; logged out
الرئيسية / السعودية في مركز صناعة الأحداث

العدد 156

السعودية في مركز صناعة الأحداث

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

قبل أن ينتهي العام الجاري 2020م، الذي بدأ بصعوبات كثيرة وفي مختلف المجالات وكان أكثرها ثقلًا وعبئًا جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على كافة أنشطة العالم وفي جميع الدول بلا استثناء، وضعت المملكة العربية السعودية بصمتها الإيجابية على هذا العام ؛ لتخفيف الأعباء من على كاهل العالم وللمساهمة في تضميد جراحه، حيث ترأست المملكة دورة هذا العام لمجموعة العشرين التي توجت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ لقمة المجموعة في الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر نوفمبر المنصرم والتي سبقتها العديد من الاجتماعات وورش العمل التحضيرية والتي أدت إلى نجاح القمة نجاحًا باهرًا كان محل إشادة الجميع، حيث أخذت المملكة على عاتقها حشد الجهود الدولية من أجل خروج القمة بتوصيات جادة لخدمة العالم، كما وضعت المجموعة أمام مسؤوليتها التاريخية في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم من أجل إزاحة غمة هذا المرض العضال الذي داهم العالم على حين غرة مما عطل مسيرة النمو العالمية وأضر باقتصاديات الدول الغنية وأرهق الدول النامية والفقيرة منذ نهاية العام الماضي.

وقال خادم الحرمين الشريفين في الكلمة الافتتاحية لهذه القمة " إن هدفنا العام هو اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع وعلى الرغم من أن جائحة كورونا قد دفعتنا إلى إعادة توجيه تركيزنا بشكل سريع للتصدي لآثارها، إلا أن المحاور الرئيسية التي وضعناها تحت هذا الهدف العام ـ  وهي تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة ـ لا تزال أساسية لتجاوز هذا التحدي العالمي وتشكيل مستقبل أفضل لشعوبنا"

ورغم أن جائحة كورونا خيمت على فعاليات أعمال مجموعة العشرين والإعداد للقمة طيلة الفترة الماضية، إلا أن القمة تبنت الحفاظ على التنمية المستدامة وتحقيق مستقبل أفضل للبشرية في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من محور ، فركزت على الاقتصاد والبيئة وقضايا التمكين وتوفير فرص العمل والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وغير ذلك ، وجاء ذلك واضحًا وجليًا في كلمة الملك سلمان بن عبد العزيز ، حيث قال ـ حفظه الله ـ " علينا الاستمرار في دعم الاقتصاد العالمي، وإعادة فتح اقتصاداتنا وحدود دولنا لتسهيل حركة التجارة والأفراد، ويتوجب علينا تقديم الدعم للدول النامية بشكل منسق، للحفاظ على التقدم التنموي المحرز على مر العقود الماضية، إضافة إلى وضع اللبنات الأساسية للنمو بشكل قوي ومستدام وشامل، فلابد لنا من العمل على إتاحة الفرص للجميع وخاصة للمرأة والشباب لتعزيز دورهم في المجتمع وفي سوق العمل من خلال التعليم والتدريب وإيجاد الوظائف ، ودعم رواد الأعمال ، وتعزيز الشمول المالي ، وسد الفجوات الرقمية بين الأفراد"، وبذلك وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مجموعة العشرين أمام مسؤولياتها، ورسم لها استراتيجية عملية تطبيقية واضحة ومحددة، وجعل من اجتماع القمة وسيلة وأداة تنفيذية لخدمة العالم وخاصة الدول النامية والفقيرة، ولا سيما الفئات الأولى بالرعاية مثل المرأة والشباب وتقديم الخدمات المهمة لهذه الفئة ومنها التمكين والتشغيل وتكافؤ الفرص، بما يجعل فقرات البيان الختامي ليس مجرد إجراء بروتوكولي، بل سياسات وبرامج وأدوات تحملها رؤية واقعية وطموحة جاءت تحت عناوين واضحة في الصحة والتجارة والاستثمار والنقل والسفر وقضايا القطاع المالي والاقتصاد الرقمي ومكافحة الفساد والبيئة والطاقة والزراعة والمياه، على أن ينبثق من ذلك آليات تتناول حشد الموارد لتلبية الاحتياجات، واتخاذ تدابير استثنائية لمواجهة جائحة كورونا، وتعزيز التعاون الاقتصادي الدولي لتحقيق نمو مستدام، والعمل على ضمان جعل الأجيال القادمة أكثر أمانًا، مع تحقيق بيئة تجارية واستثمارية حرة وعادلة وشاملة ومستقرة مع الالتزام بإبقاء  طرق النقل وسلاسل الإمداد العالمية آمنة، ودعم السياسات بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتمكين الاقتصاد الرقمي وتعزيز النزاهة العالمية.

ويتضح مما تضمنه البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين، أن رئاسة القمة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز نقلت اجتماعات القمة رغم الظروف الدولية الصعبة وغير المواتية ورغم معاناة جائحة كورونا، من كونها اجتماع دوري في إطار قضايا ذات علاقة بالدول الأعضاء، إلى قمة عالمية معنية بحاضر ومستقبل العالم، بل ومعنية بهموم ومشاكل الدول النامية والفقيرة، وهذا التوجه وما طرأ من تفعيل على اجتماعات مجموعة العشرين جاء ضمن فلسفة المملكة ذات الأبعاد العالمية المعنية بأمن واستقرار العالمية وتجاوز أزمة جائحة كورونا، وتحقيق التنمية المستدامة والتخفيف من أعباء الدول الفقيرة والنامية من أجل مستقبل أفضل للبشرية مع القضاء على الإرهاب والتطرف بتحقيق النمو وتشغيل الشباب وتوفير العيش الكريم في الدول الأكثر فقرًا.

وهذا التطور النوعي في أداء واهتمامات دول مجموعة العشرين، أوضحه الملك سلمان بن عبد العزيز عندما قال "لقد التقى قادة دول مجموعة العشرين للمرة الأولى قبل اثنى عشر عامًا استجابة للأزمة المالية، وكانت النتائج خير شاهد على أن مجموعة العشرين هي المنتدى الأبرز للتعاون الدولي والتصدي للأزمات العالمية، واليوم نعمل معًا مجددًا لمواجهة أزمة عالمية أخرى أكثر عمقًا عصفت بالإنسان والاقتصاد".

وأكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في ختام هذه القمة على التصميم لاتخاذ التدابير ومواصلة العمل للتغلب على جائحة كورونا وبعث الأمل والطمأنينة في العالم كله، وأشار سموه إلى الوجه الإنساني للمملكة حيث ذكر : "إن الأزمات تذكرنا بإنسانيتنا وتستنهض فينا المبادرة والعطاء ورغم الشدائد لم نتوقف عن تمكين الإنسان وحماية كوكب الأرض ".

وإذا كانت قمة مجموعة العشرين قد انتهت، فإن نتائج هذه القمة التي استضافتها دولة عربية لأول مرة منذ أن تأسست، وتأثيرها سوف يظل مستمرًا لسنوات طويلة لأنها تصدت لقضايا مستمرة وذات علاقة بحاضر ومستقبل البشرية جمعاء.

مقالات لنفس الكاتب