array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 130

الجزائر في ميزان القوى الإقليمي: الاحتياطي الاستراتيجي العربي

الأحد، 13 أيار 2018

تعتبر الجزائر إحدى القوى الإقليمية الهامة والمؤثرة في المنطقة، حيث تمتلك مقومات وعناصر القوة الشاملة للدولة عسكريًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، واجتماعيًا. وهي الدولة الأكبر مساحة في القارة الإفريقية بعد انقسام السودان – حيث تشكل مع مصر احتياطي استراتيجي عسكري مباشر للجناح العربي الإفريقي، وغير مباشر للجناح العربي الآسيوي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي.

ويحتل الجيش الجزائري مراكز متقدمة ضمن التصنيف الدولي على المستوى الشرق أوسطي والعربي والإفريقي، بينما يحتل الصدارة على المستوى المغاربي، ويتمتع بخبرات قتال ضد الإرهاب، توارثها من حرب العصابات خلال حرب التحرير لعقود طويلة ضد الاحتلال الفرنسي.

ويشكل الموقع الاستراتيجي والحدود المشتركة مع ست دول، أهمية خاصة في مقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والهجرات غير المشروعة من حدودها الجنوبية المطلة على الصحراء الكبرى وخاصة عبر النيجر ومالي، والمتجه معظمها إلى جنوب ليبيا، حيث الفراغ الاستراتيجي الليبي الذي يشكل عبئًا إضافيًا على كل من الجزائر ومصر بشكل خاص وهو ما سنعرض له.

المحتويات:

الجزائر، الشعب والأرض الوطن – الجزائر كقوة عربية إقليمية مضافة للرصيد العربي – الجيش الجزائري في الميزان العسكري – مقومات الجيش الجزائري ومدى الاستفادة منه عربيًا – الجزائر والفراغ الاستراتيجي الليبي ومقاومة الإرهاب -- الجزائر والهجرات غير المشروعة من جنوب الصحراء إلى أوروبا عبر ليبيا والجزائر.

أولاً: الجزائر الشعب والأرض والوطن:

تقع الجزائر في الإقليم الشمالي الغربي للقارة الإفريقية على ساحل البحر المتوسط، وهي أكبر الدول الإفريقية مساحة حيث تبلغ(2.382.000) كم2 ويبلغ عدد سكانها (40.264.000) نسمة وهي ذات حدود مشتركة مع ست دول عربية وإفريقية طبقًا لاتجاه عقارب الساعة (تونس – ليبيا – النيجر – مالي – موريتانيا – المغرب – بالإضافة إلى إطلالة محدودة لإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه مع المغرب.

والجزائر ذات موقع جيو استراتيجي هام، سواء ضمن الإقليم العربي، أو الشمال الإفريقي، أو جنوب المتوسط، بالإضافة إلى أنها قلب المغرب العربي.

وهي أحد أهم البوابات للشمال الإفريقي الساحلي إلى قلب القارة الإفريقية عبر إقليم الصحراء الكبرى، ومن خلال الحدود المشتركة مع كل من النيجر ومالي وموريتانيا. رغم أن ذلك يلقي على الجزائر مهمة كبيرة لتأمين تلك الحدود الشاسعة، نظرًا للضعف العسكري والأمني لتلك الدول في مواجهة عبور واختراق تلك الحدود، سواء من الجماعات الإرهابية أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود أو الهجرات غير المشروعة إلى أوروبا عبر المتوسط من خلال الجزائر بشكل محدود أو من خلال ليبيا بشكل كبير، نظرًا للوضع الليبي المنقسم وضعف السيطرة الأمنية العسكرية.

ثانيًا: الجزائر كقوة مضافة إلى الرصيد العربي والإقليمي:

تمثل الجزائر نموذجًا للقوة الشاملة للدولة من خلال المربع السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي، فعلى المستوى السياسي هي دولة هامة في دوائرها الإقليمية المتعددة، العربية، والشرق أوسطية والإفريقية والمغاربية، ودول حوض المتوسط الأرومتوسطي، كما أنها عضو فاعل في المنظمات الإقليمية كالجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى أنها عضو مؤسس للأمم المتحدة.

وعلى المستوى الاقتصادي، فهي دولة قوية اقتصادية زراعيًا وصناعيًا، كما أنها دولة منتجة ومصدرة للبترول، وتملك بنية أساسية صناعية بما في ذلك الصناعات العسكرية الخفيفة القابلة للتطور .. أما على المستوى الاجتماعي فإن عدد السكان يمكن أن يوفر قوة عمل مناسبة وبناء قوات مسلحة عاملة واحتياطية قوية دون تأثير على قوة العمل، عدا وقت الحرب والتعبئة، وعلى المستوى العسكري، فإن القوة الاقتصادية والبشرية مكنت من بناء قوات مسلحة قوية جاءت في المركز الأول مغاربيًا والمركز الثاني للشمال الإفريقي وإفريقيا بعد مصر .. كما أن امتلاكها لقدرات النقل الجوي العسكري والمدني المعبأ والأسطول البحري والموانئ والمطارات، يمكنها من المناورة بقواتها من اتجاه استراتيجي إلى آخر، وهوما برهن عليه الواقع خلال المرحلة النهائية لحرب أكتوبر (1973م) عندما نقلت الجزائر لواءً مدرعًا برًا إلى مصر للمشاركة في تصفية قوات الثغرة الإسرائيلية ضمن العملية (شامل).

تبرهن تلك الإمكانيات على أن الجزائر تمثل رصيدًا عربيًا يضاف للمحصلة العربية سواء في الجناح الإفريقي كما حدث في (1973م) أو لدعم الجناح الآسيوي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي كما حدث خلال حرب تحرير الكويت، وإن تلك الإمكانيات ستزداد فاعلية عند الربط البري بين كل من مصر والسعودية عبر خليج العقبة، بالإضافة إلى إمكانيات النقل البحري والجوي المتوفرة حاليًا.

ثالثًا: الجيش الجزائري في الميزان العسكري:

1 – الجيش الجزائري في التصنيف الدولي والإقليمي طبقًا GFP(GLOBAL FIRE POWER 2017)

الدول

 

مصر

 

الجزائر

 

المغرب

 

ليبيا

 

تونس

 

موريتانيا

 

ملاحظات

الترتيب الدولي والإقليمي

 

الترتيب الدولي (133) دولة

10

25

54

73

78

130

 

الترتيب الشمالي إفريقي

1

2

3

4

5

6

 

الترتيب الإفريقي شمال وجنوب الصحراء

1

2

6

7

8

14

إثيوبيا 3

نيجريا 4

السودان 5

الترتيب في المغرب العربي

---

1

2

3

4

5

 

 

 

 

 

 

 

 

2-القدرات العسكرية للجيش الجزائري:

 

الدولة

قوة عاملة

قوة احتياطية

طائرات قتال

نقل

هيل مسلح

دبابات

مركبات قتال

مدفعيات

SP

الجزائر

520.000

272.000

188

266

38

2405

6754

490

220

 

تابع

 

الدولة

مدفعيات ميدان

إجمالي قوات بحرية

فرقاطات

غواصات

الميزانية مليار دولار

موانئ بحرية

مطارات

ملاحظات

الجزائر

176

85

8

6

10.6

9

157

 

 

3– تحليل الإمكانيات والقدرات العسكرية للجيش الجزائري:

أ – القوة البشرية:

تبلغ القوات العاملة عدد (520) ألف مقاتل، وهو بما يمثل (1.29%) من عدد السكان، ويمكن من بناء قوات مسلحة قوية دون إرهاق قوة العمل، وبإضافة القوات الاحتياطية وقت الحرب أو التعبئة (272) ألف مقاتل، يشكلان معًا نسبة (1.97%)من عدد السكان البالغ (40.264.000) وهو مناسب طبقًا للمعدلات الدولية التي تعتبر أن نسبة القوات المسلحة إلى عدد السكان، تكون متوازنة حول نسبة (1.5 – 2 %) وهو ما ينطبق على الجزائر.

ب – القوات الجوية:

تمتلك عدد (188) طائرة قتال وهي قوة كبيرة، بالإضافة إلى (266) طائرة نقل وهو أسطول يمكنه نقل قوات كبيرة في الرحلة الواحدة وتزداد في حالة التكرار كما يمكن إٍسقاط قوة كبيرة من المظليين في الرحلة الواحدة، بالإضافة إلى عدد (38) هيكل مسلح تستخدم في قتال دبابات العدو، كخبرة قتال بدأت منذ حرب أكتوبر (1973م) ويزيد من كفاءة القوات الجوية، توفر عدد (157) مطار وأراضي هبوط صالحة للاستخدام العسكري بدرجات متفاوتة.

جـ -القوات البرية:

تمتلك الجزائر عدد ( 2405) دبابة قتالة رئيسية (MBT) وهو ما يكافئ عدد (24) لواء مدرع طبقًا للتنظيم الشرقي وهو ما يشكل قوة صدمة مناسبة، كما تمتلك عدد (6754) مركبة قتال مدرعة ((AFV وهي تشكل عصب القوات الميكانيكية سواء المشاة أو المرافقة للتشكيلات المدرعة، وتمتلك عدد (490) قطعة مدفعية منها (220) ذاتية الحركة ((SP مما يوفر القدرة على المناورة ومرافعة التشكيلات الميكانيكية والمدرعة وأيضًا هناك عدد (176) من نظم الصواريخ الميدانية معظمها طراز (21–BM) وقد يكون جزء منها من الطرازات البالستية ( سكود) الروسية الصنع ..

د – القوات البحرية:

تمتلك الجزائر قوة بحرية قوية بإجمالي (85) قطعة متنوعة أهمها عدد (8) فرقاطات وعدد (6) غواصات، هي الأكثر عربيًا، ويزيد من كفاءة القوات البحرية الجزائرية، توفر عدد (9) موانئ ومرافئ بحرية على البحر المتوسط.

هـ -الميزانية العسكرية:

تعتبر ميزانية كبيرة لدولة بترولية وقوية اقتصادية، مما يمكن من بناء قوات مسلحة قوية، مع القدرة على تنوع مصادر السلاح نظرًا لتوفر رصيد مناسب من العملات الصعبة، وتبلغ الميزانية العسكرية للجيش الجزائري لعام (2017م) ما قيمته (10.6) مليار دولار.

4-مصادر تسليح الجيش الجزائري:

ينتمي في مجمله إلى المدرسة الشرقية، منذ الاتحاد السوفيتي ثم روسيا لاحقًا، مع تنوع محدود لمصادر بعض الأسلحة الغربية، مع توفر قاعدة محدودة للصناعات العسكرية، تغطي جزءًا كبيرًا من مطالب القوات المسلحة من الأسلحة الصغيرة والخفيفة، والعديد من ذخائر الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وهي قابلة للتطور مع الاهتمام بالبحث العلمي.

رابعًا: مقومات الجيش الجزائري ومدى الاستفادة منه عربيًا:

1 – لاشك أن الجيش الجزائري يمثل إضافة قوية لمحصلة القوة العربية العسكرية وبالتالي محصلة الأمن القومي العربي .. فهو يحتل مكانة متقدمة ضمن التصنيف الدولي للمركز (25) ضمن (133) دولة مصنفة عالميًا .. كما يحتل المركز الثاني على مستوى الشمال الإفريقي والقارة الإفريقية، ويحتل مكان الصدارة ضمن التجمع الإقليمي الفرعي العربي للاتحاد المغاربي ضمن خمس دول .. بينما يحتل المركز الثالث عربيًا، والمركز السادس ضمن دول الشرق الأوسط، بإدخال الجوار المباشر القوي لكل من تركيا وإيران وإسرائيل، حيث يكون الترتيب كالآتي: تركيا (8) ومصر (10) وإسرائيل (15) وإيران (21) والسعودية (24) والجزائر(25).

2 – التوازن في امتلاك الأسلحة المشتركة:

وهو التوازن بين كل من القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، فهناك بعض الجيوش قد تمتلك بعض العناصر وتفتقر إلى الأخرى مثل الدول الحبيسة غير المطلة على البحار والتي تفتقر إلى القوات البحرية عسكرياً، كما تفتقر إلى الارتباط التجاري بالعالم حيث كبر حجم النقل ورخصه .. وتمتلك الجزائر أسطولاً بحريًا عسكريًا قويًا وخاصة في مجال الغواصات حيث تأتي في المركز الأول عربيًا.

3 – الموقع الجيوستراتيجي الهام:

والذي يمكًن من تقدم الدعم العسكري إلى الجوار العربي شرقًا – حرب أكتوبر (1973م) – أو غربًا في اتجاه المغرب وموريتانيا وإقليم الصحراء بعد استقراره كجزء من المغرب، كما أن الجنوب الجزائري هو أهم بوابات الشمال الإفريقي إلى عمق القارة الإفريقية عبر إقليم الصحراء الكبرى وخاصة (النيجر – مالي – موريتانيا)، كما أن سواحلها على البحر المتوسط كأحد أهم البحار الداخلية المتحكمة في التجارة بين الشرق والغرب، يعطي ميزة إضافية للجزائر، خاصة مع قربها من الجنوب الأوروبي ومضيق جبل طارق عبر جارتها المغرب.

4 – مميزات الانتماء إلى مدرسة تسليحية واحدة:

حيث ينتمي الجيش الجزائري إلى المدرسة الشرقية السوفيتية ثم الروسية، مما يسهل المعيارية والقياسية وخاصة الذخائر، كما يسهل التأمين الفني والصيانة، رغم عيوب إمكانية التعرض للاحتكار، ولذلك تسعى الجزائر إلى تنوع مصادر السلاح للتغلب على أي احتكار محتمل، رغم أن التعدد له عيوبه عكس المدرسة الواحدة في مجالات العيارية والقياسية والتأمين الفني.

5-توفر قاعدة مناسبة للتصنيع العسكري الذاتي:

وهو ما يكفي لتوفير معظم الذخائر الصغيرة والمتوسطة والعديد من قطع الغيار اللازمة للصيانة .. وهي قاعدة قابلة للتطور، يتوفر الدعم المالي والكوادر العلمية اللازمة للبحث العلمي وتوظيفه في المجالين العسكري والمدني بشكل متكامل، كما أن ذلك يمكن أن يسهم بشكل جيد عربيًا في حالة إقامة مشروع تصنيع عسكري في إطار جماعي عربي ليشارك كل بما يملك أو يتميز به، بالاشتراك مع دول عربيه مثل مصر والسعودية والأردن وممكن العراق وسوريا بعد تعافيهما من توابع الربيع العربي والتغلب على الإرهاب والتجزئة.

6 -خبرات القتال التراكمية:

يتمتع الجيش الجزائري بخبرات قتال تراكمية عبر عقود طويلة اكتسبها من حروب العصابات ضد المستعمر الفرنسي لنيل الاستقلال – وهو ما تحقق – حيث اكتسب الجيش الجزائري خبرات قتال مسارح حرب متعددة ومتباينة سواء في مناطق جبلية – صحراوية – زراعية – مبنية، وهو ما أفاده لاحقًا في حربه على الإرهاب أو المتسللين عبر حدوده الشرقية (ليبيا) والجنوبية السابق ذكرها.

7 – توفر إمكانيات المناورة والنقل الاستراتيجي:

تتوفر إمكانيات النقل البري والبحري والجوي بامتلاك أسطول نقل مناسب في كل مجال .. حيث يمتلك الجيش الجزائري عدد (266) طائرة نقل مما يمكن من نقل قوات كبيرة أو إسقاط المظليين في الرحلة الواحدة مع تكرارها، مع إمكانية التعبئة من المجهود المدني وقت الحرب في إطار إعداد الدولة للدفاع، وأيضًا هو ما ينطبق على النقل البحري العسكري والتعبئة المدنية .. أما النقل البري فقد وضع موضع الاختبار الناجح خلال المرحلة النهائية لحرب أكتوبر(1973م) لدعم مصر، وهو ما يمكن أن يصل إلى الخليج العربي ودول مجلس التعاون بسهولة بعد بناء الجسر بين كل من مصر والسعودية عبر مدخل خليج العقبة، وهو ما يوفر وقتًا كبيرًا مقارنة بالنقل البحري الذي سيحتاج إلى تحميل وتفريق وانتظار لوقت طويل لعبور المضايق والممرات المائية مثل قناة السويس.

خامسًا: الجزائر وملء الفراغ الليبي ومقاومة الإرهاب:

1 – تأثرت ليبيا بشكل كبير بتوابع الربيع العربي، ونتج عن ذلك حالة من الفوضى وخاصة بعد تدخل حلف الأطلنطي ومقتل الرئيس السابق معمر القذافي، مما أسفر عن حالة من التفسخ في الدولة ومؤسساتها وحالة من الاقتتال بين أطراف عدة ذات مليشيات مسلحة سواء من الداخل الليبي نتيجة الانتماء القبلي والعشائري وامتلاك السلاح الوفير من مخازن السلاح الضخمة التي خلفها نظام القذافي، أو من الخارج نتيجة تدفق نظم كالقاعدة وداعش والفارين من جنوب الصحراء سواء نتيجة الحرب في مالي يناير (2011م) من الأزاودو الطوارق ،أو نتيجة تمدد مليشيات بوكوحرام إلى كل من شمال الكاميرون أو تشاد .. حيث كان الجنوب الليبي يمثل الملاذ الآمن بامتياز لعدة اعتبارات أهمها:

أ – المساحات الكبيرة غير المسيطر عليها من الدولة الليبية وخاصة في جنوب البلاد.

ب – توفر الإيواء والإمداد اللوجستي.

ج ـ توفر التمويل نتيجة استيلاء بعض الميليشيات الإرهابية على بعض مصادر وموانئ النفط وبيعها للخارج، وقيام بعض الدول بالشراء بشكل (لا أخلاقي) بدعوى أنه كانت هناك عقود آجلة !! والرد أن تلك العقود كانت مع الدولة الليبية وليست مع مليشيات إرهابية !!

ه ــ سهولة الإمداد بالأسلحة المهربة بالتعاون مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود في إطار تبادل المنفعة باستخدام المخدرات أو بيع البشر أو تسهيل مرور وعبور الهجرات غير المشروعة من العمق الإفريقي جنوب الصحراء الكبرى إلى أوروبا عبر المتوسط ومن خلال الممرات الليبية أساسًا والجزائرية والمصرية والمغربية ثانويًا.

2- تبلور الموقف الليبي في النهاية إلى انقسام وازدواج في مؤسسات الدولة بين الشرق في بنغازي بزعامة المشير(حفتر) والغرب في طرابلس بزعامة (السراج) الذي أيدته نتائج اتفاق (الصخيرات) وبالتالي أصبح هناك ازدواج في السلطات التشريعية والتنفيذية وجيشين، الجيش الوطني شرقًا وجيش الغرب الذي قوامه الرئيسي قوات البنيان المرصوص وخاصة بعد نجاحها في العمليات العسكرية ضد قوات داعش في سرت بدعم جوي أمريكي ..بالإضافة إلى التفتت والتشرذم .في الجنوب الشاسع حيث الانتماء إلى القبيلة أو العشيرة التي أصبح كل منها لديه ميليشياته المسلحة .

3 – تبذل مصر جهودًا كبيرة للتوفيق بين الجانبين وخاصة في المجال العسكري والأمني، وقد تم عقد عدد (6) جلسات، وأن لم يتحقق نتائج نجاح كبيرة حتى الآن، إلا أنها بداية صحية على الطريق، وفي حالة النجاح في توحيد المجال الأمني العسكري، فقد يكون حافزًا جيدًا للنجاح في توحيد باقي المجالات والمؤسسات في إطار الدولة المركزية.

4 – مما يزيد من تأزم الموقف الليبي، هو أن ليبيا هي الوجهة المناسبة للعديد من مليشيات داعش من كل من العراق وسوريا، وخاصة بعد هزيمة التنظيم وتفكك أهم قلاعة و(عواصمه) في كل من الموصل بالعراق والرقة بسوريا.

5 – ثم عقد عدة لقاءات لدول الجوار الليبي المتأثرة بالفراغ الليبي، هي كل من مصر وتونس و الجزائر في عواصم تلك الدول، للتنسيق وتبادل المعلومات ومتابعة تحركات وإعادة تمركز تلك الميليشيات داخل ليبيا أو إلى حدود تلك الدول، كما تحاول مرارًا وخاصة تجاه الحدود المصرية والجزائرية ..وهما الدولتان اللتان يقع على عاتقهما مهمة ملئ الفراغ الليبي تدريجيًا ..

وأقترح مستقبلاً أن يتم توسيع تلك الدائرة لتشمل كل من السودان، وكذلك دول إقليم الصحراء ذات الحدود المتاخمة مثل (تشاد –النيجر– مالي) ....

سادسًا: الجيش الجزائري ومقاومة الهجرات الإفريقية غير المشروعة إلى أوروبا:

بدأت تلك الهجرات منذ وقت طويل ولكن بمعدلات محددة، وكان دافعها من الدول الإفريقية الطاردة، هو الفقر وضعف التنمية والصراعات المسلحة لأسباب مختلفة، مثل الصراع على السلطة، أو لأسباب عرقية أو خوفًا من المليشيات الإرهابيات أو نجاح سماسرة الهجرة بالدعاية إلى الانتقال من الجحيم الإفريقي إلى الجنة الأوروبية !!!

زادت وتيرة تلك الهجرات بشكل كبير بالتزامن مع الفوضى الناتجة عن الربيع العربي وخاصة في ليبيا وتونس، والانشغال الجزائري والمصري في مقاومة الإرهاب الداخلي، مما أفرز حدودًا شاسعة غير مؤمنة يسهل اختراقها عبر فراغ الدولية وخاصة في ليبيا إلى بعض الموانئ غير المسيطر عليها، واستخدام سفن صيد أو زوارق غير مؤهلة للأمن البحري وخاصة مع حمولات أضعاف الطاقة الاستيعابية، مما ينتج عنه غرق العديد من تلك السفن التي تستهدف إيطاليا بالدرجة الأولى، ثم فرنسا واليونان وإسبانيا بالدرجة التالية.

ويندرج ذلك تحت غطاء تبادل المنفعة بين الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، في تبادل وبيع الأسلحة والمخدرات والبشر، خاصة مع الضعف العسكري لدول الجوار الجنوبي الإفريقي لكل من ليبيا والجزائر، والمتمثلة في كل من تشاد والنيجر ومالي من الشرق إلى الغرب على التوالي.

تبذل القوات المسلحة الجزائرية وخاصة قوات حرس الحدود، جهودًا كبيرة للسيطرة على مسافات كبيرة من الحدود المشتركة الجنوبية والشرقية للدولة الأكبر مساحة في إفريقيا (1.382.000) كم 2. ومحاربة منع تسرب تلك الهجرات إلى العمق الجزائري أو كمعبر إلى الحدود الليبية.

وتبذل القوات البحرية الجزائرية جهودًا كبيرة للحد من استخدام الموانئ الفرعية للصيد، أو الاعتراض في عرض البحر المتوسط، في إطار التنسيق الشمالي الإفريقي العربي، والجنوبي الأوروبي وحلف الأطلنطي.

الخاتمة:

تمثل الجزائر إحدى القوى الإقليمية الهامة والمؤثرة سواء في الإطار العربي أو الشرق أوسطي أو الشمال الإفريقي والإفريقي في ذات الوقت، وتمتلك مقومات القوة الشاملة للدولة في أبعادها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، مما مكنها من بناء قوات مسلحة قوية ومؤثرة في الميزان العسكري العربي والإقليمي، حيث لا تفتقر إلى بناء القوى البشرية العسكرية بما لا يؤثر على قوة العمل حتى وقت التعبئة، كما تمتلك القوة الاقتصادية التي توفر ميزانية عسكرية جيدة بما لا يعوق خطط التنمية.

وبالتالي فالجزائر قادرة على الدعم العسكري للجناح العربي الإفريقي كما تم في دعم مصر في حرب أكتوبر (1973م) ويمكنها أن تقوم بذلك لدعم الجناح العربي الآسيوي وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في حالة الاتصال البري بين كل من مصر والسعودية عبر مدخل خليج العقبة، وتمتلك الجزائر قاعدة مناسبة للصناعات العسكرية الخفيفة ولكنها يمكن أن تتكامل في إطار عربي شامل متى خرج ذلك إلى حيز الوجود مستقبليًا، كما تبذل الجزائر جهودًا كبيرة لمحاولة ملء الفراغ الليبي نتيجة تفسخ الدولة الليبية، والازدواج في مؤسساتها وتفشي التواجد الإرهابي بها سواء من الداخل الليبي أو القادم عبر إقليم الصحراء من الجنوب أو القادم من داعش العراق وسوريا بعد هزائمه هناك ،سواء الجزائر منفردة أو بالتنسيق مع دول الجوار الليبي العربي وخاصة مصر وتونس، حيث تلعب مصر دورًا هامًا في الوساطة بين الطرفين الليبيين، وخاصة في البعد الأمني العسكري، وعلى وشك الوصول إلى نتائج هامة .. كما تبذل الجزائر جهودها لمقاومة الهجرات غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا عبر المتوسط، ومن خلال ليبيا بشكل خاص لما لتلك الهجرات من تزاوج مع المليشيات الإرهابية كجريمة منظمة في مجالات الأسلحة والمخدرات وتجارة البشر أيضًا.

مجلة آراء حول الخليج