array(1) { [0]=> object(stdClass)#13903 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 206

ستلعب دول الخليج دورًا مهمًا للضغط على ترامب لإنهاء أزمة غزة مع اقتراب الهيمنة الأمريكية

الخميس، 30 كانون2/يناير 2025

حظيت القضية الفلسطينية باهتمام بارز في البيان الختامي في القمة الخليجية في دورتها الخامسة والأربعين التي عقدت في الكويت في الأول من شهر ديسمبر الماضي، فدول الخليج دعمت القضية الفلسطينية منذ عام 1948م، وكان الدعم على المستوى الرسمي والشعبي، وبعد النكبة استقبلت دول الخليج أبناء الشعب الفلسطيني وعملوا فيها في مختلف المستويات، ومن خلال وجودهم في دول الخليج وخاصة السعودية والكويت وقطر تبلورت فكرة المقاومة الفلسطينية والعمل المسلح فقد كان ياسر عرفات مهندسًا في الكويت وخليل الوزير (أبو جهاد) معلمًا فيها وكذلك صلاح خلف (أبو إياد) وكان محمود عباس في إدارة التعليم بقطر وفي ظل حرية النشاط في هذه الدول،  كانت فكرة فتح والتخطيط لها وبداية عملها كما أن بعض قادة حماس نشؤوا في بعض دول الخليج كما هو حال خالد مشعل أحد قادة حماس،  ولذلك يمكن القول أن دول الخليج كانت تفسح للنشاط الفلسطيني كما أن فاروق القدومي كان من رموز منظمة التحرير الفلسطينية، بدأ مشواره السياسي في الكويت ومن خلال وجودهم تشكلت التكتلات للعمل السياسي الفلسطيني، وكانت الحكومات الخليجية تدعم المؤسسات الفلسطينية فقد أسست  المدارس والجامعات والمستشفيات بمساهمة من الحكومات الخليجية وحملات التبرع الشعبي، التي تتم تحت إشراف الحكومات الخليجية لدعم الشعب الفلسطيني وصموده في أرضه، وكان الملك سلمان بن عبد العزيز يرأس اللجان الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين لسنوات طويلة وهو أمير للرياض، ويقدم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية المساعدات لأهل فلسطين وخاصة  لغزة، ولذلك فإن موقف دول الخليج في القمة الخليجية يأتي استمرارًا لدعم دول الخليج ماديًا وسياسيًا وفي المحافل الدولية والإقليمية لإقامة الدولة الفلسطينية ولضمان حقوق الشعب الفلسطيني وتقرير مصيره وإزالة الاحتلال.

القمة الخليجية والتأكيد على حل الدولتين

إن تأكيد المجلس الخليجي على مركزية القضية الفلسطينية هو استمرار لسياسة المجلس الذي ظل في جميع القمم الخليجية يطالب بتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين ،  فدول المجلس تطالب وتلح  على دول العالم باستكمال إجراءات اعترافها بدولة فلسطين " واتخاذ إجراء جماعي عاجل لتحقيق حل دائم يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م، عاصمتها القدس الشرقية، ويأتي التأكيد في هذه القمة استمرارًا للقمة العربية بفاس 1981م، والقمة الثانية بفاس 1982م، حيث طرحت مبادرة الملك فهد ( ولي العهد آنذاك) وقد تضمنت  مبادرة الملك فهد ثماني نقاط اعتمدت المبادرة على قرار مجلس الأمن الدولي 242  لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية واعتمدتها القمة العربية آنذاك ، ولكن إسرائيل تجاهلتها واجتاحت جنوب لبنان 1982م، وتم إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من الجنوب اللبناني حتى احتلت بيروت واستقر المقام بقيادة المنظمة في تونس حتى اتفاق أوسلو 1993م، ولكن إسرائيل  خرجت لبنان بفعل المقاومة، وكررت الدول العربية مبادرة السلام في قمة بيروت عام 2002م،  والتي طرحتها السعودية في القمة والتي عرفت بمبادرة الملك عبدالله ( ولي العهد آنذاك) ولكن إسرائيل تجاهلت المبادرة العربية، ويأتي تأكيد المجلس في قمته الأخيرة على إقامة الدولة الفلسطينية في ظروف سياسية صعبة،  حيث استمرار الاستيطان في الضفة الغربية في ظل حكومة إسرائيلية يمينية  متطرفة،  تسعى لضم الضفة الغربية وتقسيم الضفة لكانتونات متبعثرة وحرب إبادة على الشعب الفلسطيني في غزة، ويأتي تعقيد الموقف الإسرائيلي أن عدد الشعب الفلسطيني حاليًا في فلسطين بالضفة الغربية وغزة وفي الداخل الفلسطيني 48 ، بلغ 7.5 مليون نسمة وهو يتجاوز عدد اليهود في فلسطين التاريخية في الوقت الذي وصل عدد سكان اليهود 7.2 مليون نسمة والسؤال كيف تستطيع إسرائيل إقامة دولة يهودية عنصرية،  وما مصير 7.5 مليون فلسطيني أهل البلاد ، في وقت قلت فيه الهجرة اليهودية إلى فلسطين وازدياد الهجرة اليهودية من الداخل الإسرائيلي للخارج، وسياسة اليمين المتطرف على لسان قادته حل القنبلة السكانية الفلسطينية بحرب الإبادة للسكان الفلسطينيين في غزة ومحاولات التهجير للفلسطينيين في الضفة ، ويقول عالم السياسة الأمريكي جون ميريشينر إنها حرب إبادة تمارسها إسرائيل لحل مشكلة التفوق العددي السكاني الفلسطيني ، ولكن تبقى معضلة لإسرائيل التي رفضت وترفض جميع الحكومات الإسرائيلية قيام دولة فلسطينية وهو يؤكد رفضها السلام ولا يمكنها تجاهل الشعب الفلسطيني الذي أصبح يشكل أغلبية في فلسطين التاريخية وممارسات إسرائيل من القتل والسجن والإبادة يعني استمرار الصراع في المستقبل القريب وحتى البعيد حتى ينتهي مصيرها كما انتهت الحملات الغربية ؟ مما يتطلب موقفًا عربيًا لأن استمرار عدم الاستقرار يشكل تحديًا للأمن القومي العربي ولذلك تسعى السعودية بكل جهودها في إطلاق" التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين "؟  فقد أعلن وزير الخارجية السعودي أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي قيام التحالف بقوله " إننا اليوم باسم الدول العربية والإسلامية وشركائنا الأوروبيين نعلن إطلاق " التحالف الدولي لحل الدولتين " وتبذل السعودية جهودًا قوية لحل الدولتين ومعها مصر والأردن وبقية الدول العربية، وقد عقد الاجتماع الأول للتحالف في الرياض أكتوبر الماضي لتأكيد حل الدولتين واتخاذ الخطوات العملية لتنفيذه ويمكن اعتبار المؤتمر الذي سيعقد بمثابة تحالف دولي، ويمكن القول أن التحالف الذي يضم الدول العربية والأوروبية ومن دول عالم الجنوب بإفريقيا وأمريكا اللاتينية إشارة للضغط على الولايات المتحدة والإدارة المقبلة، إدارة ترامب لتعديل موقفها اتجاه القضية الفلسطينية التي تجد حشدًا دوليًا وشعبيًا عالميًا لدعم الحقوق الفلسطينية ، هل تعارض الولايات المتحدة الإرادة الشعبية والرسمية العالمية وكأنها بالمعارضة تقود العالم إلى الهاوية بعدم الاستقرار والحروب وتتنكر لقيم العدل وحقوق الإنسان؟

إدانة الإبادة الجماعية وتأييد قرار المحكمة الجنائية الدولية

أكد بيان المجلس على استنكاره وادانته لجميع ممارسات إسرائيل في غزة وطالب بالوقف الفوري للحرب على غزة وتدخل مجلس الأمن  الدولي وتشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية،  ويؤكد المجلس رفضه لكل ممارسات القتل ويرفض ادعاء إسرائيل ومن يؤيدها بأنها دفاعًا عن النفس، فإسرائيل دولة محتله وحسب القانون الدولي يحق للشعب المحتل مقاومة الدولة المحتلة، فإسرائيل تمارس الإبادة الجماعية والحصار على قطاع غزة منذ خمسة عشر عامًا، وتستعمل منع الغذاء وسيلة حربية لتجويع سكان غزة ومنع الدواء  وهذا ما يرفضه المجلس في بيانه، إن إسرائيل تمارس جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي، ولذلك فإن المجتمع الدولي مسؤول عن ممارسة إسرائيل والمنظمات الدولية والدول الأوروبية والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية ما تقوم به من جرائم حرب، وأن ازدواجية المعايير في العلاقات الدولية تهدد الأمن والسلام في العالم وتدفع إلى صدام حضاري بين الشعوب ، تتحمل مسؤوليته الدول الكبرى التي تدعم إسرائيل بالسلاح والمال، فالشعوب العربية والإسلامية وشعوب العالم حتى في الدول الغربية تدين ممارسات إسرائيل، ولذلك نلاحظ انتفاضات الجامعات في الولايات المتحدة لأن وسائل الاتصال الاجتماعي جعلت العالم قرية كونية، وتشاهد قتل الأطفال والنساء وتدمير البيوت على ساكنيها مما أثار الشعور الإنساني وإدانة رجال السياسة في أوروبا وأمريكا بل انتقادات مباشرة لإدارة بايدن ووزير خارجيته وأصبحت إسرائيل دولة مارقة في نظر شعوب العالم، وفي نظر كثير من دول الأمم المتحدة، فقد انتهت اسطوانة أن إسرائيل تتعرض لخطر الدول العربية، بل أصبح واضحًا أن إسرائيل تهدد استقرار المنطقة وبالتالي تهديد للأمن والاستقرار العالمي بسبب انتهاكها للقانون الدولي والإنساني ودولة مارقة تشن الحروب وتتوسع في  جيرانها وتحتل أرض شعب آخر وتمارس بحقه الإبادة الجماعية، إن الدول التي تدعي الديمقراطية وتدعم إسرائيل تفقد مصداقيتها أمام شعوبها ولذلك نجد الاحتجاجات في داخل البرلمانات الأوروبية وداخل الكونغرس الأمريكي ضد سياسات التأييد لإسرائيل وانتهت اسطوانة أن إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط بل دولة تمارس العنصرية وجرائم إبادة ضد المدنيين الأبرياء وتدمير المستشفيات المحرمة دوليًا، إن إسرائيل تنتهك كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة بهدمها مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة.

إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية والبيان يدعم جنوب إفريقيا

إن قيام دولة جنوب إفريقيا برفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تعتبر خطوة مهمة من دولة عانى شعبها من التمييز العنصري وكانت إسرائيل متحالفة مع النظام العنصري في جنوب إفريقيا، وقد أكد بيان المجلس إشادته بموقف جنوب إفريقيا وهي خطوة تدل على تعاون الشعوب التي تعرضت للاستعمار وشعورها بالظلم مما دفعها للتضامن وكانت الدول العربية مؤيدة لنضال الشعب الإفريقي ضد  النظام العنصري في جنوب إفريقيا، ورحب مجلس القمة بالقرار الابتدائي الصادر عن المحكمة في 26 يناير 2024م، وكذلك بالأدلة الاضافية التي قدمتها جنوب إفريقيا في 28 أكتوبر 2024م، للمحكمة، وهذه خطوة مهمة في التضامن بين الشعوب الإفريقية والعربية، وترحيب المجلس بخطوة جنوب إفريقيا لها أهميتها الاستراتيجية والسياسية على مستقبل التضامن العربي الإفريقي فقد وقفت جنوب إفريقيا مع الدول العربية الإفريقية ضد قبول إسرائيل لصفة مراقب في منظمة الاتحاد الإفريقي التي حاولت التسلل إليه لإثارة الخلافات العربية الإفريقية وقد ادى التحرك العربي وجنوب إفريقيا لإفشال خطة إسرائيل وكان موقف مصر والجزائر متحالفًا مع موقف جنوب إفريقيا.

إدارة بايدن دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا رغم الضغوط العربية

قامت دول مجلس التعاون ومعها بقية الدول العربية بضغط دبلوماسي على إدارة بايدن لوقف الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة ونقلت الدول العربية مطالبها إلى المنظمات الدولية وخاصة لمجلس الأمن الدولي ، ولكن إدارة بايدن استعملت (حق الفيتو)  في قرارات مجلس الأمن الدولي ورفضت اعتبار ممارسات إسرائيل في غزة ـ على  أنها حرب إبادة للسكان في غزة ، بل كان بايدن أول من زار إسرائيل مباشرة بعد السابع من أكتوبر 2023م، وأعلن دعمه المالي والعسكري، وتأييد بايدن لإسرائيل هو امتداد على مدى حياته السياسية من المؤيدين بقوة لإسرائيل وصرح في زيارته الأخيرة لإسرائيل أنه صهيوني وإذا لم تكن إسرائيل موجودة لتم إيجادها، ومعظم طاقم إدارة بايدن من الطاقم الصهيوني ولذلك عندما زار وزير الخارجية بلينكن إسرائيل ، صرح بقوله أنه جاء بصفته يهودي أولًا وثانيًا وزيرًا للخارجية، ولن تختلف سياسة بايدن عن سياسة ترامب في دورته الأولى رغم وعوده في حملته الانتخابية، ولكن المصالح الأمريكية وتهديدها تجبره على القيام بتحولات مهمة في سياسته ولذلك نجد أنه انصاع صاغرًا للتوجه للرياض عندما شعر أن البديل الصيني –الروسي مطروحًا في السياسة الخارجية السعودية وإثر أزمة الطاقة وتأثيرها بعد الحرب الروسية الأوكرانية والحاجة لزيادة إنتاج البترول فكانت زيارته في يوليو 2022م، إن الولايات المتحدة لها مصالحها الاستراتيجية في منطقة الخليج العربي وكثيرًا ما لجأت إلى دول المجلس لمساعدتها فسلطنة عمان قامت بالوساطة بين إيران والولايات المتحدة وكانت اللقاءات سرية تتم  في عمان بين الدبلوماسيين الأمريكيين والإيرانيين، ودولة قطر تقوم بالوساطة بين حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) وإسرائيل بمشاركة الولايات المتحدة ومصر ، ولكن إدارة بايدن تتجاوز كل مصالحها لدعم إسرائيل ، علمًا بأن كثيرًا من دول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية ، فنجد تسع دول من مجموعة العشرين تعترف بالدولة الفلسطينية، الصين، الهند، إندونيسيا، الأرجنتين ، البرازيل ، روسيا ، السعودية ، جنوب إفريقيا وتركيا ، واعترفت 12 دولة أوروبية من الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية وأحدثها النرويج وإيرلندا وإسبانيا وصوتت 143 دولة على قرار في الجمعية العامة بأحقية فلسطين في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ولكن الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الدولي يقف عقبة ضد هذا القرار ، وواقع الحال يؤكد أن الشعب الفلسطيني على أرضه وأن المقاومة مستمرة منذ خمسة عشر شهرًا والشعوب التي تقاوم من أجل حريتها لا تهزم وظهر بعد السابع من أكتوبر أن اسطوانة الجيش الذي لا يقهر قد انتهت بل كانت مقولة مضللة، وإن هرولة زعماء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا إلى إسرائيل يعكس مدى ضعفها فكانت تسعى لتجنيد المرتزقة ولم تستطع حتى الآن أن تفرض شروطها على المقاومة الفلسطينية، كما أن  السعودية ترفض مطلب إدارة بايدن بالتطبيع وتركد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، وتأكد فشل سياسة بايدن بهزيمة نائبته كمالا هريس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وكان للصوت العربي الأمريكي تأثير ، معاقبة لسياسة بايدن المؤيدة لإسرائيل وأنه رئيس أمريكي شريك في حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل، وموقف بايدن ضد قرار محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية منافيًا للقيم التي تقوم عليها الولايات المتحدة والدستور الأمريكي ؟

ترامب والقلق الأوروبي والشرق الأوسط: هل يفاجأ بسياسة جديد

تثير إعادة انتخاب ترامب مرة ثانية قلقًا في الشرق الأوسط وفي أوروبا وعلاقته مع الدول الكبرى مثل الصين وروسيا الاتحادية ومجموعة بريكس، ترامب رجل أعمال وشخصية متقلبة ويميل لعزلة الولايات المتحدة وهو لا يميل للعولمة ولسياسة الأحلاف وكان ينتقد الناتو، ومن خلال تصريحاته يريد عودة القوات الأمريكية من الشرق الأوسط ويبتعد عن التدخل العسكري، ولكن ترامب مقيد بالدولة العميقة وبشخصيته المتقلبة والانقسام الداخلي في الولايات المتحدة، ولكن في الشرق الأوسط عادة لا يكون هناك تغيرًا جوهريًا في سياسة رؤساء الولايات المتحدة سواء كان جمهوريًا أو ديمقراطيًا وخاصة بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي ولكن ما يحدث هو التغير في الأساليب وطريقة معالجة القضايا السياسية، لم يكن ترامب يختلف عن أوباما كثيرًا سوى بشخصيته في اتخاذ القرارات السياسية ولما وصل بايدن للشرق الأوسط كان استمرارًا لترامب واختلافات جزئية وقد يعيد ترامب سياسته السابقة،  وقد  يغير شيئًا ما لاختلاف الأوضاع الدولية والإقليمية عن الفترة الأولى، كان في الفترة الأولى فرض اتفاقية إبرهام ونقل السفارة الأمريكية للقدس وأيد ضم الجولان لإسرائيل وهو يصرح الآن أن مساحة إسرائيل صغيرة وعليها التوسع وهو يعني ضم الضفة الغربية  لإسرائيل والواقع الفعلي الضفة الغربية محتلة ويجري الآن في الكونغرس محاولة لاستعمال الاسم يهودا والسامرة بدلًا من الضفة الغربية،  ويدعو لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، ولكن إسرائيل تماطل وتراهن على ترامب الذي قطع التمويل الأمريكي عن الاونروا وهو ما تريده إسرائيل لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، ولكن ماذا تبقى ليقدم ترامب لإسرائيل بعد ما قدمه في رئاسته الأولى ؟

أقام ترامب علاقات متميزة مع دول الخليج العربي لمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية ولمصالحه الشخصية كرجل أعمال ولصهره علاقات اقتصادية وقد عين ترامب في إدارته الجديدة مؤيدين لإسرائيل ومنهم من يؤيد ضم الضفة الغربية ولكن ترامب لا يستطيع تجاوز حقوق 7.5 مليون فلسطيني وصفقة القرن التي دعا لها في الفترة الأولى لا يمكن تمريرها لأن الظروف السياسية الإقليمية وحتى داخل إسرائيل والدول العربية لا تساعده، ولا يستطيع ترامب ولا إسرائيل تهجير 7.5 مليون لأن الدول المجاورة لن تقبل ذلك لا على المستوى الرسمي أو الشعبي ، وإسرائيل ترفض إقامة دولة فلسطينية أو دولة ديمقراطية واحدة يصوت فيها الجميع، ولذلك سيجد ترامب معضلة إنسانية أمامه في غزة وموقف عربي يرفض التهجير ، ولكن قد يفاجئ ترامب دول المنطقة بموقف ضاغط على إسرائيل ـ فقد أعلن أن اليهود في أمريكا لم ينتخبوه وكانت بعض التكتلات من العرب والمسلمين قد أعلنت تأييد ترامب أثناء التجمع الانتخابي الذي شارك فيه بولاية مشيجان، وقد فاجأ ترامب العالم بلقائه زعيم كوريا الشمالية كيم ايل يونغ في رئاسته الأولى وكانت له علاقة إيجابية مع الرئيس الروسي بوتين ولكن كانت له علاقة متوترة مع الصين، وستلعب دول الخليج دورًا مهمًا في الضغط على ترامب لوقف الحرب وفتح الحدود لتقديم المساعدات لغزة لأن عدم الاستقرار سيفجر المنطقة في ظل ظروف دولية معقدة بعد نهاية الهيمنة الأمريكية وفي ظل  تعدد الأقطاب الدولية والحروب الإقليمية .

بيان القمة وثيقة سياسية واستراتيجية

إن بيان قمة الكويت يعتبر وثيقة سياسة يمكن اعتبارها وثيقة عربية واسلامية جامعة لمعالجة عدة قضايا، ودول الخليج تملك موارد اقتصادية مهمة وموقع استراتيجي واستقرار سياسي، وتستطيع التأثير على الإدارة الأمريكية فاستطاعت سياسة السعودية أن تفرض على بايدن أن يلجأ لها لحل مشكلة الطاقة ومع الاستثمارات والتجارة الخارجية تعتبر منطقة الخليج منطقة تنافس دولي يمكن الاستفادة منها في المناورة السياسية، وأثبتت الحرب في غزة مدى هشاشة الكيان الإسرائيلي ومدى الاستقطاب الداخلي في إسرائيل، وأن موقف عربي موحد أو على الأقل تضامن الدول الرئيسة في المنطقة وعلى رأسها السعودية أن يقود المنطقة العربية لدور مهم في حالة التعاون مع الدول الإقليمية مثل تركيا، ومع سقوط النظام البعثي وهروب الرئيس السوري بشار الأسد وتدفق الزعماء الأوروبيين على دمشق وزيارة المسؤولين الأمريكيين تكون فرصة لإعادة المحور الثلاثي السعودية ومصر وسوريا لإعادة تشكيل النظام الإقليمي العربي، ومع تراجع الدور الروسي والإيراني في المنطقة تبقى إسرائيل هي المشكلة الرئيسية التي تهدد المنطقة العربية .

وحيث أن السياسة الأمريكية سياسة برجماتية تسعى لتحقيق مصالحها، وتوجد أصواتاً متعددة في مستوى النخب الأمريكية ترى مراجعة الدعم الأمريكي المطلق ، وترى أن مصالح الولايات المتحدة تختلف عن مصالح إسرائيل في الشرق الأوسط وليست بالضرورة واحدة، وأن الـدعم المالي لإسرائيل على حساب المواطن الأمريكي، وهذه أصوات لا يمكن تجاوزها، وحتى بين يهود الولايات المتحدة من ينتقد الدعم لإسرائيل ولقد أصبحت إسرائيل عبئًا على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وحتى في داخل إسرائيل يصف غال ليفرتوف المحامي والمحاضر القانوني وخريج كلية الأمن القومي في جيش الحكومة الحالية " أسوأ وأخطر من أي عصابة إجرامية، وأسفرت عن شعب منهك ومنقسم ، ديمقراطية منهارة، اقتصاد ممزق، عزلة عالمية، أجزاء مدمرة من الدولة " وهذا هو واقع إسرائيل التي يدعي نتنياهو أنه يحقق انتصارًا وهميًا؟

مقالات لنفس الكاتب