; logged out
الرئيسية / جامعات المستقبل تتطلب رؤية وطنية للبناء والإدارة ومنظومة للكوادرالبشرية والاستثمار

العدد 170

جامعات المستقبل تتطلب رؤية وطنية للبناء والإدارة ومنظومة للكوادرالبشرية والاستثمار

الثلاثاء، 01 شباط/فبراير 2022

في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تسعى من خلالها إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم العالي، بما يحقق الريادة والتميز والتنافسية والظهور في قوائم مؤشرات التصنيفات العالمية للجامعات المتقدمة على المستوى العالمي؛ وتلك رؤية محمودة وطموحة ومحددة بأُطر زمنية ومستويات إنجاز متوقعة، ولكن يبقى التساؤل: هل نحن فعلاً نسير نحو تحقيق رؤى القيادة الرشيدة وما عبرت عنه وثيقة الرؤية؟

 تساؤل يحتاج إلى إعادة نظر وتحليل ميداني ونظري يستهدف الإجابة عن تساؤلات أخرى عن مستقبل الجامعات في المملكة.

ولعل من مؤشرات التميز والانطلاق نحو تحقيق "رؤية المملكة 2030" في مجال التعليم العالي ما استهدفته المملكة من إنشاء العديد من الجامعات الحكومية والأهلية، والأخيرة تعد صورة من صور جامعات المستقبل بمواصفاتها العصرية؛ إذ أقرت المملكة إنشاء ما يزيد عن عشرين جامعة أهلية في مختلف مناطق المملكة، وهي الآن في إطار الممارسة الفعالة والفاعلة في منظومة التعليم العالي في المملكة.

تلك الجامعات عند تحليل واقعها نرى أنها ذات توجهات استثمارية جيدة مرتبطة بسوق العمل السعودي والعالمي، وتستهدف ـ في الوقت ذاته ـ الارتقاء بنواتج منظومة التعليم الجامعي على أسس عصرية طموحة. ولكن، هل هذه الجامعات الجديدة تواكب تطلعات جامعات المستقبل وتتسق مع سماتها ومواصفاتها؟

تساؤل آخر: هل جامعاتنا السعودية الحكومية والأهلية والخاصة بمعزل عن جامعات المستقبل وخارج إطار التطوير المستهدف لدعمها لتكون في إطار جامعات المستقبل المنشودة؟

قبل الإجابة عن التساؤلين نبرز أولا مجموعة من سمات جامعات المستقبل المتميزة والتي تتمثل في:

  • جامعات عصرية بمفهوم عصري تلبي طموحات الانتقال إلى عصر المعلوماتية ومجتمع المعرفة، وهو ما تنشده وزارة التعليم بالمملكة.
  • جامعات واقعية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسوق العمل السعودي وتلبي احتياجاته.
  • جامعات رقمية تعتمد تطبيقات التقنيات الحديثة وتوظفها توظيفًا ملائمًا يلبي التوجه نحو عصر الرقمنة الذي فرض هيبته على العالم وخصوصًا في ظل وجود (covid19).
  • جامعات داعمة للابتكار والإبداع، وتسعى لاستثمار العقول السعودية المبدعة الواعدة، وتوفر لها مناخًا ملائمًا للإبداع في إطار الاستثمار البشري للطاقات الواعدة.
  • جامعات تؤمن بالحداثة، وتدعم أطر التعايش والتناغم والاحتواء والتآلف وتقبل الآخر، في ظل تدافع وتناحر الثقافات المتضاربة، وكلها من الرؤى الفكرية التي تتبناها المملكة وقيادتها الرشيدة.
  • جامعات تؤمن بالانفتاح العالمي وتعتمد الشراكة مع الجامعات الأجنبية معيارًا من معايير التميز، ومعيارًا من معايير الانتشار وجذب الطلاب في إطار تنافسية العرض والطلب.
  • جامعات تلبي طموحات الشعب السعودي ورغباته، وتوفر مستويات عصرية رائعة تواكب قدرات الطلاب وإمكانياتهم ورغبات أولياء الأمور في الحصول على التعليم الجامعي المتميز.
  • جامعات خادمة للمجتمع قادرة على حل مشكلاته، وتقديم خيراتها وخدماتها لهذا المجتمع في إطار وظيفة الجامعة الثالثة وهي خدمة المجتمع وتطويره.
  • جامعات ترتقي بآليات واستراتيجيات التدريس وتطوير منظومة الدراسات العليا وفق أحدث النظم العصرية.
  • جامعات مدعمة ومرسخة لأمن المملكة واستقرارها وهويتها، ومؤكدة لمنظومة الولاء والانتماء للوطن والانفتاح على الآخر العقلاني والمقنن.

تلك باختصار سمات جامعات المستقبل المنشودة. وعن الإجابة عن التساؤل الأول: هل جامعاتنا السعودية الحكومية والأهلية الجديدة تواكب تطلعات المستقبل للتميز المنشود؟

نقول هنا: إن جامعاتنا السعودية الأهلية الجديدة وبعض الجامعات الحكومية المستحدثة رغم كونها على المستوى التنظيري جامعات رائعة وعالية المستوى، إلا أن الرؤية النقدية الفاحصة ترى أن هذه الجامعات لازالت بعيدة عن سمات جامعات المستقبل بالمنظور العصري، لكونها جامعات أهلية على المستوى التشريعي، وجامعات خاصة على المستوى التنفيذي.

وتشكل الجامعات السعودية الأهلية الجديدة طوق نجاة للكثيرين من أبناء الشعب السعودي الراغبين في تعليم حكومي مميز على مستوى عال من الكفاءة والفاعلية في تحسين مخرجات الجامعات السعودية، التي تسهم في تحقيق احتياجات سوق العمل السعودي.

وحول التساؤل الثاني: هل جامعاتنا السعودية الحكومية والخاصة بمعزل عن جامعات المستقبل وخارج إطار التطوير المستهدف لدعمها لتكون في إطار جامعات المستقبل المنشود؟

يمكن القول في هذا الإطار أن جامعاتنا السعودية الحكومية والخاصة تتمتع بقدر كبير من التميز بعد أن اعتمدت تحسين ممارسات الجودة فيها منهجًا ونبراسًا، ورغم ذلك؛ فالمأمول منها يفوق ما تحقق من أهداف ونواتج تتسق مع رؤية المملكة 2030. ولذلك، مازالت هناك حاجة إلى توفير المزيد من متطلبات وسمات جامعات المستقبل المتميزة والمنشودة ومن ذلك: سياسات القبول وآليات التدريس، وإمكانيات التطوير وسياسات الإدارة والتشغيل، وآليات إدارة الإبداع والانفتاح على الآخر، والاندماج في سياقات التصنيفات العالمية.

ولكي يتحقق التوافق بين إدارة جامعات المستقبل ومتطلبات التميز، علينا أن نؤمن بأن السياسات التشريعية المعاصرة يجب أن تعمل على تحقيق ما يلي:

  • إعادة صياغة رؤية وطنية جديدة لبناء وإدارة جامعات المستقبل.
  • إعادة صياغة لمنظومة الكوادر البشرية الإدارية الواعدة القادرة على إدارة جامعات المستقبل المنشودة.
  • إعادة صياغة لرؤى الاستثمار التعليمي المشروع، والمتطلبات الاجتماعية للمجتمع السعودي بكافة أطيافه.
  • إعادة قراءة المشهد التعليمي الجامعي السعودي في كل تداخلاته الحكومية والخاصة والدولية والأهلية، وبناء رؤية عصرية جديدة لتحقيق التناغم والانصهار بين كل هذه التنوعات الجامعية من أجل التميز في عصر المعرفة.

إن الأمل قائم في إدارة عصرية لجامعات المستقبل، وإن المملكة بإمكاناتها البشرية واللوجستية قادرة على إثبات الذات، وقادرة أيضًا على إعادة الاعتبار للجامعات في إطار صيانة هويتها الخاصة، وريادتها السابقة، وتوجهاتها العالمية المنشودة، وانفتاحها المحسوب نحو الآخر. ولن نفقد الأمل في بناء واقع تعليمي عصري شعاره التناغم والتميز والإبداع والعدالة، تحت مظلة جامعات المستقبل المنشودة.

مقالات لنفس الكاتب