; logged out
الرئيسية / التصعيد في المنطقة: الحلول المؤجلة

العدد 141

التصعيد في المنطقة: الحلول المؤجلة

الإثنين، 09 أيلول/سبتمبر 2019

الصراع في منطقة الشرق الأوسط ليس جديدًا ولن ينتهي قريبًا كونه من الصراعات المعقدة التي تتداخل فيها الأيدولوجيا بالمصالح ، ومحاولات بسط النفوذ وما يصاحب ذلك من تدخل خارجي واستقطاب، فالقضايا الكبرى في المنطقة نشأت بقرار خارجي، فالنكبة العربية الكبرى التي أدت إلى قيام إسرائيل على الأرض العربية كانت بقرار خارجي منذ سايكس ـ بيكو ووعد بلفور وكذلك نكسة عام 1967م، وهكذا احتلال العراق وتسليمه لإيران، والانقلاب الحوثي في اليمن، وما يجري في سوريا وليبيا بفعل التأثير الخارجي سواء الدولي أو الإقليمي، وتظل الحلول معلقة على توافق المصالح الدولية والإقليمية.

والمؤثر الخارجي له حسابات معقدة تخص مصالح دوله التي تأتي في المقدمة قبل مصالح المنطقة نفسها، فحل القضية الفلسطينية هو قرار دولي / غربي قبل أن يكون قرار فلسطيني أو عربي، وما فعلته الإدارات الأمريكية المتعاقبة أدى إلى تأجيل أو تعطيل الحلول، في حين تقف بقية دول العالم أسيرة مصالحها مع الولايات المتحدة بما في ذلك دول أوروبا والصين وروسيا والهند واليابان وغيرها.

والتصعيد الإيراني في منطقة الخليج ما كان ليكون لولا تراخي المجتمع الدولي أو غض الطرف عن السياسات الإيرانية التوسعية والاستفزازية التي بدأت منذ قيام الثورة الإيرانية وزادت وتيرتها بعد أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي، ولو قابلت الدول الكبرى السياسات الإيرانية بالاستناد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ما كان ليحدث ما تشهده المنطقة من اعتداءات وسيطرة بالقوة على دول أخرى بشكل مباشر أو عبر وكلاء من الميليشيات المسلحة.

وفي الوقت الذي ترقب فيه العالم ما يتمخض عن قمة مجموعة السبع الكبرى التي انطلقت في بياريتس بفرنسا يوم السبت 24 أغسطس الماضي، خاب الظن ولم تخرج القمة بشيء ذي بال تجاه قضايا الشرق الأوسط الملتهبة سواءً التصعيد الإيراني والتهديد بإشعال المنطقة، بل هبطت طائرة وزير الخارجية الإيراني في المدينة التي تحتضن قمة الكبار، حيث يرى البعض أن فرنسا تتوسط بين أمريكا وإيران، فيما يرى البعض الأخر أن الإدارة الأمريكية فقدت قدرتها على استمرار المواجهة مع إيران في ظل انقسام المجتمع الدولي، بل في عدم مساندة دول الاتحاد الأوروبي للحليفة الولايات المتحدة ، أو في ظل التراجع الأمريكي الغامض، وكذلك لم تعر قمة الكبار اهتمامًا لما يحدث بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة، وبين إسرائيل ولبنان من جهة أخرى ، في ظل المسرحية بين حزب الله بقيادة حسن نصر الله وإسرائيل على حساب لبنان الشعب والدولة، وإدارة الصراع بين إسرائيل وإيران على الأراضي العربية في سوريا ولبنان، وهذا شأن كل القضايا العربية التي تظل خارج اهتمام القوى الكبرى فعليًا بفعل المصالح، أو في إطار إعادة تقاسم النفوذ في المرحلة الحالية التي تأتي للإعداد لعالم جديد متعدد القطبية حيث بدت أنظار القوى السبع التقليدية في قمة بياريتس تنظر إلى أقصى الشرق وتتحسب لما ستكون عليه الصين القادمة بقوة إلى القيادة الاقتصادية للعالم ومعها الهند النووية / الاقتصادية، وتوافقها مع روسيا الباحثة عن استعادة دورها في المنافسة على النفوذ والتي تستخدم إيران كمخلب قط، وكذلك دورها في الأزمة السورية الذي تقول من خلاله "أنا هنا" وكل ذلك يأتي على حساب حلول أزمات الشرق الأوسط.

كل ذلك يؤكد أن حلول مشاكل المنطقة تأتي من داخلها دون حلول خارجية تقدمها الدول الكبرى المشغولة بمصالحها وتحدياتها الجديدة، أو من دول إقليمية تريد تنفيذ أجندتها على حساب المنطقة العربية دون استثناء، والمؤكد أن سياسات هذه الدول تجاه المنطقة العربية لن تتغير ما دامت الظروف الدولية والإقليمية والداخلية العربية تساعد على ذلك.

يظل التعامل مع التحديات القائمة لابد أن يبدأ بتحسين الأوضاع الاقتصادية بتفعيل التعاون الاقتصادي غير التقليدي والعناوين الكبرى كالوحدة الاقتصادية أو السوق العربية المشتركة، بل بقيام تكتلات اقتصادية متجانسة وبرجماتية وواقعية تحقق المردود المأمول لبناء قاعدة اقتصادية قوية متنوعة الإنتاج، والدخول إلى عالم اقتصاديات المعرفة ومنها الصناعات العسكرية التي بدونها تظل المنطقة مستهلكة لا منتجة، عندها تجد الدول العربية نفسها في قوة ومنعة على المستويات الاقتصادية و العسكرية والأمنية وتكون قادرة على ملء الفراغ الاستراتيجي بأدوات ذاتية وإمكانيات محلية ومن ثم فرض إرادتها لحل مشكلاتها بعلاقات ندية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير التحرير

مقالات لنفس الكاتب