array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 146

ضرورة ادماج التكامل الصناعي العربي و"الثورة الرابعة" بقرار قمة عربية

الأحد، 02 شباط/فبراير 2020

إن للتكامل بين دول ذات طبيعة متشابهة، وأهداف مشتركة، مثل منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وجامعة الدول العربية، مردودًا إيجابيًا يحقق جملة من الأهداف على صعيد القطاعين الخاص والعام، وعلى صعيد الإنسان والتنمية والسياسات التجارية والاقتصادية، وكذلك التشريعات والأنظمة والقوانين المتعلقة بتنظيم نشاط القطاع الخاص، بما في ذلك القطاع الصناعي، لأنها متشابهة، بل في بعض الأحيان متطابقة، وحيث إن جميع دول المجلس والجامعة، تعمل جاهدة على تفعيل دور القطاع الخاص، فإن تحقيق هذا الهدف مرهون بتوحيد السياسات والتشريعات أو جعلها متقاربة، والتي تطلق قدرات القطاع الخاص، للقيام بالدور المنتظر في دعم مسيرة التنمية ، ثم تكاملية الأسواق في هذه الدول، لمنحه حرية الحركة، كما يتسنى من خلال العمل المشترك بروز رؤية تنموية اقتصادية واجتماعية شاملة، واستقرار اقتصادي متنامٍ يحقق الرفاه، والأمن، والاستقرار للعالم العربي.

ولعل أهم النتائج الإيجابية التي يتيحها العمل العربي المشترك، تنويع القاعدة الإنتاجية، ومصادر الدخل، وتجنب الازدواجية في المشروعات المشتركة، خصوصًا في مجال الصناعة، كما يساعد العمل المشترك على تأمين قاعدة صناعية وزراعية، توفر احتياجات المجتمع ومتطلباته من سلع استهلاكية وغذائية ورأسمالية تؤمن مستلزمات القاعدة الصناعية في منظومة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وجامعة الدول العربية، ومن ناحية أخرى، فإن أهمية التعاون المشترك تكمن في وضع رؤية مشتركة لحماية الثروة النفطية والغاز، من عمليات الاستنزاف غير الطبيعية، باعتبارها ثروة قابلة للنضوب، وأهمية المحافظة عليها من منطلق بناء المستقبل الاقتصادي، والاجتماعي والأمني للدول العربية كافة، كما أن تضافر الجهود وتكاملها للمحافظة على هذه الثروة، يتطلب تعاونًا حقيقيًا في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجامعة العربية، لتحقيق تنمية صناعية، والتحول من صناعات، لا تمتلك قدرة تنافسية، إلى صناعات ذات حجم كبير تمتلك ميزة تنافسية في الأسواق العالمية، وبالتالي تصدير النفط والغاز، صناعات، بدلاً من تصديرهما مواد أولية أو خامًا. 

إن هذا يتطلب تحقيق مستوى عالٍ من التعاون والتنسيق في إطار مجلس تكاملي يحقق الأهداف الاستراتيجية، لاسيما في قطاع الصناعات، من خلال تهيئة المناخ المناسب لنقل التقنية الحديثة للتصنيع، وإبراز أهمية الصناعات الخليجية والعربية في الأسواق العالمية، خصوصًا إذا ما أدركنا أن النفط، وعلى الرغم من مرور عقود طويلة من الزمن، لايزال يشكل الدور القيادي في اقتصادات دول المجلس وعدد مهم من الدول العربية الأخرى، سواء من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، أو في حجم الصادرات في التجارة الخارجية، أو من حيث مساهمته في موازنات هذه الدول ، كما تتسم معظم الدول العربية بضيق السوق المحلية في كل دولة، ما يمثل إشكالية حقيقية أمام التنمية الصناعية، وحركة السلع والخدمات والتجارة. وحينما تصبح تلك الأسواق الضيقة سوقًا وطنية كبيرة، وفي ظل وجود سوق خليجية مشتركة أو سوق عربية مشتركة، فإن عقبات التجارة وحركة السلع ستزول، وحجم السوق سيكون أكبر أمام الصناعات الوطنية، ما يعزز التنمية الصناعية العربية، ويوفر مستلزمات الاندماج في الثورة الصناعية الرابعة 4G.

إن القطاع الصناعي العربي كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى سيتأثر بدوره بالتطورات والتوجهات التي افرزتها ظاهرة العولمة ومرحلة ما بعد العولمة، ولاسيما توجهات منظمة التجارة العالمية التي تفرض واقعًا جديدًا يقوم على تغيير قواعد المنافسة وتكريس التحرير الشامل للتجارة، وانفتاح الأسواق العالمية، وحرية حركة رأس المال، وعولمة الإنتاج. وبالتالي فإن هذه التطورات المتسارعة تفرض على الدول العربية التهيؤ المستمر لمواجهة الأوضاع التي تفرضها قواعد منظمة التجارة العالمية القائم على التبادل الحر وتحرير الأسواق، لذا فإن الفرص المتاحة للصناعة العربية للاستفادة مما تتيحه العولمة وتحرير التجارة من مزايا اقتصادية مرهونة بوجود بنية صناعية عربية متكاملة قادرة على تمكين القطاع الصناعي من التنافس محليًا ودوليًا.

يؤدي القطاع الصناعي في الدول العربية دورًا بارزًا في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويساهم بشكل فعال بشقيه الاستخراجي والتحويلي في الناتج المحلي الإجمالي وفي الصادرات. فبحسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2019م، ارتفع إجمالي الناتج الصناعي العربي من 803.9 مليار دولار عام 2017م، وبما يمثل 32.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية إلى نحو 997.4 مليار دولار عام 2018م، وبما يمثل 37.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، ويعود هذا التحسن إلى عدة أسباب من أهمها الزيادة في أسعار النفط والطلب العالمي عليه، مما أدى إلى زيادة ناتج الصناعة الاستخراجية، وزيادة إجمالي الناتج الصناعي العربي.

من ناحية أخرى، حقق ناتج الصناعة الاستخراجية معدل نمو بلغ 32.0 % خلال الفترة نفسها ليصل إلى نحو 718.9 مليار دولار عام 2018م، مقابل 544.8 مليار دولار عام 2017م، ويعود هذا التحسن إلى الزيادة في أسعار النفط، والطلب العالمي عليه. كما يلاحظ ارتفاع مساهمة الصناعة الاستخراجية في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية ككل من 21.9 % عام 2017م، مقابل 26.8 % عام 2018م. وتتفاوت هذه المساهمة من دولة عربية إلى أخرى، حيث تكون أكبر في الدول العربية المصدرة الرئيسية للنفط.

حقق ناتج الصناعة التحويلية معدل نمو بلغ 7.4 % خلال الفترة نفسها، وهو ما يعادل تقريبًا أقل من نصف معدل نمو الصناعة الاستخراجية خلال الفترة نفسها ليصل إلى نحو 278.3 مليار دولار عام 2018م، مقابل 259.1 مليار دولار عام 2017م، وهذا يؤكد الحاجة المطلوبة من الدول العربية لدعم وتنمية وتطوير الصناعة التحويلية.

أما التحديات التي تواجه الصناعة العربية فتتمثل في تدني الوضع التنافسي لقطاع الصناعة العربية في مواجهة الإقليميات الأخرى، حيث تعد الصناعة في الدول العربية صناعة غير تنافسية في العديد من قطاعاتها أو فروعها إذا ما قورنت بالدول الصناعية المتقدمة، ويعود ذلك إلى جملة من التحديات التي تعانيها الصناعة العربية على المستويين القطري والإقليمي، فعلى المستوى القطري: انتهاج سياسة التوجه الداخلي وارتفاع الأعباء الجمركية وغير الجمركية وضعف العلاقات التشابكية الصناعية وضعف الالتزام بمعايير ونظم الجودة والمواصفات القياسية والبيئية للسلع والمنتجات الصناعية وضعف القدرة التكنولوجية العربية وعدم استكمال نظم التطوير الداخلي وعدم كفاءة مناخ الاستثمار ، وعلى المستوى الإقليمي، تماثل هياكل الإنتاج والصادرات وتباين القواعد الانتاجية الصناعية بين الدول العربية وتباين القاعدة التشريعية المتعلقة بالاستثمار .

      مما تقدم يمكن القول إن القطاع الصناعي الذي يعد من أهم ركائز التنمية الوطنية. هو في أزمة لا توصل بالضرورة إلى التنمية الحقيقية، التنمية التي تعمل على هيكلة الاقتصادات العربية واخراجها من ازدواجيتها وتدفع بها نحو اقتصاد أكثر تنوعًا وأشد إشكالاً على مقوماته وإمكاناته، وأقوى تحررًا نحو العالم الخارجي، وأن الحل التكاملي يبقى دومًا الشرط الضروري والأمين لإنجاز تنمية قطرية شاملة مطردة ومستقلة.

إن أهم ما يميز التكامل في القطاع الصناعي، أنه يستهدف زيادة الاستثمار والإنتاج، وتعظيم استغلال الموارد، والارتقاء بمستويات الصناعة والقدرات العربية على المنافسة في الأسواق الدولية. وتمتلك الدول العربية عناصر ومقومات هامة تؤهلها للتكامل، فهي تمتلك بجانب رؤوس الأموال ثروات طبيعية متعددة من نفط وغاز وفوسفات وخام الحديد ومعادن عديدة أخرى، بالإضافة إلى أهم عنصر في العملية الإنتاجية وهو رأس المال البشري، بما في ذلك الخبرات المتعددة التي تسهم في العمليات الإنتاجية والتسويقية في مراحلها المختلفة. إن التكامل الصناعي العربي، إن تحققت متطلباته، يوفر للدول العربية مزايا الإنتاج الكبير، وتسريع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وزيادة القدرة التنافسية للمنتج العربي، وتنويع الإنتاج، والمساهمة في تحسين مستوى المعيشة للمواطن العربي أينما وجد.

ومن الأهمية بالتأكيد، أن هذا لن يتم تلقائيًا، بل من خلال توفر الإرادة والقرار المشترك، بإرساء بيئة سياسية وقانونية واستثماريه مناسبة للاستثمار المتبادل، وانتقال عوامل الإنتاج بحرية في دولنا العربية، ناهيك عن أهمية تطوير البنى الأساسية اللازمة لتسريع التنمية والعمليات الإنتاجية من طرق ووسائل نقل واتصالات وخدمات وتأمينية متقدمة وسريعة فذلك مما يدعم خطوات التكامل الصناعي ويسهم في نجاحها. لا شك أن اتفاقيات تسهيل التجارة والاستثمار وقوة العمل على المستوى العربي، وعلى مستوى مجموعات من الدول العربية (شبه إقليمي) أو حتى الثنائية تسهم في دعم خطوات التكامل الصناعي في توفير الأسواق الأكبر، وتسهيل حركة انتقال المنتجات والخدمات بدرجة كبيرة من الحرية فيما بين الدول العربية وبأقل عوائق. إن النجاح القطري في التنمية لا يتعارض مع التنمية الجماعية بواسطة خطوات التكامل وخاصة في الشق الصناعي منه.

ويواجه القطاع الصناعي العربية وبخاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة مجموعة من العقبات منها تدني المستوى التقني والحاجة إلى التمويل، ومشاكل المواصفات القياسية للبيئة وللمنتجات، مشكلة تماثل الهياكل الإنتاجية والتصديرية إضافة إلى عدم اكتمال مناخ وبيئة الاستثمار المحفزة للمستثمر محليًا كان أو أجنبيًا، ولا يغيب عن البال، فيما يخص الدول العربية ككل. وهي بحاجة ماسة إلى برامج دعم وتحفيز لأنها تشكل النسبة الأكبر من النشاط الصناعي وأكثرها توفيرًا لفرص العمل والدخل.

إن الصناعات المؤهلة للتكامل، إنما المقصود بها الصناعات الكبرى كالصناعات الهندسية مثل تصنيع السيارات والآليات ومعدات الإنتاج ووسائل النقل والالكترونيات، وصناعة الإنشاءات ومعداتها، والتي تتطلب العديد من المدخلات وأيضًا سوق واسعة لكي تتحقق جدواها. وعادة ما تعتمد هذه الصناعات على صناعات أخرى عديدة مكملة وفرعية تسهم في إنتاج أجزاء هامة من الصناعات الأساسية. ولا شك أن الدول التي ستوفر متطلبات هذه الصناعات من بنى أساسية جيدة ستكون أكثر جاذبية لإنشاء مشروعات التكامل. وأهمية أن تتوافر عوامل الجدوى الفنية والاقتصادية للمشاريع الصناعية التكاملية، كما يتعين أن تتوفر لها أيضًا عناصر الاستفادة المشتركة المتوازنة لجميع الدول المشاركة (سواء مشروعات عامة أو خاصة).

وتعد المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين أحد أهم مؤسسات العمل العربي المشترك التابعة لجامعة الدول العربية، المؤسسة المسؤولة عن التعاون والتكامل الصناعي من خلال، الإسهام في عملية التنمية الصناعية وتطويرها في الوطن العربي، والتنسيق والتكامل بين صناعات الدول الأعضاء بعضها ببعض، والعمل على رفع جودة الصناعة العربية، وتوحيد المواصفات والمقاييس لتستطيع من خلالها منافسة الصناعات العالمية وتسهل عملية التبادل التجاري، وتشجيع التعاون بين الدول المتقدمة والدول النامية في إطار استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك التي تقرها مؤتمرات القمة العربية.

 

وفيما يتعلق بالتوجهات العربية عامة والخليج خاصة نحو ركب الثورة الصناعية الرابعة 4G، لابد من الإشارة هنا إلى أن القرن الحادي والعشرون يعد عصر اقتصاد التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، بوصفها ثورة تكنولوجيا المعلومات؛ إذ أنها حفزت مؤسسات الأعمال إلى انتهاج برامج تعد من أهم عوامل تكوين الثروة ، وإن التغيير غير المسبوق الذي ستحدثه الثورة الصناعية الرابعة في القطاعات، ونماذج الأعمال المدعومة من الذكاء الاصطناعي، وفعالية التعليم، سيضاعف حجم النمو السنوي لاقتصاد الدول، ويرفع كفاءة القوى العاملة بنسبة 40% بحلول عام 2035م، ( الاجتماع السنوي الثاني لمجالس المستقبل العالمية، دبي ،2017م) ، نشأت الثورة الصناعية الأولى باستخدام قوة الماء والبخار. والثانية استعملت الطاقة الكهربائية لتوليد الإنتاج. والثالثة استخدمت الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات لأتمتة الإنتاج (أي: جعله أوتوماتيكيًا)، الآن هناك ثورة صناعية رابعة يتم بناؤها على الثالثة، والثورة الرقمية التي تحدث منذ منتصف القرن الماضي، وتتميز بمزيج من التقنيات التي تسقط الخطوط الفاصلة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية.

وتتميز الثورة الصناعية الرابعة بثلاث ميزات، الأولى، سرعة تطورها؛ إذ أن التكنولوجيا الحديثة تدفع دائمًا لظهور تكنولوجيا أخرى أحدث وأقوى. والثانية، زيادة حجم الفوائد بالنسبة للفرد الواحد. ففي العصر الرقمي تحتاج الشركات إلى عدد قليل من الموظفين وحجم صغير من المواد الخام لإنتاج منتجات ذات فوائد كبيرة. وبالنسبة إلى الشركات الرقمية، تنخفض تكاليف التخزين والنقل وإعادة إنتاج منتجاتها. وتتطور بعض الشركات القائمة على التكنولوجيا بدون رأس مال كبير مثل «واتس أب» وغيرهما، الثالثة، التنسيق والتكامل بين الاكتشافات المختلفة أصبح أكثر شيوعًا، بسبب العولمة ومرحلة ما بعد العولمة.

 

يبرز الذكاء الاصطناعي اليوم باعتباره عصب بناء المستقبل، لا سيما أنه أحد مرتكزات (الثورة الصناعية الرابعة) التي تعتبر محركًا رئيسًا لدفة النمو والتنويع الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين. وهنا لابد من التعمق والولوج في أعماق عناصر هذه الثورة ومن أهمها:

الذكاء الاصطناعي: وهو فرع من فروع علوم الحاسب، لذلك فإنه يعرف بأنه دراسة وتصميم أنظمة أو أجهزة تصور البيئة المحيطة بها لكي تتصرف تصرفات تحاكي التصرفات البشرية، وهو علم وهندسة صناعة الآلات «الذكية»، فأنظمة الذكاء الاصطناعي تحتاج حتمًا إلى من يمتلك الخبرة لتشغيلها وصيانتها ونقل تقنيتها أيضًا، والمستفيد الأول من هذه التقنية، هو من يدرك أن لهذه التقنية جوانب إيجابية، ليس من ناحية الإنتاجية أو الفعالية، بل من ناحية تأهيل موظفين تتناسب مهاراتهم مع هذه التقنية. ولعل التجربة الهندية في بداية التسعينيات تعد المثال الأقرب لذلك، فالهند استفادت بشكل مثالي من ثورة المعلومات من خلال تخريج ملايين المختصين بالحاسوب وعلومه من كلياتها وجامعاتها، حتى أصبحت تقنية المعلومات الأمريكية تعتمد وبشكل يقارب 70% على الموارد البشرية الهندية. وفي الهند يعمل أكثر من 10 ملايين شخص في تقنية المعلومات، وهذا الرقم في ازدياد مستمر.

 

وفي حين ترى بعض الدول العربية والغربية على أن الذكاء الاصطناعي سيسبب لها المزيد من معدلات البطالة من خلال انتشار أجهزة الروبوت، إلا أن دولاً أخرى مثل الصين والهند وكوريا تتكيف مع هذه الأنظمة، ليس على مستوى البحث والتطوير لهذه الأنظمة فحسب، بل على مدى التخطيط الاستراتيجي، لما يمكن أن تحدثه هذه الأنظمة من تغيير على المستوى الاقتصادي بشكل عام، وعلى سوق العمل على المستوى الخاص. فالتغيير في السوق هو تغيير اقتصادي، وهو قادم لا محالة، وهذه الاستثمارات في المجال التقني سوف تؤتي ثمارها عاجلاً أم آجلاً، والمنتصر من يكون مستعدًا لذلك التغيير حين حدوثه، ومن هذا السياق لابد من تعديل وتطوير الاستراتيجية الصناعية العربية التي أقرت من القمة العربية، وجعلها تتضمن وتستوعب المرتكزات الأساسية للثورة الصناعية الرابعة 4G، وإدخالها ضمن برنامج التكامل الصناعي العربي.

 

الروبوتات: ويمكن أن يسمى بالعربية «الإنسان الآلي» و«الرجل الآلي»: وهو آلة قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفًا، إما بإيعاز وسيطرة مباشرة من الإنسان أو بإيعاز من برامج حاسوبية غالبًا ما تكون الأعمال التي تبرمج الإنسان على أدائها أعمالاً شاقة أو خطيرة أو دقيقة، مثل البحث عن الألغام والتخلص من النفايات المشعة، أو أعمال صناعية دقيقة أو شاقة. 

 

البنى التحتية والتوسع في استخدام التكنولوجياوتعد البنى التحتية المعرفية المرتكز الذي ترتكز عليه الثورة الصناعية، وقبل هذا وذاك إصلاح التعليم، ولا يمكن أن نتصور بأننا نستطيع أن ندخل بوابة الذكاء الصناعي دون تعليم تقني، وأساس جيد وجاد ومتمكن، كونه يتضمن جميع الأنشطة والعمليات الخاصة بصنع وإنتاج وتسويق وتوظيف وتشغيل واستهلاك وإعادة إنتاج المعلومات والمعرفة. ويشمل هذا طيفًا واسعًا من الصناعات منها: صناعات البرمجيات، الإلكترونيات، الاتصالات، ونظم المعلومات وخدمات المعلومات. والتي سيكون عمادها تقنية الـ«بلوك تشين» ومخرجاتها، فعملتها المعتمدة رقمية، وأمنها التشفير العالي، وآلية إرسال واستلام الأموال في دقائق معدودة، وبدون مؤسسات مصرفية.

 

مع التوجه الدولي للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، زادت المخاوف بتأثير تطبيقاته في سوق العمل على معدلات البطالة. هذه المخاوف لم تأتِ من العدم، ذلك أن معدلات الإنفاق العالمي على تطوير الذكاء الاصطناعي في ازدياد مستمر. فبعد أن كان مجموع الاستثمار العالمي في هذا المجال لا يتجاوز 8 مليارات دولار عام 2015م، قفز هذا المبلغ إلى ما يتجاوز 13 مليار دولار في عام 2017م، ومن المتوقع أن يزيد هذا المبلغ على 46 مليار دولار عام 2020م، بالاستناد إلى أحد المقالات عن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ومعدلات البطالة.

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الأكثر اهتمامًا بتمكين الابتكار ودعم الأفكار الجديدة والبنّاءة والاستثمار فيها إذ يظهر ذلك في مختلف الخطط والرؤى المستقبلية والتنموية، بوصفها رافدًا مهمًا للجهود الرامية لبناء اقتصاد معرفي تنافسي عالي الإنتاجية وقائم على الابتكار والبحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة وفقًا لرؤية الإمارات 2021.

وتفيد الإحصاءات الرسمية بوصول مساهمة البحث العلمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 0,87%، مما يفتح آفاقًا رحبة أمام تحقيق إنجازات مهمة وإطلاق مبادرات طموحة لدفع عجلة الابتكار في تقنيات الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم مما يراه البعض من آثار سلبية؛ اقتصادية واجتماعية للثورة الصناعية الرابعة، فإنها تنطوي على إيجابيات عديدة لمن يحسن توظيفها، وحسب ظروف كل دولة، ومن هذه الإيجابيات:خلق فرص استثمارية جديدة، وتخفيض تكاليف الإنتاج، وتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية، واختصار الكثير من الوقت في عملية التطور، وهذه الإيجابية تحتاجها الدول العربية وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي.

تعطي معطيات الثورة الصناعية الرابعة مزايا كبيرة للدول العربية التي تنتهج استراتيجيات قائمة على التنويع الاقتصادي، لاسيما بعد تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014م. وتتسم غالبية دول الخليج العربية بضعف الكثافة السكانية، وصغر متوسط سن السكان، وهو ما يعطيها أفضلية في تأهيل غالبية القوة العاملة المستقبلية بصورة تتأقلم مع التطورات التكنولوجية الراهنة، من دون ظهور إشكاليات في ضخامة التكلفة المادية للتعامل اجتماعيًا مع أي آثار سلبية قد تظهر مستقبلاً. قامت غالبية دول مجلس تعاون الخليج العربية بتطوير النظم التعليمية والبنى التحتية التكنولوجية لتكون من أفضل المتوافرة عالميًا، مع استمرارية التطوير والاعتماد على إدخال أحدث الأساليب والتقنيات الجديدة، سواء أكان على المستوى الخاص أم الحكومي العام، وهو ما سيسهل استيعاب التقنيات المستحدثة، ويجعل هذه الدول قادرة على الاستفادة منها بصورة رائدة عالميًا .تحقق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وتخفيض تكاليف الإنتاج، ومن ثَم تأمين خدمات ووسائل نقل واتصال تجمع بين الكفاءة العالية والثمن الأقل.

إلا أن الإيجابيات الكبيرة التي يمكن أن تحققها هذه (الثورة) لصالح البشرية، تقابلها سلبيات ستترتب عليها وستعاني منها المجتمعات، بما فيها مجتمعات الدول المتقدمة، وأخطر السلبيات التي يمكن أن تترتب على المجتمعات البشرية، جراء تبعات (الثورة الصناعية الرابعة) هي على النحو الآتي:

– انتشار البطالة على نطاق واسع؛ إذ إن تقديرات خبراء الاقتصاد تؤكد أن أتمتة الصناعة من شأنها أن تقلص فرص العمل إلى 50%، وتمس الفئات الوسطى والدنيا من الأيدي العاملة، والمقصود أصحاب (الوظائف البسيطة) التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية عالية.

– ضعف دور الشركات المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى، ويشار هنا إلى تصريح أدلت به وزيرة التعليم والبحوث الألمانية، البروفسورة (يوهانا فانكا)، نوهت فيه إلى مخاطر الاعتماد على الشركات الكبرى؛ لأن القوة الاقتصادية لألمانيا مازالت مستمدة من قوة اقتصاد الشركات المتوسطة والصغيرة، مع التأكيد على ضرورة أن يعطى هذان القطاعان الحيويان اهتمامًا كافيًا، علمًا بأن ألمانيا تعد رائدة البلدان الغربية في مجال الأتمتة الصناعية.

يرى المختصون والخبراء أن الثورة الصناعية الرابعة ستؤدي إلى تغيرات كبيرة تتجاوز ما أحدثته الثورات الصناعية الثلاث السابقة، وإذا كان بعض هذه التغيرات ينطوي على آثار سلبية محتملة، فإن الثورة الصناعية الرابعة يمكن استغلالها بشكل إيجابي في خدمة اقتصادات الدول، والمساهمة في خلق فرص جديدة للتنمية الاقتصادية، ولكن ذلك يتوقف على إمكانات الدول وما تتمتع به من بنى تكنولوجية، وقدرتها على تطوير نظمها التعليمية، وتوظيفها في خدمة المستقبل، وتعزيز مهارات موظفيها وإكسابهم الخبرات التي تساعدهم على التعامل مع هذه التطورات التكنولوجية، وهنا في هذا المقام لابد من الجهود الحثيثة لتحقيق التكامل الصناعي العربي ضمن مشمولات التكامل الاقتصادي العربي، لكي يعطي العالم العربي قوة تنافسية في عدد من السلع الصناعية في عالم تسوده المنافسة، من أجل توفير مستلزمات الدخول إلى الثورة الصناعية الرابعة 4G.

 

وبعد أن استعرضنا أهم المرتكزات والملامح والآثار الإيجابية والسلبية للثورة الصناعية الرابعة، فإن ما يهم هنا هو التركيز على مؤشرات عدة نراها كفيلة بتحديد مفهـوم الفجوة الرقمية في العالم العـربي خاصة، وأبـرزهـا ما يتعلق بالجانب التقني الذي يشمل مؤشرات موضوعية تتمثل في غياب الحد الأدنى من البنى التحتية (عدد الهواتف، عدد أجهزة الحاسوب، نسبة مستعملي «الإنترنت» بالنسبة لإجمالي السكان، وعدد مواقع الإنترنت باللغة العربية)، أما الثاني فيشمل مضمون هذه الفجوة (النفاذ إلى مصادر المعلومات، واستيعاب وتحصيل وتوظيف وتوليد المعرفة). فالدول النامية واجهت أكبر التحديات في السنوات الأخيرة، وشهدت الصين على سبيل المثال انخفاضًا ملحوظًا في معدل مساهمة الأيدي العاملة في إجمالي الناتج المحلي، نظرًا للجوء العديد من الشركات والمصانع إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة بدلاً من الأشخاص.

وفي هذا الصدد، فإن «الروبوتات» تهدد الوظائف القديمة، ومن ثم تؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة، فالمتوقع أنه بحلول عام 2020م، سيفقد حوالي 5 ملايين شخص فرص عملهم بسبب التطور السريع في التكنولوجيا، إلا أنها ستفرض في الوقت نفسه تحديات غير مسبوقة على المجتمعات البشرية، إذ تشترط الثورة الصناعية الرابعة إعادة هيكلة اقتصادية شاملة، مقرونة بهيكلة اجتماعية وسياسية، سيرافقها تغير في القيم الثقافية والاجتماعية. إلا أن المجتمعات البشرية ستعاني جراء تبعاتها زيادة في أعداد الباحثين عن عمل بشكل كبير، إذ تؤكد تقديرات خبراء الاقتصاد أن أتمتة الصناعة من شأنها أن تقلص فرص العمل إلى 50%، خاصة بين الفئات الوسطى والدنيا من الأيدي العاملة، أي أصحاب (الوظائف البسيطة) التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية عالية. ويُخشى من أن تؤدي (الثورة الصناعية الرابعة) إلى اضمحلال دور الشركات المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى.

 

لم يعد الأمر يقتصر على التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والبشرية، بل أصبح يشمل أيضًا أداة هذه التنمية التي أصبحت التنمية الرقمية أحد عناصرها الأساسية. وتتمثل في تحسين توصيل الإنترنت، والربط والتغطية الواسعة أمام الشباب؛ لكي ينموا قدراتهم على الاكتشاف والابتكار، ومن ثم يصبح التعليم عن بُعد، والدورات الدراسية والتثقيفية، ومواقع تعلم اللغات الأجنبية، ووسائل الإعلام الاجتماعي، والإخبار، ومنصات استلهام الحلول، عبر مشاركة الجمهور.. يصبح كل ذلك متاحًا، وعاملاً محفزًا لإنعاش مفاهيم المسؤولية، ومجابهة التحديات التي يواجهونها، لا سيما وأن كل شاب من بين أربعة شباب باحث عن العمل في العالم العربي، كما تعد الخصوصية واحدًا من أكبر التحديات الفردية التي تسببها تكنولوجيا المعلومات. ونحن نفهم وبشكل غريزي أهمية الخصوصية، إلا أن ملاحقة وتقاسم المعلومات الخاصة بنا يعد جزءًا حاسمًا من العلاقات الجديدة. مثل: التأثير على حياتنا الخاصة، بسبب عدم السيطرة على بياناتنا الخاصة في السنوات المقبلة، بالإضافة إلى اعتماد النماذج الراهنة بدرجة أكبر على الابتكار، وبدرجة أقل على المهارات الحرفية التقليدية من أجل زيادة فرص مساهمتهم في أسواق العمل المستقبلي، إضافة إلى معرفة متطلبات العملاء، وعدم وجود نظام تصنيف للائتمان، والملاءة المالية، أو بيانات عامة حول الشركات، وهي بطبيعة الحال تعد من المتطلبات الأساسية للشركات التي تعتمد نموذج الإقراض والتمويل المباشر في المؤسسات المالية.

تقر الدول العربية بأهمية تطوير الاستراتيجيات الرقمية الوطنية لبناء مجتمع معلوماتي مرتبط بالتنمية الاجتماعية الاقتصادية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. لذا، أطلقت دول عربية عدَة الاستراتيجيات الرقمية الوطنية، والتي تهدف لأن تكون كل الدول العربية في مصاف أفضل الدول في العالم من حيث استخدام فرص الرقمنة وتعزيز تنافسية الدول والنمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.

ولعل أهم أهداف السياسة الخاصة بتطوير الاقتصاد والمجتمع الرقمي وتكون ذات أولوية عالية في كل الدول العربية، هي الأهداف في كل الاستراتيجيات الرقمية الوطنية العربية تتمثل في زيادة الدعم لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، خصوصًا في مجال البحث والتطوير، وتحسين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإمكانات شبكات النطاق العريض من خلال تطوير البنية التحتية وخدمات الاتصالات الوطنية، وتعزيز خدمات الحكومة الإلكترونية والذي يشمل تعزيز الوصول المحسَن إلى معلومات وبيانات القطاع العام ( بيانات الحكومة المفتوحة ) ودعم الثقة في المجتمع الرقمي ( الهويات الرقمية والخصوصية والأمن ). ويهدف العديد من الاستراتيجيات الرقمية العربية إلى تعزيز اعتماد التقنيات الرقمية والانترنت في تلك القطاعات المجتمعية الهامة. فعلى سبيل المثال، يأتي تحسين اعتماد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم في مرتبة مرتفعة بين الاستراتيجيات الرقمية العربية، وتدعم التغيرات التكنولوجية السريعة الشمول المالي (زيادة عدد الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين يصلون إلى الخدمات المالية ويستخدمونها) والتي تلعب دورًا هامًا في التخفيف من حدة الفقر وتعزيز النمو الاقتصادي، وتدرك كل الدول العربية أهمية تحسين المهارات والكفاءات كوسيلة لتعزيز الشمول الالكتروني. كما أن تطوير المهارات والكفاءات ضروري للاقتصاد الرقمي. تشمل المعايير الأخرى تعزيز مشاركة المرأة الشابة والعائدات إلى قوى العلم الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

قام عدد كبير من الدول العربية بوضع الاستراتيجية الرقمية الوطنية ضمن أهداف السياسات لتطوير الاقتصاد والمجتمع الرقمي، وهي كل من، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، قطر، السعودية، الإمارات، الجزائر، جيبوتي، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، ليبيا وموريتانيا، والدول العربية الأخرى بصدد إعداد هذه الاستراتيجية. وفي هذا المجال يولي مجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات التابع لجامعة الدول العربية أهمية استثنائية للاقتصاد الرقمي ويقوم بدوره بالطلب من المنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات بالعمل سويًا مع فريق العمل العربي لبلورة الاستراتيجية العربية الرقمية. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الرقمنة كأداة تحفيز اقتصادية لتشجيع الناتج المحلي الإجمالي على النمو والاقتصاد الرقمي له أثر واسع على الاقتصاد كله في العالم العربي والقطاعات المختارة على وجه الخصوص. كما سيحفز تعزيز الاعتماد الرقمي عبر هذه القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والكفاءة ويوفر خيارات جديدة للتغلب على العديد من القيود.

ويعمل التحول الرقمي على تغيير عالم الأعمال وكيفية إجراء العمل. كما يمكن للرقمنة إعادة تشكيل طبيعة الوظائف داخل سوق العمل وإيجاد المزيد من الوظائف. كذلك، سيحدث التحول الرقمي ثورة في أسلوب العمل. وقد يوفر هذا التحول فرصًا هائلة للعمال المهرة في سوق العمل العربي وتهيئ الأشخاص للنجاح في العمل.

كما تعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة محركًا أساسيًا للاقتصاد الرقمي، وقد أصبحت الرقمنة حيوية بالنسبة لها، من حيث زيادة الانتاجية ودفع النمو. ويتطلع العديد منها الآن لاقتناص الفرص في الاقتصاد الرقمي واكتساب القدرات الرقمية من أجل تطوير نماذج أعمالهم واغتنام فرص النمو والمنافسة بشكل أفضل في السوق.

وفي إطار تعزيز تنافسية الصناعة العربية في ظل الاقتصاد الرقمي، لابد من الإشارة إن الاشكالية الاقتصادية اليوم مبنية على وفرة المعلومات وليست وفرة الموارد النادرة، ذلك أن تأثير المعرفة يغدو حاسمًا على كامل النشاط الاقتصادي وأصبحت معرفة الأصول الرئيسية لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي، ومنه تحول العالم من البحث والتصادم من أجل مصادر الموارد النادرة إلى البحث والتصادم من أجل السيطرة على أكبر قدر ممكن من مصادر المعرفة، إن الميزة التنافسية التي تستند إلى وفرات الحجم والانتشار الواسع في الأسواق، تتراجع لتفسح المجال للميزات التنافسية التي تستند إلى السرعة والمرونة، حيث تصبح المؤسسات التي لها قدرة عالية على تلبية الطلب في الوقت المناسب وبالشكل المطلوب هي المؤهلة لاحتلال موقع الرائد في الاقتصاد الرقمي ، وعلى هذا فإن الهياكل القائمة بالقيادة والتحكم وعمليات صناع القرار يضيق مجالها باستمرار مع زيادة الاعتماد على تقنيات ووسائل هذا الاقتصاد ولن تستطيع الصناعات العربية أن تحتل مكانة متميزة في بيئة الأعمال التنافسية العالمية إلا بمواكبة أحدث التطورات والتغيرات التي تطرأ على الساحة العالمية.

وفي ختام هذا المقال، لابد من إدماج التكامل الصناعي العربي ومستلزمات الثورة الصناعية 4G ضمن مشمولات التكامل الاقتصادي العربي بشكل واضح وبقرار من القمة العربية لإعطائه زخمًا استثنائيًا لمواكبة التطور التكنولوجي الذي يحصل بالعالم وتفعيل دور مجلس وزراء العرب للاتصالات والمعلومات بجانب مجلس وزراء الصناعة العرب في هذه المرحلة المهمة التي يعيش فيها عالمنا العربي.

مجلة آراء حول الخليج