; logged out
الرئيسية / 4 تحديات تواجه الاستثمارات الخليجية ـ الصينية في مجال النفط والغاز

العدد 171

4 تحديات تواجه الاستثمارات الخليجية ـ الصينية في مجال النفط والغاز

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

بداية نتناول الاستثمار والتعاون في مجال الطاقة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي فمع تحسن مكانة الصين في النظام السياسي والاقتصادي الدولي، ازداد احتياج الصين لاستيراد النفط من الدول الأجنبية، وأصبح من المهم للغاية بالنسبة للصين إقامة علاقات تعاون مستقرة في مجال النفط مع الدول العربية المنتجة له. وتتيح استراتيجية الصين "حزام واحد -طريق واحد" فرصاً للتعاون الوثيق بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة. وفي ضوء تلك المبادرة " حزام واحد -طريق واحد"، فإن مجالات التعاون بين الجانبين سوف تستمر في التوسع، حيث تزود الصين الدول العربية بالدعم الفني والمالي إلى جانب خبراتها في مجالات النقل والاتصالات والزراعة وغيرها من الصناعات غير النفطية، مما يساهم في تحقيق التنويع الاقتصادي للدول العربية المنتجة للنفط. وفي النهاية، ستحقق الصين والدول العربية نمطًا جديدًا من العلاقات الدولية يتمثل في "تعزيز الاستثمار بالنفط" و "تعزيز التنمية بالاستثمار". ومن خلال تنسيق استراتيجيات وسياسات الطاقة، تضمن الصين ودول الخليج تأمين المصالح النفطية للجانبين، كما ستضمن الصين تأمين الطلب على النفط واستقرار إمدادات سوق الطاقة في الدول العربية المنتجة للنفط.

  1. الاستثمار والتعاون في الطاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية:

 

 تعد الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، وفي المقابل تعتبر المملكة العربية السعودية إحدى أكبر مصادر واردات الصين من النفط. ولذلك فهناك قدر كبير من التكامل في اقتصادات البلدين. وعلاوة على ذلك، تمهد الصين والمملكة العربية السعودية الطريق لمزيد من التعاون الاقتصادي بين البلدين. وقد وقعت شركات النفط الصينية أول عقد للتنقيب مع شركة أرامكو السعودية في أوائل عام 2003م. ومنذ ذلك الحين، فازت شركات النفط الصينية بالمناقصات بشكل متواصل، وهي تعمل بكفاءة كبيرة في أكثر من 20 مشروع استحواذ على صعيد التنقيب او المسح السيزمي. وفتحت شركات النفط الصينية تدريجيًا سوق النفط السعودي، وقد أضحت تلك الشركات حاليًا قوة لا يمكن تجاهلها داخل سوق النفط السعودي. وفي عام 2016م، أقامت الصين والمملكة العربية السعودية شراكة استراتيجية شاملة وحققت الدولتان سلسلة من النتائج الإيجابية. وفي 21 يناير من نفس العام، تم تشغيل مصفاة ينبع بتمويل مشترك من مجموعة سينوبك وأرامكو السعودية رسميًا، والتي تعد نموذجًا للتعاون في مجال الطاقة بين الصين والمملكة العربية السعودية. ومنذ زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية في عام 2016م، وقعت الصين والمملكة العربية السعودية عددًا من مذكرات التفاهم، مما يشير بوضوح إلى أن الجانبين يأملان في إنشاء آلية تشاور في إنتاج الطاقة، والعلوم والتكنولوجيا، والملاحة الفضائية، والطاقة المتجددة، والمفاعلات النووية عالية الحرارة والتعاون في المجالات العسكرية والدفاعية وغيرها من المجالات. وفي 8 مارس 2021م، فازت شركة تشاينا ناشيونال كيميكال انجنيرنج ثيرد كونستركشن كمباني ليمتد، التابعة لمجموعة تشاينا ناشيونال كيميكال انجنيرنج ليمتد، بمناقصة مشروع مقاولات عامة لبناء وحدة معالجة النفط الخام "ايه ايه بي" (AAP) بالمنطقة الغربية، بهدف توسيع انتاج حقل "البري" التابع لشركة أرامكو السعودية. ويقع المشروع الذي تبلغ قيمتة 1.557 مليار يوان، في جزيرة أبو علي بالمملكة العربية السعودية، وهو عبارة عن إعادة بناء مصفاة أبو علي في حقل "البري" النفطي، وتوسيعها، من أجل زيادة استيعاب المصفاة للنفط العربي الخام الخفيف إلى 500 ألف برميل يوميًا.

 

  1. الاستثمار والتعاون في مجال الطاقة بين الصين والإمارات العربية المتحدة:

 

في 16 يوليو 2012م، انتهت شركة بتروتشاينا من تشغيل خط أنابيب حبشان -الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، والذي ينقل سنويًا نحو 75 مليون طن نفط. وأسفر هذا الخط عن تحسين قدرة تصدير النفط بالإمارات بشكل ملحوظ. وفي الفترة من 2014 إلى 2016م، احتلت الصين المرتبة الأولى بين الشركاء التجاريين الرئيسيين لدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة ثلاث سنوات متتالية. وفي 19 فبراير 2017م، وقعت مؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي إن بي سي) وشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) اتفاقية تعاون لتطوير حقول النفط البرية في أبو ظبي، حيث تأمل الإمارات في دخول السوق الصيني بصفة خاصة لتطوير تعاون جديد في مجالات تكرير النفط وأنشطة البتروكيماويات. ولذلك، ستبذل أبو ظبي قصارى جهدها لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في الصين. وفي الوقت نفسه، يعمل الجانبان أيضًا على استكشاف فرص الاستثمار الصينية المحتملة في مشروعات التكرير والتسويق، بما في ذلك مصانع العطور، وتقنيات التكرير لإنتاج البنزين، ومصافي التكرير الجديدة. وعلى صعيد أعمال التنقيب والإنتاج، أقامت شركة بترول أبو ظبي الوطنية وشركة بتروتشاينا مشروعًا مشتركًا في عام 2014م، باسم "الياسات للعمليات البترولية المحدودة"، والتي تبلغ حصة شركة بتروتشاينا فيها 40٪.

وبالإضافة إلى ذلك، تعاونت "مؤسسة البترول الوطنية الصينية" أيضًا مع شركة أيني الإيطالية وتوتال إنرجيز الفرنسية في مشروعات حقول النفط في أم الشيف ونصر. وشاركت مع تحالف الاستثمار التابع لمؤسسة النفط والغاز الهندية وشركة إنبكس، وشركة أيني وشركة توتال في مشروع حقل زاكوم النفطي.

جدير بالذكر أن حقل أم الشيف النفطي غني بالمكثفات، وقد يصل معدل إنتاجه الإجمالي مع حقل نصر إلى 460 ألف برميل يوميًا.

 

 

  1. الاستثمار والتعاون في مجالي النفط والغاز بين الصين وقطر:

 

 في عام 2010م، وقعت شركة بتروتشاينا الصينية وقطر اتفاقية تنقيب ومشاركة إنتاج النفط، حيث استحوذ الجانب الصيني على 25٪ من أسهم المشروع. وبعد ذلك بعامين، استحوذت شركة بتروتشاينا على جزء من حقوق التنقيب والتطوير في قطر لصالح المجموعة الفرنسية للطاقة سويز. وينص المشروع على إنجاز شركتي بتروتشاينا وقطر للبترول لأعمال التطوير لموارد النفط والغاز في حال كشفت أنشطة التنقيب عن فرص تجارية. وفي 15 يناير 2011م، توصلت الصين وقطر إلى اتفاقية طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال، والتي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر من نفس العام. وفي مايو 2011م، وقعت شركات النفط والغاز في قطر والصين وفرنسا اتفاقية تنقيب عن الغاز الطبيعي وتقاسم الإنتاج في " بلوك بي سي، بقطر". وتنص الاتفاقية على أن تمتلك شركة توتال الفرنسية (قطر) 25٪ من أسهم المشروع. وستمتلك المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري لغرب آسيا وشمال إفريقيا (قطر) المحدودة 75٪ من الأسهم، على أن تستمر في أعمال تشغيل المشروع. وفي سبتمبر 2018م، أبرمت شركة بتروتشاينا اتفاق توريد آخر مع قطر لتوريد الغاز الطبيعي المسال بقيمة 3.4 مليون طن سنويًا، على أن يتم توريد الغاز من خلال "مشروع قطر غاز" -المرحلة الثانية، وهو عبارة عن مشروع مشترك بين قطر للبترول وإكسون موبيل وتوتال، بإنتاج سنوي يبلغ 7.8 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال

  1. الاستثمار والتعاون في مجال النفط والغاز بين الصين والكويت:

 

 يجسد التعاون والاستثمار في مجال النفط والغاز مع الكويت تجسيدًا كاملاً لاستراتيجية "دعوة" الصين للتعاون في مجال الطاقة الأجنبية. وفي نوفمبر 2011م، وقعت شركة نفط الكويت اتفاقية توريد للنفط مع شركة سينوبك. ونصت الاتفاقية على أن تورد الكويت نحو 300 ألف برميل من النفط الخام يوميًا إلى الصين لمدة 10 سنوات. وفي الوقت نفسه، بدأ تأسيس مشروع مشترك بين الكويت والصين، من أجل بناء مصفاة لتكرير النفط ومصنع للبتروكيماويات في تشانجيانغ، وقوانغدونغ، بالصين. وبعد إنجاز المشروع ارتفعت امدادات النفط الكويتية إلى 500 ألف برميل يوميًا. ويصل إجمالي الاستثمار في المشروع 9.3 مليار دولار أمريكي. وفي 19 ديسمبر من نفس العام، استحوذت الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية (كوفبيك) على حصة قدرها 34.3٪ من شركة بريتيش بتروليوم في حقل غاز ياتشنج في بحر الصين الجنوبي مقابل 308 ملايين دولار أمريكي، حيث ستشارك الشركة في تطوير واستكشاف الغاز الطبيعي في الصين. وكوفبيك هي شركة تابعة لمؤسسة البترول الوطنية الكويتية. وبعد الاستحواذ، ستمتلك كوفبيك 49٪ من الأسهم وستمتلك المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري 51 % من الأسهم في مشروع التطوير المشترك لحقل ياشينج.

 

  1. الاستثمار والتعاون في مجال النفط والغاز بين الصين وسلطنة عمان:

في 5 أغسطس 2013م، قام مشروع مؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي إن بي سي) في سلطنة عمان، والمتمثل في الآبار الأفقية الثلاثة في بلوك إف (F) من حقل نفط دليل، بإنتاج حوالي 1000 برميل من النفط الخام يوميًا بعد حقن المياه، وهو ما يتجاوز متوسط ​​الإنتاج اليومي للحقل الذي يبلغ 230 برميلًا لكل بئر. كما نجحت مشروعات شركة بتروتشاينا النفطية في عمان في إنتاج أكثر من 10 ملايين طن نفط بشكل تراكمي. وكان مشروع عُمان الذي تقوم شركة بتروتشاينا بتشغيله عبارة عن حقل نفطي قديم، تم استنفاده لأكثر من 10 سنوات، عندما بدأت الشركة الصينية في العمل، ولكن فريق العمل الصيني بشركة بتروتشاينا نجح في العمل على زيادة الإنتاج بما يقرب من 10 مرات، ووصل معدل التوطين إلى أكثر من 90٪.

 

2-التحديات التي تواجه الاستثمار والتعاون بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي

بالمقارنة مع التعاون التجاري في مجال النفط والغاز، تواجه الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بعض المشاكل والتحديات، وخاصة على الأصعدة التالية:

أولاً، إن شركات الطاقة الأوروبية والأمريكية القديمة كانت قد أخذت بالفعل زمام المبادرة، مما يجعل من الصعب على الشركات الصينية اللحاق بركب هذه الشركات، ولذلك تواجه الشركات الصينية منافسة شرسة في كل مكان.

ثانيًا، لأسباب سياسية وتاريخية، لم تحصل الشركات الصينية حتى الآن على فرص لتطوير وإنتاج النفط والغاز على نطاق واسع في دول مجلس التعاون الخليجي. وتركز معظم شركات النفط الصينية على عمليات الاندماج والاستحواذ أو المشاركة في رأس المال في بعض حقول النفط والغاز الصغيرة والمتوسطة أو حقول النفط والغاز الهامشية، كما أن حقوق الاستحواذ والموارد الفعلية التي حصلت عليها الشركات الصينية محدودة للغاية. ومن خلال تحليل مؤشرات القيمة التجارية والإنتاج، من الواضح أن شركات النفط الصينية تأتي خلف الشركات الأوروبية والأمريكية مثل إكسون موبيل، وبي بي وتوتال، وتعتبر في وضع غير موات من حيث الاستكشاف والتطوير والخدمات الفنية وإدارة حقول النفط.

ثالثاً، فإن بعض البلدان لديها وعي قوي بحماية الموارد، الأمر الذي له تأثيره المقيِد على توسيع استثمارات شركات النفط الصينية في الشرق الأوسط وتعميق التعاون في مجال الطاقة بين الصين ودول غرب آسيا وشمال إفريقيا. ولا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تفرض قيودًا أكثر صرامة على الاستثمار الدولي في قطاع النفط مما يزيد من محدودية الفرص والتي حتى لو أتيحت، فغالباً ما يتم اقتناصها من قبل شركات النفط الكبرى في الدول الغربية.

رابعًا، إن العوامل الجيوسياسية لها تأثير كبير على أنشطة الاستثمار، فالوضع الإقليمي مضطرب منذ فترة طويلة، حيث تتصاعد الهجمات العنيفة وعمليات الاختطاف للشركات والموظفين الصينيين، وتتفاقم مشكلات الأمن والسلامة.

مقالات لنفس الكاتب