يتداول بعض الساسة الغربيين أطروحات مصطنعة لترويج وتحقيق مقاصد سياسية وأيديولوجية واهية، وذلك بتصعيدهم لمعارك سياسية وإعلامية وهمية ولا تمت للواقع بصلة، خاصة في القضايا التي تتعلق بالأمتين العربية والإسلامية.. نعتقد أن واقع اليوم ونتيجة للوعي الذي ينتشر في المجتمعات الإنسانية، يدرك الجميع أن ثقافة الغرب لا تقوم على واقع إنساني بل على وهم وأهواء وأذواق سياسية مفتعلة من بعض كبار الساسة الغربيين عبر عشرات السنين ومازالت تمارس ضد ضحيتهم التي يختارونها، فليس هناك ما يشجع أو يبعث الأمل على أن نزرع الثقة فيما يقولون ويروجون له من نماذج ووعود لا تتحقق، مهما تغيروا، يمينيون أو يساريون (ديمقراطيون أو جمهوريون).
هناك أزمة كما نظن، اختلقها الساسة الغربيون، قامت على الخداع والتلاعب بالألفاظ، فكونت فجوة بين مبادئهم الداخلية التي يدعونها وبين سلوكهم الملتوي مع ما هو خارجي، خاصة مع القضايا التي لا تهمهم، وليست ضمن أولياتهم .. شكل عدم التوازن الغربي عند بعض الأمم، خيبة أمل، نتيجة تصرفاتهم الرعناء وخطبهم الغير منصفة.
لقد فقد الغرب مصداقيته التي كنا نعتقد فيها يوماً ما، ذلك من خلال مناوراتهم حول بعض القضايا الخارجة عن ثقافاتهم والتي لا تعنيهم ولا تمس مصالحهم، وكل ما يستهدفوه لا يتعدى تحقيق المقاصد السياسية والأيديولوجية التي تهم دولهم .. لقد تبنى الغربيون مثلاً، قوانين وتشريعات في مجال حقوق الإنسان تهم شعوبهم، لكن لا علاقة بها خارج نطاق دولهم، فمواقفهم متباينة، وسياساتهم اتقائية، وتعاملاتهم مزدوجة، تقوم على مصالحهم ومطامعهم النفعية والانتهازية أياً كانت، ضاربين بالقوانين والعدل الذي يدعونه عرض الحائط.
يزعم بعض الساسة الغربيين بأنهم المرجع الوحيد والمقرر لما هو صواب أو خطأ، في سلوك الدول والأقليات وحق المصير، مستندين كما يظنون، على القيم الأخلاقية وإلى القانون الدولي في تبرير سلوكهم في العلاقات الدولية المعاصرة، بينما نستنتج من الواقع المعاصر، بأنهم يستندون على مصلحتهم وقوتهم المادية وهيمنتهم السياسية في فرض ما يريدون مهما كان، منفصلين عن الواقع الأخلاقي الذي يدعونه.
إن استغفال العقول، وقلب الحقائق مهما تجبرت وطغت عند بعض الساسة والدول الغربية، وسيلة إعلامية خاسرة عبر التاريخ، هي من يدعم دائماً، الرأي المضلل في الواقع، وتعزز ما يعمله ويقوله المسيطر ولو بأوهن الحجج.
يذكرنا قرآننا الكريم، بأن فرعون قد أقدم على قتل الآلاف من قومه عمداً، ولم يجرؤ أحد على اتهامه، لكن موسى عليه السلام، وكز رجلًا بالخطأ، فقتله، فألب عليه فرعون الطاغية، الرأي العام، وقال له كما ورد في الآية القرآنية الكريمة: (وفعلت فعلتك التي فعلت)
هذه الحقيقة القديمة المتجددة عبر التاريخ، نراها ونسمعها ونتذكرها وتتردد كل يوم، عبر بعض وسائل الإعلام، حيث يتم فيها قلب الحقائق وتزويرها، والتقاط الصور المناسبة والداعمة لما يعمله أو يمارسه القوي أو يقوله أو يحرض عليه ويدعمه، ويمكننا أن نشير إلى ما يفعله أو يتبجح به بعض الساسة الغربيين في تلك الوسائل، من خطب وكلمات موجهة ومفتعلة، حول ما لهم وما عليهم، ترتكز في جُلها على معيارين أو لنقل كما تقول وسائل الإعلام: (يكيلون بمكيالين) مزيفين ومختلفين، كما يفعلون عندما لا يلقون بالاً إذا أرادوا، لحقوق الإنسان..!
نعم، يبني كثير من الساسة الغربيين أفكارهم، على أكاذيب ملفقة، يتبنونها، وتدعمها مجالس شيوخهم ووسائل الإعلام الموجهة، ومن يختارونه لترويجها، بناء على توجه مصالحهم، خاصة إذا ما تتعلق بإرادتهم، وأحياناً، فيوهمون به الرأي العام وما يهمهم .. يراوغون كما تراوغ تلك الوسائل بإرادتها، ويتلاعبون بالكلمات، ويروجون عبر برامج مخصصة لأفكارهم، ويسوقون لأفكار تشعرنا بأسطوريتها، محاولين إيهام الناس بها، تتطابق أو تلائم غالباً، توجه قادتهم وما يروجون له.
تجاهلهم، وعدم الخوض فيما يقولون، وبناء الذات والتركيز عليها، كما نعتقد، أفضل وسيلة للدفاع عن أنفسنا ضد أفكارهم ، وإشعارهم بأهميتهم!
من خلال ما نسمع ونرى، تذكرنا المبادئ الغربية التي أوهمونا بها خلال عقود، بالعصر الجاهلي، قبل صدر الإسلام، كان الجاهليون يصنعون الأصنام من التمر، فإذا ما جاعوا أكلوها .. وهذا ما يفعله الغربيون اليوم بمبادئهم ..!
وللتأكيد، وحتى لا نذهب بعيداً في تحليلاتنا، تُذكرنا مواقف بعض الساسة ووسائل الإعلام في كل مرة، بقول الشاعر العربي الذي قال:
قتل امرئ في غابة
جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن
مسألة فيها نظر
والحق للقوة لا
يعطاه إلا من ظفر
ذي حالة الدنيا فكن
من شرها على حذر!!
نختم ونقول: نعم. . تتحكم رؤية بعض دول الغرب السياسية ومصالحهم فيما نتصوره، بالصراع الذي تأسست عليه حضارتهم المادية النفعية، لكنها بعيدة عن الالتزام بما كنا نعتقده عنهم، من مبادئ وقيم..!