array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

نجاح خطط التنمية يتطلب شراكات بين الحكومات والبرلمانات

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

تم اعتماد أهداف التنمية المستدامة من قبل كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وعددها ١٩٣ بلدًا وذلك في ٢٥ سبتمبر من عام 2015م، كجزء لا يتجزأ من تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠

وهي بدورها تحدد أهدافًا إنمائية عالمية طويلة المدى من شأنها أن ترسي وسائل أكثر استدامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع البلدان، اعتمادًا على الدروس المستفادة من الأهداف الإنمائية للألفية التي تم تنفيذها منذ عام ٢٠٠٠ وحتى عام ٢٠١٥ م،  وقد دخلت هذه الأهداف العالمية الجديدة، ويشار إليها مجتمعة بخطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ ، حيز التنفيذ اعتبارًا من ١ يناير من عام ٢٠١٦ م، ومن المتوقع أن تتحقق بحلول عام ،٢٠٣٠ والتزمت دول مجلس التعاون بتحقيق تلك الأهداف ضمانًا لرخاء مواطنيها، من خلال صيغة رؤى مستقبلية للتنمية المستدامة، أو إدماج تلك الأهداف مع خطط التنمية المتتابعة بها.

ولما كانت تلك الأهداف في مجملها تستهدف رخاء الشعوب، فإن جوهر نجاحها يعتمد على مشاركة كافة المؤسسات التنظيمية والشعبية في بلدان العالم، وتساهم الحياة النيابية، أيا كان شكلها التنظيمي او المؤسسي، في حشد جهود المواطنين لتحقيق تلك الأهداف، فضلاً عن دورها في الرقابة على الأجهزة التنفيذية وتحقيق اعتبارات الكفاءة في استغلال ما يرصد من موارد لإنجاز تلك الأهداف، وتحقيق مبدأ الشفافية والمساءلة.

من هنا تستهدف هذه الورقة البحثية كيفية انخراط البرلمان والبرلمانيين في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وعلى نطاق واسع ضمن النظام السياسي القائم، وعلى اعتبار أن البرلمان يعمل كجزء من نظام سياسي واسع النطاق، وإيضاح كيفية إشراكهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل أفضل.

 

العلاقة بين السياسة والاقتصاد

تمثل السياسة والاقتصاد جناحي الحياة في أي مجتمع، إلا أن الجانب السياسي دائمًا ما يأتي في الصدارة، متقدمًا على الجوانب الاقتصادية،  كما أن النظام السياسي والحقوق السياسية تحظى بالاهتمام على حساب النظم الاقتصادية والحقوق الاقتصادية التي تهم كافة أفراد المجتمع وتحدد نمط تخصيص الموارد، ومعدلات النمو ومستوى المعيشة، إضافة إلى أن السلطات عمومًا تعد سياسية، ومتخذو القرارات سياسيون في المقام الأول، رغم أن النفوذ السياسي يرتكز على القوة الاقتصادية، وتتشكل العلاقات السياسية الدولية على أساس العلاقات الاقتصادية الدولية، كما أن قوة الدول ونفوذها السياسي يتأتى أصلاً من قوتها الاقتصادية.

من هنا فعادة ما تفهم الحياة النيابية على أنها قاصرة على الجانب السياسي، ونظم الحكم ونطم تمثيل الشعب في المجالس النيابية والانتخابات، وذلك على حساب الجانب الاقتصادي، ودور البرلمانات في تفعيل خطط التنمية عمومًا. وإذا كانت البرلمانات تمثل مكونًا أساسيًا في الحياة السياسية، وتشكل أحد أضلاع مثلث السلطة في أي دولة، بجانب السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، إلا أن جوهر عمل ( الحياة النيابية) ومسؤولياتها في التشريع ومتابعة السلطة التنفيذية، تنصب في أغلبها على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، والسعي لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

من ناحية أخرى فإن ممثلي الشعب في المجالس النيابية، أيا كانت طريقة تشكيلها، تعكس القوى الاقتصادية القائمة، وتدافع عن المصالح الاقتصادية الحالية والمستقبلية لكافة أفراد المجتمع، لذا فإننا لا نجافي الحقيقة إذا قلنا إن الطابع السياسي للحياة النيابية يمثل الشكل والصورة، في حين أن جوهر العمل النيابي والحياة النيابية ترتكز على الأبعاد الاقتصادية وتعكسها.

ومطالعة مضابط المجالس النيابية في أي مجتمع والقضايا التي تطرح، والمساءلات والنقاشات التي تنعقد في المجالس، يغلب عليها الجوانب الاقتصادية، ويكفي أن نشير في ذلك إلى دور البرلمانات في دورة الموازنة العامة للدولة، التي تمثل خطة الحكومة السنوية، وتعكس الدور التنموي والاقتصادي للحكومة وتحدد نطاق تدخلها وترسم حدود دورها في الحياة الاقتصادية، فرغم أن الحكومة هي التي تقوم بإعداد مقترح مشروع الموازنة، إلا أنها تعرض على المجالس النيابية بشكل سنوي لمناقشتها واعتمادها، وإصدارها بقانون من رأس السلط السياسية في الدولة.

كما أن نجاح الممارسات السياسية، والحياة النيابية في القلب منها، مرهون بالبعد الاقتصادي، وبالنظم والقرارات الاقتصادية، عندما تريد الحكومة أن تحدث نقلة في مستوى المعيشة والتقدم ونهضة الأمة، وهو ما ظهر جليًا عند إعلان الأمم المتحدة عام 2016م، عن أهداف التنمية المستدامة، والتي بنيت عليها رؤى استراتيجيات التنمية في دول مجلس التعاون، ومن هنا تطرح هذه الورقة تصورًا حول المرتكزات الاقتصادية اللازمة لنجاح الممارسات النيابية في دعم خطط التنمية الاقتصادية.

التنمية المستدامة والرؤى الاقتصادية في دول مجلس التعاون

ترتكز معظم الرؤى الاقتصادية التي تبنتها دول مجلس التعاون في أعقاب إعلان الأمم المتحدة عن أهداف التنمية المستدامة2030 بنهاية عام 2015م، على أن الاعتماد الاقتصادي المفرط على النفط والغاز هو الخطر الأساسي الذي يواجه اقتصادات المنطقة، كما تشترك رؤى التنمية في دول مجلس التعاون، في الاعتماد على نظم اقتصادية يمكن وصفها بالليبرالية الجديدة، أي التي تقوم على تقليص دور الحكومات في النشاط الاقتصادي، والحد مما توفره الحكومة من دعم للسلع والخدمات يشوه من أسواق السلع وأسواق الموارد، ويضعف من آليات السوق في تحقيق اعتبارات الكفاءة، والسعي لدور واسع وفاعل للأفراد والقطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

وقد كان ذلك جليًا في رؤى التنمية في دول مجلس التعاون حيث ركزت رؤية قطر الوطنية 2030، على تحويل قطر بحلول العام 2030م، إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة، وعلى تأمين العيش الكريم لشعبها جيلاً بعد جيل، وهو ما يشير إلى أن الرؤية تركز أساسًا على الازدهار الاقتصادي من خلال دور واسع للقطاع الخاص، وعلى استدامة التنمية دون الاعتماد على مورد طبيعي وحيد، هو الغاز في حالة قطر.

أما رؤية البحرين، وعنوانها الرسمي (رؤيتنا: رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى عام 2030)، فقد تمثل الهدف الرئيسي للرؤية في زيادة دخل الأسرة الحقيقي إلى أكثر من الضعف بحلول العام 2030م، وهكذا تميزت بتركيزها النسبي على الجانب الاقتصادي – الاجتماعي، سواء من حيث الهدف الأساسي المتمثل بمضاعفة الدخل أو بالإشارة المتكررة للحاجة إلى زيادة الأجور والتوظيف للمواطنين.

كما أشركت حكومة أبو ظبي، إضافة إلى ممثلي الحكومة، أصحاب أعمال من داخل الإمارة وخارجها، في صياغة رؤيتها للتنمية المستدامة، وكان هدفها العام النجاح الاقتصادي الذي يستند إلى مرتكزين: الأول بناء اقتصاد مستدام، بمعنى التنويع الاقتصادي بعيدًا من النفط وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، والثاني تنمية اقتصادية متوازنة إقليميًا واجتماعيًا تعود بالفوائد على الجميع.

وتعتبر رؤية الكويت خطة خمسية، وكشفت في جزئها الأول عن محتوى رؤية الدولة: الكويت 2035. وهدفها الأساس تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري، وذلك بتحقيق ستة أهداف استراتيجية: زيادة الناتج المحلي الإجمالي ورفع مستوى معيشة المواطن، وجعل القطاع الخاص يقود التنمية، وتحقيق التنمية البشرية والمجتمعية، وإصلاح التركيبة السكانية، وتحسين كفاءة الإدارة الحكومية.

أما رؤية السعودية 2030 فتعد بمثابة خطة لما بعد النفط في المملكة العربية السعودية، وقد أُعلن عنها في 25 إبريل 2016م، حيث نظم الخطة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وعرضت على مجلس الوزراء، ويشترك في تحقيقها كل من القطاع العام والخاص والقطاعات غير الربحية. وقد تم بناء رؤية المملكة على مكامن قوة الوطن وحققت خلال أول خمسة أعوام نتائج ملموسة على كافة الأصعدة، واستهدفت رؤية المملكة 2030 التحول إلى حكومة عالية الأداء تتسم بالفعالية والشفافية والمساءلة، وتمكن المواطنين والقطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية من أخذ المبادرة في استكشاف الفرص المتاحة لتحقيق أهداف الرؤية، وإنشاء مؤسسات حكومية مرنة، واعتماد نظم فعالة لمراقبة الأداء.

وكان فكر الاستدامة في رؤية عمان من أهم مرتكزات الرؤى المستقبلية والخطط التنموية الخمسية خاصة وأن السلطنة كانت شريكًا فاعلاً في كافة المنتديات والمداولات الأممية والإقليمية التي تمخض عنها الإعلان عن أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر 2015م، وحرصت حكومة السلطنة على إدماج أبعاد وأهداف التنمية المستدامة في استراتيجيات وخطط التنمية الاقتصادية، ومكونًا رئيسيًا من مكونات ومحاور رؤية عمان2040. ولضمان نجاح تنفيذ تلك الاستراتيجيات والسياسات تم تشكيل اللجنة الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وهي لجنة رفيعة المستوى تضم أعضاءً من الوزارات والهيئات الحكومية المعنية ومجلس عمان وممثلين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني.

 علاقة الحياة النيابية بأهداف التنمية المستدامة

على الصعيد العالمي، دعا الاتحاد البرلماني الدولي البرلمانيين لمشاركة أفكارهم في العمليات الرسمية. وفي أوائل شهر مارس من عام3 ٢٠١م، تبنت الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها ١٢٨ بيان كيتو الذي نص على أن البرلمانات ستلعب دورًا هامًا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. وهذا يحتم ضمان صياغة سياسات وخطط التنمية من خلال عمليات تشاركية وشاملة، مع تقارير دورية حول التقدّم المّحرز تتم إحالتها إلى البرلمان لمراجعتها

كما قام برلمانيون ممثلون لعدد ١٣٠ سلطة تشريعية بالمصادقة على إعلان هانوي – أهداف التنمية المستدامة: الانتقال من الأقوال إلى الأفعال وذلك خلال انعقاد الجمعية العامة ١٣٢ للاتحاد البرلماني الدولي في أبريل من عام ٢٠١٥م، حيث التزموا صراحة بتبني عملية تنفيذ منفتحة وأكثر شمولية للمضي قدمًا معلنين ما يلي: نحن (نلتزم ببذل قصارى جهدنا في تعزيز الملكية الوطنية لأهداف التنمية المستدامة، لا سيما عن طريق التوعية بها لدى مواطنينا ويجب أن يدرك الناس صلة هذه الأهداف بحياتهم).

لاحقًا وفي أوائل شهر سبتمبر من عام ٢٠١٥م، صادق المؤتمر العالمي لرؤساء البرلمانات الرابع على إعلان بشأن خدمة السلام والتنمية المستدامة: بناء العالم الذي يريده الناس الذي أكد على أهمية ضمان تبني خطط التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ نهجًا للتنفيذ يضمن نتائج أكثر شمولية ومساواة بين الناس.

وللتأكيد على دور البرلمانيين في دعم خطط التنمية وأهداف التنمية المستدامة تم تصميم دليل خاص بذلك، من قبل المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الإسلامي للتنمية، ليكون مرجعًا سهل الاستخدام يمكن البرلمانيين القيام بدور فاعل في تنفيذ أهداف التنمية. دور البرلمان في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة: الدليل البرلماني.UNDP

يتطلب نجاح تنفيذ خطط التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ اتباع نهج متكامل وبناء الشراكات والمشاركة من خلال عملية سياسية شاملة ومؤسسات أكثر استجابة وفعالة وخاضعة للمساءلة. كما يتطلب ذلك تبادل الخبرات العالمية والإقليمية بين البلدان لتحديد الحلول بشأن التخطيط وإعداد الموازنات وتنفيذ ورصد التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة

وإلى جانب مسؤوليتهم الدستورية، يملك البرلمانيون فرصة في لعب دور هام في دعم ورصد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. ويقر إعلان خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ واقع "الدور الأساسي للبرلمانات الوطنية في اقتراح التشريعات ومناقشة الموازنات، من أجل التنفيذ الفعّال لما تضعه الحكومة من سياسات، خاصة وأن أعضاء البرلمان بمثابة حلقة وصل بين الشعب ومؤسسات البلد.

والحقيقة أن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة ليس أمرًا يمكن فرضه على الناس من قبل المؤسسات الوطنية، وإنما ينبغي أن يكون فرصة لخلق استجابة محلية تعكس سياق المجتمعات المحلية. من هنا، فإن إقامة حوار بين السلطات المحلية والناس حول أهداف التنمية المستدامة يسمح لهم بالتعبير عن رؤيتهم بشأن تنفيذها في مجتمعهم هو الهدف الأساس من العملية؛ وينبغي أن يكون هذا الحوار جزءًا طبيعيًا من التفاعل بين الحكومة والبرلمان والبرلمانيين والجمهور.

الهدف الخاص بالبرلمانيين: الهدف ١٦ من أهداف التنمية المستدامة

بينما يتحمل البرلمانيون مسؤولية المشاركة في دعم ورصد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر برمتها وضمان تكامل خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠م، يكتسب الهدف ١٦ المعروف باستدامة السلام والحاكمية الرشيدة أهمية خاصة لدى البرلمانيين؛ حيث يسعى هذا الهدف إلى  التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، حيث يلعب البرلمانيون على مدى السنوات القادمة دورًا قياديًا في تحقيق كافة جوانب الهدف ١٦ ، سواء من خلال صلاحيات البرلمان المتمثلة باقتراح القوانين وتمثيل مصالح المواطنين، أم بصورة أكثر مباشرة من خلال اعتباره أحد المؤسسات المسؤولة بشكل خاص عن تحقيق المساءلة والشمولية.

وفي الوقت الذي تعتبر فيه كافة مقاصد الهدف 16 ذات صلة بالبرلمانيين يرتبط المقصدين 16-6 والمقصد 16-7 بعمل البرلمانيين بشكل مباشر؛ حيث يدعو المقصد ١٦-6 إلى إنشاء مؤسّسات فعّالة وشفّافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات بينما يسعى المقصد ١٦ -7 إلى ضمان اتخاذ القرارات على نحو مستجيب للاحتياجات وشامل للجميع وتشاركي وتمثيلي على جميع المستويات

ولتحقيق هذين المقصدين يتعيّن على البرلمانيين استكشاف طرق جديدة من شأنها تحسين إجراءات عملهم وأنظمته؛ ويأتي ذلك، على سبيل المثال، من خلال جعل اللجان البرلمانية منفتحة على الجمهور، والإفصاح عن مزيد من المعلومات البرلمانية، وتعزيز التواصل من قبل المُشرّعين بصورة أفضل، وتنفيذ استراتيجيات محددة لتحسين وضع المرأة والفئات المهمّشة.

دور البرلمانات في إعداد الموازنة من أجل تنفيذ أهداف التنمية المستدامة

يتطلب تنفيذ أهداف التنمية المستدامة على نحو فعال تمويل هذا التنفيذ مع توجيه هذا التمويل بشكل يضمن وصول الجهود المبذولة إلى المجتمعات الأكثر تهميشًا واحتياجًا. هناك أشكال مختلفة من التمويل المخصص لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وتشمل؛ التمويل من القطاع الخاص، وتمويل الجمعيات الخيرية، والمساعدة الإنمائية الرسمية، والاستثمار الأجنبي المباشر، وإيرادات الدولة كما في الإيرادات الضريبية والجمارك وينبغي أن يكون البرلمانيون على بينة من أشكال التمويل هذه، وتشكيل تصور فيما إذا تم تنسيق مختلف أشكال التمويل بشكل جيد تجنبًا للازدواجية والتكرار، وزيادة الفاعلية.

ولعل أحد أهم الأدوار التي يقوم بها البرلمانيون لدعم التنفيذ الفعال لأهداف التنمية المستدامة يتمثل في التأكد بأن التمويل المخصص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة يتم استخدامه بطريقة فعالة وخاضعة للمساءلة وتضمن نتائج مستدامة وذات تأثير.

منظمات دولية وإقليمية تدعم دور البرلمانات في الحياة الاقتصادية

من الجدير بالذكر أن البرلمانات والبرلمانيين ليسوا الوحيدين الذين يبذلون الجهود في رصد تنفيذ أهداف التنمية المستدامة تحقيقًا لأهداف إنمائية أساسية، فهناك العديد من المنظمات الإقليمية والعالمية التي تعمل على تعزيز تحقيق هدف أو أكثر من أهداف التنمية المستدامة، ويمكن مشاركتها في دعم عمل البرلمانيين والبرلمان لبناء القدرات ودعم الجهود ليكونوا شركاء كاملين وناشطين في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في كل البلدان.

شبكات البرلمانيين

هناك شبكات للأفراد البرلمانيين تعمل من خلال فروع وطنية متعددة الأحزاب وعلى الصعيدين الإقليمي والعالمي على تعزيز قضايا التنمية الرئيسية، بما فيها تغير المناخ (منظمة المشرعين العالميين من أجل بيئة متوازنة)، والطاقة المتجددة (منظمة برلمان المناخ)، ومكافح الفساد (المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد) ولا تعتمد هذه المنظمات على مصادقات مؤسسية من أجل عملها، وإنما تقوم ببناء الروابط بين الأفراد البرلمانيين لإحداث إجماع بشأن خدمة أهداف التنمية في كل بلد.

المنظمات متعددة الأطراف

هي المنظمات التابعة عادة إلى الأمم المتحدة والتي تقوم على دعم عمل البرلمانات  (مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهو أكبر منفذ لبرامج الدعم البرلماني في العالم، أو تلك التي لها مهام محددة مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، وصندوق الأمم المتحدة للسكا  وقد تشمل هذه المجموعة أيضًا البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية مثل البنك الإسلامي للتنمية حيث تتبنى هذه المنظمات خططًا طويلة المدى من أجل دعم التنمية في بلد ما وقد تشمل دعم قدرات البرلمان، ومن شأن هذا الدعم أن يجلب معه أفضل الخبرات والمعرفة العالمية.

البنك الإسلامي للتنمية

تأسس البنك الإسلامي للتنمية في عام ١٩٧٣م، وهو مؤسسة مالية دولية أنشئت لدعم التنمية في البلدان التي تعيش فيها نسبة كبيرة من السكان المسلمين. وعلى عكس البنوك الأخرى، فإن البنك الإسلامي للتنمية ليس إقليميا حيث تشمل عضويته عدة بلدان في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.ويكمن الهدف من إنشاء هذا البنك في "تعزيز التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في الدول الأعضاء والمجتمعات المُسلمة".

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي هو الهيئة الرئيسة من هيئات الأمم المتحدة المسؤولة عن التنمية منذ عام ١٩٦٥م، كما أن البرنامج أكبر منفّذ لمشاريع الدعم البرلماني في العالم، فهو يدعم أكثر من ٦٠ برلمانًا وطنيًا. وقد عكف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دعم البرلمانات على الصعيدين الوطني والمحلي لمساعدتها على الوفاء بمسؤولياتها تجاه تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال توفير الخبرة الفنية وتبادل المعرفة على مستوى النظراء، وتوفير المنتجات المعرفيّة والمطبوعات ذات الجودة العالية.

المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد (غوباك)

منذ عام ٢٠٠٢م، أنشأت المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد "غوباك" شبكة من البرلمانيين ذوي الميول المشتركة ممن يأملون في محاربة الفساد في أوطانهم والعالم ككل على حد سواء.  وتعمل المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد من خلال فروعها القائمة في ٥٧ برلمانًا حول العالم، على توفير الدعم والمعرفة وتبادل الأفكار بين البرلمانيين على الصعيدين الإقليمي والدولي. علاوة على ذلك، تمنح هذه الفروع في معظم البلدان، البرلمانيين المنتمين لجميع الأحزاب السياسية فرصة للتعاون وهدم الجدران السياسية بشأن قضية رئيسية ألا وهي الفساد؛ وهي قضية حاسمة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

خلاصة القول يتطلب نجاح تنفيذ رؤى وخطط التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ اتباع نهج متكامل وبناء الشراكات والمشاركة من خلال عملية سياسية شاملة ومؤسسات أكثر استجابة وفعالة وخاضعة للمساءلة. كما يتطلب ذلك تبادل الخبرات العالمية والإقليمية بين البلدان لتحديد الحلول بشأن التخطيط وإعداد الموازنات وتنفيذ ورصد التقدم المحرز نحو تحقيق رؤى أهداف التنمية المستدامة، فضلًا عن تتبع كيفية ومكان إنفاق الأموال للحد من الفساد، وتقييم أثر هذه المبادرات على حياة الناس.

مقالات لنفس الكاتب