; logged out
الرئيسية / تحديد مكامن القصور عبر اختبارات قدرات طلاب البكالوريوس والدراسات العليا

العدد 170

تحديد مكامن القصور عبر اختبارات قدرات طلاب البكالوريوس والدراسات العليا

الثلاثاء، 01 شباط/فبراير 2022

يُعد التعليم بشقيه العام والعالي أحد أهم ركائز التنمية المستدامة في المجتمعات. فمن خلاله تتمكن الدول من بناء كوادر بشرية مؤهلة تمكنها من تحقيق أهدافها التنموية وتعزيز نموها الاقتصادي. كما أنّ للتعليم دورًا بارزًا في تعزيز القيم والمبادئ لدى الأفراد الأمر الذي يُسهم في دعم ركائز المجتمع وبناء منظومته الأخلاقية.

لقد مرّ التعليم في المملكة العربية السعودية قبل إرساء نظامه بعدد من المراحل التاريخية مروراً بالتعليم في المساجد ثمّ التعليم في الكتاتيب، وقد اِتّسمت تلك المرحلة بتركيزها على الاهتمام بحفظ القرآن الكريم وتعليم مبادئ الدين واللغة العربية. وقد كان لذلك الأثر البالغ في نشأة جيل تحلى بمجموعة من الصفات الكريمة التي كان لها تأثير واضح على السلوك العام والخاص.

تلى تلك المرحلة إنشاء عدد محدود من المدارس بجهود فردية من قبل بعض المواطنين والتجار وذلك مثل مدارس الفلاح التي أنشأها الشيخ محمد علي زينل عام 1323هـ، الموافق 1905م، بمدينة جدة ثُمّ افتتح لها فرعاً في مكة المكرمة. وقد كان لتلك الصروح العلمية الريادة في جمعها بين تعليم العلوم الشرعية واللغة والعربية وتعليم العلوم الحديثة. الأمر الذي أسهم في بناء المجتمع وتنمية الإنسان من خلال مزيج يجمع بين الأصالة الشرعية والمعاصرة.

وقد بدأ التعليم بصورته النظامية في عهد المؤسس جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه –من خلال تأسيس مديرية المعارف عام 1344هـ، التي تحولت في العام 1371هـ، إلى وزارة المعارف وقد أُسند إليها وإلى الرئاسة العامة لتعليم البنات التي تأسست في العام 1380هـ، الإشراف على منظومة التعليم العام بالمملكة بمراحله الثلاث الابتدائي والمتوسط والثانوي.

ومن المراحل المفصلية الهامة في تاريخ التعليم في المملكة تأسيس مدرسة تحضير البعثات في العام 1355هـ، والتي عُنيت بتحضير الطلاب وإعدادهم للدراسة خارج المملكة في تخصصات نوعية على نفقة الدولة. ولقد كان لمخرجات هذا البرنامج دور حيوي وبارز في نهضة المملكة وتحقيقها لبرامجها التنموية في شتى المجالات.

وفي عام 1395هـ، الموافق 1975م، تأسست وزارة التعليم العالي في المملكة والتي أُوكل إليها وضع السياسات العامة للتعليم العالي في المملكة بالإضافة إلى إشرافها على الجامعات ومراكز الأبحاث والملحقيات الثقافية في الخارج. كما كان للوزارة دور بارز في إدارة ملف التعليم الأكاديمي في المملكة من خلال تأسيسها وتطويرها لعدد من الجامعات الحكومية الرائدة التي ساهمت في بناء شباب المستقبل.

لقد كان لجامعة الملك عبد العزيز بجدة قصب السبق في إرساء قواعد التعليم العالي في المملكة وذلك منذ تأسيسها عام 1387هـ، الموافق 1967م، بصفتها جامعة أهلية. وقد تشرفت منذ ذلك الحين بحملها اسم المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه ــ وقد هدفت الجامعة في تأسيسها إلى المساهمة في نشر التعليم العالي في المملكة ضمن منظومته التأسيسية. وقد بدأت الدراسة في الجامعة بعدد محدود من الملتحقين بلغ 68 طالباً و30 طالبة. ثُمّ صدر قرار مجلس الوزراء الموقر في عام 1391هـ، بضم الجامعة إلى الدولة وتحويلها من جامعة أهلية إلى جامعة حكومية.

وقد كانت كلية الاقتصاد والإدارة (أساس جامعة المؤسس) هي أول كلية تفتح أبوابها لاستقبال الطلاب والطالبات في الجامعة. وقد تطورت الكلية خلال الزمن لتصبح إحدى الكليات الرئيسية في المملكة. بدأت الدراسة في الكلية بسنة تحضيرية، ثُمّ توالى تأسيس الأقسام العلمية تباعاً حيث كان قسم إدارة الأعمال وقسم الاقتصاد باكورة أقسامها، ثُمّ توالى افتتاح باقي الأقسام العلمية المشتملة على أقسام المحاسبة، الإدارة العامة، العلوم السياسية، إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات، نظم المعلومات الإدارية، التمويل، التسويق، وإدارة الموارد البشرية. يدرس في الكلية أكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة من المنتظمين في مرحلة البكالوريوس بالإضافة إلى حوالي سبعمائة طالب وطالبة مسجلين في برامج الدراسات العليا.

ولقد قامت الكلية بتطوير واعتماد خطتها الاستراتيجية للأعوام 1440 – 1445هـ، الموافق 2019 – 2024م. ولقد اتسمت هذه الخطة الحديثة بالشمولية وذلك من خلال رسم خارطة طريق للكلية تحقق في نهاية المطاف رؤيتها، ورسالتها، وأهدافها الاستراتيجية العامة والمتمثلة في تحقيق موقع الريادة في تأسيس شراكات فاعلة من خلال التميز في التعليم والتعلم الفعّال، البحث العلمي، وبرامج المسؤولية المجتمعية، سعياً نحو المواءمة بين مخرجات الكلية ومتطلبات سوق العمل. كما أنّ خطة الكلية الاستراتيجية تأتي متوائمة في الوقت نفسه مع الإطار العام للخطة الاستراتيجية الثالثة لجامعة الملك عبد العزيز (خطة تعزيز) الرامية إلى المساهمة في تحقيق مستهدفات وبرامج رؤية المملكة 2030م، الطموحة، والتي تهدف إلى تأهيل الكوادر الوطنية بالجوانب العلمية والمهارات العملية المتخصصة القادرة على صناعة اقتصاد وطني مزدهر يجعل من المملكة نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة بإذن الله تعالى. ولقد راعت الخطة الاستراتيجية للكلية جوانب التميز والابتكار من خلال طرح عدد من المبادرات والمشاريع التي ترمي في مجملها إلى الاستدامة في الجودة والتطوير في حقول التعليم والبحث العلمي وبرامج خدمة المجتمع.      

ومن منطلق اهتمام وحرص حكومتنا الرشيدة بقطاع التعليم العالي، وتجسد هذا الاهتمام في توفير الفرص التعليمية لكافة أبناء هذا الوطن لتأهيله وإعداده للمشاركة في برامج التنمية الطموحة التي تشهدها مختلف  القطاعات في المملكة، وفي ظل ما شهدته الفترة الأخيرة من تطوير مستمر ومتواصل في المفاهيم والنظريات العلمية الحديثة، وما طرأ على سوق العمل السعودي من تحولات سريعة ومتلاحقة، فقد استشعرت الكلية الحاجة إلى تطوير وتحديث برامجها الأكاديمية وإعادة هيكلة خططها الدراسية ومناهجها التعليمية حتى تتوافق مع التوجهات العلمية الحديثة وتحقق متطلبات ومعايير الاعتماد الأكاديمي وتلبي في الوقت نفسه احتياجات ومتطلبات سوق العمل. في ضوء ذلك قامت الكلية بتطوير خططها الدراسية لمواءمتها مع متطلبات السوق ومواكبة أحدث البرامج الأكاديمية العالمية التي تمزج العلم بالواقع وتدمج المعرفة بالتطبيق، مراعية السعي لخدمة المجتمع من خلال صقل مهارات أهم مكوناته (الطلاب والطالبات) وتسخيرها لضمان قدر أعلى من تعاون الطلبة مع المجتمع الخارجي.

 وقد حققت برامج الكلية موقعاً تنافسياً متقدماً مقارنة بالبرامج المماثلة في المنطقة وذلك من خلال تقديمها مناهج دراسية تتوافق مع احتياجات سوق العمل والتطورات الأكاديمية الحديثة في تخصصات العلوم الإدارية. بالإضافة إلى أنّه تمّ تصميم مناهجها الدراسية في التخصصات المتاحة بها بحيث تعادل مناهج الجامعات العالمية المرموقة. كما أنّ المحاضرات في المقررات الدراسية في تخصصات الكلية المختلفة تقدم بواسطة نخبة من أساتذة متخصصين تقوم الكلية باختيارهم بانتقائية من خلال الاطلاع على السير الذاتية والمقابلات الشخصية للتأكد من خبراتهم في التدريس وذلك من دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، المملكة المتحدة، استراليا، ماليزيا، هذا بالإضافة إلى نخبة من أعضاء هيئة التدريس السعوديين ومن الدول العربية الشقيقة.

وقد عملت الكلية على تطوير بيئتها الأكاديمية وفق معايير دولية تهدف إلى تجويد المخرجات التعليمية لطلابها، بالإضافة إلى سعيها الحثيث نحو تعزيز مكانتها بين نظيراتها من الكليات محلياً وإقليمياً. ومن هذا المنطلق سعت الكلية نحو استدامة حصولها على الاعتماد الأكاديمي من أرقى المنظمات الدولية المتخصصة، ونتج عن ذلك – بفضل الله تعالى– تجديد الاعتماد الأكاديمي لبرامج الأعمال من الهيئة الدولية لتطوير كليات الأعمال (AACSB) في العام 1441هـ، الموافق 2019م، لمدة خمسة أعوام. كما أنّ جميع برامج البكالوريوس (10) في الكلية تعمل حالياً على استكمال متطلبات الاعتماد الأكاديمي البرامجي الوطني (NCAAA) وذلك بناءً على الاتفاقية الموقعة بين الجامعة وهيئة تقويم التعليم والتدريب.

تأتي هذه المبادرات والأنشطة التي تقوم بها الكلية كجزء من منهجها التطويري الذي يهدف إلى ضبط معايير الجودة الأكاديمية، وضمان التحسين المستمر في أنشطة الكلية وبرامجها، وذلك من خلال تحقيق التكامل بين مكونات منظومتها الداخلية، سعياً نحو تطوير بيئة أكاديمية متخصصة تحقق التوازن بين الأبعاد الاستراتيجية للكلية والمتمثلة في تحقيق التميز في التعليم والتعلم الفعّال، وإيجاد بيئة داعمة للبحث العلمي تؤدي إلى إنتاج أبحاث ذات قيمة علمية عالية، بالإضافة إلى تطوير شراكات مجتمعية فاعلة مع مؤسسات القطاع الخاص، والعام، وغير الربحي.

وفي إطار سعيها للتقويم الدوري لبرامجها الأكاديمية وفقاً لنواتج التعلم، فقد بادرت الكلية إلى الاهتمام بقياس المخرجات التعليمية والتأكد من جودة التحصيل العلمي للطلاب والطالبات والتطوير المستمر لبرامجها التعليمية لمواكبة المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية في بيئة العمل.

ومن هذا المنطلق ورغبة من الكلية في توفير إطار منهجي لعملية تأكيد التعلم وتطبيق هذا المفهوم بالشكل الذي يحقق رسالة وأهداف التعليم العامة والخاصة للبرامج التي تقدمها الكلية، فقد تمّ تشكيل لجنة خاصة بتأكيد التعلم تعمل على إيجاد إطار منهجي لعملية تأكيد التعلم يسمح بتقييم دوري لرسالة وأهداف التعليم العامة والخاصة لكل برنامج من البرامج الأكاديمية التي تقدمها الكلية وتطويرها من خلال المشاركة الفاعلة مع الأطراف ذات العلاقة.

وتماشياً مع هذه التطلعات فقد قامت اللجنة وبالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية المتخصصة بالولايات المتحدة بعقد اختبار قدرات تجريبي لعينة من طلاب وطالبات برامج البكالوريوس والدراسات العليا بالكلية. وقد أظهر التحليل الإحصائي لنتائج هذه الاختبارات في مجمله نتائج أكاديمية مرضية لأداء الطلاب في تحصيلهم العلمي، وفي الوقت نفسه فإنّ هذه النتائج ساهمت في المساعدة على تحديد مكامن الخلل والقصور لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل المسار سعياً نحو تحقيق معايير الجودة الأكاديمية والتحسين المستمر.

وفي مجال البحث العلمي عملت الكلية على تبني بيئة بحثية مساعدة لدعم البحوث العلمية النوعية. كما سعت نحو زيادة مشاركتها وحضورها في الفعاليات والمؤتمرات والندوات العلمية في مختلف المجالات الأكاديمية ذات العلاقة بتخصصات الكلية. كما قامت الكلية بتفعيل دورها وربطها بالمجتمع من خلال الاستعانة بأعضاء هيئة التدريس لتنفيذ الاستشارات العلمية وتدريب الكوادر الوطنية بالتعاون مع مراكز التدريب بالكلية والقطاعات الحكومية والخاصة، لما يحقق لها الريادة والتميز في مجالاتها المختلفة المتخصصة.

ومن ضمن المبادرات التي عملت الكلية عليها لتحقيق التميز في المجال البحثي تطوير السياسات والإجراءات الخاصة بتحفيز البحث العلمي، وتطوير مجلة الكلية، بالإضافة إلى تنظيم المؤتمر الدوري في مجالات الكلية والذي يشارك فيه باحثون من جامعات ومؤسسات محلية، وإقليمية، ودولية. ولزيادة مشاركتها في الأبحاث الأكاديمية والندوات والمؤتمرات العلمية، قامت الكلية بتفعيل مشاريع بحثية مشتركة مع باحثين متميزين، ودعم أعضاء هيئة التدريس للحصول على جوائز محلية، إقليمية، وعالمية. بالإضافة إلى تشجيعهم للمشاركة ضمن لجان التحرير للمجلات العلمية، ومشاركتهم كمتحدثين رئيسيين في المؤتمرات المحلية، والإقليمية، والدولية.

وفي إطار سعيها نحو دعم الأنشطة المتعلقة بمجال الأخلاقيات وبرامج المسؤولية المجتمعية، أصبحت كلية الاقتصاد والإدارة ضمن الموقعين على مبادرة التعليم الإداري المسؤول (PRME) في عام 2012م. حيث تعتبر هذه المبادرة إحدى المبادرات المدعّمة من قبل الميثاق العالمي للأمم المتحدة لضمان توفير التعليم الإداري المسؤول والأبحاث العلمية والقيادة الفكرية على مستوى العالم. وينعكس التزام الكلية بهذه المبادرة في جميع الأنشطة والمساعي بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر قيمها ومحتوى المناهج الدراسية والبحوث العلمية والشراكات المجتمعية. وقد حرصت الكلية على الانضمام لقائمة الموقعين على هذه الوثيقة وذلك سعياً نحو دعم توجه المملكة إلى مكافحة الفساد في كافة القطاعات الحكومية والخاصة ودعماً لجهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في غرس مبادئ أخلاقية لخريجي كلية الاقتصاد والإدارة والمساهمة في التفاعل مع المجتمع لنشر مبادئ التعليم الإداري المسؤول. وقد كانت هذه الإنجازات نتيجة للتوجه الاستراتيجي الذي قدمته إدارة الجامعة والجهود الدؤوبة التي يبذلها منسوبو الكلية من أعضاء هيئة تدريس وأعضاء هيئة إدارية وطلاب وذلك لضمان أن تصبح الكلية أحد الكليات الرائدة في المملكة والشرق الأوسط.

 لقد دأبت كلية الاقتصاد والإدارة "أساس جامعة المؤسس" منذ تأسيسها على السعي جاهدة إلى أن تكون لها بصمة واضحة في تشكيل العملية الإدارية والاقتصادية محلياً وإقليمياً. وقد قامت الكلية في السنوات الماضية بجهود متميزة في تطوير كفاءاتها التعليمية والبحثية والإدارية للارتقاء بمستوى الأداء من خلال تطبيق معايير الجودة العالمية سعياً في تحقيق ميزتها التنافسية بين نظيراتها محليًا وإقليمياً. كما أنّ الكلية تسير – بإذن الله تعالى -وفق خطى واضحة ذات آلية مدروسة لتؤكد على مفهوم المواءمة من خلال ترجمتها لرسالة ورؤية جامعة الملك عبد العزيز التي ترمي إلى تحقيق أعلى معايير الجودة والتحسين المستمر في البيئة الأكاديمية سعياً نحو تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030م، المتمثلة في تحقيق متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل من الكفاءات الوطنية المؤهلة

مقالات لنفس الكاتب