25 أبريل 1994م، بأن الوحدة عندما قامت في مايو 1990م "أعادت الأمور إلى نصابها بعودة الفرع إلى الأصل والجزء إلى الكل والابن الضال إلى أبيه الشرعي ... ومنذ قيام الوحدة يحاول إعطاء الفرع الشارد نفس مكانة وحقوق الأصل الثابت، وهو مالا نرضاه ولن نقبله". هذه هي العقلية "السبئية" التي دمرت الوحدة ونفرّت الجنوبيين منها منذ اليوم الأول. وللأسف أن هذه النظرة هي السائدة حتى الآن عند كثير من الإخوان في الشمال/اليمن.

 

  1. كشفت الخلافات السياسية الجوهرية بين أطراف السلطة في صنعاء منذ اليوم الأول للوحدة حقيقة التناقضات بين الشعبين والبلدين. وتصاعدت حدة الخلافات. وبمجرد التوقيع على "وثيقة العهد والاتفاق" بالأردن، في 13 يناير 1994م، لجأ الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحلفاؤه إلى الاحتكام إلى القوة، لحسم الخلاف السياسي لصالحهم. وفي 27 إبريل 1994م، أعلن صالح، في خطاب سياسي شهير، في ميدان في وسط العاصمة صنعاء، قائلاً "... ليس هناك من سبيل سوى الوحدة أو الموت". وعلى إثر ذلك تم تدمير الألوية العسكرية الجنوبية المتموضعه في محافظات الشمال/اليمن. ونشبت الحرب الشاملة في 4 مايو 1994م، وهي الحرب التي شنتها القيادة في صنعاء على كامل الأرض الجنوبية. وصدرت الفتاوى الدينية من صنعاء تبيح "قتل المدنيين، بما في ذلك النساء والشيوخ والأطفال". وبثتها مختلف وسائل الإعلام في صنعاء. وفي 7 يوليو 1994م، تم الاجتياح الكامل للجنوب، وصاحب ذلك عمليات نهب وسلب مُعيبة ومُخزية ومُدمرة لمفهوم الوحدة والأخوة. وهكذا، بالحرب انهارت الوحدة وتحول الجنوب إلى أرض محتلة. بل تحول الأمر إلى "استعمار"، باعتراف علني عبر التلفزيون من أهم رموز النظام السابق.

 

  1. وبالرغم من تعهدات نظام صنعاء للأمم المتحدة ولدول مجلس التعاون الخليجي، إلا أنه لم يف بتعهداته، وفرض السيطرة على كل الجنوب بالقوة المسلحة، وحول الأمر إلى استعمار واحتلال، حيث قام بـ:

‌أ.           طرد وإحالة للتقاعد غير القانوني لعشرات الآلاف من الجنوبيين المنخرطين في الخدمة المدنية والعسكرية.

‌ب.      التصرف في عقارات وأملاك الدولة في الجنوب ومنحها للمتنفذين في نظام صنعاء، وصرف مزارع الدولة في الجنوب لمسؤولين ومتنفذين وتسريح العاملين فيها.

‌ج.       منح النافذين والمقربين من النظام الحاكم في صنعاء امتيازات وقطاعات واسعة في مناطق الاستكشافات النفطية في الجنوب.

‌د.          القمع بالحكم العسكري المباشر واستمرار عمليات النهب والسلب.

‌ه.          تقسيم الجنوب إلى مناطق عسكرية يحكمها قائد عسكري، ونشر 54 لواء من مختلف التشكيلات البرية والبحرية والجوية، بالإضافة إلى معسكرات الأمن المركزي التي تموضعت في كل محافظات ومدن الجنوب، وجميعهم من الشمال/اليمن، مما أخضع الجنوب إلى احتلال عسكري فعلي.

‌و.         فرض إتاوات على الشركات العاملة في القطاع النفطي في الجنوب يتحصل عليها القادة العسكريون اليمنيون من مراكز القوى في صنعاء تحت مسمى "الحماية"، وتُخصم هذه الإتاوات من نصيب الدولة في شراكتها مع شركات التنقيب.

‌ز.        التمييز في المعاملة وغياب المواطنة المتساوية.

 

  1. توالت في مدن الجنوب ومناطقه المختلفة فعاليات الرفض السلمي لهذا العسف والجَور من قِبل نظام صنعاء وأجهزته المختلفة تجاه الجنوب وأبناء الجنوب، حتى تَوج شعب الجنوب العربي، في 7 يوليو 2007م، نضاله السلمي بإعلان الحراك السلمي الجنوبي من عاصمته عدن، مناديًا بتحرير واستقلال الجنوب، ونبذ العنف والإرهاب، عبر المسيرات السلمية والعصيان المدني السلمي، وتأكيده على الحوار الندي بين ممثلي شعب الجنوب العربي وممثلي نظام صنعاء من أجل إنهاء الاحتلال ونيل الاستقلال وبناء دولة وطنية جنوبية فيدرالية على كامل الأرض الجنوبية . وكالعادة، تجاهل نظام صنعاء كل ما مثله الحراك الشعبي السلمي الجنوبي من مطالب مشروعه، وواجه هذه الحركة السلمية الجنوبية بالقتل والقمع والاعتقال والمطاردة والإخفاء القسري.

 

  1. تم التحرك السياسي، من قبل القوى الجنوبية، على الصعيدين الإقليمي والدولي لإيصال القضية الجنوبية وإظهار حقيقتها وعدالتها. وتم لقاء في الرياض في 18 ديسمبر 2012م، بدعوة من الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور عبد اللطيف الزياني، حضره أكثر من 60 من الشخصيات الجنوبية من مختلف الأطراف، وكان أهم ما في اللقاء أن اتفق الجميع على مذكرة مشتركة تؤكد على هدف واحد هو "التحرير والاستقلال وإقامة دولة جنوبية فيدرالية وفق المعايير الدولية". واُعتبر ذلك إنجاز غير مسبوق على الصعيد الجنوبي. كما طالبت المذكرة الأشقاء في مجلس التعاون بمبادرة خاصة لحل القضية الجنوبية. وفي 9 مارس 2013م، تم لقاء رسمي في دبي لعدد من الأطراف الجنوبية مع السيد جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، وتم التأكيد على ما تم طرحه في الرياض، وأهمية رعاية خليجية/دولية للقاء جنوبي جامع. وصدر بيان مشترك عن ذلك اللقاء أكد على أن مبدأ الحوار هو السبيل لحل القضية الجنوبية.. وعلى لقاء جنوبي جامع يتم برعاية خليجية دولية.

 

  1. بذل نظام صنعاء وبعض الأحزاب السياسية اليمنية جهودًا كبيرة في محاولة تفتيت قوى الثورة الجنوبية باستنساخها تارة بالقمع وتارة بالإغراء. ولكن كل تلك الأساليب لم تمكنها من إيقاف مسيرة الثورة الجنوبية، التي تُوجّت بإعلان جبهوي عريض لمعظم القوى السياسية والجماهيرية والحراكية الجنوبية في 25 يناير 2015م، تحت إطار "الهيأة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال"، وذلك على طريق عقد "المؤتمر الجنوبي الجامع"، الذي أجل انعقاده الغزو الحوثي/العفاشي للجنوب في 26 مارس 2015م. وهكذا، لم يعد مطلب استقلال الجنوب العربي وحق تقرير المصير والحفاظ على هوية الجنوب العربي المستقلة مجرد شعار ترفعه القوى السياسية الحراكية الجنوبية، بل إرادة شعبية أكدتها المسيرات المليونية في مختلف مناطق الجنوب، وأكدتها المقاومة الوطنية الجنوبية العظيمة في وجه الغزو الحوثي/العفاشي، التي أدت إلى دحره وهزيمته (وخلفه المد الإيراني) في الجنوب.
  2. جاء تحالف قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح مع مليشيات الحوثي – أنصار الله – وغزوهم للجنوب للمرة الثانية (بعد حرب صيف 1994م) في 26 مارس 2015م، بهدف تكريس فرض الوحدة بالقوة. وهو غزو وحرب عدوانية تُشن بتأييد ودعم عسكري ومادي من إيران. وقد عاث الحوثة وقوات صالح في مدن وقرى الجنوب قتلاً وتدميرًا. وأصبحت كثير من مدن الجنوب مدنًا منكوبة وحل بها دمار غير مسبوق. كل ذلك كان بهدف كسر إرادة شعب الجنوب العربي وثنيه عن المطالبة والنضال لنيل حقه في الحياة الحرة واستقلال أرضه وبناء دولته.

وجاءت "عاصفة الحزم" ...

جاءت عاصمة الحزم في منتصف ليلة 26 مارس 2015م. في لحظة تاريخية نادرة، وخلطت كل الأوراق وأجهضت كثير من الأحلام والمخططات العدوانية. واختلطت دماء شهداء المقاومة الوطنية الجنوبية مع دماء إخوانهم من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبقية دول التحالف، وتم تحرير مختلف محافظات الجنوب تقريبًا بعد بضعة أشهر من الغزو. وتم دحر النفوذ الإيراني من كل الجنوب العربي.

  1. في 4 مايو 2017م، اجتمع الشمل الجنوبي في عدن وصدر "إعلان عدن التاريخي". وفي 11 مايو تم الإعلان عن "المجلس الانتقالي الجنوبي"، برئاسة قائد المقاومة الوطنية الجنوبية، اللواء عيدروس الزبيدي. وفي خطابه في ساحة العروض في عدن 4 مايو 2017م، أعلن الزبيدي بأن الهدف هو "قيام دولة الجنوب العربي وعاصمتها عدن" وهكذا جاء المجلس الانتقالي الجنوبي كتتويج لنضال تراكمي لشعب الجنوب العربي، وليس كعمل خاص بهذا القائد أو ذاك الفصيل الجنوبي. ولربما يكون أهم مرتكز لإعلان عدن التاريخي، ثم للمجلس الانتقالي الجنوبي هو التأكيد على هوية "الجنوب العربي"، هذه الهوية التي تمثل جوهر القضية الجنوبية، والتي زُوّر التاريخ وبذلت الكثير من الجهود والمحاولات من أجل طمسها ووأدها.

 

...............................................

 

بعد استعراضنا لجذور القضية الجنوبية والمحطات الرئيسية التي مرت بها، نجد أنفسنا أمام السؤال المصيري، سؤال الحاضر والمستقبل:

الجنوب العربي واليمن إلى أين ..؟

لا شك أن انقلاب صالح/الحوثي على الشرعية قد أفضى إلى مزيد من تمزيق وحدة اليمن وإلى ذوبان الدولة اليمنية وتشظي أركانها وتحويلها إلى دولة فاشلة، وذلك لنشر النَفَس الطائفي من قبل الحوثة – أنصار الله – ولعجزها عن القيام بوظائفها الطبيعية. وهو الأمر الذي أدى إلى الفوضى وسيادة المليشيات على بقية مؤسسات الدولة. والعجز عن توفير الأمن والأمان للمواطن وكذا العجز عن توفير الغذاء والدواء لأغلبية الشعب، وتحولت اليمن إلى كارثة ومأساة إنسانية، تسعى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المختلفة لوضع حل وحد لهذه الكارثة. وفي الجنوب كما رأينا، حقق أبناء الجنوب، وعلى رأسهم المقاومة الوطنية الجنوبية، وبفضل العون والإسناد من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وبقية دول التحالف، نجاحًا باهرًا في وجه قوات صالح وميليشيات الحوثي ورفضًا قاطعًا للوجه الطائفي الكريه الذي تمثله الحركة الحوثية بشكل خاص.

والحل العملي والمثالي لوضع حد للكارثة الراهنة في اليمن ونزع فتيل الحرب ووباء الطائفية فيكمن في ضرورة الاتفاق بين الأطراف الرئيسية في اليمن/الشمال على قيام دولة مدنية مُهابة تحترم الإنسان وحقوق الإنسان وخياراته العقدية والسياسية، بعيدًا عن التعصب الطائفي و"العقلية السبئية". وهو الأمر الذي ظل الشعب اليمني العظيم يناضل من أجله ويتوق إليه طوال العقود الستة الأخيرة بصفة خاصة.

ويمكن بهذا الخصوص، الاستفادة من بعض البحوث والدراسات والنقاشات التي دارت في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء، وخصوصًا حول بناء الدولة وأنماط الحكم المختلفة. وقبل هذا وذاك، ينبغي أن يستقر في أذهان جميع الأطراف المتنفذة، والمتشنجة عقائديًا، أن تجربة العقود الماضية بشكل عام، وكارثة الحرب الدائرة الآن بشكل خاص، قد أكدت على أن اليمن لا يمكن أن يكون لحزب أو لطائفة أو لقبيلة أو لفرد أو لمنطقة، ولا يمكن أن يكون، بل لا يجب أن يكون، إلا لكل اليمنيين من مختلف توجهاتهم ومشاربهم السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

أما في الجنوب، فقد حسمت الأغلبية أمرها وحددت خيارها وتم الإعلان عن ذلك في بيان عدن التاريخي بوضوح، وهو "قيام دولة الجنوب العربي وعاصمتها عدن".

وقد وضعت قوى الحراك الجنوبي تصوراتها واجتهاداتها حول شكل ومضمون الدولة الجنوبية القادمة. ولكن، لربما أن حزب رابطة الجنوب العربي الحر "الرابطة" هو الأكثر تفصيلاً وتعمقًا في هذا الجانب. فقد نشر مشروع مفصل لاستقلال الجنوب العربي منذ حوالي أربع سنوات (للاطلاع على المشروع أضغط هنا) حدد فيه ملامح الدولة الجنوبية القادمة واقترح الحزب أن تتكون دولة الجنوب من إقليم شرقي وإقليم غربي. كل إقليم يتكون من 3 ولايات أو محافظات. أما نظام الحكم فقد تُرك للشعب في الجنوب أن يختار إما النظام الرئاسي أو النظام البرلماني. وفي الجانب الاقتصادي فقد حدد الأخذ بالنظام الرأسمالي الحر، ولكن المحقق للعدالة الاجتماعية، المُخفِف من "تَوحُش" الرأسمالية. وأكد على ضرورة تمكين المرأة تأهلاً وفرصًا، وتأهيل الشباب من الجنسين وفق برامج تنمية المهارات في المجالات المختلفة والدفع بهم إلى الصفوف الأولى في القيادات المختلفة. أما العلاقة مع اليمن، فقد أكد الحزب أنها لن تكون إلا علاقات الأخوة والجيرة والمصاهرة والمصالح المشتركة والحدود المفتوحة والخير الذي يعم كل الأرجاء.

 

وهكذا يتضح من كل ما سبق، أن الكل، في الجنوب والشمال، يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري بالفعل.

وفي عالم اليوم، على أبناء الجنوب والشمال أن يدركوا أن كلٍ منشغل بنفسه ومشاكله. ومالم يتعامل أبناء الجنوب والشمال، وبدعم وتشجيع من الإقليم، وبشكل خاص من قبل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والعالم، معاملة الرجال الكبار فيما بينهم، وبحس المسؤولية الوطنية والإنسانية، بل والدينية، والابتعاد عن المكابرة والمكايدات والحسابات الصغيرة، ويتم الاتفاق على كلمة سواء، تؤمّن مصالح كل الأطراف، فهم يرتكبون جريمة كبرى بحق هذا الجيل والأجيال القادمة.

كفى. "enough is enough".

العالم يسير، بل يهرول، ولن ينتظر لمن لا يُدرك ويقدر مصالحه.

وبهذا النَفَسْ الوطني، بل الإنساني، أقول صادقًا:

  • إننا في الجنوب، لا نريد لإخواننا وجيراننا في الشمال إلا كل ما نريده لأبناء الجنوب من خير وتقدم وسلام ونهوض على كل المستويات.
  • إن أي كلام أو حديث عن استمرار وحدة بين الشمال والجنوب هو بمثابة مضيعة للوقت وعناد وأنانية ومكابرة، ولن يفضي ذلك إلاّ إلى مزيد من الأحقاد والكراهية والخراب. كما أن فكرة تجريب فيدرالية بين الشمال والجنوب لمدة 4 سنوات، يتلوها تقرير مصير لأبناء الجنوب، هي مضيعة كذلك لأربع سنوات من العمر وإهدار لإمكانيات وفرص لا تعوض.
  • نتمنى على إخواننا وجيراننا في الشمال احترام إرادة شعب الجنوب العربي. فالجنوب قادر على إقامة دولته المدنية الجديدة بتعاون وتفهم من الإقليم والعالم. الدولة الجنوبية التي ستفتح الحدود والقلوب مع إخوانهم وجيرانهم في الشمال. كما نأمل من إخواننا وجيراننا في الشمال أن يتوصلوا إلى تسوية سياسية فيما بينهم تكفل الشراكة لكل الأطراف السياسية في حكم البلاد، وتعوض هذا الشعب اليمني العظيم عن كل الكوارث التي سببتها له نُخبه السياسية والعسكرية والقبلية المختلفة في العقود الأخيرة الماضية.

على ضوء كل ذلك...

فلنُقدم على سلام العقلاء الشجعان.

ولنشرع في حوار ندي بين وفد جنوبي من جانب ووفد يمني/شمالي من جانب آخر، تحت رعاية إقليمية ودولية، داخل مقر مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ويتم في هذا الحوار/التفاوض، الاتفاق على كل الجوانب والنقاط والأسس والضوابط والمرجعيات المؤمّنة لقيام الدولة الجنوبية الجديدة، ووضع الأسس المفضية لإقامة علاقات صحية ومؤمّنة لإقامة أفضل العلاقات والمصالح مع الدولة اليمنية.

وحيث أن الجنوب العربي واليمن هما جزء من نسيج الجزيرة العربية ولا يمكن لهما إلا أن يكونا كذلك، فليتم العمل الجاد لضم الجنوب العربي واليمن إلى مجلس التعاون، ونضع بذلك، مع إخواننا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أُسس ومداميك حلف استراتيجي لدول الجزيرة العربية يؤمّن حاضرها ومستقبلها، ويُبعد عنها التهديدات والمخاطر الإقليمية والدولية، وننطلق معًا في حركة عمران وبناء ونهوض شامل، ونلحق بركب الأمم المتقدمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*الأمين العام لحزب رابطة الجنوب العربي الحر "الرابطة"

 

 

مقالات لنفس الكاتب