array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 161

بداية نهاية صراع اليمن في طهران ووضع سيناريوهات للحفاظ على أمن الخليج

السبت، 01 أيار 2021

في كتابه التاريخي ملوك العرب و الذي أصبح له تقريبًا قرن من الزمان منذ أن نشر ، يحكي لنا أمين الريحاني في هذا الكتاب القصة التالية ( كنت في زيارة إلى إحدى مكتبات نيويورك التي تتعاطي الكتب العربية و دخل علينا رجل ثقيل اللهجة، سألته  من أي بلد عربي أنت ؟ قال من اليمن، قلت : أنا أعد لزيارة تلك البلاد و البلاد العربية المجاورة  الأخرى فحدثني عن اليمن ماذا تعملون هناك؟ ، قال الرجل  بلادنا جبلية ومياهنا صحية وعملنا الحرب، قلت تحاربون من ؟ قال نحارب الدولة العلية ( العثمانية) أو بريطانيا، فإن لم نجد نحارب بعضنا بعضا !) هذا ما سطره الريحاني في كتابه، ثم يصف زيارته لليمن في الكتاب بشكل تفصيلي، حيث حصل على خطاب تزكية من مندوب الإمام في عدن للدخول إلى الداخل، فلما وصل إلى تعز، قدم الخطاب لنائب الإمام، فقال له النائب انت حٌسيني أم حًسني !!  على أساس أن الكتاب ذكر فيه الرجاء مساعدة (السيد امين الريحاني)، فاعتقد نائب الإمام أنه (سيد) فرد مرافق الريحاني بالقول هو من سادة لبنان !! علينا واجب التذكير أن تلك الأحداث قد حدثت قبل مائة عام تقريبًا سارت في النهر مياه كثيرة وتقلبت على اليمن الكثير من المواجع كما أنها تغيرت سياسيًا، إلا أن عنصر الحرب وعنصر المذهب لازم ذلك المجتمع بدرجات مختلفة حتى يومنا، لقد انتهت الحكمة السياسية في الجوار: لا تدخل في شؤون اليمن لأنها تحرق أصابع من يتدخل فيها، لذلك فإن التدخل الإيراني في اليمن المشاهد اليوم سوف ينقلب علقمًا على النظام الإيراني طال الزمان أم قصر.

الدولة الفاشلة

في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين و نتيجة لاحتقان سايسي طال زمنه بوجود علي صالح في الحكم لمدة طويلة وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية انضمت النخبة اليمنية إلى ما عرف بالربيع العربي، كانت المجموعات المشكلة من تلك الحركة تعرف ما لا تريد، و لكنها لم تستطع أن تتوافق على ما يجب أن يكون، فانتهى الأمر بأن قام على صالح بالاستعانة بمجموعة ( طائفية) من متشددي الزيدية في الشمال اسمهم على اسم قائد لهم (الحوثي) و تم تسليم مخازن  السلاح اليمني لهذه المجموعة على أمل من صالح أن يكون له مكان أو يظل على رأس السلطة، سرعان ما وجد الحوثي نفسه في مكان القوة فاعتقل أولا رئيس الجمهورية المنتحب بعد ذلك قتل على صالح، واستخدم القوة المطلقة لإرهاب شرائح من المجتمع اليمني والتي تعرف دائما كيف تحارب، وإغراء بعضها بالمال لشن حرب تجويع وتخويف على كل شرائح المجتمع، وتصور أنه كمكون من مكونات الشعب اليمني يمكن له أن يكون مهيمنًا على كل فئات الشعب اليمني، إلا أن ما نشهده هو مقاومة الأغلبية اليمنية ضد محاولة هيمنة الأقلية الحوثية بمساعدة عربية وبطلب من الشرعية .

المشروع الإيراني والذي يتمدد في الخاصرة العربية من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن بل يطمح للوصول إلى أماكن أخرى من العالم العربي، وجد أن ما يحدث في اليمن هو فرصة له، وقدمت له (أحداث الربيع العربي) الفرصة السانحة. المشروع الإيراني في الجوار بسيط وواضح وهو تجنيد طائفة من الشعب العربي على أساس (مذهبي في ثوب ثوري)! ( توليفة عجيبة) !!، لإضعاف الدولة العربية ومن ثم التحكم في مصيرها ، واليمن له موقع استراتيجي بالغ الأهمية، فهو يتحكم في مدخل البحر الأحمر الجنوبي ويطل على بحر العرب ويجاور المملكة العربية السعودية، وهي  الهدف الرئيسي للمشروع الإيراني لأن بها المدن الإسلامية المقدسة ، ولأنها حجر الزاوية في منظومة الأمن الخليجي، لذلك فإن المعركة الإيرانية هناك هي ( المعركة الأم ) خاصة أنها لا تكلف النظام الإيراني  الكثير ، بضع طائرات مسيرة و حفنة من الدولارات للقيادة الحوثية، و الكثير من الدعاية المكتوبة والمذاعة المروجة للمشروع الحوثي  يتكفل بها ( مثقفو)!  حزب الله في لبنان!

 

المشروع الإيراني

 

أفرزت السيولة السياسية التي نشأت من فراغ (الربيع العربي)  مجموعة من الظواهر الاجتماعية / السياسية في محيطنا العربي ، منها وليست الوحيدة (ظاهرة الحراك الحوثي في اليمن) وهي ظاهرة تربط بين (العقيدة المذهبية، والانتماء السياسي)  وهو أمر يشكل ما يعرف انه توجه نكوصي، مرتبط بأحداث ماضوية انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد ، بعد  التطور الذي شهدته الإنسانية في ترتيب العلاقات السياسية بين مكونات المجتمع الواحد في الدولة الحديثة  أو في علاقات الدول ببعضها، وما التعدد المذهبي في فضائنا العربي الإسلامي ليس بجديد، ولا الانتماء السياسي أيضًا، ففي معظم سنوات القرن العشرين شهدت المجتمعات العربية قبول التعددية السياسية العابرة للطوائف، كشكل من أشكال الحداثة للدولة العربية  التي ظهرت  بعد الانفكاك من الهيمنة العثمانية/الغربية . 

 الجديد هذا الربط بين المذهب والسياسة الذي تبنته الدولة الإسلامية الإيرانية منذ أن تحول الحكم فيها من نظام الشاه المدني إلى نظام الملالي الثيوقراطي في توظيف سياسي قصده التوسع القومي.  وقد   اُسس هذا الربط في محيطنا العربي ما أسميه (حصان طروادة الإيراني)، وقد تبنته إيران في ثلاثة أماكن ظاهرة كما سلف، الأول لبنان وإنتاج حزب الله، والثاني العراق وإنتاج مليشيات مسلحة، والثالث في اليمن من خلال إنتاج الحركة الحوثية.  وقد حاولت إيران بشكل ممنهج إنتاج مثل تلك الحركات (صغيرة أو كبيرة) في أكثر من مكان من الفضاء العربي، في مصر، والمغرب، والبحرين، والكويت، والمملكة العربية السعودية، أي محاولة ربط (الفرقة المذهبية بإطار سياسي، يخدم الأهداف القومية الإيرانية) وقد سلكت لتحقيق نجاحات (لحصان طروادة الإيراني) بالعديد من الطرق، منها الأيديلوجية، ومنها المالية، ومنها رفد تلك المجموعات بالسلاح والتدريب. وهكذا ظهر في المجتمعات العربية ما يمكن تسميته بالجماعات التابعة والعابرة للأوطان. 

 في خضم هذا التسارع اشاعت الدولة الإيرانية مجموعة من الشعارات الجاذبة للجماهير العربية أو التي يمكن أن تغطي المشروع الأكبر والأهم وهو (تسريع واتساع النفوذ القومي الإيراني) وقد قبلها السذج، فتحدثت عن (تحرير فلسطين)! وهنا وجب لفت النظر ،أنه حتى في لبنان تخلى المشروع الإيراني عن الاستعانة بالفلسطينيين أو حتى الحركة الوطنية اللبنانية الجامعة، كرأس حربة للتحرير المفترض،  بل  أنشأت جماعة لبنانية مذهبة صرفة و تابعة مباشرة للولي الفقيه (حزب الله اللبناني)، كما  توسلت مفاهيم مثل ( الدفاع عن المستضعفين) أو ( محاربة الشيطان الأكبر) أو ( (الثورة الدائمة)  حتى افقرت لبنان، ولم يغفل المشروع الإيراني أن يتخفى ما استطاع تحت ستار من التعميم خارج (الطائفة) فحاول أن يمد يده إلى جماعات سنية لها علاقة بالمشروع الإسلامي السياسي، ،كما فعل مع حماس في غزة مثلاً، أو كما فعل مع  بعض أطراف جماعة الإخوان المسلمين، تحت  غبار الشعارات الكبرى ،كمثل (إقامة الشريعة) أو ( إنصاف الفقراء) أو (  إزاحة الاستكبار عن الحكم في بعض بلاد المسلمين) !. 

حصان طروادة الإيراني هذا تدخل فقط في الخاصرة العربية، أي في المشرق الإسلامي العربي، ولم يتوجه إلى جماعات أو دول إسلامية إلى الشرق أو الشمال الشرقي لإيران، مثل باكستان أو أفغانستان أو إندونيسيا أو غيرها من بلاد الإسلام الواسعة. مقصد المشروع الأكبر هو الوصول إلى (المدن الإسلامية المقدسة) وهذا ما يفسر جهد المشروع الدؤوب لمحاصرة المملكة العربية السعودية والخليج من الشمال والجنوب!  فهمنا لهذه المشروع يسرع من فهمنا لموقف الحركة الحوثية، فأنت هنا أمام صراع عابر للأوطان، صراع وجود حقيقي خلفه تعصب مذهبي/ سياسي غير مسبوق.

يد السلام السعودية

المبادرة السعودية الأخيرة لحل (المعضلة اليمنية) والتي رحب بها العالم لم تلق آذانًا صاغية لدى القيادة الحوثية، وهي ليست الأولى فقد قدمت مبادرات مرجعيتها الحرص على الحفاظ على اليمن مستقلاً والشعب اليمني آمنًا، وأيضًا رفضت كلها، لأسباب عديدة منها أن الجماعة الحوثية تعتقد أن استمرار الحرب هو استمرار بقائها، وأي توقف للحرب هو بداية النهاية لمشروعها، ومنها أن هذه الجماعة ليست حليفة مع إيران، فالحلفاء يتفقون ويختلفون، هي جماعة تابعة لإيران، تأمر طهران فيطيع التابع في صعدة دون نقاش أو اعتراض.  في الفضاء الإعلامي تستخدم الجماعة عنوة مفردات تضلل بها الجمهور العام، سواء العربي أو الأجنبي، فهي تستخدم مفاهيم (حكومة صنعاء) إيحاء أنها الحكومة اليمنية، وتستخدم (الحكومة الوطنية) على أساس أن غيرها غير وطني وهذا تضليل آخر، مع عدد من المفاهيم المخادعة والتي مع الأسف تسير معها بعض المؤسسات الإعلامية الناطقة بالعربية.  أكبر عملية تضليل أن الحرب الدائرة هي بين (اليمنيين) وبين (التحالف العربي)، وذلك غير صحيح على الإطلاق، الحرب هي بين مكون يمني صغير وبين جموع اليمنيين الآخرين من المكونات الأخرى الأحرار والحالمين بدولة مدنية حديثة تلبي احتياجاتهم في القرن الحادي والعشرين، والذي يشهد تقدمًا هائلاً في كل مناحي الحياة الإنسانية، الصراع بين مكون يريد أن يهيمن وبين مهيمن يريد أن يشارك. الافتراض أن الملالي في طهران يساعدوا الحوثين لإقامة دولة مستقلة  في اليمن هو افتراض مبني على خرافة غير موجودة إلا في عقل النخبة المتحكمة في القرار الحوثي ، أفضل ما يسعى إليه الملالي هو إقامة كيان يتحكموا فيه عن بعد  من أوله إلى آخره بواسطة مجموعة من الأشخاص يتم زرعهم في صنعاء من أجل تلك المهمة، و الخطة الثانية إن لم تنجح الأولى، أن يشاركوا بفصيل مسلح ( جماعة الحوثي) في دولة عرجاء مشوهة، على شاكلة التحكم في الحكومة اللبنانية عن طريق حزب الله، أو بقاء ذلك الفصيل وتفريخ  فصائل أخرى مسلحة على شاكلة ما يتم تنفيذه في العراق أيضًا من أجل إضعاف الدولة. وعند السؤال هل من مناصرين لهذه السيناريوهات المحتملة، الجواب بالقطع نعم، وهم كل حلفاء طهران في المنطقة الظاهر منهم والباطن، فهناك قوى لا تخفي مجاهرتها بدعم المشروع الإيراني في اليمن، وتقدم لعناصره التدريب والدعم، وهناك قوى تدفع بتأزيم الموقف السياسي في المنطقة تمسكًا بما لديها من مصالح أو تعطيلا لأي تفرغ حقيقي لمواجهتها، لأن مشروعها لا يقل عن مشروع الحوثي خبثًا. الذي يطرحه الحوثي للعامة من شعارات هو (الموت لإسرائيل و الموت لأمريكا) وفي الأسابيع الأخيرة سقط من الشعار النصف الثاني، لأن الإدارة الجديدة في واشنطن تخلت عن تسمية الحوثي كونه (مجموعة إرهابية) واكتفت بتسمية بعض قياداته، على أمل من الحوثي نفسه أن يصل إلى تحييد تلك الإدارة مؤقتًا لإكمال مشروعه الاستحواذي .  الوقائع تقول إنه إن اردت أن تتحدث إلى الحوثي عليك بالحديث إلى طهران، ولأول مرة منذ أسابيع ذهب مارتن غريفيس ممثل الأمم المتحدة في اليمن إلى طهران، ولكنه عاد بخفي حنين، فالمطالب الإيرانية تتعدى اليمن ولا يهم طهران كم من اليمنيين يموتون من الجوع أو يفتك بهم المرض، ما دام لهم قوة تابعة وكل ما يتطلب منهم بضع صواريخ وطائرات مسيرة يجري تهريبها ورزم من الدولارات للقيادة الحوثية.  المجتمع الدولي في أقله متردد أو غير مكترث أو ليس على اطلاع كاف بتفاصيل الملف اليمني، وهو أيضًا يعزف في كثير من إعلامه على (أكبر مجاعة في التاريخ) ولكنه لا يحدد أو يشير إلى المتسبب في هذه المجاعة، وهم على وجه الخصوص الحوثيين أنفسهم بسلطتهم المسلحة على مقدرات اليمنيين وإجبارهم للأطفال على حمل السلاح وسرقة كل ما يصل إلى اليمن من مساعدات إنسانية.  النموذج الأيديولوجي الذي يبشر به الحوثي لحكم اليمن ولت أيامه، وسقطت أوراقه، وهي في أكثر من مكان كما في طهران تصفر اليوم وتذبل، ذلك النموذج يقف عائقًا أمام التطور البشري والذي تتوق له الأمم بما فيهم اليمنيون على اختلاف مشاربهم السياسية خارج الجماعة الحوثية. من يقدم التضحيات أمام الحوثي اليوم هم اليمنيون أنفسهم بتحالفهم الواسع ضد مشروعه، متلازمة الدين و الدولة التي يتبناها الحوثي  كانت مقبولة في زمن من تاريخ البشرية، واليمن ربما آخر المجتمعات التي تخلصت منها بعد الإطاحة بحكم حميد الدين، أما اليوم في الألفية الثالثة فإن تلك التوليفة لا توائم الدولة الحديثة التي يترتب عليها مسؤولية القيام برعاية المؤسسات،  كالعناية بالتعليم والعلاج وتنظيم قوات الدفاع وتنظيم مالية الدولة، وفوق ذلك الاهتمام المطلق بحقوق الإنسان المتعارف عليها عالميًا، لأن اختراقها يسبب العزلة لتلك الدولة وحرمان مواطنيها من المساهمة في النشاطات الدولية . وعند النظر في الصراع اليمني اليوم فهو في الأصل صراع بين التوق إلى المستقبل للعيش في دولة مدنية تواكب العصر، وبين العودة القسرية إلى الماضي بقوة قاهرة ومساعدة قوة ظلامية لإخضاع اليمنيين إلى نوع مدمر من الاستعمار، والذي لا يرغب فقط في الحصول على الموارد الاقتصادية والاستراتيجية التي يمثلها اليمن، ولكن أيضًا في عبودية لبشر تستخدم للانقضاض على أمن وسلامة جيرانها.  لقد أساءت السياسة على مر التاريخ إلى العقائد، وها هي من جديد تتمثل في المشروع الإيراني الذي نشاهد، وقد سمم العلاقات بين الشعوب و جلب الكثير من المآسي ولا زال يفعل في اليمن وفي غيرها من دول الجوار ، إلا أن اليمن أكثر مأساوية، إن افترضنا أن ما يفعله في لبنان من إفقار و تدمير هو أفضل نسبيًا من اليمن ، وهما مثالان مع غيرهما من الأمثلة  المأساوية  التي تضرب منطقتنا بلا هوادة و لا رحمة ، ودون استثناء الشعوب الإيرانية المغلوبة على أمرها والتي يتصاعد فيها رفض ذلك المشروع الخارج عن السياق التاريخي . تقول لنا الأرقام والتي لا تكذب أن هناك شريان من المساعدات الإنسانية الضخمة  من كل من المملكة العربية السعودية ومن دولة الإمارات و دول خليجية أخرى تبلغ مليارات الدولارات ،ولا زال ذلك الشريان يغذي الحاجات الإنسانية لليمنين، لأن أهل اليمن اخوة وأهل و لان المساعدات واجبة ليس في العشرية الأخيرة و لكن منذ زمن طويل . الفرق بين هذا الدعم والدعم الإيراني للحوثي، أن الأخير للحرب والأول للحب وسوف ينتصر الحب على شهوات الحرب.

سيناريوهات المستقبل

تعتمد مسيرة الصراع في اليمن على عدد من المتغيرات التي تحدث أمامنا اليوم:

المتغير الأول  مسيرة التفاوض الأمريكي / الإيراني في أوروبا وهي ربما تكون مسيرة طويلة مما نتج حتى الآن من معلومات، ترغب إيران أن تعود إلى اتفاق ( 5+1) الموقع في يوليو 2015 م، بعد طول مفاوضات، والتي ترى فيه الإدارة الأمريكية عوار  من حيث التوقيت و الشمول ، كما ترى فيه البلدان العربية المجاورة نقصًا شديدًا في التعامل مع القضايا الملحة و هي ( السلاح الباليستي) و ( التدخل في الجوار) و قد تأخذ المفاوضات زمنًا و قد تصل إلى نتائج سريعة، إلا أن التخوف الأكثر إلحاحًا العودة إلى الاتفاق السابق دون تغيير ، مما سوف يسبب اضطرابًا في المنطقة و تغول للنظام الإيراني .

المتغير الثاني هو الموقف الإسرائيلي في ضوء الصراع منخفض المستوى الذي تشهده (الاعتداءات والاعتداءات المضادة) على السفن في البحار لكلا الطرفين، وقد يتصاعد هذه الصراع كي يصبح أكثر سخونة خاصة في إطار الوصول إلى اتفاق (أمريكي\ إيراني) غير مرض لإسرائيل او يثير مخاوفها ويضر بما تعتقد انه حيويا لأمنها. وهذا الافتراض لا يستثني أن تقوم إيران بتشجيع أذرعتها المختلفة في كل من العراق واليمن ولبنان بشن حملات إرهابية على أهداف عربية في داخل وطنها أو خارجه.

المتغير الثالث هو أن تضطر دول الخليج للدخول في سباق تسلح (غير تقليدي) للحفاظ على امنها الوطني وتستعين بقوى دولية وتقنية متقدمة، مما يجعل المنطقة كلها معرضة للانفجار غير محدد النتائج.

الخلاصة

نحن في عالم شديد التغير وشديد الغموض غير متوقع على أي جانب سوف ترسي مراسيه السياسية مع وجود نظام كهنوتي متعنت يعرف القاصي والداني أن المؤسسات التي تعمل تحت ظله هي مؤسسات شكلية و أن المناط الأوحد باتخاذ القرار في إيران هو المرشد الأعلى كما يسمى، وهو شخصية تعيش في أوهام وتتحكم في قوى شبه عسكرية لها شهوات الدم وقائمة على إيديولوجيا ضبابية بالغة الغوص في الماضي، و استرضاؤها من قبل القوى الغربية هو مجرد تأخير موعد الصدام وزيادة تكلفته في المستقبل، لقد كان الاسترضاء في تاريخ الأمر لمثل هذه الأنظمة وصفة للصدام في المستقبل. من هنا فإن نهاية الصراع في اليمن هو بدايته في طهران، وعلى أي سيناريو سوف تنتهي عملية (عض الأصابع) بين طهران وواشنطن يمكن تبعَا لنتائجها أن نتنبأ بنهاية الصراع في اليمن من عدمه، مع التأكيد على أن الحوثي لن يسمح له أن يحكم اليمن ليس بسبب رغبة من الخارج ولكن بسبب رفض مكونات يمنية داخلية أية هيمنة على مقدراتها وستقبلها، خاصة أن كان المشروع له علاقة بالماضي ومنقطع الصلة عن المستقبل، وقد يتفتت التراب اليمني بين المتحاربين لفترة وقد يصل الأمر إلى صراع أهلي طويل المدى، لذلك فإن التحوط و التفكير في سيناريوهات محتملة هو الطريق الأسلم للحفاظ على أمننا في الخليج .

مقالات لنفس الكاتب