array(1) { [0]=> object(stdClass)#12966 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 164

تجربة مجلس التعاون: التحديد الدقيق للأهداف المشتركة والتخطيط لتحقيقها

الثلاثاء، 29 حزيران/يونيو 2021

يقوم النظام الدولي ومنذ بضع سنوات على انتقال عميق، وسيطرة واضحة مستمرة لنفس القوى في مقابل صعود قوى جديدة أخرى، محفزة من خلال ديناميكية نمو متأثرة إلى حد كبير بالنمط الغربي. وفي ظل هذه الديناميكية فإنّ مستقبل العلاقات الدولية الذي يتجه نحو نظام متعدد الأقطاب، متعدد الثقافات حتى متعدد الرهانات، مع خطورة التوجه نحو تعقيدات أكثر.  وهنا يحدد "أورغانسكي" Organski أنّ كل دولة تدخل ضمن المسار الصناعي، وتدّخر روحها المفاجئة في سباقها من أجل التحول إلى قوة، تترك وراءها دولًا أخرى غير صناعية وتقلص هامش البعد والتفوق الذي تملكه الدول المتقدمة. إن الأمر يتعلق هنا بدول هي في الأصل كبيرة الحجم، وروحها بإمكانها قلب النظام الدولي القائم. لهذا نعتقد أنه من الضروري الإشارة إلى نظرية أورغانسكي الخاصة بترتيب القوى الدولية وكذا عملية انتقال مراكز القوى من أجل تفسير جيد للتطورات التي عرفها النسق الدولي في الفترة الأخيرة.

  1. أي إطار لتحليل ميزان القوى؟

يركز أورغانسكي Organski كثيرًا على أهمية عامل التحديث والتطور الصناعي، وتظل المصلحة الأساسية للتحليل التجريبي الذي قام به في كونه يحمل ميلا إلى مورفولوجية توازن القوى. في نظريته حول "انتقال القوة" Transition De Puissance، نجده يصر على الخاصية الدائرية لتموضع القوى في العلاقات الدولية.

حسب تحليلات أورغانسكي  Organskiلسلم القوى الموجود، فإنه توجد أربع مجموعات للدول:

  • القوى العالمية La Superpuissance Dominante: وتمتلك موارد ضخمة وهائلة.
  • القوى الكبرى Les Grandes Puissances: قوى تسعى لمنافسة القوى العالمية.
  • القوى المتوسطة Les Puissances Moyennes et Régionales : قوى بإمكانها التطور و مجابهة القوى الأخرى.
  • القوى الصغرى Les Petites Puissances : قوى تلعب أدوارًا محدودة في محيطها الإقليمي.

فكرة توازن القوى أيضًا، يمكن أن نجد لها بعض الأثر في دراسة ثيوسيديدس حول حرب البيلوبونيز، أو حتى عند المفكرين السياسيين في عصر النهضة، ويعتبر الاقتصادي والفيلسوف الإنجليزي دافيد هيوم أول من قدم صياغة تجريدية عن التوازن سنة 1724م، في بحثه حول توازن القوة. ومفهوم التوازن هو مفهوم مركزي في التيار الواقعي والواقعي الجيد من نظرية العلاقات الدولية التي تعلق بها باحثون أمثال هانز مورغنتو، ريمون أرون، أو حتى كينيث والتز.

يفهم من كلمة توازن، وفي آن واحد، وضع (أو بصورة أدق حلًا في نظام) تتعادل فيه قدرات العمل والاستراتيجيات، ضمن بعض التوجهات، وسياسة تهدف إلى الحفاظ على أساس الوضع القائم. الحالة الأولى تتطابق مع العبارة الإنجليزية "ميزان القوة" التي تترجم إلى الفرنسية "توازن القدرات الكامنة"، أو بتوازن القوات. والحالة الثانية يعبر عنها بعبارة "مبدأ التوازن".

النظرية التي يدافع عنها أورغانسكي Organski ، تقدم تصورًا للعلاقة بين تكافؤ القدرات واحتمالات الصراع، يستند إلى مفهوم ديناميكي لميزان القوة، أساسه "نظرية تحول القوة". تقول هذه النظرية إن احتمالات نشوب الحرب بين دولتين، إحداهما قوية والأخرى أقل قوة، تزداد عندما تنمو قوة الأخيرة إلى حد يمكنها من تحدي الدولة الأقوى، خاصة إذا كانت تلك الدولة غير راضية عن حال عدم التوازن. تقسيم أورغانسكي Organski  الدول إلى أربع مجموعات طبقًا لمعيارين هما، القدرات، ودرجة الرضا عن وضع الدولة في النسق الدولي. هذه المجموعات هي الدول القوية والراضية، والدول القوية وغير الراضية، والدول الضعيفة والراضية، والدول الضعيفة وغير الراضية.

يقول أورغانسكي Organski إن دول المجموعة الثانية هي أكثر الدول احتمالا للدخول في صراعات دولية وحروب شاملة. فالدول الواقعة في المجموعات الثلاث الأخرى إما راضية عن وضعها الدولي، وبالتالي ليست في حاجة إلى الحرب، وإما ضعيفة إلى حد لا يمكنها من شن الحرب. كما أنه حينما يحدث تحول في ميزان القوة، بحيث تمتلك الدولة الضعيفة وغير الراضية قدرات جديدة تمكنها من تحدي الدولة القوية المهيمنة، فإنها تبدأ في تحدي تلك الدولة. وفي الوقت ذاته، فإنه حينما تشعر الدول المهيمنة بتحول توازن القوي لغير صالحها، فإنها قد تسعى إلى محاولة وقف هذا التحول عن طريق توجيه ضربة اجهاضية للدولة التي تزداد قوتها.

ويقدم سوليفان Michael Sullivan تحليلا مختلفا للنظرية ذاتها، فيقول إن العبرة في أثر ميزان القوى ليس في الميزان ذاته في حالة سكون، سواء كان متكافئا أو غير متكافئ، ولكن العبرة بحالة الميزان حينما يتحول من حال إلى حال. فعدم التكافؤ الشديد في القدرات بين دولتين يؤدي إلى إقلال الصراع أو احتمالات الصراع بينهما. ولكن ما إن يتجه الميزان بين الدولتين نحو التكافؤ، تزداد احتمالات الصراع. ولكن حينما تصبح الدولتان متكافئتين في القدرات، تبدأ احتمالات الصراع بينهما في النقصان، كما تقل حدة الصراع، إذا ما نشب. ومن ثم، فالعلاقة بين توزيع القدرات واحتمالات الصراع ليست علاقة خطية، كما تصوره النظريتان الأولي والثانية، ولكنها علاقة تأخذ شكل المنحنى.

  1. هل قلبت جائحة كوفيد-19 موازين القوى؟

منذ ظهور تقارير عن تفشي فيروس كوفيد-19 في الصين حول العام الجديد، تركز نصيب الأسد من الاهتمام على الجهود الفورية لاحتواء واستجابة العامل الممرض الذي أصاب الملايين حول العالم. مع ذروة الموجة الأولية في العديد من البلدان، ناقش المحللون كيف يمكن للوباء أن يعيد تشكيل النظام العالمي؟، بما في ذلك آفاق التعاون الدولي، أين يتوقع البعض تراجع الولايات المتحدة المتسارع وظهور عالم متعدد الأقطاب، ويتنبأ آخرون بحدوث تحول استبدادي عميق في جميع أنحاء العالم، مع صعود الصين إلى الصدارة على الصعيد العالمي.

من بين الأسباب التي أدت إلى تأسيس النظام العالمي الليبرالي" بعد الحرب العالمية الثانية، تم تشكيل معسكرين في العالم -أحدهما رأسمالي والآخر اشتراكي -. واستند هذا الأخير إلى قوة غير بديلة شديدة المركزية، واقتصاد موجه وحدود مغلقة. إن انهيار الاتحاد السوفياتي والإصلاحات في الصين التي ترمز إلى نهاية الحرب الباردة والأحداث التي أطلق عليها العالم الأمريكي فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ"، أظهرت إفلاس الاقتصاد الموجه وإغلاق الحدود، حيث لم يتطور العالم الرأسمالي وفقًا لنموذج واحد. تقليديا، كانت تمثل نموذجين -نموذج ليبرالي كلاسيكي أو "ليبرالي جديد" واحد (عدم التدخل، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية) وآخر يعتمد على أفكار الديمقراطية الاجتماعية، التي سادت في معظم البلدان الأوروبية (دولة الرفاهية).

لقد ظهرت مشاكل مع نظام القيم الليبرالية والعولمة قبل جائحة كوفيد-19 وهذه الأخيرة فاقمت أكثر من الوضع السياسي والاقتصادي، الذي كان بالفعل تحت الضغط بسبب الصراعات، والتخلف عن السداد، والحروب التجارية، وما إلى ذلك. ومما لا شك فيه أن العالم يتوقع أزمة اقتصادية، واعتمادًا على مدى عمقها، سيؤثر على "سلوك" الجماهير والحكومات والدول، بالإضافة إلى تفاقم المشاكل القائمة، كشف الوباء أيضًا عن ضعف الدول القومية، على سبيل المثال، في مجال الرعاية الصحية. تم التعبير عن آراء مفادها أن السلطات المركزية كانت قادرة على الاستجابة بشكل أكثر فعالية لتحدي واسع النطاق. في هذا الصدد، يمكن مقارنة رد فعل الصين وسنغافورة، من جهة، برد فعل الولايات المتحدة وإيطاليا من جهة أخرى. ومع ذلك، كما أكدت التجربة الناجحة لألمانيا، فإن النقطة هي بالأحرى في جودة نظام الرعاية الصحية وفي انضباط الجهاز البيروقراطي.

ويعتقد أن اندلاع فيروس كوفيد-19 قد يؤدي إلى إدخال نظام حيث يمكن للدولة مراقبة المواطنين بشكل كامل، مما يخلق تهديدًا لحقوق الإنسان. كتب الفيلسوف الفرنسي الشهير ميشيل فوكو Michel Foucault عن تهديد المراقبة العامة في منتصف القرن الماضي، مستخدماً مفهومpanoptism ، الذي تمتد جذوره إلى أعماق في التاريخ (تذكر المشروع الشهير لسجن مثالي - Panopticon جريمة بنثام Jeremiah Bentham، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر). الإشراف ميزة مميزة لكل دولة حديثة، بما في ذلك الدول الديمقراطية والسلطوية، التي تستخدم التقنيات المتطورة باستمرار، حيث إن اقتصاد السوق، ببطاقاته الائتمانية، وهواتفه المحمولة، وتطبيقاته وشبكاته الاجتماعية، التي يستخدمها مئات الملايين وأكثر طواعية تمامًا، يدفع باتجاه ذلك.

قبل تفشي الوباء، كان من الواضح أن دور الولايات المتحدة (الولايات المتحدة) كركيزة أساسية في الحوكمة العالمية في حقبة أحادية القطب بعد الحرب الباردة كان يتضاءل. لم تكن الولايات المتحدة تُظهر قيادة أقل فحسب، بل كان غيابها في تعبئة الاستجابات المتعددة الأطراف واضحًا أيضًا، وقد ضاعف من ذلك صعود دونالد ترامب والسياسة الشعبوية المنتهجة وما نجم عن ذلك من هجوم على المؤسسات العالمية المتعددة الأطراف، وهياكل الحوكمة البيئية والعلاقات الإقليمية. على سبيل المثال، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليس مجرد أزمة أوروبية، ولكنه أيضًا عرض كلاسيكي للتحديات الأساسية للتعددية.

يشير ظهور فيروس كوفيد-19 في هذا السياق وعدم قدرة القوى العالمية على تولي القيادة في إدارتها إلى التأثير المتآكل الذي تركته نقاط الضعف هذه على الإدارة العالمية المعاصرة للأزمات.وبالتالي، فإن الطريقة التي تم بها التعامل مع الوباء هي من أعراض نقاط الضعف الموجودة في النظام الدولي وعامل محفز رئيسي في تدهور تلك التحديات بطرق من شأنها أن تؤثر على طبيعة العلاقات العالمية بين الدول في المستقبل.

مع تفاقم الوباء نقاط الضعف الهيكلية القائمة في النظام الدولي، من المقرر أن يخضع النظام العالمي لما بعد جائحة كوفيد-19 لثلاثة تغييرات رئيسية:

أولاً، قد تتجاوز التوترات بين الولايات المتحدة والصين الحروب التجارية، من الواضح أن الجائحة قد اختبرت أنظمة الولايات المتحدة والصين على حد سواء وكشفت نقاط القوة والضعف الخاصة بكل منهما  .بينما أتيحت الفرصة للصين لاستعادة قوتها وإبراز قوتها في التعامل مع الوباء، فقد كشفت خطوط الصدع في البنية التحتية للرعاية الصحية في الولايات المتحدة، وتعاملها مع الوباء والقيادة السياسية المحلية عن تحديات هيكلية في النظام الأمريكي. لا بد أن تبقى آثار ذلك على تنافس القوتين على النفوذ والشكوك المتبادلة المرتبطة بها قائمة حتى بعد احتواء الوباء.

ثانيًا، التغيير الثاني المتوقع بعد مرحلة كوفيد-19 هو استمرار صعود القومية، مما أدى إلى دول ذات نظرة داخلية، ولا بد أن ينشأ هذا ليس فقط من ارتفاع عدم الثقة بين الدول ولكن أيضًا من إدراك أن هناك مخاطر مرتبطة بالاعتماد المفرط على الصين كمصدر أساسي لسلسلة التوريد في العالم لبعض السلع الأساسية. وبقدر ما أثر غياب القيادة الأمريكية عن النضال من أجل معالجة الأزمة، فمن المرجح أن يزداد تنازلها عن القيادة العالمية في عالم ما بعد كوفيد-19، كما أنه من المحتمل أن تضطر جميع الدول إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لجهود الانتعاش الاقتصادي الداخلي والاستعدادات لحماية نفسها من الأوبئة المماثلة في المستقبل.

إن الضرر الناجم عن أسوأ أزمة صحية عالمية منذ قرن كبير، سافر الفيروس التاجي الجديد بسرعة كبيرة، دخلت الاقتصاديات معها في حالة تباطؤ لإبطاء انتشار المرض. لقد تسببت صدمات العرض والطلب مجتمعة في تدمير الاقتصاد العالمي بأشد انكماش منذ الكساد العظيم؛ إلى جانب تسجيل انخفاضات متوقعة في التجارة الدولية وتدفقات الاستثمار بنسبة 30٪ و40٪ على التوالي؛ وارتفاع البطالة في العديد من البلدان. لقد أودى هذا الوباء بحياة وأرزاق ملاين السكان، ومحى فرص العودة إلى الوضع السابق، ولكنه لم يُضِف سوى القليل من الوضوح بشأن نوع النظام الدولي الذي سيدخله.

لقد حانت حروب التعريفات والمعركة من أجل التفوق التكنولوجي لتحديد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين كقوة عظمى. بعد صراع تجاري شاق، توصلت الولايات المتحدة والصين إلى اتفاقية تجارية محدودة في يناير 2020م. وقد شكلت الصفقة وقفة في حرب التعريفات وتناولت بعض الحواجز غير الجمركية على الاستثمار الأجنبي المباشر والملكية الفكرية. لكنها تركت جوهر السياسة الصناعية الصينية (الإعانات العامة والشركات المملوكة للدولة) سليمة واحتفظت بالواجبات الأمريكية على منتجات صينية بقيمة 360 مليار دولار، لكن سرعان ما أصبحت التزامات الشراء الضخمة للصين (200 مليار دولار) غير قابلة للتحقيق بسبب الانكماش الاقتصادي الشديد في الصين على خلفية جائحة كوفيد-19.

  1. دول مجلس التعاون الخليجي: ما حجم القوة والتأثير؟

في حقيقة الأمر هناك العديد من المقاييس التي تم تطويرها لقياس قوة الدول، ولعل أهمها تلك الدراسة التي قدمها الدكتور جمال زهران تحت عنوان " منهج قياس قوة الدولة واحتمالات تطور الصراع العربي الإسرائيلي" عام 2006م، ويضم هذا المنهج جملة من العناصر والمؤشرات التي يجب قياسها وتحديدها، وبالرجوع إلى دراسة نوار جليل هاشم "العوامل المعنوية لدول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" وأثرها في قياس قوة الدولة"، يمكن الخروج بالملاحظات التالية والمحددة لعناصر قوة دول مجلس التعاون الخليجي:

- عندما يتعلق الأمر بقياس الإرادة القومية، والتي تضم ثلاثة مؤشرات: الأهداف الاستراتيجية، القاعدة العلمية. نجد أن الدراسة أشارت إلى النتائج التالية: قطر 18.08، الإمارات العربية المتحدة 14.81، الكويت 14.2، البحرين 13.99، عمان 13.82، السعودية 13.25.

- في مقياس درجة الاعتماد على الذات، احتلت السعودية المركز الأول بوزن 3.09، حيث يبلغ صافي الميزان التجاري فائضًا قدره 144.280 مليار دولار. وأيضًا ارتفاع صافي الميزان التجاري بسبب تصدير البترول، أين بلغ نحو 184 مليون دولار، وأما نسبة حجم الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي فهو صفر.

- في مقياس درجة الانكشافية والتبعية، نجد أن المملكة العربية السعودية هي أقل الدول انكشافًا بوزن 2.95، إذ تبلغ نسبة إجمالي الصادرات إلى الناتج المحلي الإجمالي 0.56 %. وفي نفس الجانب عندما يتعلق الأمر بعناصر حجم القاعدة العلمية كخيار استراتيجي احتلت المملكة العربية السعودية المركز الأول بوزن 2.97، ثم عمان 2.69، الكويت 2.57، الإمارات 2.1، قطر 2.05، البحرين 1.22. وبلغت نسبة الصادرات المرتفعة التقانة من إجمالي الصادرات 1 %. كما احتل أيضًا المرتبة الأولى في عدد الأعمال البحثية المنشورة بوزن 1.2.

- أما بالنسبة للتمثيل الخارجي، فالسعودية تأتي في المركز الأول بوزن 1.48، أين لديها 93 سفارة، ثم قطر ثانيًا بوزن 1.34 ولديها 87 سفارة، الكويت ثالثًا بوزن 1.28 ولديها 84 سفارة، والإمارات رابعًا بوزن 1.17 بعدد 80 سفارة. أما بالنسبة للتمثيل الخارجي، فقد احتلت السعودية المرتبة الثالثة بوزن 1.53، أين بلغ عدد البعثات الأجنبية الدبلوماسية 94 بعثة.

يتضح من خلال ما سبق أن دول مجلس التعاون تمتلك مقومات استراتيجية هامة، تؤهلها لتكون قوة مؤثرة في المنطقة وفي النظام الدولي، إذا ما أحسنت استغلالها بشكل جيد، حيث أن هذا التكتل الذي جاء كنتيجة مهمة لبيئة وظروف سياسية ساهمت في إنتاج فكرة المجلس الذي عقد قادته اجتماعهم التاسع والثلاثين في الرياض، تحديات المجلس سوف تظل دائماً مرهونة بمعايير القوة السياسية والأثر الاقتصادي وتحديات الأمن القومي لدول المجلس وتأثيراته على النظام العربي والعالمي.

هذه الميزة التاريخية لمجلس التعاون يقف خلفها بنية اقتصادية وثقافية وسياسية واجتماعية تشكلت منها دول مجلس التعاون، فدول الخليج وحدها تتربع على 55 % من الناتج المحلي من الدول العربية كلها، بينما يعيش في هذه الدول فقط 14 % من عدد السكان في العالم العربي، إلى جانب ذلك تحوز المملكة العربية السعودية على مكانة هامة في العالم العربي و الإسلامي، كما أن دول الخليج تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم وكذلك الغاز، دون أن ننسى مرور أهم ممرين بحريين في العالم على الخليج والبحر الأحمر بها، لذلك نلاحظ أن دول الخليج وبعد أربعة عقود تحاول بكل قواها تجنب كل مسببات عدم التعاون بينها فهذه الدول ظلت مزدهرة وتعلم أن النظام العربي من حولها تعرض للكثير من الفشل وخاصة بعد الثورات العربية و التغييرات التي اجتاحت المنطقة.

كما أنه ومن الناحية التاريخية أثبتت تجربة مجلس التعاون الخليجي أن وجود المجلس وتواتر اجتماعاته شكّل مستنداً تاريخياً قوياً لإثبات توازن فعلي تحظى به المنطقة، بالإضافة إلى أن هذا المجلس سجّل استجابة تاريخية مميزة لتطلعات الشعوب الخليجية والعالم، لقد أثبتت الحسابات السياسية للشعوب الخليجية وقياداتها قدرتها على تحقيق النجاح والترسيخ التقليدي لجذور المجلس سياسياً من خلال الاستجابة للطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدول المجلس.

أما على الصعيد الخارجي، فقد شكَّلت عملية "عاصفة الحزم" بقيادة المملكة العربية السعودية نموذجًا للتحالفات الخليجية الإقليمية الناجحة في مواجهة المخاطر والتهديدات الأمنية. حيث إن هذه العملية تُعدُّ مثالًا يُحتذى به للتحالفات العسكرية التي بمقدور دول مجلس التعاون اتخاذ زمام المبادرة بتشكيلها وبالانضمام إليها؛ بل وبقيادتها. وقد مثَّل هذا التحالف الجديد منعطفًا تاريخيًّا في مجال التحالفات الإقليمية والدولية المعاصرة في العالم العربي برمته؛ فهو تحالف عربي-إسلامي موسع بدعمٍ دولي؛ حيث اقتصر الدعم الدولي على إصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)؛ الذي اتخذته المنظمة الدولية تحت الفصل السابع من ميثاقها؛ والذي منح التحالف غطاءً دوليًّا إضافيًّا؛ من هنا يمكن النظر إلى تحالف "عاصفة الحزم" باعتباره مدخلًا مناسبًا ومثاليًّا لبناء نظام إقليمي أكثر مراعاة للمصالح الخليجية والعربية.

الخاتمة:

يمكن القول إن المؤشرات المتوفرة تبين أن هناك فرصة هامة لمجلس التعاون الخليجي من أجل تحقيق وثبة كبيرة والتحول لقوة لها تأثيرها على المنطقة وبالتالي إحداث تحول في ميزان القوى القائم، يبدو مجلس التعاون الخليجي على المسار الصحيح للبقاء ضمن النمط التاريخي لتماسك دوله، والذي يعتبر دوريًا في الأبعاد الأمنية والسياسية، مع فترات من الوحدة تتخللها. لقد أثبتت تجربة مجلس التعاون الخليجي أن عملية التحديد الدقيق للأهداف المشتركة وصياغة الخطط الجديدة لتحقيقها هو السبيل الأفضل لتعزيز قوة ومكانة المجلس ودوله في النظام الدولي، ضف إلى ذلك تعزيز المكاسب المحققة إلى غاية الآن يتطلب تكاثف الجهود والمضي قدمًا.

مقالات لنفس الكاتب