array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

المخاطر العالمية وتأثيرها عربيًا

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

تتفاوت تأثيرات المخاطر والأزمات الدولية التي رصدها منتدى دافوس لمدة عامين أو لمدة عقد كامل من منطقة إلى أخرى، بل تتفاوت من دولة إلى أخرى، فليست جميع الدول العربية أمام هذه المخاطر سواء، لأسباب كثيرة، منها دول لديها إمكانيات اقتصادية كبيرة وناتج محلي وافر و معدلات نمو عالية ومعدلات تضخم أقل، ومنها دول مستوردة للغذاء وتعاني شحًا في المياه العذبة، أو ذات اقتصادات هشة تئن تحت وطأة الديون والصراعات الداخلية،  زادت حدة هذه التأثيرات مع الأزمات العالمية المتعددة التي  بدأت مع ظهور جائحة كورونا وما ترتب عليها، ثم أثقلتها الحرب الروسية ـ الأوكرانية، التي أثرت مباشرة على الأمن الغذائي للعديد من الدول.  

ولقد ظهرت الحلول الفردية التي تقوم بها الدول للتصدي لهذه الأزمات ومعالجة تبعاتها وتخفيف وطأتها، واختلف نجاح هذه الحلول وفقًا لإمكانيات الدول ومرونة اقتصاداتها وقدرتها على امتصاص هذه الأزمات، كما ظهرت في  مناطق أخرى تحركات جماعية كما هو الحال في دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى مجتمعة لتوفير طاقة بديلة عن الطاقة الروسية، ويظل بحث الدول عن حلول لمشاكلها له أهمية كبرى في مواجهة الأزمات التي تستهدف استقرار الدول وشعوبها، خاصة أن تلك الأزمات لم تظهر فجأة بل لها جذور منذ هبوط أسعار النفط في تسعينيات القرن الماضي، ثم الأزمة المالية العالمية في 2008م، ومنها ما حدث جراء اجتياح العالم جائحة كورونا مع نهاية عام 2019م، ثم جاءت أخيرًا أزمة الحرب الروسية ـ الأوكرانية العام الماضي، وقد نبهت هذه الأزمات كثيرًا من الدول للمخاطر المحتملة وعملت على مواجهتها بطرق مختلفة، ومنها الحلول الاستشرافية دون انتظار أن تداهمها، وتفعيل هذه الحلول ضرورة مع استمرار المخاطر العالمية في ظل استمرار الحرب الروسية ـ الأوكرانية وما يصاحب ذلك من استقطاب وتجييش، إضافة إلى تأثير التنافس الأمريكي ـ الصيني ومحاولات دخول بكين إلى قمرة قيادة النظام الدولي الجديد وتكلفة هذا الطموح على توظيف المصالح الاقتصادية في الاستقطاب الدولي.

ولذلك نجد أن العديد من الدول تبنت خططًا تنموية متوسطة وطويلة الأجل، وهذا ما قامت به دول مجلس التعاون منذ النصف الثاني من العقد الماضي لتضع أطرًا للعمل الاقتصادي والاجتماعي المستقبلي حتى نهاية العقد الحالي، فتم الإعلان عن رؤى تمتد من 2020 إلى 2030، وإلى 2040م، منها رؤية المملكة العربية السعودية          2030التي أعلنت عنها  في 16 أبريل 2016م، وتبنت استراتيجية لمرحلة ما بعد النفط كسلعة رئيسية في الناتج الإجمالي، ورسمت خطة مكتملة  لتنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية برفع نسبة مساهمة القطاع الخاص إلى 65% بحلول 2030م، وبالفعل نما القطاع الخاص السعودي بشكل واضح فقد كانت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 37.5% عام 2016م، ثم ارتفعت إلى 38.1% عام 2017م، لتقفز إلى 43% عام 2022م، وعليه فإن زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني هو أحد الحلول الفاعلة في زيادة نسبة النمو الاقتصادي وتخفيف وطأة الأزمات الدولية، وجاء هذا النمو في مساهمة القطاع الخاص السعودي في الناتج المحلي الإجمالي بعد أن تبنت الحكومة خططًا عملية لدعمه ،وتمثل ذلك في ضخ صندوق الاستثمارات العامة ما يقرب من 3 تريليونات ريال في شرايين هذا القطاع، واهتمت الحكومة بدعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخططت لزيادة مساهمة هذا القطاع من 20% إلى 35 % في إجمالي الناتج المحلي.

والمتابع للتقارير الاقتصادية في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي يكتشف التحول الواضح في السنوات الأخيرة من اقتصاد كان يعتمد على عائدات النفط بشكل رئيسي، إلى تنويع مصادر الدخل الذي تمخض عنه زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية، وعلى الدول العربية الأخرى التركيز على المزايا النسبية في اقتصاداتها والعمل على تعظيم هذه المزايا، ومن الضروري وضع خطط علمية ودراسات مستفيضة لمواجهة الأزمات ومنها الديون، ونقص إمدادات الغذاء ونقص المياه، خاصة أن الأمم المتحدة تحذر من المجاعات التي تجتاح العالم وتشير أرقامها إلى أن أكثر من 270 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد في العالم، وهذا ما يدق جرس الخطر وينبه إلى ضرورة توفير الغذاء حتى لا تدخل المنطقة في حزام الفقر الغذائي، وعلى صعيد أزمة المياه فتقع المنطقة بالفعل في أشد مناطق العالم جفافًا ويبلغ نصيب الفرد العربي 652 مترًا مكعبًا سنويًا بينما يبلغ نصيب الفرد عالميًا 5526 مترًا مكعبًا ولذلك يجب التحرك لمواجهة هذه الأزمات حتى لا تتفاقم، وأن تكون هناك دراسات مشتركة بين الحكومات والقطاع الخاص ومراكز الأبحاث لوضع الحلول الممكنة وترتيب الأولويات والاحتياجات لمواجهة الأزمات.

مقالات لنفس الكاتب