; logged out
الرئيسية / الأمن العربي والأمن الإقليمي

العدد 172

الأمن العربي والأمن الإقليمي

الثلاثاء، 29 آذار/مارس 2022

في المرحلة الراهنة تتصدى المملكة العربية السعودية لمسؤولية كبرى في الحفاظ على أمنها الوطني والأمن الخليجي، بل يتجاوز الأمر إلى دفاعها عن الأمن العربي والإقليمي برمته، والمساهمة الفعالة في حماية الممرات المائية الدولية القريبة من المملكة، فهي معنية بتثبيت الأمن والاستقرار على أرضها وحماية حدودها ومنطقة الخليج من خلال التصدي للهجمات التي تنفذها ميليشيا الحوثي التي تدعمها إيران بشكل سافر، لذلك فإن المملكة العربية السعودية في مواجهة تاريخية للحفاظ على مقدراتها ومقدرات المنطقة، وحماية أقدس المقدسات الإسلامية من هجمات لا تحترم المواثيق الدولية أو قواعد القانون الدولي ولا حقوق الجيرة وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، لذلك أخذت المملكة في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة مهمة التصدي للحفاظ على أمنها والنظام العربي في ظل خلط الأوراق الإقليمية، وتشتت القرار الدولي وزيادة جبهات الصراع بين القوى الكبرى وتأثير ذلك على استقرار منطقة الخليج والمنطقة العربية، خاصة أن  النظام العربي تعرض لهزات عنيفة عقب ما يُسمى بثورات الربيع العربي وحدوث فراغ في بعض الدول العربية الفاعلة أو انكفاؤها على قضاياها الداخلية، بل تحولت بعض هذه الدول إلى دول رخوة وغياب نظام حكم فاعل بها وحدوث حروب أهلية بين شعوبها، ما أدى إلى تسرب النفوذ الخارجي إلى داخل هذه الدول وما زالت تداعيات ذلك مستمرة حتى الآن وقد تستمر إلى فترة ليست قصيرة في المستقبل.

وفي الوقت الذي تواجه فيه دول المنطقة هذه التحديات غير المسبوقة والتي تصل إلى حد التهديد الوجودي لبعض دولها، نجد تمدد نفوذ وقوة بعض الدول الإقليمية التي تستهدف الوجود العربي في عقر دوله وبأجندات متنوعة تعتمد على إحياء قوميات هذه الدول على حساب العرب، وتستخدم أساليب طائفية مقيتة، بل تلوح بامتلاك القوة غير التقليدية (النووية) لتكون الخنجر الموجه مباشرة إلى خاصرة الجسد العربي ،وهذا النموذج تقوم به إيران التي تعيث في بعض الدول العربية فسادًا وتقوم بتجنيد ميليشيات مسلحة تشن حروبًا بالوكالة نيابة عنها ضد دول عربية مجاورة وهذا ما تفعله ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن وميليشيات حزب الله في لبنان وميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وإضافة إلى ذلك توجد  تحديات من دول إقليمية أخرى في مقدمتها تركيا وإثيوبيا، وكل ذلك يضغط على الأمن العربي.

بينما الدول الكبرى والتي لها ارتباط تاريخي بالأمن الخليجي والعربي وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي اهتمت بأمن المنطقة منذ مبدأ الرئيس أيزنهاور، وتلاه مبدأ نيكسون، ثم مبدأ كارتر وما ترتب على هذه المبادئ من توثيق العلاقات وزيادة المصالح سواء الاقتصادية، أو العسكرية، أو الأمنية، ولكن بدأ هذا الاهتمام يتراجع  في ظل تغير أولويات السياسة الخارجية الأمريكية واهتمام واشنطن بالتوجه نحو الصين حيث تعتقد أن الخطر الصيني يهدد نفوذها في العالم وأن بكين تسعى لمشاركتها في قيادة العالم كقوة عظمى صاعدة، وقد زاد من الضغوط على أمريكا حرب روسيا ضد أوكرانيا حيث أخذ الخطر الروسي يأخذ تحديًا مسلحًا في مواجهة الولايات المتحدة وحلف الناتو ، هذه الضغوط جعلت أمريكا تقدم تنازلات على ما يبدو لإيران خاصة في المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني الذي يمثل خطرًا على منطقة الخليج في المقام الأول.

كل هذه التحديات جعلت المملكة العربية السعودية تواجه المخاطر الإقليمية بوضوح ودون مواربة وترفع من جاهزيتها و قدرتها في الاعتماد على الذات وتكثيف التلاحم بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الفاعلة في النظام العربي، وهذا التوجه سوف يكون محور السياسة المستقبلية في المنطقة، ويظل على الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة إعادة النظر في سياستها تجاه منطقة الخليج بعدم إطلاق يد إيران والسماح بمشروعها النووي، وإنهاء الانقلاب الحوثي في اليمن الذي يمثل خطرًا ليس على الشعب اليمني فقط، بل يهدد دول الجوار ومنشآتها المدنية والعسكرية وهو ما تمثله جرائم طائراتها المسيرة والصواريخ إيرانية الصنع تجاه المنشآت السعودية، وفي حال تأخر المجتمع الدولي وأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي في الضغط على إيران والحوثي في اليمن فسينعكس ذلك على إمدادات النفط العالمية كما صرحت المملكة العربية السعودية بذلك مؤخرًا، وكذلك سينعكس على الأمن الإقليمي ويهدد بتفجير صراعات مسلحة في مناطق كثيرة من العالم ؛الأمر الذي يعجل بظهور النظام العالمي الجديد متعدد القطبية، وتنوع علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع القوى العالمية الكبرى الصاعدة والمنافسة على زعامة العالم. 

مقالات لنفس الكاتب