; logged out
الرئيسية / الاستراتيجية الثقافية العمانية تضم 7 محاور لتحقيق 8 قيم وتتناول 11مجالاً

العدد 168

الاستراتيجية الثقافية العمانية تضم 7 محاور لتحقيق 8 قيم وتتناول 11مجالاً

الأحد، 28 تشرين2/نوفمبر 2021

حينما أرسى المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه دعائم نهضة سلطنة عمان الحديثة، فإنه أنطلق من العلم منذ بواكير تسلمه مقاليد الحكم في البلاد، وضع الإنسان الأداة الرئيسية للتنمية انطلق منها ورسم كافة الخطوط العريضة والعميقة في فحواها لتلك النهضة وعزز فيها ما استفاد منه من عمق حضاري وتراكم معرفي يزيد عمره على عشرة آلاف سنة فكان له ما أراد بفضل من الله تعالى طوال فترة حكمه، ومواصلة لتلك التحولات المعرفية والنتاج النهضوي الكبير الذي عاشته سلطنة عمان في عقودها الخمسة الماضية عزز حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تلك الرؤية والدور الكبير الذي كان للعلم والثقافة إسهامها البارز في النهوض بمكتسبات النهضة العمانية في شتى مجالاتها وفي النهضة الثقافية خصوصًا خاصة وأن السلطان هيثم بن طارق كان وزيرًا للتراث والثقافة قبل توليه مقاليد الحكم، ولأن الثقافة هي كنز عمان الذي يجب الاهتمام به ورعايته على أعلى المستويات فإنه عيّن نجله الأكبر صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد على رأس وزارة الثقافة والرياضة والشباب ليكون وزيرًا لها، ومنذ اليوم الأول لتوليه المنصب عمل على استكشاف مكامن الخلل والبحث عن الأطر العلمية الرصينة التي تخدم الأهداف المرجوة من "الثقافة" والانطلاق منها نحو المستقبل بهدف تقوية المؤسسات الثقافية وتفعيل الدور التنويري المنوط لها وتمكين دور المثقف للقيام بواجبه الحقيقي في بناء المجتمعات وسط رؤية واضحة الملامح تضع الإعداد لاستراتيجية شاملة للقطاع الثقافي تواكب أهداف رؤية عمان 2040، وتجعلها الإطار الذي يتم من خلاله تنظيم العمل الثقافي في المرحلة القادمة وفق مسار تنموي يحدد ملامح المشهد الثقافي العماني وفق منهجية عمل واضحة تتواءم مع التطلعات الوطنية.

إضافة إلى ذلك فإن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ومع إطلاقها "مؤشرات الثقافة 2030"  كأطر تهدف إلى "قياس ورصد مدى تقدم مساهمة الثقافة في تحقيق أهداف وغايات خطة التنمية المستدامة لعام 2030"  فإنها تضع خارطة تستهدف تكامل وتحقيق الأهداف جنبًا إلى جنب المؤشرات العالمية (الاجتماعية والاقتصادية، والبيئية)، ولأن الثقافة ركيزة تنموية تشاركية، فإن اليونسكو في تلك المؤشرات تبنى أبعادًا أربعة منها أولها "البيئة والقدرة على الصمود" وتستشف مساحة النفقات على التراث، وتستجلي الإدارة المستدامة للتراث، كما تستشرف التكيف مع آثار تغير المناخ والقدرة على الصمود في وجهها، إضافة إلى توافر المراكز الثقافية، وتهيئة المكان المفتوح للثقافة.

أما ثاني تلك الأبعاد فتبني "الازدهار وسبل الرزق" وركز في جانبه على مساهمة الثقافة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان، وفرص العمل التي يوفرها قطاع الثقافة، إضافة إلى المؤسسات التجارية الثقافية، ونفقات الأسر، والتجارة في السلع والخدمات الثقافية، والأموال العامة المخصصة للثقافة، وإدارة الثقافة عمومًا.

في حين أن ثالث تلك الأبعاد التي عملت عليها خطط التنمية المستدامة هي "المعارف والمهارات" والتي ركزت على التعليم لأغراض التنمية المستدامة، والمعارف الثقافية، والتعليم المتعدد اللغات، والتعليم الثقافي والفني والتدريب في مجال الثقافة.

وآخر تلك الأبعاد هو "الاندماج والمشاركة" الذي يؤسس لأن تكون الثقافة سبيلاً للتماسك الاجتماعي، والحرية الفنية، وإمكانية الإفادة من قطاع الثقافة، والمشاركة في قطاع الثقافة، إضافة إلى  العمليات التشاركية.

كل تلك الأبعاد تذهب بالمسارات القادمة للثقافة نحو اتجاه مؤطر وتؤسس في الوقت نفسه لأن تكون المساهمة التنموية حاضرة وفاعلة تضمن ديمومة التنمية الثقافية في المجتمع، وأن تكون قادرة على التواصل ومواكبة القطاعات الأخرى بل لتتكامل معها لتحقيق التنمية الشاملة للبلدان.

وضمن المنظومة التنموية الثقافية تلك ودورها الثقافي الفاعل في المجتمع جاء إعتماد سلطنة عمان للإستراتيجية الثقافية 2021-2040 مُنطلقة من قيم وطنية ثابتة، ومتطلعة لحوار المستقبل بما تحققه رؤية عمان 2040 بحسب آليات قياس ومؤشرات مرتبطة بها ومتكاملة مع (الاستراتيجية الثقافية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، والرؤى الدولية في خطة التنمية المستدامة 2030.

ويأتي أعتماد صاحب السموّ السيّد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب للخطة التنفيذية للاستراتيجية الثقافيّة 2021 - 2040 التي أعدّتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب خلال الفترة الماضية إيمانًا بضرورة توحيد الجهود الوطنية لتحقيق التنمية في مختلف المجالات؛ وتحويل المشهد الثقافي العماني إلى واجهة للإبداع والتنوع الثقافي يعكس الوجه الحضاري للسلطنة من خلال منظومة ثقافية متكاملة مصدّرة للإبداع ومنفتحة على الثقافات الإنسانية الأخرى والتي تهدف توجهاتها إلى إرساء الأطر الاستراتيجية اللازمة لتعزيز سلطنة عمان كوجهة ثقافية رائدة بهوية راسخة وتنظيم وتطوير العمل الثقافي وتهيئة البيئة المناسبة للإبداع وترسيخ الهوية الثقافية وتحقيق الريادة وتنميتها واستدامتها محليًا وعالميًا إضافة إلى تمكين وتشجيع المشهد الثقافي بدعم الإنتاج الثقافي ورعاية المجيدين والمبدعين ودعم الدراسات والبحوث المعززة للإبداع والتطوير وتفعيل الدور الثقافي للمؤسسات الأهلية والمبادرات لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية وتقديم التسهيلات المحفزة للمشاريع والصناعات الإبداعية الثقافية، ولا تغفل تلك الاستراتيجية بناء مستقبل بالهوية العمانية بتاريخها وإرثها وتقاليدها العريقة وتفتح للعالم منافذ جديدة ومختلفة للإبداع والتعبير الثقافي وتدفع عجلة النمو الاقتصادي ويعزز من أواصر النسيج الاجتماعي ويرفع مستواه.

كما أن وزارة الثقافة والرياضة والشباب أعدت الاستراتيجية من خلال منهج تشاركي بين المؤسسات الرسمية والثقافية (مؤسسات مجتمع مدي وغيره) والمهتمّين بالشأن الثقافي في سلطنة عمان  مبنيّ على فرق عمل أسهمت في رصد المشهد الثقافي محليًا وخارجها وفق اختصاصات الوزارة وأدوارها وكان للشباب دور فاعل في رصده وصياغته والمرجو منهم تفعيله مستقبلا.

وبدأ العمل في هذه الاستراتيجية بخمس مراحل في الإعداد متمثلة في صياغة الاستمارات اللازمة لجمع البيانات من داخل الوزارة وخارجها، حيث تم توزيع الاستمارات على كافة قطاعات الوزارة، بالإضافة إلى المؤسسات الأكاديمية والثقافية الحكومية والأهلية بالسلطنة، وإجراء المقابلات اللازمة مع المعنيين المهتمين بالعمل الثقافي، كما تم الاستعانة بالاستبانات الإلكترونية والعديد من الوثائق والدراسات والاستراتيجيات المرتبطة بالشأن الثقافي محليًا ودوليًا لاستقصاء المشهد الثقافي العماني بتحدياته واحتياجاته وتطلعاته.

استعرضت الاستراتيجية قطاع الثقافة وأهميته، ومسؤوليات القطاع الثقافي، وتحليل القطاع الثقافي، ورؤية قطاع الثقافة وقيمه ورسالته، بالإضافة إلى 11 مجالاً تناولتها الاستراتيجية، بالإضافة إلى إطارها الزمني، ومحاورها، وأهدافها الاستراتيجية، وسياساتها ونظمها، ومرتكزاتها، والاتساق والترابط بين أهدافها وأهداف الاستراتيجيات الوطنية والإقليميّة والدوليّة، فضلاً عن آلية تنفيذ ومتابعة الاستراتيجية، والمشاريع الاستراتيجية للخطّة التنفيذيّة.

وسعت الإستراتيجية من خلال قطاع الثقافة إلى تحقيق تنمية ثقافية مستدامة يتجلى فيها النمو والتطور، والتجديد كعناصر أساسية في تحول المشهد الثقافي العماني إلى واجهة للإبداع والتنوع الثقافي، حيث تحقق هذا التحول وعيًا فكريًا ومعرفيًا مجتمعيًا قادرًا على التعامل مع التحولات التي يشهدها العالم وفق منظومته السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافةِ إلى طموح مؤسسي يعكس الوجه الحضاري لعمان من خلال منظومة ثقافية متكاملة مصدرة للإبداع ومنفتحة على الثقافات الإنسانية الأخرى.

تتمثل رؤية الاستراتيجية في "عمان وجهة ثقافية رائدة بهوية راسخة"، أما الرسالة التي تود الاستراتيجية تأكيدها هي "تنظيم وتطوير العمل الثقافي وتهيئة البيئة المناسبة للإبداع بهدف ترسيخ الهوية الثقافية وتحقيق الريادة وتنميتها واستدامتها محليًا وعالميًا".

تسعى الاستراتيجية الثقافية لتحقيق قيم ثمانية وهي الهوية الوطنية، والشراكة، والإبداع والابتكار، والتواصل والحوار، والفاعلية والجودة، والانفتاح والتعددية والانتماء، والاحترافية والمعايير العالمية، والحريات الفكرية.

كما تناولت الاستراتيجية أحد عشر مجالاً وهي الهوية والتراث الثقافي غير المادي، والمخطوطات، والمهرجانات والمعارض الثقافية، والمكتبات والمراكز الثقافية والأندية، والترجمة والنشر، والفنون البصرية، والتواصل الثقافي، والمبادرات الثقافية، والأدب، والفنون الأدائية، وأخيرًا الفعاليات والمسابقات والجوائز الثقافية.

في حين أن الاستراتيجية الثقافية توزعت على سبعة محاور تضم عددًا من الأهداف الأول تمثل في محور "الإبداع والتطوير الثقافي"، من خلال تمكين وتعزيز الإنتاج الثقافي المبني على التجديد والإبداع والابتكار في السلطنة، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة لإنتاج ونشر المحتوى الثقافي العماني، ودعم الدراسات والبحوث المعززة للإبداع والتطوير، رعاية الموهوبين والمبدعين في المجالات الثقافية.

أما المحور الثاني فتمثل في "الصناعات الإبداعية الثقافية" الذي تتحقق أهدافه من خلال تعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاع الثقافي، وتقديم التسهيلات للمشاريع في مجال الصناعات الإبداعية، وتعزيز الوعي بأهمية الاستثمار في المجال الثقافي، ودعم وتشجيع الاستثمار في مشاريع ثقافية إبداعية مستدامة.

بينما تتحقق أهداف المحور الثالث في "الهوية الثقافية" من خلال صون وتنمية المعارف الثقافية المرتبطة بالهوية، والتعاون الدولي في مجالات الهوية الثقافية وصون التراث الثقافي غير المادي، ونشر الوعي والمعرفة بالهوية الثقافية العمانية محليًا وخارجيًا واستشراف المعرفة المتجددة وفق ثوابت الهوية الثقافية الوطنية، وأيضًا تأصيل الهوية الثقافية الوطنية.

في حين يتناول المحور الرابع "الثقافة والمجتمع" ويهدف إلى تفعيل الدور الثقافي للمؤسسات الأهلية، وتشجيع إنشاء مبادرات ثقافية لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية، ورفع مستوى الوعي بمبدأ التنوع الثقافي المحلي والخارجي والحوار والنقد البناء، وأنسنة المدن ثقافيًا، وكذلك تهيئة البيئة المناسبة للحراك الثقافي في مختلف محافظات السلطنة.

وتتحقق أهداف المحور الخامس "التنمية الثقافية" في توظيف التكنولوجيا لدعم برامج ومشاريع القطاع الثقافي، وتعزيز منظومة الاستثمار في الأصول الثقافية، وتطوير البنى الثقافية الحاضنة للعمل الثقافي وتطوير الإجراءات الإدارية والمالية المرتبطة بالعمل الثقافي، وأيضًا إعداد وتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع الثقافي.

أما أهداف المحور السادس "اللوائح والتشريعات الثقافية" فتتمثل في مراجعة اللوائح والتشريعات المنظمة للعمل الثقافي وتطويرها، واستحداث التشريعات والنظم واللوائح المعززة للعمل الثقافي، وتفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الثقافية التي وقعتها سلطنة عمان مع المنظمات والمؤسسات الدولية.

 

وتختتم الاستراتيجية أهدافها بمحور "التواصل الثقافي"، والتي تترجم في استثمار التنوع الثقافي كوسيلة للترويج والتعريف بالسلطنة، وتعزيز التواصل والحوار الثقافي مع دول العالم وتبادل الخبرات على الصعيد الداخلي والخارجي في المجال الثقافي، وإبراز دور سلطنة عمان في خارطة الثقافة العالمية، وأيضا تحقيق الشراكة والتكامل مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية.

علما بأن الاستراتيجية الثقافية لسلطنة عمان تضمنت مراجعة البرامج والفعاليات والمناشط الثقافية، وتعزيز كفاءتها وجودتها، والعمل على مواءمة التشريعات والنظم والآليات المعززة للعمل الثقافي، واتباع معايير الجودة والالتزام في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم للمشاريع والبرامج الثقافية، وأيضًا تعزيز مبادئ الانتماء الوظيفي لرفع كفاءة الإنتاج المؤسسي، وتسهيل الإجراءات الإدارية والمالية لتنفيذ الخطط الاستراتيجية، ووضع آليات مناسبة للشراكات والتكامل بين المؤسسات التي ترتبط بالأهداف الاستراتيجية الثقافية، وكذلك اللامركزية في أنشطة ومشاريع القطاع الثقافي، وأيضًا موائمة الهوية المؤسسية مع الأهداف الاستراتيجية، وتعزيز المحتوى الإلكتروني في قطاع الثقافة بإنتاج محتوى إحصائي شامل ومتقدم للشأن الثقافي في السلطنة.

تجدر الإشارة إلى أنه من ضمن ما اعتمدت عليه محاور الاستراتيجية من المفردات الأساسية في الوسط الثقافي بالمعنى الأوسع له الصناعات الإبداعية الثقافية ضمن محاور يعمل عليها ومؤمل منها التحول إلى مشروعات ثقافية تتوافق مع المرحلة ومع الطموحات الكبيرة للقطاع لذلك سعت مؤخرًا للإنطلاق لتتكامل مع هذه المرحلة من خلال مختبرات مشروع خارطة الصناعات الإبداعية بهدف تقريب الواقع الإبداعي من خلال مشاركة الأفكار المبتكرة والحلول الاستثنائية وسرد الخبرات والتحديات والطموحات من خلال عدة جلسات، يحاول فيها مفهوم خارطة الصناعات الإبداعية بشكل ممنهج إلى تعريف وقياس الصناعات الإبداعية بناءً على التجارب الدولية من أجل جمع البيانات حول الصناعات لنشر فهم أعمق للقطاع من خلال رواية قصته بطريقة تمكن السياسيين والصحفيين والمستثمرين والأكاديميين من فهمه ووضع التشريعات والسياسات التي تعززه.

ويحاول مشروع خارطة الصناعات الإبداعية الذي تبنته مديرية الفنون بوزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عمان الإجابة على عدة تساؤلات من خلال الحوار المتبادل بين الشباب ومحاولة فهم أعمق للتجارب الإبداعية وتفاصيلها المختلفة عبر عصف ذهني شمل القطاعات المستهدفة، إضافة إلى ذلك سيتم جمع بيانات المؤسسات الحكومية والخاصة والجمعيات، والمؤسسات ذات العلاقة.

وناقشت المختبرات بحضور 170 مشاركًا من 17 قطاعًا من القطاعات الإبداعية، هي قطاعات المسرح والسينما وألعاب الكمبيوتر والموسيقى، وقطاعات النشر المطبوع والالكتروني والدعاية والتسويق والفنون التشكيلية والتصوير الضوئي والفنون الرقمية، إضافة إلى قطاعات المكتبات والمتاحف والآداب والترجمة والتراث، فيما ستناقش قطاعات الأزياء وفنون العمارة والترفيه وفنون الطهي.

كما تمت مناقشة عدة محاور منها السياسات الإبداعية من خلال زيادة الحـوار والتبــادل المعرفــي حول السياســات وأفضل الممارســات والتدابير اللازمة لتقويــة القطاعات الإبداعية، والتشريعات والقوانين المتعلقة بالقطاعات الإبداعية، ومن المؤسسات المسؤولة عن القطاعات الإبداعية؟، وأفضل الممارسات المقترحة من التجارب الدولية لتقوية القطاع الإبداعي، والضمان الاجتماعي والمالي للعاملين في القطاع الإبداعي (قوانين الفنان).

وناقشت الجلسات "المؤشرات الإبداعية" من خلال تحديــد البيانــات والمؤشــرات الإبداعية المطلوبة لدعم الاســتراتيجية الثقافية القائمة على الأدلة. و"التعليــم والمهن الإبداعية" ويستهدف تعزيــز التكامــل والتــآزر بيــن الثقافــة والفنون والتعليم لضمان مســارات مهنية ثقافية مســتدامة، و"المعاهد والكليات المتخصصة في قطاع الصناعات الإبداعية" وتستهدف الأخرى توظيف المهارات لمواكبة التطورات العالمية المتسارعة (المهارات التعلم المستمر والذاتي) إضافة إلى التطلعات والتحديات في مجالات التعليم والمهن الإبداعية، كما تم مناقشة "المواهب الوطنية" من خلال تطوير سياسات دعم المواهب وأفضل الممارسات، ومناقشة سياسات وممارسات دعم المواهب وتسويقها، ومقترحات لتعزيز التنافسية الدولية، إضافة إلى الحديث حول التكنولوجيــا والابتــكار في القطاع الإبداعي، وتسخير وتشجيع التقدم التكنولوجي لدعم الاقتصادات الإبداعية، وتوفير الأطر المطلوبة لدعم الأنشطة الإبداعية المتزايدة في المنصات الرقمية الحديثة، والتحديات التي تواجه العاملين المبدعين في العالم الرقمي، إضافة إلى طرح مقترحات لدعم الأنشطة الإبداعية في المنصات الرقمية.

و ركز النقاش أيضًا على "الملكية الفكرية" من جوانب تعزيزها وقوانينها، ومناقشة قوانين الملكية الفكرية المتعلقة بالقطاعات الإبداعية، إضافة إلى طرح تجارب المبدعين مع تحديات الملكية الفكرية بالسلطنة.

 

وفي مجال "الاقتصاد الإبداعي" تم مناقشة دور القطاعات الإبداعية في الاقتصاد العماني وآليات توفير البيئة المعززة وفرص الاستثمار، ومناقشة التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه العاملين في القطاع الإبداعي وإيجاد حلول لها (الأفراد والشركات)، ومناقشة فرص الاستثمار المتاحة، وعلاقة الإبداع في الصناعة (هل يتم توظيف الإبداع في صناعاتنا؟)، ودور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الإبداعي، كما تم وضع الحلول المقترحة من المشاركين لتطوير القطاع الإبداعي الاقتصادي.

وحول "الثقافة والمجتمع" عرج المشاركون إلى التحديات التي يواجهها الفنانون في المجتمع، وتوعية المجتمع بأهمية الفن وتغيير النظرة المجتمعية لها في عمومها.

وسيتم ضمن الخارطة الإبداعية استبانة ومقابلات المبدعين في مختلف أنحاء سلطنة عمان ممن لم يحصلوا على فرصة المشاركة في جلسات النقاش ممن لديهم خبرات متقدمة وعالمية، كما سيتم تحليل البيانات من مجتمع الفنون بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، ومن المؤمل أن يتم إطلاق منهجية عُمانية مبنية على التجارب الدولية لقياس الصناعات الإبداعية، ونشر تقرير إحصائيات القطاع الإبداعي في سلطنة عُمان، ودعم تقرير الأمم المتحدة بمؤشرات حديثة وعلمية (اتجاهات التجارة الدولية في الصناعات الإبداعية) ورصد UNCTAD، وتتجلى الخدمات الإبداعية في دعم أهداف الاستراتيجية الثقافية التي أطلقتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عمان، إضافة إلى رصد مساهمة القطاع الإبداعي في الاقتصاد العُماني، وتحديث بيانات العاملين في القطاع الإبداعي بوزارة العمل بما يتناسب مع متطلبات المرحلة والاحتياجات المستقبلية، وتحديث مسميات الأنشطة التجارية في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والبحث مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لدراسة التخصصات العلمية المتعلقة بالقطاعات الإبداعية وتوسيع أطر الابتعاث والخروج بمبادرات تنمية المهارات، وتحديث قوانين الملكية الفكرية واقتراح أطر عمل ولوائح للقطاعات المستقبلية الرقمية، إضافة إلى اقتراح مبادرات تطوير القطاع الإبداعي وفقًا للمؤشرات والأدلة العلمية.

إن سلطنة عمان باستراتيجيتها الثقافية وتفعيل دور الشراكة المجتمعية وطموحات الشباب وتطلعاتهم لتسعى إلى استشراف المستقبل برؤية محكمة تعزز من الأهداف المرسومة وتؤكد على التعاون الإقليمي والدولي جنب إلى جنب تحقيق جوانب الرؤية الشاملة لعمان 2040م وصولاً إلى منظومة أداء قياس للجودة ولما تحقق على كافة الأصعدة وانتهاءً بتحقيق المأمول وما يواكبه من تطوير مستقبلاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*صحفي وكاتب ـ سلطنة عُمان

مقالات لنفس الكاتب