أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، أن إعادة تنظيم التعريفات الجمركية على كندا والمكسيك والصين ستكون بين أولوياته.
في 2 أبريل 2025م، قرر تفعيل هذه السياسات من خلال فرض رسوم جمركية جديدة تحت مسمى "رسوم يوم التحرير". الفارق هذه المرة كان توسيع رقعة الاستهداف الجمركي لتشمل عشرات الدول. ورغم أن الرئيس الأمريكي يردد أن هذه الخطوة تهدف إلى مواجهة العجز التجاري للولايات المتحدة مع جيرانها، ولمعالجة التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين، وإلى أنها " ليست خطوة سياسية أو عقابية، بل هي ببساطة أداة اقتصادية لضمان تجارة عادلة بين الولايات المتحدة وبقية دول العالم "، فالواقع يقول أن معادلة ترامب الاقتصادية الجديدة " إذا كنا نحمي بعض البلدان، فيجب أن نمتلكها " ذهبت باتجاه آخر مقلق ومحير على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
واكب خطوة تفعيل هذه القرارات وتجميدها لاحقًا لمدة 90 يومًا، فوضى تجارية أتت بثقلها على الأسواق، وتسببت بتدهور حركة القطاع المصرفي والطاقة وظهور حالة من الانكماش التجاري والتسبب بخضات حادة في الأسواق المالية، وما وصف لاحقًا " بدوامة اقتصادية" ألقت بظلالها على التوازنات التجارية العالمية القائمة.
وبذلك يكون ترامب قد أقحم بلاده في مواجهة تجارية عالمية تحت غطاء " أمريكا أولًا ": تصعيد تجاري حاد مع الصين دون وجود أي مؤشر حقيقي حول أن ما يقوم به هو مجرد مناورة جمركية ستدفعه للتراجع خطوة إلى الوراء. ثم تفاعل تداعيات الأزمة التي فجرها لتصل إلى أبواب الحليف والشريك الأوروبي الذي بدأت واشنطن تصنفه على لوائح المنافسين التجاريين.
فإلى أين سيأخذ ترامب أمريكا وهو يدرك جيدًا أن ما يقوم به سيكون له تداعياته لأنه بمثابة سيف ذو حدين؟ وهل تقود هذه الخطوة إلى توتير أكبر في الاصطفافات الأمريكية – الصينية بعد قرارات بكين المضادة وهل تفتح أبواب حرب تجارية أوسع بينهما تتطور إلى صراع سياسي؟ وما هي تداعيات هذه القرارات على دول المنطقة العربية ومن بينها دول شمال إفريقيا خاصة المملكة المغربية؟ وهل يمكن أن تتولد من هذه الأزمة فرصًا أمام دول المنطقة، خاصة على صعيد تكثيف التعاون العربي وتحقيق تكامل عربي وتنسيق دولي فعال؟ وما هي احتمالات بروز فرص استراتيجية جديدة للمنظومة العربية باتجاه جذب المزيد من الاستثمارات، وتوطين لصناعات، والاستفادة من خصوصيات الأسواق العربية لتوسيع نطاق الشراكات الإقليمية والدولية، والتعاون مع دول الجنوب خاصة الصين وروسيا، وتجمع البريكس، ودول منظمة شنغهاي، والآسيان، والدول الأورو متوسطية؟
ارتدادات قرارات ترامب على مصالح أمريكا وعلاقاتها الخارجية.
كان لقرار الرئيس الأمريكي ترامب فرض سلسلة من التعاريف الجمركية الجديدة على الواردات من مختلف دول العالم بما فيها الدول الحليفة، انعكاساته السلبية المبكرة على عشرات الدول والتوازنات الاقتصادية والمالية في الأسواق العالمية. أمام ذلك قرر ترامب " التراجع المؤقت " بانتظار امتصاص ردود الفعل، والتحضير لخطوات قادمة تؤكد ألا تراجع عن المواقف المعلنة، ومعتبرًا أن هذه الرسوم تهدف إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأمريكي وتعزيز الإنتاج المحلي .
هناك شبه إجماع دولي على أن قرارات ترامب برفع التعرفة الجمركية حملت معها مخاطر كبيرة على التجارة الدولية والاقتصاد العالمي، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية على المستهلكين والشركات والدول على حد سواء.
الحصيلة الأولى يتقدمها:
- ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما سيؤثر سلبًا على المستهلكين الأمريكيين والعالميين.
- تضخم في الأسعار، خصوصًا بالنسبة للسلع التي تعتمد عليها الصناعات المحلية في الولايات المتحدة.
- حرب تجارية وتوترات دولية والرد بفرض رسوم جمركية مماثلة على السلع الأمريكية. - توتر العلاقات بين الدول، مما يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والسياسي العالمي.
- تضرر الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية، مما قد يؤدي إلى انخفاض في الأرباح وزيادة في البطالة.
- تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
- دفع العديد من الدول إلى البحث عن بدائل للتعاون التجاري بعيدًا عن الولايات المتحدة الأمريكية.
- زيادة التوترات التجارية وإضعاف التحالفات التقليدية التي بنتها أمريكا في العقود الأخيرة.
ارتداد قرارات ترامب على العلاقات التجارية العربية -الأمريكية
تفاوتت نسب التعريفات الجمركية التي أقرها ترامب على الدول العربية وحيث كان نصيب معظمها 10 % من الضرائب الجمركية، بما يشمل مصر والسودان ولبنان واليمن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والمغرب وموريتانيا وعُمان وجزر القمر.
أما سوريا فجاء نصيبها بنسبة 41 %، والعراق 39 %، والأردن بنسبة 20 %، في حين فرضت 28 %على تونس، و30 %على الجزائر، و31 %على ليبيا.
لذلك تتجه الأنظار نحو كبار خبراء الاقتصاد العرب ومراكز القرار السياسي لدراسة انعكاسات الرسوم الجمركية الإضافية الخطوات التي أقرها ترامب، وسبل التعامل معها بعد تعرّض الأسواق المالية العربية لهزات كبيرة على خلفية هذه القرارات.
نظرة خاطفة على أرقام التبادل التجاري الأمريكي ـ العربي للعام المنصرم والتي قدرت بنحو 141.7 مليار دولار، تقول إن صادرات السلع الأمريكية إلى المنطقة بلغت ما قيمته 80.4 مليار دولار، وبلغ إجمالي واردات السلع الأمريكية من المنطقة 61.3 مليار دولار في عام 2024م. الميزان التجاري يميل لصالح أمريكا. لكن احتمال التحول في الأرقام والمسارات التجارية بين الطرفين كبير جدًا.
فهناك قناعات عربية كثيرة تذهب باتجاه أن قرارات إدارة ترامب الجمركية ستؤدي إلى تأثر العلاقات التجارية والاقتصادية بين أمريكا والدول العربية. وأن تصعيد ترامب الجمركي ينذر بتداعيات متفاوتة ولكن حتمية على اقتصادات الدول العربية، مما يستدعي إعداد خطط المواجهة والبحث عن بدائل وخيارات جديدة.
الشق الإيجابي في قرارات ترامب كما يبدو بالنسبة للعالم العربي هو المساهمة في فتح الآفاق أمام فرص تجارية جديدة، بسبب عملية إعادة التموضع التجاري على خط واشنطن – بكين. وأن الوضع الجديد قد يقود إلى ولادة فرص تجارية أكبر بطابع إقليمي للعديد من الدول العربية.
فرغم أن العلاقات بين السعودية وأمريكا تحمل الطابع الاستراتيجي في أكثر من مجال، إلا أن فرض الرسوم الجمركية على السلع السعودية مثل الألمنيوم والصناعات البتروكيماوية، سيؤدي إلى بحث الرياض عن إتخاذ التدابير البديلة والكفيلة بحماية منتجاتها وأسواقها وتجارتها العالمية، خاصة مع الخطط الطموحة للرؤية السعودية 2030م.
لم تأخذ قرارات ترامب بضرورة مراعاة القواعد والأسس والاتفاقيات المعقودة بين أمريكا والدول العربية، وستتسبب بمراجعة العديد من الاتفاقيات التجارية بين الجانبين، مما قد يفتح الأبواب أمام تفعيل الكثير من الخطوات والمبادرات العربية باتجاه إتخاذ تدابير مشتركة تحمي اقتصاداتها وأسواقها وتجارتها.
فالرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثارت موجة من القلق في أوساط المستثمرين، حول تداعيات هذه الرسوم على اقتصادات وأسواق الخليج والشرق الأوسط، خصوصًا في ظل الترابط القوي مع الأسواق العالمية. كما أن هذه القرارات وبحسب الكثير من الخبراء، سيكون لها انعكاساتها على سوق النفط، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى انخفاض الطلب عليه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وهذا ما سيدفع شركاء أمريكا في الخليج إلى البحث عن أسواق أخرى بديلة.
كل هذه المتغيرات قد تدفع باتجاه ولادة قناعة عربية جديدة حول ضرورة إطلاق سياسات وخطط وبرامج اقتصادية مغايرة تاخذ بعين الاعتبار الحالة التي تسبب بها ترامب.
إرتدادات القرارات الأمريكية على المغرب
وقع المغرب اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة عام 2004م، والتي ساهمت في تمتين الروابط الاقتصادية بين البلدين. كما تعتبر الولايات المتحدة واحدة من أهم شركاء المغرب التجاريين، حيث يصدر المغرب مجموعة من السلع إلى السوق الأمريكي، مثل الفوسفات، الملابس، المنسوجات، والفواكه. لكن الميزان التجاري بين الجانبين يميل لصالح الولايات المتحدة إذ بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى المغرب 5.3 مليار دولار عام 2024م، بزيادة قدرها 37.3 % مقارنة بعام 2023م، بينما بلغ إجمالي الواردات من المغرب 1.9 مليار دولار في 2024م، بزيادة 12.3 % مقارنة مع 2023م.
لعب هذا التقارب دورًا في اختيار الإدارة الأمريكية الجديدة للمغرب بين بعض الدول التي تم اعتماد تفضيلات تجارية معها، على عكس بعض الدول العربية، التي واجهت تحديات متزايدة نتيجة للرسوم الجمركية على بعض الصادرات. إلى جانب ذلك وبالمقارنة مع نسب تفرضها واشنطن على دول آسيوية وغربية تمنح واشنطن السلع المغربية تنافسية هامة في الأسواق الأمريكية. لكن عجز الولايات المتحدة عن منافسة الرد على المستوى العالمي قد يعرض تجارة المغرب ومصالحها الاقتصادية مع أمريكا لمواجهة مكلفة وصعبة.
يرجح البعض تجنب الحديث عن تداعيات سلبية يواجهها المغرب نتيجة سياسة ترامب في زيادة الرسوم الجمركية على العديد من دول العالم، وإبراز أن المؤشرات تذهب باتجاه وجود رغبة أمريكية بعدم تعريض العلاقة مع الرباط لأي اهتزاز أو تدهور بسبب حجم التقارب الأمريكي المغربي على الخارطة الجيوسياسية. لكن هناك من يرى أنه من المستبعد قبول أن المغرب لن يتأثر مثل غيره من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل مباشر بالقرارات الأمريكية، حتى ولو حظيت الرباط بنفاذ تفضيلي إلى السوق الأمريكية أو كان لديها عقود واتفاقيات تجارية استراتيجية البعد مع واشنطن.
تنويع المغرب لمصادره التجارية والاقتصادية ومنظومة العلاقات التي بناها مع الاتحاد الأوروبي والمنظومة الخليجية، هي التي ستوفر له الكثير من فرص التعاون والمشاريع العملاقة الوطنية. سيستفيد المغرب من جذب الاستثمارات الأوروبية والعربية، بفضل الحوافز والمناخ الاستثماري المتاح أمامه. لذلك هو بدأ يبحث منذ اليوم عن خيارات بديلة لزيادة تنويع علاقاته التجارية مع الغرب والشرق بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي.
كما أن رفع مستوى التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين المغرب والدول العربية والتكتل الخليجي تحديدًا، سيوفر له ثقل وازن في الإقليم على المستويات السياسية والاقتصادية خصوصًا بعد عروض قبوله تحت سقف مجلس التعاون الخليجي وتحوله إلى جسر تواصل مع مشروعه التاريخي في بناء الاتحاد المغربي.
فإلى جانب رفع مستوى الاستثمار في المشاريع المحلية لتطوير القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة، الصناعات التكنولوجية، والبنية التحتية، فإن الخيارات والفرص الجديدة امام المغرب يتقدمها تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية من خلال الاتفاقيات التجارية الإقليمية. إلى جانب تقويةعلاقاته الاقتصادية مع الصين، التي تطمح للتمدد التجاري الاستراتيجي في شمال إفريقيا.
العلاقات التفاضلية مع واشنطن لن تحول دون استعداد الرباط لسيناريوهات " الواقع الأمريكي " الجديد الذي يتطلب الجهوزية لمراجعة سياساته الاقتصادية الوطنية وعلاقاته مع العديد من الشركاء، لتفادي إرتدادات مواجهة تجارية بين أمريكا والكثير من الدول التي ستحاول الرد على الضغوطات الأمريكية الأخيرة، خصوصًا وأن المغرب يعمل على تحديث استراتيجيته التجارية للفترة 2025-2026م، مع التركيز على تعزيز التنافسية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتنويع الأسواق.
ارتداد قرارات ترامب على العلاقات الأمريكية – الصينية
أوضح الرئيس الأمريكي قبل تنصيبه أن الصين هي بين كبار الدول المستهدفة من خلال قراراته التجارية الجديدة حول التعريفات الجمركية، باعتبارها المنافس الأهم للولايات المتحدة. ثم شرع في الكشف عن الرسوم العالية التي ستفرض على الصين.
في المقابل، ورغم دعوتها الرئيس ترامب للتراجع عن قراراته، تمسكت بكين بموقفها حول أنها سترد بالمثل على هذه الخطوات التي تستهدف تجارتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
واضح تمامًا على ضوء السياسات الاقتصادية والتجارية التي طبقتها الصين في العقود الثلاثة الأخيرة على مستوى الداخل والخارج أنها كانت تستعد لمواجهة من هذا النوع. رسمت سياسات إنمائية وطنية تقوم على الإدخار الاستراتيجي وتمويل المشاريع العملاقة البعيدة المدى، التي تشمل البنى التحتية التي تسهل لها التمدد والنفوذ التجاري في العديد من المناطق التي تعني " خط الحرير " الجديد أولًا، وتحدي المشروع الأمريكي في بناء نظام عالمي أحادي القطبية بدلًا من روسيا السوفياتية المفككة ثانيًا. الملفت هنا هو اندماج الصين في خطط العولمة وقبول الجلوس أمام طاولة عالمية تفرضها واشنطن على الجميع ودخول المنافسة والمواجهة مع الغرب بالطريقة التي اختارها هو.
من خلال الاستراتيجية الصينية هذه استطاعت بكين تسجيل أكثر من عملية اختراق استراتيجي في ملفات الطاقة والتجارة وإظهار قدرتها على المنافسة والمواجهة رغم الفرق الشاسع في الأرقام بالمقارنة مع اللاعب الأمريكي.
من ناحية أخرى راهنت واشنطن مطولا على اللاعب الهندي كخط دفاع اقتصادي في وجه صعود الصين، وتحول ذلك مع الوقت إلى إحدى الركائز الأساسية للعلاقات الهندية الأمريكية. لكن العديد من المؤشرات السياسية والتجارية التي تظهر تواجد بكين ونيودلهي أمام طاولات إقليمية وعالمية مشتركة تذهب باتجاه مغاير. فبينما نجحت الصين في إنجازه أيضًا خلال معاركها التجارية مع أمريكا، هو التحالفات الضخمة التي بنتها مع الهند في آسيا، ثم الانتقال التدريجي إلى إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، وهي مناطق محسوبة على اللاعب الغربي لعقود طويلة. هل يعني ذلك أن الهند والصين سينجحان في توحيد مصالحهما التجارية؟ الإجابة ستكون عند اللاعب الغربي والأمريكي تحديدًا وقدرته على الإمساك بالهند إلى جانبه، حيث يلوح ترامب برسوم جمركية إضافية لن يفلت أحد منها.
نظرة خاطفة على أرقام التبادل التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين استنادًا إلى بيانات عام 2024م، تظهر أن إجمالي التبادل التجاري وصل إلى 668 مليار دولار، وأن ما يعادل حوالي 160.5 مليار دولار أمريكي هي قيمة الصادرات الصينية لأمريكا مقابل ما يعادل حوالي 510.5 مليار دولار أمريكي من الواردات الأمريكية من الصين.
بمعنى أن أمريكا التي لا تستطيع المنافسة تجاريًا مع بكين تريد تسجيل هذا الاختراق عبر تحقيق أربعة أضعاف المنفعة التي ستحققها الصين من فرضها زيادة في التعرفة على الولايات المتحدة الأمريكية كما يرى البعض. من المستفيد من قرارات ترامب؟
تشير التوقعات الأولية إلى أن المستفيد الأول من قرارات ترامب ينبغي أن يكون الحليف الأوروبي، شريك أمريكا منذ " مشروع مرشال " بعد الحرب العالمية الثانية والذي يستهدف دمج الإقتصاد الأوروبي بالأمريكي تحت سقف تجاري عالمي واحد. فتكتل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوصف بأكبر علاقة تجارية في العالم، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 1.6 تريليون يورو، من السلع والخدمات في عام 2023م، أي ما يقرب من 30 % من حجم التجارة العالمية. لكن تصريحات ترامب حول " إن الاتحاد الأوروبي يعامل واشنطن بقسوة "، مشيراً إلى عجز تجاري أمريكي بقيمة 350 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي، واكبها على الفور قرار فرض تعريفات جمركية بنسبة 20 % على الدول الأوروبية.
بعد أيام من إعلان الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة صدمت العديد من شركاء الولايات المتحدة وهزت الأسواق العالمية، برزت مجموعة من الدول قد تستفيد من السياسات التجارية الأميركية رغم أن خطر الركود الناجم عنها قد يحد من النتائج الإيجابية. وحيث يرى منافسون من بينهم البرازيل والهند وتركيا وكينيا وغيرهم أن هناك جانب إيجابي في تلك السياسات. وزير التجارة التركي عمر بولات مثلًا، وصف الرسوم الجمركية المفروضة على بلاده بأنها "أفضل ما يكون" مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.
خاتمة: النظام التجاري العالمي يعاد تشكيله؟
يتحدث الرئيس الأمريكي عن خلل تجاري غيرعادل ينبغي التعامل معه، مبديًا تفاؤله بأن تؤدي التعريفات الجمركية الجديدة إلى "نهضة" صناعية أمريكية ووقف استغلال البلاد تجارياً. قد يبالغ البعض في وصف التحرك الأمريكي بأنه مقدمة لاشتعال حرب تجارية عالمية شاملة، لكن التقديرات الأولية تشير إلى أن ارتفاع الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح بين 1% و2%. وإلى أن ما يجري قد يتسبب في خلق حالة من عدم اليقين الاقتصادي والتباطؤ في النشاط الصناعي العالمي.
من هنا ينبغي التعامل بجدية مع بعض التحليلات وتقديرات المواقف التي تذهب باتجاه أن نسبة الرسوم الجمركية ضمن السياسات التجارية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا تحمل أبعادًا تجارية فحسب، بل لها أبعاد سياسية وأمنية إقليمية ودولية.
الكثير من التحليلات التي تناولت التداعيات الاقتصادية والتجارية للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على مختلف دول العالم سواء أكانوا خصوماً أم أصدقاء تذهب باتجاه:
- الولايات المتحدة قد تواجه مقاومة دبلوماسية وتجارية كبيرة في الأيام المقبلة، في ظل اتساع فجوة الثقة بين واشنطن وشركائها الاستراتيجيين.
- وأن الخطوة قد تُحفز سلسلة من الحروب التجارية، يساهم في تأجيجها الرد والرد على الرد .
- وإبراز حقيقة جديدة في لعبة التوازنات السياسية والأمنية في العالم بينها أن الكثير من الدول الإفريقية والآسيوية التي كانت تحصل على مزايا اقتصادية أو مساعدات من الولايات المتحدة مقابل الوقوف بجانب الأجندة الأمريكية، ترى اليوم أنها أمام فرصة لتغيير تموضعها السياسي والاقتصادي.
- وأن المظلة الأمنية الأمريكية، سواء التقليدية أم النووية، كانت تشكل أساس العلاقات الأمريكية الآسيوية، وأسهمت في تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة ودول آسيا وأوروبا، لكن قرار فرض رسوم جمركية على الكثير من هذه الدول سيدفعها إلى مراجعة كامل حساباتها من جديد.