array(1) { [0]=> object(stdClass)#13906 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 208

معضلة المخيمات في سوريا والمهجرين من ريف دمشق وحمص وحماة المسألة الأكثر إلحاحا للقيادة الجديدة

السبت، 29 آذار/مارس 2025

قبل عملية ردع العدوان التي أطلقتها هيئة تحرير الشام في 27 نوفمبر الماضي ضد النظام السوري البائد، تحولت الأزمة السورية إلى مشكلة إنسانية بحتة وقضية التعامل مع اللاجئين السوريين في أوروبا وتركيا على وجه التحديد التي باتت فيها قضية لجوء السوريين مسألة سياسية في الأروقة التركية.

تحولت العديد من المشاريع الأوروبية الإنسانية إلى مفهوم "ردع اللاجئين" من سورية، بل العديد من الدول الغربية بدأت تقترح نقل مشاريع التعافي المبكر إلى مناطق سيطرة النظام السوري السابق، من أجل معالجة أسباب الهجرة من سورية نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية قبل عملية ردع العدوان في 27 نوفمبر.

خلال 2023م، خفض برنامج الغذاء العالمي المساعدات التي يقدمها للمواطنين المحتاجين في شمال غرب سوريا، الذين نزحوا من قراهم وبلداتهم، بمقدار 70%، وفي مطلع 2024م، بدأ البرنامج بتخفيض مخصصات شمال سوريا بنسبة 50%، وكان نتيجة هذا القرار أن واجهت المخيمات في الشمال السوري أزمة كارثية على المستوى المعيشي.

في السابع عشر من ديسمبر قدّرت الأمم المتحدة، أن مليون لاجئ سوري قد يعودون إلى بلدهم في النصف الأول من العام المقبل، بعد إسقاط النظام السوري السابق، وفي الوقت ذاته خصص الاتحاد الأوروبي ما يقارب مليار يورو من أجل اللاجئين السوريين في تركيا.

وقالت مديرة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ريما جاموس إمسيس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، "نتوقع الآن رؤية حوالي مليون سوري يعودون بين يناير ويونيو من العام المقبل.

بعد أربعة أشهر من سقوط النظام السوري، تشير الأرقام التركية إلى أن عدد اللاجئين السوريين العائدين من تركيا إلى الأراضي السورية لم يتجاوز 100 ألف لاجئ، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بعدد اللاجئين السوريين في تركيا الذي يصل إلى 3 ملايين لاجئ (تحت قانون الحماية المؤقتة)، وعدد ضئيل مقارنة بالتوقعات بعودة واسعة للاجئين إلى سورية.

تعتبر عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا مسألة معقدة جدًا مقارنة بالتحول الكبير الذي تشهده سورية بعد 8 ديسمبر، ولهذه المسألة شقان؛ الأول عودة اللاجئين من الخارج إلى سوريا وعودة أهالي المخيمات في الشمال السوري إلى ديارهم، ولعل النقاش الأكثر أهمية الآن هو عودة اللاجئين السوريين من الدول الأوروبية وتركيا والتحدي الثاني عودة اللاجئين في الداخل السوري إلى ديارهم.

وفي تقدير أولي لإحصائيات السوريين العائدين من دول الجوار، قال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مازن علوش في تصريح لوسائل إعلام دولية إن عدد اللاجئين السوريين العائدين من تركيا بلغ بعد شهرين من سقوط النظام 100 ألف وتسعمائة شخص، بينما عاد من لبنان 627 ألف سوري، ومن العراق ما يقارب 5 آلاف وأربعمائة سوري، ولم تسجل أية عودة للاجئين السوريين في أوروبا، وهو الأمر الذي ما يزال يشكل هاجسًا للدول الأوروبية التي تحولت مشكلة اللاجئين بالنسبة إليها إلى مسألة سياسية اقتصادية مركبة، إلا أن قوانينها لا تسمح لها بالضغط على اللاجئين للعودة إلى سورية خصوصًا في ظل المرحلة الانتقالية التي يقودها رئيس الجمهورية أحمد الشرع، وحاجة سورية إلى استقرار سياسي وأمني يسمح لهذه الدول بالدفع نحو عودة اللاجئين.

ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي تجرأت بقرار وقف التعامل مع اللاجئين السوريين الجدد، وهذا ما يبرر الاندفاع الألماني السخي نحو القيادة السورية الجديدة وتقديمها مساعدات مالية بلغت   300 مليون يورو في مؤتمر بروكسل، واشترطت بشكل غير مباشر في هذه المساعدات أن يكون هناك تشاركية سياسية وضمان حماية الأقليات حتى لا تشهد ألمانيا موجة لجوء جديدة نتيجة تعامل الإدارة الجديدة مع الأقليات، بل كانت ألمانيا من أوائل الدول الأوروبية التي أعلنت افتتاح السفارة بشكل رسمي في 23 من مارس الماضي، في محاولة لوقف مسألة اللجوء من سورية إلى بلادها.

وعلى الرغم من أن مسألة اللاجئين السوريين ما تزال قضية حيوية وأساسية في أجندات الدول الغربية وتركيا، إلا أن أيا من هذه الدول لم يبدأ بعملية إعادة اللاجئين إلى سورية نتيجة الظروف الصعبة التي تمر فيها سورية، وعدم قدرة الدولة الجديدة على استيعاب هذه الأرقام المرعبة على الأراضي السورية في ظل غياب أدنى مقومات الحياة من كهرباء ومياه وبنية تحتية بالحد الأدنى التي تمكن هؤلاء من العيش، فضلًا عن غياب فرص العمل في سورية والتأخر في تشكيل الحكومة، وغياب الدعم الدولي، والعقوبات الاقتصادية التي تمنع دول الخليج بالدرجة الأولى من البدء بعمليات إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

الأمر الأكثر صعوبة؛ بالنظر إلى نوعية الأفراد العائدين إلى سورية بعد إسقاط النظام السوري، فإن معظم هذه الفئات من الطبقة الفقيرة التي كانت بالكاد تعيش على المساعدات الإنسانية الدولية، وبالتالي فإن عودة مثل هؤلاء إلى دولة تفتقد للبنية التحتية وفرص العمل أو توفير ملاذ آمن لهم سيكون عبء إضافي، خصوصًا وأن تكلفة الإعمار في سورية حسب خبراء في الاقتصاد تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليار دولار، ما يجعل الحديث الآن عن عودة اللاجئين مسألة ذات أبعاد سلبية على الاقتصاد المدمر وعلى التماسك الاجتماعي في الوقت ذاته، نتيجة غياب فرص العمل والأوضاع الاقتصادية السيئة، يضاف إلى ذلك ما جرى ذكره حول رفع العقوبات الاقتصادية.

وهذا يشكل تحدٍ كبير للإدارة الجديدة في سورية، التي تسعى إلى مغازلة الدول الغربية بإعادة اللاجئين من أجل إرسال تطمينات إلى هذه الدول وإظهار القدرة على استيعاب عودة اللاجئين، وهذا يفرض على الدول الغربية الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية من أجل العمل على رفع العقوبات الاقتصادية، بعد أن رفع الاتحاد الأوروبي في 24 فبراير العقوبات عن قطاع الطاقة والنقل بالإضافة إلى أربعة بنوك لتحفيز الحكومة السورية على العمل من أجل تحقيق البيئة الملائمة لعودة اللاجئين.

في مؤتمر بروكسل الذي انعقد في 17 مارس، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إن الشعب السوري الآن بعد إسقاط النظام هو الذي تتم معاقبته داعيًا إلى رفع العقوبات عن بلاده ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إعادة إعمار سورية، إلا أن القرار الأوروبي ما يزال في هذا المجال مرتبط برفع العقوبات الأمريكية التي تجمد أية تحرك أوروبي حيال سورية.

أما على مستوى اللاجئين في الداخل السوري، فالمسألة لا تقل أهمية عن اللاجئين في الخارج، بل يمكن القول إن معضلة استمرار المخيمات في الشمال السوري بالإضافة إلى المهجرين من ريف دمشق وحمص وحماة هي المسألة الأكثر إلحاحًا بالنسبة للقيادة الجديدة، خصوصًا وأن عوائق اللجوء السياسية والأمنية اختفت لكن ما تزال العوائق المادية والاقتصادية هي التحدي الأكبر لعودة هؤلاء اللاجئين.

يشير تقرير إلى منظمة منسقو الاستجابة في مناطق الشمال السوري إلى أن عدد اللاجئين في المخيمات فقط يصل إلى حوالي 2 مليون لاجئ، وهؤلاء اللاجئين من كافة المناطق السورية الخاضعة (سابقًا) لسلطة نظام الأسد إلا أنه حتى الآن ليس هناك خطة محوكمة من أجل إعادة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، خصوصًا وأن التفاوت الاقتصادي الحالي بين المناطق السورية يحول دون إعادة أقلمة هؤلاء اللاجئين في مناطقهم الأصلية لعدة أسباب:

- الدمار الذي لحق بمنازل هؤلاء اللاجئين.

- تفاوت الأسعار وعدم القدرة على الشراء في مناطقهم الأصلية، بينما يحصل هؤلاء إلى قليل من المساعدات الإنسانية.

- غياب تام لفرص العمل المستقبلية وغموض في مسألة التنمية الاقتصادية.

- توفر الخدمات الأولية الضرورية في هذه المخيمات بالحدود الدنيا التي تفوق مناطقهم المدمرة.

وبالتالي؛ فإن خيارات العودة في المرحلة الحالية غير مطروحة وفق التوقعات والتطلعات المطلوبة، صحيح أن ثمة عودة طوعية ومغادرة المخيمات في الآونة الأخيرة إلا أنها لا تكفي إطلاقًا لإعادة التوزع الديموغرافي للمجتمع السوري.

تفاقم مشكلة اللاجئين في المخيمات بشكل خاص، عدا عن اللاجئين الذي تأقلموا مع واقع الحياة في الشمال السوري، دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة هذه المخيمات لطمأنة اللاجئين بأنهم مازالوا أولية لدى القيادة الجديدة.

وخلال الزيارة الأولى خارج دمشق التي أجراها الشرع، قال أمام مجموعة من اللاجئين إننا جميعًا سنعمل على هدم هذه المخيمات والعودة إلى الديار إلا أنه وفق قول الشرع يحتاج إلى عملية تدريجية نظرًا للأوضاع التي تمر بها البلاد".

ليس من عادة الشرع الإيغال بالعودة وهذه المرة الأولى التي يعد فيها أهالي المخيمات بالعودة إلى ديارهم وإعادة بناء البيوت المدمرة، وذكر الشرع خلال هذا اللقاء أن الأولوية بالنسبة إلى الحكومة هي مسألة عودة اللاجئين إلى ديارهم.

وعلى الرغم من السعي والرغبة الكبيرة لحكومة الشرع الحالية من حل مسألة اللاجئين على المستوى الداخلي والخارجي، إلا أن التحديات أكبر من قدرة الحكومة السورية على حل مثل هذه المسألة، ونتيجة لمثل هذه التحديات، حتى الآن لم تبدأ الحكومة التركية على سبيل المثال بقرارات ‘عادة اللاجئين إلى سورية نتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية التي تمر بها سورية، لكن الإشكال الكبير الذي سيقع إذا جرت على حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضغوط سياسية من أحزاب المعارضة كما حدث في السنوات السابقة من استغلال ملف اللاجئين السوريين في الصراع السياسي داخل تركيا، عندها ستكون دمشق أول من يعاني من هذه التداعيات، الأمر ذاته ينطبق على الدول الغربية التي تعاني بشكل واضح من تنامي اليمين المتطرف ووصوله إلى السلطة كما حدث في هولندا على سبيل المثال التي أوقفت بدورها قبول لجوء السوريين وربما تتجه بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي بإجراءات إعادة اللاجئين إلى سورية. صحيح أن مثل هذه الخطوة تحتاج إلى وقت طويل وكذلك إلى خط إعانات ومساعدات اقتصادية، لكن لا أحد يضمن استمرار الأوضاع على ما هي عليه بالنسبة لصعود اليمين المتطرف في الدول الأوروبية، وبالتالي على حكومة دمشق أن تضع في الحسبان مثل هذه السيناريوهات.

ماذا عن دور دول الخليج:

مع بداية سقوط النظام السوري، سارع مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية إلى التدخل الإغاثي السريع في سورية وفق ثلاث خطوات؛ الأولى هي تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الشعب السوري، والثانية البدء في عملية التعافي المبكر وتوفير المشاريع الاقتصادية الصغيرة ذات التمويل البسيط من أجل تمكين المجتمعات المحلية، حتى الانتقال إلى المرحلة الثالثة وهي إعادة الإعمار، إلا أن مثل هذه الخطوات تشكل تحديًا كبيرًا لمثل هذه المراكز الإغاثية لسببين رئيسيين:

1-حجم الاحتياجات الإنسانية الكبير للمجتمع السوري في كل المناطق، حيث قدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العام 2023م، أن 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر، وهي نسبة مرعبة على دولة خرجت للتو من حرب استمرت 14 عامًا.

2-ما زالت العقوبات الاقتصادية وعدم دخول سورية في نظام سويفت (للتحويلات البنكية) نتيجة العقوبات يعيق أية عملية تنمية سورية من شأنها أن تعيد تعافي الوضع الاقتصادي في سورية.

وبكل تأكيد فإن استمرار مثل هذه العقوبات، سيكون له تداعيات كبيرة على الوضع السياسي والأمني في سورية، ويعيق بشكل كبير عودة اللاجئين إلى ديارهم ويجعل مشكلة اللجوء قائمة في سورية وفي دول الجوار والدول الأوروبية أيضًا، وتبقى سورية دولة غير مستقرة بوجود مثل هذه العقوبات والفيتو الأمريكي على الدول الراغبة بمساعدة الشعب السوري.

لذلك تسعى الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع إلى إنشاء صندوق تنموي يعمل على دعم الاحتياجات الإنسانية والعمل على مشاريع اقتصادية ذات فاعلية سريعة للشعب السوري، وتقوم الصناديق التنموية في دول الخليج على دعم هذا الصندوق لتخفيف الأعباء على الحكومة السورية، وهذا في الوقت ذاته يتطلب المزيد من الوقت، وتقدم حكومة الشرع على مستوى الحكم الرشيد وتمكين مشاركة كافة فئات المجتمع السوري للمشاركة في هذه الحكومة، وهو مطلب بات إقليمي/ دولي حتى لا تنزلق سورية إلى مساحة سياسية ذات تجاذبات تؤثر على الاستقرار السياسي، بمعنى أن أية تقديم مساعدات للحكومة السورية مرتبطة بمطالب سياسية – وليست شروط- لتتمكن هذه الدول أيضًا من إقناع الولايات المتحدة بضرورة رفع العقوبات عن دمشق وبالتالي التهيئة لاستقرار جزئي يجنب سورية أزمة اقتصادية ذات تداعيات سياسية وأمنية.

قوة الاقتصاديين السوريين في الخارج:

حجم الأموال السورية التي يمتلكها رجال الأعمال السوريين في الخارج تشكل رافعة متوسطة لنمو الاقتصاد السوري، خصوصًا وأن الآلاف من المصانع السورية هربت من سوريا بعد الحرب الدائرة على مدار 14 عامًا، وكان متوقعًا أن تكون مثل هذه الأموال والمصانع جزءًا من العملية التنموية السورية على المدى المتوسط والطويل، إلا أن هذا لم يحدث بعد سقوط النظام السوري. منذ بداية سقوط النظام استقبل الرئيس الشرع العديد من تكتلات رجال الأعمال السوريين من كندا والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وكل هذه اللقاءات اتسمت بالإرادة والجدية من أجل إعادة الاعتبار الاقتصادي لسورية، لكن لم يحدث أي تطور بعد كل هذه اللقاءات مع الرئيس الشرع، ولعل كل الزائرين من رجال الأعمال السوريين، يواجهون التحديات ذاتها؛ عدم وجود بنية تحتية، عدم وجود شكل اقتصادي واضح للبلاد، حكومة غير مفعلة، وكل هذه المبررات في جوهرها سياسي بحت، وتحتاج لقرار سريع من رئيس الجمهورية.

أخيرا؛ يمكن الاستخلاص أن القيادة السورية الجديدة، مكبلة بقيود سياسية واضحة المعالم، والجزء الكبير من هذه الشروط في يد الولايات المتحدة الأمريكية التي حتى الآن لم تعلن موقف واضح يمكن البناء عليه فيما يتعلق بالأوضاع في سورية، حتى وإن حاولت الدول الأوروبية الدفع باتجاه رفع جزئي للعقوبات على سورية إلا أنها لا تكفي لتبدأ القيادة الجديدة بعمليات تنمية اقتصادية تعالج المشكلات المترتبة على مدى عقد ونصف من الحرب، وبالتالي يمكن القول إن سوريا الآن تعيش مرحلة (تحت الصفر)، على المستويات كافة، وهي غير قادرة على التفكير في أي عملية اقتصادية تستعيد القدرات السورية من الخارج وتجلب الاستثمارات الخارجية سواء الخليجية أو الأوروبية، وهذا سيجعل سوريا في بركة الكساد والفوضى وسيكون له على المدى القريب تداعيات إقليمية وداخلية، من شأنها أن تفجر الأوضاع الاجتماعية مرة أخرى وتدخل في مستوى جديد من الصراع والفوضى، خصوصًا وأن الموارد السورية الاقتصادية غير قادرة بالحد الأدنى على تلبية احتياجات السوريين، على عكس العراق الدولة الغنية التي عانت من الحصار على مدى عشر سنوات رغم وجود قانون النفط مقابل الغذاء، إلا أن هذه السنوات كان لها تأثير كبير على انهيار العراق اقتصاديًا من الداخل رغم كل المؤهلات الاقتصادية النفطية.

وبكل تأكيد فإن دولة مثل سوريا، خالية من الموارد الاقتصادية الحقيقية على المستوى النفطي والزراعي والتجاري غير قادرة على الصمود أكثر من عام واحد فقط. لقد كان سقوط الأسد بداية لمرحلة جديدة من سورية لا بد منها لكن أمام استحقاقات التحرير والوعود بدولة جديدة يفرض على القيادة الجديدة منح السوري أكثر من النصر على مستوى تأمين الحدود الدنيا من الحياة.

إن الجذر الحقيقي لعودة اللاجئين السوريين، خصوصًا من هم في الداخل لها أساس اقتصادي ودون تجاوز هذه العقدة على المستويات الإقليمية والدولية مترافقة بآليات وتطمينات سياسية لا يمكن لأي حكومة في سورية أن تقنع الشعب السوري.

وتعتبر خطوة إعادة اللاجئين إلى منازلهم هي التحدي الغائب الحاضر في قائمة المعضلات السورية التي تواجه المرحلة الانتقالية للشرع، وهو تحدٍ لا بد من مواجهته آجلًا أم عاجلًا.

مقالات لنفس الكاتب