; logged out
الرئيسية / مستقبل منظمة "أوبك" مرهون بقدرتها على إعادة الاستقرار لسوق النفط العالمي

العدد 129

مستقبل منظمة "أوبك" مرهون بقدرتها على إعادة الاستقرار لسوق النفط العالمي

الإثنين، 02 نيسان/أبريل 2018

تأسست منظمة الدول المصدرة للنفط ''أوبك'' في عام 1960م، بهدف حماية مصالح الدول المصدرة للنفط، خاصة أن هذه الدول تعتمد على النفط كمصدر رئيس للصادرات والإيرادات الحكومية. وقد عملت "أوبك"، والتي يبلغ عدد أعضائها حاليا 14 عضوًا، على تنسيق وتوحيد السياسات النفطية للدول الأعضاء وضمان استقرار الأسواق، وذلك من أجل تأمين إمدادات منتظمة واقتصادية للمستهلكين من جهة، وتوفير مصدر مستقر للدخل للمنتجين والمستثمرين من جهة أخرى. وقد جاء تأسيس هذه المنظمة بعد تراجع أسعار النفط الخام إلى مستويات متدنية جدًا في نهاية الخمسينيات[1]، وتوهج بريقها بعد ارتفاع أسعار النفط في عام 1973م، وارتفاع حصة أعضائها في تجارة النفط العالمية[2].

ورغم أن "أوبك" تقوم بالأساس على صياغة ورسم السياسة النفطية للدول الأعضاء (من حيث كمية الإنتاج، وحصص كل دولة)، إلا أن دورها قد يتسع أيضًا ليشمل التنسيق وتقريب وجهات النظر مع المنتجين المستقلين المؤثرين خارج إطار هذه المنظمة، ودعوة ممثلي هذه الدول في اجتماعات "أوبك" للوصول إلى خريطة طريق تنعش أسواق النفط العالمية عندما تمر بمرحلة من "التخمة" النفطية وتراجع الأسعار العالمية للنفط. وفي هذا السياق، تمكنت ''أوبك''، على مدار تاريخها الطويل، من توفير قدر كبير من الاستقرار في إمدادات النفط العالمية، كما نجحت، في أحيان كثيرة، في حماية "أسعار عادلة ومقبولة" للنفط، ولكنها فشلت في أحيان أخرى.

 

أوبك وتراجع أسعار النفط عالميًا

 

يمثل تراجع أسعار النفط العالمية تحديًا كبيرًا يواجه دول منظمة "أوبك"، التي تتحكم في نحو 40 في المائة من إنتاج العالم من النفط الخام، ولديها احتياطات مؤكدة تمثل 80 في المائة من نفط العالم. وفي مواجهة هذا التحدي الذي نشب نتيجة مجموعة من العوامل تألفت من تباطؤ الطلب العالمي على النفط من ناحية، وزيادة الإمدادات البديلة (وخاصة النفط الصخري والغاز من الولايات المتحدة) من ناحية أخرى، يوجد جدل ونقاش شديدين حول قدرة أوبك على لعب دور مؤثر في لجم "تخمة" المعروض العالمي من النفط، والتي أضعفت أسعاره العالمية من أكثر من 115 دولارًا للبرميل في يونيو 2014 م، إلى أقل من 28 دولارًا في يناير 2016م.

 

شكل رقم (1): تطور أسعار مزيج برنت خلال الفترة 2013- 2017

 

 

ويكشف هذا الجدال الساخن وجود فريقين رئيسيين. الفريق الأول يقول أنصاره إن الحقبة الذهبية لمنظمة "أوبك" قد انتهت، وأن المنظمة أصبحت مجرد منتدى يضم مجموعة من الفرقاء تتعارض أهدافهم الاقتصادية والسياسية، خاصة بعد أن تخلت "أوبك" عن دورها المأمول في كبح جماح زيادة إنتاج النفط الخام، من أجل إعطاء دفعة للأسعار نحو الارتفاع. ويدلل أنصار هذا الفريق على وجهة نظرهم بالقول إن دور "أوبك" آخذ في التراجع في السنوات الأخيرة في ضوء التوترات الجيوسياسية بين السعودية وايران، ورغبة الرياض في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل القومي، وهو الأمر الذي دفعها إلى طرح 5 في المائة من قيمة شركة آرامكو السعودية للاكتتاب العام في عام 2018م. ويضيف أنصار هذا الفريق بالقول أيضًا إن غياب الاستقرار في عدد من دول المنظمة (مثل نيجيريا وليبيا وفنزويلا والعراق) لن يساعد أوبك مستقبلاً في تحقيق أهدافها المبتغاة في ضوء مساعي حكومات هذه الدول للحصول على أقصى قدر ممكن من العوائد المالية من تصدير النفط لمواجهة أوضاعها الداخلية المضطربة، وبالتالي لن تتقيد بأية اتفاقات من شأنها تقييد الإنتاج أو الصادرات النفطية منها.

أما الفريق الثاني فيرى مؤيدوه أن "أوبك" لا تزال قادرة على لعب دور مهم في التكيّف مع الأوضاع العالمية والدفاع عن مصالح أعضائها. وهو الأمر الذي كشفت عنه المشاورات المستمرة والتعديلات الطوعية لمستويات الإنتاج التي التزمت بها "أوبك" وعشر دول أخرى من خارج المنظمة، بقيادة روسيا الاتحادية، خلال العام ونصف العام الماضي. حيث نجحت أوبك في "بناء منصة عالمية" للتعاون بين المنتجين، سواء من أعضائها أو خارجهم، وهو حدث تاريخي نادر تم تسطير أول سطوره في إعلان التعاون بين هؤلاء المنتجين في 10 ديسمبر 2016م، والذي تم التوافق فيه على خفض المعروض النفطي العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميًا، مقارنة بذروة الإنتاج في أكتوبر 2016م، وهو الأمر الذي مثل أول خفض جماعي في إنتاج النفط الخام منذ اتفاق "وهران" في عام 2008[3]. ويشير أنصار هذا الفريق أيضًا إلى أن هذا الاتفاق، الذي بدأ تطبيقه في يناير 2017م، ويستمر حتى نهاية 2018م، شمل أيضًا إنشاء أول لجنة مشتركة بين "أوبك" وخارجها للقيام بعملية الرصد وتقييم مدى الامتثال لقرار خفض الإنتاج وتسهيل تحقيق تعديلات الإنتاج، وهو ما يمكن اعتباره نجاحًا كبيرًا للمنظمة في إضفاء الطابع المؤسسي على إطار الشراكة المنظمة والمستدامة والشفافة مع غير الأعضاء في "أوبك".

 

تحديات وعقبات أمام أوبك

 

وبغض النظر عن هذا الجدال الساخن بين أنصار الفريقين، يبدو بالفعل أن منظمة "أوبك"، التي ستبلغ عامها الستين بعد عامين، تواجه تحديات كبيرة وحقيقية. فمن ناحية، ما تزال المنظمة تبدو ، في بعض الأحيان، غير قادرة على تحقيق توافق داخلها حول حصص خفض الإنتاج المتفق عليها. كما أن ميل بعض الدول لتوظيف المشاكل الجيوسياسية والصراعات الإقليمية يمثل، في كثير من الأحيان، عائقًا كبيرًا أمام خططها ومساعيها لتحقيق أهدافها. وهنا يشار إلى أنه من المتوقع أن يصل إنتاج العراق وإيران إلى حوالي 11 مليون برميل بحلول عام 2020 م، مما يعني إمكانية زيادة التوتر بين إيران والعراق والسعودية. حيث من المرجح أن تطلب الرياض من إيران والعراق الكفّ عن زيادة الإنتاج دون أدنى استجابة منهم لذلك رغبة في تحقيق مصالحهما الاقتصادية على المدى القصير. ومن جهة أخرى، تؤدي أسعار النفط الأعلى، أحيانًا، إلى التسبب في تآكل انضباط الإنتاج في "أوبك"، وخاصة من قِبَل أعضاء (مثل نيجيريا وفنزويلا وإيران)، الذين فضلوا تاريخيًا تأمين عائدات أعلى لتخفيف أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، على حساب نظرائهم في المنظمة (مثل المملكة العربية السعودية). وبفِعل هذا "الميل التاريخي"، من المتوقع أن يُصبِح التنسيق مع المنتجين من خارج أوبك أكثر صعوبة في المستقبل.

ومن ناحية ثانية، لا تصل حصة أوبك العالمية من الصادرات النفطية حاليًا إلى 40 في المائة، وبذلك لا تستطيع هذه الحصة أن تغير موازين السوق النفطية بدون تعاون الدول المصدرة من خارج أوبك (مثل روسيا والولايات المتحدة)، وبالتالي بدون هذا التعاون لن تكون أوبك قادرة على لعب دور مؤثر في استعادة الاستقرار لسوق النفط العالمي. ومما يزيد الأمر صعوبة على أوبك صعود روسيا كلاعب رئيس في مجال امدادات الطاقة وارتباطها بتحالفات سياسية وعسكرية و اقتصادية مع إيران والعراق، وهما منتجان كبيران في أوبك. هذا فضلاً عن غموض مستقبل الطلب العالمي على النفط الخام، وتحديدًا من جانب الصين والهند، فضلاً عن الزيادة المتوقعة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في ضوء الارتفاع المستمر في أسعار النفط عالميًا.

 

ومن ناحية ثالثة، يمثل استمرار الركود العالمي وضعف الطلب على النفط تحديًا كبيرًا أمام "أوبك"، خاصة مع وجود فائض في السوق يتجاوز 2.5 مليون برميل، مما يعني أن السوق ستحتاج إلى وقت طويل لامتصاص هذا الفائض. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى أن تراكم المخزونات النفطية في السنوات الأخيرة أدى دورًا كبيرًا في إضعاف قدرة "أوبك" على ضبط أسعار النفط عالميًا[4].

ومن ناحية رابعة، يوجد عدد كبير من المنتجين خارج "أوبك"، مثل الولايات المتحدة، لا يشاركون "أوبك" أي تخفيضات في الإنتاج، ما يحبط جهود المنظمة في خفض "التخمة" من المعروض النفطي من السوق. ويتوقع عدد من المراقبين أن الإنتاج النفطي والغازي في الولايات المتحدة سوف يشهد قفزة كبيرة في الفترة القادمة في ضوء الارتفاع المتوقع لأسعار النفط خلال عام 2018م، وهو ما سيجعلها تقترب كثيرًا من مستويات إنتاج كل من المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية. ومما يعزز من هذه التوقعات الدعم الكبير الذي وعد به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال حملاته الانتخابية، لصناعة النفط الأمريكية. حيث تعهد ترامب بتشجيع إنتاج النفط والغاز المحليين، وإلغاء بعض القوانين المرتبطة بصناعة النفط والطلب عليه، وإلغاء وزارة الطاقة ووكالة حماية البيئة، مما سيسهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في زيادة الإنتاج الأمريكي المحلي.وفي هذا السياق، رفعت "أوبك" توقعها للمعروض النفطي من الدول غير الأعضاء في 2018م، مع تشجيع ارتفاع الأسعار منتجي النفط الصخري الأمريكيين على ضخ المزيد. وبحسب "رويترز"، قالت "أوبك" في تقرير شهري إن المنتجين غير الأعضاء فيها سيزيدون المعروض 1.66 مليون برميل يوميًا هذا العام، وهذه الزيادة لن تأتي فقط من الولايات المتحدة وإنما أيضًا من دول أخرى مثل كندا والمملكة المتحدة والبرازيل والصين"[5]. وهنا تجدر الإشارة إلى أن التقنية المتقدمة قللت تكلفة عمليات الحفر والإنتاج، حيث تمكنت شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية، خلال العامين الماضيين، من تطوير تقنيات لتخفيض تكلفة الإنتاج إلى أقل من 40 دولارًا للبرميل، لذلك من السهل الاستنتاج أن الإنتاج الأميركي الإضافي سيساهم في تعميق أزمة التخمة في الأسواق، وهذا بدوره سيساهم في إضعاف مقدرة "أوبك" في السيطرة على السوق ورسم سياسات إنتاجية مؤثرة.

 

ركائز مهمة

صحيح أن كل هذه التحديات تصب في خانة التنبؤات التي ظهرت منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي، والتي ترى أن "أوبك" انتهت، لكن ما نشهده اليوم يؤكد على أن المنظمة لا تزال قائمة وتلعب دورًا إيجابيًا في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمي. فمن ناحية، طبقت "أوبك" في السنوات الأخيرة استراتيجيتين لتحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمي. الاستراتيجية الأولى هي استراتيجية "إغراق السوق بالنفط"، للقضاء على المنتجين الهامشيين في السوق وإجبار عدد كبير منهم على إعلان إفلاسهم لا سيما شركات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. وقد أدت هذه الاستراتيجية بالفعل إلى إغلاق 119 شركة أمريكية، وبالتالي تلاشي 900 ألف برميل من السوق النفطية العالمية. أما الاستراتيجية الثانية فكانت "خفض الإنتاج" بالتعاون مع المنتجين الآخرين، بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا، منذ بداية عام 2017م، مما رفع الأسعار في نطاق سعري بين 55 و65 دولارًا للبرميل بعدما كان 30 دولارًا فقط قبل تطبيق هذه الاستراتيجية.

ومن ناحية ثانية، ربما يؤدي إصرار الرئيس ترمب على تمديد العقوبات على إيران في مايو المقبل، إلى دعم دور أوبك المستقبلي، خاصة وأن إيران لها تأثير كبير في أسعار النفط العالمية لكونها ثالث أكبر منتج في منظمة أوبك، ولكونها أيضًا تمتلك رغبة جامحة في تنمية صادراتها النفطية إلى أقصى حد ممكن.

على أية حال، يمكن القول أن مستقبل "أوبك" في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمي سيبقى مرهونًا بمدى قدرتها على تجاوز التحديات المذكورة آنفًا. كما أن المستقبل المشرق للمنظمة سوف يتوقف أيضًا على النجاح في تطبيق الاتفاق الأخير لخفض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري بين دول أوبك، بقيادة المملكة العربية السعودية، والمنتجين غير الأعضاء في أوبك، بقيادة روسيا. وهو الاتفاق الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ صناعة النفط العالمية.

ومن أجل تعزيزه دورها المستقبلي في ضبط سوق النفط العالمي، يجب على دول "أوبك" العمل معًا من أجل الحفاظ على انضباط إنتاجهم الجماعي، وكبح جِماح الدول المصدرة للنفط من خارج المنظمة. كما أنه من الضروري للغاية أيضًا أن تحرص "أوبك" وشركاؤها، بقيادة موسكو، على إرسال رسالة إلى العالم مفادها استمرار التحالف الذي جرى تشكيله في نهاية 2016م، في المستقبل المنظور، والتأكيد على أن هذا التحالف "أكثر من مجرد زواج مصلحة". ولاشك أن هذه الرسالة سوف يكون لها تأثير قوي وكبير في العالم، خاصة بعد إعادة انتخاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسميا لفترة رئاسية جديدة، خاصة وأن الرئيس بوتين من الداعمين بشدة لهذا التحالف في ظل استمرار العلاقة المتوترة بين موسكو والدول الغربية.

وأخيرًا وليس آخرًا، وفي ضوء الزيادة المتوقعة في الإنتاج من النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة في ظل المستويات الحالية لأسعار النفط الخام، فإن أفضل نصيحة يمكننا تقديمها لدول "أوبك" هي أن يتعاملوا مع المكاسب الأخيرة في أسعار النفط باعتبارها أرباحًا مؤقتة وغير قابلة للإستمرار في المستقبل. فهذه المكاسب لن تكون حالة دائمة أو حتى اتجاهًا من المرجح أن يزداد قوة في العام المقبل ــ ما لم تحدث أزمة كبرى مؤثرة. وهذا يعني أن دول أوبك ينبغي عليهم مقاومة إغراء استخدام عائداتهم الأعلى في الإنفاق المتزايد.

إطار مقترح للموضوع

 

تأسست "أوبك" خلال اجتماع بغداد في14 سبتمبر 1960م، بموجب مبادرة من الدول الخمس الأساسية المنتجة للنفط حينها وهي السعودية، إيران، العراق، الكويت، وفنزويلا، ثم انضمت إليها 9 دول أخرى هي قطر (1961) وإندونيسيا (1962) وليبيا (1962) والإمارات (1967) والجزائر (1969) ونيجيريا (1971) والإكوادور (1973) والجابون (1975)، وأنجولا (2007) وغينيا الاستوائية (2017). ليصل عدد أعضاء المنظمة حاليًا لـ 14 عضوًا بعد انسحاب إندونيسيا في نوفمبر عام 2016م. وعضوية "أوبك" مفتوحة لأي دولة لديها فائض وفير من النفط الخام شرط حصولها على موافقة الأعضاء المؤسسين وثلاثة أرباع الأعضاء ذوي العضوية الكاملة. واتخذت المنظمة "جنيف" في سويسرا مقرًا لها خلال السنوات الخمس الأولى من تأسيسها قبل أن تنقله إلى "فيينا" في النمسا في الأول من سبتمبر 1965م، الجدير بالذكر أنه ومن عام 1960م، حتى عامنا هذا، قامت بعض الدول الأعضاء بتعليق عضويتها لأسباب قد تكون سياسية أو اقتصادية، ففي عام 1992م، قامت الإكوادور بتعليق عضويتها لمدة 15 عامًا، حيث قامت بتفعيلها رسميًا عام 2007م، وحذت إندونيسيا حذو الإكوادور بتجميد عضويتها في "أوبك" عام 2009م، ولمدة سبع سنوات، لكنها قررت عام 2016 تعليق عضويتها مرة أخرى إلى أجل غير مسمى؛ وذلك لأنها لم تصبح دولة مؤثرة في الصادرات النفطية؛ حيث أصبحت تستورد النفط لتلبية حاجتها المحلية من السعودية والكويت وغيرهما، وليس لخروجها تأثير في أداء وفاعلية "أوبك". الجابون تعتبر آخر دولة أعادت تفعيل عضويتها في عام 2016 م، بعدما تم تجميدها في 1995م.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*خبير العلاقات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة ـ مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

 

 

[1]جاء قرار تأسيس "أوبك" في ظل تغيرات درامية على الساحة الاقتصادية والسياسية العالمية في ذلك الوقت، فقد تخلصت الكثير من الدول من قيود الاستعمار لتتحول لكيانات مستقلة، وكان سوق النفط مُحتكراً من قبل ما يُعرف بـ "الشقيقات السبع الكبرى" وهي شركات عالمية سيطرت على كافة المراحل النفطية من البئر وحتى وصول النفط للمستهلك. واحتكرت هذه "الشقيقات" كافة الامتيازات في الشرق الأوسط، أما الدول المنتجة التي كان يُنتَج الخام من أرضها فلم تحصل إلا على الفتات من أرباح الإنتاج. وهذه الشركات هي "أنجلو بيرشان كومباني" (بي بي حالياً) و"جالف أويل" و"ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" (شيفرون) و"تكساكو" (اندمجت لاحقاً مع شيفرون) و"رويال دوتش شل" و"ستاندرد أويل أوف نيوجيرسي" (إسو/إكسون) و"ستاندرد أويل أوف نيويورك" (موبيل). وكانت "الشقيقات السبع" تسيطر على 85 في المائة من المخزونات العالمية من منتصف الأربعينيات وحتى السبعينيات، لكن تأثيرها هُمش كثيراً في أعقاب أزمة النفط عام 1973 م. بفعل زيادة نفوذ "أوبك" والشركات الحكومية في الأسواق الصاعدة.

[2]اتخذ المنتجون العرب داخل "أوبك" عام 1973 م. قرارًا بحظر تصدير النفط العربي إلى الولايات المتحدة، بسبب دعمها لاسرائيل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط من 3 دولارات للبرميل إلى 12 دولاراً للبرميل. وفي مارس 1974م. تم رفع الحظر عن التصدير للولايات المتحدة، واستقرت الأسعار بين 12.5 دولاراً إلى 14 دولاراً حتى 1978م.

[3]يعد هذا الاتفاق أول مشاركة للعراق في إدارة العملية الإنتاجية بشكل فعال منذ عام 1998 كما تم من خلال الاتفاق أيضًا التوصل إلى حل توافقي مقبول لوضع إيران يأخذ في الاعتبار ظروف العقوبات الاقتصادية التي تعرضت لها وأثرت في هبوط سقف إنتاجها.

[4]أدى خفض "أوبك" وروسيا ومنتجين آخرين إنتاج النفط اعتبارا من يناير 2017 بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا إلى خفض المخزونات في الدول الصناعية الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. حيث تراجعت هذه المخزونات من مستوى قياسي بلغ 3.1 مليار برميل في يوليو 2016 إلى 2.851 مليار برميل في نهاية عام 2017، وهي الآن (مارس 2018) تزيد على متوسط خمس سنوات بمقدار 52 مليون برميل فقط وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

[5]ما زال إجمالي عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة - وهو مؤشر أولي للإنتاج في المستقبل - مرتفعا كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 617 حفارا مع مواصلة شركات الطاقة تعزيز الإنفاق منذ منتصف 2017 عندما بدأت أسعار الخام في التعافي من انهيار استمر عامين. فمنذ بداية العام الحالي، بلغ متوسط عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة 959 مقارنة بمتوسط بلغ 876 حفارا قيد التشغيل في 2017 و509 حفارات في 2016 و978 حفارا في 2015، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز كليهما. وفي توقعات أصدرتها في شهر مارس 2018، توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن متوسط إنتاج النفط الأمريكي في 2018 م، سيصل إلى مستوى قياسي عند 10.7 مليون برميل يوميا وإلى 11.3 مليون برميل يوميا في 2019، ارتفاعا من 9.3 مليون برميل يوميا في 2017. ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة، فإن الرقم القياسي الحالي للذروة السنوية لإنتاج النفط الأمريكي، تم تسجيله في 1970م، وبلغ 9.6 مليون برميل يوميا.

مقالات لنفس الكاتب