array(1) { [0]=> object(stdClass)#13616 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 181

القمة العربية / الصينية بالرياض حسمت الاتفاق في 4 قضايا رئيسية كانت مؤجلة

الخميس، 29 كانون1/ديسمبر 2022

استضافت المملكة العربية السعودية على مدار ثلاثة أيام متواصلة في الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر 2022م، ثلاث قمم مهمة بالرياض هي: القمة الخليجية؛ والقمة السعودية-الصينية؛ والقمة الخليجية-الصينية؛ وذلك بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. ويكشف هذا التقرير عن القضايا والموضوعات السياسية والاقتصادية والتنموية محور هذه القمم وتداعياتها ونتائجها المتوقعة على المستوى الوطني السعودي

د. رضا محمد هلال

أستاذ مساعد العلوم السياسية والسياسات العامة -مصر

 

وعلى المستوى الإقليمي الخليجي والعربي وعلى المستوى العالمي.

أولًا: المصالح الوطنية عماد العلاقات الدولية المعاصرة

يتفق خبراء وأساتذة العلاقات الدولية على أن المصلحة الوطنية هي الركيزة الأهم للعلاقات والسياسات الخارجية للدول مع بعضها البعض؛ حيث تضع كل دولة مجموعة من المصالح القومية التي تستهدف تحقيقها والتي يمكن إجمالها في ثلاث مصالح رئيسية هي: مصلحة البقاء وهي المصلحة الأساسية للدولة، وتعني أن تبقى موجودة ولا يتم إلغاؤها؛ ومصلحة تعظيم القوة العسكرية التي تعد أداة الدولة الأساسية للدفاع عن نفسها ضد الطامعين؛ ومصلحة تعظيم المكانة والقوة السياسية على المستويين الإقليمي والدولي؛ وتعزيز التنمية الاقتصادية بالاهتمام بالبعد الاقتصادي والتجاري في العلاقات مع الدول الأخرى.

كما لم تعد الدبلوماسية حبيسة التعاريف القديمة المحصورة في مجموعة من الاتصالات وتنظيم العلاقات وجمع المعلومات فحسب، بل تحولت إلى عامل مؤثر في تخطيط الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية وإقامة العلاقات بين الدول على أسس جديدة من ناحيتي الأولويات والأهداف لتصبح موجهة باعتبارات اقتصادية أساساً، حتى أضحى الاقتصاد سبباً رئيساً في نشوء العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وأصبحت الدبلوماسية بالتالي تستخدم الاقتصاد في أحيان كثيرة لخدمة أهداف الدولة، كما ظهرت الدبلوماسية الاقتصادية بوصفها فرعًا من فروع الدبلوماسية الحديثة، وأداة مهمة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول. لذا اتجهت كثير من دول العالم وفى مقدمتها دولتي الصين والسعودية إلى استخدام مقدراتها الاقتصادية في التأثير السياسي أو الاقتصادي علاوة على استخدام أدوات قوتها السياسية لتحقيق منافع اقتصادية عبر آليات متكافئة، أو غير متكافئة ينتج عنها معاهدات، أو اتفاقيات تسهم في تحقيق أهداف اقتصادية وسياسية أكثر عمقًا وتطورًا عما شهدته الدولتان في فترات زمنية سابقة.

ثانيًا: المصالح الاقتصادية الصينية/ الخليجية:

 نوهت كثير من التقارير الدولية إلى أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الصين بامتياز اعتمادا على إمكانية تحول الصين إلى أكبر اقتصاد في العالم في منتصف هذا القرن؛ غير أن القيادات والساسة في الصين حرصوا على التأكيد " أن الصين لا تهدف إلى أن تكون الساعي الوحيد في طريقها للتنمية، وإنما هي مستعدة للمضي جنبًا إلى جنب مع شركائها وأصدقائها في حقول العالم للتمتع بمواسم الحصاد ". وكشفت تصريحات المسؤولين الصينيين – ومن أبرزها مقال الرئيس الصيني شي جين بينج في جريدة الرياض أثناء زيارته للسعودية – عن وجود عدة مصالح قومية واحتياجات استراتيجية مشتركة وملحة تقف وراء الاهتمام الصيني بتنمية العلاقات والتعاون مع الخليج والمنطقة العربية، يجئ في مقدمتها الاحتياج الصيني الملح والعاجل للحصول على موارد إضافية لمصادر الطاقة أي البترول والغاز وهى من ركائز استئناف معدلات التنمية المرتفعة والنهضة الاقتصادية عمومًا والصناعية بصفة خاصة عقب تخفيف القيود المرتبطة بجائحة كورونا ـ 19، لذا حرصت القيادة الصينية على أن التعاون في مجال الطاقة بين الصين ودول التعاون سيكون له مستقبل واعد وأن الصين تريد إمدادات مستقرة وطويلة المدى من النفط والغاز بإقامة علاقات شراكة استراتيجية في مجال الطاقة مع السعودية خصوصًا ودول الخليج عمومًا لضمان إمداد الصين بالطاقة؛ و أن تتضمن زيادة التعاون في التنقيب عن البترول والغاز وتطويرهما؛ والتعاون في مجال البتروكيماويات، ومشاركة الشركات الصينية في عمليات التنقيب عن النفط، وتصدير العمالة والأجهزة ذات العلاقة بالطاقة؛ في مقابل فتح الصين المجال واسعًا أمام الاستثمارات الخليجية في المشروعات البتروكيماوية.

يتمثل الهدف الاقتصادي الثاني للصين في الرغبة المشتركة بينها وبين دول الخليج في التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف لإقامة العديد من المشروعات التنموية الصناعية والخدمية والتجارية المشتركة؛ والذى يعززه العنوان العبقري لهذه القمم جميعها وهو " التعاون والتنمية "؛ وليس سرًا أن عماد هذه الاستثمارات هو الوفرة التمويلية التي تقدمها الصناديق السيادية الخليجية والتي أصبحت تشكل الأداة الرئيسية لدول الخليج في تطوير استثماراتها الأجنبية من خلال توظيف السيولة المالية الضخمة التي تتركز في هذه الصناديق السيادية التي يتراوح حجم أصولها بين 3و5 تريليونات دولار في الفترة بين عامي 2018 و2021م؛ مما مكنها من الاضطلاع بدور حيوي في تحويل أغلب القطاعات الاستراتيجية الداعمة لنمو وتقدم الاقتصادات الخليجية محلياً ودولياً. علاوة على أن تطويع الأصول المملوكة للدول الخليجية في استثمارات أسواق الأسهم والعقارات والأصول باستراتيجيات وآليات القطاع الخاص مع الحرص الدائم على خدمة المصلحة العامة؛ أسهم في الانخراط الفعال لدول مجلس التعاون في السوق العالمية وتحقيق مراكز متقدمة عالمياً على مستوى القيمة المالية المرتفعة لصناديقها السيادية.

وعززت القوة الاستثمارية المتزايدة لبعض الصناديق السيادية الخليجية عالمياً ترسيخ مكانة دولها – ومن أبرزها السعودية والإمارات - كجهات استثمارية رئيسية ودائنة لكثير من الدول العربية والنامية وبعض الدول الصناعية على وجه الخصوص حيث ساهمت الفوائض المالية الخليجية في إنقاذ الدول الصناعية الكبرى من تداعيات الركود والتأزم الاقتصادي عام 2008 م، وعقب جائحة كورونا 2020 م، والحرب الروسية / الأوكرانية 2022م، كما غيرت هذه الصناديق من مقومات الاستثمار عالمياً الذي لطالما هيمنت عليه بنوك وشركات القطاع الخاص الغربي وبشروط "مجحفة". لذا تطمح الصين ودول الخليج في استخدام الاستثمار أصول صناديق الثروة السيادية كمحرك ولبنة أساسية في إقامة العديد من المشروعات الاقتصادية والخدمية اللوجستية المشتركة مما يخلق حافزًا إضافيًا لإحداث قفزات متتالية في التعاون والتنمية الاقتصادية المشتركة خاصة مع توجس الصين من مبادرة الإدارة الأمريكية القائمة في الاتجاه لاستكمال سياسات وبرامج وخطط الإدارة الأمريكية السابقة في تحويل أو نقل الاستثمارات الأمريكية في الصين لدول أخرى مجاورة مثل فيتنام من خلال القيام بفرض قيود على قطاعات الاقتصاد الصيني بما يحجم ويقلص قدراته على المنافسة مع الاقتصاد الأمريكي ؛علاوة على توقع الساسة الصينيين قيام دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية بفرض قيود مماثلة استجابة للضغوط الأمريكية في هذا الشأن. بالإضافة إلى تنامى موارد وأصول هذه الصناديق في عامي 2023 و2024م، نظرًا لتسجيل رصيد المالية العامة لدول المجلس فائضاً بنسبة 5,3% في إجمالي الناتج المحلي في عامي 2022م-وهو أول فائض يُسجل منذ عام 2014م، فيما يُتوقع أن يصل فائض الميزان الخارجي لدول المجلس إلى 17,2% من إجمالي الناتج المحلي.

ومن المتوقع قيام الصناديق السيادية الخليجية بتمويل العديد من المشروعات الخليجية الصينية المشتركة؛ والتي من أبرزها المشروعات التي اتفق عليها الجانبان وتم توقيع العقود والوثائق الخاصة بها بين الحكومات الخليجية والصينية عمومًا والسعودية /الصينية بصفة خاصة ومن أبرزها: المشروعات والصناعات المرتبطة بالمناخ لتنويع اقتصادات تلك البلدان في القطاعات ذات النمو المرتفع فيما يطلق عليه " الاقتصاد الأخضر"؛ وغني عن البيان أن الصين تمتلك التكنولوجيا والتقنيات الخضراء واليد العاملة الماهرة والتي من شأنها أن تسهم في تنمية دول المنطقة بوتيرة أسرع في مجال توطين العناصر والمقومات الأساسية للاقتصاد الأخضر عمومًا وفى مجالات الطاقة المتجددة والمباني الخضراء والنقل المستدام وإدارة المياه وإدارة النفايات بصفة خاصة؛ وهو ما يتسق مع رؤية دول مجلس التعاون عمومًا ورؤية السعودية التنموية 2030 و" السعودية الخضراء" بصفة خاصة. ومن أبرز مشروعات التعاون السعودي /الصيني مصفاة ينبع ومشروع إنتاج الإيثيلين في بلدية قولي ومنطقة جازان ومشروع الصين للتجمعات الصناعية ومشروع إقامة البنية التحتية لمرافق مشروع البحر الأحمر؛ علاوة على نقل الجيل الخامس للاتصالات والتعاون في استكشاف القمر.

ثالثًا: المصالح السياسية العربية الصينية

على الرغم من تأسيس منتدى التعاون العربي / الصيني عام 2004م؛ وإبرام الجانبين عدة اتفاقات وإصدار عدة بيانات مشتركة خلال الفترة ما بين عام 2004 و2022م – و من أبرزها : الإعلان المشترك حول إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية في إطار المنتدى الذي أطلق عام 2010م، في مدينة تيانجين، والخطة التنموية العشرية لمنتدى التعاون العربي الصيني للمدة من 2014 – 2024م، التي تم التوقيع عليها عام 2014م، وإعلان بكين والإعلان التنفيذي العربي الصيني الخاص بمبادرة "الحزام والطريق" اللذين تم التوقيع عليهما عام 2018م- إلا أنه لم يتم عقد أية قمة تجمع القيادات السياسية العربية والصينية وهو ما نجحت فيه بامتياز الدبلوماسية السعودية التي رتبت بكفاءة واقتدار لهذه القمة وموضوعاتها ودعوة القادة العرب الذين حضروا والمشاركة الجماعية دون اعتذارات كما يحدث في كثير من القمم العربية. وتبقى المساهمة الكبرى للدبلوماسية السعودية في انتزاع الدعم والتوافق الصيني مع الدول العربية فيما يتعلق بالقضايا السياسية الثنائية والمتعددة الأطراف حيث حرصت الصين على مدار عقود تجنب التدخل في القضايا السياسية الإقليمية والعالمية متعددة الأطراف إيمانًا منها بضرورة التوافق مع الجميع دون إثارة مخاوف بعض الدول تدعيما لمكاسبها الاقتصادية والسياسية؛ علاوة على رفضها سياسة المحاور والائتلافات التي يمكن أن تكلفها خسارة شركاء اقتصاديين مهمين. ويمكن تقسيم القضايا السياسية التي تم الاتفاق الصيني والعربي بشأنها-كما وردت في البيان الختامي للقمة الصادر في 10 ديسمبر 2022م، إلى:

 أ) قضايا ثنائية من قبيل الاتفاق على: تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين في مختلف المجالات من خلال الآليات القائمة في إطار منتدى التعاون العربي الصيني، والاتفاق على بناء المجتمع العربي / الصيني للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد؛ و مواصلة التشاور السياسي وتبادل الدعم بين الجانبين في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية، وتعزيز التضامن في المحافل الدولية حول القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك؛ وتقدير الجهود المبذولة لرعاية الأقليات في كلا الجانبين العربي والصيني؛ وتكليف الوزارات والمؤسسات لدى الجانبين بالعمل على وضع مخرجات هذه القمة موضع التنفيذ، ومواصلة التعاون في المرحلة المقبلة في مختلف المجالات بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والاستثمار والصناعة والنقل والمواصلات، والطاقة، وحماية البيئة والزراعة والأمن الغذائي، والسياحة، وتنمية الموارد البشرية والملكية الفكرية والثقافة وحوار الحضارات والتعليم والبحث العلمي والعلوم والتكنولوجيا والاعلام والصحة والتنمية المستدامة، والرياضة وغيرها. والتشارك في تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق"، وبما تتيحه من فرص للتعاون والتنمية، والعمل على المواءمة بين هذه المبادرة والرؤى التنموية للدول العربية بما يحقق المصلحة المشتركة بين الصين والدول العربية. والتأكيد على أن الحضارتين العربية والصينية قدمتا مساهمات فريدة في تقدم الحضارة البشرية وتحرصان على مواصلة الدعوة إلى الحوار والتواصل بين الحضارات والحفاظ على التنوع الحضاري العالمي ونبذ التمييز والتحيز ضد حضارة معينة ورفض نظرية صراع الحضارات.

ب) القضايا السياسة الخاصة بالدول والمنطقة العربية حيث اتفق الجانبان على: إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس" حل الدولتين" وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة؛ وعلى عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة، وبطلان ممارسات إسرائيل لتغيير وضع القدس والتأكيد على الحفاظ على المكانة التاريخية والقانونية للقدس الشرقية المحتلة، وأهمية دور الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وحماية هويتها العربية؛ والتأكيد على أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وأهمية دعمها للوفاء بولايتها الأممية؛ وتثمين رؤية الرئيس الصيني ذات النقاط الأربع التي طرحها لحل القضية الفلسطينية، والتأكيد على إيجاد حلول سياسية للأزمات والقضايا الإقليمية في سوريا وليبيا واليمن،  مع التأكيد على رفض التدخلات الأجنبية في هذه الدول، ومواجهة التنظيمات الإرهابية  التي تعمل على أراضيها. وتأكيد الجانب الصيني على دعمه للدول العربية لحل القضايا الأمنية في المنطقة عن طريق التضامن والتعاون ودعمه للشعوب العربية لاستكشاف طرق تنموية خاصة بها بإرادتها المستقلة.

جـ) القضايا السياسية الخاصة بالصين؛ تضمن البيان التأكيد على اتفاق الجانبين بشأن قضايا خاصة بالصين أهمها: التأكيد على التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود بكين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض "استقلال" "تايوان بكافة أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونغ كونغ وجهودها لصيانة الأمن وتنمية الديمقراطية بهونغ كونغ في إطار " دولة واحدة ونظامان". والأخذ بعين الاعتبار المساعي الصينية في المساهمة بنشر السلام والتنمية الدوليين من خلال مبادرتي الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهما مبادرتا الأمن العالمي والتنمية العالمية اللتان تدعوان المجتمع الدولي إلى الاهتمام بملفات التنمية وإعادة النهوض بقضايا التنمية في العالم. والإشادة بما قدمته جمهورية الصين لبعض الدول العربية وللأمانة العامة لجامعة الدول العربية من مساعدات لمكافحة جائحة (كوفيد - 19) بما في ذلك اللقاحات والتأكيد على تضافر الجهود والتعاون للتعافي الاقتصادي في مرحلة ما بعد الجائحة.

د) القضايا العالمية ومتعددة الأطراف؛ احتوى البيان الختامي للقمة العربية / الصينية اتفاق الجانبين على: الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدة أراضيها، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية واحترام مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول؛ وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، والحفاظ على مصالح الدول النامية والدفاع عن حقوقها. ودعم الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية واستعادة الأمن والسلام وفقاً للقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار وسيادة الدول وسلامتها الإقليمية، وبما يضمن المصالح الجوهرية لجميع الأطراف. والتأكيد على أهمية التعاون المشترك لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر والقضاء عليه. واحترام حق شعوب العالم في اختيار الطرق لتطوير الديمقراطية والنظم الاجتماعية والسياسية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة ورفض التدخل في شؤون الدول الداخلية بذريعة الحفاظ على الديمقراطية. والتأكيد على أهمية أن يكون التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان قائماً على أساس المساواة والاحترام المتبادل ورفض تسييس قضايا حقوق الإنسان واستخدامها كأداة لممارسة الضغوط على الدول والتدخل في شؤونها الداخلية.و تعزيز الجهود الدولية المبذولة في إطار الأمم المتحدة لمكافحة التغيرات المناخية، ودعم المبادرات الرامية إلى تحقيق التنمية الخضراء بما في ذلك مبادرة المملكة العربية السعودية للشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة الصين بشأن طريق الحرير الأخضر.ودعم الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى وفقاً لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) بوصفها حجر الأساس للمنظومة الدولية لمنع الانتشار والتأكيد على أهمية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. وتعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب وإدانة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ودوافعه، وضرورة مكافحته وعدم ربطه بأي عرق أو دين أو جنسية أو حضارة، واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه، بالإضافة إلى رفض "المعايير المزدوجة" في مكافحة الإرهاب. وتعزيز الحوار بين الحضارات واحترام الثقافات المختلفة ونبذ دعاوى الكراهية والتطرف وصراع الحضارات بين أتباع الأديان والثقافات، والتأكيد على معارضة الإسلاموفوبيا بكل أشكالها.

خاتمة رؤية لمستقبل العلاقات العربية الصينية:

أكدت القمم الأربعة التي تم عقدها في السعودية خلال الفترة بين 7 و9 ديسمبر الماضي على ترسيخ المكانة الإقليمية والعالمية للمملكة العربية السعودية في طرح رؤى ومبادرات للتعاون العالمي والدولي العابر للحدود بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة خاصة والدول العربية عمومًا مع الصين -القطب العالمي الجديد والصاعد. ونجحت الدبلوماسية السعودية في بلورة وصياغة جميع القضايا السياسية والاقتصادية محل الاهتمام العربي الصيني المشتركة بعبقرية تتجاوز المخاوف والتحفظات الصينية بشأن القضايا السياسية والأمنية الداخلية والخارجية؛ علاوة على التمسك بمساعي الصين والدول العربية لتعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في المجالات السياسية والاقتصادية؛ والأهم ترجمة هذه الطموحات العربية الصينية في الهدف الرئيسي لهذه القمم الذى جاء تحت عنوان " التعاون والتنمية " مما كفل لهذه القمم تجاوز القيود والعراقيل التي صاحبت وتتابعت عقب القمة العربية الأمريكية في يوليو 2022م، التي حملت هدفًا مبهمًا حول " الأمن والتنمية " وبالتالي فشلها في طرح خطط وبرامج لتحقيق الغرض بعكس القمة الصينية الخليجية والسعودية الصينية والعربية الصينية . لذا من المتوقع أن تكون هذه القمم معول الهدم وصدور شهادة وفاة لنظام دولي سابق قام على الأيديولوجيا السياسية والاقتصادية وفلسفة " إما معنا وإما ضدنا" وبالتالي سقوط مسلك ونهج إملاءات الحليف الأكبر على الأصغر وفرض مسارات سياسية معينة حتى لو أدت لدمار الدول المعنية، مقابل صدور شهادة ميلاد لنظام دولي جديد متعدد الأقطاب يشمل الصين وغيرها يقوم على الشراكة والتعاون وتبادل المصالح بين الدول والشعوب حتى لو تباينت الأيديولوجيات السياسية والعقائدية.

بالإضافة إلى حدوث قفزات في التبادل التجاري بين الطرفين الخليجي والصيني وأيضا بين الدول العربية والصين على الأمدين المتوسط والطويل؛ وبما يفضي لتحقيق المصالح الاقتصادية لكل الطرفين بعدالة منصفة وتامة وبقاء الصين أكبر شريك تجاري لمجلس التعاون الخليجي وأكبر مستورد لمنتجاته البتروكيمياوية وهو ما تبنيه الاحصائيات حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين 230 مليار دولار أمريكي وفاقت واردات الصين من النفط الخام من دول المجلس عتبة 200 مليون طن في عام 2021م.

لذا فإن هذه القمم تعزز وتدعم استكمال علاقات الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية والقائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل؛ وحلقة مهمة من حلقات التعاون الاستراتيجي العربي الصيني الذي يتضمن التعاون الصيني بشأن بناء " الحزام والطريق" مع 20 دولة عربية منها غالبية دول الخليج؛ ومشاركة 14 دولة عربية في " مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات". كما أنها ترجمة واقعية لمثل صيني ردده كثيرًا الرئيس الصيني شى بينج في مقابلاته أثناء هذه القمم مفاده " إنّ مَنْ أراد أن تنمو الأشجار، فعليه ترسيخ جذورها، ومَنْ أراد أن تطول الأنهار، فعليه تسليك مجاريها".

 
مقالات لنفس الكاتب