; logged out
الرئيسية / الإبداع المعرفي مطلب أساسي في عالمنا المعاصر مما جعله يقفز من (الحاجة) إلى (الضرورة)

العدد 170

الإبداع المعرفي مطلب أساسي في عالمنا المعاصر مما جعله يقفز من (الحاجة) إلى (الضرورة)

الثلاثاء، 01 شباط/فبراير 2022

 المبدعون هم مِلْحُ الأرض، وكثرتُهم أو قلَّتُهم في مجتمعٍ مّا، معيارٌ واضحٌ من معايير قياس التقدم والتخلف، والإبداع نعمةٌ من أجلِّ النعم التي يمكن أن يمتلكها الإنسان، وهو يظهر بوضوح في إحداث وإنتاج شيئًا جديدًا مختلفًا عما هو مألوف، وموجود في الواقع، ولما كان لدى كل فرد منا خبرات سابقة تختلف عن خبرات الآخرين، فإن إدراك كل فرد للمواقف، وفهمه للأفكار، يكون مختلفاً ومن هنا ظهر الإبداع.

وقد أصبح الإبداع مطلباً أساسياًّ في عالمنا المعاصر الذي يشهد تغيراً متسارعاً ونموًّا معرفيًّا متزايداً، وطفرةً تكنولوجية بلا حدود. مما جعل " الإبداع " يقفز من مستوى (الحاجة) إلى مستوى (الضرورة) بلغة أهل الفقه. 

ومع ذلك فإن الواقع العربي الراهن، يشهد لنظمنا التعليمية العربية بأنها تجافَتْ تمامًا عن تربية الإبداع، وأصبحت تشبه مصانع إنتاج " الطوب"، أو مزارع تفريخ الدواجن الآلية، من حيث كونها تنتج صيغاً مكررة من الخريجين لا تمايز بينها، وجيوشاً من حاملي الشهادات محدودي القدرات.

 وهذا ما دعا بعض الباحثين إلى اعتبار " علم الإبداع " هو علم القرن الحادي والعشرين، بحيث يجب تقديمه في جميع مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا كمقرر إجباري في المناهج التعليمية.

وقد تعددت تعريفات الإبداع بين التربويين وعلماء النفس والاجتماع، ولا نرى داعياً للخوض في تفاصيل تلك التعريفات، وإن كانت في مجملها تطوِّف حول معنى محدد في كون الإبداع نشاط يعتمد على التفكير فيما وراء ما هو واضح، وينتج عنه حلول وأفكار تخرج عن الإطار المعرفي التقليدي للفرد المفكر أو البيئة التي نشأ الفرد فيها أو التي يعيش فيها.

ومما يسهم في تقدير مستوى إبداع الفرد في حياته بوجه عام:

1-الخروج عن نمطية التفكير في المواقف اليومية المفاجئة.

2-تكوين وطرح أفكار وحلول مختلفة لأية مشكلة طارئة.

3-القدرة على إنتاج علاقات غير شائعة في سياق معين.

4-التعميم من مواقف خاصة إلى مواقف أعم، وإدراك آليات هذا التعميم.

5-حل مشكلات الحياة اليومية بطرق غير تقليدية.

6-انتهاج فكرة (الحل الثالث) حين يواجه الإنسان موقفًا لا يحتمل-للوهلة الأولى-سوى حلين اثنين.

مفهوم التفكير الإبداعي:

تتنوع تعريفات التفكير الإبداعي تبعاً لتنوع الناظرين إليه، ونوعية الحاجة إليه بوصفه من أهم الأهداف التربوية التي تسعى المجتمعات الإنسانية إلى تحقيقها لكن لا خلاف على أن مرحلة الطفولة من المراحل الخصبة لدراسة الإبداع واكتشاف المبدعين، وأن الإبداع إذا لم يشجع في مرحلة الطفولة فإن تشجيعه بعد ذلك يكون مشكوكا فيه، أو على الأقل محدود الأثر.

وبعيدًا من تلك التعريفات المتنوعة يمكننا حصر دلالات مفهوم التفكير الإبداعي في نقاط محددة هي:

  • القدرة على رؤية علاقات جديدة بين المواقف المختلفة.
  • تصور ارتباطات بين الأفكار التي تبدو متضادة أو متناقضة.
  • إنتاج علاقات كانت تبدو مستحيلة أو خيالية بين الأشياء.
  • القدرة على توليد أفكار من أفكار أخرى.
  • استعارة حلول للمواقف من مجالات غير ذات صلة بتلك المواقف.
  • تنمية القدرة التخيلية للفرد بصفة منتظمة.

مهارات التفكير الإبداعي:

تتمثل مهارات التفكير الإبداعي في تلك القدرات العقلية – فوق العادية -التي يتمتع بها المبدعون من فنانين وشعراء ورسامين ونحاتين وغيرهم، فإذا أمكن حصر تلك القدرات العقلية المغايرة، وتصنيفها، وتوصيفها، وإذا استطعنا تنمية بعض هذه القدرات لدى طلابنا خلال تعليمهم، وتدريبهم على استخدامها، أمكننا تنمية الإبداع لديهم، ومن هذه المهارات كما يرى التربويون:

  • الطلاقة Fluency :

وهي السرعة والسهولة في توليد عدد كبير من البدائل والمترادفات أو الأفكار أو المشكلات أو الاستعمالات عند الاستجابة لمثير معين

  • المرونة flexibility

بمعنى القدرة على التفكير في أفكار مختلفة وواسعة وكذلك القدرة على التغيير بسهولة من اتجاه في التفكير لآخر ومن موقف إلى آخر وفقاً لمتطلبات الموقف، والفرد المبدع قادر على توجيه أفكاره بسرعة في ضوء أفكار ومعلومات جديدة قد تظهر.

وتختلف المرونة عن الطلاقة في أن الطلاقة تُحدد بعدد الاستجابات وسرعة صدورها أما المرونة فإنها تعتمد على تنوع الاستجابات أي أنها تركز على الكيف وليس الكم.

  • الأصالة Originality

بمعنى القدرة على إنتاج أفكار تتميز بالجدية والطرافة أو تعكس القدرة على النفاذ إلى ما وراء الوضوح والمباشرة المألوفة من الأفكار، أو تقوم على التداعيات البعيدة من حيث الزمن أو من حيث المنطق.

  • الحساسية للمشكلات Sensitivity for problems

 بمعنى قدرة الفرد على التميز عن غيره بالملاحظة المغايرة بحيث يبدو دائمًا أن لديه فضولاً لفهم أي شيء عادي على أنه شيء غير عادي

5 –الوعي بالتفاصيل Elaboration

بمعنى القدرة على تحديد التفاصيل التي تسهم في تنمية فكرة معينة، كما أنها تشير إلى القدرة على إعطاء معلومات غزيرة عن فكرة أو إنتاج معين.

  أهمية التفكير الإبداعي في حياتنا:

 كما أشرنا في بداية هذه السطور، فإن الإبداع وقد صار مطلباً أساسياًّ في عالمنا المعاصر، أصبح لزاماً على التربويين أن يحددوا جوانب حاجة نظمنا التعليمية إلى تنمية التفكير الإبداعي، ووضع سياسات مختلفة للاحتفاء به في مؤسساتنا التربوية، وفي الحياة الاجتماعية للأفراد بوجه عام لكونه يحقق أهدافا تربوية سامية ذكروا منها أن التفكير الإبداعي:

  1. يمثل شكلاً راقيًا للنشاط الإنساني.
  2. يساعد على تحقيق الذات وتنمية الشخصية.
  3. ييسر المناهج الدراسية وينمي التحصيل الدراسي.
  4. يساعد على تكوين شخصية الفرد في ظل مواجهة التحديات المعاصرة والمستقبلية.
  5. يساعد على توليد المزيد من الأفكار والعلاقات.
  6. يسهم في التخلص من الطرق التعليمية البالية القائمة على التلقين.
  7. يمثل خروجًا مقبولا عن نمطية التفكير ورتابته.
  8. يرمي إلى تحقيق مصالح الفرد أو مصالح المجتمع.
  9. عملية عقلية تؤدي إلى إنتاج أشياء جديدة مختلفة ومتمايزة، وبالتالي تكون فريدة بالنسبة للشخص المبدع سواء كانت هذه الأشياء في صورة لفظية أو غير لفظية حسية أو عيانية، أي إنتاج الجديد من الأفكار والأشياء المألوفة.
  10. يمثل نموذجًا من طرق التفكير الإنساني وليس مرادفاً للذكاء الذي يتضمن قدرات عقلية بالإضافة إلى التفكير.

معوقات تنمية التفكير الإبداعي:

انتهت البحوث التربوية الحديثة إلى تحديد مجموعة من العوامل التي تعوق تنمية التفكير الإبداعي وحصرتها في:

  • الحفظ والتذكر بهدف الحصول على الدرجات المرتفعة.
  • طرق التدريس التقليدية التي تهمِّش دور التلميذ.
  • ضعف – أو نقصان -المواد التعليمية اللازمة.
  • عدم إعداد المعلم ليكون مبدعًا قادرًا على تنمية الإبداع لدى تلاميذه.
  • قلة اطلاع المعلم على ما هو جديد في المجال الأكاديمي والتربوي.

6-مبالغة المعلم في نقد تلاميذه أو السخرية ممن يخطئ منهم.

7-رفض الأفكار الجديدة أو غير التقليدية.

8-تكدس المناهج بالمعلومات.

9-تجاهل الأصالة والاستقلالية في التفكير.

10-التزام المعلم بمنهج محدد بحيث ينبغي الانتهاء منه في فترة زمنية محددة.

11-الخوف من نقد الآخرين.

12-الافتقار لدافعية الإنجاز

13-الافتقار للمرونة في التفكير والتمسك بالقديم.

 

*دور أستاذ الجامعة في تنمية الإبداع لدى طلابه:

-   يشجع طلابه على الحوار وتبادل الرأي.

-   يحترم الأفكار الإبداعية للطلاب ويشجعها.

-   يدربهم على استخدام التفكير العلمي في أثناء قيامهم بالبحوث.

-   يدربهم على كيفية إدارة الأزمات بطريقة سليمة.

-     يدربهم على حل المشكلات بإنتاج حلول بطريقة مبتكرة وأصيلة.

-    أن يكون الأستاذ الجامعي ملماًّ باستراتيجيات تنمية التفكير الإبداعي.

-     يشجع طلابه على إبداء وجهات نظرهم في أساليب التدريس والأنشطة.

-  يشجع طلابه على استغلال وقت الفراغ بطريقة إبداعية.

-  يشجع طلابه على طرح الأسئلة والمناقشة

-  يستشهد الاستاذ الجامعي بإجابات الطلبة ويعطي بدائل لها

-  يدرب طلابه على اتباع الأسلوب العلمي في حل المشكلات

- يستخدم في تدريسه أساليب التعلم الحديثة مثل (وسائل الاتصال المتعددة-التدريس المصغر-التعلم الذاتي-التعلم التعاوني)

 - يشجع طلابه على الحوار حول المسألة الواحدة

مقالات لنفس الكاتب