; logged out
الرئيسية / رؤية للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج

العدد 180

رؤية للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج

الثلاثاء، 29 تشرين2/نوفمبر 2022

تعد التنظيمات الإقليمية من أبرز الاستجابات المتسارعة التي تمخضت عن أكبر دعائم التنظيم الدولي المعاصر متمثل في منظمة الأمم المتحدة، فعكست التكتلات الإقليمية حقيقة التفاعلات الدولية والإدراك المتزايد بحجم التحديات الراهنة والمستقبلية، مما استدعى تضافر الجهود الصادقة لمعالجة المؤرقات البيئية الدولية، وتسلط الضوء على ضرورة دق ناقوس الخطر فيما يخص الاستغلال السليم والتنمية المستدامة لموارد الكرة الأرضية. ومع تصاعد القلق الدولي إزاء تزايد نسبة وتركيز انبعاثات غازات الدفيئة لمستويات خطرة في الغلاف الجوي نتيجة التقدم التكنولوجي الهائل في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تضاعف الاهتمام العالمي بالتلوث المنبعث من الإشاعات القاتلة للتجارب النووية التي تسببت في زيادة تركيز غازات الدفيئة، بالإضافة إلى الخوف الدولي لمآلات تلك الظاهرة وما سيسفر عنها من تأثيرات سلبية على الأنظمة الأيكولوجية الطبيعية وعلى الإنسانية.

يعمل مجلس التعاون لدول الخليج العربي كأحد أبرز التنظيمات الإقليمية الناجحة في استخدام التعبئة غير المسبوقة للموارد العامة على مستوى دول الخليج العربي لمكافحة أزمة التغيرات المناخية من أجل بناء اقتصاد مستدام وأكثر صلابة، والذي يستهدف تحقيق نمواً غنياً بالوظائف في منطقة الخليج على المدى القريب والمتوسط من خلال إعطاء أولوية للاستثمار في التكنولوجيات الخضراء والرقمية، ستؤدي الزيادة التدريجية في أسعار الكربون إلى توفير الإيرادات الضرورية مع خلق حوافز أكبر للاستثمار في التكنولوجيات النظيفة واستخدام الطاقة بكفاءة.

ومع إدراك مجلس التعاون لدول الخليج كتنظيم إقليمي أن يكون تنفيذ مثل هذا التخفيض الكبير للانبعاثات ليس بالأمر الهين، وإنما يتطلب تحولاً كبيرًا في هيكل الاقتصاد الخليجي نحو المزيد من الاعتماد على الطاقة المتجددة ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى صدمة التداعيات الاقتصادية السلبية التي أحدثتها الحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، الذي كان قد بدأ بالفعل منذ العام الحالي ببذل جهود مكثفة لإزالة تداعيات فيروس كورونا على اقتصاداتها منذ 2020م، مما يشكل عبئًا وتحديًا أكبر لاستكمال المسيرة الطموحة لمجلس التعاون لدول الخليج فيما يخص مواجهة التغيرات المناخية واستراتيجيتها بهذا الخصوص.

كما يواجه قطاع الطاقة، والذي يشكل شريان الحياة الاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج، تحدي التدابير الدولية لمكافحة ظاهرة تغير المناخ، والتي تشمل الضغط الأوروبي والعالمي بصفة عامة لفرض مصادر الطاقات المتجددة بديلاً لمصادر الطاقة التقليدية "النفط والفحم والغاز"، باعتبار النفط والفحم المصادر الأكثر نفثاً لغازات الاحتباس الحراري.

وحيث أن كافة التقارير الصادرة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وتأكد زيادة معدل الحرارة على سطح الكرة الأرضية، وتأكد أيضاً ارتفاع مستوى المحيطات وتسارع ذوبان الجرف الجليدي، كوقائع علمية لا ريب فيها، وارتفاع مستويات البحر بشكل أسرع من المعدل المتوسط على مدار الألفي سنة الماضية، وسيستمر الصعود في التسارع بصرف النظر عن سيناريو الانبعاثات حتى في ظل وجود أنشطة تخفيف قوية لآثار تغير المناخ. وحتى بالنسبة لأفضل السيناريوهات، لا يزال أفضل تقدير لمعدل الاحترار بحلول عام 2100م، أدنى من 4 درجات مئوية. فقد كان كل عقد من العقود الثلاثة الأخيرة على التوالي أكثر حرارةً عند مستوى سطح الأرض من أي عقد سابق منذ عام 1850م، ويتوقع الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بأن زيادة درجة الحرارة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وشرقه ستتسبب في أن تصبح المناطق الجافة أكثر جفافاً، ويمكن أن يكون لتغير المناخ تأثيراً هاماً حتى في ظل وجود تكيف ناجح مع نفسها. مما يؤكد أن العالم مُقبل على كوارث مناخية، إذا ما بقي العالم يشتغل اقتصادياً على النمط السائد حالياً، حيث أن ارتفاع درجة الحرارة بواقع حوالي 4 درجات فوق المعدل المسجل قبل الثورة الصناعية (1750-1850م)، بنهاية القرن الحالي، سوف يفضي إلى الكوارث التي يحذر منها التقرير، ومن ضمنها ارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار، وغمر مناطق جزرية وساحلية بكاملها. لذلك جاء نص المادة الثانية في اتفاقية باريس لتغير المناخ الجديدة، بأن الهدف العالمي هو ألا يتجاوز ارتفاع درجة الحرارة درجتين مئويتين، بل والعمل على جعل هذا الارتفاع عند حدود 1.5 درجة. وليست دول مجلس التعاون لدول الخليج فقط استثناء من هذا السيناريو المفزع، بالنظر لكونها محاطة بمياه البحار من الشرق والغرب والجنوب. هذا فضلاً عن الآثار الاقتصادية الخطيرة التي سوف تنجم بالضرورة عما يسمى تدابير الاستجابة التي تتخذها مختلف البلدان الأعضاء في الاتفاقية للوفاء بالتزاماتها في خفض انبعاثاتها من غازات الاحتباس الحراري وفي مقدمها غاز ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى الالتزامات التي ترتبت بفعل الاتفاقية الجديدة على دول مجلس التعاون بضرورة الشروع في اتخاذ المبادرات لخفض انبعاثاتها، بما يعنيه ذلك من تخصيص أموال إضافية لهذه المبادرات وبالتالي ارتفاع تكاليف عملياتها الانتاجية وخفض تنافسية منتجاتها وخدماتها، ناهيك عن اضطرارها لإبطاء دورتها الاقتصادية من أجل تقليل حجم انبعاثاتها.

معالجة مجلس التعاون لدول الخليج تجاه قضية التغيرات المناخية:

يعمل المجلس وفق منظومة ديناميكية انطلاقاً من إيمانه بالمبادئ العامة وأهداف وميثاق الأمم المتحدة، وما انبثق عن المنظمة الأممية من إعلانات واتفاقيات دولية تختص بمعالجة المخاطر والتبعات السلبية للتغيرات المناخية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعلان الحق في التنمية معًا، وصولاً إلى مؤتمر باريس للمناخ عام 2015م، وما تلاها من تعهدات غير ملزمة للدول الغنية وتحذيرات مؤسفة في قمة جلاسجو  COP26 لعام 2021م، وقمة شرم الشيخ COP27 والآمال التي ينتظرها العالم من القمة العالمية للوفاء بالالتزامات وضرورة تحقيق معدلات فعالة لحماية الكوكب من الأضرار الناجمة عن قضية التغير المناخي كونها تمس الحياة نفسها والتعاون مع الدول الأكثر تضرراً والأكثر احتياجاً، لتحقيق أكثر استجابة عالمية للحفاظ على الكرة الأرضية التي باتت في تهديد متصاعد بسبب قضية تغير المناخ.

تأثرت منطقة الخليج بالتغيرات المناخية بلا شك وغيرها من التبعات التي تؤثر على مختلف القطاعات، بل تصاعدت جملة التحديات أمام مجلس التعاون فيما يخص العمل المناخي في إطار الأوضاع الدولية الراهنة، لا سيما في ظل العملية الروسية في أوكرانيا وتداعياتها المختلفة التي تهدد دول المنطقة بشتاء قاسٍ، بما في ذلك أزمة الطاقة التي دفعت دولاً للاتجاه إلى الفحم، في ظل التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا وآثارها على التزامات الدول الكبرى إزاء دعم وتمويل البلدان النامية والوفاء بتعهداتها فيما يخص ملف  التغير المناخي. بالإضافة إلى إعاقة عبور السفن المحملة بالمواد الغذائية والطاقة، وبما يعمق أزمات أوروبا إلى جانب الأزمات الأخرى التي تعيشها.

التعاون بين مجلس التعاون لدول الخليج والاتحاد الأوروبي

مع اعتماد المفوضية الأوروبية بيانًا مشتركًا بشأن "شراكة استراتيجية مع الخليج" بهدف توسيع وتعميق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج ودوله الأعضاء. في ظل انعدام الأمن ووجود تحديات كبيرة تواجه النظام الدولي القائم على القواعد، وتفاقمها بسبب الحرب الروسية ــ الأوكرانية، فقد وجد كل من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج من شراكةٍ أكبر وأكثر استراتيجيةً تشمل عدداً من المجالات الرئيسية. وذلك من أجل الحفاظ على الاستقرار في الخليج والشرق الأوسط، والتهديدات الأمنية العالمية، وأمن الطاقة، وتغيّر المناخ والتحول الأخضر، والرقمنة، والتجارة والاستثمار. حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر سوق في العالم، ورائدًا في مجالات البحوث والابتكار، ولاعبًا أمنيًا هامًا في منطقة الخليج، والفاعل الرئيسي في تحديات عالمية مثل التغيّر المناخي والرقمنة. وستوفر مبادرة "البوابة العالمية" (Global Gateway) للاتحاد الأوروبي إطارًا ديناميكيًا للتعاون مع الشركاء في مجلس التعاون لدول الخليج لتعزيز الاستثمارات المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. تحظى دول مجلس التعاون لدول الخليج باقتصادات ديناميكية وتعدّ بوابة أساسية تصل بين أوروبا وآسيا وإفريقيا. كما أنها مزود موثوق به للغاز الطبيعي المسال وتملك أحد أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، الأمر الذي يجعل تطويرها عاملاً أساسيًا في تنفيذ الاستراتيجيات المشتركة للوفاء بالالتزامات المناخية والأهداف الاقتصادية. وسيواصل الاتحاد الأوروبي، بصفته مدافعًا قويًا عن التعددية والتحول الاجتماعي وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، تعزيز الحوار السياسي حول هذه الأمور مع دول الخليج.

وسيعود ازدياد التعاون والتبادل بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون لدول الخليج بالنفع على الشعوب في كلتا المنطقتين. حيث سيؤدي التعاون الوثيق بين الثقافات، وإتاحة فرص التنقل للشباب والطلاب، والتعاون والتبادل في مجال التعليم العالي إلى تحسين التفاهم والثقة المتبادلة، على سبيل الذكر لا الحصر.

وتناول البيان المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون سلسلة من مجالات السياسات الرئيسية، ويقدم مقترحات ملموسة لتعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة، والتحول الأخضر، وتغير المناخ، والتجارة والتنويع الاقتصادي، والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي، والتحديات الإنسانية والتنموية، وتوثيق العلاقات الإنسانيّة.

إن توحيد جهود التصدي لتغير المناخ والاستفادة من الفرص التي يوفرها التحول الأخضر أمر بالغ الأهمية ومفيد للطرفين. تتأثر منطقة الخليج بشكل خاص بتغيّر المناخ، ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يكون شريكًا فاعلاً في تطوير المعارف والخبرات لمواجهة هذه التحديات، كونه رائدًا في مبادرات التحول المناخي. ويقتضي النظام الدولي متعدد الأطراف والقائم على القواعد التعاون من أجل تعزيز الأمن المتبادل واستقرار مناطق الجوار الأوروبي والخليج.  كما تقتضي حالات الصراع التي يطول أمدها مشاركة أقوى وأكثر استراتيجية لتلبية الاحتياجات الإنسانية والتنموية غير المسبوقة في منطقة الشرق الأوسط والقرن الإفريقي. وتعد دول الخليج من الجهات المانحة الرئيسية للمساعدات المالية الثنائية ويمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني والمبادئ الإنسانية.

وإذا نظرنًا للاتحاد الأوروبي كتكتل سياسي واقتصادي سنجد أنه  ثالث أكبر ملوث في العالم بعد الصـين والولايـات المتحدة الأمريكية، إذ تصدر عنه 12 %من إجمالي انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، استلزمت عليه السعي إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى حد أو مستوى معـين لا يسـبب اضـطرابات وتغيرات جوية مصطنعة، وهو الأمر الذي يتطلب تحديد معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين، مما يستوجب خفض انبعاثات كوكب الأرض من الغازات الضارة إلى نصف المعدل أو أكثر بحلول عام 2050م، مقارنة بالنسبة المسجلة في عام 1990م، حيث تبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجية نوعية لتحقيق تلك الغاية توصف بكونها عملية ومستقبلية، بالإضافة إلى إصدار ما يزيد عـن 60 لائحة وقانونًا حول تغير المناخ. وقد لعب الاتحاد الأوروبي دورًا قياديًا في وضـع صـكين دوليين على درجة كبيرة من الأهمية وهما: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي لعـام 1992م، وبروتوكول كيوتو لعام 1997م، الذي يعد الأداة التنفيذية لهذه الاتفاقية، واللذين تم التصديق عليهمـا في 25 إبريل 2002م، بموجب قرار المجلس رقم 2002 /358. وكان من أهم الخطوات التنفيذية التي تبناها الاتحاد الأوروبي هو إبرام اتفاقًا تاريخيًا وملزمًـا لجميـع أعضـاءه يجعل من الطاقة النووية إحدى الوسائل المعترف بها أوروبيا لمحاربة أزمة الاحتباس الحراري وخفض الانبعاث الكربونية حيث تنص أهم بنوده على خفض نصيب القارة الأوروبية من الانبعاثات الكربونية بنسبة 5٪ بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة (الشمس، الرياح، أمواج البحر) لتوليد 20٪ من إجمالي الاحتياجات للطاقة الأوروبية بحلول العام ذاته، مع إمكانية زيادة النسبة إلى 30٪ في حالة انضمام أمريكا والصين والهند إلى الاتفاقية، فضلاً عن إدراج الطاقة النووية كأحد المصادر المنظمة لتوليد الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية، مع تأكيـد الضرورة العملية لمراعاة اعتبار "الأمن والسلامة" عند اتخاذ قرار الاستعانة بالطاقة النووية.(

ومن أبرز آليات الاستراتيجية التي خصصها الاتحاد الأوروبي لمواجهة قضية التغير المناخي وتم التعاون مع مجلس التعاون لدول الخليج لتطبيقها في دول الخليج العربي، ما يلي:

- برنامج مكافحة تغير المناخ:

ويرتكز هذا البرنامج على عدد من التوجيهات الأوروبية، يذكر من بينها:

  • رقم 2001/77 /CE/ 77 2001 Directive المتعلقة بتطوير إنتـاج الكهربـاء مـن الطاقات المتجددة.
  • رقم 2003/30 CE/ 30 2003 Directive المتعلقة بتطوير استخدام الوقود في وسـائل النقل المنتج من الطاقات المتجددة.
  • رقم 2002/91 CE/ 91 2002 Directive المتعلقة بتحسـين اسـتخدام الطاقـة فـي البنايات.

وقد عزز برنامج الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ بإصدار الكتاب الأبيض Blanc Livre، والمتضمن لسياسة الاتحاد الأوروبي في مجال النقل وعلاقته بتغير المنـاخ، حيـث نص على ضرورة إنشاء مركزًا لتبادل المعلومات حول مخاطر ظاهرة التغيـر المنـاخي والنتـائج المترتبة عنه، وأفضل الممارسات الواجب إتباعها لمواجهة هذه الظاهرة. وإدراكاً من الاتحاد الأوروبي بوجود قصور في البرنامج وضع أسساً جديدة للاستراتيجية الأوروبية لتغير المناخ أطلق عليها استراتيجية التغير المنـاخي لأفـق 2020م، ومـا بعـده، ومن خلال شرح الورقة الخضراء التي أصدرتها المفوضية الأوروبية في 29 إبريل 2007م، التي تتضمن استراتيجية جديدة للاتحاد الأوروبي، تهدف إلى تعزيز قدرة الاتحاد على مواجهة تغيرات المناخ، خاصـة تقارير الخبراء تشير إلى تنامي التأثيرات الضارة والمشاكل البيئية الناجمة عن تغير المناخ، وتفاوتهـا واختلافها من دولة لأخرى، مما يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة تكـون متوائمـة علـى الصعيد المحلي والإقليمي. والدولي. والتي تركز بشكل خاص على إنتاج واستهلاك الطاقة، وقطاعات النقل والصناعة والزراعة وإدارة النفايات، وكذا مجال البحث وتمويل التنمية المحلية.

-  برنامج رصد الانبعاثات الـغازية:

أقر الاتحاد الأوروبي برنامج مراقبة الانبعاثات الغازية، الذي يفرض ضريبة بيئيـة علـى الانبعاثات الغازية الصادرة عن الطائرات التي تسير رحلاتها من المطارات الأوروبية وإليها. ويشمل البرنامج كل شركات الطيران الأوروبية وغير الأوروبية. ويفرض برنامج رصد الانبعاثات الغازية على شركات الطيران شـراء رخـص فـي إطـار البرنامج، للمساهمة في تقليل التلوث الناتج عن محركات الطائرات التي تستعمل المطارات الأوروبية ذهابًا أو إيابًا.

- برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد كوكب الأرض:

أصدر الاتحاد الأوروبي إنشـاء البرنامج  لرصـد استراتيجيته المناخية ووضعها حيز النفاذ؛ حيث يتكون هذا البرنامج من ثلاث مصالح رئيسية: الأولى هي مصلحة الخدمات وتؤمن النفاذ إلـى المعلومات في ستة مجالات رئيسية وهي: رصد الهواء؛ رصد تغير المناخ, إدارة عمليات الطـوارئ؛ رصد كوكب الأرض, الأمن ورصد البيئة البحرية، حيث يعد الرصد الفضائي من أبرز الآليات في هذا البرنامج، الذي يعمل على الرصد الفضائي وتقديم كافـة الملاحظـات ذات الصلة في المجالات الست السابقة الذكر، ويتكون هذا البرنامج من ثلاث مصالح رئيسية: الأولى هي مصلحة الخدمات وتؤمن النفاذ إلـى المعلومات في ستة مجالات رئيسية وهي: رصد الهواء؛ رصد تغير المناخ، إدارة عمليات الطـوارئ، رصد كوكب الأرض، الأمن، ورصد البيئة البحرية. ويهدف برنامج الاتحاد الأوروبي لرصد كوكب الأرض إلى تحقيق الأهداف التالية:

- تطوير نظام استخدام وتبادل المعطيات البيئية، وضمان دوام واستمرارية تدفق كافـة المعلومـات والبيانات بشأن كوكب الأرض، بالإضافة إلى ضمان النفاذ الشامل والمباشر لكافة المعلومات التي تجمع المصالح التابعة لبرنامج رصد كوكـب الأرض، وفقًا لما تنص عليه أحكام الاتفاقيات الدولية وقواعد الأمن وشروط تراخيص النفوذ، فضلاً عن تعزيز سوق العمل بالاتحاد الأوروبي بخلق مناصب عمل جديدة في مجال الرصد البيئي.

- التحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية الفقيرة والمتضـررة:

أطلق الاتحاد الأوروبي تحالفًا عالمياً لمواجهة تغير المناخ بينه وبين الدول النامية الفقيرة والمتضـررة من تغير المناخ، فيما يسمى بالتحالف العـالمي لمواجهـة تغيـر المناخ بين الاتحاد الأوروبي والدول النامية الفقيرة والمتضررة من التغير المناخي؛ حيث يشكل هذا التحالف إطارًا شاملاً للحوار لتبادل الآراء والخبرات من أجل إدماج مشكلة التغير المناخي فـي جميع استراتيجيات التنمية الوطنية بهذه الدول، كما يوفر لها دعمًـا تقنيًـا وماليـًا لاتخاذ التـدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة تغير المناخ.

وتقع مجالات العمل الرئيسية للتحالف العالمي لمواجهة تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبـي من جهة، والدول ودول الخليج من جهة أخرى، في 5 مجـالات رئيسية:

أولاً: وضع تدابير مواجهة التغير المناخي موضع التنفيذ: وذلك عبر أعداد وصياغة خطط عمل وطنية بدول الخليج، وتمويل المشاريع التي تأخذ بعين الاعتبار مشكلة التغير المناخي، ودعم البحـوث العلمية حول تأثير التغير المناخي والحلول المبتكرة لمواجهته.

ثانيًا: التقليل من الانبعاثات الناتجة عن استنزاف المجال الغابي بدول الخليج، وذلـك عبـر تعزيـز قدرات هذه الدول ومساعدتها على إعداد استراتيجيات وطنية لمجابهة استنزاف المجال الغـابي بهـا ووضع حد لمشكلة التصحر.

ثالثًا: تقديم الدعم للدول الخليجية للمشاركة في منظومة التنمية النظيفة: وذلك عبر تعزيز قدراتها وتوفير الدعم التقني اللازم من اجل القيام بمشاريع في مجالات الطاقات المتجددة.

رابعًا: التقليل من مخاطر الكوارث الطبيعية بالدول الخليجية: وذلك عبر تحسين أنظمة التنبؤ والاستعلام بشأن المناخ، واستخدام هذه المعطيات لاتخاذ تدابير الاحتياط اللازمة لمواجهة الكـوارث الطبيعيـة المتعلقة بتغير المناخ.

خامسًا: إدماج مشكلة التغير المناخي في استراتيجيات وبرامج القضاء على الفقر: وذلك عبر تعزيـز القدرات المؤسساتية للدول الخليجية لإدماج مشكلة التغير المناخي في سياساتها العامة وفـي برامجهـا الوطنية واستراتيجياتها للتنمية.

  حـزمة المناخ والطاقة:

تحظى حزمة الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة بأهمية بالغة لدول الخليج؛ حيث تساهم حزمة الاتحاد الأوروبي للمناخ والطاقة مساهمة فعالة في مجال محاربة تغير المناخ، خاصـة أنها ستساهم في التقليل من تلوث الهواء، وبالتالي التقليل من مشاكل الصحة وتقليص نفقات مكافحـة التلوث، كما تعد أيضًا مثالاً تقتدي به بقية دول العالم، لا تتعلق بدول الاتحاد الأوروبـي فقط بل أيضًا بالدول الصناعية، والدول النامية على حد سواء، الأمر الذي قد يشجع دول الخليج العربي على إبرام صك دولي ملزم بشأن المناخ.

لقد نجح الاتحاد الأوروبي بتحييد المعوقات  التنظيمية التي تعرقل وحدته اقتصاديًا وسياسياً وثقافياً، وإحداث طفرة على مستوى الفكر التنظيمي تستحق الدراسة والتطبيق على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج  سواء من حيث تنفيذ أهدافه الطموحة آنياً ومستقبلياً، بالإضافة إلى الانسيابية والتكامل في التطبيق العملي للخطط الموضوعة على المدى القريب والبعيد، خاصة في مجال مواجهة قضية التغير المناخي، وسعيه المستمر لدمج دول الخليج ضمن بروتوكولاته التعاونية في مكافحة الآثار السلبية لأضرار التغير المناخي، باعتبارها قضية جماعية عالمية، لا يتحمل مسؤوليتها الاتحاد الأوروبي وحده، ويتطلــب الاســتعداد لمواجهــتها ومعالجتهــا جهــدًا تضامنياً في العلــوم والتكنولوجيــا، ولعل تصاعد حدة التحديات العالمية في العامين السابقين أمام تنفيذ أهداف وخطط الاتحاد الأوروبي بسبب الآثار السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد العالمي, بالإضافة إلى تبعات الحرب الروسية الأوكرانية التي تؤثر بصورة مباشرة على دول الاتحاد في مجال الطاقة وسلاسل الإمداد، هو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى العمل على دعم العلاقات مع دول مجلس التعاون لدول الخليج  في هذا الشأن. وعلى دول المجلس أن تقوم بعملية رفع مستوى الطاقات الخليجية بالاستعانة بأحدث أنواع التكنولوجيا الأوروبية في المقابل، والتي يمكن الاستناد عليها في إنتاج منتجات بترولية نظيفة ملتزمة بالمعايير البيئية العالمية. وذلك لإيجاد مقاربة خليجية ناتجة عن العلاقة مع تكتل إقليمي مثل الاتحاد الأوروبي وذلك لتحقيق تطوير نوعي للهياكل التقليدية للاقتصادات الخليجية، لمقابلة تحديات الاستدامة وأمن الطاقة المستقبلي، وخلق فرق عمل ابتكارية عالية الكفاءة والمهارة مع صناديق دعم مالية متخصصة ومكرسة حصراً لهذا التوجه طويل الأجل.

مقالات لنفس الكاتب