; logged out
الرئيسية / 630 مليون هكتار في أفريقيا 25% من أراضي العالم تنتج 10% فقط من الغذاء

العدد 171

630 مليون هكتار في أفريقيا 25% من أراضي العالم تنتج 10% فقط من الغذاء

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

إفريقيا قارة غنية وشعوب فقيرة، حيث تمتلك الموارد الطبيعية المختلفة، خاصة المائية والزراعية، علاوة على مواردها البشرية وموقعها الاستراتيجي مما أشعل التنافس بين القوى العظمى على مواردها والاستثمار فيها. كما تحتوي إفريقيا على 9% من الموارد المائية السطحية العذبة، تنتج منها حوالي 3% فقط من إنتاج الطاقة الكهرومائية العالمية، وهذا يشكل أقل من 10% من إمكاناتها الكهرومائية.

كما تمتلك القارة الإفريقية إمكانات كبيرة في المجال الزراعي، حيث تتوفر التربة الزراعية التي هي مورد طبيعي ضروري لتحقيق الأمن الغذائي، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في إفريقيا حوالي 630 مليون هكتار (21% من مساحة القارة)، و25% من الأراضي الزراعية في العالم، تنتج منها 10% فقط من الغذاء العالمي، ويعتمد 50% من سكان إفريقيا على النشاط الزراعي الذي يشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).

الموارد المائية في إفريقيا:

تتمتع إفريقيا بوجود موارد مائية تشمل الأمطار والأنهار الكبرى مثل النيل والكونغو والزمبيزي والنيجر، والبحيرات العظمى مثل فيكتوريا ثاني أكبر بحيرات العالم من حيث المساحة، وبحيرة تنجانيقا ثاني أكبر بحيرات العالم من حيث العمق، وخزانات المياه الجوفية الضخمة مثل خزان الحجر الرملي النوبي الممتد بين مصر وليبيا والسودان وتشاد.

يبلغ متوسط ​​سقوط الأمطار في القارة الإفريقية حوالي 738 مم/سنة، بإجمالي 22,3 ألف كم3، مع الارتفاع الشديد في معدلات البخر التي تصل في متوسطها إلى 80%، وتشكل الموارد المائية المتجددة فقط حوالي 20% من إجمالي كمية المطر، وهى تتركز في وسط وغرب القارة الإفريقية (71% من المياه الإفريقية)

 كما يبلغ متوسط كمية المياه السطحية المتجددة سنوياً في إفريقيا حوالي 4050 مليار م3 وهي تمثل 9% من المياه السطحية العالمية، ويبلغ نصيب الفرد السنوي من المياه في إفريقيا حوالي 3600 م3/سنة، وهي تمثل تقريباً نصف نصيب الفرد العالمى6300 م3/سنة.

تشكل المياه الجوفية حوالي 15٪ (608 مليار م3) من إجمالي الموارد المائية المتجددة في القارة الإفريقية، ومن حسن الطالع أن الدول الإفريقية الصحراوية الفقيرة في المياه السطحية بصورة ملحوظة حباها الله بخزانات مياه جوفية تعد من أكبر الخزانات عالمياً مثل خزان الحجر الرملي النوبي. كما يوجد حوالي 40 خزان جوفي مشترك بين أكثر من دولة في إفريقيا. تعتمد بعض الدول الإفريقية مثل ليبيا (95%)، والجزائر (60٪)، على المياه الجوفية بنسب متفاوتة من إجمالي استخدام المياه.

تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف:

يتجه كثير من الدول الإفريقية بشكل متزايد إلى موارد المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي لإعادة استخدامها أكثر من مرة بسبب ندرة موارد المياه السطحية والجوفية في بعض المناطق نتيجة الزيادة المطردة في عدد السكان، وإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، وزيادة النشاط الصناعي، بالإضافة إلى الاختلافات المناخية، حيث يتم تحلية جزء من مياه البحر للمساعدة في تلبية الاحتياجات المائية لبعض الدول الإفريقية مثل مصر، الجزائر، ليبيا، المغرب، جنوب إفريقيا، تونس، بوتسوانا، وناميبيا، وزيمبابو . يوجد 39 دولة من أصل 54 دولة لها شواطئ بحرية مما يساعد على التطبيق العملي للاستثمار في تكنولوجيا تحلية مياه البحر على نطاق واسع لتلبية الاحتياجات المتزايدة في المستقبل.

من المتوقع أن يحقق سوق تحلية المياه ومعالجتها في إفريقيا نمواً مرتفعًا خلال السنوات القادمة نظراً لزيادة النمو العمراني والنشاط الاقتصادي على السواحل الإفريقية، مع التقدم التكنولوجي في صناعة تحلية المياه ومعالجتها وإنتاج الطاقة المتجددة خاصة الشمسية والمائية رغم التكاليف الكبيرة للمنشآت ونفقات التشغيل المرتفعة التي تمثل العائق الأكبر في تقدم هذه الصناعة، والخطوة الرئيسية للتغلب على هذه المشاكل تكمن في تصنيع معظم مستلزمات محطات الطاقة والتحلية داخل الأراضي الإفريقية مما يخفض من حوالى نصف تكاليف الإنشاء والتشغيل.

تجارة المياه الافتراضية: 

يستهلك الانسان المياه مباشرة في الشرب والغذاء والغسيل، ولكنه يستهلك أكثر من ذلك بكثير في إنتاج السلع مثل المواد الغذائية والورق والملابس القطنية والمنتجات الصناعية وغيرها. يشار إلى كمية المياه المستخدمة في عمليات إنتاج السلع خلال دورة حياتها بأكملها على أنها المياه الافتراضية الموجودة داخلها.

يمكن أن تؤدى تجارة المياه الافتراضية إلى تخفيف الضغط على موارد المياه الداخلية في الدول شحيحة المياه مما يساعد في تحقيق الأمن المائي الإقليمي، ومن هنا تكون تجارة المياه الافتراضية أداة في حل المشاكل الجيوسياسية وتخفيف الصراع على المياه، في المقابل يمكن أن تؤدى تجارة المياه الافتراضية إلى مزيد من التوتر السياسي بين الدول إذا ما كان إنتاج السلع في دولة المنشأ يؤثر على حصة المياه لدول المصب التي تعتمد على وصول المياه من دول المنشأ.

كما أن هناك أهداف اقتصادية رئيسية وراء تجارة المياه الافتراضية وهى أنه وفقًا لنظرية التجارة الدولية، يجب على الدول تصدير المنتجات التي تمتلك فيها ميزة نسبية تنافسية في الإنتاج، في حين يجب عليهم استيراد المنتجات التي ليس لديهم فيها ميزة نسبية، ويمكن أن يؤدى هذا إلى زيادة كفاءة استخدام المياه المحلية وبالتالي يمكن لتجارة المياه الافتراضية أن تكون أداة لزيادة كفاءة الاستخدام العالمي للمياه على كوكب الأرض، وبخاصة بين دول الخليج والدول الإفريقية ذات الوفرة المائية مثل دول منابع النيل والكونغو الديمقراطية ودول غرب إفريقيا. تطور التكنولوجيا واستخدامها في الزراعة والري يمكن أن يكون وسيلة لزيادة كفاءة استخدام المياه المحلية وزيادة الانتاج الغذائي للتغلب على الفقر في الدول الإفريقية وتقليل التضخم العالمي وسد الفجوة الغذائية على المستوى العربي والإفريقي.

الزراعة في إفريقيا:

تمتلك القارة الإفريقية امكانات كبيرة في المجال الزراعي، حيث تتوفر التربة الزراعية التي هي مورد طبيعي غير متجدد وضروري لتحقيق الأمن الغذائي، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في إفريقيا حوالي 630 مليون هكتار (21% من مساحة القارة)، ويعتمد 50% من سكان إفريقيا على النشاط الزراعي الذي يشكل 30% من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).

رغم أن القارة الإفريقية تحتوى على 25% من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، إلا أنها تنتج حوالى 10% فقط من الإنتاج الزراعي العالمي، ولذا فهي تعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء وكذلك على المعونات الخارجية الغذائية لأسباب عديدة منها عدم استغلال كثير من الأراضي القابلة للزراعة، وانخفاض انتاجية الأراضي الزراعية لعدم تطبيق أساليب الزراعة الحديثة، وعدم استخدام نظم الري الحديثة، حيث تعتمد إفريقيا بنسبة 4% فقط على الزراعة المروية والباقي زراعة مطرية، ومن المعروف أن الري يمكن أن يزيد الانتاج الزراعي بنسب تتراوح بين 100-400%، تدهور الأراضي بسبب التعرية الشديدة وزيادة التملح، ضعف البنية التحتية خاصة الطرق والطاقة ووسائل تخزين المحاصيل حيث تفقد إفريقيا حوالى 50% من هذه المحاصيل نتيجة التخزين السيئ وضعف التسويق والاتصالات، وانتشار الأمراض مثل الإيدز والملاريا والحمى الصفراء وغيرها.

الزراعة في حوض النيل:

يتمتع حوض النيل بإمكانيات هائلة للتنمية الزراعية تؤهله ليصبح سلة الغذاء في إفريقيا والعالم العربي. يستخدم النشاط الزراعي أكثر من 90% من الموارد المائية في دول حوض النيل، ويساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلى الإجمالي (12-43%) ويعمل به قطاع عريض يتراوح بين 32 -94% من السكان. نظام الزراعة المطرية هو السائد في دول الحوض عدا مصر، حيث يتم زراعة ما يقرب من 78 مليون فدان وهي تشكل أكثر من 84% من إجمالي الأراضي الزراعية في حوض النيل، كما أن إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المروية في الحوض حوالي 15 مليون فدان (حوالي 2% من مساحة الحوض) من إجمالي 25 مليون فدان قابلة للري، تقع معظمها في مصر (8 مليون فدان) والسودان (5 مليون فدان)، إثيوبيا نصف مليون فدان معظمها يقع في حوض النيل الأزرق الذي يحتوي على إجمالي 2 مليون فدان قابلة للري. إن الزراعة المروية ضعيفة التطور في دول المنابع ولا تمثل في الوقت الحالي سوى 3% من إجمالي المساحة المنزرعة في دول المنابع. وتسعى دول حوض النيل إلى سد الفجوة بين الإنتاج والطلب عن طريق زيادة مساحة الأراضي المروية باستثمارات وطنية وأخرى أجنبية. على الرغم من ذلك، من المحتمل أن يكون التوسع في المناطق المروية داخل حوض النيل في المستقبل القريب محدودًا بسبب المتطلبات المالية الضخمة لتطوير وإنشاء بنية تحتية لشبكات الري، ولمحدودية مياه النيل. وبالتالي من المرجح أن يستمر الوضع الحالي لهيمنة الزراعة المطرية في مناطق المنابع في المستقبل، مما يشير إلى أهمية التركيز في تحسين وتطوير قطاع الزراعة المطرية، إلى جانب الاستثمار في تطوير الري وزيادة البنية التحتية لمياه النيل.

الزراعة في السودان:

تشكل الزراعة أكبر قطاع اقتصادي في السودان، حيث يعيش حوالي80% من السكان في المناطق الريفية، ويشكل الرعاة والمزارعون حوالي 45٪ من السكان، بينما الصيادون يشكلون 12%. طبقاً لتقديرات منظمة الأغذية العالمية، فإن مساحة الأراضي القابلة للزراعة في السودان حوالي 260 مليون فدان (42% من المساحة الكلية)، والمزروع فعلياً يصل إلى 20 مليون فدان (7% من المساحة القابلة للزراعة، 3% من المساحة الكلية للسودان)، يروى منها حوالي 5 مليون فدان (26% من الأراضي المنزرعة)، والأراضي القابلة للري في السودان ليست شاسعة أو غير محدودة كما هو شائع، بل إنها لا تزيد على 7 مليون فدان آخذين في الاعتبار كمية المياه المتاحة. يستهلك شمال السودان حوالي 27 مليار م3 لأغراض الزراعة المروية، بفائض قدره 3 مليار م3 من إجمالي المياه المتجددة سنوياً (30 مليار م3). 

ويعد نهر النيل وروافده المصدر الرئيسي لحوالي 93% من الأراضي المروية في السودان، النيل الأزرق وحده يمثل نحو 67%. وسريان مياه الري بالجاذبية هو الشكل الرئيسي لتدفق مياه الري، ولكن نحو ثلث الأراضي المروية تحتاج إلى مضخات لرفع المياه. يتم استخدام المياه الجوفية في ري ما يقرب من 4% من الأراضي المروية.

الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا:

 ارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا من 15 مليار دولار في 2002م إلى 47 مليار دولار 2019 قبل تفشي فيروس كورونا 2020م، حيث انخفض بنسبة 15٪ ليصل إلى 40 مليار دولار (شكل 1)، إلا أنه أقل منه في باقي دول العالم الذي انخفض بحوالي 36%، وفقًا لتقرير الاستثمار العالمي 2021م، الذي نشره مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD)، بينما زاد تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصين بنسبة 6٪ ليصل إلى 149 مليار دولار، بعد أن كان 141 مليار دولار عام 2019م، ويرجع ذلك إلى التدابير الناجحة لاحتواء الوباء والتعافي السريع.

 

شكل (1) الاستثمار الأجنبى المباشر بالمليار دولار 2019-2020 (UNCTAD, 2022)

 

توجد بعض المؤشرات لعودة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إفريقيا خلال 2022م، إلى ما قبل الجائحة، منها ارتفاع أسعار السلع غير البترولية والبترول والغاز الطبيعي عالمياً مما يشجع تدفق الاستثمارات إلى القارة الإفريقية، حيث ارتفع البترول من أقل من 10 دولارات/برميل في 20 أبريل 2020م، إلى حوالى 95 دولار/برميل في منتصف فبراير 2022م، وكذلك الغاز الطبيعي من 1,5 إلى 4 دولار/مليون وحدة حرارية، طبقاً لموقع الاقتصاد التجاري (Trading Economics)، ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع، وينطبق ذلك على أسعار السلع غير البترولية خاصة الغذائية ومنها القمح الذى تضاعفت أسعاره خلال العامين الماضيين.

من المتوقع أيضاً أن يؤدي تنفيذ منطقة التجارة الحرة للقارة الإفريقية إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي بشكل كبير في المناطق الاقتصادية الخاصة (SEZs) التي بلغ عددها حوالي 237 منطقة اقتصادية خاصة في 38 من 55 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي، وهي آخذة في الزيادة، وطبقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) من المتوقع أن يزداد الاستثمار الأجنبي المباشر في تلك المناطق بنسبة 15٪ من الدول الأعضاء في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وبنسبة 30٪ من خارج إفريقيا.

 

الاستثمار الأجنبي في قطاع الزراعة:

يقوم القطاع الخاص بدور هام في التنمية الزراعية في إفريقيا، كما ترحب جميع الحكومات الإفريقية على تشجيع الاستثمار الأجنبي في مجال الزراعة لاستغلال الأراضي القابلة للزراعة وغير مستغلة، وخلق فرص عمل في المناطق الريفية، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني، وتحفيز النمو الاقتصادي، مستغلة بذلك الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية، وزيادة الطلب على الغذاء والوقود الحيوي والمحاصيل النقدية الأساسي.

تدفقت الشركات الأجنبية للحصول على أراضي زراعية في إفريقيا خاصة في دول حوض النيل، وتمت الموافقة على تخصيص الأراضي للمستثمرين الأجانب في جميع دول الحوض. يبلغ إجمالي الأراضي المستأجرة للزراعة المطرية أو المروية في دول حوض النيل بين عامي 2000 و2012م، حوالي 28 مليون فدان، معظمها (91%) في ثلاث دول فقط هي إثيوبيا والسودان وتنزانيا. يتم استخدام الأرض المؤجرة لزراعة نباتات الوقود الحيوي (خاصة أشجار الجاتروفا)، المحاصيل المرنة (مثل قصب السكر وزيت النخيل والذرة وفول الصويا وزيت الخروع) وغيرها من السلع الرئيسية مثل الأرز والقمح والذرة الرفيعة والذرة الشامية. بالإضافة إلى دول الخليج، هناك العديد من الدول العربية والأجنبية التي تستثمر في قطاع الزراعة ، على سبيل المثال منها سوريا والأردن ولبنان واليمن وباكستان (شكل 2).

رغم أن هناك العديد من الفوائد نتيجة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الزراعة من خلق فرص العمل في دول الحوض، وزيادة اقتصاديات الدول المستثمرة، إلا أنها لا تساهم بفاعلية في تحقيق الأمن الغذائي في حوض النيل، لأن معظم المنتجات مخصصة للتصدير، ولكنها في نفس الوقت تنعش الاقتصاد المحلى وتوفر المنتجات الغذائية لدول الخليج.

توجد أحياناً أهداف سياسية وراء بعض الاستثمارات الأجنبية، مما أضفى أحياناً السرية عند تخصيص بعض هذه الأراضي، علاوة على ذلك، فإن الآثار السلبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في أعالي النيل تكمن في الزراعة المروية المعتمدة على مياه النيل وتأثيرها على نقص المياه التي يعتمد عليها دول المصب خاصة مصر، ولهذا السبب الاتجاه الآمن هو تطوير الزراعة والري بصفة عامة والزراعة المطرية بصفة خاصة.

الاستثمارات الأجنبية في الزراعة المروية قد تضيف لمسة أخرى إلى القضية المعقدة الخاصة بالاستخدام العادل لمياه النيل طبقاً للاتفاقيات المائية، إلا أن تأثيرها في قطاع الزراعة المطرية في أعالي النيل على التوازن المائي لنهر النيل ضئيل للغاية، وبالتالي يمكن لمصر والسودان تشجيع دول الخليج للاستثمارات في هذا القطاع بعيداً عن الزراعة المروية.   

 

 

شكل (2): توزيع المشروعات الخارجية الزراعية المروية في السودان.

 

الاستثمار الخليجي في دول حوض النيل:

أصبحت دول الخليج قوة اقتصادية وسياسية رئيسية في منطقة منابع النيل خاصة منطقة النيل الشرقي التي تضم مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإرتريا، حيث بلغت جملة الاستثمارات الخليجية من خلال 434 مشروعًا في جميع الأنشطة (شكل 3) بإجمالي حوالي 13 مليار دولار أمريكي من الفترة من 2000 إلى 2017م، معظمها (77%) من المملكة العربية السعودية (252 مشروعًا) والإمارات العربية المتحدة (133 مشروعًا)، لكل منهما حوالى 5 بليون دولار أمريكي، ثم الكويت 2,4 بليون دولار أمريكي (31 مشروعًا)، وقطر 0,6 بليون دولار أمريكي (18 مشروعًا)، كان نصيب قطاع الزراعة 1,8 بليون دولار أمريكي.

 

شكل (3): الاستثمارات الخليجية فى دول منابع النيل (434 مشروعًا).

(مجمعة من Meester et al., 2018)

 

تتلقى إثيوبيا حوالي 90% من جملة الاستثمارات الخليجية في أعالي النيل الشرقي يليها السودان (9%)، تشكل المشروعات الزراعية حوالي 40% من إجمالي المشروعات الاستثمارية الخليجية يليها الصناعة التحويلية (35%). المملكة العربية السعودية هي المستثمر الأكبر في مجال الزراعة في حوض النيل حيث تملك حوالي 66% من جملة المشروعات الزراعية يليها الإمارات (27%) والكويت (7%) وقطر (1%). يوجد أكثر من 80% من المشروعات الزراعية الخليجية في إثيوبيا، 18% في السودان، وأقل من 2% في جنوب السودان. 

فرص ومعوقات الاستثمار العربي في إفريقيا:

إفريقيا تتغير عن الماضي، إفريقيا قارة كبيرة المساحة تفوق مساحة الولايات المتحدة والصين واليابان والهند وأوروبا مجتمعين، إفريقيا تمتلك 60% من الأراضي غير المزروعة في العالم، وحتى الآن لم يستغل منها إلا 6% فقط، ولذا فإنها تحتاج إلى تطوير هذا القطاع وتغيير أساليب الإنتاجية بالاعتماد على التكنولوجيا المتطورة، والتركيز على تصنيع مواردها الزراعية الخام ومن ثم تصديرها، بدلاً من الاعتماد على تصديرها كموارد أولية فحسب، وهذا التصنيع يزيد من القيمة المضافة للموارد، وفى نفس الوقت تحتاج دول الخليج العربي (غير المؤهلة للزراعة) إلى هذه المنتجات الزراعية ومشتقاتها نظراً لندرة المياه بها، كما يوفر الاستثمار العربي في هذا المجال مياه الدول العربية المحدودة للاستفادة بها في مشروعات أخرى خاصة الصناعية، ويوفر أيضًا فرص عمل لملايين الأفارقة في المستقبل، السعودية على سبيل المثال تستثمر حوالى 2 مليون هكتار في عدد من الدول الإفريقية.

إفريقيا تشهد نمواً سكانياً كبيراً يقترب من 1500 مليون نسمة في 2030م، هم مستهلكون أكثر من أي وقت مضى ولذلك فإن إفريقيا تشكل سوقاً كبيراً للمنتجات المحلية والأجنبية، إفريقيا تتقدم بخطوات كبيرة في مجالات التنمية والاستثمار مما أشعل التنافس الكبير بين الدول العظمى للفوز بمشروعات داخلها رغم مخاطر الاستثمار لممارسة الأعمال التجارية.

ضعف البنية التحتية يفتح مجالاً كبيرًا للاستثمار في إفريقيا في تحسين البنية التحتية من إنشاء طرق ومحطات كهربائية باستخدام الطاقة المتجددة خاصة الشمسية والمائية، ومحطات لمياه الشرب والصرف الصحي، وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف بأنواعه لإعادة استخدامها المياه،

المشاكل الأكثر شيوعاً التي تواجهها الشركات الأجنبية في ممارسة الأعمال التجارية في إفريقيا هي ضعف البنية التحتية والفساد وعدم الاستقرار السياسي، وعدم تنفيذ اللوائح والقوانين -كلها عقبات رئيسية أمام الشركات المهتمة بالاستفادة من الفرص الإفريقية، بقدر المخاطر تأتى الأرباح.

مقالات لنفس الكاتب