array(1) { [0]=> object(stdClass)#13906 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 206

الحل الاستراتيجي لدول الخليج في تحقيق المواطنة الخليجية باستكمال الوحدة الاقتصادية

الخميس، 30 كانون2/يناير 2025

عندما أنشيء مجلس التعاون الخليجي عام 1981م، اختير التعاون كمدخل استراتيجي لتحقيق الوحدة الخليجية بنص المادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس، وكانت الوحدة  خلال مسيرة المجلس الطويلة تصطدم غالبًا بعقبة السيادة الوطنية خاصة من قبل مسقط التي ترى في مبادرات الوحدة في حينها أنها لن تخدم دول المنظومة كلها، ومع هذا استمر التعاون المؤسس للوحدة مع تأجيل فكرة الوحدة رغم توفر الكثير من استحقاقاتها، وذلك حفاظًًا على المسيرة الجماعية، ولو لا هذا الفكر لما أصبحت المنظومة الخليجية قائمة حتى الآن ، وإمكانية الانتقال من التعاون إلى الوحدة مجمع عليها ومتاحة الآن، ونراها حتمية من مسوغات داخلية بقيادة تحولات اجتماعية عميقة متزامنة مع إكراهات أمنية وعسكرية قديمة / جديدة.

ولم يحدد النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي، أو رؤيتا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، والملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود  الشكل السياسي للاتحاد الخليجي / فيدرالية، كونفدرالية .../ كما لم تعتني قمة الكويت " الـ 45 " الأخيرة  بالشكل، وكذلك ابتعدت النخب الخليجية عن الحديث عنه عكس المراحل السابقة، وهنا  الذكاء واضح، لضمان الهدوء لاستكمال مقومات الوحدة والاستفادة من التجارب السابقة وصولًا للاتحاد بكل هدوء،  مع أن الشكل السياسي ليس مهمًا في الواقع الخليجي، فمقومات الوحدة، أو الاتحاد يمكن تحقيقها حتى بالشكل الحالي للمنظومة الخليجية .

 هذا التفكير البراغماتي يبدو أنه مستهدفًا سياسيًا، فقد أجمعت قمة الكويت على تسريع تطبيق رؤيتي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، وجعل الرهان على التنفيذ المجمع عليه بعيدًا عن جدلية الشكل السياسي التي قد تدخل فيها شياطين الإنس والجن من داخل المنطقة وخارجها، واختارت للتطبيق مؤسسات وآليات محددة، وهذا في حد ذاته يعبر عن الإرادة السياسية الخليجية لتطبيق الرؤيتين، غير أنها لم تحدد إطارًا زمنيًا نهائيًا لاستكمال تطبيقهما.

سنتناول هذا الملف وفق المنهجية التالية:

الإطار الزمني الملح للوحدة الاقتصادية والاتحاد الخليجي.

التحولات الكبرى غير المسبوقة في دول المنظومة الخليجية.

تداعيات التحولات الكبرى وحتمية الوحدة الاقتصادية.

الاستشرافات السعودية تتماهى مع المادة الرابعة للمنظومة الخليجية

المواطنة الخليجية مدخلًا لوحدة الهدف والمصير الخليجي.

قوة الاقتصاد الخليجي الجديد في حقبة التكتلات الضخمة.

وذلك بالتوضيح فيما يلي:

أولًا: الإطار الزمني الملح للوحدة الاقتصادية والاتحاد الخليجي

أصبح الشأن الخليجي الداخلي الطارئ – كما سنوضحه لاحقًا -من الأسباب الملحة والعاجلة لاستكمال السوق الخليجية والاتحاد الجمركي.. وصولًا للوحدة الاقتصادية، ومن ثم الاتحاد الخليجي في إطارين زمنيين يكتسبان صفة الاستعجال كذلك، هما الوحدة الاقتصادية سنتين، والاتحاد الخليجي خمس سنوات، كأقصى حد والصفة الاستعجالية تشترك فيها الدول الست – مع التباين – فسنتان منطقيتان لاستكمال مقومات السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، علمًا بأن مواعيدهما الزمنية قد مرت كالاتحاد الجمركي عام 2024م، والسوق الخليجية المشتركة عام 2025م، وبالتالي السنتان هنا كافيتان موضوعيًا بعد توفر الإرادة السياسية.

خاصة أن هناك إنجازات كبيرة قد تحققت حتى الآن في المسارات العشرة التي اتفق عليها في مسار تحقيق السوق الخليجية، وهي تشمل التنقل والإقامة والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد وممارسة المهن والحرف ومزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، وتملك العقار وتنقل رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية، وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وقد أضيفت مسارات جديدة للعشرة.

ومهما يكن، فإن طول المدد الزمنية لتحقيق مقومات الوحدة الاقتصادية، كالسوق الخليجية المشتركة التي انطلقت في يناير 2008م، والاتحاد الجمركي في بداية 2003م، ومنطقة التجارة الحرة عام 1983م، حان الوقت لاستكمالها عاجلًا ، والسنتان مدة كافية قياسًا بتلكم المدد وانجازاتها، وكذلك لمواجهة تحديات التحولات العميقة الداخلية في كل دولة منذ عام 2020م، وفي ظل سباق إقليمي ودولي لتأسيس النظام العالمي عل التعددية والتكتلات الضخمة، ولا ينبغي التقليل من إكراهات العامل الداخلي، وهو ما نحمله هواجسه في هذا المقال، فاستشرافنا بتأثيراته المقبلة أقوى من التحديات الجيوسياسية إقليمية كانت أو دولية، وقد تتقاطع معه في أي تقاطعات زمنية .

مع قناعتنا أن التوترات والحروب المقبلة لن يطلق فيها رصاصة واحدة، أي عدم استخدام القوة العسكرية، وإنما ستستهدف المناعة الاجتماعية والفكرية والأيديولوجية للشعوب، ولنا في انهيار أنظمة وجيوش عربية منذ عام 2011م، وآذخرها نظام بشار الأسد في سوريا، وكذلك سقوط أحزاب اجنبية حاكمة لصالح أحزاب متطرفة استدلالات كبرى داعمة لرؤيتنا بثقل العامل الداخلي واكراهاته السياسية.

ثانيًا: التحولات الكبرى غير المسبوقة في دول المنظومة الخليجية

سنتناولها باختصار في النقاط التالية، وستتضح تداعياتها في محور المسوغات الداخلية الملحة للوحدة الاقتصادية.

التحول في مفهوم الدولة في الخليج من دور ريعي إلى دور جبائي/ ضرائب ورسوم وتقنين الدعم الاجتماعي.

 التوسع في تطبيق نظام النيوليبرالية منذ عام 2020م، في مناحي الحياة المختلفة ما عدا السياسية.

تطبيق برامج الاستدامة المالية لتحقيق التوازن المالي للموازنات الخليجية وحل قضية المديونيات، مما ترتب عليه إصلاحات هيكلية صعبة اجتماعيًا.

هجرة ديموغرافية أجنبية جديدة تفتح لها الأبواب الخليجية بامتيازات الإقامة الدائمة وطويلة الأجل، تملك المال والأجندات عابرة للحدود، ومؤهلة للتأثير السلبي على الديموغرافيات الخليجية.

فراغ استراتيجي دولي بدليل ترك نظام بشار الأسد يسقط داخليًا على يد جماعات (جهادية) تشكل حالة إلهام لنظيراتها الإقليمية المسلحة والأيديولوجية، هي الثانية بعد حركة طالبان، فيما تعيش الدول المحيطة بدول مجلس التعاون حالة من عدم الاستقرار الأمني والقلق من القادم.

تبني كل دولة خليجية رؤية استراتيجية عميقة بمعزل عن أي تنسيق فيما بينها.

ثالثًا: تداعيات التحولات الكبرى تحتم الوحدة الخليجية عاجلًا

تمر دول مجلس التعاون الخليجي الست منذ عام 2022م، بتغيرات اجتماعية عميقة، وأصبحت الهوة بين الماضي والحاضر تتسع بسببين هما، تبني الحكومات الخليجية نظام النيوليبرالي، واندلاع أزمات مالية كبيرة أثرت على كل جانب من جوانب الحياة في المجتمعات الخليجية تقريبًا في ظل تدفق هجرة متزايدة على الخليج بعضها لأسباب سياسية وأخرى استثمارية تمنح إقامة ما بين دائمة وطويلة الأجل، وقد ترتب على مثل هذه التغييرات مجموعة ظواهر مثل البطالة والمرتبات المتدنية والمسرحين والعقود المؤقتة... الخ وهذه بيئات قد تتلون سياسيًا، وقد يستغلها من داخل المنطقة وخارجها، خاصة في ضوء تصاعد ظاهرة الهاربين من الخليج إلى الخارج، ممن قد يتحولون إلى أجندات دولية.

ويتزامن مع تلكم الظاهرة، إعادة الأفكار في الخليج لتتناغم مع طبيعة المرحلة الجديدة، وبناء علاقات دولية مع القوى المتماهية لها ليس في سياقها التاريخي وإنما في القواسم المشتركة المحدثة .. وفي حقبة خليجية داخلية يتم فيها تعويم بوصلة الولاء والانتماء من مستوياتها الرأسية إلى الأفقية من خلال مجموعة سياسات مالية واقتصادية نيو ليبرالية تحد كثيرًا من فاعلية الحكومات، وتفتح الأبواب أمام القوى الجديدة بما فيها الشركات متعددة الجنسيات والهويات والأجندات واستقطاب الجيل الجديد.

ويشكل كيفية سقوط نظام بشار الأسد في سوريا من حيث دور العامل الداخلي، وتقاطع الخارج معه نموذجًا للاستدلال به من فاعليه أسباب التغيير وتحول ميزان القوى إقليميًا وعالميًا ، فالسقوط بمثابة زلزال سياسي، فهو بقدر ما هو انتكاسة لروسيا وإيران لصالح تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، هو كذلك يشكل انتصارًا للمعارضة على النظام، وبالتالي يشكل تطورًا للمعارضة وللجماعات الأيديولوجية والمسلحة في المنطقة،  وسقوط نظام بشار بأكمله ليس حالة استثنائية بالكيفية والأدوات سالفة الذكر ، وإنما هي حالة عربية ودولية، فقبله سقط خمسة أنظمة عربية في تونس، والعراق، واليمن، وليبيا منذ عام 2011م، ولأسباب داخلية أولًا وخارجيًا متقاطعًا معها،  وعالميًا، فوراء عودة ترامب للحكم مجددًا في أمريكا وصعود أحزاب اليمين المتطرفة في أوروبا سنجد أنها بسبب فشل السلطات الليبيرالية واليسارية الحاكمة، ولولا خيارها الديموقراطي، ورهانات القوى السياسية على مصداقيته، لدخلت في أتون صراعات داخلية، لأن هذا الخيار  يشرعن التداول السلمي عن طريق صناديق الانتخابات، بينما في عالمنا الثالث وبسبب ظروفه التاريخية وأشكاله السياسية، فلن يكن هناك من خيار أخر سلمي .

 ويمكننا أن نطلق على الحقبة الراهنة ببعديها الإقليمي والدولي بأنها حقبة التحولات والمتغيرات التاريخية من مسوغات داخلية وتقاطعات خارجية لاحقة أو تالية، كما يمكن أن نطلق عليها بأنها حقبة تأسيس النظام العالمي الجديد على أساس التعددية والتكتلات والتحالفات الكبيرة كالبيركس، وانهيار أخرى كبرى متوقعة كالاتحاد الأوروبي وفق تحليلات عديدة، من هنا نجد دول مجلس التعاون الخليجي أمام ظروف استثنائية تجعل من الخيارات الاستراتيجية للوحدة الخليجية حتمية للمنظومة الخليجية لمواجهة تحديات وجودية من الوزن التاريخي بغية تحصين دواخلها من متغيرات اقتصادية وتحولات سياسية داخلية وأخرى خارجية عابرة للحدود .

 

ثالثًا: الاستشرافات السعودية للمستقبل الخليجي تتماهى مع المادة "4".

تنص المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي على الآتي " تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات وصولًا إلى وحدتها " والسياق الزمني  للنظام الأساسي وعلى وجه الخصوص المادة سالفة الذكر عام 1981م، هو تاريخ إقامة المنظومة الخليجية بهواجس أمنية خالصة، لكن مضمون المادة لا تنحصر في هذا النطاق الضيق، وتمنحه الشمولية بدليل منطوقات كل مفردة فيها، وفي عام 2011م، كانت هناك الحاجة ماسة إلى مبادرة تنقل العمل المشترك حالة إغراقه في تأسيس الخطوات إلى الهدف الاستراتيجي النهائي من إقامة المنظومة الخليجية وهى الاتحاد لدواعي أمنية وتنموية واقتصادية .

فجاءت مبادرة الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسبب أحداث أمنية خطيرة في البحرين عام 2011م، على خلفية داخلية بمؤثرات خارجية، استدعت وقوف دول المجلس الخليجي مع مملكة البحرين وقفة عسكرية تضامنية وجودية وتم ذلك عبر تدخل قوات درع الجزيرة بتاريخ 15 مارس 2011م، وعقبها دخل العمل الخليجي المشترك في مسيرة الخطوات الاعتيادية، فمثلًا السوق الخليجية المشتركة التي لم تتحقق رغم أنها انطلقت في الأول من يناير عام 2008م،  فكان لابد من تدخل سياسي قوي يحرك الفاعلية ، وقد جاءت من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2015م، بعد أحداث إقليمية خطيرة أيضًا أبرزها بروز جماعة الحوثيين وسيطرتهم على القصر الرئاسي اليمني، وإعلان  الرئيس عبدربه منصور هادي الحرب عليهم، وكذلك صعود التنظيمات الإرهابية في المنطقة كتنظيم داعش لاحقًا ، وبدء عاصفة الحزم في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على أجزاء كبيرة من اليمن .. الخ.

مما تقدم، لا يمكن فصل رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للعمل الخليجي المشترك عن رؤية الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، فالأولى هي بمثابة الخطة التنفيذية لرؤية الملك الراحل، فأولوياتها تنصب على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول الست، ودعم مشاريع التعاون الاقتصادي واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، واستكمال خطوات التكامل الأمني والعسكري وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة تضمن المحافظة على مصالحها ومكتسباتها إقليميًا وعالميًا.

وتشديد قمة الكويت في ديسمبر 2024م، على تطبيق الرؤيتين لم يأت بدوره من إرادة الفعل، وانما لبروز تحديات جديدة تضاهي التحديات السابقة، من هنا، فقد أحست قمة الكويت على التأكيد على سرعة استكمال تحقيق الوحدة الخليجية، لأنها ستحل معظم الإشكاليات والمشاكل القديمة والجديدة، وفي المحور التالي سنتعرف على طبيعة التحديات الجديدة التي تواجه دول المنظومة الخليجية.

رابعًا: المواطنة الخليجية مدخل لوحدة الهدف والمصير الخليجي

مهما كانت الضروريات تحتم الاستعجال بتحقيق التزامن للوحدتين الاقتصادية والأمنية والعسكرية إلا أن استكمال الوحدة الاقتصادية ينبغي أن يحظى بتركيز عميق لأنها بوابة لتحقيق بقية الغايات الكبرى في ضوء ما أوضحنا سابقًا، لأن الوضع الاجتماعي في الخليج – مع التباين - مقلق، وتظهر لنا قضية استكمال الوحدة الاقتصادية ملحة للاستجابة للحاجات الاجتماعية التي لا يمكن لدولة وحدها أن توفرها لمجتمعها بسبب تحولاتها الداخلية القاسية وخياراتها الاقتصادية والتنموية المستقبلية، كالتوجه نحو مفهوم الدولة الجبائية / ضرائب رسوم .. / عوضًا عن الدولة الريعية التي هي صنيعة المجتمعات الخليجية الراهنة، والخطورة هنا، أن هناك جيلًا خليجيًا يتأسس الآن على متناقضات المفهومين للدولة في الخليج.

وبالتالي، فإن الحل الاستراتيجي للدول الست هو الإسراع في تحقيق المواطنة الخليجية من خلال استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية بحيث يتمتع كل مواطن خليجي بحقوق المواطنة في كل بلد خليجي، ويمكن تحقيق هذه المواطنة من خلال الاتفاقية الاقتصادية الموقعة في ديسمبر 2001م، في مسقط، وقد قطعت دول مجلس التعاون الخليجي خطوات ملموسة في عشر مسارات محددة كالتنقل بالبطاقة الذكية والإقامة ومد المظلة التأمينية وفتح فروع للشركات ومعاملتها كشركات وطنية.. الخ إلا أن الأهمية هنا تكمن في استكمال بنود هذه الاتفاقية سريعًا لإحداث نقلة ملموسة على واقع وسيكولوجيات المجتمعات الخليجية من الإحباط واليأس الراهنة – مع التباين – إلى التفاؤل، فلو أخذنا مثلًا السوق الخليجية المشتركة، ففيها ستغلب المواطنة الخليجية الواحدة، حيث تتيح لأصحابها الحصول على الحقوق والامتيازات نفسها التي يحصل عليها المواطن الخليجي في موطنه.

وهذا بدوره سيساهم في توطين الأموال الخليجية المهاجرة وإيجاد سوق مالي خليجي ضخم بتريليونات الدولارات، مما يفتح للمستثمرين الخليجيين فرصًا كثيرة ومتعددة بعد استبعادهم من فئة الأجانب ، وهذا بدوره سيوفر فرص عمل كثيرة ويحل قضية البطالة وتعزيز التنافسية الشاملة وتحسن المستويات الاجتماعية، وصناعة اقتصاد خليجي تكاملي قوي، وعندما تتحقق المواطنة الخليجية ويعم منافعها، وتنعكس على المجتمعات الخليجية، ستكون قضية الحفاظ عليها من الداخل أولوية أمنية وعسكرية، أي ستسرع بتحقيق التكامل الأمني والعسكري من قناعات تحتية وليس فوقية فحسب، وستفتح أبواب التجنيد العسكري لكل الخلجيين كواجب للدفاع عن حقوق المواطنة الخليجية في إطار حدودها السياسية .

لذلك ينبغي أن يكون2027م، عام الوحدة الاقتصادية باستكمال متطلبات السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والاتحاد النقدي ومشروع السكة الحديدية التي تربط الدول الست، وهذا سيكون كفيلًا باستيعاب كل الإكراهات والتحديات الداخلية الاجتماعية والاقتصادية، وستسد الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها الأجندات الأجنبية، بحيث سيكون المواطن الخليجي منشغلًا بطموحات بناء ذاته في آفاق متفائلة ورحبة.

خامسًا: قوة الاقتصاد الخليجي الموحد في حقبة التكتلات العالمية الضخمة

عندما تصل الدول الست إلى الوحدة الاقتصادية عام 2027م، – وفق المقترح سالف الذكر – سيكون لدى هذه الدول قوة اقتصادية بناتج محلي يزيد على " 2 " تريليون دولار سنويًا وفق تقديرات ترى كذلك أنه مع استكمال مشاريع الطاقة النظيفة والمستدامة في الخليج ستعزز هذه القوة، وتفتح المنطقة الخليجية جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي وضعها الحالي ،استقطبت دول المنظومة الخليجية استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 1.37 مليار دولار 2022م، ووفقًا للبنك الدولي يتوقع أن يصل ناتج الدول الست المحلي إلى " 6 " تريليونات دولار 2050م، ويرتفع إلى " 13 " تريليون دولار في التاريخ نفسه مع تبني استراتيجية التحول الأخضر ، فكيف بعد استكمال حجتها الاقتصادية ؟

وهنا تظهر لنا الأهمية المتجددة والثابتة لدول المنظومة الخليجية عالميًا وإقليميًا، فأي دولة أو تكتل إقليمي وعالمي سيكون من مصلحته الاستراتيجية الاستفادة من القوة الاقتصادية الخليجية الضخمة التي تحظى بقوة جيوسياسية ضامنة لأمن الطاقة العالمي باستحواذها على 32،8 % من احتياطي النفط العالمي المؤكد البالغ 55.1 تريليون برميل، وتمثل هذه القوة المرتبة الأولى عالميًا في إنتاج النفط الخام بمعدل 18 مليون برميل يوميًا وبنسبة 19 % من إجمالي الطلب العالمي، وكذلك الأولى عالميًا في احتياطي النفط والغاز الطبيعي بنسبة 43,30 تريليون متر مكعب، وكذلك، فإن لهذه القوة الاقتصادية الضخمة عددًا من صناديق الثروة السيادية الأكبر عالميًا .. الخ.

مقالات لنفس الكاتب