; logged out
الرئيسية / ألغام الحوثي فجرت 556 منشأة و انتزاع 39 ألف لغم.. الزراعة مازالت نشطة الألغام في اليمن الخطر الكامن: المشكلة والحل

العدد 122

ألغام الحوثي فجرت 556 منشأة و انتزاع 39 ألف لغم.. الزراعة مازالت نشطة الألغام في اليمن الخطر الكامن: المشكلة والحل

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

تعد الألغام واحدة من المشاكل التي تؤرق الإنسانية، ونظرًا للصراعات المتعددة التي شهدتها اليمن خلال مراحل سابقة زرعت فيها الألغام المضادة للأفراد، ونتج عنها ضحايا كثيرة فقد كانت اليمن من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد، والتي تعرف باتفاقية أوتاوا، الصادرة عام 1997م، وإدخالها حيز التنفيذ فور صدور القانون رقم (7) لعام 1998م، لذا فقد سارعت اليمن لإنشاء اللجنة الوطنية للتعامل مع الألغام بتاريخ 17 يونيو 1998م.

تعريفالألغام كما في المادة 2من اتفاقية أوتاوا([1]):


  1- يراد بتعبير "اللغم المضاد للأفراد" لغم مصمم للانفجار بفعل وجود شخص عنده أو قريبًا منه أو مسه له، ويؤدي إلى شل قدرات أو جرح أو قتل شخص أو أكثر. أما الألغام التي تكون مصممة لتنفجر بفعل وجود مركبة، وليس شخصًا، عندها أو قريبًا منها أو مسها لها، والتي تكون مجهزة بأجهزة منع المناولة فلا تعتبر ألغامًا مضادة لأفراد لكونها مجهزة على هذا النحو.

  2- يراد بتعبير "لغم" ذخيرة تكون مصممة لتوضع تحت سطح الأرض أو تحت رقعة سطحية أخرى أو فوق أو قرب أي منهما وتنفجر بفعل وجود شخص أو مركبة عندها أو قريبًا منها أو مس أحدهما لها.

-  يراد بتعبير "جهاز منع المناولة" جهاز معد لحماية لغم ويكون جزءًا من اللغم أو موصولاً أو مرتبطًا به أو موضوعًا تحته ويفجره عند محاولة العبث باللغم أو إفساد نظامه عمدًا بأي طريقة أخرى.

4- يشمل تعبير "النقل" بالإضافة إلى النقل المادي للألغام المضادة للأفراد من إقليم وطني أو إليه، نقل سند ملكية الألغام ونقل الإشراف عليها، غير أنه لا يشمل نقل إقليم زرعت فيه ألغام مضادة للأفراد.

 5- يراد بتعبير "منطقة ملغومة" منطقة خطيرة بسبب وجود الألغام أو الاشتباه في وجودها فيها.

 

تاريخ زراعة الألغام في اليمن:

تعود زراعة الألغام في اليمن إلى بداية العام 1962م، من القرن الماضي أثناء الصراع بين الإماميين والجمهوريين، حيث قامت القوات الموالية للإمام البدر بن أحمد حميد الدين بزراعة حقول ألغام في كل من محافظة الجوف شمال اليمن ومديرية صرواح شرق صنعاء ومديرية أرحب غرب شمال العاصمة اليمنية صنعاء، ولا زالت هذه الألغام تنفجر بالرعاة والنساء والأطفال إلى اليوم. وفقًا لبعض التقارير المعنية بالألغام.

كما أن الفترة بين ما يعرف بحرب المناطق الوسطى التي شهدت اليمن خلالها صراعًا مسلحًًا بين شطري اليمن سابقًا حيث تم زراعة حقول ألغام في المناطق الحدودية بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي (قعطبة _ حريب_ العود_ مريس _ بيحان _ مكيراس) ولا زالت بقايا الألغام في هذه المناطق تهدد حياة الناس إلى اليوم

كما أنه في الفترة خلال حروب صعدة الستة شهدت عملية زراعة للألغام على نطاق واسع. وعقب أحداث ثورة الربيع العربي في العام 2011م أقدمت قوات الحرس الجمهوري في محيط معسكراتها في نهم وأرحب وبني جرموز على زراعة ألغام مضادة للأفراد سقط على أثرها ضحايا من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وفي هذا الخصوص كانت منظمات حقوقية قد وثقت حالات لضحايا تلك الألغام من أطفال ونساء ورجال.

كما قامت جماعة الحوثي في العام 2011م، أثناء اقتحامها مديرية كشر في محافظة حجة بزراعة الألغام في مناطق “كشر وعاهم” وسقط على أثرها ضحايا من المدنيين، حيث قتل 36 مدنيًا بينهم 4 أطفال وأصيب 45 مدنيًا بينهم 6 أطفال و3 نساء.

وفي مطلع 2014م، قامت جماعة الحوثي بالتعاون مع قوات الحرس الجمهوري في تحالف مع صالح ضد الشرعية وقاموا مطلع العام 2015م، بمواصلة حربهم العبثية على اليمنيين في مختلف المحافظات وكانت زراعة الألغام بالطبع واحدة من أبرز الوسائل التي استخدمتها هذه الجماعة الانقلابية ضد خصومها في مختلف مناطق البلاد بقصد إرهاب المواطنين، وتعريض حياتهم للخطر، وإعاقة أي محاولة لوقف مشروعهم الانقلابي.

الفتــرة

النطاق الزمني

المحافظات المتأثرة

عدد المحافظات

الأولى

1962 -1967م

مأرب-الجوف-صنعاء -حجة–عمران-صعدة

6

الثانية

1973 -1983م

إب-الضالع-البيضاء-ذمار-تعز-الحديدةـ ريمه-المهره

8

الثالثة

1994م

عدن-لحج-أبين -الضالع –حضرموت – شبوة

6

الرابعة

2004-2011م

صعده-عمران -حجـــة-أبين-صنعاء

5

الخامسة

2014– 2017م

عدن ـ لحج أبين، حجة عمران الجوف, مأرب ,البيضاء, تعز, صنعاء, شبوة الضالع

12

 

دور جماعة الحوثي وصالح في زراعة الألغام

إن الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح في عدد من المحافظات، تسببت في استشهاد 615 شخصًا، وإصابة 942 آخرين، خلال عامين من الحرب المتصاعدة.

جاء ذلك في تقرير قدمه “التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعنوان: “ضحايا الألغام في اليمن”. ([2])

وأفاد التقرير، الذي يرصد ضحايا الألغام خلال الفترة ما بين يناير 2015م، حتى ديسمبر 2016م، أن الألغام تسببت أيضًا في إصابة 527 شخصًا بإعاقات دائمة.

وحلّت العاصمة عدن على رأس قائمة المدن المتضررة من ألغام جماعة الحوثي حيث استشهد فيها 164 تليها محافظة تعز التي بلغ عدد شهدائها 157، ثم محافظة مأرب 132 شخصًا، فيما استشهد بقية الضحايا بمحافظات متفرقة.

ووفقًا للتقرير، فقد استخدمت جماعة الحوثي الألغام أيضًا في تفجير 556 منشأة طبية وتعليمية ومنازل مدنيين ومقرات عمل ومقرات خاصة ومحلات تجارية ومركبات.

وأشار إلى أن الألغام التي تم انتزاعها بلغ عددها نحو 39 ألف و634 لغمًا، بينها 26 ألف و755 لغمًا مضادًا للأفراد، و12 ألف و879 مضادًا للمدرعات، لافتًا إلى أن عملية زراعة الألغام من قبل جماعة الحوثي وقوات صالح لا تزال نشطة.

وبحسب تقرير لمنظمة الهيومن رايتس جاء تحت بند الألغام الأرضية "زرع الحوثيون والعناصر المتحالفة معهما من قوات الرئيس المخلوع العديد من الألغام الأرضية، ومنها ألغام محظورة مضادة للأفراد، في المحافظات اليمنية الجنوبية والشرقية: عدن وأبين ومأرب ولحج وتعز، منذ بداية النزاع الحالي. تسببت الألغام الأرضية في مقتل وإصابة عشرات المدنيين، منهم أطفال.([3])

وقد جاء في رسالة مؤرخة 27 كانون الثاني/يناير 2017م، موجهة إلى رئيس مجلس الأمن التقرير النهائي للخبراء المعنيين باليمن" المتفجرات من مخلفات الحرب، والألغام والذخائر غير المنفجرة 91-لا يزال الفريق يتلقى أدلة على استخدام قوات الحوثيين أو قوات صالح للألغام، واستخدام أحزام حاجزة متكاملة تشمل الألغام والأجهزة المتفجرة اليدوية الصنع" ([4]).

أنواع الألغام المستخدمة ومصادرها:

استخدمت جماعة الحوثي و صالح الألغام المضادة للأفراد والمركبات، والألغام البحرية بما في ذلك “تي إم-62″ (TM-62) و”تي إم-57” (TM-57) المصنوعة في الاتحاد السوفييتي السابق والألغام المضادة للمركبات “يو كي إي-63” (UKA-63) المصنعة في المجر.

كما أن هناك مراقبون يقولون بأن فريق خبراء إيرانيين ومن حزب الله اللبناني يقومون بتدريب الحوثيين ومساعدتهم على صناعة متفجرات وألغام يدوية الصنع تساهم في قتل المدنيين اليمنيين.

 

 

 

 

 

 

 

مخاطر الألغام وتبعاتها:

هناك مخاطر وتبعات متعددة يحدثها استخدام الألغام بأنواعها في النزاعات المسلحة ومن أبرزها نذكر النقاط التالية: ([5])

الوفاة: إما الفورية فتكون بسبب النزيف الدموي الصاعق بفعل تمزق الأوعية الدموية على مستوى الدماغ، القلب، والشرايين الرئيسية بفعل الموجة الارتدادية التي يحدثها الانفجار. أو موت الفجاءة عند الأطفال والمسنين والوفاة اللاحقة نتيجة لالتهاب أو نزيف.

الإصابات العظمية وغالبًا ما تترك عاهات دائمة.

بتر طرف أو أكثر من الأطراف السفلية كامل أو جزئي.

كسور مترافقة في الأطراف العلوية أو السفلية أو القفص الصدري أو الجمجمة نتيجة قذف الجسم المصاب على ارتفاع معين وارتطامه بالأرض.

الإصابات الشريانية بفعل تمزق الأوعية الدموية الرئيسية أو المرافقة لمكان البتر والكسور.

الإصابات العصبية الناتجة عن إصابات الدماغ والنزيف فيه أو إصابات النخاع الشوكي بفصل العامود الفقري مع ما يترتب على هذه الإصابات من الشلل الجزئي أو التام نتيجة العصف الناجم عن الانفجار الذي يؤدي إلى تمزق تام أو جزئي في الرئتين.

الحروق المرافقة نتيجة التعرض للانفجاريات والتي تتراوح درجاتها بين1-2-3, إضافة إلى حالات أذية السمع والنظر والإعاقة النفسية والجسدية.

وقد ذكر تقرير مصيدة البشر الذي أصدرته منظمة رقيب عن ضحايا الألغام في مناطق أرحب ونهم وبني جرموز عن نتائج زراعة الألغام كالتالي: ([6])

(قتل -جروح وإصابات بأنواعها -بتر كامل وجزئي لطرف أو أكثر من الأطراف السفلية -كسور مترافقة في الأطراف العلوية والسفلية والقفص الصدري أو الجمجمة نتيجة تطاير الجسم المصاب جراء قوة الانفجار، الحروق بأنواعها ودرجاتها -تمزق تام وجزئي في الرئتين نتيجة التعرض للانفجارات والتي تتراوح درجتها بين 1 و3.

الإصابات العصبية -فقدان البصر ومشاكل بصرية أخرى -فقدان السمع ومشاكل سمعية أخرى – إعاقات -إعاقات نفسية -إعاقات وتشوهات جسدية -تشوهات مختلفة -تدمير آليات ومركبات -تدمير مصالح حيوية كأعمدة الكهرباء.

وقد ذكر في تقرير رصد الألغام  لعام  1999م،  وفي تقرير  مسح الضحايا / الناجين من مخاطر الألغام والقذائف غير المتفجرة  الذي أجري في ديسمبر 1998م،  من قبل المنظمة السويدية والجمعية اليمنية للتوعية من مخاطر الألغام بالتعاون مع أفراد المجتمعات المحلية في تبين عند تحليل النتائج  بأن أكثر الإصابات  شيوعًا  في   المناطق الأربع الممسوحة  هي الحـــروق (51 %) ويلي  ذلك الصعوبة في الرؤية  ( 8،13%) ثم فقدان الأطراف   8،12%  ( ومرارًا  ما تفقد  الأطراف العليا أكثر من السفلى )  ثم مشاكل في السمع 7،11% وأخيرًا  الصعوبة في الحركة  6،10%.

يشكل فقدان الأطراف العليا مشكلة كبيرة كون الأطراف الصناعية هي تجميلية فقط وتصنع في مركزين للأطراف الصناعية في صنعاء وتعز ولا تصنع أطراف صناعية عليا وظيفية بل أطراف سفلى فقط، كما ذكر في التقرير السابق، كانت النتائج المتعلقة بضحايا الألغام كما يلي:

  • هم بحاجة ماسة لموارد مالية.
  • لا توجد لدى معظم الضحايا الذين فقدوا أطرافهم أي أجهزة أو أطراف صناعية.
  • معظم ضحايا الألغام متوسطي العمر.
  • يعاني عدد كبير منهم من العمى والصمم.
  • هذه المناطق محرومة من الرعاية الصحية.

 

جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حظر الألغام ([7])

هناك عدد من الاتفاقات الدولية التي تنظّم أو تحظر استخدام الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار، وهذه الصكوك هي جزء من كيان القانون الإنساني الدولي الذي يهدف إلى الحدّ من آثار النـزاع المسلح لأسباب إنسانية. ومجموعة مدونات قانون حقوق الإنسان الدولي تبيِّن الخطوط العريضة لحقوق الأشخاص المتأثرين بهذه الأسلحة.

وقيام الأمم المتحدة بأعمال تتعلق بالألغام يُستَرشَد فيها بالقانون الدولي ذي الصلة، وهو يشجِّع بنشاط التمسك الكامل والالتزام من جانب الدول وأطراف النـزاع المسلح، حيثما يكون منطبقًا، بالمعاهدات والصكوك الدولية ذات الصلة، وخاصة معاهدة حظر الألغام المضادة للأفراد، والاتفاقية المتعلقة بالأسلحة التقليدية، والصكوك الدولية لحقوق الإنسان. وسياسة الأمم المتحدة بالنسبة للقيام بأعمال تتعلق بالألغام تتمثل في الإسهام في الجهود الأكبر التي تبذلها الأمم المتحدة للمساعدة في ضمان الالتزام بالقرارات ذات الصلة وبالأعراف والمعايير القانونية الدولية ([8]) ونذكر من تلك الجهود الاجراءات والمعاهدات التالية:

دعوة لمؤتمر هيأة الأمم المتحدة لمنع أو تحديد الأسلحة التقليدية ذات التأثير المؤذي والعشوائي في 10 أيلول 1979م.

اتفاقية 1980م، المتعلقة بالأسلحة التقليدية (المعروفة رسميًا على أنها اتفاقية عام 1980م، المتعلقة بحظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معيَّنة يمكن اعتبارها مفرطة الضرر أو عشوائية الأثر) تتكوّن من خمسة أجزاء أو بروتوكولات. ومن هذه الأجزاء يتعلق جزءان فقط بالأعمال ذات الصلة بالألغام. والبروتوكول الثاني المعدّل يتناول الألغام الأرضية والشراك الخداعية ووسائل أخرى، في حين يتناول البروتوكول الخامس مشكلة مخلفات الحرب القابلة للانفجار.

وبموجب البروتوكول الخامس، يتعيّن على الدول الأطراف والأطراف في نـزاع مسلّح أن تقوم بأعمال لتطهير، أو إزالة أو تدمير، مخلفات الحرب القابلة للانفجار (المادة 3)، وأن تُسجِّل المعلومات التي لها صلة باستخدام أو ترك الذخائر المنفجرة، والاحتفاظ بتلك المعلومات ونقلها (المادة 4). والدول الأطراف والأطراف مُلزَمة أيضاً بأن تتخذ كافة الاحتياطات الممكنة من أجل حماية المدنيين (المادة 5) والبعثات والمنظمات الإنسانية (المادة 6)، والدول الأطراف التي هي في موقف يسمح لها بأن تقدّم التعاون والمساعدة من أجل وضع العلامات والتطهير والإزالة والتدمير ومساعدة الضحايا، ضمن أمور أخرى، يتعيّن عليها أن تفعل ذلك (المادتان 7و8). والبروتوكول الخامس دخل حيّز النفاذ في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. ([9])

كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ناشدت جميع الدول بالسعي إلى إبرام اتفاق دولي فاعل وملزم قانونًا، يحظر استعمال وتخزين ونقل الألغام البرية المضادة للأفراد.([10])

ولقد أسفرت تلك الجهود عن التوقيع على اتفاقية حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد " أوتاوا 1997".([11])، وقد احتوت الاتفاقية على تعهد من الدول الأطراف مفاده عدم القيام تحت أي ظرف بما يلي:

  1. استعمال الألغام المضادة للأفراد.
  2. استحداث أو إنتاج الألغام للأفراد أو حيازتها بأي طريقة أخرى، أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو نقلها إلى أي مكان.
  3. المساعدة أو التشجيع أو الحث بأي طريقة على القيام بأنشطة محظورة على دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية.
  4. أن تدمر جميع الألغام المضادة للأفراد أو تكفل تدميرها وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية.([12])
  5. في عام 1998م، أقر القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بجريمة التعذيب في نطاق تعريفه لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. فقد نصت المادة الثامنة على التعذيب وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية والاعتداء على الكرامة الشخصية والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة باعتبارها جرائم حرب. وجاء في تعريف الجرائم ضد الإنسانية، أي هجوم واسع النطاق أو منهجي يتضمن أفعالا كالتعذيب والاغتصاب والدعارة القسرية والحمل القسري والأفعال اللاإنسانية ذات الطبيعة المشابهة التي تتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة العقلية أو البدنية.

الجهود الحكومية في التعامل مع الألغام وتفكيكها:

على الرغم من الجهود أو المبادرات التي بذلت من قبل البعض لإعادة تأهيل مركز في مأرب بدلاً عن المركز التنفيذي للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في صنعاء يكون الهدف منه العمل على نزع الألغام وتفكيكها في المناطق المتضررة من الصراع، والتوعية المجتمعية بمخاطرها، إلا أن المشكلة ظلت قائمة نعزوها لتضافر العديد من الأسباب نوجزها في التالي:

أولاً: إن الذين وضعوا على عاتقهم العمل في هذا المجال لم يلاقوا أي إسناد من جانب الحكومة الشرعية، وإنما كان العمل اشبه بالمبادرات الفردية، تم دعم بعض مناشطها، ولم يتم التعامل معها من قبل المجتمع الدولي بل ظل التعامل والدعم مع اللجنة الوطنية لنزع الألغام بصنعاء، التابعة للانقلابين والمركز التنفيذي التابع لها في ظل غياب تفعيل دور اللجنة الوطنية لنزع الألغام لدى الحكومة الشرعية على الرغم من أهمية هذا الملف وخطورته على الصعيد الإنساني والعسكري.

ثانيًا: عدم وجود خرائط لأماكن زراعة الألغام عائق يؤخر نزع الألغام التي زرعتها مليشيات الانقلابية في المناطق المحررة وهو ما ترتب عليه خطورة كبيرة اتجاه العاملين بنزع الألغام، حيث أدت إلى وفاة أكثر من 8 أشخاص من فرق المركز وجرح 23 بإصابات بالغة.

 ثالثًا: ضعف الكوادر المؤهلة فنيًا وعلميًا في مجال نزع الألغام أو التوعية بمخاطرها رابعًا: لا توجد إحصائيات مسحية متكاملة عن أماكن الألغام وأعدادها وضحاياها وأثرها على الجانب المدني والإنساني وتعريف العالم بما يقوم به الانقلابيون من زراعة للألغام بشكل عشوائي مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية وما ذكرناه لا يمثل إلا جزءًا يسيرًا، في حين أن هناك الكثير من ضحايا الألغام لا يعرف عنهم العالم شيء.

الأمر الذي يدعونا إلى لفت نظر الحكومة الشرعية لتفعيل دور اللجنة الوطنية لنزع الألغام وسرعة إصدار قرار بتعيين رئيس لها كونها الجهة المخولة بصناعة السياسات والقرارات لكل ما يتعلق بالتعامل مع الألغام في اليمن ويرأسها وزير الدولة وأعضاء اللجنة  الآخرون هم مدير إدارة الهندسة العسكرية، نائب وزير الصحة، نائب وزير التأمينات  والشؤون الاجتماعية ، نائب وزير الداخلية،  نائب وزير الإعلام،  نائب وزير التربية،  مدير العمل والإدارة في مكتب رئيس الوزراء  وممثل عن وزارة التخطيط, وممثل عن مجلس حماية البيئة وممثل عن الجمعية اليمنية للتوعية من مخاطر الألغام، وهناك مجلس إقليمي مماثل في عدن يرأسه محافظ محافظة عدن, ويعكس تركيب اللجنة الوطنية فهمًا بأن نزع الألغام  الإنساني  يشمل المجتمع المدني وكل الوزارات ذات العلاقة وليس فقط  وزارة الدفاع, وكون كل الوكالات الراغبة في دعم برنامج التعامل مع  الألغام ملزمة أن توقع  على اتفاق  مع اللجنة الوطنية لنزع الألغام.

خلاصة بأبرز التوصيات:

o       على الحكومة الشرعية سرعة إصدار قرار بتعيين رئيسا للجنة الوطنية لنزع الألغام وتفعيل دورها والمراكز التنفيذية التابعة لها ليتسنى لها القيام بواجباتها اتجاه ضحايا الألغام وتتمكن من التنسيق مع المجتمع الدولي.

o       الضغط على جماعة الحوثي وصالح للكشف عن خرائط الألغام وأماكن زراعتها وتوعية المواطنين بمخاطرها وتقديم المساعدات اللازمة للضحايا وللمتضررين من آثارها.

o       فتح ملفات للتحقيق في استخدام الألغام وتعويض الضحايا وإحالة الجناة إلى القضاء الوطني، وتدويل جرائم الحوثي وصالحلإصدار عقوبات دولية رادعة، باعتبارها جريمة حرب في القانون الدولي الإنساني.

o       على المجتمع الدولي مساعدة الجهات الحكومية المختصة بنزع الألغام وتزويدها بالخبراء والفنيين وبالمعدات والأجهزة الحديثة للتخفيف من آلام الضحايا الذين يسقطون جراء زراعة الألغام، وتقديم المساعدات اللازمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*محامي وخبير بالقانون الدولي ـ رئيس منظمة سواسية للتنمية والعدالة

 

 

قائمة بأهم المراجع:

 

- [1] اتفاقية حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد" أوتاوا" الخاصة تم التوقيع على هذه الاتفاقية في مدنية " أوتاوا" بكندا في الثالث والرابع من ديسمبر عام 1997، ودخلت حيز النفاذ في مارس 1999.

[2] - تقرير قدمه “التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعنوان: “ضحايا الألغام في اليمن, 2017م.

[3]- التقرير العالمي  لمنظمة هيومن رايتس لعام 2017 انظر الرابط التالي:

https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298316

[4] - الأمم المتحدة, مجلس الأمن رسالة مؤرخة 27 كانون الثاني/ يناير2017 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن بالتقرير النهائي لفريق الخبراء المعني باليمن أعد وفقًا للفقرة 6 من القرار 2266(2016) صـ ,52, الفقرة طاء.

[5] -  بتصرف عن الدكتور هيثم مناع رئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية محاضرة معدة لجمعية حماية .[5] -

[6] - مصيدة البشر تقرير يرصد ضحايا الألغام في مناطق أرحب ونهم وبني جرموز للفترة من مايو 2011م إلى مارس 2014م  منظمة رقيب لحقوق الإنسان ص17 – 20.

[7]- المحامي. علي هزازي, حظر استخدام الألغام في القانون الدولي "ورقة عمل مقدمة إلى ورشة عمل  بمناسبة اليوم العالمي للألغام: منظمة رقيب لحقوق الإنسان, 6 أبريل 2014م .

[8] -  http://www.un.org/ar/peace/mine/treaties.shtml

[9] -  http://www.un.org/ar/peace/mine/treaties.shtml

[10] -  قرار الجمعية العامة رقم 45(د-51) المؤرخ 10 ديسمبر 1996.

[11] - المجلة الدولية للصليب الأحمر،  العدد 58، نوفمبر/ديسمبر 1997، ص 708 - 725.

[12] -  المادة الأولى من اتفاقية أوتاوا 1997.

 

مقالات لنفس الكاتب