array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 140

صفقة القرن: قرارات الأمم المتحدة أصبحت من الماضي بإرادة أمريكا

الخميس، 08 آب/أغسطس 2019

تنص المادة 1-1 من ميثاق الأمم المتحدة"، أن هدف المنظمة " حفظ السلام والأمن الدولي، وتحقيقًا لهذه الغاية تتخذ الهيأة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقًا لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها". ولكن تحقيق الأمن والسلام للدول الكبرى، وواقع الحال ليس لشعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، بل إن عصبة الأمم التي باشرت عملها في يناير 1920م، أقرت صك الانتداب على فلسطين في يوليو 1922م، الصك الذي وضعته بريطانيا في 28 مادة، لتنفيذ وعد بلفور تحت الانتداب البريطاني الذي أقرته عصبة الأمم في الوقت الذي كان عدد العرب الفلسطينيين 90% من السكان ولا يشكل اليهود إلا 10% من سكانها، ولا يملكون إلا 2% من أرض فلسطين.

أعطت عصبة الأمم شرعية لوعد بلفور والهجرة اليهودية، كما أقرت الحماية والوصاية والانتداب على بقية الدول العربية؟ وعندما جاءت هيأة الأمم المتحدة كوريث لعصبة الأمم التي فشلت في منع الحرب العالمية الثانية، كانت هيأة الأمم المتحدة التي وقع ميثاقها عام 1945م، في مدينة سان فرنسيسكو، كارثة على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية فقد أسهمت في تقسيم فلسطين ولم تمنع الحروب التي شنت على الدول العربية، بل أسهمت الهيأة في إعطاء شرعية للحصار والعدوان على بعض الدول العربية كما في العراق وليبيا ولم تنفذ قراراتها حول فلسطين التي بقيت حبرًا على ورق؟

                     هيأة الأمم المتحدة وتقسيم فلسطين 1947

أحالت بريطانيا القضية الفلسطينية إلى هيأة الأمم المتحدة، بعد أن شجعت الهجرة اليهودية، وأسهمت في تأسيس البنية التحتية اليهودية في فلسطين من خلال تسهيل الاستيلاء على الأراضي وبناء القوة العسكرية والتسليح في الوقت التي فرضت القيود على سكان فلسطين العرب ومنعت التسليح وطاردت المجاهدين الفلسطينيين كما حدث في حالة مقاومة عزالدين القسام ومطاردة الانجليز له واستشهاده عام 1935م. وعندما عرضت القضية الفلسطينية على هيأة الأمم، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بتشكيل " لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين" (UNSCOP) في مايو 1947م، وكان مهام اللجنة التحقيق في حالة فلسطين، ووضع التوصيات للجمعية بشأن حل قضية الصراع فيها، وكان عدد أعضاء الأمم المتحدة آنذاك 55 دولة، تضم بعض الدول العربية مثل مصر والعراق والسعودية وسوريا ولبنان، وعندما تشكلت اللجنة الخاصة لم تضم دولة عربية واحدة فيها من الدول العربية الأعضاء في الجمعية، وطالبت الدول العربية في الجمعية، بأن تنهي بريطانيا انتدابها على فلسطين، وأن تمنح فلسطين الاستقلال ولكن هذا الطلب رفض في الجمعية العامة بسبب تأثير الدول الكبرى في الجمعية .

ورغم أغلبية السكان العرب، فقد أوصت اللجنة الخاصة (UNSCOP)، بتقسيم فلسطين إلى دولة عربية وأخرى يهودية، وأن يتنازل العرب عن أراض لليهود وحسب التوصية يعطى العرب45% من مساحة فلسطين وهم سكان البلاد والأغلبية ويعطى اليهود 55%، ورفضت اللجنة الخاصة مبدأ حق تقرير المصير للفلسطينيين، واعتبرت ذلك لا ينطبق على فلسطين من أجل إقامة الدولة اليهودية ، وفي مقابل ذلك قدم الممثلون العرب في الأمم المتحدة اقتراحًا بوحدة فلسطين كاملة ورفض التقسيم وإقامة الدولة الديمقراطية ودستور يضمن الحقوق المدنية والدينية لجميع السكان وانتخاب مجلس تشريعي يضم أعضاء من العرب واليهود ، ولكن اللجنة الخاصة رفضت هذا الاقتراح العربي، كما ترفض إسرائيل اليوم الدولة الديمقراطية الواحدة للعرب واليهود على قدم المساواة وتؤكد عنصرية الدولة اليهودية؟ وحسب تقرير اللجنة الخاصة فإنه مع نهاية عام 1946م، كان العرب يملكون 85% من فلسطين واليهود 5.8% من أراضيها، وأن ثلثي السكان من العرب وثلث من اليهود، وكانت زيادة السكان اليهود بسبب الهجرة اليهودية التي شجعتها بريطانيا، بينما كانت الزيادة السكانية بين العرب زيادة طبيعية.

وعندما سلمت اللجنة الخاصة تقريرها، شكلت الجمعية العامة لجنة أخرى، رفضت ما جاء في تقرير اللجنة الخاصة الذي يتضمن تقسيم فلسطين واعتبرت التقسيم لا يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة، لأنه مجحف في حق الأغلبية من السكان العرب، وأوصت اللجنة بالاعتراف باستقلال فلسطين كدولة ديمقراطية؟ ورغم ذلك، وفي 29 نوفمبر 1947م، طرح التصويت على تقسيم فلسطين الذي قدمته اللجنة الخاصة الأولى، وصدر قرار الجمعية العامة (181)، وأيد التقسيم 33 دولة واعترضت 13 دولة وتغيب 10 دول، وبذلك أسهمت الأمم المتحدة في إنشاء إسرائيل وأعطتها الشرعية الدولية، فهي شريك في مأساة فلسطين؟

           اغتيال إسرائيل للوسيط الدولي "الكونت برنادوت"

وإثر إعلان بريطانيا انسحابها من فلسطين 14 مايو 1948م، أعلن بن غوريون قيام الدولة اليهودية، واعتبر أن قرار الجمعية العامة (181) أعطى شرعية لإعلان الدولة، وقامت منذ بداية عام 1948م، بالتطهير العرقي وطرد السكان العرب من مدنهم وقراهم في فلسطين إلى الدول المجاورة ، ونشبت الحرب، وعلى إثر ذلك أرسلت الأمم المتحدة الكونت برنادوت السويدي في 20 مايو 1948م، وسيطًا لها إلى فلسطين، وحاول برنادوت تعديل خطة التقسيم (قرار181) ، واقترح في 27 يونيو 1948م، تحويل القدس والنقب، ومنطقة بئر السبع حتى حدود مصر إلى الجانب العربي، مقابل منطقة الجليل لإسرائيل، ولكن المنظمات اليهودية التي عرفت بمحتوى التقرير، ويقال أنها اخترقت الفريق الذي يعمل مع برنادوت فقررت اغتياله قبل أن يرفع التقرير، فقامت منظمة شتيرن بقيادة مناحيم بيغن واسحق شامير بعملية الإغتيال في القدس الغربية، 17 سبتمبر 1948م، وتم فيما بعد تمييع التحقيق في اغتياله ، وإطلاق سراح قتلته بعد أسبوع من إلقاء القبض عليهم، لأن الأمين العام للأمم المتحدة ترجفي لي كان مؤيدًا لليهود وتدعمه الدول الكبرى في مجلس الأمن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فهما أول من اعترف بقيام دولة إسرائيل ؟

                   قرار 194 وعودة اللاجئين الفلسطينيين

أصدرت الجمعية العامه قرارها 194 في 11 ديسمبر 1948م، وفقًا لما جاء في تقرير برنادوت بعد التصويت (35 مع و15 ضد و8 ممتنع ) وجاء في الفقرة 11 من القرار، بأن الجمعية العامة" تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقًا لمبادئ القانون الدولي والعدالة "؟, ووفقًا للقرار أنشئت لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة لتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم، وأنشأت الجمعية العامة في ديسمبر 1948م، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى(UNRWA )، ورفضت إسرائيل قرار 194 وعودة اللاجئين الفلسطينيين أو ما يتعلق بالقدس .

قدمت إسرائيل في نوفمبر 1948م، طلبًا للانضمام للأمم المتحدة، ورغم رفضها للقرارات الدولية، ففي مارس 1949م، أوصى مجلس الأمن الدولي، الذي تهيمن عليه الدول الخمس الكبرى، بقبول عضوية إسرائيل للأمم المتحدة؟ دولة صنعتها القرارات الدولية من عصبة الأمم إلى هيأة الأمم المتحدة وتخالف ميثاق الأمم المتحدة وترفض قراراتها وخاصة 194 الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين وتغتال المبعوث الدولي وتقبل عضوًا في هيأة الأمم؟ علمًا أن من شروط الانضمام للعضوية الالتزام بقرارات هيأة الأمم؟

قرارات مجلس الأمن الدولي ورفض إسرائيل 242و 338

كانت تقارير المؤسسات الأمريكية من الخارجية والدفاع والاستخبارات ورئاسة الأركان قد نبهت الرئيس الأمريكي ترومان من خطر قرار التقسيم 181، وأن الشرق الأوسط لن يشهد الاستقرار في حالة إنشاء إسرائيل، ولكن ترومان طلب من مندوب الولايات المتحدة بالتصويت على التقسيم، وتبين صدق المؤسسات فالعالم يشهد الحروب في المنطقة وعدم الاستقرار حتى الآن، كان العدوان الثلاثي على مصر 1956م، والأخطر أن إسرائيل هندست وخططت لحرب يونيو 1967م، ولاحتلال الضفة الغربية والقدس يعني فلسطين كلها، وسيناء والجولان، وهذا يتفق تمامًا مع خريطة إسرائيل الكبرى التي تتبناها الحركة الصهيونية، ومع الخريطة التي قدمتها الحركة الصهيونية إلى مؤتمر الصلح في باريس 1919م، وكان أحد الأهداف الرئيسة عام 1967م، تدمير القوة العسكرية لأكبر دولة عربية والقوة العسكرية الرئيسة في مواجهة إسرائيل وهي مصر ؟

وإثر العدوان صدر قرار مجلس الأمن الدولي 242 في 22 نوفمبر 1967م، والذي صيغ من المندوب البريطاني بصيغة مبهمة في "أل التعريف" التي استغلتها إسرائيل، ونص القرار على ضرورة " انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير " وإيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ولكن إسرائيل رفضت قرار مجلس الأمن الدولي ، رغم اعتراف الدول العربية المعنية به، وكانت حرب اكتوبر 1973م، وجاء قرار مجلس الأمن الدولي 338 في 22 أكتوبر 1973م، الذي دعا لوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 242 الذي أصبح أساسًا لأي تسوية سياسية في أن تنسحب إسرائيل إلى حدود الرابع من يونيو 1967م، ولكن إسرائيل ترفض هذه القرارات الدولية وتحاول الالتفاف عليها باتفاقيات ثنائية مع الدول العربية التي عقدت اتفاقيات سلام معها، وتتهرب من كل هذه القرارات حتى لا تكون أساسًا للتسوية. فبعد حرب 1967م، اعتبرت القدس الموحدة عاصمة لها، وأصبحت تطلق على الضفة الغربية يهودا والسامرة وهذه تسمية دينية يهودية، وهذا يعني اصرارها على الاحتلال واستمراره وتأكيدها على البعد الديني للصراع. وأصدرت 15 ديسمبر 1981م، قرارًا بضم هضبة الجولان بالكامل إلى إسرائيل باعتبارها جزء من الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية مخالفة للقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة وأخيرًا اعترف ترامب رسميًا بهذا الضم.

إعادة الانتشار وليس الانسحاب واتفاق أوسلو

عقدت إسرائيل اتفاقية سلام مع مصر والأردن، ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل إتفاق أوسلو 13 سبتمبر 1993م، وقعها الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل اسحق رابين في واشنطن، حضرها الرئيس الأمريكي كلنتون، والواقع أن هدف إسرائيل ليس استراتيجية سلام بل عملية تكتيكية لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية وليس في نيتها الانسحاب أو قيام دولة فلسطينية كما تم الاتفاق عليه في أوسلو، وأن تحل القضايا الرئيسة في الصراع خلال خمسة أعوام: القدس والحدود واللاجئين وإقامة الدولة، التي تم تأجيلها للمرحلة النهائية.

إن إسرائيل تؤكد دائمًا على إعادة انتشار قواتها وليس الانسحاب لانه ليس في قاموسها الانسحاب إطلاقًا، ولأن هناك فرق بينهما، فإعادة الانتشار داخل حدودها، وتعتبرها أرض إسرائيلية تتحين الفرصة لضمها نهائيًا والانسحاب يعني من أرض الغيروهي لا تعترف بذلك.

كثفت إسرائيل بعد اتفاقية أوسلو، التي تعتبر كارثة على الفلسطينيين، الاستيطان وعدد المستوطنين في الضفة الغربية، فقد تضاعف حجم التوسع الاستيطاني أربع مرات منذ توقيع أوسلو.

وحسب تقرير مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية، والذي نشر بالتزامن مع مرور 25 عامًا على توقيع أوسلو، فإن عدد المستوطنات تضاعف من 144 مستوطنة قبل توقيع أوسلو إلى 515 مستوطنة وبؤرة استيطانية حتى سبتمبر 2018م، كما أن عدد المستوطنين تضاعف أكثر من ثلاث مرات، وارتفع من 252 ألف مستوطن إلى 834 ألف مستوطن، وأن مساحة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها لصالح المشروع الاستيطاني والتي بلغت مساحتها قبل أوسلو حوالي 136 ألف دونم إلى 500 ألف دونم أي بزيادة 368% مقارنة بما كانت عليه سابقًا وأنشأت جدار الفصل العنصري، وأقامت 839 حاجزًا للفصل وعزل المدن والتجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، وجعلت السلطة الفلسطينية مسؤولة عن الأمن والتنسيق الأمني مع إسرائيل، يعني السلطة الفلسطينية تحافظ على أمن سلطة الاحتلال، ظاهرة فريدة في أن الذي يقع تحت الاحتلال يحافظ على أمن الذي يحتله؟ وأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تدعمها حكومات الولايات المتحدة استخدمت اتفاق أوسلو كخديعة من أجل الالتفاف على ثوابت القضية الفلسطينية وقرارات الأمم المتحدة الصادرة منذ 1947م؟

ترامب وصفقة القرن وتجاوز القرارات الدولية

رغم دور الولايات المتحدة في إنشاء الدولة اليهودية ودعمها المستمر لها، اقتصاديًا وسياسيًا ودعمها بالسلاح إلا أنها عارضت عام 1949م، إعلان إسرائيل بأن القدس عاصمة لها، كما عارضت ضم إسرائيل للقدس الشرقية بعد حرب يونيو 1967م، واحتلال الضفة الغربية، وعندما أصدر الكونغرس في عام 1995م، قانون سفارة القدس الذي أعلن فيه " ينبغي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل " ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس خلال خمس سنوات، وقع كل رئيس أمريكي تنازلا لمدة ستة أشهر ، مما أدى إلى تأخير هذه الخطوة، حتى جاء ترامب للرئاسة. كان رؤساء الولايات المتحدة قبل ترامب يأخذون بأهمية الرأي العام ورد الفعل العربي والإسلامي والموقف الدولي والقرارات الدولية المتعلقة بالقدس، ولكن ترامب كسر هذه القاعدة، واعترفت إدارة ترامب في 6 ديسمبر 2017م، بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية للقدس، وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا في 7 ديسمبر ، وأدان 14 من أصل 15 عضوًا قرار ترامب، ولكن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو لإحباط أي تحرك لصدور قرار ادانته، وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديركا موغيريني، إن جميع حكومات الاتحاد الأوروبي موحدة بشأن القدس. وحيث أن قضية القدس مرتبطة بالحل النهائي فقد أرادت إدارة ترامب فرض الواقع لصالح إسرائيل على اعتبار تجاوز الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي والقرارات الدولية بشأن القدس؟

إن إدارة ترامب التي يسيطر عليها اليمين المتطرف ورئيس عنصري معادي للمسلمين كما يظهر من تصريحاته المتكررة يؤيد إسرائيل بشكل مطلق ويريد إنهاء القضية الفلسطينية في عهده إذا استطاع لذلك، فقد عين الفريق المسؤول عن الشرق الأوسط والملف الفلسطيني من اليهود المؤيدين لإسرائيل وهم من اليهود الأرثوذكس المؤيدين لحزب ليكود، ومحاولة إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينين وإنهاء حل الدولتين وبقاء المستوطنات ضمن السيادة الإسرائيلية؟

                               الصفقة وفريق المستوطنين

كان جون كيري وزير الخارجية الأمريكي في عهد أوباما مسؤولاً عن الملف الفلسطيني والوساطة بين طرفي النزاع، ولكن ترامب عين فريقًا يهوديًا مطلق الولاء لإسرائيل، فعين صهره جاريد كوشنر مستشارًا له ومسئولاً عن ملف الشرق الأوسط، وعين اليهودي الأمريكي جيسون جرينبلات مبعوث الرئيس للسلام في الشرق الأوسط وديفيد فريدمان محامي أمريكي يهودي سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل، وهؤلاء الثلاثة يهود أرثوذكس من مؤيدي الاستيطان وتمويله، وهم من مؤيدي وداعمي القدس عاصمة لإسرائيل وضد حل الدولتين ومع ضم المستوطنات لإسرائيل ولذلك يطلق عليهم (فريق المستوطنين)، ومع توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم وإنهاء وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين NRWA ، على اعتبارها دليل التهجير القسري للفلسطينيين ؟

جاءت صفقة القرن تحت شعار (السلام من أجل الازدهار) وقد نشرت الخطة الاقتصادية للصفقة باللغة الانجليزية والعربية، وعقد مؤتمر في البحرين 25-26 يونيو الماضي وكان الحضور العربي فيه باهتاً ورافضا لصفقة القرن لتجاوزها للقرارات الدولية وخاصة المتعلقة بقرارات الامم المتحدة، 194 و242 و338، التي تعني الانسحاب الإسرائيلي من الاراضي المحتلة وعودة اللاجئين.

وتعرضت صفقة القرن لانقادات من كثير من الدول الكبرى والدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية والإقليمية ورفض الشعوب العربية والإسلامية، ورفضت السلطة الفلسطينية حضور المؤتمر واعتبرت إدارة ترامب وسيطاً غير محايد، ولذلك فإن العلاقات الفلسطينية شبه مجمدة مع إدارة ترامب وتفرض الولايات المتحدة قيودا وتمارس ضغوطا على الفلسطينيين مثل إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، وتجاوز حل الدولتين، بمعنى إدارة ذاتية للفلسطينيين وليس دولة كما نصت اتفاقية اوسلو أو كما أيدت ذلك كثير من الدول الأوروبية والصين وروسيا الاتحادية والاتحاد الافريقي ودول عدم الانحياز التي كلها تؤيد حل الدولتين، وتجد صفقة القرن انتقادا داخل الولايات المتحدة وحتى داخل إسرائيل بأنها لن تؤدي للسلام رغم الإغراءآت الاقتصادية بتوفير 50 مليار دولار ، ولكنها تبقى اوهاما وتضليلاً على غرار اتفاق أوسلو وما أدى إليه ؟

(ديفيد فريدمان السفير الأمريكي في إسرائيل يشارك بفتح نفق من منطقة سلوان إلى أسفل المسجد الأقصى)

إن إدارة ترامب تدعم الفصل العنصري والاستيطان، وهذا يفسر مشاركة السفير الأمريكي ديفيد فريدمان وجرينبلات مبعوث الرئيس للسلام في فتح النفق من ضاحية سلوان إلى المسجد الاقصى وذلك يعني استيطان تحت الأرض أيضاً، ومشاركتهما جاءت بدعوة من " إلعاد"، وهي جمعية استيطانية تستولي على الأملاك الفلسطينية في القدس وتشرف على نحو 70 بؤرة استيطانية في بلدة سلوان. فالسفير الامريكي يعتبر من المستوطنين ومعه المبعوث وكوشنر، وقال فريدمان في الافتتاح وهو يمسك معوله بيده " إن تدشين الطريق يشكل الرد المناسب على كل من انتقد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل "؟؟

رفضت إدارة ترامب دفع مساهمتها السنوية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، ووقع ترامب في 25 مارس 2019م، قرار تأييده لضم إسرائيل لهضبة الجولان، ومن المتوقع أن يعلن تأييده لضم الضفة الغربية لإسرائيل وهذا يعني نهاية اتفاق أوسلو، ويعني نهاية حل الدولتين، وماذا بقي من الضفة العربية حتى تقام دولة فلسطينية بعد استفحال انتشار المستوطنات، في ظل ادارة مسيحية صهيونية تتجاهل الحقوق العربية والاسلامية وتشجع الاستيطان على وجه الارض وتحت المسجد الاقصى وتمارس الجماعات اليهودية انتهاكه يومياً.

ويبقى السؤال مطروحاً؟ أين الأمم المتحدة وقراراتها في عودة اللاجئين الفلسطيننين (قرار 194)، وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة 1967م، ( قرار242) وقرار الانسحاب أيضا بعد حرب اكتوبر 1973(338) ، فقد أصبحت قرارات الأمم المتحدة من الماضي في عهد ترامب، فإسرائيل رفضت كل قرارات الامم المتحدة ويأتي رئيس أمريكي عنصري من اليمين الابيض المتطرف ليؤيد إسرائيل بضم القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل ويؤيد سياسة التوطين للاجئين ويرفض حل الدولتين، وتؤكد هذه السياسة أن الامم المتحدة ما هي إلا خادمة مصالح الدول الكبرى التي تحتكر حق الفيتو ( الرفض) وقراراتها لا تنفذ إلا على الدول الضعيفة والفاشلة.

إن منطق القوي بهيمنة القوي على الضعيف هو واقع السياسة الدولية، ويبقى الكفاح الفلسطيني مستمرا فالشعوب ترفض التطبيع وسياسة الامر الواقع وتكافح لحقوقها، فإرادتها في فيتنام والجزائر تجاوزت الامم المتحدة وفرضت على الدول المستعمرة انهاء استعمارها بالقوة، وسيأتي اليوم الذي يفرض الفلسطيني إرادته ويحصل على حقوقه ما زالت الاطفال تحمل الحجارة وتقذفها على الاحتلال ويصفق لها وتدعمها الشعوب من المحيط إلى الخليج، وأن القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، كما غادرها الصليبيين والمغول سيغادرها المستعمر العنصري الاستيطاني، فإرادة الشعوب أقوى من قرارات الامم المتحدة ومن الدول الكبرى المهيمنة عليها ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ العلوم السياسية بجامعتي الملك عبد العزيز والحسين بن طلال سابقا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات لنفس الكاتب