; logged out
الرئيسية / رحلة الأغنية الكويتية من عبد الله الفرج إلى ما بعد الاستقلال: ديناميكية الثقافة

العدد 168

رحلة الأغنية الكويتية من عبد الله الفرج إلى ما بعد الاستقلال: ديناميكية الثقافة

الأحد، 28 تشرين2/نوفمبر 2021

لا يزال يعتبر مفهوم الثقافة أحد المفاهيم الشائكة في التعريف والفهم والاصطلاح، فقد عزا الفهم السائد إلى الثقافة على أنها تلك العادات والتقاليد التي اعتاد عليها المجتمع، إلا إنه من الواضح أن مفهوم الثقافة أعقد من ذلك بكثير. فتلك العادات والتقاليد لا تعدو أن تكون مظهرًا من مظاهر تلك الثقافة، وبذلك فنحن لم نصل بعد إلى جوهر ذلك المفهوم والذي أجمع عليه الكثيرون على إنه ذلك النتاج المادي والمعنوي للمجتمع. وذلك يضعنا مجددًا أمام سؤال أكثر تعقيدًا وهو "ماهية النتاج المعنوي" وإذا كان نتاجًا فكيف يظل معنويًا؟ وهل بالإمكان أن يتحول ذلك المعنوي إلى مادي ملموس. بالطبع نعم، فالعرب بالرغم من وحدة الأصل والمنبع والتاريخ واللغة والمصير، تبقى الشخصية حالة معنوية متفردة، تقرأ طباعها وتستشرف سلوكها وتعرف خصائصها وذوقها ومذاقها وميولها وبذلك يتحول ذلك المعنوي إلى حالة مادية ملموسة ومعاشه. وذلك حال العرب، بل حال الخليجيين فيما بينهم، فهم يتشابهون في المشترك ويختلفون في التفاصيل. وتفاصيل الثقافة الكويتية كثيرة ومتعددة لذلك جاء هذا المقال ليسلط الضوء على تاريخ الأغنية الكويتية التراثية كونها تحمل الكثير من الزوايا، فقد انطلقت مع صانع الثقافة الكويتية وهو الشاعر الكبير عبد الله الفرج، كما أنها تحمل تاريخ الشعر والكلمة والموسيقي والسفر وتناقل وتمازج الأذواق الفنية وصولاً إلى الظهور الغنائي التلفزيوني المسرحي.

الفنون السبعة

الفن هو تعبير الإنسان عن نفسه وما يكنه من مشاعر وأحاسيس وتطلعات، فهو انعكاس لهوية الإنسان ولثقافة مجتمع وأداة نقد وتشخيص الوضع القائم ومحاولة لتقديم معالجة ورؤية متقدمة. شكل السكن والعمارة إبداع التفكير الإنساني، ثم عبر الإنسان عن مشاعره من خلال الرقص والموسيقى والغناء والنحت والرسوم على جداريات الكهوف والمعابد والتي كانت وسيلة النشر ومنبر الإبداع وموقفًا سياسيًا ثم تطورت تلك الفنون فكانت الكلمة والشعر والقصة والرواية والمسرح والسينما وصولاً إلى التطور التكنولوجي المستمر في عالم المرئي والمسموع. ومحورية الشاعر عبد الله الفرج في رسم الثقافة الكويتية يرجع ذلك لأسبقيته، ولثقافته وتعليمه، وقدرته الإبداعية على نقل تفاصيل الإحساس الكويتي بكافة أطياف المشاعر.

النشأة

هو عبد لله بن محمد بن فرج بن عبد الرحمن بن فرج بن سليمان بن طوق المسعري الدوسري، ولقب برائد الصوت بينما لقب نفسه "محيي الهوى" مما يعكس شاعريته الجمه. ولد في الكويت في عام 1836م، ثم انتقل مع والده إلى الهند والذي حرص على تعليمه كافة أصناف العلوم، كما تعلم اللغة العربية والهندية والإنجليزية، وكتب الشعر الفصيح والنبطي، ودرس الموسيقى على يد أساتذة مختصين في الموسيقي، فعني باللغة العربية والهندية والفارسية، وكان كثير السفر إلى الكويت، والبصرة، والبحرين، والهند، وبذلك فرائد الثقافة الكويتية في الحقيقة كان متعلمًا ومثقفًا ومطلعًا على كافة العلوم الحياتية التي توافرت آنذاك.

الجيل الأول من رواد الأغنية الكويتية

كان للشاعر عبد الله الفرج تأثير كبير في الجيل الأول لرواد الأغنية الكويتية، فقد فتح مجلسه لاستقبال الوجهاء حتى آذان العشاء، حيث ينتقل فيما بعد لجلسات السمر في مجلسه الخاص. وممن صاحبه الموسيقار الكويتي إبراهيم اليعقوب (المتوفى 1928م)، وخالد البكر (المتوفى 1925م) حيث نقل فنه لأخيه يوسف البكر المتوفى). وقد تمكن المؤرخ أحمد البشر الرومي في عام 1952م، من اقناع يوسف البكر بتسجيل ذلك التراث وهو رجل طاعن في السن حيث تمكنا من تسجيل ما يقارب ستين أغنية من ألحان عبد الله الفرج وتوفي بعد ذلك بثلاث سنوات في عام 1955م. ومن الجدير بالذكر أن فن الصوت انتشر في المناطق المحيطة بالكويت وتحديدًا في كل من البحرين وقطر والإحساء واليمن والعراق. وفي عام 1890م، أقام الشاعر عبد الله الفرج فترة من الوقت في البحرين ثم عاد إلى الكويت.

أثره على الأغنية العراقية

أما تأثير عبد الله الفرج والموسيقى الكويتية في الموسيقى العراقية الحديثة فقد جاء من خلال العازفين صالح وداود عزرا الكويتي، بل أن هناك من المؤرخين العراقيين من أكد بأن الدراسات الموسيقية العراقية الحديثة اتجهت لإعادة الاعتبار لهؤلاء الفنانين حتى أن الفترة من 1930-1950م، أصبح يطلق عليها بحقبة صالح الكويتي. في عام 2008م، احتفى العراقيون في قاعة بروناي بلندن بمرور الذكرى المئوية للموسيقار صالح الكويتي حيث لقب بـ "أبي الموسيقى العراقية المعاصرة." والشقيقان صالح وداود هم من أفراد الجالية اليهودية التي سكنت في الكويت بعد هجرتها من العراق، حيث ولد كل من صالح 1908 وداود 1910م، في الكويت وظهرت عليهما بوادر موهبة فنية وموسيقية عظيمة. دفعت تلك الموهبة الأب لأن يطلب من الفنان الكويتي خالد البكر تعليمهما عزف الأغاني الخليجية حيث درسا الألحان الكويتية والبحرينية واليمانية والحجازية. ثم تعرفا بعد ذلك على الموسيقى العراقية والمصرية من خلال الاسطوانات وأحيوا العديد من الحفلات في الكويت والخليج. وفي عام 1927م، رافق صالح وداود الكويتي الفنان عبد اللطيف الكويتي برحلته إلى البصرة لتسجيل بعض الاسطوانات. وفي عام 1929م، هاجرا نهائيًا إلى بغداد وقام صالح بتلحين أشهر الأغاني العراقية التي عرفت في ذلك الوقت للعديد من المطربين وأبرزهم المطربة العراقية اليهودية سليمة مراد، وفي عام 1932م، التقيا بالموسيقار محمد عبد الوهاب خلال زيارته لبغداد لإحياء بعض الحفلات حيث أبدى إعجابه بفنهما. كما أعجبت أم كلثوم بأغنية سليمة مراد "قلبك صخر جلمود" وقامت بغنائها وهي من ألحان صالح الكويتي. وفي عام 1936م، تأسست الإذاعة العراقية حيث كلف صالح الكويتي بتأسيس فرقة الإذاعة الموسيقية والتي ترأسها حتى تقديم استقالته في عام 1944م، أما أشهر قصص الحب التي جادت بقريحة صالح الفنية فقد كانت مع المغنية سورية الأصل زكية جورج حيث عرفت آنذاك بأحد أبرز نجوم الطرب العراقي، وحينما هجرته إلى البصرة قام بتلحين الأغنية الشهيرة "هذا مو إنصاف منك" والتي قامت بغنائها الفنانة سليمة مراد باشا. وفي عام 1947م، قدم صالح الكويتي الموسيقى التصويرية لأول فيلم عراقي "عليا وعصام" ولحن جميع أغانيه التي قامت بتأديتها الفنانة سليمة مراد.

العشرينيات وحتى الأربعينيات: توثيق الأغنية الكويتية

تعتبر حقبة العشرينيات وصولاً إلى الأربعينيات من القرن الماضي هي فترة لتوثيق وتطوير التراث الشعبي الكويتي والذي يعد امتدادًا لإبداعات الشاعر عبد الله الفرج. فتلك الإسهامات وما حملتها من رؤية جديدة للفن الغنائي وإصرار على تكوين أغنية كويتية ذات خصوصية فنية، جعلت من الفرج انطلاقة لتحليل تطور الأغنية الكويتية. ففي حين عدد المؤرخ سيف مرزوق الشملان عددًا من المطربين ممن عاصروا الشاعر عبد الله الفرج(1863-1901م)، ركز الدكتور خليفة الوقيان على تحديد المطربين ممن صاحبوا وأخذوا الفن عن الشاعر عبد الله الفرج وأبرزهم إبراهيم اليعقوب (المتوفى 1928م)، وخالد البكر (المتوفى 1925م) حيث نقل فنه لأخيه يوسف البكر (المتوفى1955م).  فقد كان خالد البكر كثير السفر إلى الهند وهناك التقى بالشاعر عبد الله الفرج، أما يوسف البكر فقد تأثر بأخيه وتعلم منه الكثير. والقارئ لمجتمع الأغنية الكويتية يلحظ حالة من التفاعل والتواصل ما بين الفنانين. فالتفاعل كان قائم بين الرواد أمثال ابراهيم اليعقوب وخالد البكر ويوسف البكر.

ويذكر الفنان الكويتي "عبد الله الفضالة" (1900-1967م)، بأنه تأثر بكل من محمد بن سمحان (1880-المتوفى 1950 أو 1960م) ومحمد بن شريدة وهم من رواد التراث عن الشاعر الكبير بن لعبون. ويعتبر الفضالة أول من أدخل الآلات الموسيقية على السامري، واستخدم البيانو وأول من أدى جر الربابة على الكمان. ويؤكد الفضالة عن علاقته المتينة مع الفنان صالح الكويتي (1910-1975م) وهو الشقيق الأكبر للفنان محمود الكويتي (1904-1982م) حيث يعتبر من المطورين لفن السامري. وكان يذهب بصحبة الفنان سعود الراشد لتسجيل أغانيهما في استديوهات إذاعة الكويت بإشراف مكتبة التراث الموسيقي التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. أول أغنية قام بتسجيلها في بومبي في عام 1929م، أغنية "قلت أوقفي لي وارفعي البوشية". أما عبد اللطيف الكويتي(1904-1975م)، فقد سجل أول أغنية له في شركة بيضافون في بغداد عام 1927م، ثم القاهرة.  أما الفنان ملا سعود الكويتي أو المعروف بسعود المخايطة (المتوفي1971م)، فقد كان من المرافقين للفنان عبد اللطيف الكويتي ليروي له عند تسجيل أحد أغانيه في بغداد عام 1929م، كما قام بتسجيل أحد أغاني فن الخيالي. سافر الفنان ملا سعود الكويتي مع الفنان المرحوم عبد الله فضالة إلى أكثر من دولة... وقد قال عنه: "كنا نذهب أنا ومحمود الكويتي وعبد اللطيف الكويتي إلى بومباي في الهند لتسجيل أغانينا وطبعها."

ثم يأتي بزوغ نجم الفنان عوض الدوخي(1932-1979م)، وتقول عن اسهاماته د. ليزا أركوفيتش أستاذة علم الموسيقى في الجامعة الأمريكية في الكويت في محاضرة قدمتها في دار الآثار الإسلامية. " لقد استلهم هذا الفنان فن «الصوت» وأجاد في توظيف هذا الفن ليتناسب مع طبقة «قرار» صوته، فأبدع لنا طريقة جديدة في تطويع نوعية الأداء اتسمت بخصوصية أضفت على الأصوات التي أداها طلاوة غير معهودة في هذا الفن، كما أنه أبدع ألحانا مميزة أخرى زاوج فيها بين ثقافته الشعبية الصرف، واطلاعه على الأعمال الغنائية العربية، مما أكسب تلك التجربة اللحنية أبعادًا رحبة، وأضاف إليها أسلوبه في الأداء وطبقة صوته المميزة لتكتسب بعدًا آخر."

في عام 1976م، نشر المؤرخ الكبير سيف مرزوق الشملان مقال بعنوان "الطرب والمطربين في الكويت"، وقد وصف ان خلال تلك الفترة كان شيخ المطربين في الكويت هو الفنان محمود الكويتي وكان عمره نحو سبعين عامًا. وذكر هناك مطربان كبيران يأتيان بعده هما سعود الراشد الرباح (1922-1988م)، وأحمد سالم سعيد الشعيبي المعروف بأحمد الزنجباري (1917-1977م)، بالإضافة إلى ثلاثة مطربين شعبيين هم: هلال الخاي، سعود العروج، مبارك النومان. يعتبر سعود الراشد أحد أهم المطورين لأغاني التراث والذي سعى جاهدا لتسجيلها والحفاظ عليها.

كما أسهم في تطوير الأغنية الكويتية كذلك كل من أحمد باقر (1943-2011م) والملحن والموسيقار غنام الديكان. فقد سعى أحمد باقر للحصول على شهادة البكالريوس في الفنون الموسيقية من القاهرة في 1968م، وفي عام 1972 تمكن من إنشاء معهد الموسيقى حيث عمل فيه مشرفًا فنيًا ثم سعى لتطويره لأن يكون المعهد العالي للفنون الموسيقية في عام 1976م. كذلك الحال مع الفنان غنام الديكان الذي تتلمذ في البداية على يد أخيه الأكبر في العزف على العود ثم على يد الأستاذ عبد الحميد الهواري، ثم حصل على شهادة الدبلوم في الموسيقى من القاهرة وهو من المؤسسين لفرقة التلفزيون. يتبين مما سبق أن تلك الفترة شكلت بداية توثيق الأغنية الكويتية والتراث الفني والشعبي في استديوهات الفن في عدد من الدول بما فيها الهند والعراق ومصر والبحرين ولندن. وقد نشط في ذلك كل من عبد الله الفضالة، وعبد اللطيف الكويتي ومحمود الكويتي وملا سعود الكويتي. وكانت الألحان الكويتية تعزف من خلال العود والكمان والمراويس ثم أدخلت عليها آلة القانون. وفي النصف الثاني من الأربعينات كانت بداية افتتاح شركات تسجيل الاسطوانات في الكويت حيث بدأ الفنانون يسجلون أغانيهم في الكويت.

الخمسينيات ومأسسة الأغنية الكويتية (التأسيس)

مع حقبة الخمسينيات دخلت الأغنية الكويتية مرحلة العمل المؤسسي وتكوين المؤسسات الفنية والتراثية الحاضنة والمطورة لهذا الفن. وجاء تأسيس الإذاعة والتلفزيون بمثابة حافز كبير للفنانين لتسجيل نتاجهم داخل الكويت، والسفر للخارج للاحتكاك الثقافي وتعلم الغناء والعزف وتسجيل الأغاني وأدائها للبث في إذاعة الكويت. فقد كان بث أغنية جديدة بصوت مطرب كويتي يعد حدثًا فنيًا كبيرًا آنذاك. ففي عام 1951م، افتتحت إذاعة الكويت وشكلت فرقة موسيقية مصغرة شارك فيها كل من عبد الله الفضالة ومحمود الكويتي وأحمد الزنجباري وعواد سالم، وعبد العزيز البصري والفنان المصري ناجي على آلة القانون. وفي عام 1952م، سجل المؤرخ احمد البشر الرومي تسجيلات تراثية هامة للفنان يوسف البكر حيث غنى في هذه التسجيلات ألحان عبد الله الفرج. وفي عام 1956م، تم افتتاح مركز الفنون الشعبية والذي لعب دورًا هامًا في احتضان أجيال جديدة أكملت مسيرة الرواد في الفن والغناء والمحافظة على التراث الشعبي. وشكل هذا المركز لجنة للفنون الشعبية لرعاية الفنون واحتضانها وضمت كل من: عبد العزيز حسين، أحمد البشر الرومي، أحمد العدواني، حمد الرجيب، عبد العزيز محمود وغيرهم من الأدباء والفنانين. وفي عام 1957م، قام السفير حمد الرجيب بمساعدة الفنان سعود الراشد الذي سافر إلى القاهرة لتسجيل عدد من الأغاني الكويتية بمصاحبة فرقة موسيقية متكاملة مما شجع المسؤولين لتأسيس في عام 1959 م، فرقة موسيقية متكاملة على المستوى العربي وكانت بقيادة الفنان نجيب رزق الله. فبعد الحرب العالمية الثانية، احتضن المجتمع الكويتي رموز الغناء العربي سواء خارج أو داخل الكويت بدأ بأم كلثوم وفريد الأطرش ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد وصباح وعبد الحليم حافظ وديع الصافي وسميرة توفيق ونجاح سلام وغيرهم. وبذلك أصبح المجتمع ينظر إلى المطرب على إنه حامل رسالة هامة في الثقافة والفن والإبداع فظهر جيل جديد من المبدعين الكويتيين من المطربين والملحنين بما فيهم أحمد باقر وغنام الديكان وحسين جاسم وشادي الخليج وعبد الكريم عبد القادر وغريد الشاطئ وصالح الحريبي وعبد المحسن المهنا وبدر بورسلي والشاعر عبد الله العتيبي ومصطفى أحمد وغيرهم حيث اتسمت هذه الفترة بالتوثيق والتسجيل والتطوير ودراسة الفن على أسس علمية.

الاستقلال وما بعد الاستقلال والتفاعل العربي

شكلت فترة الاستقلال انطلاقة الأغنية الكويتية الحديثة لحنًا وكلمة وصوتا، فقد قدم الفنانون الكويتيون روائع خالدة في الفن والتراث والاستقلال والأعياد الوطنية واحتفالات طلبة المدارس. وفي عام 1961م، طورت أغنية الشاعر الشعبي مدحي اليماني "لي خليل حسين يعجب الناظرين" وهي أحد أنواع الغناء البحري الترفيهي ويسمى "الشبيثي". وقام بتطويرها الملحن احمد باقر وأضاف اليها الشاعر أحمد العدواني فتحولت من أغنية شعبية بحرية إلى أغنية كويتية ذات طابع شرقي. وتوالت بعد ذلك الأعمال الكويتية الشهيرة بما فيها "صوت السهارى"، "كفي الملام"، "تقول نسيت"، "جودي لا تهجريني"، "فرحة العودة". وأبرز الاسهامات الفنية في تلك الفترة ما قادمه الفنان يوسف الدوخي في تطوير أغاني الليوة، الطنبورة، كما أسهم كل من يوسف الدوخي وعوض الدوخي وأحمد باقر وسعود الراشد في تطوير فن الصوت، وقام الفنان عبد الحميد السيد في تقديم وتطوير الأغنية الدينية. شهدت هذه الفترة كذلك إنشاء جمعية الفنانين الكويتيين والتي شكلت ملتقى هامًا للفنانين والأنشطة الفنية.

واستمر تأثير الطابع الشرقي على الأغنية الكويتية خلال السبعينات كما تم إدخال الآلات الموسيقية كالبيانو والأكورديون، وزار الكويت عدد كبير من المطربين العرب لإحياء الحفلات وتسجيل أغاني في الإذاعة والتلفزيون حيث قام عدد كبير منهم بغناء عدد من الأغاني الكويتية الشهيرة، وأبرزها أغنية "ياهلي" التي قام بغنائها عبد الحليم حافظ، كما قامت الفنانة فايزة أحمد بغناء أغنية "صوت السهارى". كما برزت حفلات المدارس بفعل كلمات الشاعر عبد الله العتيبي ويعقوب الغنيم وألحان أحمد باقر وغنام الديكان وصوت شادي الخليج وسناء الخراز. واستمرت جهود العديد من الفنانين في الحفاظ على التراث وأبرزهم إبراهيم الصولة ومرزوق المرزوق ويوسف المهنا وعبد الله بوغيث وخالد الزايد.

الفن رسالة

كانت رحلة الكلمة والشعر والأغنية الكويتية وصولاً إلى ما بعد مرحلة الاستقلال، انعكاس على ديناميكية الثقافة الكويتية والتي تأتي نتيجة لجملة من العوامل تتمثل بالرواد والذين تقدمهم كل من الشاعر بن لعبون و الشاعر عبدالله الفرج، والبيئة المحيطة والحاضنة، والتجارب المجتمعية بمختلف أشكالها من تجارب مؤلمة أو مفرحة، وانفتاح المجتمع على محيطة لاسيما دوائره العربية و الآسيوية و الإفريقية، كل ذلك حقيقة يشكل جوهر الثقافة الكويتية والتي تجلت كذلك في أشكال أخرى بما في ذلك الصحافة و الأدب و المجلات الثقافية و في مقدمتها مجلة العربي، والعمارة والنحت والتعليم والتي انطلقت جميعها بمبادرات فردية وأهلية حتى تحولت إلى عمل مؤسسي حكومي وأهلي ومدني لا يزال يعتبر علامة فارقة تميز المجتمع الكويتي والخليجي.

مقالات لنفس الكاتب