array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 177

الرد الخليجي على إسرائيل: لا تطبيع مجاني ولا سلام بدون ضوابط

الإثنين، 29 آب/أغسطس 2022

وقفت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والمنظمات الإقليمية موقفًا حازمًا وواضحًا إزاء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة واقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، وظهر الموقف الخليجي واضحًا جليًا وصريحًا لا غموض فيه ضد التصرفات الإسرائيلية الحمقاء وهجومها على أبناء قطاع غزة الأبرياء العزل في موقف صريح وتلقائي ليعبر عن مواقف ثابتة صريحة لا تلين في مساندة الحق الفلسطيني في وجه اعتداءات إسرائيل الغاشمة دون مبرر ، وحملت دول مجلس التعاون الخليجي المجتمع الدولي المسؤولية إزاء هذه التصرفات وطالبت بالتدخل العاجل لإيقاف الهجمات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحتل، في رسالة لا تقبل التأويل مؤداها أن السلام الذي تسعى إليه دول مجلس التعاون، أو التطبيع الذي قامت به بعض دول المجلس، أو بعض الدول العربية جاء في الأساس لدعم عملية السلام ومن أجل استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967م، واسترداد كامل حقوقه التي نصت عليها القوانين الدولية ومبادرات السلام العربية، وليس منعاه الموافقة على التصرفات الإسرائيلية غير المسؤولة وغير المدروسة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واستباحة القطاع، أو الاعتداء على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف.

ولقد كانت ردود الفعل الخليجية والعربية والإسلامية خلال الساعات القليلة الماضية سريعة وتلقائية وكأنها متطابقة لأنها تعبر عن مواقف ثابتة ومعبرة عن رأي الشعوب والحكومات دون تردد أو حسابات تختلف عن مصلحة دول وشعوب المنطقة، حيث طالبت جميعها إسرائيل بالتوقف فورًا ودون شروط عن هذه الأفعال في حق سكان قطاع غزة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وحث المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤوليته في الدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يخضع للاحتلال طبقًا للقوانين الدولية التي تحمي الشعوب القابعة تحت سلطات الاحتلال.

وهذه المواقف السريعة وردود الفعل التلقائية تؤكد أنه لا تطبيع مجاني، ولا سلام دون ضوابط، ولا موافقة على الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الصابر والذي تحمل الكثير من الاعتداءات الإسرائيلية الغاشمة، وإن الدول العربية التي تتبنى السلام وتسعى إلى تطبيقه من أجل مصلحة الشعوب وأمنها ورفاهيتها لا تقبل أن تعيث إسرائيل الفساد دون مبرر ودون وازع أخلاقي أو إنساني أو قانوني، أو دون ما تمليه أسس السلام والتعاون.

والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون والدول العربية جمعاء عندما أطلقت مبادرات السلام منذ فترة طويلة لم تطلقها عن موقف ضعف أو استسلام لكن برغبة في إقرار سلام متوازن وشامل ودائم وليس على حساب الحقوق العربية المشروعة للشعب الفلسطيني التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية منذ احتلال عام 1967م، فقد جاءت مبادرة قمة فاس في مطلع الثمانينات الميلادية لتؤكد على السلام العادل والشامل، ثم جاءت المبادرة العربية للسلام التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وتبنتها الدول العربية في قمة بيروت عام 2002م،  مؤكدة على نوايا الدول العربية تجاه السلام العادل والشامل وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام، وعلى الحل على مبدأ لإقامة الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا الحل هو الضمانة لإقامة سلام دائم وحقيقي ويرضي الجميع ويؤدي إلى تعايش سلمي بين إسرائيل والشعب الفلسطيني، بل بين إسرائيل وجيرانها العرب، وهذا هو المبدأ نفسه الذي بنت عليه الدول العربية وبعض الدول الخليجية إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وكانت تأمل في أن هذه العلاقات سوف تؤدي لتبادل الثقة مع إسرائيل وإشعار الأخيرة بصدق النوايا الخليجية والعربية ومن ثم حثها على إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة والمضي في طريق السلام.

لكن يبدو أن إسرائيل لم تفهم الرسائل العربية والخليجية كما أطلقها الجانب العربي والخليجي بدقة، ويبدو أنها أطلقت عنان الخيال في تفسير هذه الرسائل وربما اعتقدت أنها سوف تقيم سلامًا مجانيًا ودون التزامات، ودون حفظ الحقوق الفلسطينية وصيانة المقدسات في القدس الشريف وهذا خطأ كبير في تفسيرها إن كانت قد ذهبت إلى هذا التفسير، حيث ستظل القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية وسيظل القدس الشريف هو قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين ولا تفريط مطلقًا في هذه الثوابت والمسلمات.

وعلى إسرائيل أن تعيد دراسة المواقف العربية دون تفسير خاطئ، وعليها أن تدرك أن للسلام ثمنًا، وللعلاقات الإيجابية مع دول الجوار العربية أهمية وقيمة ومنفعة لإسرائيل ومن ثم بناء سلام على قواعد سليمة متكافئة دون شعور بالزهو أو الانتصار غير الحقيقي على أبناء فلسطين العزل الذين يواجهون جيشًا مدججًا بأحدث الأسلحة الأمريكية، وعلى واشنطن ــ مادامت راعية للسلام في المنطقة ـ أن توقف الآلة العسكرية الإسرائيلية المدججة بالسلاح الأمريكي الذي يحصد نفوسًا بريئة وأن تكون راعية نزيهة وغير منحازة مع إسرائيل مع عدم المماطلة وعدم تزييف الحقائق فإن الشعوب هي الشريك الأول في صناعة السلام ويجب احترام رأيها وتثبيت مواقف إيجابية دون شعور زائف بغطرسة القوة.

مجلة آراء حول الخليج