array(1) { [0]=> object(stdClass)#13837 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 209

6 أسباب تجعل الصين غير قادرة على العداء مع أمريكا ولن تسمح لها واشنطن بالتفوق

الأربعاء، 30 نيسان/أبريل 2025

لقد قادت التطورات الأخيرة في السياسة الدولية النظام الدولي إلى مفترق طرق. الحرب في أوكرانيا منذ ثلاث سنوات والحرب في غزة وبطء في النمو الاقتصادي العالمي وشلل في أداء الأمم المتحدة وأزمة المناخ والتوترات في بحر جنوب الصين وشبح التصعيد في أزمة تايوان. وهذه ليست المرة الأولى في تاريخ العلاقات الدولية. فقد انتقل النظام الدولي من توازن القوى التقليدي ونظام عصبة الأمم للأمن الجماعي، الذي ساد ما بين الحربين، إلى نظام ثنائي القطب أيديولوجي وموزع على معسكرين تتزعمهما قوتان عظيمتان الولايات لمتحدة والاتحاد السوفيتي. وخلفت الأمم المتحدة نظام عصبة الأمم كهيكل مؤسساتي. وقد ساد الاستقرار العالمي تحت خيمة استراتيجيات الردع النووي المؤكد المتبادل. ولم تنهار قوائم هذا النظام بالنزاعات والحروب في الأقاليم كالحرب الكورية وحروب الشرق الأوسط.

وفي مطلع السبعينات لاحت بوادر التحول في النظام الدولي على صعيد هيكل القوة. فقد انفرط عقد المعسكر الاشتراكي بالتناحر السوفيتي الصيني ثم المواجهة والتنافس على القيادة والدور. فتشكل نظام ثلاثي القوى من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والصين. ووقع التنافس بين الثلاثة. ولم تكن الصين ذات قدرات ليكون لها دورها العالمي، بل ظل النظام العالمي يدار عالميًا على منطق وأسس القطبية الثنائية. ولكن تيسرت هوامش للسياسة الأمريكية ما كان لها أن تنعم بها من قبل بزوغ الثلاثية، فقد أجادت واشنطن في استغلال النفور بين موسكو وبكين فجذبت كل واحدة منهما إلى ضفتها بالاقتراب الحذر من العاصمة الأخرى وهكذا ظلت تناور لمصلحتها دون كلفة باهظة، إذ كان عليها أن تسددها لكل طرف في عملية التفاوض والمساومة. وقد أعان ذلك على انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام الشمالية وعقد اتفاقيات الحد من التسلح مع الاتحاد السوفيتي.

الولوج إلى عالم جديد

ومع نهاية القرن العشرين انهار النظام العالمي الثنائي مع نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي وانحسر دور روسيا لوهن قدراتها الاقتصادية ولم يبق له سوى القدرة النووية. وواجهت الطروحات عند مدارس النظرية في العلاقات الدولية من الواقعية والواقعية الدفاعية والواقعية الهجومية والليبرالية والبنيوية بشأن مستقبل النظام الدولي. فمنهم من ذهب إلى أبعد التكهنات حتى كاد يجزم أن الأمر قد حسم نهائيًا في الجدل في مكنون النظام الدولي، بل إن التاريخ العالمي للعلاقات الدولية قد انتهى حتمًا بأن يستقر عند نظام واحد هو الليبرالية الغربية الرأسمالية وحجة ذلك أن القطبية الثنائية كانت طارئة لانها اعتمدت على الركن النووي في استراتيجيات الردع النووي المؤكد. أما من حيث الأركان القيمية والأخلاقية فالعقيدة الليبرالية هي الأسمى والأصدق والأرجح. وقد اختزل فوكاياما هذا الحدس بقصار الكلم: نهاية التاريخ.

ولم يرق لدارسين آخرين مثل هذا الجزم القاطع والحكم النهائي، بل آثروا التأويل. ومع ذلك، كانت هذه المواقف ملاحظات أكاديمية أكثر منها مرشدرات لتدبر السياسة الدولية بعد أفول القطبية الثنائية ونهاية الحرب الباردة وانزواء روسيا. فلقد وقع فراغ قوة لا مثيل له في التاريخ الحديث للعلاقات الدولية. فحتى في نهاية الحرب العالمية الأولى لم يقع فراغ في القوة عالميًا.

وشاع الجدل في الخطاب السياسي والإعلامي توجه لحشد الدول والشعوب لتقف مع ووراء القوة العظمى الوحيدة المنتصرة. وزُين المستقبلُ بأنه سيعم فيه الاستقرار والسلام والأمن والرفاهية. إنه عالم أحادي القطب. وغال الخطاب السياسي لادراة بوش في الامتداح وتلميع صورة النظام الجديد القادم الذي تقوده دولة الديمقراطية وذات الخصائل الفريدة التي لا تضاهيها فيها قوة أخرى في العالم في تأريخها النزيه من الكولنيالية والاستعمار. وفي دستورها ونظامها السياسي وفي دورها في إدارة العالم.

وسرعان ما تبدد هذا الحلم. فقد اتخذت الولايات المتحدة من الحرب في الخليج العربي آلية لتثبيت تسيدها. واحكمت قبضتها على أهم إقليم جيوبليتيكي وجيواقتصادي في العالم. ثم جاءت الحرب في يوغسلافيا وتم تفكيكها. وتوسع حلف "الناتو " في وسط وشرق أوروبا وبهذا تكون الولايات المتحدة قد هيمنت في أوروبا وأقصت روسيا. وكانت روسيا تقترب من الولايات المتحدة في اتجاه الانخراط مع الغرب. ثم سعت الولايات المتحدة لدور قيادي في آسيا الوسطى. واغتنمت الحرب على الإرهاب فرصة لبلوغ ذلك عالميًا.

وعثرت لها على مناسبة أخرى لكي تحكم قبضتها على النظام الدولي. فقد اتخذت من الحرب على الإرهاب وغزو أفغانستان أداة لقيادة عالمية تمتثل لها روسيا والصين والاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم، ذلك أن إدارة بوش الابن وجوقة المحافظين الجدد شنوا حملة عالمية تحت عنوان "الحرب العالمية على الإرهاب". وجندوا لها الدول تحت الوعيد بأن "من ليس معنا فهو َعدو لنا". وتبنت استراتيجية ما كان لدولة عظمى أن تتخذها عقيدة أمنها فحواها " الحرب الاستباقية" والتي تجيز الولايات المتحدة لنفسها شن الحرب حيثما تشاء ومتى ترى ولأي سبب تعده تحديًا لها. وأوغلت في الانفلات من قيود أي قوة أخرى، بل ومن الأمم المتحدة التي سخرتها منصة لسياستها في التسيد. وشنت حربًا من طرف واحد على العراق لأسباب واهية وغير حقيقية. ووعدت بأنها سوف تعاقب بتغيير النظام في كل دولة أو نظام يتحداها.

أفول القطبية الأحادية وتبديل القيادة للتعددية

لقد اعترض سياسة الولايات المتحدة لبسط وتأكيد النظام الدولي أحادي القطب عقبات سياسية واقتصادية وتطورات في السياسة الدولية. ففي السياسة الأمريكية جرى جدل حول جدوى القطبية الأحادية وكلفتها وجاءت ملاحظات بأن الأمر لن يستقيم لتسيد الولايات المتحدة فثمة صراعات كبرى على صعيد الحضارات لا يمكن للولايات المتحدة أن تروضها بيسر وتطمئن لامتثالها للطراز الأمريكي. وليس من المنطق الحكم المسبق بأن الغلبة للطراز الأمريكي -الغربي. ومن جهة أخرى، عارضت قوى دولية انفراد الولايات المتحدة. وكان في المقدمة الصين وروسيا ودول كبرى إقليمية في آسيا كالهند وفي أمريكا اللاتينية مثل البرازيل وفي إفريقيا مثل جنوب إفريقيا.

فالصين كانت قد قطعت شوطًا في تنميتها الاقتصادية ونشأت لها مصالح اقتصادية في الاقتصاد العالمي وفي الأقاليم ذات الموارد الطبيعية كالطاقة والأسواق. ورأت أنها لن تبلغ أهدافها الاتستراتيجية الوطنية في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة ونظام دولي تملي عليه شروطها ومعاييرها وقيمها. ورفعت الصين صوت الاحتجاج بالخطاب الدبلوماسي وبحذر شديد. وروسيا هي الأخرى استعادت عافيتها الاقتصادية بعد فترة التراجع في عهد إدارة يلتسن.  ونشطت السياسة والحضور الروسي في السياسات الإقليمية والدولية، وعثرت لها على أطراف دولية تعارض الهيمنة الأمريكية من خلال نظام دولي أحادي القطب. فتعاونت روسيا والصين على تحجيم النفوذ والدور الأمريكي في آسيا الوسطى وجعلها غارقة في مستنقع الحرب في افعانستان. وتعاونتا مع إيران في الحد من نفوذ ها في الشرق الأوسط. واصطف مع القوتين الكبيرتين قوى إقليمية كبرى أخرى كالهند والبرازيل وجنوب افريقيا فتبلور تكتل غير أمنى وعسكري، بل سياسي اقتصادي يدعو إلى نبذ الأحادية والهيمنة والعلوية الأمريكية وضرورة احياء وتفعيل دور الأمم المتحدة والقانون الدولي ليكون هناك نظام دولي عادل فيه المساواة والديمقراطية الاقتصادية والمشاركة في مصير مشترك وتنمية مشتركة لمجتمع دولي.

وراج في الفكر النظري الأمريكي للسياسة الدولية بديل للأحادية القطبية هو القيادة والريادة لنظام دولي متعدد الأطراف.  والسبب في ذلك أن القطبية الأحادية باتت منبوذة فكريًا وقيميًا وطرازًا. فقد نفرت حضارات وطرز أخرى من التعايش والتعشيق مع الطراز الأمريكي، بل أن التأكيد على الأحادية الأمريكية رسخ القيم والمعايير عند الأطراف الأخرى وعزز الوقوف ضد النموذج الأمريكي. ومن الناحية الثانية أن القوة الصلبة الأمريكية لا قدرة لها على الانتشار في كل البقاع. فالقوة الصلبة كلما انتشرت أصبحت ظلية التأثير والنفوذ ومنكشفة أمام الخصوم.

فجاء البديل للنظام الأحادي القطبية بصورة تعددية ذات مؤسسية ليبرالية واقتصاد عولمة وربط اتصالات ومواصلات وتعاون طوعي. وأن تكون الولايات المتحدة هي الرائد والقائد منتفعة من ذخيرة قوتها الصلبة ومفعلة رصيد قوتها الناعمة. ومثلما أن لأمريكا القدرة العسكرية التي لا يمكن لقوة أن تقف في وجهها، فإن لديها أجندة قوة ناعمة لا تضاهيها قوة أخرى والمراد بذلك القوى البازغة في آسيا وفي صدارتها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. ولم يكن سحر وفعل القوة الناعمة من التأثير ليؤمن لأمريكا دورها القيادي. فقد بزغت قوى أخرى لها قدرات القوة الصلبة وتاثير القوة الناعمة، وإن لم يكن بمقاييس الولايات المتحدة، لكنه مع ذلك يقيد نفوذها في القيادة في كثير من المجالات والقضايا والأقاليم. والصين هي المرشح لمنافسة الولايات المتحدة على الدور.

من القيادة التعددية إلى ثنائية القوة

لم يدم الحذر الصيني طويلًا في الانزواء والتفاعل مع القوى الأخرى في السياسة الدولية وكان ذلك ضرورة استراتيجية حتى تقف الصين على قدميها. وبدت ملامح السياسة التأكيدية "الهجومية – الدفاعية" الصينية تظهر في سلوكها في السياسة الخارجية وفي مواقفها في مجلس الأمن في الاحتجاج على سياسة الولايات المتحدة وتكرار اللجوء إلى حق النقض والاصطفاف مع روسيا. وعلى المستوى الاقتصادية فقد ترتب على نهوضها التنموي مصالح لها في الاقتصاد العالمي وفي المناطق الاقتصادية ذات الموارد كالطاقة. وأصبح مصير التنمية الاقتصادية الصينية رهين البيئة الأمنية في العالم والأقاليم. ولم يعد من مصلحة الصين أن تودع الأمن على الممرات المائية للتجارة الدولية حكرًا على دور الولايات المتحدة فيه. ويجري جدل في السياسة الصينية تعلو فيه أصوات التوجه القومي والمطالبة بوحدة التراب والحقوق الإقليمية في بحري جنوب وشرق الصين.

لقد اعتلت الصين بفضل استراتيجية التنمية الاقتصادية السلمية منزلة القوة الثانية العظمى في الثقل الاقتصادي وتعاظم القدرات العسكرية والتقدم التكنولوجي والعلمي والأكثر من هذا أخذ المبادرة والإقدام والاستعداد للتحدي. وأصبح النظام الدولي أمام مفترق طرق. نظام دولي متعدد الأطراف وفي المنزلة الأولى قوتان.

الجدل في المشاهد المحتملة

إما التعايش وإما التنافس والعداء والخصام. واستبعاد التعايش. إن التعايش من مصلحة الصين. ولكنه ليس بين يديها كل الوسائل لتجعله خيارًا مقبولًا عند الولايات المتحدة.  أولاً، إن الصين قوة صاعدة تتخطى في نموها القوى الأخرى وتكاد تقتبرب من القدرات الشاملة للولايات المتحدة. ثانياً، إن الصين قد تخطت الولايات المتحدة في بعض مجالات القوة وإن اقتصادها ينمو رغم بطئه أسرع من الولايات المتحدة. ثالثاً، لقد رست السياسة الأمريكية عند التنافس ووصفته بأنه " تهديد" استراتيجي وله الأولوية في المواجهة. رابعاً، لا تتردد الولايات المتحدة في اتخاذ الاستراتيجيات السياسية-الدبلوماسية ـ الاقتصادية والأمنية-العسكرية في ردع الصين وتكبيل مسيرتها. خامساً، تراهن الولايات المتحدة على قدرتها في دحر الاتحاد السوفيتي وتراهن على جدواه في التصدي للصين. سادساُ، إن سن تاريخ تنافس القوى لا يُطعن فيه، فكل قوة صاعدة تصدها القوة المسيطرة.

توازن معقد ومركب بين قطبين

الراجح أن يسود نظام دولي متعدد القوى في حالة توازن معقدة ومركبة. وتتأثر الحالة بالتطورات الداخلية لكل من الركنين الأساسيين والولايات المتحدة والصين، ومواقف القوى الأساسية الأخرى من التنافس بين العملاقين، والقضايا التي يقع عليها التنافس. فالصراع على بحر جنوب الصين ليس كالذي على الشرق الأوسط. وقضية تايوان لا مساومة عليها. وتدرك الولايات المتحدة أن الصين لن تذهب بقدميها إلى فخ حرب باردة لسباق التسلح كما وقع للاتحاد السوفيتي فأصابه الإرهاق. وكان من أسباب انهياره.

إن التوازن سيكون فيه تكرار حالات أخذ المبادرة من القوتين في التحرك في هوامش لها فيها اليد العليا وفي الوقت نفسه لا يخرج الطرف الآخر منها بحسابات معادلة صفرية. وتكون المبادرات إقليمية أو عالمية اقتصادية أو سياسية أو عسكرية -أمنية أو من مزيج منها. ويصبح من مصلحة الموازن أن يتكيّف مع الحالة. صحيح ان للولايات المتحدة بيئات ومناسبات أكثر من الصين ذات هوامش فعل ودور انفرادي، ولكن هناك مساحات كذلك قد يتعايش معها الطرفان.

ولا يستبعد أن تكون الحالة مضطربة ولا تحكمها قوانين التوازن، ولكن ذلك يكون نادرًا، لأن استمرار الاضطراب قد يؤول إلى فقدان السيطرة على عملية التوازن، وينزلق الطرفان في دوامة التصعيد ليقتربان أكثر فأكثر من سقفه النووي.

درس حرب أوكرانيا وحرب غزة

لقد كانت الولايات المتحدة صاحبة هوامش سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية ومستقبلية في حرب أوكرانيا ليس للصين نظيرها لذلك تنفرد في التحكم بالتوازن. إن أوكرانيا ليست مصلحة استراتيجية للصين. وليس لها هوامش فيها سوى المناداة بالحل السلمي. لكن الصين ليست في حالة صفرية. فقد لاذت إليها روسيا ليتعزز الموقف الصيني في حالة التوازن الشاملة. إن العلاقات بينهما أعمق من ائتلاف وأقل من تحالف. إنها علاقات ذات تاثير كبير على التوازن الثنائي. وهذه أفدح خسارة استراتيجية للولايات المتحدة

وتسعى الولايات المتحدة لتصحيح حالة التوازن ليس بانتصارها في أوكرانيا بل بجذب روسيا بعيدًا عن ضفة الصين. إن مناورات إدارة ترامب لها هذا الهدف الكبير. إن غرض الولايات المتحدة حرمان الصين من مناصرين لها وأكثرهم به حاجة للصين هي روسيا لذا فهي الأكثر قربًا من الصين. وإن التعاون بينهما يقيد خيارات أمريكا في التوازن مع الصين أكثر من التعاون بين الصين والهند او سواها من قوى "بركس". لقد حسبت واشنطن أن هامشها في أوكرانيا لا قيد عليه، لكن هذا لم يتحقق.

وللصين هوامش سياسية واقتصادية لحركتها في إطار التوازن. لقد أفلحت الصين في التحرك في هامش العلاقات العربية -الإيرانية بعدما أخفقت أمريكا في ذلك. إن الوفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران بفضل دبلوماسية صينية مهدت لها مبادراتها في هوامش العلاقات الاقتصادية في نطاق يمثل نجاحًا للصين دون جعل أمريكا في علاقة صفرية. فالولايات المتحدة ما تزال هي القوة المهيمنة في الشرق الأوسط.

لقد انعكست حالة التوازن المعقد -المركب لنظام متعدد الأطراف تقوده قوتان "" G2 في أوضح صورها المتجلية بالدور القيادي في الهوامش في الحرب على غزة. إن التوازن على الأفق العالمي لم يفقد حالة الاستقرار في الحرب على غزة على العكس من تلك التي في أوكرانيا. وقد ترتب على ذلك. أولاُ، المطالبات الدولية في تسوية أكرانيا. ثانيًا، تزايد الخسائر والأضرار على اقتصادات الدول الصناعية والاقتصاد العالمي. ثالثًا، الخشية من الاقتراب من السقف النووي في المواجهة الحربية. رابعًا، تحول الحرب الخاطفة على حرب استنزاف.

إن الحرب في غزة ليس فيها من خصائص الحرب في أوكرانيا سوى الاستغاثة الإنسانية والتي تعتمها فنون الإعلام والاتصالات. وكما يبدو فإن الانفراد الأمريكي-الإسرائيلي في الهامش سوف لن يعترض سبيله موازن أساسي أو متحالف معه. صحيح أن الصين لم تنخرط عسكريًا في جانب روسيا إلا إنها الرئة الاقتصادية لها وتتعطاف وتتفهم موقف الكرملن. وهذه أكثر أهمية فروسيا لا يشح لديها السلاح.

  • إن الحركة في الهوامش في حالة التوازن المعقد المركب من تعددية قطبية وقوتين لا تعني الاستقلالية والانفراد في كل الهوامش. إن الصين لديها حنين ومصلحة في التحرك في هامش بحر جنوب الصين لكن القيود ما تزال صارمة. والصين تتحين الفرصة المناسبة. أما في غزة فلا يصح الجدل بأن هناك مكبلات على الحركة الأمريكية-الإسرائيلية سيان على الصعيد الإقليمي أو الدولي. فالقدرة العربية ونظام دفاعها الجماعي معطلة أو مشلولة أو يتغاضى عنها، ويتباين الإدراك للحالة عند القيادات السياسية وبدوره المواقف من الحرب في غزة. كما إن الموازن الإقليمي غير العربي لا يرى من مصلحة له في التورط. وقد خفت صوت الاحتجاج في المجتمع الدولي.

-      إن الهامش لحركة السياسة الأمريكية-الإسرائيلية لا يُحدد سقفها سواهما.

-     وإن القوى الإقليمية قد خسرت مواقعها في عملية التوازنات الفرعية.

-      وإن مقومات التوازن الأساسية العسكرية والاقتصادية قد ضعفت.

-      ولن ينخرط أو يتورط طرف من القوى الأساسية في تسوية القضية.

-       ولن يشفع بعد الآن الرهان على نظام توازن القوى كذاك الذي ألفناه في الحرب الباردة.

مقالات لنفس الكاتب