array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

مجلس النواب البحريني يمتلك أدوات للتأثير في صنع السياسة الخارجية

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

تعتبر السلطة التشريعية وفقًا لنظريات تقسيم السلطات الثلاث في الدولة، طرفًا هامًا في عملية صنع القرار السياسي، وخاصةً مع اتجاه الدول نحو مزيد من الديمقراطية، وتبني مبدأ زيادة المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار في الدولة، وذلك بإفساح المجال أمام مجالس شعبية منتخبة تضمن إيصال صوت المواطنين ورأيهم في سياسة الدولة. وظل القرار السياسي الخارجي لفترة طويلة حكرًا على السلطة التنفيذية في مختلف الأنظمة، سواء كانت رئاسية أو برلمانية، أو مختلطة؛ نظرًا لما تتمتع به من إمكانات مادية وبشرية وسرعة في اتخاذ القرار السياسي الخارجي، ومع تآكل الحدود الفاصلة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، وفي ظل تأثيرات العولمة، والاتجاه نحو الديمقراطية، وكثرة الأعباء والتحديات التي تواجهها الدول؛ بدأت السلطة التشريعية في مختلف الأنظمة تمارس دورًا هامًا في مجال السياسة الخارجية؛ ومن ثم جاءت أهمية هذه الدراسة لتتناول بالتحليل أهداف وآليات مجلس النواب البحريني في صنع السياسة الخارجية.

أولاً: نشأة وتطور البرلمان في البحرين

عرفت البحرين الإدارة الحديثة عقب تولي الشيخ عيسى بن علي آل خليفة مقاليد الحكم في البلاد في 2 ديسمبر 1869م، وقد تأسست في الربع الأول من القرن العشرين الميلادي أولى الدوائر الحكومية، حيث تأسست بلدية المنامة في عام 1919م، كثالث بلدية عربية، وكذلك دائرة الجمارك ودائرة الشرطة التي تأسست في 21 سبتمبر 1921م، وكذلك المحاكم وغيرها من الدوائر الحكومية التي يعتبر تأسيسها ريادةً بالنسبة لكثير من الدول المجاورة بل ولعدد من الدول العربية.

يُعد يوم 20 يوليو من عام 1920م، بمثابة تاريخًا هامًا في التاريخ البحريني الحديث، حيث صدر أول قانون مكتوب في البحرين وهو «قانون البلدية» والذي اشتمل على عدد من القوانين الخاصة بالنظافة والرفق بالحيوان وقوانين مرورية رغم أن عدد السيارات في ذلك الوقت في البحرين لم يتجاوز ستة سيارات فقط.

وانطلاقاً نحو المشاركة الشعبية المبكرة في تاريخ البحرين وإمارات الخليج العربية، عُقدت في البحرين في عام 1951م، أول انتخابات بلدية ومما يشهد له في تلك الانتخابات مشاركة المرأة البحرينية فيها، ويعتبر ذلك إنجازًا كبيرًا للمشاركة الشعبية البحرينية عمومًا ولمشاركة المرأة البحرينية خصوصًا، إذا ما عرفنا أن عددًا كبيرًا من دول أوروبا والعالم في تلك الفترة لم تمنح المرأة فيها حق الانتخاب ومنها بريطانيا نفسها.

وشهد عهد حاكم البحرين الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة (1932 - 1942م) وكذلك نجله وخليفته الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة (1942-1961م) إنشاء المزيد من الدوائر الحكومية والتي صدرت عنها بالمقابل العديد من القوانين المنظمة لسير عملها، وعرفت البحرين بشكل مميز الإعلانات الحكومية التي كانت تُلصق على جدران الدوائر الحكومية والمباني في الأسواق، والتي كانت رافدًا إعلاميًا وقانونيًا للمواطنين والمقيمين يتعرفون من خلالها على آخر الأخبار والقوانين الرسمية، ويعتبر عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (1961-1999م) عهد تأسيس الدولة الحديثة وإصدار أول دستور في تاريخ البلاد حيث صادق على أول دستور في 6 ديسمبر 1973م.

وفي 14 فبراير عام 2002م، صدر دستور جديد في البلاد نقل البلاد من إمارة إلى ملكية دستورية ذات نظام برلماني. ويهدف هذا الدستور وبرامج التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتكريس مجموعة من الحقوق للأفراد والجماعات ليستفيد منها الجميع، وضمان المساواة لجميع المواطنين والنهي عن جميع أشكال التمييز. أعاد الدستور الجديد تأسيس نظام برلماني في البحرين، وقدم وبشكل واضح مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية في الحكومة، وضمان استقلال كل واحدة منهما عن الأخرى، مع إتاحة الفرصة لمزيد من الإصلاح. ومع ضمانه حق كل مواطن بحريني للمشاركة في الشؤون العامة وممارسة حقوقه السياسية، كما أكد الدستور على الحق في الترشح والتصويت للمواطنين المؤهلين.

يعتبر مجلس النواب أحد جناحي السلطة التشريعية في البلاد والمكونة من مجلسي الشورى والنواب وهو بحسب ما نص عليه دستور مملكة البحرين في المادة «رقم 57» على أن: "يتألف مجلس النواب من أربعين عضوًا يتم انتخابهم عن طريق الانتخاب العام السري المباشر". وفقًا للمادة «رقم 58» من الدستور البحريني "يستمر عمل مجلس النواب أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له تسمى بالفصل التشريعي، وتجري في خلال الشهور الأربعة الأخيرة من تلك المدة انتخابات المجلس الجديد، وللملك أن يمد الفصل التشريعي لمجلس النواب عند الضرورة بأمر ملكي مدة لا تزيد على سنتين". ينقسم كل فصل تشريعي إلى 4 أدوار انعقاد سنوية مدة كل منها لا تقل عن 7 أشهر ولا يجوز فض دور الانعقاد قبل إقرار الميزانية، ويعلن الملك بأمر ملكي فض دور الانعقاد العادية وغير العادية.

ثانيًا: محددات السياسة الخارجية البحرينية

تُعرف السياسة الخارجية بأنها مجموعة من السياسات والنشاطات التي تمارسها الدولة من أجل تحقيق مصالحها الوطنية الخاصة تجاه الوحدات الدولية الأخرى دولاً كانت أو مؤسسات دولية، والتي تُحدد بناءً على تخطيط مسبق بقصد تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات المرجوة.

تلعب العديد من العوامل والمحددات داخل الدولة وخارجها دورًا في تحديد ماهية السياسة الخارجية التي يجب أن تتبعها الدولة في ظل الظروف الإقليمية المحيطة وعدد الفواعل في هذا الإقليم، وقدراتهم من حيث المساحة وعدد السكان والقدرات الاقتصادية وتحالفاتهم الدولية، كما يؤثر في سياسة الدولة طبيعة النسق الدولي أو البنيان الدولي وتوجهات الفاعليين فيه؛ وعليه فإن البحرين تولي اهتمامًا كبيرًا لخلق رؤية إيجابية لدى الدول الأخرى بغرض الاستثمار والتعاون الاقتصادي وخلق أُطر للحوار الثقافي والحضاري مع دول وشعوب العالم المختلفة.

تقوم السياسة الخارجية البحرينية على ضرورة استبعاد الأداة العسكرية في نطاق الصراعات الدولية وتُشدد على الوسائل السلمية كحل لتسوية كافة الصراعات. ورفض التّدخل في الشؤون الداخلية استنادًا إلى مبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية ومبادئ وميثاق الأمم المتحدة ومفهوم السيادة الذي قام عليه التنظيم الدولي.

 بالإضافة إلى الحفاظ على سيادة المملكة واستقلالها وصيانة إقليمها ووحدتها الوطنية، والحفاظ على أمن واستقرار المملكة بجميع الوسائل المشروعة وفقًا للمواثيق الدولية والعمل على حماية ودعم مصالح المواطنين في الخارج، والمساهمة في تقديم الرعاية للمقيمين والوافدين والاهتمام بشؤونهم، وتعزيز جهود تنمية الاقتصاد الوطني وتحقيق الرؤية الاقتصادية 2030، والوصول إلى الوحدة الاقتصادية مع دول مجلس التعاون، والتمسك بمبادئ العمل الخليجي المشترك وتقوية الروابط والصلات التاريخية والمصالح المشتركة مع دول مجلس التعاون، والإيمان بالعمل والتضامن العربي والإسلامي المشترك باعتبارهما ركيزة أساسية في سياسة المملكة، وباعتبار العالمين العربي والإسلامي عمقًا استراتيجيًا لمنطقة الخليج العربي. والعمل على توفير بيئة إقليمية ودولية يسودها السلام والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة والتضامن والتعاون، ومشاركة المجتمع الدولي في جهوده لمكافحة الإرهاب ومنع تمويله، فضلاً عن تعزيز العلاقات الودية والتعاون البناء مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل.

كما أن مملكة البحرين تؤمن بالدور البناء للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وحركة عدم الانحياز والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، والالتزام بمواثيقها وقوانينها وقراراتها، وتعمل على الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، وفي مقدمتها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ونشر قيم المحبة والإخاء والتسامح والتعايش السلمي بين الأمم والأديان والطوائف، ومحاربة الفكر المتطرف والتعصب.

ثالثًا: مجلس النواب البحريني وصناعة السياسة الخارجية

تُعد عملية صنع القرار السياسي موضع اهتمام علمي كبير في الدراسات السياسية بمجالاتها المختلفة وفروعها المتباينة. وتُعد دراستها مدخلًا هامًّا في فهم طبيعة النظم السياسية في جميع دول العالم بصفة عامة، ودول العالم الثالث بصفة خاصة. فتكشف عملية تحليل صنع القرار السياسي عن مدى تطور هذه الأنظمة، وديمقراطية الأنظمة الحاكمة في العالم الثالث، والتوجهات الأساسية للنخبة الحاكمة، والأشخاص المسيطرين على العملية السياسية، وكيف يديرون الدولة من خلال القرارات السياسية المختلفة، وأساليب هؤلاء في صنع القرارات واتخاذها.

إن القرار السياسي عملية في غاية التعقيد، ويتأثر القرار السياسي بالبيئة الداخلية أو الخارجية فضلًا عن كونه يتأثر بشخصية صانع القرار وميوله ونسقه العقيدي. فعملية صنع القرار داخل النظام السياسي أداة تحليلية؛ لتحديد الأنماط والعلاقات داخل المجتمع في كل ما تعنيه الحركة السياسية، كمدخلات ومخرجات وردود الأفعال، وهذه العملية تختلف حسب طبيعة النظام السياسي وكذلك التركيبة الاقتصادية والاجتماعية للدولة. ومن ثم؛ يمكن اعتبار صناعة القرار السياسي وظيفة من وظائف هيئة معينة تشكل حركة النظام، وهي تختلف من دولة إلى أخرى.

يمارس الملك في مملكة البحرين دورًا هامًا في عملية صنع السياسات الخارجية وذلك بسبب قربه من القضايا والأحداث الخارجية، فالملك هو رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة وهو الذي يُبرم المعاهدات والاتفاقيات الدولية. ويتولى الملك والمجلس الوطني السلطة التشريعية وفقًا للدستور، ويتولى الملك السلطة التنفيذية مع مجلس الوزراء والوزراء، وباسمه تصدر الأحكام القضائية. ويعتبر الملك رأس الدولة، والممثل الأسمى لها، ذاته مصونة لا تمس، وهو الحامي الأمين للدين والوطن، ورمز الوحدة الوطنية.

تمر عملية صنع السياسة الخارجية في النظام السياسي البحريني بمراحل متشابكة ومعقدة، ويشارك مجلس النواب في ممارسة أدوار متعددة في عملية صنع واتخاذ القرار الخارجي البحريني، ومن الأدوات التي يملكها مجلس النواب في مجال الشؤون الخارجية: الموافقة على برنامج عمل الحكومة كل أربع سنوات مع بداية كل فصل تشريعي جديد. ووفقًا للمادة «رقم 165» من اللائحة الداخلية لمجلس النواب وفي ضوء التعديلات الدستورية في عام 2012م؛ أصبح بمقدور مجلس النواب ممارسة الرقابة من خلال الموافقة على برنامج عمل الحكومة، والمبادرات التي تتخذها السلطة التنفيذية في مجال السياسة الخارجية، ويعتبر اللجوء إلى تقييم سياسات الحكومة والتصويت على برنامج عمل الحكومة يعتبر بمثابة وسيلة ضغط على التوجهات السياسية لوزارة الخارجية.

ووفقًا للمادة «رقم 37» من الدستور البحريني المُعدل فإنه لابد أن يبلغ الملك المعاهدات إلى مجلسي النواب والشورى وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها، على أن معاهدات الصلح والتحالف، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقول السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة، ومعاهدات التجارة والملاحة والإقامة، يجب لنفاذها أن تصدر بقانون. 

وتماشيًا مع أهمية الدبلوماسية البرلمانية ودورها في تنمية وتعزيز العلاقات البرلمانية الخارجية ومد جسور الصداقة والتعاون بين البرلمانات أُنشأت إدارة الشعبة البرلمانية التي تعمل على توحيد أهداف وجهود أعضاء مجلسي الشورى والنواب في مشاركاتهم الخارجية في أنشطة ومؤتمرات الاتحادات والمنظمات الدولية وغيرها من المؤسسات والاتحادات البرلمانية الأخرى ذات الطابع البرلماني. ويرأس اللجنة التنفيذية للشعبة رئيس مجلس النواب بعضوية ثمانية أعضاء يختار كل مجلس أربعة منهم من بين أعضائه.

ويمتلك مجلس النواب البحريني أدوات برلمانية يستطيع من خلالها التأثير في عملية صنع السياسة الخارجية، ومن أبرزهم الأدوات الرقابية التي تشمل لجان التحقيق والسؤال البرلماني والاستجواب وطرح الثقة، هذا فضلاً عن دراسة الموقف الدولي، وتطورات السياسة الدولية والإقليمية من قبل لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني.

وفقًا للمادة «رقم 25» من اللائحة الداخلية لمجلس النواب البحريني فتعتبر "لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني" من اللجان الدائمة في مجلس النواب البحريني وتشكل من سبعة أعضاء، وتختص بدراسة الموقف الدولي، وتطورات السياسة الدولية، والسياسة الخارجية لمملكة البحرين، والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، كما تختص بدراسة كافة الشؤون المتعلقة بالأمن الداخلي، ومكافحة الجريمة، وأمن الدولة الخارجي. وأعضاء هذه اللجنة لديهم تأثير هام على المسائل السياسية والقانونية التي تختص بالشؤون الخارجية، حيث تناقش هذه اللجنة القرارات والتشريعات والاستجوابات والاقتراحات ذات الصلة بالسياسة الخارجية البحرينية.

ولعل من أبرز مشروعات القوانين المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقيات التي تم مناقشتها في مجلس النواب البحريني في الفترة الأخيرة ما يلي:

مشروع قانون بالتصديق على اتفاقية آرتميس لمبادئ التعاون في الاستكشافات المدنية واستخدام القمر والمريخ والمذنبات والكويكبات للأغراض السلمية، المرافق للمرسوم رقم (17) لسنة 2022م.

مشروع قانون بشأن تطبيق أحكام الاتفاق بين حكومة دولة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الموافق عليه بالمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1979م، على العلاقة بين مملكة البحرين والمنسق المقيم للأمم المتحدة، المرافق للمرسوم رقم (4) لسنة 2022م.

مشروع قانون بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية حصانات وامتيازات منظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي حاليًا) المرافق للمرسوم رقم (87) لسنة 2021م.

مشروع قانون بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية تسجيل الأجسام المطلقة في الفضاء الخارجي، المرافق للمرسوم رقم (1) لسنة 2021م.

مشروع قانون بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها الملحق باتفاقية التنوع البيولوجي، المرافق للمرسوم رقم (81) لسنة 2020م.

مشروع قانون بالتصديق على الاتفاقية بين حكومة مملكة البحرين والاتحاد الفيدرالي السويسري بشأن إزالة الازدواج الضريبي فيما يتعلق بالضرائب على الدخل ورأس المال ومنع التهرب والتجنب الضريبي والبروتوكول المرفق بها، المرافق للمرسوم رقم (14) لسنة 2020م.

يمكن القول إن عملية التصديق على الاتفاقيات الدولية من أبرز وأقوى الأدوات التي يمتلكها مجلس النواب البحريني فيما يتعلق بصنع السياسة الخارجية، على الجانب الآخر نرى أن أعضاء مجلس النواب البحريني لم يستخدموا الأدوات التشريعية مثل الاقتراحات بقانون، والأدوات الرقابية مثل الأسئلة البرلمانية وطرح الثقة والاستجواب ولجان التحقيق بصورة فعالة، ويدل هذا على أن السياسة الخارجية مازالت خارج اهتمامات أعضاء مجلس النواب ويمكن إرجاع ذلك إلى أن المواطن البحريني لا يهتم بقضايا السياسة الخارجية لأنها لا تمسه مباشرةً في حياته اليومية، بل نرى أن المواطن البحريني يركز على حل المشاكل الداخلية التي تمسه، وقياسًا على ذلك نرى أن هناك ثمة تنافس بين أعضاء مجلس النواب فيما بينهم في مناقشة الموضوعات المتعلقة بصنع القرار المحلي؛ من أجل كسب التأييد السياسي أثناء الانتخابات العامة. وعلى العكس من ذلك، استخدمت الجمعيات السياسية أداة السؤال والاقتراح برغبة بشكل فعال في الفصل التشريعي الثاني، ولكنها لم تستطع محاسبة أو تحريك المسؤولية السياسية تجاه وزير الخارجية.

وفي هذا الصدد ذكرت رئيسة مجلس النواب فوزية زينل، "أن السلطة التشريعية في مملكة البحرين أخذت موقعها الرائد ودورها اللافت في القيام بمساهمات ملموسة ومثمرة في المجال الدبلوماسي، عبر ما أتيح لها من أفق واسع بفضل المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد، فتُوجَ ذلك بالعديد من الإنجازات على مستوى الحضور المعبر عن المكانة المتقدمة لمملكة البحرين، في المنظمات والاتحادات البرلمانية الخليجية والعربية والإقليمية والقارية والإسلامية والدولية، والتأسيس لقاعدة متينة، وتعاون متنامٍ مع البرلمانات الصديقة، وبناء شبكة متينة من العلاقات معها بما يسهم في إنجاز خطوات تعود بالنفع للوطن وللمجتمع".

من خلال التحليل السابق؛ يمكن القول إن المناقشات والاقتراحات وعملية التصويت والمشاركات الخارجية والأعمال البرلمانية المتعددة والأنشطة التقليدية لأعضاء مجلس النواب يجب أن تتسق مع الأهداف الاستراتيجية للسياسة الخارجية البحرينية، إذ تعتمد الكفاء المؤسسية لمجلس النواب في مجال العلاقات الدولية على مدى مساهمة أعضاء البرلمان في تحقيق الأهداف الخارجية للدولة، فضلاً عن أنه يجب أن تتوافق الأدوار التشريعية والرقابية للبرلمان مع المصالح الخارجية للدول بصفتها الهيئة التشريعية العليا.

وبالرغم من أن السلطة التنفيذية في البحرين أكثر تأثيرًا وفعالية في عملية صنع وتنفيذ السياسة الخارجية إلا أن يعمل مجلس النواب جاهدًا على اتخاذ الإجراءات وتمرير مشروعات القوانين ورسم السياسات العامة بشكل سريع وذلك من أجل تحقيق الأهداف الخارجية للدولة وإعادة صياغة بعض التشريعات وسماع التوصيات والاقتراحات من ممثلي الشعب من أجل تعزيز شرعية القرار الخارجي للحكومة وكسب الدعم.

مقالات لنفس الكاتب