array(1) { [0]=> object(stdClass)#13549 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 199

ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي يساهم في إعادة هندسة تراتبية أولويات المناطق الاستراتيجية

الخميس، 27 حزيران/يونيو 2024

الأكبر في التاريخ. ذلك ما بلغه حجم الإنفاق العسكري العالمي لسنة 2023م، فالتقارير الصادرة عن بعض الجهات المتابعة لهذا الشأن على غرار معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) تشير إلى أن الإنفاق العسكري العالمي لسنة 2023م، بلغ زهاء 2.443 تريليون دولار بنمو قياسي بلغ 6.8% مقارنة بنظيره لسنة 2022م، وهو النمو الأعلى منذ سنة 2009م، ما فتح المجال أمام تصاعد النقاشات حول أسباب ودلالات أن ينحو العالم إلى هذا الإنفاق العسكري الضخم وسط مخاوف من اندلاع سباق للتسلح أقرب لما كان عليه الوضع إبّان الحرب الباردة ولكن بمخاطر أكبر بالنظر للوضع الجيو سياسي والجيو اقتصادي والأمني العالمي الراهن الذي أصبح يشكّل بيئة خصبة تحمل من الدافعية الكثير نحو تعاظم الإنفاق العسكري العالمي في استجابة مباشرة لتراجع مستويات السلم والأمن الدوليين على نحو لم يسبق له مثيل منذ عقود، ما يطرح عديد الإشكالات المرتبطة بهذا التضخم في حجم الإنفاق العسكري العالمي فضلًا عن سيناريوهاته في ظل المعطيات الدولية الراهنة.

  • تصاعد الإنفاق العسكري يُحيي الجدال النظري "الواقعي & الليبرالي" في مجال العلاقات الدولية

نظريًا، إفراط الدول بالاهتمام بالإنفاق العسكري والقوة العسكرية كأولوية لا تسبقها أخرى ، أعاد إحياء الصدام النظري التقليدي بين الطرح الواقعي القائم على أولوية "القوة الخشنة" في العلاقات الدولية كوسيلة وهدف في آن واحد من الدولة التي تعتبر وحدة التحليل الرئيسية لتلبية مطالب حماية سيادتها في عالم يسوده "الصراع"، وبين الطرح الليبرالي الذي يُعطي الأولوية لـ "التعاون" في إدارة العلاقات الدولية كآلية لتعزيز السلم والأمن الدوليين ضمن بناء دولي قائم على فواعل تتجاوز منطق الدول كالمنظمات والتكتلات الإقليمية والدولية.

موجة تصاعد الإنفاق العسكري العالمي الراهنة توحي مبدئيًا بعودة الطرح الواقعي للهيمنة على التفكير الاستراتيجي العالمي، عودة فرضتها "الانعزالية" التي طغت على سلوك الدولة أثناء تفشّي جائحة كورونا كتعبير عن أولوية "المصلحة الذاتية" عن "المصلحة المشتركة"، ما عكس "الأنانية" المطلقة للدولة في حال نشوب الأزمات بالشكل الذي تتلاشى فيه مبادئ روح التعاون المشترك، ثم عودة الاعتماد على "القوة العسكرية" انطلاقًا من الرغبة في اكتساب "الردع" الكافي كآلية لمواجهة ودرء التهديدات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

في مقابل ذلك فَقَدَ الطرح الليبرالي الكثير من الزخم الذي تمتع به سابقًا خاصة في فترة ما بعد نهاية الحرب الباردة، كنتيجة حتمية لتراجع العديد من المحددات النظرية التي تشكل مرتكزات التحليل الليبرالي لنمطية العلاقات الدولية والتنبؤ بتطوراتها، فلا "روح التضامن والتعاون المشترك" ساهمت في توطيد روابط التكاتف في مواجهة التحديات والأزمات، ولا "القانون الدولي" و"المؤسسات الدولية" ساهمت في إغناء الدول عن استخدام القوة لتحقيق مصلحتها، ولا الأطر التي قدمها الطرح الليبرالي انطلاقًا من تشارك المصالح "المصلحة المشتركة" قد حقّق السلم والأمن الدوليين المنشودين، وما الأحداث الراهنة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا والحرب في قطاع غزة إلا أكبر دليل على ذلك.

  • دلالات تصاعد الإنفاق العسكري العالمي

في تراتبية حجم الإنفاق العسكري العالمي تصدرت الولايات المتحدة قائمة أكثر الدول إنفاقا بما يناهز 916 مليار دولار بنمو سنوي بلغ 2.3%، ما يشكّل زهاء 38% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي و68% من إجمالي الإنفاق العسكري لحلف الناتو، ومرّد ذلك للانتشار العسكري الأمريكي الهائل في كل قارات العالم، فضلًا عن تزايد الانغماس الأمريكي في النزاعات الدولية وحروب الوكالة في ظل توجهات الإدارة الديمقراطية الراهنة وعودة الاهتمام بترسيخ العلاقات العابرة للأطلسي في ظل حلف الناتو بعد فترة من الانكماش والانعزالية التي اتسمت بها سياسة الإدارة الجمهورية السابقة.

تأتي الصين كثاني أكبر المنفقين بـ 296 مليار دولار وبنمو قدره 06% الأمر الذي اعتادت عليه الصين خلال الثلاثة عقود الماضية، وقد شكّل الإنفاق العسكري الصيني المتنامي زهاء 50% من إجمالي إنفاق قارتي آسيا وأوقيانوسيا واعتبر في حذ ذاته ضمن أهم دوافع ارتفاع الإنفاق العسكري في القارتين، من جهة أخرى يعبّر تصاعد الإنفاق العسكري الصيني عن حتمية مجاراة الصين لتمددها الناعم وتوسع حدود نفوذها التجاري والاقتصادي العالمي بتمدّد آخر صلب بشكل يكمّل فيه كل واحد الآخر.

روسيا المنغمسة في حرب أوكرانيا والواقعة تحت ضغط العقوبات المالية والاقتصادية الغربية احتلت المركز الثالث بميزانية إنفاق قدرها 109 مليار دولار أي زهاء 16% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وبنمو سنوي قوامه 24% ونمو مقداره 57% مقارنة عما كان عليه الوضع قبل عقد من الزمن، والثابت في هذا التوجه الروسي أن متطلبات الحرب الأوكرانية تقف كأحد أهم دوافع نمو الإنفاق العسكري الروسي في ظل حالتي الفعل ورد الفعل اتجاه تصاعد المعونات الغربية لأوكرانيا حيث تجاوزت آخر حزم المعونات الأمريكية لوحدها 61 مليار دولار فضلًا على نمو الإنفاق العسكري الأوكراني بأكثر من 51% سنويًا ليبلغ زهاء 64.8 مليار دولار أي ما يعادل 58% من إجمالي الإنفاق الحكومي في المرتبة الثامنة عالميًا ما حوّل الاقتصاد الأوكراني إلى اقتصاد حرب، وإذا ما أخذنا في الحسبان 35 مليار دولار حجم المساعدات التي تلقتها أوكرانيا من حلفائها خلال سنة 2023 فإن المجموع يشكل حوالي 91% من الإنفاق الروسي.

المملكة العربية السعودية مدفوعة بالوضع الأمني المنهار في محيطها الإقليمي وما يحمل من تهديدات، ما يفسّر استحواذ المملكة على أكبر إنفاق في منطقة الشرق الأوسط وعموم المنطقة العربية بحوالي 75.8 مليار دولار، فضلًا على حتمية مجاراة المملكة للنسق المرتفع من الإنفاق الذي تشهده المنطقة ككل، فعلى سبيل المثال إيران التي ورغم أن إنفاقها العسكري لم يتجاوز 10.5 مليار دولار في المرتبة الرابعة شرق أوسطيًا إلا أن مستوى النمو تجاوز 10% وهو معدل نمو معتاد في السنوات الأخيرة إلا أن التطورات الراهنة إقليميًا ودوليًا ستدفع حتمًا إيران إلى المزيد من الإنفاق العسكري.

إسرائيل الغارقة في مستنقع الحرب على قطاع غزة التي شكّلت سببًا مباشرًا فيما بلغه الإنفاق العسكري الإسرائيلي من تضخم، فضلًا على تزايد حدة المواجهات في الجبهة الشمالية مع حزب الله، فإن زيادة حجم الإنفاق العسكري إلى 27.5 مليار دولار بنمو سنوي قدره 24% هو وضع كانت له تكلفة عالية على الاقتصاد الإسرائيلي الذي انكمش بأكثر من 05% في الربع الأخير من 2023م، في حين من المتوقع أن يتضاعف هذا الانكماش إلى حوالي 11% على أساس سنوي، فتكلفة الحرب التي تجاوزت تقديراتها بعد أكثر من 200 يوم الـ 51 مليار دولار بمعدل إنفاق يومي يناهز 261 مليون دولار ما أدى إلى انخفاض احتياط النقد الأجنبي بمعدل شهري قدره 7.3 مليار دولار رغم كل الدعم العسكري والاقتصادي الغربي وآخر مظاهره تخصيص الكونجرس لحزمة مساعدات تجاوزت 17 مليار دولار، وعلى رأس قائمة التحديات تأتي التكلفة العالية لتعبئة الاحتياط في الجيش الإسرائيلي حيث تشير التقديرات إلى أن حجم النفقات قد تجاوزت 1.3 مليار دولار في حين قاربت الخسائر في القطاعات التشغيلية التي يشتغل فيها جنود الاحتياط 0.5 مليار دولار فضلًا على قرابة 600 مليون دولار خسائر أسبوعية جرّاء نقص العمالة وفي مقدمتها العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية.       

ضمن قائمة الأكثر إنفاقًا عسكريًا احتلت الهند المرتبة الرابعة بـ 83.6 مليار دولار، في حين جاء الثلاثي الأوروبي في حلف الناتو تواليًا بداية بالمملكة المتحدة بـ 74.9 مليار دولار في المرتبة السادسة، تلتها ألمانيا في المرتبة السابعة بـ 66.8 مليار دولار ثم فرنسا في المرتبة التاسعة بـ 61 مليار دولار تليها اليابان بـ 50.2 مليار دولار في المركز العاشر عالميًا والرابع آسيويًا بحجم إنفاق قوامه 50.2 مليار دولار، وقد استحوذ نادي العشر الأكثر إنفاقًا عسكريًا على ما يوازي 74% من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي.

 

  • خارطة التجارة العالمية للسلاح والإنفاق العسكري العالمي/ معالم التأثير والتأثر

بقدر ما ساهمت حربا "أوكرانيا وغزة" بشكل مباشر في تصاعد الإنفاق العسكري العالمي، فقد ساهمت كذلك في إعادة هندسة سوق السلاح العالمي على النحو الذي تم من خلاله تجديد تراتبية قائمة أكبر المصدرين وأكبر الموردين، فقد كشف "SIPRI" في أحدث تقاريره عن تغيرات كبيرة مسّت خارطة التجارة العالمية للسلاح مدفوعة بالتطورات الجيو سياسية الراهنة.

بلغة الأرقام أشارت تقارير "SIPRI" إلى أن أوروبا وتحت ضغط الحرب الأوكرانية وإرهاصات دعمها الضخم لأوكرانيا في حربها مع روسيا ضاعفت من وارداتها من الأسلحة خلال الأربع سنوات الماضية (2019 – 2023) بما يناهز 94% كان للولايات المتحدة النصيب الأكبر فيها بحوالي 55% من إجمالي واردات أوروبا، وبمعدل نمو ناهز 35% في صادرات الولايات المتحدة نحو أوروبا أي إلى ما يقارب الضعف مقارنة بالأربع سنوات التي سبقتها (2014 – 2018م)، وفي هذا الإطار برزت أوكرانيا في خضم حربها الطاحنة كأكبر مستورد أوروبي للسلاح والرابعة عالميًا بنسبة نمو حادة هي الأكبر في العالم بلغت 6633% معتمدة على الكم الهائل من المساعدات الغربية حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 30 دولة زودت أوكرانيا بالسلاح منذ اندلاع الحرب، ذات التقرير أشار إلى أن أوكرانيا استوردت ما قوامه 23% من إجمالي واردات أوروبا.

في تراتبية أكثر الدول استيرادًا للسلاح تصدرت الهند قائمة أكبر المستوردين خلال الفترة (2019 – 2023م) بحصة قوامها 9.8% من إجمالي الواردات العالمية خلال هذه الفترة، وهو ما أثّر كذلك على موقع باكستان التي تجمعها بالهند ما يشبه الحرب الباردة التي لم تخمد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بل وتصاعدت في السنوات الأخيرة في ظل سياسات الحزب الهندوسي المتشدد الذي يقود الهند منذ عشر سنوات اتجاه المسلمين في الهند بصفة عامة واتجاه الوضع القانوني للشطر الهندي من إقليم كشمير، وهو ما زاد من حدة التنافس بين الدولتين النوويتين رغم اختلال ميزان التوازن الاقتصادي بينهما لصالح الهند، تنافس عكسه موقع باكستان كخامس أكبر مستورد للسلاح عالميًا بحوالي 4.3% من إجمالي الحصة العالمية من الواردات. 

في حين شهدت قائمة أكبر عشر دول مستوردة في العالم حضورًا عربيًا قويًا مدفوعًا بالأوضاع غير المستقرة في الشرق الأوسط وما تحمله من تهديدات وتحديات أمنية، حيث جاءت السعودية كثاني أكبر مستورد للسلاح في العالم والأولى عربيًا بحوالي 8.4% من إجمالي الحصة العالمية، متبوعة بقطر في المركز الثاني عربيًا والثالث عالميًا بحوالي 7.6% من إجمالي الواردات العالمية، ثم مصر الثالث عربيًا والسابع عالميًا بما يناهز 04% من إجمالي الحصة العالمية.

كما ساهم ملف تايوان وتصاعد التنافس الأمريكي الصيني في بحر الصين والمحيطين الهادي والهندي في دفع حلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا نحو زيادة حصة وارداتها من السلاح، حيث حلّت اليابان في المركز السادس عالميًا بما قيمته 4.1% من إجمالي الواردات العالمية وكوريا الجنوبية في المركز التاسع عالميًا بما يناهز 3.1% من إجمالي الاستيراد العالمي، في حين حلّت أستراليا في المركز الثامن بـ 3.7% رغم بعدها نسبيًا عن دائرة التأثر المباشر بملفات الخلاف والتنافس الأمريكي الصيني، أما الصين في حد ذاتها فقد احتلت المركز العاشر في تراتبية أكبر المستوردين عالميًا بحوالي 2.9% رغم أنها تعدّ ثاني أكبر المنفقين عسكريًا على المستوى العالمي، وهو أمر إن دلّ إنما يدلّ على تصاعد الجهد الذاتي في الصناعة العسكرية الصينية وحجم التعويل الصيني على القدرات الذاتية في مسعاها للموازاة بين قوتها التجارية والاقتصادية وقوتها العسكرية ورهانها نحو نظام دولي جديد. 

ـ صادرات العالم من السلاح: هيمنة أمريكية -صعود فرنسي وتراجع روسي حاد

في قائمة أكبر المصدرين حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على هيمنتها المعتادة على سوق السلاح العالمي بحوالي 42% من إجمالي الصادرات العالمية وبنمو قدره 17% خلال فترة (2019 – 2023م) مقارنة مع الفترة التي سبقتها حيث كانت خلال الفترة السابقة حوالي 34 في حين بلغت وجهة هذه الصادرات مستوى قياسي من عدد الدول لم تبلغه طوال تاريخها حيث تلّقت 107 دول عالميًا جزءًا من وارداتها من السلاح من الصادرات الأمريكية، وقد شكّلت حصة أوروبا من الصادرات الأمريكية ما يقارب 28% خلال فترة (2019 – 2023) مقارنة بـ 11% خلال الفترة التي سبقتها، وقد كان لأوكرانيا نصيب الأسد في الصادرات الأمريكية لأوروبا بحوالي 17% أي ما يوازي 4.7% من إجمالي الصادرات الأمريكية العالمية من السلاح.

موازاة مع ذلك تصاعدت حصة فرنسا من إجمالي الصادرات العالمية من السلاح بشكل كبير، ما دفع بفرنسا لتتبوأ مركز الوصافة بعد الولايات المتحدة كثاني مصدّر للسلاح عالميًا مكان روسيا بنسبة قدرها 11% من إجمالي الصادرات العالمية خلال هذه الفترة مقارنة بـ 7.2% في الفترة السابقة، أي بنمو قوامه 47% مقارنة مع الفترة السابقة عن هذه الفترة، حيث كانت آسيا وأوقيانوسيا الوجهة الأولى للصادرات الفرنسية بحوالي 42% تلتها منطقة الشرق الأوسط بقيمة 34 في حين حلّت الهند على رأس قائمة زبائن السلاح الفرنسي عالميًا وهي التي استحوذت على 30% من إجمالي الصادرات الفرنسية. 

في مقابل ذلك شهدت هذه الفترة تراجعًا روسيًا حادًا في مبيعات السلاح، تقلصت بموجبه حصة روسيا بحوالي 53% مقارنة بالفترة السابقة حيث شهدت سنة 2023م، بالذات أكبر تراجع روسي بحوالي 52% مقارنة بسنة 2022م، ما دفعها خارج مركزها التاريخي كثاني أكبر مصدر للسلاح في العالم، وهذا في استجابة مباشرة لعاملين رئيسيين:

1 ـ امتداد الحرب في أوكرانيا لعامها الثالث وتصاعد وتيرة الدعم الغربي لأوكرانيا ما أدخل معادلة الصراع في حالة من الفعل ورد الفعل.

2 ـ تفعيل قانون "كاتسا" (CAATSA) الأمريكي ضد قطاع الصناعة العسكرية الروسي ساهم في الحد كثيرًا من حجم المبيعات الروسية العسكرية، وهو ما قلّص قائمة زبائن روسيا من 31 دولة سنة 2019م، إلى 12 دولة سنة 2023م.

بهذا الوضع تقلصت حصة روسيا من إجمالي صادرات السلاح العالمية من 21% خلال فترة (2014 – 2018م) إلى 11% خلال فترة (2019 – 2023)، وقد حافظت كل من الهند والصين على موقعيهما كأكبر زبائن روسيا العسكريين بـ 34% و31% على التوالي، كما حافظت كل من الجزائر ومصر على موقعها ضمن أهم زبائن روسيا العسكريين على المستوى العربي.

  • تصاعد الإنفاق العسكري يدفع نحو إعادة هندسة تراتبية المناطق الجيو سياسية عالمي:

تأثيرًا وتأثرًا ساهم ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي في إعادة هندسة تراتبية أولويات المناطق الاستراتيجية العالمية على نحو صعدت فيه أهمية مناطق وتراجعت أخرى، فمناطق مثل شرق أوروبا وبحر الصين والشرق الأوسط وشمال إفريقيا نال دولها النصيب الأوفر من نمو الإنفاق العسكري، فقد دفعت التغيرات الجيو سياسية المتسارعة في هذه المناطق نتيجة للرهانات الأمنية العالية الخطورة إلى تضخيم الإنفاق العسكري.

منطقة شمال إفريقيا:

التي جاءت على رأس أكثر المناطق التي شهدت نموًا في معدل الإنفاق العسكري على المستوى العالمي بعد أن بلغ حجم هذا النمو زهاء 38% في المرتبة الأولى عالميًا، وقد تصدرت الجزائر قائمة الأكثر إنفاقا بحوالي 18.3 مليار دولار وبنسبة نمو تعدّ من أكبر النسب عالميًا حوالي 76% وفق معهد ستوكهولم، حيث لعب الوضع الأمني والمتغيرات الجيو سياسية في منطقة الساحل الإفريقي والتقلبات التي تشهدها التوازنات الدولية في هذه المنطقة في ظل تراجع وانحسار الوجود الفرنسي التاريخي بالتوازي مع الانسحاب الأمريكي من النيجر مؤخرًا لصالح توسع التواجد الروسي المدفوع برغبة الأنظمة الجديدة في منطقة الساحل بالتقارب مع روسيا.

منطقة شرق أوروبا:

احتلت أوروبا الشرقية المرتبة الثانية عالميًا من ناحية المناطق الأكثر نموًا في الإنفاق العسكري بنسبة ناهزت 31 وقد شكّلت الحرب الأوكرانية الدافع الأكبر نحو هذا التوجه في ظل غياب أي أفق للتوصل لتسوية تُنهي الصراع، ما ساهم في ازدياد مخاوف دول أوروبا الشرقية وبخاصة تلك المجاورة لأوكرانيا من أن تكون ساحة لتمدّد الحرب.

منطقة الشرق الأوسط:

إضافة الى ما يكتنف هذه المنطقة من نزاعات وتنافس وصراع بين مختلف الفواعل الإقليمية والدولية كنتيجة لثلاث محددات رئيسية وتاريخية وهي: مصادر النفط وخطوط نقله – صراع النفوذ بين القوى الكبرى – صراع النفوذ بين القوى الإقليمية ووجود إسرائيل، في ظل هذه المعادلة جاءت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتزيد من المتاعب الأمنية في المنطقة وتزيد من الهواجس الأمنية من إمكانية اتساع الحرب إقليميًا في ظل خروج المواجهة بين إيران وإسرائيل من نمط حروب الظل عبر الوكلاء إلى الاحتكاك المباشر لعبت دورًا مباشرًا في ارتفاع حجم الإنفاق في منطقة الشرق الأوسط الذي شهد نموًا سنويًا بنسبة 09%، في حين زاد والشرق الأوسط عن 200 مليار دولار.


 

مقالات لنفس الكاتب