; logged out
الرئيسية / على دول الخليج فتح قنصليات في أفغانستان لتسمع وترى ما يحدث في المسرح الأفغاني

العدد 166

على دول الخليج فتح قنصليات في أفغانستان لتسمع وترى ما يحدث في المسرح الأفغاني

الثلاثاء، 28 أيلول/سبتمبر 2021

ربما يصف البعض سيطرة طالبان بالسرعة التي تمت بها على عموم أفغانستان  أشبه بالزلزال، لكثير من المراقبين و إن توقعوا وصولها إلى العاصمة إلا أن الزمن القصير الذي تم به ذلك العمل  هو  بالنسبة لهم المفاجأة، وهي محيرة و يصعب تحليل أسبابها  بشكل عقلاني. فالأسئلة لا زالت قائمة وهي أين الحكومة الشرعية ؟و أين قواتها المسلحة و المدربة ؟ يميل البعض أن طالبان لم تدخل إلى المدن الأفغانية هي في الحقيقة ظهرت منها ، وإن العاصمة كابول في زمن الحكومة السابقة كانت تحكم في النهار من الحكومة  و في الليل  هي لطالبان ، قد يكون ذلك مبالغ فيه . إلا أن من الواضح أن هناك شيء  يشبه ( اتفاق) ما بين الإدارة الأمريكية و طالبان على التسلم و التسليم بشروط قد يكون بعضها غير معلن ، في اتفاقية مكتوبة  أو تفاهمات ما بين الطرفين، بعض تلك الشروط الأحداث و رغبات طالبان قد تجاوزتها و بعض الشروط ربما تحتاج إلى ( اختبار) في الأشهر القادمة لأفعال  طالبان و تحركها على الساحة الداخلية و الخارجية . ويمكن أن يقال إن الحالة العامة في أفغانستان اليوم هي حالة رخوة ، يمكن ان تتصلب باتجاه آخر ، ذلك قد يكون الرهان من أطراف عديدة بأي اتجاه سيكون ذلك (التصلب). العالم قلق إن لم يكن متخوفًا من حكم هذه المجموعة المتشددة أولا من حيث إمكانية فتح البلاد لقوى مسلحة أيديولوجية مناوئة للكثير من دول العالم و دول الجوار ، و القلق الثاني على التطور الاقتصادي و الاجتماعي في الداخل الأفغاني من حيث معاملة المرأة و التعليم الحديث و العمل على الاتصال بالعالم المتحضر .

هل ما حصل هو هزيمة أمريكية . ذهب البعض في التحليل منذ سقوط العاصمة إلى أن هناك هزيمة أمريكية و تشبه ما حصل لأمريكا في فيتنام  في الربع الأخير من القرن العشرين ، و البعض اعتمد هذا التحليل ، خاصة في الساحة العربية \ الإسلامية المناوئة للوجود الأمريكي ،إنها مقدمة للانسحاب من كل المناطق التي تحتفظ فيها الولايات المتحدة بنفوذ ،وكان أكثرهم يصوب على منطقة الخليج و كأنها الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ذات علاقة بالولايات المتحدة ، وبالتالي يمكن استخدام نموذج الانسحاب من أفغانستان كرافعة للضغط على الوجود الأمريكي في المنطقة  .آخرون ذهبوا في التحليل أن ذلك اتفاق أمريكي يتصف بالدهاء من أجل توريط الروس و الصين في مشكلة تقع في جوارهم ، لذلك كان الانسحاب مخطط له . لا أميل إلى أي من ( الأسود و الأبيض) في الاحتمالين السابقين، أرى أن الموضوع في الغالب (رمادي)  فهناك عوامل كثيرة دخلت على خط الوجود الأمريكي في أفغانستان منها الداخلي  الأمريكي و الخارجي، و لكن الطريقة التي تم الانسحاب بها كانت في نظر كثيرين (مهينة) و ربما حتى الإدارة الأمريكية كانت متفاجئة، ليس بوصول طالبان إلى العاصمة و لكن بالسرعة التي تمت بها . فلم تكن لا هزيمة و لا نصر كانت ضمن ( ديناميكية) اشتركت فيها عوامل داخلية أمريكية و عوامل استراتيجية دولية. أما أن يكون الانسحاب للإيقاع بروسيا أو الصين ، فذلك مستبعد ، إلا أن الدولتين لا شك سوف تهتمان أكثر بالتغيرات الحادثة بعد رفع اليد الأمريكية ، وتطور علاقتهما مرهون بالأحداث و بسلوك طالبان السياسي في المستقبل .

الديناميكية الأمريكية الداخلية: كانت رغبة الديمقراطيين و الجمهوريين منذ فترة  وهي ( الخروج من أفغانستان)  على الأقل من فترة السيد باراك أوباما، وكانت العوامل الضاغطة، التكلفة المالية الكبيرة الناشئة عن الوجود الأمريكي هناك، و القلق السياسي في الداخل الأمريكي المتسم بالانشطار و الخلاف لقد كان المعيار للسياسة الأمريكية أن ( البعد الخارجي) هو فقط لجهاز الرئيس ولا خلاف حوله لأنه مصالح أمريكا العليا، ويختفي الخلاف الداخلي كما كان يقال عند شواطئ الولايات المتحدة، ذلك المعيار الذي دام لعقود بعد الحرب العالمية الثانية انتهى ربما في الثمانينات، فقد أصبح الاستقطاب الحزبي و الأيديولوجي أكثر إثارة للخلاف ويتطور إلى الأسوأ وحتى في الشأن الخارجي، كانت فترة جورج بوش الابن أكثر خلافية من بل كلنتون، ثم أصبحت أكثر مع باراك أوباما و تفاقمت مع دونالد ترامب حتى سجل التاريخ الأمريكي ظاهرة نادرة في رفض المرشح الخاسر التسليم بنتائج الانتخابات و غادر  العاصمة دون أن يجري التسليم و التسلم كما هي العادة في معظم التاريخ السياسي الأمريكي هذا الوضع الداخلي و الذي يجمل تغيرات واسعة في المجتمع الأمريكي بجانب الوضع الاقتصادي كان أساس اتخاذ قرار الخروج من أفغانستان بشرط أن تؤخذ المواثيق  من طالبان أن لا تكون من جديد بؤرة لاستقطاب الإرهابين .

بالعودة إلى تشريح بعض التجارب التي خاضتها الولايات المتحدة، يمكن أن نلمس بعض الثغرات التي أوصلت الحال كما انتهى إليه. النجاح في كل من ألمانيا و اليابان تم بحثه في دراسات عديدة، و اتفق على أن ألمانيا شبيهة بالتجربة الغربية في التطور و الثقافة، بالتالي لم يكن  هناك كثير جهد يبذل في وضعها على سكة  النهوض رغم البدايات الصعبة ، وكان لخطة  الجنرال جورج مارشال، رئيس أركان الجيش إبان الحرب الثانية و من ثم وزير الخارجية الأمريكية النصيب الأوفى  في إقالتها من العثرة، في اليابان الجنرال ماك آرثر  استعان بعدد من خبراء الاجتماع لفهم المجتمع الياباني، و كان على رأسهم عالمة الأنثروبولوجي روث بندكت التي طورت نظرية ( السواء النفسي ) عن السمة الوطنية و التي سمتها  (الالتحام و الامتثال) ثم كتابها ( الاقحوان والسيف) عن المجتمع الياباني .  على عكس ما حدث في العراق عند تعيين الحاكم العام بول بليمر ، فقد كان فقيرًا في معلوماته عن المجتمعات الأخرى، وكان يرأس شركة لدراسة الأزمات رئيس مجلس إدارتها هنري كسنجر ، وهو دبلوماسي، فكان تعيينه أقرب إلى الحزبية منه إلى المهنية، لذلك اضطربت قراراته و أدت إلى ما وصلت اليه التجربة العراقية من ضمن عوامل أخرى إلى التعثر، في اليابان و ألمانيا ( أوروبا) تولى المهمة عسكريون بخبرة و رؤية، في العراق مدني نظري وبلا رؤية.

 

أفغانستان القادمة: مع إعلان الحكومة الجديدة تبينت الصورة بشكل أوضح وإن كان الإعلان إنها (حكومة  تصريف أعمال ) هي كما أعلنت من لون واحد ( طالباني) كما أعلن تطبيق الشريعة الإسلامية، ويجمع كثيرون أن فهم طالبان للشريعة الإسلامية محدود  وربما (قرن أوسطي) و قد بدى  شيء من المقاومة في عدد من المدن منها العاصمة كابول. لقد همشت الحكومة المعلنة عددًا من الإثنيات و الطوائف ووضع عدد من ( صقور) طالبان في مراكز حاكمة وحساسة، لهذا من المحتمل أن يكون هناك عددًا من السيناريوهات قد يكون منها الاحتراب الداخلي بين المكونات المحرومة و بين ( البشتون) و هي القماشة  السائدة في صفوف طالبان، كما أن تطبيق الشريعة في مفهومهم قد يعيد العقوبات المثيرة للجدل المشينة. ووضع النساء والتعليم قضية أخرى، من الواضح أن هذا المجال سوف يضيق على المجتمع الأفغاني أكثر و أكثر . تهميش الهزارة وهم طائفة شيعية قد يثير مخاوف إيران، بالتالي قد تتدخل إيران و لو بشكل غير مباشر ، مما قد يجعل طالبان تتدخل في إيران عن طريق التحالف مع السنة ( البلوش)  و هي لها علاقة واسعة بهم. الجمهوريات السابقة التابعة للاتحاد السوفيتي سابقًا  المحيطة بأفغانستان و هي الآن في تحالف مع روسيا الاتحادية قلقة و من خلفها الاتحاد الروسي من تصدير الفكرة السياسية الطالبانية إلى داخل هذه الجمهوريات خاصة أن هناك عرقية مشتركة ( الطاجيك) و (الأوزبك) فيما بينهما، لذلك فإن روسيا تقوم بمناورات عسكرية مشتركة مع هذه الجمهوريات و عينها على الأحداث في الداخل الأفغاني، ولو أن المؤشرات الأولى حتى الآن تشير إلى شيء من ( الهدنة و الترقب) بين الأطراف المختلفة، ليس مستغرب أن تكون باكستان لها علاقة وثيقة و قديمة بطالبان، فهي تشترك في حدود وفوق ذلك هناك من البشتون في باكستان ما يفوق عدد البشتون في أفغانستان ذاتها، و العلاقات متجذرة، بل هناك قول قديم إن طالبان هي صناعة المخابرات الباكستانية، وتتهم أطراف طاجيكية أن القوات الباكستانية قد ساعدت في هزيمة  أحمد مسعود في وادي  بنجشير في المعارك التي دارت أوائل سبتمبر 2021م. تقول طالبان إنها تريد علاقات طبيعية مع العالم، ويرد بعض السياسيين الغربيين أنه لن يجري أي اعتراف بها إلا إذا نفذت ما تقول ( الأفعال قبل الأقوال) كما ارتفع الشعار الذي ردد . لا زال الأمر في مرجلة السيولة القصوى ، و من المؤشرات حتى الآن إن الطريق لتعافي أفغانستان طويل ، فالقوة المقاومة أي كانت لا يعني أنها تسطيع أن تحكم شعب بكفاءة  لوحدها ، ويبدو أن طالبان مصرة أن تفعل ذلك. أي تنازل منها في الأمور السياسية أو الاجتماعية  سوف يعرض صفوفها إلى الانشقاق، فليس أمامها والأمر ذاك إلا الذهاب إلى التشدد و المزايدة، وهو أمر ليس خاف على كثير من المراقبين في العالم و في الجوار .

مستقبل العلاقات الأفغانية الإيرانية : أعلنت الحكومة المؤقتة في كابل و كان الطيف الغالب إنها طالبانية مع القليل من العرقيات الأخرى، إلا أن الملاحظ أنها خالية تمامًا من أي عنصر من ( الهزارة) وهي الطائفة الشيعية الأفغانية، وعندما سأل المتحدث الرسمي الذي أعلن الحكومة أين مساهمة الهزارة رد ربما بشيء من عدم الاهتمام إنهم ( في الجبال و الكهوف) قد يعطينا ذلك الانطباع الأول لمستقبل علاقة إيران بطالبان و هي أي إيران مهتمة بالدفاع عن وجود وكيان الهزارة الشيعة الأفغان و قد استخدمت بعضهم في تكوين مجموعات مسلحة حاربت حتى في سوريا مع القوات الإيرانية, إذا اضفنا إلى ذلك، بأن الوعود التي اطلقتها طالبان لعدد من الدول لم تفي بها ،فإن الاحتمال حتى تلك الوعود التي قدمت لطهران في وقت سابق لن يلتفت إليها بشكل جدي ، الأقرب أن تتوتر العلاقات بين طالبان و طهران و قد تقود إلى التحول من التوتر إلى السخونة في المستقبل .

تداعيات أحداث أفغانستان على الخليج: القصة مع دول الخليج طويلة و معقدة، فقد قامت هذه الدول في مرحلة ما بتعضيد ( المقاومة) الأفغانية ضد السوفييت، ربما بسبب التحالف مع الولايات المتحدة، و شهدنا في الثمانينات سيل من التأييد و جمع المال في كل عواصم الخليج ( للأخوة المجاهدين) في أفغانستان،  وتدفق عشرات  الآلاف من شاب الخليج على الساحة الأفغانية ( للجهاد) أو ( للإغاثة) حتى أصبح هناك كتائب تذهب و ترجع، سرعان ما حملت في التحرير إلى الوطن و اعتقدت أنها أيضًا يجب أن تجاهد في أوطانها، مما فجر موجة من أعمال الإرهاب طالت تقريبًا كل دول الخليج و دول الشرق الأوسط، وما زال بعضها تحت تلك الشعارات إما ناشطًا أو ( نائمًا) الا أن الجذوة لا زالت موجودة في برامج تعليمنا و إعلامنا وتنشر الكثير من الخرافات.

السيناريو المتاح لدول الخليج: من المؤكد أن القلق قد أصاب كثيرين في دول الخليج من المتابعين و متخذي القرار جراء أحداث أفغانستان الأخيرة، فأحد الاحتمالات أن تتدهور الأوضاع نتيجة عوامل مختلفة فيتدفق ( الأفغان العرب الجدد) على  تلك البلاد ، و لقد عرفنا اليوم أن ( داعش خراسان) هي موجودة بالفعل و نشيطة، وهي حتى الآن أفغانية مطعمة بأعضاء من القارة الآسيوية و لكنها يمكن أن تكون حاضنة لداعش العربية و التي لا زالت خلاياها ناشطة في أجزاء من العراق و سوريا،  هذه  الاحتمالات ممكنة، مع ظهور بعض السلوك السياسي المبكر من بعض الدول الخليجية ( لإغاثة) طالبان، و من الواضح إن ذلك السلوك اليوم ( إنساني) وقد تحدث كاتب المقال مع أحد المسؤولين الخليجيين حول هذا الموضوع، و أبدى تخوفه من ذلك السلوك، فكان الرد ( اطمئن هو فقط إغاثي) قد يتفهم الإنسان السوي الدافع الإنساني لهذا العمل، و لكن إن كان يضمر أحد أن هذه الأعمال الإغاثية سوف تؤثر في تغيير سلوك طالبان فهو ربما واهم، لأنها بمجرد أن تخرج عن حد التشدد تفقد مناصرها و تؤسس لاحتراب داخلي، فهي لا يمكن أن يؤثر في سلوكها السياسي أي معونات إنسانية أو غيرها . قد يكون الأمر محير ًافهل نمتنع عن المساعدة الإنسانية؟ بالطبع لا ، ولكن علينا أن نحسبها سياسيًا و استراتيجيًا بدقة ونوازن بين الأرباح والخسائر . من جانب آخر لا بد لدول الخليج أن تحضر لاستراتيجية مشتركة لدراسة تداعيات ( ما بعد الانسحاب الدولي)  وهذه الاستراتيجية مكونة من عدد من الملفات

الملف الأول : كيف يمكن أن نحدد المخاطر  المتوقعة من التغيرات الحادثة في أفغانستان ، يشارك فيه امنيون و عسكريون و أكاديميون و رجال سياسة من أجل محاولة نسبة أوزان المخاطر  المحتملة  وكيفية مواجهتها بشكل جماعي منظم   .

الملف الثاني : ضبط الارتحال وخاصة من الشباب إلى تلك المناطق الخطرة، سواء كانت أفغانستان أو ما جاورها من مناطق قد تؤدي إلى البوابة الأفغانية، وهو عمل تشارك فيه جهات عدة، ليست أمنية فقط و لكن إعلامية وتثقيفية وعمل ندوات من أجل  بيان المخاطر المحتملة و ربما ترتيب عوامل ردع كافية لجعل أولئك  الذين يفكرون في الارتحال يعيدوا التفكير من جديد.

الملف الثالث: إعادة غربلة المناهج التعليمية و على كل المستويات وتنقيتها من ( أفكار التشدد) وإشاعة الفكر الإسلامي المتسامح، أيضًا عن طريق الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي، لقد اختطف جيل كامل من أبناء الخليج ( وكثير من العرب) من طرف أولئك المتشددين، وأظهروا من الإسلام ما يحلو لأجندتهم و التي هي أجندة انقلابية، و بذلك نستطيع أن نكون جيلاً متسامحًا و يعرف مبادئ الإسلام و مقاصد الشريعة السمحاء .

الملف الرابع : كن صديقًا ذكيًا لأمريكا : حتى إشعار آخر فإن الولايات المتحدة سوف تبقى هي القطب الأهم في الاستراتيجية الدولية و أسوأ ما يمكن أن يحدث أن ( تكون صديقًا غبيًا لها)  وهذا يحتاج إلى معالجة عدد من القضايا الخارجية و الداخلية. في الخارج لا بد من خلق ( لوبي) ذكي متفاعل يتحدث للناشطين الأمريكيين و الغرب بلغتهم ،و قد تم اتخاذ بعض الخطوات المشجعة في هذا الصدد، فقد أعلن عن مركز  تواصلي سعودي في الولايات المتحدة، وربما تحتاج دول الخليج أن تقوم بتلك الخطوة  وأيضًا يتوجب التفكير في عواصم أخرى مثل لندن وباريس و برلين، أما الشق الثاني فهو القيام بإصلاحات اجتماعية و اقتصادية و سياسية من أجل أن يستجاب لطموحات الأجيال الجديدة، وذلك عن طريق تجويد الإدارة  و فتح الأبواب لقيام أعمال جديدة تستوعب اليد العاملة القادمة بحجم كبير إلى سوق العمل ، و العمل بجدية لا لمحاربة الفساد و لكن لاجتثاثه  ما أمكن ووضع المجتمعات على سكة التحديث و التنمية.

                                                      الخلاصة

يشارك في الوزارة الأفغانية المعلنة خمسة من خريجي ( معتقل جوانتانامو) الأمريكي الواقع في شمال الجزيرة الكوبية كانت تهمتهم هي الإرهاب، وهذا دليل على خلفية التشدد القادمة

، كما إنها حتى الآن لم تقدم أي سياسة واضحة تجاه قوى الإرهاب العابر  للقارات، و التقدير الأولي أنها لن تفعل ذلك لأنه ضد عقيدتها السياسية، كما أن المقدمات تشير بشيء من (الإمارة الإسلامية) بقيادة مرشد له كل السلطات و لا يسأله أحد، أي بداية ( طوطمية) بشرية  كما في إيران ،وبالتالي فإن سياسات واضحة وعميقة يتوجب أن تتخذ على مستوى  الإقليم العربي، حيث بدأت قوى متشددة حولنا  تتحدث عن (انتصار) طالبان على أكبر قوة في التاريخ، كما الدرس الآخر الذي يجب أن نعيه، إن أي قوة كبري لا تستطيع أن تهزم مجموعات سياسية حتى لو استطاعت في بادي الأمر ، حديثًا  الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة في أفغانستان، والتاريخ قد ترك لنا دروسًا في هذا الأمر ، فقد وصلت جيوش نابليون و الثورة الفرنسية إلى موسكو مرورًا بمعظم أوروبا ثم انهزمت بعد ذلك وقد وجد المؤرخون أن الهزيمة جاءت في الغالب من سبب واحد، أن القيادات الغازية لم تكن تعرف طبائع المجتمع الذي احتلته ! ذلك درس التاريخ يتكرر كثيرًا على مر السنين. أما إذا كان هناك خطوات عملية يتوجب اتخاذها في أن تنظر دول الخليج و خاصة الكبيرة بفتح (قنصليات) أو مكاتب في أفغانستان و تجهيزها بمتخصصين، حتى تكون هناك آذان صاغية تسمع وترى و تشاهد ما يحدث في المسرح الأفغاني، فقد وجدت دول مثل الصين و روسيا أن أفضل طريقة يمكن بها اتقاء ( الشر) أن تبادر إلى الحضور للمسرح القلق، فهي مثلنا تتخوف من الإزاحة المتشددة التي قد تصل إلى الأقليات المسلمة في داخل حدودها، فاليقظة هي مفتاح الاستراتيجية المطلوبة.

مقالات لنفس الكاتب