; logged out
الرئيسية / الاستثمارات في السعودية: رؤية اقتصادية طموحة وقيادة داعمة

العدد 171

الاستثمارات في السعودية: رؤية اقتصادية طموحة وقيادة داعمة

الثلاثاء، 01 آذار/مارس 2022

يمر اقتصاد المملكة العربية السعودية بمرحلة تحول شاملة في ظل رؤية المملكة الطموحة 2030 وذلك بدعم كبير من القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ ، حيث تتضافر جهود جميع الجهات الحكومية والأجهزة المؤسسية للقطاع الخاص ممثلة في اتحاد الغرف التجارية السعودية والغرف التجارية في إنجاح مبادرات ومستهدف الرؤية والتي من أبرز أهدافها زيادة وتنويع الإيرادات غير النفطية عبر تخصيص الموارد وتحقيق التنمية المستدامة.

القطاع الخاص محرك رئيسي

 ووفق هذه المعطيات والمستهدفات يعتبر القطاع الخاص السعودي محرك أساسي في تنفيذ وتحقيق تطلعات الرؤية في زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40٪ إلى 65٪ وتحسين مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي من 0.7٪ إلى 5.7٪ ورفع مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35٪ إلى غير ذلك من الأهداف الأخرى.

ونتيجة للسياسات الحكومية الداعمة والمحفزة تحسن نمو القطاع الخاص في المملكة ومساهمته في الاقتصاد بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، ويظهر ذلك جلياً من خلال عدد من التغييرات والمؤشرات الرئيسية المتمثلة في: ارتفاع التنافسية في القطاع الخاص نتيجة لتحسين البنية التحتية لقطاع الأعمال، حيث تقدم غالبية الشركات المحلية مستوى أعلى جودةً لخدماتها ومنتجاتها، وبذلك ارتفعت نسبة الصادرات غير النفطية من إجمالي الصادرات بنسبة 143٪ بين عامي (2011 – 2020)، كما ارتفع عدد الشركات بنسبة 40٪ بين عامي (2016 – 2020) ليصل إلى 626,669 شركة ، هذا بالإضافة لمؤشر ارتفاع ريادة الأعمال بسبب جهود الدولة في تحسين ثقافة الأعمال لدى القطاع الخاص عن طريق تشجيع الابتكار والابداع في السوق السعودي ونتيجة لذلك، احتلت المملكة المرتبة 12 عالميًا والثالثة إقليميًا في مؤشر "توافر رأس المال الجريء" وفقاً لتقرير التنافسية العالمية لعام (2020-2021) ، فضلاَ عن مؤشر ارتفاع الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث أطلقت العديد من المبادرات والبرامج لتعزيز هذه الشراكة ومن أهمها برنامج "شريك" والذي يهدف إلى زيادة استثمارات القطاع الخاص المحلي إلى 5 ترليونات ريال سعودي للمساعدة في تحقيق الأهداف الرئيسية للقطاع الخاص لرؤية 2030. كما سيساهم البرنامج في خلق مئات الآلاف من فرص العمل وإضافة 2 تريليون ريال سعودي إلى إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2025.

بيئة جاذبة ووجهة رائدة للاستثمارات

 في إطار تحقيق تطلعات الرؤية الطموحة قامت المملكة بحزمة من الإصلاحات لتحسين بيئة الأعمال مما جعلها تأتي في المرتبة الأولى عالمياً في الاقتصادات الأكثر تحسناً في إصلاحات سهولة ممارسة الأعمال وفقاً لتقرير البنك الدولي فضلاً عن تطوير وتحديث العديد من الأنظمة التجارية وتقدمها في مؤشر " بدء النشاط التجاري" بفضل جهود الإصلاحات والتحسين لبيئة الأعمال وتوحيد جهود الجهات الحكومية والشراكة مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين، إلى جانب تمكين المرأة السعودية في كافة المجالات ، وبذلك باتت المملكة تشكل قوة استثمارية ضاربة ومؤثرة على الصعيد الإقليمي والدولي، وأصبحت وجهة رائدة للاستثمارات الدولية

وفي هذا الإطار تم إطلاق العديد من المشاريع الضخمة والبرامج والمبادرات لجذب الاستثمارات الخارجية ومن أهمها: برنامج "استثمر في السعودية" والذي ساعد نجاحه في تعزيز بيئة الاستثمار والمزايا التنافسية في المملكة. ونتيجة لذلك، تقدمت المملكة 29 مركزًا في "مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال 2020م" الذي يصدره البنك الدولي، كما سجل الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية ارتفاعًا بنسبة 61.1٪ في الربع الثالث من عام 2021م، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بالإضافة إلى برنامج " المستثمر الأجنبي المؤهل" والذي  سيمكّن التواصل المباشر بين المستثمرين الدوليين والسوق المالية السعودية لتسهيل متطلبات التسجيل وتوسيع نطاق المستثمرين المؤسسيين المؤهلين في السوق السعودي ليخلق حافزًا لزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، فضلاً عن الترخيص السريع" حيث نجحت الحكومة في تحسين وتقليص المشاكل المترتبة لعمليات التراخيص من ناحية مدة الوقت والتعقيدات، حيث انخفض الوقت للبدء بنشاط تجاري جديد بشكل جذري وذلك من مدة كانت تستغرق 15 يومًا إلى 30 دقيقة فقط في وقتنا الحالي. كما حصلت أكثر من 44 شركة متعددة الجنسيات مثل شركة (Unilever) و (Baker Hughes) و (Siemens) على تراخيص لنقل مقرّاتها الإقليمية إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث تعمل الشركات في صناعات استراتيجية مختلفة مثل التكنولوجيا والأغذية والمشروبات والاستشارات والبناء.

مستقبل اقتصادي واعد

 وفقاً للمعطيات والمؤشرات الاقتصادية المختلفة يمكنني القول إن المملكة تشهد تحولاً وحراكًا اقتصاديًا كبيرًا  والمستقبل الاقتصادي واعد بمشيئة الله ، حيث تشير  البيانات الرسمية الحديثة من هيئة الإحصاء إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2021م، معدل نمو قدره 3.3% مقارنةً بالانخفاض الذي شهده عام 2020م، والذي بلغ -1.4%، حيث نتج هذا الارتفاع عن تعافي الاقتصاد من أزمة (19-COVID) من خلال نمو الأنشطة غير النفطية بمعدل 6.6 % وكذلك بفضل حزم الدعم الكبيرة التي قدمتها الدولة لتخفيف الآثار السلبية للجائحة على قطاع الأعمال السعودي والاقتصاد الوطني، كما حققت أنشطة الخدمات الحكومية معدل نمو قدره 5.1 % فيما حققت الأنشطة النفطية نموًا بمقدار 0.2%.

أمَا بالنسبة لتقارير المنظمات الدولية بشأن مستقبل اقتصاد المملكة، فقد توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية بنسبة 2.9٪ في عام 2021م، وبنسبة 4.8٪ في عام 2022م، بينما سينخفض معدل التضخم إلى 3.2٪ في نهاية عام 2021 وإلى 2.2٪ بحلول عام 2022.

ومما يجدر ذكره هنا أن وكالة التصنيف الائتماني الدولية "فيتش" قد رفعت التصنيف الائتماني للمملكة من "A-" إلى "A" وذلك بعد إعادة النظر في النظرة المستقبلية لاقتصادها من سلبية إلى مستقرة. بالإضافة إلى ذلك، رفعت التصنيف الائتماني لشركة السعودية للكهرباء وصندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى A، الأمر الذي يعد دليلًا على التفاؤل في النظرة المستقبلية لاقتصاد المملكة.

 

دورنا في الاتحاد والغرف التجارية

لقد كان قطاع الأعمال السعودي وأجهزته المؤسسية ممثلة في اتحاد الغرف التجارية السعودية والغرف التجارية  بصفتهم شركاء للجهات الحكومية في التنمية الاقتصادية على قدر كبير من الجاهزية والمسؤولية في دعم جهود جذب الاستثمارات، حيث تفاعلوا منذ الوهلة الأولى لإطلاق رؤية المملكة 2030م، وعملوا على إنجاز العديد من المبادرات التي من شأنها رفع مساهمة القطاع الخاص إلى 65% فضلاً عن مواءمة خطط واستراتيجيات الاتحاد والغرف التجارية مع أهداف الرؤية، والتنسيق مع مكاتب الرؤية في الجهات الحكومية واستثمار الفرص في مختلف القطاعات والترويح للفرص التي تتضمنها الرؤية من خلال الوفود التجارية وعلى المستثمرين والشركاء الدوليين، كما عمل الاتحاد على تعظيم استفادة القطاع الخاص السعودي من الفرص الاستثمارية في برامج الرؤية، وصندوق الاستثمارات العامة، وبرامج دعم المحتوى المحلي في الشركات الكبرى، كما أطلق الاتحاد مبادرة  فرص 2030م، وعمل على حصر الفرص الاستثمارية في برنامج خدمة ضيوف الرحمن وبرنامج التخصيص وبرنامج التحول الوطني وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج تطوير القطاع المالي وبرنامج جودة الحياة .

أرض الفرص الاستثمارية

إن الجهود المبذولة من كافة الجهات في القطاعين العام والخاص ستجعل من المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة أرض الفرص الاستثمارية الكبرى، حيث تمت الموافقة مؤخرًا على "الاستراتيجية الوطنية للاستثمار "، والتي تهدف إلى زيادة حجم ونوعية الاستثمارات بشكل كبير في القطاعات ذات الأولوية بالإضافة إلى القطاعات التقليدية التي تشمل الطاقة الخضراء والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتكنولوجيا الحيوية والنقل والخدمات اللوجستية، فضلاً عن الأمور الأخرى الشاملة مثل الابتكار الشركات الناشئة وريادة الأعمال، حيث تقوم الاستراتيجية على أربع ركائز وهي تعزيز وتشجيع الاستثمارات وفرص الأعمال في القطاعات الاقتصادية من خلال برامج هادفة ،و زيادة الاستثمارات من خلال تعزيز العلاقة بين مختلف المستثمرين في نظام الاستثمار ، بجانب تعزيز خيارات التمويل وخلق أدوات ومنصات جديدة للتمويل ، فضلاً عن اعتماد أفضل القوانين والأنظمة لزيادة الشفافية وتعزيز بيئة تنافسية صحية وسليمة.

الجانب المهم من الاستراتيجية أنها تتكامل مع برامج الرؤية المعلنة سابقًا مثل برنامج صندوق الاستثمارات العامة، والبرنامج الوطني لتطوير الصناعة والخدمات اللوجستية، وبرنامج التخصيص، وبرنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج جودة الحياة، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الوطنية الأخرى، كما أن القطاع الخاص سيكون له دور محوري في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار.

وتشكل القطاعات الاقتصادية المرتبطة برؤية وبرامج رؤية 2030 فرصة سانحة أمام المستثمرين المحليين والدوليين حيث تشهد هذه القطاعات طلباً ونمواً كبيراً، ومن أبرزها الرعاية الصحية، والتعدين والمعادن، والفضاء الجوي والدفاع، والسياحة، والمواد الكيمائية، والعقار، والصناعة والتصنيع والخدمات المالية، والنقل والخدمات اللوجستية، والطاقة، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

 

الدول الخليجية ومستقبل الاستثمارات 

ختاماً أقول: إن مستقبل الاستثمار في المملكة وكذلك في دول مجلس التعاون الخليجي واعد والمحفزات كبيرة وتبذل الدول الخليجية جهودًا واضحة لجذب الاستثمارات الأجنبية واستقطابها من جميع أنحاء العالم وذلك إدراكًا منها لأهميته في دعم اقتصادها الوطني، ولذلك دعمت العديد من المبادرات والمشروعات والمنظمات والتشريعات التي تصب في مصلحة تحقيق هذا الهدف. كما تدرك دول المجلس أن تحسين بيئة الاستثمار عملية مستمرة ترتبط بالتطوير المتواصل للبيئة التشريعية والإجرائية والمؤسسية على أسس تراعي التطورات والمستجدات الإقليمية والدولية وتركز على اكتشاف مواطن القوة والضعف والإمكانات والتحديات للتعامل الإيجابي معها بما يؤدي في النهاية إلى تحسين "وضعها التنافسي كدول جاذبة للاستثمار مقارنة بدول المنطقة والعالم"

مقالات لنفس الكاتب