array(1) { [0]=> object(stdClass)#13903 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 208

250 مليار دولار حجم التمويل اللازم لإعادة إعمار سوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة

السبت، 29 آذار/مارس 2025

وتعد الحرب في سوريا بين عامي 2011 و2024م، من أكثر النزاعات دموية في العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، فوفقًا لبيانات أوبسالا، حيث أسفر الصراع عن 407 ألف حالة وفاة، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجل في الحرب الأهلية الأفغانية 2006 و ،2021م، وأربعة أضعاف ما كان عليه خلال السنة الأولى من الحرب في أوكرانيا عام 2022م، ورابع أكثر النزاعات فتكا عام 2023م، على أساس 27 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، بعد أوكرانيا (117.2) والصومال (45.5) وميانمار (31.9).

احتلت سوريا المرتبة الأولى بين دول العالم من حيث الوفيات بسبب الصراع المسلح، حيث تم تسجيل حوالي 5600 حالة وفاة مرتبطة بالنزاع في الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2022م، وفي تطور مفاجئ سيطرت قوات هيئة تحرير الشام  في 8 ديسمبر 2024م، على دمشق، منهية 53 عامًا من حكم عائلة الأسد، وثلاثة عشر عامًا من الصراع المسلح، وبمجرد انتهاء الصراع في أي منطقة، ويتحقق السلم والاستقرار السياسي؛ يبدأ  المشهد الاقتصادي في البروز، وتظهر آثار الصراع وانعكاساته على تدهور الأوضاع الاقتصادية، والإنسانية وما لحق بها من تراجع، وعلى حياة البشر، وما لحق بهم من خسائر، وتدهور في مستوى المعيشة والقدرة على كسب العيش.

وفيما يلي نتناول مدى تأثر الاقتصاد السوري بالأوضاع السياسية، وما آلت إليه الأوضاع من نشوب صراع من عام 2011 حتى 2024م، ثم نعرض لأهم النتائج والتداعيات التي تواجه الاقتصاد السوري، والخيارات والسيناريوهات المحتملة للخروج من الوضع الاقتصادي المتأزم وإعادة بناء الاقتصاد.

 

أثر الأوضاع السياسية والصراع المسلح على الوضع الاقتصادي

تسبب الصراع المسلح في سوريا في تقويض النشاط الاقتصادي ومقوماته، وتدمير الأصول الإنتاجية في كافة القطاعات، إضافة إلى ما لحق بالبنية التحتية من تدمير، وتدهور شبكة الاتصالات والطرق، فضلًا عن الخسائر البشرية التي لحقت بقوة العمل، والتهجير القسري للسكان، مما أثر بشكل تلقائي على مستوى النشاط الاقتصادي وعلى ما ينتج من سلع وما يقدم من خدمات؛ وهو ما يشكل في مجموعه الناتج المحلي الإجمالي، الذي تراجع إلى النصف بين عامي 2010 –-2022م، وهو الذي يحدد مستوى المعيشة ومستوى التقدم الاقتصادي.

وفق تقديرات البنك الدولي تراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى 23.62 مليار دولار عام 2022م، وتدنى متوسط دخل ا0لفرد إلى 1051.7 دولار في نفس السنة، مما أسفر عن تراجع تصنيف الاقتصاد السوري إلى مستوى الدول الفقيرة، وجعلها تحتل المرتبة قبل الأخيرة بين الدول العربية، لا يأتي بعدها سوى اليمن وفق التقرير العربي الموحد 2024م.

أثرت الاضطرابات على التجارة الخارجية، حيث انخفضت من 18.4 مليار دولار عام 2010 إلى 1.8مليار عام 2021م، كما تراجعت الواردات من 22.6 ملياردولار إلى 6.5 مليار دولار خلال نفس الفترة، وانخفضت نسبة تغطية الصادرات للواردات بشكل ملحوظ إلى 31.4% عام 2023م.

منذ بداية الحرب الأوكرانية، تدهور الاقتصاد الكلي في ظل استيراد ما يقرب من نصف الكميات المستهلكة من النفط وحوالي ثلث الكميات المستهلكة من الحبوب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وإضعاف الوضع المالي، وارتفاع تكاليف السلع الأساسية، وبلغت معدلات التضخم 116.2% عام 2023م، مقارنة بمعدل 102.4% في العام السابق، وعلى المستوى النقدي انخفضت قيمة الليرة السورية بنسبة 141% مقابل الدولار الأمريكي في عام 2023م،

وتزايدت الفجوة بين الادخار والاستثمار بشكل كبير، مما أضعف القدرة على الاستثمار وزيادة الانتاج بالتالي وزاد من حاجة البلاد للاستثمارات الأجنبية التي لا يمكن التعويل عليها في ظروف عدم الاستقرار السياسي.

وعلى مستوى رأس المال البشري، تدنت معدلات القيد الإجمالية في مراحل التعليم المختلفة، وسجلت بيانات البنك الدولي أقل من 75% بالنسبة للتعليم الأولي، وأقل من 40% للمرحلة الثانوية، ونحو 42 % للتعليم الجامعي، وتجاوز معدل التسرب من التعليم عمومًا 20.5 % عام 2022م، حيث تتسرب الفتيات السوريات من المدارس للزواج في سن مبكر، ويتسرب الفتيان لتحقيق دخل إضافي للمساعدة في إبقاء أسرهم على قيد الحياة. 

تداعيات الأوضاع السياسية والصراع على مستوى معيشة السكان

انكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في سوريا بنسبة 1.5% في 2024م، وتراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2، 3.5 عامي 2022، 2023م، على التوالي؛ وطال الفقر 69% من السكان. في عام 2022م، ووصل معدل الفقر المدقع إلى 27%، وحدث تدهور كبير في مستوى معيشة الأسر، ومع استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية تم استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة.

 

أهم مؤشرات الاقتصاد الكلي في سوريا خلال الفترة 2017-2023

2023

2022

2021

2020

2019

2018

2017

بيان

-3.2

-3.5

-2.9

-3.9

1.2

1.4

-         0.7

نمو النتاج المحلى الإجمالي

44

70.1

118.8

114.2

13.4

1

18

معدل التضخم

8.2

8.4

8.6

8.4

8.1

8.3

8.9

عجز الموازنة % الناتج المحلي

              

تسبب التراجع الحاد في  الدخل القومي في تدني متوسط دخل الفرد، ومن ثم تراجع مركز الاقتصاد السوري الذي كان يصنف ضمن الدول متوسطة الدخل  قبل بدء الصراع 2010 إلى فئة الدول الفقيرة منذ عام 2018م، بإجمالي ناتج محلي يبلغ 23.62 مليار دولار، وبنصيب للفرد يبلغ 1051.7 دولار عام 2022م، وأصبحت نسبة الفقراء ( الذين يحصلون على 1.9 دولار في اليوم)، نحو ربع السكان (البنك الدولي)؛ متأثرين بتدهور فرص كسب العيش والاستنزاف التدريجي لقدرات الأسر السورية وإضعاف قدراتهم على التكيف، وتدهور إمكانية الحصول على المأوى، وانعدام فرص كسب العيش، وسوء الخدمات الصحية والتعليم والمياه والصرف الصحي.

في عام 2022م، طال الفقر 14.5مليون سوري من بين 21 مليونًا، أي 69 شخص من بين كل 100 من السكان، وعلى الرغم من عدم وجود الفقر المدقع قبل اندلاع الصراع عام 2011م، فقد أصبح واحد من كل أربعة سوريين يعيشون في فقر مدقع عام 2022م، و بالإضافة للصراع المسلح الذي طال مداه، ازداد  الأمر سوءًا بسبب الآثار المدمرة لزلزال فبراير 2023م، مضافًا عليها الأزمة المالية في لبنان عام 2019م، وتعمق الأزمة الاقتصادية في تركيا وجائحة كورونا، والعواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا وما ارتبط بها من عقوبات؛ ما أدى إلى زيادة تراجع رفاه الأسر السورية طوال سنوات الصراع.

 

إنعدام الأمن الغذائي

كانت إنعكاسات الصراع وعدم الاستقرار شديدة الأثر على الحياة الأسرية وعلى سوق العمل، حيث أصبح الحصول على الغذاء اليومي أمرًا صعب المنال؛ مع تدهور الأجور وارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما دفع بأحوال المعيشة إلى الأسوأ؛ وحققت 15% فقط من مجموع الأسر دخلًا يكفي بالكاد متطلبات المعيشة، وتلبية الاحتياجات الأساسية، بينما إضطرت 50% من الأسر إلى التصرف في بعض الممتلكات والمدخرات السابقة لتلبية احتياجاتهم المعيشية، واجبرت فئات كثيرة خارج قوة العمل على النزول لسوق العمل من النساء وصغار السن وكبارهم والمرضى، مع قبول أي فرصة عمل.

ووفقًا لبرنامج التغذية العالمي فإن قرابة 10 مليون سوري من المقيمين في البلاد يتعرضون لسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي، يونيو(2022م)، ويتعرض 2.5 مليون سوري لمخاطر الوقوع في براثن انعدام الأمن الغذائي، الأمر الذي أصبحت معه سوريا تصنف ضمن أكثر 10 دول تواجه انعدام الأمن الغذائي في العالم، ومن ثم إضطرت الكثير من الأسر إلى خفض مصروفاتها على الاحتياجات الأساسية، أو القيام بأعمال تنطوي على مخاطر عالية أو سوء استغلال، بما فيها الاعتماد على عمالة الأطفال، ونزح أكثر من نصف سكان سوريا داخليًا أو كلاجئين خارج البلاد، ذهب معظمهم إلى البلدان المجاورة، ونتيجة لتدمير رأس المال المادي، والخسائر البشرية، والنزوح القسري، وتفكك قواعد الإنتاج وفرص التشغيل، تراجعت قيمة ما أصبح ينتج من سلع أو يقدم من خدمات في سوريا بأكثر من النصف خلال عقد واحد من الزمن أي بين عامي 2010م.

وتأتي سوريا ضمن قائمة البلدان العشرة الأكثر معاناة من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، بسبب ارتفاع أسعار الوقود عدة مرات، وزيادة انخفاض القوة الشرائية للأسر الفقيرة، وساعد على ذلك ارتفاع أسعار السلع الأولية بسبب الحرب في أوكرانيا وانخفاض إنتاج المحاصيل إلى مستوى قياسي في عام 2021-2022م، بسبب ظروف الجفاف ونقص المستلزمات الزراعية.

الآثار الديموغرافية للصراع في سوريا 

قدر المرصد السوري لحقوق الإنسان إجمالي عدد القتلى من 15 مارس 2011م، حتى 15 مارس 2018 م، بنحو 570 ألف نسمة؛ وقدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا 2018م) قيمة ما لحق بأرصدة البلاد من رأس المال المادي من خسائر بنحو 120 مليار دولار بنهاية 2017م؛ ومن حيث الخسائر في المنتجات من السلع والخدمات (الناتج المحلي الإجمالي) قدرها البنك الدولي بنحو 226 مليار دولار، أي حوالي أربعة أضعاف قيمة الناتج السوري عام 2010م.

وبلغ عدد اللاجئين المسجلين نحو 5.6 مليون لاجيء في البلدان المجاورة، وبإضافة اللاجئين غير المسجلين لكل من مصر ولبنان والأردن تقدر (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 2019م) العدد بأكثر من 7 ملايين لاجيء، وبإضافة نحو 6.3 مليون نازح داخل سوريا يصبح لدينا أكثر من ثلثي عدد السكان البالغ 21 مليون مواطن سوري أجبروا على مغادرة منازلهم، وعلى المستوى العالمي تشكل نسبة اللاجئين السوريين أكثر من 23% من مجموع اللاجئين حول العالم، ونحو 20% من النازحين على مستوى العالم. 

لقد أثر الصراع تأثيرًا كبيرًا على تركيبة السكان من حيث النوع الاجتماعي، حيث تسببت تلك الهجرة الواسعة في عجز كبير في فئة الذكور من الفئة العمرية 20 إلى 40 سنة، في عام 2022م، والتي تمثل عصب فئة السكان في سن العمل وفي قوة العمل، وقد أفاد ما يصل إلى 30 % من الأسر السورية بوجود فرد غائب نتيجة للنزاع، وكان السبب الرئيسي للغياب بين الرجال في سن الذروة هو زيادة عدد الشباب السوري الذكور الذين يغادرون البلاد وأسرهم، يليه الوفيات المرتبطة بالصراع حيث الشباب وقود الحرب،  مما يعكس التأثير المركب للنزاع الذي يضعف القدرات الإنتاجية، ويضع الكثير من المعوقات أمام إعادة التعمير.

 

الاحتمالات والسيناريوهات الممكنة للأوضاع الاقتصادية: استشراف المستقبل

يتوقف استشراف مستقبل الاقتصاد السوري على تطور الوضع السياسي، ومدى ما سيتحقق من سلام ومستواه، خاصة مع تعدد الفصائل وتعدد مناطق النفوذ، وهو ما يفرض عقبات في سبيل حشد موارد البلاد لاستعادة النشاط الاقتصادي، فرغم سيطرة قوى المعارضة على كامل الأراضي السورية، إلا أن مناطق النفوذ تعددت بين مختلف الفصائل المسلحة، ففي الجنوب، تسيطر فصائل الجبهة الجنوبية على المحافظات الجنوبية الثلاث، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، على الرقة والحسكة وريف دير الزور الشرقي وأجزاء من ريف حلب، في غضون ذلك، أحكمت القوات المدعومة من تركيا قبضتها على المناطق الحدودية الشمالية، بينما يسيطر التحالف الذي تقوده هيئة تحرير الشام  على بقية أنحاء البلاد.

ويتوقع عدد ربيع 2024م، من تقرير المرصد الاقتصادي لسوريا (البنك الدولي) أن يستمر الانكماش الاقتصادي، الذي طال أمده، بنسبة 1.5% في عام 2024م، ومن المتوقع أن يبقى الاستهلاك الخاص، وهو محرك عمليات النمو الرئيسية في مثل الحالة السورية، في تراجع مع استمرار تآكل القوة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار، وتدني الدخول. كما يتوقع أن يستمر ضعف الاستثمار الخاص في ظل عدم استقرار الوضع الأمني والضبابية في المشهد الاقتصادي. وعلى مستوى السياسات من المتوقع أن يبقى التضخم مرتفعاً عام 2025م، بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية، واحتمال إجراء مزيد من الخفض في دعم الغذاء والوقود.

قدرت الأمم المتحدة حجم التمويل اللازم لإعادة الإعمار بنحو 250 مليار دولار، وهي مبالغ تفوق ما يمكن أن يقدمه حلفاء سوريا، وتتطلب تقديم دعم قوي من المجتمع الدولي حتى يمكن تشجيع عودة اللاجئين وإعادة إعمار البنية الأساسية وإصلاح السياسات، وإعادة بناء الهياكل الأساسية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والإصلاح المؤسسي بما في ذلك مرافق الأمن وحقوق الملكية والوصول إلى العدالة.

وحتى نتبين سبيل استعادة النشاط والتنمية وإعمار البلاد، تجدر الإشارة إلى تحديد محركات وديناميات التشغيل والإنتاج، بمعنى أن توفير سبل العيش للسكان، وتحسين مستوى المعيشة يقتضي بيئة مواتية للتشغيل والإنتاج، حتى يمكن تحقيق مزيدًا من إنتاج السلع والخدمات بمعدلات زيادة سنوية تفوق معدلات نمو السكان، حتى يرتفع نصيب الفرد من الناتج والدخل.

وتتمثل هذه المحركات في: الموارد الاقتصادية من أراضي ومعادن وموارد مائية وظروف مناخية، ثم الموارد البشرية ممثلة في قوة العمل، ورأس المال البشري، ورأس المال المادي، ثم يأتي بعد ذلك ما يعرف بالإنتاجية الكلية للعناصر، أي توليفة المدخلات من عناصر الإنتاج بما فيها رأس المال المادي من آلات ومعدات وتجهيزات وتقنيات.

ويمكن تبين أهمية هذه المحركات من خلال مساهماتها في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي طوال فترة الصراع الذي ألحق بها أضرارًا كبيرة، حيث يعود ثلثي تراجع معدل النمو طوال سنوات الصراع إلى ما لحق برأس المال المادي من دمار، وساهم نقص قوة العمل بنحو 15%، وما يعرف بالإنتاجية الكلية للعناصر بحوالي 13%، وساهم تدهور رأس المال البشري بحوالي 7%.  وبناء على ذلك يمكن استكشاف الطريق نحو استعادة نمو الناتج المحلي الإجمالي وتحسين مستوى المعيشة، بناء على مستوى التسوية السياسية، والتي ستؤثر بشكل مباشر على محركات التنمية: توفير الأموال اللازمة لإعادة الإعمار، والعودة الطوعية للاجئين، واستعادة معدل نمو رأس المال البشري وتحسين الإنتاجية الكلية للعناصر.

 وتتوقف التوقعات المتعلقة بفاعلية محركات التنمية في مرحلة ما بعد الصراع على السيناريو المتوقع للتسوية السياسية؛ التي تؤثر تأثيرًا مباشرًا على تهيئة المناخ الموات لعمليات التشغيل والإنتاج وإعادة الإعمار، وتفعيل محركات التنمية، والتي تقضي خطة طويلة الأجل تصل إلى 20 عامًا، يمكن تقسيمها إلى خططين عشريتين، أو خطط خمسية، من المتوقع ان تبدأ منتصف العام الحالي 2025-2045م

 ففي ظل السيناريو المعتدل: أي تحقيق تسوية سياسية جزئية مع ضمانات قوية للأمن وإنفاذ القانون وحفظ حقوق الملكية، أي بافتراض حل نهائي ومستقر للنزاع، يمكن توقع تدفق أموال لإعادة الإعمار تصل إلى 140 مليار دولار موزعة على مدى 20 عامًا، ويتوقع معدل نمو لدخل الفرد بنحو 6.1٪، خلال فترة 2025-2045م، بافتراض معامل رأس المال الناتج يساوي 41٪، وفي هذه الحالة يصل متوسط دخل الفرد إلى نفس مستواه عام 2010 عند العام 2039، مما يعني ضمنًا 14 عامًا من الجهد التنموي لتعويض خسائر الصراع.

أما في ظل السيناريو المتفائل: ويقوم على تحقيق تسوية سياسية قوية، ومع الافتراض بأن معامل رأس المال الناتج سيرتفع إلى 61% خلال العقد الأول من خطة التنمية العشرينية (2025-2035)، فإن الوضع سوف يتطلب عقدًا واحدًا من الزمن للوصول بمستوى دخل الفرد إلى ما كان عليه عام 2010.

في ظل السيناريو المتشائم المتمثل في تحقق ضمانات محدودة للأمن الجزئي وإنفاذ القانون وحفظ حقوق الملكية، وانخفاض أموال إعادة الإعمار، وفي ظل معامل رأس المال الناتج إلى مستوى قريب من متوسط ما قبل الصراع (أكثر من 61%)، فسوف يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا إلى مستوى ما قبل الصراع في حوالي ثلاثة عقود.

الخلاصة

لا تتوقف ضريبة عدم الاستقرار السياسيي والصراع المسلح على السلطة، على الخسائر البشرية، وتدمير مقومات الإنتاج (قوة العمل، رأس المال البشري، رأس المال المادي، عناصر البنية التحتية)، وتعطيل عمليات التشغيل والإنتاج، وتدهور مستويات الإنتاج والدخل، وتراجع مستويات المعيشة، بل يضاف إلى هذا الهدر، جهودًا مضاعفة لاستعادة الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه الحال قبل الصراع، والذي يتراوح ما بين عقد من الزمان في أفضل السيناريوهات، وعقدين، في أسوئها، يضاف لها سنوات الصراع ذاتها.

مقالات لنفس الكاتب