; logged out
الرئيسية / الطاقة النووية والفضاء والطاقات الجديدة نقاط اختراق في التعاون الصيني ـ الخليجي

العدد 165

الطاقة النووية والفضاء والطاقات الجديدة نقاط اختراق في التعاون الصيني ـ الخليجي

الإثنين، 30 آب/أغسطس 2021

     دخل التعاون العربي الصيني مرحلة تطور جديدة في العصر الحديث مع تأسيس الصين الجديدة عام 1949م، وحصول الدول العربية على استقلالها السياسي بعد الحرب الكونية الثانية، وكانت مصر في مقدمة الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956م، ومع مطلع التسعينات من القرن العشرين باتت جميع الدول العربية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين التي كانت تدعم بحزم حركات التحرر الوطني في العالم العربي، وتدعم الدول العربية في سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية واستعادة وصيانة الحقوق والمصالح القومية والتصدي للتدخل والاعتداء الخارجيين، وتدعم بحزم القضايا العربية في تطوير الاقتصاد القومي وبناء الوطن. وفي المقابل، قدمت الدول العربية دعماً قوياً للصين في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة وفي قضية تايوان وغيرها من القضايا الأخرى.

       بعد انتهاء الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود، ومواكبة للتوجه العالمي المتمثل في السلام والتنمية والتعاون الاقتصادي، كان الطرفان الصيني والعربي يتعاملان مع بعضهما البعض باحترام ومساواة وعملاً على تعميق الصداقة التقليدية وتطوير العلاقات الثنائية، وحققا نتائج ملحوظة في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية والتكنولوجية والثقافية والتعليمية والعسكرية والصحية والرياضية والإعلامية وغيرها، وأقاما علاقات الصداقة والتعاون الموجهة للقرن الجديد.، حيث تم تأسيس جمعية الصداقة الصينية العربية عام 2001م.

      كما تأسس منتدى التعاون الصيني العربي في عام 2004م، وأصبح إطاراً للتعاون الجماعي يشمل مجالات عديدة وانبثق عنه أكثر من (10) آليات. وتم في عام 2010م، إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة بين الصين والدول العربية، الأمر الذي أدخل التعاون الجماعي الصيني / العربي إلى مرحلة جديدة من التطور والتقدم النوعي بشكل أكثر شمولية. وعلى هذا الأساس، أوضح الرئيس الصيني شي جينبينغ المجالات والاتجاهات ذات الأولوية للتعاون الجماعي الصيني العربي في الخطاب المهم الذي ألقاه خلال افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني / العربي في عام 2014م، الأمر الذي حدد إطار عمل لتطوير العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى.

 

     وغني عن البيان، فإن العالم العربي يشكل ركيزة أساسية في مبادرة " حزام واحد وطريق واحد"، إذ يربط موقعه الجيواستراتيجي والحيوي الصين بأسواق إفريقيا وأوروبا. وتشكل احتياطاته من النفط المقدر بنحو (42.8%) والغاز الطبيعي (26%) من الاحتياطي العالمي في نهاية عام 2020م، وهو المجهز الرئيس للصين بالنفط والغاز المسال، عنصراً هاماً في الدفع في المشاريع الإنمائية المتضمنة في مبادرة " حزام واحد وطريق واحد". عليه فإننا نرى بأن التعاون العربي الصيني سوف يتعزز مع اتساع قاعدة انتشار الصين الشعبية على سواحل المحيط الهندي. وفي ذات الوقت يستند التعاون المتعلق بمبادرة " حزام واحد طريق واحد" على العلاقات الثنائية التي سعت الدول العربية والصين على تطويرها على مدار العقود الثلاثة المنصرمة، والتي تتضمن جملة من المصالح في مقدمتها المصالح الاقتصادية والتجارية. وفيما يلي بيان بعلاقات التعاون الاقتصادي العربي الصيني والآفاق المستقبلية لهذا التعاون.

أولاً- علاقات التعاون التجاري العربي الصيني:

      شكلت التجارة السلعية إحدى أهم الدعامات الرئيسة لنشوء العلاقات الدبلوماسية بين الصين والعالم العربي. وانطلقت العلاقات التجارية العربية الصينية عام 1956م، عن طريق تأسيس مكتب البعثة التجارية الصينية بالقاهرة في جمهورية مصر العربية. ومع تطور العلاقات بين الصين والدول العربية، تصاعد حجم التبادل التجاري بين الطرفين بصورة مطردة، حيث تراوح بين 80 و90 مليون دولار أمريكي في الفترة الممتدة بين 1967و1968، ليبلغ نحو (232) مليون دولار أمريكي عام 1969م، ويصل إلى (640) مليون دولار عام 1977 ثم يقفز إلى حدود (1) مليار دولار عام 1978م.

     ومع بدء سريان تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي في الصين عام 1978م، أولت الحكومة الصينية اهتماماً متزايداً بالتعاون الاقتصادي والتجاري مع الدول العربية، ومن ثم وضعت سلسلة من السياسات والتوجهات التي تناسب الأوضاع الجديدة في التعاملات مع الدول العربية، الأمر الذي ساهم في زيادة عدد الدول العربية التي وطدت علاقاتها التجارية مع الصين من ست دول عام 1988م، إلى (15) دولة عام 1998م، وإلى (22) دولة في عام 2001م.

    وشهد حجم التبادل التجاري السلعي الصيني العربي نمواً سريعاً، خلال العقود الأربعة المنصرمة ليرتفع بنحو بأكثر من (239) مرة خلال العقود الأربعة المنصرمة، أي من (1.0) مليار دولار في عام 1978م، إلى (239.8) مليار دولار في عام 2020م، كما تُعد الصين اليوم أكبر شريك تجاري للدول العربية بصادرات بلغت (123.1) مليار دولار في 2020م، رغم تأثيرات جائحة كورونا " كوفيد-19". بينما بلغت الواردات الصينية من الدول العربية (115.8) مليار دولار؛ ليسجل الفائض التجاري الصيني مع الدول العربية 7.3 مليارات دولار.

   المصدر: وزارة التجارة الصينية

    وتجدر الإشارة إلى أن السعودية تُعد الشريك التجاري الأول للصين، حيث بلغت تجارتها مع الصين نحو (67.1) مليار دولار شكلت ما نسبته (27.9%) من إجمالي تجارة الصين مع العالم العربي لعام 2020م، تليها الإمارات (49.2) مليار دولار بنسبة (20.5%)، ثم العراق (30.2) مليار دولار بنسبة (12.6%)، فسلطنة عمان (18.6) مليار دولار بنسبة (7.8%)، ثم الكويت (14.3) مليار دولار بنسبة (5.9%) فمصر (12.9) مليار دولار بنسبة (5.4%) تليها دولة قطر (11.7) مليار دولار بنسبة (4.9%).

 

المصدر: وزارة التجارة الصينية

  وغني عن البيان، فإن صادرات النفط الخام ومشتقاته والغاز المسال والألمونيوم ومصنوعاته واللدائن الصناعية تشكل أبرز الواردات الصينية من الدول العربية. أما أهم واردات الدول العربية من الصين فتمثلت في المنتجات الميكانيكية والكهربائية والمنتجات ذات التقنيات الفائقة والحديثة والتي سجلتا زيادة بنسبة 1.‏6 % 3.3 % على التوالي، لتشكلا معاً (%67.4) من إجمالي الصادرات الصينية للدول العربية لعام 2020.

    إن ما يميز العلاقات التجارية الحديثة بين الدول العربية والصين قيامها على أساس الجمع بين الميزات النسبية والمنفعة المتبادلة والمشتركة والتي تُمكّن الجانبين من تحويل الميزات النسبية إلى قدرة تنافسية متكاملة بما يزيد بصورة كبيرة من فرص التميز في تنفيذ المشاريع في السوق الدولية، الأمر الذي يجعل من مستقبل هذه العلاقات الثنائية يحظى بآفاق مشرقة، وأكثر رحابة.

ثانياً- التعاون الصيني العربي في المجال الاستثماري

  لا يقتصر التعاون الاقتصادي العربي / الصيني على التبادل التجاري بل هناك علاقات استثمارية بدأت بالنمو خلال العقدين المنصرين نتيجة للتوقيع على العديد من اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين الطرفين وباتت الصين بالمرتبة الرابعة كأهم المستثمرين في العالم العربي، وصنفت الصين في المرتبة الرابعة من حيث التكلفة الاستثمارية للمشاريع والمرتبة الثامنة من حيث عدد المشاريع، كما أنها ثالث أكبر المستثمرين توفيراً للوظائف في المنطقة العربية.

     وتجدر الإشارة إلى أن الصين تخطت الولايات المتحدة لتصبح بذلك أكبر مصدر للاستثمار في الدول العربية، وأن المشاريع تتنوع ما بين البنى التحتية والمواصلات والتكنولوجيا والصناعة والزراعة والاتصالات وغيرها. وبلغ حجم الاستثمارات الصينية غير المالية المباشرة في الدول العربية نسبة (31.9%) من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي جذبتها الدول العربية، وبقيمة بلغت (29.5) مليار دولار. في المقابل، لم تتخط الاستثمارات الأميركية السبعة مليارات دولار بحصة تصل إلى (7.6%) من إجمالي الاستثمارات في الدول العربية، وفق تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2017.

أما الاستثمارات الصينية المباشرة في الدول العربية فقد ارتفعت إلى (1.42) مليار دولار في العام 2019م، بزيادة نسبتها 18.8%، كما بلغت قيمة عقود المشاريع التي وقعتها الشركات الصينية مع الدول العربية (32.5) مليار دولار، بانخفاض (8.7%) عن العام 2018م.

     واستطاعت الصين من رفع حجم استثماراتها في المنطقة العربية من (36.7) مليار دولار في عام 2004م، إلى (109.8) مليار دولار في 2018م. وطبقاً لمتعقب الاستثمار العالمي الصيني (CGIT)  الصادر من معهد "أمريكان إنتربرايز"، تُعد المملكة العربية السعودية الدولة العربية التي تستقطب أكبر قدر من الاستثمارات الصينية، حيث يصل مجموعها إلى (23.3) مليار دولار، أي بنسبة (20.9%) من إجمالي الاستثمارات الصينية في الدول العربية، تليها الجزائر باستثمارات صينية قدرها (18.69) مليار دولار وبنسبة (16.75%) دولار، ومن ثم العراق بمجموع استثمارات يبلغ (16.3) مليار دولار بنسبة (14.6%) ، تليها مصر بنحو (12.2) مليار دولار وبنسبة (10.93%) والشكل التالي يبين ذلك.

شكل (3) استثمارات جمهورية الصين الشعبية في الدول العربية (2005-2018) مليار دولار

   

      ومن نافلة القول، فقد بلغ عدد مشاريع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصينية الجديدة المسجلة في العالم العربي خلال الفترة من يناير 2003 حتى ديسمبر 2019 نحو (305) مشروعات بتكلفة استثمارية بلغت (61.7) مليار دولار، وبمتوسط (202.3) مليون دولار لكل مشروع. وقد وفرت تلك المشاريع (78484) وظيفة. واستحوذت خمسة دول عربية من بين (16) دولة عربية مستقبلة للاستثمارات الصينية على غالبية المشاريع، حيث حلت الإمارات في المقدمة بأكثر من ثلث المشاريع الصينية التي تم رصدها. وقد بلغ عدد المشاريع ذروته عام 2018م، مع رصد (20) مشروعاً جديداً.

   وتُعد مصر أكبر وجهة للاستثمارات الصينية في العالم العربي بتكلفة استثمارية تبلغ (28.5) مليار دولار، كما جاءت بالمقدمة أيضاً من حيث الوظائف المولدة بإجمالي (23930) وظيفة، أما سلطنة عمان والجزائر، فقد شهدتا أكبر متوسط لحجم المشروع من حيث التكلفة الاستثمارية وتوفير فرص العمل على التوالي.

  ويلاحظ بأن عدد المشاريع الاستثمارية الصينية في الدول العربية قد ارتفع بنسبة (500%) ما بين عامي 2003 و2019م. ومن متوسط (4) مشاريع سنوياً في بداية الألفية الثالثة إلى متوسط (40) مشروعاً استثمارياً سنوياً على مدى السنوات الأربعة المنصرمة.

المصدر: المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2020

    وغني عن البيان، فإن المؤسسات الصينية قد حققت تقدماً ملحوظاً في مشروعات البنية التحتية الرئيسة لمبادرة الحزام والطريق في الدول العربية تمثلت في بناء المركز الصيني – العربي لتبادل ونقل التكنولوجيا، وتأسيس ثمانية فروع له، وإنشاء منصة خدمات المعلومات المتكاملة الصينية العربية لنقل التكنولوجيا. وقد قام المركز ما يزيد عن أربعين نشاطاً تفاوضياً، وأنشأ شبكة شارك فيها أكثر من أربعة آلاف عضو حتى الآن. كما تحقق تقدم إيجابي في بناء المركز العربي للتدريب على استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، ومركز التدريب على الطاقة النظيفة بين الصين والدول العربية.

    كما افتتح مركز التميز الصيني – العربي لتكنولوجيا بيدو في تونس لنظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الصناعية، وفازت مؤسسة هاربين الدولية المحدودة للكهرباء بمناقصة مشروع محطة الطاقة النظيفة التي تعمل بالفحم في دبي. وتعاونت جمهورية الصين الشعبية مع الجزائر لبناء ميناء شحن جديد، وقامت المؤسسة الصينية ببناء مشروع السكك الحديد لمدينة العاشر من رمضان في مصر، ومشروع جسر محمد الخامس في المغرب ومشروع محطة العطارات لتوليد الكهرباء في الأردن وغيرها من المشروعات، مما أسهم في توسيع مجالات التعاون الصيني – العربي.

    كما تُعد الصين من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة بالعراق، حيث تستثمر شركة النفط الوطنية الصينية في حقول للنفط والغاز، كحقل الأحدب في محافظة واسط وحقل حلفاية بمدينة العمارة، وكذلك تتشارك مع شركة برتش بتروليوم البريطانية في الاستثمار في حقل الرميلة الذي يُعد أكبر حقول النفط بالعراق، علاوة على الاستثمار في حقول أخرى.

 

     وبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في العالم العربي نحو (20.1) مليار دولار في نهاية عام 2020م، بينما كان إجمالي الاستثمار المباشر العربي في الصين (3.8) مليار دولار فقط، مما يدل على أن رجال الأعمال العرب مازالوا يفتقرون إلى معرفة السوق الصيني الذي تفضله الشركات المتعددة الجنسيات والشركات بأنواعها المختلفة في العالم. وقد بدأت الشركات الصينية استثمارها في الدول العربية، ومع تعاظمها سيزداد استثمارها في العالم العربي بالتأكيد. وقد حقق التعاون العربي الصيني في مجال العلوم والتكنولوجيا ثمارًا كثيرة، بينما لا تزال هناك قوة كامنة كبيرة تنتظر استثمار الطرفين فيها.

شكل (5) نماذج من الاستثمار العربي المباشر في الصين

Source:https://www.arabiamonitor.com/belt-road/arab-fdi-china-slowly-surely-belt-road 

    وتجدر الإشارة إلى أن الدول العربية قد شاركت في قمة منتدى " الحزام والطريق" للتعاون الدولي التي عقدت عام 2019م، حيث أقامت الصين والدول العربية، بعد التشاور والنقاشات علاقات تعاونية ومنصة للتعاون في مجالات الموانئ والجمارك وفحص الجودة وغيرها. كذلك قدمت الصين (20) مليار دولار أمريكي من القروض الخاصة لدفع التعاون في مجال الطاقة و(15) مليار دولار أمريكي من القروض الخاصة لدفع التصنيع في الشرق الأوسط و(10) مليارات دولار أمريكي من القروض التفضيلية بقصد تعميق التعاون الصيني – العربي.

    كما أسست جمهورية الصين الشعبية مراكز مقاصة الرنمينبي في دولة قطر والإمارات العربية المتحدة، وتعاونت معهما لإنشاء صندوق الاستثمار المشترك بقيمة (20) مليار دولار أمريكي، علاوة على ذلك، تعمل الصين على تعزيز مشروعات منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، والمدينة الصناعية الصينية – العمانية في الدقم والمدينة الصناعية الصينية – السعودية في جازان، والمنطقة التجريبية الصينية – الإماراتية للتعاون الطاقة وغيرها.

ثالثاً- الأفاق المستقبلية للتعاون الاقتصادي العربي الصيني

    حقق التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني / العربي نمواً مطرداً خلال العقود الثلاثة المنصرمة، وأقام الجانبان الصيني والعربي فعاليات كثيرة في إطار منتدى التعاون الصيني - العربي مثل مؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب، والمعارض التجارية، ومؤتمر التعاون الصيني - العربي في مجال الطاقة وغيرها. وتطمح القيادات السياسية في كلا الجانبين العربي والصيني الارتقاء بحجم العلاقات الاقتصادية بينهما من مستوى التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية التي سيكون لها آثار إيجابية في تثبيت الاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط

    ووفقاً لوزارة التجارة الصينية، فإنه من المتوقع أن تحقق جمهورية الصين الشعبية والدول العربية نمواً متزايداً في المستقبل فيما يتعلق بالتعاون في ثلاثة مجالات هي:

  • تعزيز المشاورات التجارية والاقتصادية بهدف تحسين آلية التعاون، من بينها التخطيط لعدد من المشروعات الكبرى مثل دفع مشروع بناء منطقة تجارة حرة بين الصين والخليج. ثانياً، توثيق التعاون في مجال الاستثمارات لتعزيز نمو الصناعات.
  • ستواصل جمهورية الصين الشعبية، تشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في الدول العربية لتقوية التعاون الاستثماري في مجالات كالطاقة والمعادن والموارد والصناعات البتروكيميائية وغيرها، وإقامة منشآت للجمع بين الصناعات الصينية والعربية بهدف دفع التعاون في النقل والكهرباء والاتصالات والمعادن غير الحديدية ومواد البناء وغيرها من المجالات.
  • تعميق التعاون التنموي وتبادل الخبرات في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.

     وتجدر الإشارة إلى أن جمهورية الصين تشارك في مشروعات عربية كبرى، أبرزها، منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري في مصر، والبناء المشترك للحزام والطريق عبر الدول العربية التي يمر منها. وتنخرط الشركات الصينية المتخصصة في الصناعات الإنشائية في استثمارات بالعراق تبدأ بمليارات الدولارات ضمن خطط واسعة لاستثمار نحو 20 مليار دولار في المحافظة الجنوبية، تجعل منها مصدّراً رئيساً للمنتجات الصناعات الإنشائية إلى الدول المجاورة للعراق والعالم عبر منافذه الحدودية. وستتضمن المرحلة الأولى من الاستثمار الصيني في المثنى سلسلة من مشاريع الصناعة الإنشائية بتكلفة (5) مليارات دولار هي مصانع للأرضيات والبورسلين والأدوات الصحية وسيراميك "للإكسسوار المذهب"، وللورق والكرتون المقوى بطاقة 125 مليون كرتونة شهرياً. أما المرحلة الثانية، فتكون مخصصة لإنشاء ستة مشاريع ومحطة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة 1000 ميغاواط.

 

       كما تسارعت وتيرة التعاون الصيني مع المغرب بعد التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء "الحزام والطريق" عام 2017م، حيث قامت ومجموعة من الشركات الصينية مثل CITIC Dicastal وChina Communications Construction وDongfeng Xiaokang بالاستثمار على التوالي في المغرب، وإقامة التعاون في مجالات الإنتاج الصناعي، والترابط والتواصل، وبناء منطقة العلوم والتكنولوجيا والطاقة الجديدة، مما سيفتح فصلاً جديداً من التعاون متبادل المنفعة بين الصين والمغرب. واتفقت الصين والجزائر على تسريع المفاوضات للتوقيع على الخطة الخمسية للتعاون الاستراتيجي الشامل بين الصين والجزائر وخطة التنفيذ للتنمية المشتركة للحزام والطريق. ووقعت عمان مع الصين عام 2018م، اتفاقية تفاهم للعلاقات بين البلدين في إطار مبادرة الحزام والطريق.

    وقعت مصر مع الصين على أكثر من (60) اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما شملت مختلف المجالات سيكون تأثير إيجابي على مستقبل العلاقات بين البلدين. وفي إطار برنامج تنفيذي لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع الصين تم التوقيع عام 2018م، على عدد من المشروعات الاقتصادية مع شركات صينية باستثمارات بلغت (18) مليار دولار بقطاعات الصناعة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير المناطق الاقتصادية.

      ووقعت السعودية والصين على جملة من الاتفاقيات في مجال البتروكيماويات والاستثمار والنقل البحري والنفط، تبلغ قيمتها حوالي 65 مليار دولار، كما دعت السعودية دول العالم بضمنها جمهورية الصين الشعبية للتعاون في تبني الاقتصاد الدائري للكربون للوصول إلى ما تطمح إليه الدول في مجال الحياد الكربوني المتوائم مع اتفاقية باريس للمناخ، والمتوافق مع الطموحات والتطلعات التنموية لكل دولة.

    وصفوة القول، فإنه خلال العقود الستة المنصرمة على بدء العلاقات الدبلوماسية الصينية / العربية، تعمّق التعاون بين الطرفين في مختلف المجالات بشكل مستمر، حيث تمت إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين و8 دول عربية وآلية للحوار الاستراتيجي بين الصين ومجلس التعاون الخليجي. كما أصبحت الدول العربية أكبر مجهز للنفط الخام والغاز للصين وسابع أكبر شريك تجاري لها، وتجاوبت إيجابياً وفاعلاً مع المبادرات الصينية التي تدعو إلى تشارك الجانبين الصيني العربي في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين وتشكيل معادلة التعاون (1+2+3) المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كالمحور الرئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق في التعاون، وتعزيز التعاون في الطاقة الإنتاجية. كما أن هناك إمكانات هائلة للتعاون الصيني العربي، وخاصة في ظل البناء المشترك للحزام والطريق، وسيقوم الجانبان في المستقبل بتوسيع التعاون في مجالات جديدة مثل الاقتصاد الرقمي والطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي.

مقالات لنفس الكاتب