; logged out
الرئيسية / عسكرة البحر الأحمر والتحديات المستقبلية: ثروات مائية تحتاج إلى الحماية

العدد 127

عسكرة البحر الأحمر والتحديات المستقبلية: ثروات مائية تحتاج إلى الحماية

الخميس، 15 شباط/فبراير 2018

تأثير الوجود الدولي والإقليمي في إفريقيا على أمن دول مجلس التعاون الخليجي عامة، وأمن المملكة العربية السعودية خاصة عبر البحر الأحمر، وما هي المخاطر المحتملة على أمن المملكة عبر بوابة البحر الأحمر، وما هي الخيارات المتاحة أمام المملكة سواء عبر الحلول الذاتية، أم عبر الشراكة الإقليمية للدول المشاركة في حوض البحر الأحمر؟

الأهمية الجيوسياسية للبحر الأحمر

يتمتع البحر الأحمر بتاريخ طويل، وأهمية استراتيجية وتجارية واقتصادية وأمنية منذ أقدم العصور، فيمتد طوليًّا مسافة (438000)كيلو متر مربع، وعرضه (180) كيلو متر مربع، ويبلغ أكبر عمق له حوالي 2920 مترًا، ويعتبر مدخل مياه بحر العرب، الواقع بين إفريقيا وآسيا من خلال مضيق باب المندب وخليج عدن، وفي الشمال يحده شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس وتطل عليه عدة دول لها ثقلها التاريخي والسياسي في مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي تشكل الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية إذ تبلغ مساحتها حوالي 2149690 كيلومتر مربع، وتحتل المملكة المرتبة الأولى بين دول المنطقة على ساحل البحر الأحمر، كما أن البحر الأحمر يوفر لقوى إقليمية ودولية إمكانية الوصول إلى البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي والهندي، ومن هنا فلأهمية الاستراتيجية تأتي من حقيقة موقعه، حيث إنه أصبح الممر الرئيس لطرق التجارة الإقليمية والعالمية.[1]

وزادت أهمية البحر الأحمر بعد شق قناة السويس التي يبلغ طولها 193.5 كيلو متر ، حيث قصرت المسافة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وأصبح له دوره الرئيسي في تطور الصناعات والحضارات التي شهدتها أوروبا في العصر الحديثة، حيث يبلغ عدد السفن التي تمر بها 17.483 سفينة، تحمل ما بين‏ 8%‏ إلي‏ 12% من حجم التجارة العالمية

جهود المملكة العربية السعودية في الحفاظ على أمن البحر الأحمر

وقامت المملكة العربية السعودية إلى المحافظة على أمن البحر الأحمر كجزء من أمنها القومي، بوضع أسس وقواعد للمحافظة على أمن البحر الأحمر، فبعد تأسيس جامعة الدول العربية، تم عقد مؤتمر 8فبرايل1955م، بالقاهرة بهدف التصدي للأحلاف الأجنبية، وفي العام نفسه 1956م، تم عقد الاتفاق المشترك للدفاع ضد العدوان الخارجي.

وفي عام 1956م، عقدت المملكة العربية السعودية ميثاق جدة لإقامة نظام أمن مشترك في البحر الأحمر، وفي 1972م، عقد مؤتمر جدة بين الدول المحافظة على أمن البحر الأحمر، وفي 1976م، عقد مؤتمر جدة بهدف تدارس أمن البحر الأحمر، وفي 1977م، بذلت محاولات دبلوماسية إلى تأكيد الأمن العربي في البحر الأحمر (طايل، 1994م، ص393).

ومن خلال المادة(197) من اتفاقية قانون البحار لعام 1982م، والتي تنص على أن "تتعاون الدول على أساس عالمي لحماية البيئة البحرية، والحفاظ عليها"، ووقع مندوب المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية السودان الديمقراطية، وجمهورية الصومال الديمقراطية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، والجمهورية العربية اليمنية في الأحد الموافق 14/2/1982م، اتفاقية جدة كخطوة مهمة في مجال التعاون الإقليمي (ابن فتن، 1422ه، ص109).

وانطلاقًا من الأهمية الأمنية للبحر الأحمر للدول العربية، قامت المملكة العربية السعودية بالسعي لتكاتف جهود الدول العربية المطلة على هذا البحر لتوفير الحماية له، والقضاء على هذه الأخطار التي تهدد أمنه قبل أن تستفحل، ويتحول إلى بؤرة صراع وخطر يهدد أمنها وأمن الدول المطلة عليه، حيث يواجه البحر الأحمر مجموعة من الصراعات منها: الصراع الصومالي الأثيوبي، والصراع الإريتري الإثيوبي، والصراع السوداني الإثيوبي، و التدخل الإسرائيلي والإيراني والتوسع التركي، والمصالح العالمية متمثلة بأمريكا وروسيا والتجارة الأوروبية ومن هنا تدخل الدول الكبرى للتحكم فيه.[2]

التحرك التركي في البحر الأحمر وإفريقيا

تتحرك كذلك تركيا في كل من الصومال وقطر والسودان وقبرص وأشارت دراسة من مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية التركية أن الوحدات والقواعد التركية المنتشرة للعمليات المتقدمة تختلف في خصائصها، وبسبب وجودها السياسي والعسكري، والطريقة التي تخدم بها السياسات الدفاعية والخارجية لأنقرة، ومدى صمودها في وجه التقلبات الإقليمية.وهذه الدراسة ترى أن عمليات الانتشار المتقدمة لتركيا في الصومال، وقطر، وقبرص الشمالية، جنبا إلى جنب مع قواعد العمليات المتقدمة في شمال العراق، والوحدة العسكرية المتنامية المتمركزة في مدينة الباب السورية، كلها مبنية على محددات مختلفة.[3] ولكن هل المعادلة التركية تختلف عن المعادلة الإيرانية؟ بالتأكيد أن التحركات التركية الأخيرة جديرة بالدراسة، وأن دراسة الخطاب التركي مؤخرًا تشير إلى عودة القوة التركية، بيد أن التوسع التركي هو ليس توسع صفري أي رابح خاسر، فتركيا ليس لها مصالح استعمارية أو تخريبية كما هو الحال في إيران لكنه في الوقت نفسه يشير إلى حالة ضعف عربي وفراغ في البيئة الامنية قامت تركيا بشغله، لا شك ان التقارب التركي بين دول العالم الإسلامي بصفة عامة قد لا يضع شكوكا كثيرة، لكنه في الوقت ذاته يحفز الدول الخليجية على التنسيق المتواصل حتى لا يكون هنالك أي سوء فهم وبالتالي تستعدي دول الخليج تركيا.

التدخلات الإيرانية في البحر الأحمر

اتهم رئيس القيادة المركزية بالجيش الأمريكي جوزيف ووتل، إيران بلعب دور في الهجمات على السفن الحربية الأمريكية بالقرب من المياه اليمنية، مضيفًا أنه يتصوَّر أن إيران لعبت دورًا في هذا الأمر، لأن لديهم صلات بالحوثيين، لهذا يعتقد أن لهم يدًا في هذا الأمر.

وادّعى الجيش الأمريكي الأسبوع الماضي إطلاق صواريخ تجاه سفينة الجيش الأمريكي “ميسون” 3 مرات على الأقلّ من مواقع تحت سيطرة الحوثيين، وبعد اتهام الحوثيين وحركة أنصار الله، استهدفت القوات الأمريكية 3 مراكز رادارية لهم، ويقول ووتل إنه حتى الآن لا تعلم الولايات المتحدة بشكل كامل كيف حدثت هذه الهجمات.[4]

وأكد قائد بحرية الجيش الإيراني حبيب الله سياري، إبحار المجموعات البحرية الإيرانية على بعد آلاف الكيلومترات أبعد من الحدود في عمق البحار، مضيفًا أن الوجود في الساحة الدولية يحتاج معدات متطورة حديثة، لافتاً إلى أن بلاده إذا لم تحظ بمعدات مواكبة للعصر، فلا يمكن أن يكون لها صوت بين دول العالم.

كما أوضح سياري، على حضور المجموعة البحرية 41 في خليج عدن، مضيفًا أن فرقاً للعمليات الخاصة للبحرية الإيرانية استقرت على أطراف خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، وحاليًا الأمن مستقر في خليج عدن للسفن التي ندعمها.[5]

النفوذ في مداخل البحر الأحمر

خلال الأعوام القليلة الماضية بات السباق محمومًا على البحر الأحمر الذي يُعَدّ ممرًّا لنحو 3.3 مليون برميل من النفط يوميًّا، كما يشكِّل المعبر الرئيسي للتجارة بين دول شرق آسيا، ولا سيّما الصين والهند واليابان، مع أوروبا وبالإضافة إلى الدول الإقليمية المطلّة على البحر الأحمر (الأردن ومصر والسعودية والسودان وإريتريا والصومال واليمن وجيبوتي وإسرائيل) دخلت قوى دولية وإقليمية على خطّ النفوذ في هذا البحر.

فأحد محرِّكات مجابهة التحالف العربي لجماعة الحوثي في اليمن يتعلق بحماية الموانئ اليمنية الغربية من أن تقع ضمن النفوذ الإيراني، الذي يُستهدف تمدّده على سواحل البحر الأحمر. وبالنسبة إلى إيران، فإن إنشاء القاعدة التركية بالصومال يدفعها لتغدو أكثر حرصًا على التشبث بالتمركز في القرن الإفريقي، بذريعة محاربة القرصنة في الإقليم. وهو أمر تضاعفت أهميته، وفق مدركات القيادة الإيرانية، إثر الحملة العسكرية العربية-الإسلامية التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد جماعة الحوثي.

ولعل ذلك ما يفسر حرص طهران على افتتاح سفارة في مقديشو، وإقامة المشروعات الخيرية والاستثمارية، ومراكز التدريب المهني بالصومال، والسعي للحصول على تسهيلات عسكرية في الإقليم، وتوثيق العَلاقات مع إريتريا، وتعزيز عَلاقاتها ودعمها التسليحي لجماعة الحوثي الإرهابية في اليمن، في محاولة لاستغلال سواحل اليمن في تحقيق استراتيجياتها القائمة على زعزعة استقرار البلدان العربية، وتمرير السلاح الإيراني إلى حلفائها في إفريقيا.

عسكرة البحر الأحمر والتحديات المستقبلية

اكتسب البحر الأحمر أهمية عسكرية من الموانئ العديدة المطلة عليه والصالحة للاستخدام العسكري والتجاري ومن طبيعته الفريدة كبحر داخلي يتصل بالبحار والمحيطات المهمة، وبالقرب من سواحله توجد المراكز الاقتصادية ومنابع النفط. يمتاز البحر الأحمر بطول شواطئه المرتبطة بالطرق البرية والجوية الممتازة خاصةً على سواحله الشرقية، كما تمتاز موانئه بعمق مياهها الصالحة لرسو السفن ونقل المعدات والإمدادات العسكرية، بالإضافة إلى ذلك، فإن ثرواته المائية تحتاج إلى الحماية، بالبحر الأحمر أعماق كافية لإخفاء الغواصات، وهو ميدان مثالي للعمليات البحرية حيث بإمكان القطع البحرية الكبيرة أن تتمركز فيه مثل حاملات الطائرات والبوارج البحرية الكبيرة، ويزخر البحر الأحمر بالجزر التي تتمتع بأهمية عسكرية كبيرة مثل جزر مدخل خليج السويس التي تمثل أهم طرق الاقتراب الاستراتيجي للقوات العسكرية حيث أنها تتحكم بالملاحة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، أما جزر القطاع الجنوبي في البحر الأحمر فتبرز أهميتها العسكرية في قدرتها على اعتراض الخطوط الملاحية الدولية للأساطيل التجارية والعسكرية الداخلية أو الخارجية من البحر الأحمر واستخدامها كنقاط مراقبة للتحركات العسكرية في المنطقة، ومن أهم الجزر عسكريًا جزيرة (دميرا) الأقرب لباب المندب والأكثر أهمية، ومع أن جزر فرسان لا تتحكم في أي مضيق أو نقطة اختناق إلا أنها ذات أهمية عسكرية لإمكانية استخدامها في مراقبة التحركات العسكرية في المنطقة وإمكانية استخدامها كنقطة إنذار متقدمة ودفاع أمامي لإعاقة أي هجوم وتعطيل القوات المهاجمة وتأمين المواصلات البحرية وحماية شواطئ المملكة.

يشكل الوجود العسكري والدولي في البحر الأحمر مصدر تهديد محتمل ومستمر للدول العربية المطلة على البحر الأحمر ويمكن أن يستخدم ضدها وأخطر من ذلك أن يؤدي ربط أمنها بأمن الدول التي لها وجود في هذا البحر وجرها إلى صراعات واستقطابات دولية ليست لها بها علاقة مباشرة وتتمثل هذه التهديدات في عوامل عسكرية وسياسية واقتصادية.

• التهديدات العسكرية:

تمثل المناورات المشتركة التي تشارك فيها قوات أمريكية وإسرائيلية ودول أخرى نوعًا من الإعداد والتدريب على أعمال قتال أو عمليات عسكرية محددة في المنطقة.

• التهديدات السياسية:

من مخاطر الوجود الإسرائيلي والدولي في البحر الأحمر أنه يؤدي إلى الضغط على الدول المطلة على البحر الأحمر وجرها إلى صراعات ونزاعات خارجية مرتبطة بالقوى الدولية صاحبة الوجود العسكري في البحر الأحمر وإدخال الشعوب العربية في نزاعات فيما بينها والعمل على استمرارها.

هناك العديد من العوامل التي تساعد في تحقيق الأهداف الإسرائيلية وتشمل:

إن استراتيجية إسرائيل تجاه العالم العربي استراتيجية قديمة ولكنها مرنة يتم تعديلها حسب تطورات الأحداث، وقد تمكنت إسرائيل من تحقيق الكثير من أهدافها الاستراتيجية في البحر الأحمر من خلال التغلغل في القارة الإفريقية التي دخلت دائرة النسيان العربي منذ عقود، قامت الاستراتيجية الإسرائيلية على مرتكزات واضحة ومرنة ومتجددة وتخدم أهداف إسرائيل حسب المراحل الزمنية التي تمر بها، وهي تقوم على ثوابت لا تتغير كثيرًا، وبالتركيز على الاستراتيجية المصممة ضد الوطن العربي نجد أنها تقوم على عدة أبعاد يمكن تلخيصها فيما يلي:

• التوسع واحتلال الأراضي العربية.

• التفوق المطلق على الأقطار العربية مجتمعة.

• ضمان يهودية الدولة.

• منع قيام دولة فلسطينية.[6]

الولايات المتحدة ومستقبل أمن البحر الأحمر

أثار عدم الاستقرار السياسي في مصر والصومال واليمن مخاطر أمنية على صناعة النقل البحري العالمية في مياه الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبينما تكافح الحكومات الإقليمية لتوفير الأمن المادي والاقتصادي للسكان الفقراء، استفاد القراصنة والجماعات الإرهابية من هذه الفراغات في السلطة، مما يعرض السفن التجارية والبنية التحتية التجارية للخطر.
وفي الوقت نفسه، لا تزال إيران تحتفظ بالقوات البحرية التي تلوح في الأفق تهديدًا للتجارة منذ حرب الناقلات في الثمانينياتوبما أن التقدم الغربي نحو التقارب مع إيران لا يزال غير مؤكد، والحرب الأهلية السورية وتوتر العلاقات العربية الإيرانية الخليجية، فإن التجارة البحرية يمكن أن تصبح هدفًا جيدًا للقوات الإيرانية في حالة الصراع.
تسهل التجارة والتجارة عبر قناة البحر الأحمر وقناة السويس. تعتبر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن ثلاثة من الممرات المائية في المنطقة -مضيق هرمز، باب المندب، وقناة السويس -هي نقاط الاختناق في نقل النفط، والعقد اللوجستية الأساسية لأمن الطاقة العالمي.

ويحدد التقرير أبرز التهديدات للأمن البحري في المنطقة بأنها انتشار الإرهاب في مصر وآثاره على أمن قناة السويس والمخاطر التي تشكلها القوات البحرية الإيرانية على الشحن البحري في الخليج والتهديد المتطور الذي يشكله القراصنة الصوماليون في خليج عدن والمحيط الهندي الأوسع. وتناقش قدرات الحرس البحري وخفر السواحل للدول المعنية، فضلاً عن الجهود الدولية الرامية إلى مساعدة الحكومات الإقليمية على التصدي لهذه التهديدات.

ويمكن للولايات المتحدة أيضًا أن تعمل على الصعيدين الوطني والدولي من أجل زيادة تعزيز وإضفاء الطابع المؤسسي على استخدام أفضل الممارسات الإدارية التي أوصت بها صناعة النقل البحري، فضلاً عن استخدام مقاولي الأمن المسلحين على متن السفن العابرة لمنطقة المخاطر العاليةوقد ثبت أن هذه التدابير هي أكثر الوسائل فعالية لمنع وردع هجمات القراصنة. غير أنه لا يزال بالإمكان القيام بالكثير لتعزيز استخدام هذه القوات وتنظيمها بأمان.[7]

التقييم الاستراتيجي لمنطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي

هناك قضيتان استراتيجيتان رئيسيتان تؤثران على المنطقة وهيالقرصنة البحرية وأمن حركة المرور البحري وصادرات الطاقة عبر البحر الأحمر وقناة السويس. وفي الوقت الحاضر، تمثل هذه القضايا الاستراتيجية خطرًا عامًا.

وقد حققت جهود المجتمع الدولي لمكافحة القرصنة نجاحًا كبيرًا في المنطقة دون الإقليمية. وكما أفادت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإنه منذ أيار / مايو 2012م، لم تكن هناك هجمات ناجحة للقراصنة قبالة القرن الإفريقي ([1])، وهذا أقل من ذروته في عام 2009م، وهو العام الذي شهد 52 عملية اختطاف ناجحة. تتيح جهود الشرطة لمكافحة القرصنة مثل عملية درع المحيط في الناتو وعملية اتالانتا التابعة للاتحاد الأوروبى وفرقة العمل الأمريكية المشتركة وجودًا قويًا في المحيط الهندي مما يجبر القراصنة على إعادة النظر في العمليات. ومن أصل 190 حالة من حالات القرصنة المبلغ عنها عالميًا في عام 2015م، لم تحدث حالة واحدة في البحر الأحمر أو خارج القرن الإفريقي في الوقت الحالي، ينشر حلف الناتو السفن السطحية بشكل متقطع، مما يشير إلى ثقة الحلف في الأمن البحري.

وساهم التدخل العسكري في كينيا ضد حركة الشباب في الصومال أيضًا في القضاء على القرصنة بالقرب من القرن الإفريقي.

ومن الصعب قياس ما يمكن أن يحدث إذا توقفت عمليات مكافحة القرصنة بالقرب من القرن، ولكن عدم الاستقرار في الصومال، والآن في اليمن يضع العديد من الشبان في مشاكل مالية وأمنية شديدة، مما يؤدي المنطقة إلى استئناف محتمل من عمليات القرصنة يجب أن تتراجع الشرطة البحرية إلى نقطة يمكن فيها اعتبار هذه الأنشطة قابلة للنشاط مرة أخرى.

ومصر، باعتبارها القوة العسكرية السائدة في المنطقة دون الإقليمية، ومالك / مشغل قناة السويس وخط أنابيب سوميد، مسؤولة إلى حد كبير عن أمن الشحن البحري وصادرات الطاقة العابرة للبحر الأحمر. وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية، فإن مصر تمتلك جيشًا قويًا، وقواتها البحرية والجوية تختفي في المنطقة دون الإقليمية. يبدو أن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي آمن في المدى القريب، ولكن نظرًا للتقلبات الأخيرة في مصر، فإن احتمال حدوث اضطرابات سياسية مستقبلية في مصر يجب عدم اغفاله عند النظر في المخاطر التي يتعرض لها الأمن الإقليمي.

خاتمة

يعتبر أمن البحر الأحمر مسألة معقدة لتداخل عدد كبير من الفاعلين، في مجالات عدة، وقد سبق الحديث عن الفاعلين التقليدين من دول، لكنه في نفس الوقت لاينبغي إغفال الفاعلين من غير الدول وخاصة الشركات العالمية النفطية، وشركات الملاحة الدولية، والشركات متعددة الجنسية، ومصانع السمك المتنقلة التي تستغل الضعف القانوني في بعض مناطق القرن الإفريقي وتقوم باستغلال الموارد السمكية والاصطياد الجائر.

وعلاوة على ذلك كله يزيد في توتر البيئة الاستراتيجية لهذا الممر المائي، التوترات الحاصلة في الدولة المطلة عليه، مما يضعف من تركيز قدراتها وقواتها في التوجه الذي يحقق الحد الأمثل من الأمن والاستقرار ولهذا كان هنالك توجه أمريكي بخصخصة الأمن البحري عن طريق شركات الحماية البحرية.

هنالك سؤال هام ينبغي طرحه ختامًا، هل تدويل أمن البحر الأحمر وعسكرته من صالح المملكة العربية السعودية، وأمنها القومي والأمن الخليجي ككل؟

بالتأكيد إن عدد أقل من الفاعلين وتنسيق أعلى مع القوى الدولية سوف يساعد في استقرار تلك المنطقة الهامة، والوصول إلى معادلة رابح ـ رابح مع كل الأطراف سيكون عاملاً محفزًا اقتصاديا وتنمويا، خاصة في ظل المشاريع التنموية التي أقرتها المملكة مؤخرًا مثل مشروع البحر الأحمر ومشروع نيوم، وغيرها من المشاريع التي يعتبر الأمن شرطًا أساسيًا لاستمرار مثل تلك المشاريع والحصول على مردود منها.

تسعى المملكة بقيادتها الشابة والطموحة إلى عمل قفزات اقتصادية وتنموية متميزة، ولذا من المهم التأكيد على القواعد المشتركة التي تعزز أمن البحر الأحمر وتضمن سلامته على المدى الاستراتيجي.

 

[1]سطام الحربي، التعاون السعودي السوداني لتحقيق البحر الأحمر، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، رسالة ماجستير، 2016، ص3-6

[2]المرجع السابق

[3] http://www.turkpress.co/node/38362

[4] https://arabiangcis.org/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-20-%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%aa%d8%a7%d8%ba%d9%88%d9%86/

[5] https://arabiangcis.org/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-19-%d9%8a%d9%88%d9%86%d9%8a%d9%88-2016-%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1%d9%8a/

[6] https://rslf.gov.sa/arabic/albarriyamagazine/articles/pages/ar2.aspx

[7] https://www.csis.org/analysis/maritime-security-middle-east-and-north-africa-strategic-assessment

مجلة آراء حول الخليج