ــ دولتنا محتلة وتجاوزنا الوحدة الورقية وغزو العائدين من أفغانستان والحوثي
ــ أي حلول وسط ستفجر اليمن ولا حل إلا بانتصار صريح على من أشعلوا الحرب
ــ لا دولة ولا سلطة حاكمة في اليمن وسينقسم الشمال إلى دولتين والجنوب الثالثة
ــ نسعى إلى مؤتمر جنوبي يجمع كافة القوى ومن الضروري حسم أمرنا كجنوبيين
ــ علي عبد الله صالح أعتبر الجنوب غنيمة ومناجم للفساد على حساب شعبنا
ــ من يقف عقبة أمام الجنوب سيخضع للمحاسبة القانونية على ما اقترفت يداه
ــ تحكم اليمن مراكز قوى وليس بينهم جنوبي واحد من أصحاب المناصب الوهمية
السيد عبد الرحمن علي بن محمد الجفري السياسي اليمني المعروف صاحب التاريخ في العمل السياسي اليمني، هو حالياً رئيس الهيأة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال " الهيئة"، ورئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة).. شخصية تاريخية فاعلة على مسرح السياسة في اليمن وله آراء مهمة على صعيد إقامة دولة الجنوب العربي (اليمن الجنوبي)، وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه حول طرحه الاستقلالي، إلا أن له آراء ومواقف وطنية لصالح شعبه من أبناء الجنوب جديرة بالاهتمام والنقاش، كما أنه يعبر عن لسان حال فئة كبيرة من أبناء جنوب اليمن، وكثيرون يؤيدونه في طرحه ونضاله وهو يدلل على آرائه بأدلة.
في هذا الحوار الذي أجرته (آراء حول الخليج) مع السيد عبد الرحمن الجفري لم يعترف بوجود دولة موحدة أسمها (اليمن) بل يرى أن مصطلح اليمن كدولة لم يكن موجودا طيلة التاريخ، واليمن هو مصطلح جغرافي على منطقة في الجزيرة العربية كما هو الحال بالنسبة لمصطلح الشام، وهو لا يعترف بالوحدة اليمنية ويعتبرها احتلال قسري تم في 22 مايو عام 1990م، ثم غزو مسلح عام 1994م، قاده علي عبد الله صالح الذي استعان في ذلك بالمتطرفين العائدين من أفغانستان، وأخيراً تجسد الاحتلال في اجتياح عام 2015م، على يد قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وحليفه الحوثي.
ويعتقد السيد عبد الرحمن الجفري أن سطو الحوثيين على اليمن سوف يخلف ثلاث دول هي دولة "الجنوب " ودولتين في الشمال، ولا يرى حلاً إلا بانتصار صريح على قوات علي عبد الله صالح وحليفه عبد الملك الحوثي.
يعتبر أن دولة الجنوب العربي قائمة وينقصها استرداد الهوية والأرض وبناء الدولة واختيار نظامها، مع إدراكه أن بناء دولة على الركام الحالي ليس أمراً سهلاً، ويعي مسؤولية الجنوب العربي عن أمن باب المندب والبحر الأحمر والحدود المشتركة مع دول الجوار، ويعترف أن هناك من أبناء الجنوب من يفكرون في الفيدرالية ويقول في هذا الشأن" نرى أن الأساس هو حسم أمرنا نحن كجنوبيين وعلينا أن نسعى لإقناع الإقليم والعالم ".
يطرح السيد عبد الرحمن الجفري صيغة الكونفدرالية مع اليمن الشمالي ودول الخليج وقال إن دولة الجنوب العربي سوف تطلب بعد قيامها رسمياً الانضمام دولة إلى مجلس التعاون الخليجي، ويعتقد أن مؤتمر جنيف سوف يفشل ما لم تشارك فيه ثلاثة أطراف يمنية وتسبقه مشاورات عميقة بين الأطراف اليمنية والمجتمع الدولي والإقليمي.
وفيما يلي نص الحوار:
س ـ في ظل الأوضاع الحالية كيف تتصورون مستقبل اليمن وما هي المآلات التي تنتظر دولة اليمن؟
ج: أولاً..الشكر،لإجراء هذا الحوار، لمجلة "آراء حول الخليج" المتميزة التي تصدر شهرياً عن "مركز الخليج للأبحاث" الذي أصبح أهم المراكز البحثية في المنطقة ونال مكانة عالمية كأحد المراكز البحثية العالمية الجادة وفق المعايير الدولية المعتبرة.
بداية لا بد من بسط بعض الحقائق لقرائكم الكرام حتى تتبيَّن لهم حقيقة القضية الجنوبية تاريخاً وحاضراً ومآلات :-
اليمن الشقيق، والجنوب العربي الذي تم تغيير اسمه يوم استقلاله عن بريطانيا، في 30 نوفمبر 1967م، إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ثم تمّت وحدة، في 22 مايو1990م، بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، على عجل في ظل أوضاع دولية استثنائية رافقت إنهيار الاتحاد السوفياتيوالدول التي تدور في فلكه.
استبشر كثيرون بالوحدة إنطلاقاً من عاملين.. الأول الخلاص مما هو قائم في البلدين، والثاني حماس لوحدة عربية زرع وهماً بأن هذه الوحدة بين البلدين خطوة على طريقها؛ لكن الإخوة في نظام اليمن الشقيق (ما كان يُسمى بالجمهورية العربية اليمنية) اعتبروا تلك الوحدة عودة فرع لأصل! لم يكن له وجود أصلاً في التاريخ،فقالوا "إعادة الوحدة اليمنية". وهذا اختلاق لما لم يحدث قط في التاريخ. وأصلاً لم تقم دولة أو نظام حكم أو مملكة باسم "اليمن" في التاريخ كله إلا في عهد الإمام يحيى حميد الدين ـ رحمه الله ـ بعد الحرب العالمية الأولى.. حيث أسمى مملكته"المملكة المتوكلية الإسلامية" ثم غيّر اسمها إلى "المملكة المتوكلية الهاشمية" ثم غيّر اسمها إلى "المملكة المتوكلية اليمنية". وكانت أول دولة بهذا الاسم في التاريخ، ولم يكن الجنوب العربي جزءاً منها.
واسم اليمن هو اسم لجهة وليس لهوية دولة.. وسيدنا رسول الله، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، قال وهو بجانب الكعبة ((هاهنا يمننا وهاهنا شامنا)) أي كل ما هو يمين أو جنوب الكعبة فهو يمن، وما هو شمالها فهو شام.. وقالها في تبوك.. والقصد هو جهة لا دولة ولا هوية. وقال ((أتوكم أهل اليمن...إلخ)) وكانوا من تهامة. فلم تقم دولة لا باسم اليمن ولا باسم الشام.. بل حتى اليوم في اليمن الشقيق ذاتها تُسمى المناطق حسب الموقع منها، فأصحاب "عمران" يسمون "صنعاء" يمناً، وأصحاب صنعاء يسمون "عمران" شاماً...وهكذا.
وحدث قبل حوالي أربعة قرون، في عهد المتوكل على الله اسماعيل أن تم احتلال معظم الجنوب العربي، ولم تكن الدولة باسم اليمن بل كانت "الدولة القاسمية"، وأُجلِي عن الجنوب بالقوة كما دخله بالقوة.
عندما أُعلنت الوحدة في 22 مايو 1990م لم يُستفتَ أيٌّ من الشعبين.. وتماستفتاء على دستور تلك الوحدة، مع ورقة تقول "إن الاستفتاء على الدستور هو استفتاء على الوحدة"، بعد سنة من إعلانها (في 15 و16 مايو 1991م). وكان الاستفتاء لشَعبَي الدولتين السابقتين كشعب واحد، وهو أمر غريب!! ولم تمر فترة بسيطة حتى نشأ الخلاف وانتهى بحرب 1994م التي شنّها علي عبدالله صالح وحلفاؤه من حزب الإصلاح، واستعان بالمتطرفين من مختلف الجنسيات من العائدين من أفغانستان، وكفّروا شعب الجنوب العربي وأصدروا الفتاوى الشهيرة بقتل الجنوبيين "من نساء وأطفال ومستضعفين"؛ واستنكر هذه الفتوى كل علماء الأمة وبالذات في المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما.
واليوم يشنّون حرباً على الجنوب العربي تحت دعاوى وفتاوى جديدة وذلك لحرب المتطرفين التكفيريين الذين أوجدوهم هم.. واستبدل علي عبدالله صالح حليفه الإصلاح بحليف جديد هم الحوثيين!! وتم تدمير "عدن النور" ولحج الفن وضالع الصمود وأبين النضال وشبوة البسالة، وآلاف الشهداء والجرحى ومئات الآلاف من النازحين من مدن الجنوب المدمَّرة التي أصبحت مدناً منكوبة يمنعون إغاثتها بالدواء والغذاء.
أعود للسؤال.. وباختصار شديد.. لا يوجد على الأرض دولة ولا حتى سلطة حاكمة.. ولن تعود دولة واحدة.. فالجنوب العربي سيبني دولته.. واليمن الشقيق قد ينقسم إلى دولتين، شمال اليمن دولة وتشمل [محافظات صنعاء وصعدة وحجة وعمران، عدا مديريات تهامة، وذمار والجوف والمحويت وجزءاً من مأرب وما حولهم]؛ وجنوب اليمن دولة وتشمل [محافظات تعز وإب والبيضاء ومأرب والحديدة وباقي تهامة وريمة...إلخ].
فالحرب القائمة اليوم، التي يشنّها حلف الحوثيين وعلي عبدالله صالح، تترك جراحاً عميقة تجعل استمرار تلك المناطق في دولة واحدة ضرباً من المستحيل؛ علاوة على جراح من الأنظمة السابقة "متقيحة" لم يحاول أحد علاجها بل يتم تعميقها في كل مرحلة ومع كل صراع.. وجاء الصراع الحالي والحرب الحالية لتدمّر كل الجسور وتمتّن جُدُر الكراهية خاصة مع الجنوب العربي الذي كانت تربطه أجمل العلاقات الاجتماعية وأفضل العلاقات الاقتصادية بالإخوة في اليمن الشقيق، حتى في عهد الاستعمار البريطاني وعهد الإمامة وما بعدهما.
س ـ من وجهة نظركم.. كيف يتم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 في اليمن، وكذلك مقررات مؤتمر الرياض وتفعيل المبادرة الخليجية؟
ج:بكل الصراحة.. لا أرى في الأفق تطبيقاً لشيء من ذلك في اليمن إلا في حالة انتصار واضح على من أشعلوا الحرب، الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح؛ وفي هذه الحالة يمكن تطبيق شيء من ذلك في اليمن الشقيق وليس في الجنوب. شرعية الرئيس هادي كرئيس لليمن قائمة من الناحية الرسمية.. ولن تستمر طويلاً في الخارج لأنه لن يكون لها ذلك الأثر العملي على الأرض في اليمن. وأي حلول وسط الآن قد تنجح مؤقتاً في إيقاف المعارك ولن تنهي الحرب والصراع بل ستنفجر الأوضاع مرة أخرى، ربما بصورة أسوأ وأخطر على المنطقة كلها. لست داعية لحرب وسفك دماء، فالحرب كلها بشاعة لكن الاضطرار لها أحياناً لمنع ما هو أسوأ أو تحقيق ما هو أفضل، فأنا هنا أحاول أن أقرأ المشهد كما هو بلا رتوش، وبنظرة بعيدة عن التكتيك قصير المدى وغير المبني على استراتيجية واضحة المعالم؛ فبدونها ستنجر المنطقة من حرب لأخرى ومن صراع لآخر؛ ومن خصم الأمس إلى حليف تكتيكي، اليوم، لا يمكن إلا أن يعود خصماً غداً ربما أشد ضراوة وأعمق خطراً؛ ومن جغرافيا محددة إلى جغرافيا مفتوحة.
س ـ ذكرتم في رسالتكم للأمين العام للأمم المتحدة العديد من الأسباب التي منعتكم من المشاركة في مؤتمر جنيف الذي كان من المقرر انعقاده بشأن اليمن في الثامن والعشرين من مايو 2015م.. كيف ترون الأسباب الحقيقة التي أدت إلى تأجيل هذا المؤتمر، ومتى يمكن تنظيمه وهل سيحقق شيئاً في حال انعقاده للمساعدة في حل الأزمة اليمنية؟
ج: نحن مع التعاون المثمر مع المجتمع الدولي. ولهذا كان ردي على دعوة معالي الأمين العام للأمم المتحدة إلى "لقاء تشاوري معمّق" في جنيف، كما جاء في دعوته. لكن ما لم يكن هناك تحضير "معمّق" قبل اللقاء، وما لم تكن الأسس واضحة، وما لم يكن هناك نقاش وتفاوض لحل كل القضايا حلاً واقعياً يتعامل مع الواقع كما هو ويأخذ بعين الاعتبار إنفاذ إرادة شعبنا في الجنوب العربي، فإن الحلول تصبح كالضماد على جراح بقيحها، وفرض حلول مرفوضة واقعياً على الأرض. لذلك كنا قد أوضحنا رأينا في رسالة، مشتركة من الأخ علي سالم البيض ومني، للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد/اسماعيل ولد الشيخ أحمد، ويتلخص رأينا في أن أطراف القضايا اليوم هم ثلاثة:
- طرف الشرعية ويمثله من حضروا مؤتمر الرياض الذي حقق نجاحاً لهذا الطرف.
- طرف من انقلبوا على هذه الشرعية في صنعاء واحتلوها واحتلوا باقي محافظات اليمن، وشنّوا الحرب على الجنوب العربي، ويمثله الحوثيون وحليفهم علي عبدالله صالح.
- طرف القضية الجنوبية، التي هي سابقة لصراع قوى النفوذ في صنعاء والتي اضطر شعب الجنوب، صاحب هذه القضية، للتحول من النضال السلمي إلى النضال المسلح دفاعاً عن أرضه وعرضه وكرامته عندما شنّت الحرب على الجنوب ميليشيات الحوثي اليمنية والألوية اليمنية العسكرية التابعة لعلي عبدالله صالح. ويمثّل هذه القضية من يتبنّون مطلب شعب الجنوب العربي في التحرير والاستقلال وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة على كامل أرض الجنوب بحدودها وجزرها يوم استقلال الجنوب العربي عن بريطانيا مع مراعاة الإتفاقات الدولية بهذا الشأن. وهذا المطلب لشعب الجنوب يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي المعاصر. ونفترض أن معالي الأمين العام للأمم المتحدة هو أول المعنيين بتنفيذ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
أما أسباب تأجيله تعود إلى أن الطرف الأول والطرف الثالث قد رأى كل منهما أن الوقت ضيّق ولا تمهيد كافٍ لعقد اللقاء.. وأنه يتجاوز قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015) بالنسبة للطرف الأول.. ويتجاوز ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي المعاصر بالنسبة للطرف الثالث كما يتغاضى كلياً عن حرب تدميرية واضحة على الجنوب العربي حوّلت معظم مدنه وقراه إلى مناطق منكوبة دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً ولو بالإدانة الشكلية. وكان، ولازال، يفترض من الأمم المتحدة والعالم الحر أن يساهموا بأي شكل في حماية شعب أعزل من حرب إبادة وتدمير علنية، للأحياء السكنية على رؤوس السكان المدنيين، تُشَن عليه بكل أنواع الأسلحة المدمِّرة وهو يدافع عن نفسه بما يتيسر له من أسلحة شخصية بسيطة.
ونأمل أن يُعقد اللقاء المعمّق ويسبقه في أسرع وقت لقاءات معمّقة مع كل طرف من الأطراف الثلاثة؛ وأن يحكم اللقاء التشاوري المعمّق أو المؤتمر ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي المعاصر دون تغاضٍ عن الجاني ومساواته بالضحية. ولا أعتقد أن يحقق شيئاً، ما لم يراعِ تلك الأسس الحاكمة، إلا حلولاً ترقيعية لن تكون إلا بمثابة هدنة لالتقاط الأنفاس يتلوها ما هو أسوأ. وقد شاهدنا ما حدث في هدنة الأيام الخمسة من اختراقات زاولها المعتدون الغزاة ولم نسمع من المجتمع الدولي شيئاً عن ذلك.
س ـ ترفعون منذ فترة طويلة راية إقامة دولة الجنوب العربي لكن لا توجد خطوات حقيقة على الأرض، كما لا توجد قوى موحدة تستطيع إقامة هذه الدولة وحماية حدودها في ظل الانقسامات الموجودة بين الأحزاب الجنوبية.. فهل إقامة دولة الجنوب العربي ستظل حلماً صعب المنال؟
ج: لسنا وحدنا من ينادي بهذا الهدف بل الغالبية الساحقة من شعب الجنوب العربي.. والذين يقاومون حقيقة على الأرض وبأقل الإمكانات، هم أصحاب هذا الهدف.. والذين أداروا ونظموا المقاومة في الضالع مثلاً وحققوا انتصاراً، هم على هذا الهدف.. وكل مقاومة حقيقية في لحج وعدن وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى عند الحاجة، هم من أصحاب هذا الهدف.. وفي شبوة توجد فرق مقاومة من حضرموت وقدموا شهداء.. وفي الضالع شارك مع أبطال الضالع من يافع وحتى من المَهَرة، البعيدة.. ومعظم المكونات السياسية والحراكية وعدد كبير من الشخصيات المستقلة المؤثرة التي تتبنّى نفس هذا الهدف هي في إطار ائتلافي واحد هو الهيأة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال(الهيأة).. ونسعى إلى مؤتمر جنوبي جامع للقوى التي تتبنّى نفس الهدف ولا خلاف. ويبقى بعض الإخوان لازال لديهم تفكير في فيدرالية مزمنة أو غير مزمنة؛ونحترم رأيهم وأكثرهم في داخله مع نفس هدفنا إلا أنهم يريدون أن يتحققوا أن هذا الإتجاه سيلاقي دعماً إقليمياً و/أو دولياً؛ ونحن نرى أن الأساس أن نحسم أمرنا نحن كجنوبيين ونسعى لإقناع الإقليم والعالم، ونثق أنهم سيقتنعون في نهاية المطاف لأنهم سيدركون أن مصالحهم تتفق مع ما ننادي به.
وإقامة دولة الجنوب العربي الفيدرالية كان حلماً لروّاد الحركة الوطنية الجنوبية منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي وجاءت قرارت الأمم المتحدة في الستينيات من القرن الماضي تؤيده وجاءت وثيقة الاستقلال في مادتها الأولى تنص على "يُعلن استقلال الجنوب العربي في 30 نوفمبر 1967م ويُسمى هذا اليوم بيوم الاستقلال".. وجاءت ظروف يمننة الجنوب لمرحلة.. واليوم عادت هوية الجنوب العربي كخيار للغالبية الساحقة من شعب الجنوب. ودولة الجنوب العربي حتماً بإذن الله قادمة لا محالة؛ وهي أسهل وأقرب من إعادة وحدة ورقية لم تقم حقيقة كوحدة وقتلتها حرب 1994م في القلوب، وجاءت حرب 2015م على الجنوب وقطعتها إرباً ودفنت أشلاءها مع شهداء الدفاع عن الجنوب العربي؛ولازالت ميليشيات وقوات الحوثي – صالح الغازية تشن هذه الحرب التدميرية على شعب الجنوب قتلاً وتشريداً للنساء والأطفال والشباب والشيوخ وتدميراً لمدن الجنوب وقراها وفي المقدمة عدن أول مدن الجزيرة العربية.. فعن أي وحدة يتحدث اليوم أي عاقل؟! ألا تلاحظون أن مقاومة ميليشيات الحوثي وقوات صالح لم تلقَ مقاومة مثل التي تواجهها في الجنوب؟ ولم تدمر مدناً كما دمرت في الجنوب؟! ألا تلاحظون أنها تقطع مئات الكيلومترات بطول أرض اليمن وعرضها ولم تلقَ مقاومة كتلك التي في الجنوب العربي وتمر بما لا يقل عن ست محافظات قبل أن تصل حدود الجنوب، دون أي موانع، وتستمر حتى اليوم قوافل التموين لقواتها الغازية المحتلة للجنوب دون أن يعترضها أحد في غير الجنوب؟! ألا تلاحظون أن ميليشيات الحوثي وقوات حليفها صالح ليس فيها إلا هم، مع استثناءات فردية لخائف أو طامع وهذا يحدث في كل بلد محتل، وأن المقاومين في الجنوب العربي ليس فيهم إلا نحن أبناء الجنوب؟! هل سمعتم عن إدانة واضحة لما يحدث بصفة خاصة في الجنوب من قتل وتدمير للمدن من أي حزب يمني أو منظمة من منظمات حقوق الإنسان في اليمن أو مركز من مراكز النفوذ السابقة أو اللاحقة؟!!
كل هذا أيقظ حلم رواد الحركة الوطنية الجنوبية في نفوس كل فئات شعب الجنوب العربي في بناء دولة الجنوب العربي وأصبح حقيقة في النفوس وعلى الأرض وأصبح إرادة لشعب الجنوب وقواه الوطنية لا تنازل عنها.. وأصبح تحقيقه في صورته الرسمية أسهل بكثير وأقرب من البقاء في وحدة أصلاً لم يعد لها وجود.
س ـ هل تنتظرون قيام دولة الجنوب اليمني أن تكون منحة من الشمال أي أن يقدم لكم الشمال قيام دولتكم طواعية؟ أم ستنتزعون قيام هذه الدولة انتزاعاً على غرار قيام الدول؟
ج: نحن لا ننتظر قيام دولة الجنوب اليمني أصلاً.. ولا نسعى إلى إنشائها بل نسعى لاستكمال بناء دولة الجنوب العربي كمؤسسات.. وإخواننا في اليمن (الشمال) نسأل الله أن يلطف بهم ويعينهم لبناء دولتهم أو دولتيهم فليس لديهم ما يمنحونه لا لنا ولا حتى لأنفسهم. نعم يوجد منهم من مراكز النفوذ سيحاولون صراعاً ليس من أجل وحدة أو بلد ولكن هم يعتبرون الجنوب غنيمة حرب 1994مو"منجماً" للمصالح عبر مؤسسات الفساد التي دمرت كل شيء. ونطمئنهم أن المصالح المشروعة ستصونها دولة الجنوب لأي جهة كانت لكن الجنوب لأهله.. ومن يقف عقبة في طريق الجنوب سيُحاسب قانوناً على كل ما نهبه من الجنوب وما اقترفه في حق الجنوب وأهله، وكل الأدلة لدينا.
س ـ هل تعتبرون دولة الجنوب استقلال عن دولة الشمال أم استرداد دولة من دولة أخرى؟
ج: الجنوب تم احتلاله من اليمن بحرب 1994م وتأكد ذلك باحتلاله بحرب 2015م، القائمة، ونسعى لتحريره واستقلاله لبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية الجديدة. ولا توجد دولة للجنوب رهينة عند اليمن ليتم استردادها.. فالدولتان السابقتان بموجب نص اتفاقهما قد ذابتا في كيان جديد وأصبحتا في حكم العدم، والعدم لا يُسترد؛ لكن حرب 1994م وحرب 2015م قد حولت إعلان وحدتهما إلى احتلال ثم تأكيد ومحاولة ترسيخ لهذا الاحتلال.. ولكننا نسترد هويتنا الجنوبية العربية ونسترد أرضنا ونبني دولتنا الجنوبية. وفي كتب التاريخ القديم فإن سكان الجنوب العربي يُطلق عليهم "عرب الجنوب".
س ـ الكثيرون اعتبروا أن الهجوم الحوثي على الدولة اليمنية سوف يؤدي إلى قيام دولة الجنوب العربي ومع ذلك لم يحدث.. فهل المعطيات على الأرض ليست مع قيام هذه الدولة أم الظروف والمواقف الدولية والإقليمية تحول دون ذلك؟
ج: الغزو الحوثي – صالح للجنوب العربي أثبت بأدواته وشخوصه وممارساته أن الجنوب العربي ليس جزءاً من اليمن الشقيق.. وأن لا وجود حقيقي للجنوب في دولة اليمن ولا في جيشها ولا في أمنها إلا من بضعة أشخاص في مناصب عليا لا سلطة لهم على شيء في الدولة حتى على حراساتهم؛ وأن مراكز القوى اليمنية تصارعت قبل وبعد أحداث عام 2011م على النفوذ والمصالح ولا يوجد بينهم جنوبي واحد من أصحاب المناصب الوهمية في السلطة مما يعني أن كامل المصالح والنفوذ والسلطة الحقيقية هي حصرياً للإخوة اليمنيين. لذلك جاءت الحرب الأخيرة فأثبتت حق الجنوب العربي في التحرير والاستقلال ولا جيش له ولا أمن لينفذ هذا على الأرض.. ومن ناحية أخرى، أن القوات الفاعلة في الجيش والأمن ليست حتى لليمن بل لمراكز القوى اليمنية في السلطة وخارجها فانتهت دولة اليمن.. والنتيجة لا جيش ولا أمن لا لليمن ولا للجنوب ولكن لنفر من مراكز القوى اليمنية.. وهذا أعاق إعلان دولة الجنوب العربي وفي نفس الوقت فإن الدول الإقليمية والدولية لم تكن في موقف يسمح لها بإسناد حق الجنوب العربي في بناء دولته. وكل هذه العوامل قابلة للتغيير. كما أن الصراع على الجنوب وفي الجنوب هو حقيقة بين شعب الجنوب والغزاة المحتلين.
س ـ كيف يمكن التقريب بين الأحزاب المشاركة في الحراك الجنوبي لتوحيد المواقف والمطالب لتعزيز مطلب قيام دولة الجنوب العربي أم غياب التنسيق سيعطل هذا المشروع؟
ج: سبق توضيح هذا في إجابة سابقة، فالقوى السياسية والحراكية الجنوبية المتبنّية لإرادة شعب الجنوب أصبحت أقرب من بعضها أكثر من أي يوم مضى، بل حتى من لازالوا يراهنون على حلول أخرى سيكون معظمهم مع شعبهم عندما يتأكدون أن دولة جنوبهم العربي قادمة وسيقفون معنا وسنكون منهم ولن نقبل بإقصاء أي جنوبي.
س ـ في الوقت الذي تتحدثون فيه عن قيام دولة الجنوب العربي تظل ولاءات قادة الأحزاب التاريخية في الجنوب متباينة وتخضع لتأثير قوى خارجية متنوعة ذات مصالح متناقضة، فكيف يمكن توحيد الأهداف والولاءات لهذه الأحزاب من أجل قيام الدولة المنشودة؟
ج: الأحزاب والمكونات الجنوبية هي مع دولة الجنوب العربي وبقي البعض متبنّي الهوية اليمنية وغالبية أعضائهم من اليمن الشقيق؛ والجنوب لكل الجنوبيين الذين يتبنّون إرادة شعبهم الجنوبي العربي وفي هذا الإطار فلا تباين في الأهداف والولاءات ولا نخفي أولوياتنا في صلاتنا التي تذهب وفق مؤشرات مصالح شعبنا إقليمياً ودولياً. ولا يمكن أن يشذ عن هذا إلا قلة لن يكون لها أثر حقيقي عند قيام دولة الجنوب العربي وستنضم لمسيرة شعبها وسنبني – بإذن الله – جنوباً لكل الجنوبيين، وليس لحزب أو قبيلة أو منطقة.
س ـ تتحدثون عن دولة فيدرالية في الجنوب العربي.. ما هي ملامح هذه الدولة والتقسيم الإداري وما هو نمط الحكم الذي تنشدونه، فهل هو رأسمالي أم اشتراكي؟
ج: فصلنا هذا في مشروعنا لإستقلال الجنوب العربي، الذي أعددناه قبل حوالي عامين وهو مشروع قابل للنقاش والتصويب.. واقترحنا إقليم شرقي وإقليم غربي كل إقليم من
ثلاث ولايات.. وهناك رأيان في نظام الحكم، رئاسي وبرلماني.. الرئاسي يحقق فصل كامل للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وهو ما نفضله؛ وهناك رأي آخر مع النظام البرلماني الذي لا يحقق فصلاً حقيقياً بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. أما من الناحية الاقتصادية فنفضل الحرية الاقتصادية وفق "اقتصاد السوق الاجتماعي" وهو النمط الحديث للرأسمالية الرشيدة، بما لا يحد من الحرية الاقتصادية وفق معادلة تحقق العدالة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يتم الاهتمام البالغ بالتنمية البشرية والبيئة والتعليم والصحة وتمكين المرأة، تأهيلاً وفرصاً، وتأهيل الشباب من الجنسين وفق برامج تنمية المهارات في المجالات المختلفة والدفع بهم إلى الصفوف الأولى في القيادات، في كافة المجالات، والاستثمار الأساس في التعليم والصحة والتنمية البشرية والبيئة والتقنية والمواصلات والاتصالات. ولدينا ثروات نفطية وغازية ومعدنية ولدينا الأسماك وتنمية مزارعها ووقف العبث بها.. ولدينا ميناء عدن كميناء حر ليستعيد مكانته وسنستفيد من خبرات الأشقاء في الجوار في هذا المجال.. ولدينا شواطئ بحرية على البحر الأحمر تشرف على مضيق باب المندب (الممر الدولي الهام ) وشواطئ ممتدة بطول حدودنا الجنوبية على بحر مفتوح هو البحر العربي الذي يشكل منفذاً بحرياً هاماً يتجاوز المضايق البحرية لمضيق هرمز وباب المندب.
س ـ هل لديكم إمكانيات وأدوات إقامة دولة في الجنوب، وكفاءات وكوادر إدارية ووظيفية لضمان إدارة الدولة، والقدرة على تشكيل برلمان وحكومة بعيداً عن الصراعات الحزبية والقبلية والعشائرية؟
ج: الصراعات القبلية عندنا محدودة ويمكن حلها.. وشعبنا متآلف مع الانضباط للدولة وأنظمتها وقوانينها، وله في ذلك تجارب قريبة نسبياً تتراوح بين 65 عاماً و177 عاماً، علاوة على تجارب لقرون لدول في الجنوب كان بعضها قائماً إلى 1967م، على اختلاف مناطق الجنوب. ولدينا والحمد لله كوادر في كل المجالات في الداخل وفي المهاجر ولدينا تجارب برلمانية، في عدن ولحج، وإدارية راقية فيها وفي حضرموت.. وفي ظل النظام والقانون تنتفي الصراعات الحزبية وتتحول إلى تنافس إيجابي.
نعم سنحتاج إلى إمكانيات عند التأسيس ولبعض الخبرات وسنستفيد من خبرات الآخرين سواء أشقاء أو أصدقاء وندرك أن بناء دولة على أنقاض هذا الركام من اللادولة ليس أمراً سهلاً وسنواجه صعوبات في البدايات الأولى، وهذا أمر طبيعي،لكننا مصممون على النجاح بإذن الله وليست لدينا عقدة من الاستعانة بخبرات أشقاء وأصدقاء , فالحكمة ضالة المؤمن.
س ـ هل توجد قوى إقليمية ودولية داعمة أو مؤيدة لإقامة دولة الجنوب العربي، وما هي مظاهر هذا الدعم أو التأييد؟
ج: هناك تعاطف كبير من أكثر من جهة وسنبذل الجهد في المرحلة القادمة لبلورة هذا التعاطف ليصبح فعلاً بعون الله.
س ـ بعد فترة طويلة من دمج اليمن الشمالي والجنوبي تحت ظل الوحدة اليمنية.. هل تستطيع دولة الجنوب اليمني حال قيامها أن يكون لها اقتصاد قائم بذاته، وجيش وأجهزة أمنية لحماية الحدود وتأمين الداخل وإقامة دولة نظامية وطنية
ج: 25 عاماً ليست فترة طويلة.. ولم يتم فيها أي دمج حقيقي ولكن إقصاء للعنصر الجنوبي من كل فعل حقيقي أو دور حقيقي وأصلاً لم تكن هناك دولة في اليمن بالمفهوم الحقيقي للدولة التي تدرك واجباتها نحو مواطنيها وتقوم بها، وتدرك واجباتها نحو محيطها الاقليمي وتقوم بها، وتدرك واجباتها نحو العالم وتقوم بها، وتدرك أهمية موقعها الجغرافي وتفيد وتستفيد منه.
وكما أسلفت، فإن دولة الجنوب العربي ستعمل على تجاوز الصعوبات ذاتياً وبالاستعانة بالأشقاء والأصدقاء لتأهيلها للقيام بواجباتها اقتصادياً وأمنياً وعسكرياً. وندرك الصعوبات ولكن ليس أمامنا إلا مواجهتها بالحلول اللازمة والنجاح في ذلك.
س ـ يشرف الجنوب على سواحل بحرية طويلة، وكذلك على ممر مائي عالمي هو مضيق باب المندب، فهل لديكم خططاً لتأمين ذلك المضيق وتلك السواحل، وهل لديكم القدرات العسكرية والعدد والعتاد اللازم لذلك؟
ج: ندرك هذا لكن لا ندعي أن لدينا الآن القدرات العسكرية والعدد والعتاد اللازم لذلك، لكن من المعلوم أن مضيق باب المندب هو ممر دولي يقع مع جزيرة "ميون" ضمن حدودنا وأن علينا واجب حمايته وأيضاً العالم يتعاون معنا في هذا. وكل تلك الأمور محل اهتمام لوضع الخطط وتحديد الاحتياجات لهذه الأمور ولدينا كوادر عسكرية وأمنية لديها خبرات في هذا المجال ستقوم بذلك.
س ـ هل لديكم تنسيق مع دول أخرى لمساعدتكم في تدريب وتأهيل الكوادر القادرة على تحمل أعباء إدارة الدولة الجديدة التي تأملون الإعلان عنها؟ وهل يوافق المجتمع الدولي والإقليمي على قيام هذه الدولة؟
ج:كنّا بصدد ترتيب بعض هذه الأمور وجاءت الحرب التدميرية للجنوب لتستهلك معظم الجهود.. وبصدد وضع خارطة لكل ما يستوجب تجهيزه وعمله وآليات القيام بذلك.. وسبق الإشارة للمواقف الاقليمية والدولية.. وأعتقد في المرحلة القادمة ستتبلور كثير من هذه الأمور.
س ـ تحدثتم في مناسبات ومقابلات إعلامية سابقة عن كونفدرالية.. مع أي أطراف تكون هذه الكونفدرالية، وهل تقصدون دولة كونفدرالية مع اليمن الشمالي أم مع دول أخرى مجاورة؟
ج: الكونفدرالية بمفهومها العام في القانون الدولي هي "اتفاقية تعاهدية".. تتم بين دولتين أو أكثر ذات سيادة، وتظل كل دولة من الدول، التي تقيم تلك العلاقة، محتفظة بسيادتها كاملة، حدوداً وقراراً ومؤسسات دولة وهوية وعلماً...إلخ؛ وتكون بين تلك الدول اتفاقات في المجالات التي توجد فيها مصالح مشتركة، مثل الجمارك أو الضرائب أو العملة أو التأشيرات أو شؤون خارجية...إلخ.. وتستطيع أي دولة، متى شاءت، أن تنسحب من الكونفدرالية كلياً أو من أي مجال من مجالات الإتفاق.. كما أن أي حرب تنشأ بين أي دولتين شريكتين في "الاتفاقية التعاهدية" – الكونفدرالية تعتبر حرباً دولية وليس أهلية وينطبق عليها القانون الدولي. أما الفيدرالية فهي إحدى نظم الدولة الواحدة؛ وكل ولاية أو مقاطعة أو إقليم في الدولة الفيدرالية هو جزء من الدولة، وسيادته جزء من سيادتها، ويخضع لسلطة الدولة؛ وأي حرب بين ولايتين أو أكثر هي حرب محلية تخضع لقانون ودستور الدولة.
ونحن طرحنا مبكراً أن تقوم كونفدرالية بين دول الجزيرة العربية تبدأ بالدخول في مجلس التعاون لدول الخليج العربية فيصبح مجلس التعاون لدول الجزيرة العربية ويتم تطوير المجلس إلى مستوى الكونفدرالية. واليمن الشقيق جزء من الجزيرة العربية ونحرص على علاقات متميزة معه وتوجد مصالح مشتركة بيننا خاصة المحافظات المحادة لنا والحديدة وإب...إلخ. ومن واجبنا جميعاً التعاون مع اليمن الشقيق لتأسيس دولته، أو دولتيه، الحديثة وتجاوز أزماته ليكون جزءاً من مجلس التعاون لدول الجزيرة العربية ومن ثم في الاتفاقيات التعاهدية (الكونفدرالية) فكل ذلك يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم.. ويمكّننا من تبادل المصالح المشتركة مع بعضنا ومع العالم.
س ـ هل تطمحون للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بعد قيام دولتكم المأمولة؟ وهل ستطلبون ذلك رسمياً؟
ج: بالطبع.. وسنطلب ذلك رسمياً.. وقد أشرت لذلك في إجابتي على السؤال السابق.
س ـ ما هي صيغة العلاقة المتوقعة بين دولة الجنوب العربي واليمن في الشمال مستقبلاً، وكيف تنظرون إليها حالياً، وهل هي دولة احتلال أم دولة جوار أم دولة وحدة وشعب واحد؟
ج:أشرت آنفاً إلى أهمية العلاقة مع دول المنطقة , وأمر مؤكد مع اليمن الشقيق. حالياً هي دولة احتلال ولم يكن هذا الأمر بهذا الوضوح للعالم كما هو اليوم. هل يمكن لغير محتل، بل محتل طاغٍ، أن يزاول هذا القتل للمدنيين نساء وأطفالاً وشيوخاً والتدمير للبنية التحتية وللعمارات والبيوت فوق ساكنيها وتشريدهم ومنع وصول الإغاثة إليهم من غذاء ودواء وقطع الكهرباء والماء...إلخ؟!!
الشقة التي أحدثتها حروب الاحتلال وممارسات المحتلين كبيرة؛ وأصبح في وجدان الناس أن لا وحدة ولا بقاء في النفوس لأي شكل من أشكالها بين اليمن والجنوب العربي.. وأبلغ دليل على هذا هو ما التقطته الدكتورة سناء مبارك.. تقول: أن النازحين الجنوبيين خوفاً من قصف الحوثي وصالح على المناطق الجنوبية المحادة لليمن حيث لا يفصلهم عن القرى اليمنية سوى دقائق [وقد يكون لهم فيها أصهار أو أرحام] إلا أنهم لا ينزحون إليها وهي آمنة بل يتجشمون التعب ويواجهون المخاطر في الطريق لينزحوا إلى قرى أو مدن جنوبية أبعد وأصعب طرقات أو يبتعدوا أكثر إلى جيبوتي.. لكن لا نزوح مطلقاً شمالاً إلى اليمن!!
أن تصل الأمور إلى هذا الحد أمر مؤلم لكن استخدام القوة والقتل والتدمير لغرض وحدة مرفوضة أدى إلى هذا وأكثر من هذا. وقلنا لإخواننا في اليمن الشقيق فلنقم دولتنا ولكم دولتكم، أو دولتاكم، ونهدم جدار الكراهية ونبني جسور المودة والمصالح المشتركة خير من وحدة مرفوضة أورثت كل هذه الدماء والدمار.. عشرون دولة بينها الود والمحبة خير من دولة واحدة مليئة كراهية ودمار ودماء وينعدم فيها الأمن والاستقرار والتنمية بل وتسبب هذا في محيطها الإقليمي والدولي.
س ـ بعد أن تم دمج الشعبين الشمالي والجنوبي وكذلك دمج مؤسسات الدولتين في دولة واحدة، كيف يمكن إعادة فصل الدولتين وإعادة فرز المواطنين اليمنيين، وهل يتم ترحيل الشماليين من الجنوب وكذلك استعادة الجنوبيين من الشمال؟لتمكين الشرعية؟
ج: أي دمج؟!! ممارسات الفرض لوحدة مرفوضة والتمييز والقمع والاستحواذ على كل شيء والدماء والدمار.. كل ذلك قد تراكم وأحدث فرزاً تلقائياً.. فلا إشكال في هذا الأمر.. أما المؤسسات فقد فرزتها الحرب بتدميرها.. فلم يعد هناك مؤسسات مختلطة إلا ما ندر من أفرادها هنا أو هناك. أما المواطنون العاديون فسيظلون هنا وهناك كأي شعبين متجاورين يقيم البعض في البلد الآخر كمقيمين، وقد يأخذ جنسية البلد المقيم فيه طبقاً لقانون ينظم هذا الأمر أو كما كان قبل إعلان 22 مايو 1990م يحمل بطاقة "جنوبي مقيم في صنعاء" أو "في تعز" أو غيرها، ونفس القاعدة تنطبق في الجنوب على المقيم من اليمن الشقيق؛ ويكون للمقيم من أي من الدولتين في الدولة الأخرى وضع خاص ينظمه القانون، ولا إشكال في هذا.