شهدت العلاقات البرازيلية الإيرانية طفرة كبيرة خلال عهد الرئيس البرازيلي السابق "لولا دا سيلفا" (2002 – 2010)، ودافعت البرازيل حينها بقوة عن أحقية إيران في امتلاك سلاح نووي للأغراض السلمية، وفي هذا الإطار، نظرت للجدل الدولي حول البرنامج النووي الإيراني باعتباره يمثل فرصة سانحة لإعادة النقاش حول نظام منع الانتشار النووي الدوليبرمته، وللمطالبة بضرورة معالجة مسألة الانتقائية والازدواجية في التعامل معه، إلا أن هذه العلاقات قد شهدت تغيرا ملحوظا في عهد الرئيسة "ديلما روسيف" (2011- الآن).
أولا: الموقف البرازيلي من البرنامج النووي الإيراني
انطلق الموقف الرسمي البرازيلي تجاه الأزمة النووية الإيرانية من عدة ثوابت أساسية، أولها: دعم حق إيران في تطوير تكنولوجيا نووية سلمية، ثانيها: رفض فرض المزيد من العقوبات على أساس عدم كفاية الأدلة لإدانة إيران، وثالثها: رفض امتلاك إيران للسلاح النووي لأغراض عسكرية. ودخلت البرازيل في عهد دا سيلفا على خط الأزمة النووية الإيرانية؛ حيث رفضت فرض عقوبات اقتصادية جديدة ضد إيران من جانب مجلس الأمن الدولي، أو اتخاذ خطوات غير دبلوماسية ضد طهران مبررة ذلك بجدوى الحلول الدبلوماسية، وطالبت بضرورة التمسك بالمفاوضات كوسيلة أساسية لحل أزمة البرنامج النووي الإيراني لتفادي مثل ما حصل في العراق. لذلك، قامت البرازيل مع تركيا بالوساطة بين إيران والغرب من خلال الاتفاق بين إيران وتركيا تحت إشراف برازيلي على تبادل اليورانيوم الإيراني ضعيف التخصيب بوقود نووي عالي التخصيب يعد في تركيا، وهو الأمر الذي كان يعني أن إيران ستخفض من عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة، وذلك في مهلة أقصاها سنة. ولكن هذا الاتفاق لاقى معارضة الولايات المتحدة والغرب، وبناء على ذلك صوتت تركيا والبرازيل (العضوان غير الدائمين بمجلس الأمن في 2010) ضد قرار تقدمت به القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي يفرض عقوبات اقتصادية إضافية على إيران بسبب برنامجها النووي.
ويمكن تفسير الموقف البرازيلي من البرنامج النووي الإيراني بأسباب عدة؛ فالدعم البرازيلي لإيران يعكس حرصها كدولة صاعدة على التواصل مع الدول النامية، رغبة في تعزيز نفوذها الدولي، وفي ظل التطور الهائل الذي شهده القطاع الصناعي البرازيلي فقد حرصت على تنويع علاقاتها التجارية من خلال الحصول على شركاء جدد، وعملت على تعميق العلاقات مع الدول النفطية ومن بينها إيران باعتبارها من أهم الدول المصدرة للطاقة في العالم، فضلًا عن أن البرازيل أصبحت من أكبر مصدري الغذاء واللحوم لإيران، حيث بلغت قيمة صادراتها إلى إيران حوالي ملياري دولار. هذا بالإضافة إلى أن طموح البرازيل إلى تطوير قدراتها العسكرية واهتمامها ببناء المزيد من المفاعلات النووية كما سيتضح فيما بعد، جعلها تراقب عن كثب السياسة الدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني. وبالنسبة لإيران فقد حاولت كسر العزلة الدولية المفروضة عليها، من خلال فتح قنوات اتصال على كافة الأصعدة مع بعض دول أمريكا اللاتينية، وفي مقدمتها البرازيل.
ولا شك أن تدخل البرازيل في أزمة البرنامج النووي الإيراني في عهد دا سيلفا قد حقق لها بعض المكاسب؛ حيث ظهرت باعتبارها وسيط جدير بالثقة، كما عكس مساعيها لكي تكون دولة مؤثِّرة في القضايا الدولية، ومؤهلة للحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن الدولي، وتتمتع بالاستقلالية في سياستها الخارجية.وعلى الجانب الآخر، رأى بعض المحللين أن موقف البرازيل من البرنامج النووي الإيراني في عهد دا سيلفا وتصويتها ضد فرض عقوبات جديدة على إيران في مجلس الأمن الدولي مثَّل خسارة دبلوماسية بالنسبة لها، كما تعارض الموقف الرسمي مع توجهات الرأي العام البرازيلي، حيث رفض 85 بالمائة من البرازيليين امتلاك إيران للسلاح النووي، وأيد 65 بالمائة فرض مزيد من العقوبات ضد إيران، وأشار 54 بالمائة إلى إنهم قد يؤيدون القيام بضربة عسكرية محتملة ضدها، وذلك وفقًا لاستطلاع لمركز بيو الأمريكي عام 2010. كذلك أدى التحرك الدبلوماسي البرازيلي بشأن البرنامج النووي الإيراني إلى تزايد المخاوف لدى بعض البرازيليين من فقدان بلادهم لمصداقيتها الدولية؛ نتيجة ارتباطها بنظام سلطوي يقمع معارضيه، ومعارضتها لموقف مجلس الأمن الدولي من قضية أمنية دولية ملحة. ولم يتعارض الموقف البرازيلي الرسمي مع الموقفين الأمريكي والأوروبي فحسب بل تعارض أيضًا مع موقف الصين وروسيا اللتين أيدتا فرض عقوبات جديدة ضد إيران.
وبخلاف ما كانت عليه العلاقات البرازيلية الإيرانية خلال عهد لولا دا سيلفا من قوة ورسوخ، فقد شهدت فتورا واضحا خلال عهد الرئيسة ديلما روسيف، حتى أن بعض المسؤولين الإيرانيّين اتهموها بأنها دمّرت سنوات من العلاقات الجيّدة بين البلدين خلال عهد سلفها. وفي هذا الإطار، لم تقم البرازيل في عهد روسيف بأي وساطة فيما يخص الملف النووي الإيراني، كما لم تطرح أي مبادرات جديدة في هذا الشأن، وأكدت البرازيل على أن المخاوف حول البرنامج النووي الإيراني لها "بعض الأساس"، وأنه ربما لن يكون مخصصا للأغراض السلمية فحسب.
ويمكن تفسير الفتور الراهن في العلاقات البرازيلية الإيرانية ببعض الوقائع التي ألقت بظلالها السلبية على العلاقات بين البلدين، ومنها قيام دبلوماسي إيراني يعمل في السفارة الإيرانية لدى البرازيل بالقبض عليه بتهمة التحرش بقاصرات، مما أثار حالة من الغضب الشعبي في البرازيل، كما أن مشاركة الرئيس الإيراني السابق "أحمدي نجاد" عام 2012 في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو+20) بريو دي جانيرو لم تلق ترحيبا سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، كما لم يحضر أي مسؤول برازيلي رفيع المستوى لاستقبال نجاد في المطار، كما قيل وقتها أن نجاد تقدم بطلب للقاء الرئيسة البرازيلية ولكنها قابلت هذا الطلب بالرفض. كما شهدت مدينة ريو دي جانيرو مسيرات حاشدة نظمها مناصرون لحقوق الإنسان تندد بزيارة الرئيس الإيراني باعتباره شخصية غير مرغوب فيها في البرازيل.
وكانت قضية انتهاكات حقوق الإنسان سببا في توتر العلاقات بين البلدين، فديلما روسيف التي تعرضت للاعتقال والتعذيب كمناضلة يسارية خلال فترة الحكم العسكري في البرازيل، جعلت من قضية حقوق الإنسان محورا رئيسيا في سياسة البرازيل الخارجية. وحتى قبل توليها الرئاسة انتقدت روسيف امتناع البرازيل عن التصويت بشأن إيران عام 2010 داخل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وقالت إنها تعارض إعدام امرأة في إيران بالرجم حتى الموت. لذلك أيدت البرازيل في عهد روسيف قرار الأمم المتحدة في مارس 2011 بالتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وهو الأمر الذي لم يكن ليتحقق إذا كان دا سيلفا مازال في السلطة، حيث اشتهر عنه وصف المتظاهرين في إيران بأنهم يشبهون مشجعي كرة القدم الغاضبين. وهذا القرار اعتبر تحولا عن سياسة دا سيلفا السابقة تجاه إيران، مما انعكس بالسلب على العلاقات التجارية الثنائية؛ حيث تشكو بعض الشركات البرازيلية في الوقت الراهن من صعوبة الحصول على أذون الاستيراد الإيرانية، وهو ما يعيق من قدرة البرازيل على الولوج إلى ما كان ينظر إليه باعتباره سوقا حيوية لمنتجاتها.
ويرى بعض المحللين أن عدم اهتمام البرازيل ببرنامج إيران النووي إنما ينبع من رغبتها في إبعاد الأنظار والشكوك حول برنامجها النووي، في ظل قرارها إعادة البدء في خطط إنشاء الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية والتي توقفت منذ سبعينيات القرن الماضي. كما رأى البعض أن رد الفعل الأمريكي والغربي غير المرحب بوساطة البرازيل دا سيلفا بين الغرب وإيران لحل أزمة برنامجها النووي قد أقنعها بضرورة تركيز اهتمامها على أمريكا الجنوبية والابتعاد عن التدخل في قضايا الشرق الأوسط. كما أن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها البرازيل في الوقت الراهن دفعت إدارة روسيف إلى الإنكفاء على الداخل، وعدم التدخل في أزمات خارج حدود جوارها الجغرافي.
وعلى الرغم من ذلك فقد أيدت البرازيل توصل إيران ومجموعة (5+1) التي تضم الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا، في 14 يوليو 2015، إلى اتفاق حول برنامج طهران النووي، وأعلنت الحكومة البرازيلية عن ارتياحها لهذا الاتفاق، مؤكده على دوره في التأكيد على الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي، وأنه يمكن أن يسهم في تطبيع العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي.
وفي أعقاب هذا الاتفاق، عملت إيران على الاستفادة من رفع الحظر الاقتصادي الذي نص عليه الاتفاق النووي مع الدول الست، فقام إيرانيون بشراء عدة محاصيل أخرى من بعض دول أمريكا الجنوبية ونحو 180 ألف طن من الذرة البرازيلية، وهو ما يمكن أن يفسح المجال لانتعاش العلاقات التجارية بين البرازيل وإيران من جديد.
البرازيل حققت بعض المكاسب والخسائر من الدخول على خط الملف النووي الإيراني في عهد دا سيلفا
ثانيا: البرنامج النووي البرازيلي
يمكن تفسير الموقف البرازيلي من البرنامج النووي الإيراني بالنظر إلى برنامجها النووي؛ فالبرازيل أكبر قوة عسكرية في أمريكا الجنوبية، وبلغت قيمة إنفاقها العسكري 31.7 مليار دولار عام 2014، وهذا وضعها في المرتبة الأولى على مستوى دول القارة (ضعف كولومبيا التي هي ثاني أكبر دولة منفقة)، والحادية عشر على مستوى العالم، من حيث قيمة الإنفاق العسكري بالدولار الأمريكي. ولدى البرازيل برنامج نووي يعود لستينيات القرن الماضي، وخلال هذه الفترة قامت بإنشاء مفاعلين نوويين، وعملت على تطوير غواصة نووية، وكان لديها ثلاثة برامج عسكرية نووية سرية بين عامي 1975 و1990، وخطط سرية لإجراء تجارب على القنبلة النووية في منطقة معزولة بغابات الأمازون، ولكن الفكرة توقفت تماما في عام 1990 تحت ضغوط المجتمع الدولي والأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها. ومع التحول الديمقراطي والخبرة السلبية لفترة الحكم العسكري للبلاد خفضت الحكومات المتعاقبة من الميزانية المخصصة للدفاع وأهملت مسألة تحديث الجيش، كما قررت البرازيل التخلي عن سلاحها النووي، وتمت إضافة بند غير قابل للتعديل في دستورها الصادر عام 1988 يحظر بموجبه امتلاك البلاد للأسلحة النووية للأغراض العسكرية، وفي عام 1998 وقعت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وسرعان ما عاد الطموح النووي البرازيلي للتوهج مع تولي الرئيس اليساري لولا دا سيلفا للسلطة، ومنذ عام 2004 أعادت البرازيل التأكيد على رغبتها في إحياء برنامجها للطاقة النووية، وأعلنت عن نيتها بناء محطات نووية لتوليد الكهرباء، وفي عام 2006 اعلنت البرازيل عن افتتاحها منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم تمهيدا لإنتاج الوقود النووي، وفي عام 2007 أعلن دا سيلفا البدء في أعمال بناء المفاعل النووي البرازيلي الثالث (أنجرا 3)، والذي من المخطط أن يبدأ في العمل بحلول عام 2018، إلى جانب المفاعلين النوويين الأخرين (أنجرا 1، وأنجرا 2)،اللذين يقعان على الساحل الشرقي للبرازيل بالقرب من مدينة ريو دي جانيرو.
وفي الوقت الراهن تعكف البرازيل على تعزيز قدرات الردع لديها، بما في ذلك بناء غواصات نووية محلية الصنع، حيث بدأت في 2013 في بناء ترسانة بحرية وقاعدة بحرية ومصنع للهياكل المعدنية سيكون مسؤولا عن إنتاج أول غواصة برازيلية نووية الدفع ستشترك مع فرنسا في بناء هيكلها وستقوم البرازيل فيما بعد بتوفير المفاعل. ومن المقرر أن يتم تسليم الغواصة في عام 2023 لتصبح جاهزة للعمل في عام 2025، وذلك ضمن برنامج طموح لبناء غواصات أعلنته البرازيل عام 2008 بتعاون وثيق مع فرنسا. وفي حال نجاحها، ستنضم البرازيل إلى نادي الدول التي تملك غواصات ذات دفع نووي (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين).
واهتمام البرازيل بتطوير قوتها النووية يعود لأسباب عدة، منها: الاقتناع بأن الانضمام للنادي النووي سيدعم مكانة البلاد على المستوى الدولي، وربما يسهم في توفير مقعد دائم لها بمجلس الأمن الدولي، كما يأتي في إطار رغبتها في تأمين الحدود الشاسعة لغابة الأمازون، التى تمثل أكبر احتياطى من الماء العذب وأكبر محمية طبيعية في العالم، وحماية مساحتها الكبيرة، ضد التهديدات الإرهابية والتهريب بمختلف أشكاله. كما ينبع من حرصها على تطوير استراتيجية مستقلة للدفاع العسكري، ولحماية سواحلها التي تمتد على 8500 كلم وحقولها البحرية في المياه شديدة العمق، وثرواتها النفطية الاستراتيجية في أعماق مياهها الإقليمية لا سيما منذ اكتشافها احتياطيات نفطية هائلة قبالة شواطئها الأطلنطية. فضلاً عن أن البرازيل تمتلك سادس أكبر احتياطي لليورانيوم على مستوى العالم وهذا وحده كفيل بأن يجعلها تعيد التفكير بخططها الدفاعية. كما أن التواجد العسكري الأمريكي في أمريكا الجنوبية، وإعلان كولومبيا عام 2009 عن سماحها للولايات المتحدة باستغلال مجموعة من قواعدها العسكرية دفع البرازيل إلى تطوير قوتها المسلحة.
85% من البرازيليين عارضوا البرنامج الإيراني و54% أيدوا الضربة العسكرية و56% طالبوا بعقوبات إضافية على طهران
ومن الجدير بالذكر أن البرازيل أكبر مستهلك للطاقة في أمريكا اللاتينية، وعاشر أكبر بلد في العالم استهلاكا للكهرباء، وقد اتجهت إلى الاعتماد على الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، بهدف تقليل الاعتماد على النفط، إلا أن تجربة البرازيل مع توليد الكهرباء النووية مكلفة في الوقت الراهن، وتمثل الطاقة النووية 3 بالمائة فقط من إجمالي إنتاج الكهرباء في البرازيل.ويمكن أن يزيد هذا الرقم إلى 5-6 بالمائة إذا قررت الحكومة البرازيلية المضي قدما في خطط إنشاء أربع محطات إضافية وفقاً للتصور المطروح في خطة الطاقة الوطنية 2030.
والبرازيل أكبر بلد في أمريكا اللاتينية من حيث المساحة في حاجة إلى زيادة إنتاجها من الطاقة إلى ثلاثة أمثال حجمها الحالي لتتمكن من تحقيق طموحها في شغل مكانة متقدمة بين القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، خاصة في ظل التوقعات بزيادة عدد السكان إلى حوالي 215 مليون نسمة بحلول عام 2030، وفي تقريرها لعام 2013 بعنوان "توقعات الطاقة العالمية"، أفادت وكالة الطاقة الدولية أن استهلاك الطاقة في البرازيل سيرتفع بنسبة 80 في المائة مع تضاعف متوسط استهلاك الكهرباء لدى الطبقة الوسطى. ومع التغيرات المناخية وموجة الجفاف التي تعرضت لها البلاد عام 2001، من المتوقع أن تصبح أقل اعتمادا على الطاقة الكهرومائية، لتتحول إلى طاقة الرياح البرية والكهرباء من الوقود الحيوي، وستكون الطاقة النووية واحدة من البدائل الاستراتيجية لتوليد الكهرباء، خاصة أن البرازيل تتوافر لديها المهارات والكفاءات اللازمة لذلك، وإن كان هذا يعتمد بدرجة كبيرة على توافر الموارد المالية اللازمة، والتي تتضاءل في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البرازيل في الوقت الراهن.
وبالمقارنة بين الموقفين البرازيلي والإيراني من الطاقة النووية، نلحظ أن ثمة اختلافات بينهما؛ فالبرازيل دولة ديمقراطية وسلمية، ولا يوجد بينها وبين جيرانها خلافات على الحدود، وتتمتع بعلاقات طيبة مع جيرانها وبقية دول المجتمع الدولي، وليست في سباق تسلح مع أي طرف، كما أنها لا تتواجد في منطقة متوترة بخلاف إيران التي تفتعل الخلافات مع أكثر من طرف داخل المنطقة وخارجها. وعلى الجانب الآخر، ثمة أوجه للتشابه بين البلدين، حيث وقع البلدان على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما حافظت البرازيل وإيران على سرية التكنولوجيا النووية. ومثل إيران رفضت البرازيل عام 2004 السماح لفريق الخبراء التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بتفتيش كامل لإحدى منشآتها النووية،مؤكدة على أن المنشأة ستنتج اليورانيوم قليل التخصيب لاستخدامه في مشروعات الطاقة، وليس المادة غنية التخصيب التي تستخدم في الأسلحة النووية، مبررة رفضها بحاجتها إلى حماية المعلومات الخاصة بها، وخوفها من التجسس على منشآتها النووية، ولكن عادت البرازيل وسمحت لبعض مفتشي الأمم المتحدة بزيارة أحد مفاعلاتها النووية بعد الاتفاق على المواقع المحددة التي سيتم تفتيشها.
وقد أثارت التحركات البرازيلية قلق الولايات المتحدة الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إمكانية تطوير قدراتها النووية لأغراض عسكرية، وطالباها بالتصديق على البرتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، الذي كان سيلزمها بفتح منشآتها التي لم تعلن عنها في السابق أمام المفتشين الدوليين، وهو ما رفضته حكومة دا سيلفا، مبررة ذلك بعدم حيادية نظام نزع السلاح النووي، نظرًا لامتلاك بعض الدول دون غيرها للسلاح النووي، كما أكدت البرازيل على أن دستورها يضمن إجراء الأنشطة النووية للأغراض السلمية فقط، ويحظر إنتاج السلاح النووي لأغراض عسكرية، مؤكدة على أن الاتفاقيات الدولية التي قامت بالتوقيع عليها توفر الضمانات الكافية في هذا الشأن. ولذلك فيعتبر العديد من المراقبين البرازيل أكثر تعاونا من إيران في مجال التفتيش الدولي، وإن كان البعض يبدي مخاوفه من أن البرازيل قد تتجه نحو الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية، مع تزايد قدرتها على التخصيب، ومع اتجاهها نحو تعزيز قوتها النووية بالتعاون مع فرنسا وروسيا.