array(1) { [0]=> object(stdClass)#13490 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 101

تنويع مصادر الدخل الحل الاستراتيجي للتغلب على تقلبات أسعار النفط

الإثنين، 02 تشرين2/نوفمبر 2015

منذ يونيو 2014م، هبطت أسعار النفط بأكثر من النصف، لتقترب من 42 دولارًا للبرميل في أغسطس 2015م، من نحو 115 دولارًا للبرميل، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تسجل الموازنة السعودية عجزا في 2015م، يقارب 19.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك بقية دول الخليج بشكل متفاوت.

لقد ارتبط نمو القطاع الخاص في الفترة الماضية بشكل وثيق بأسواق النفط، كما يمثل النفط نحو 85 في المائة من الإيرادات الحكومية في أغلب دول الخليج، لذلك اضطرت الدول إلى خفض النفقات غير الضرورية، مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية، لما لها من أهمية للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

الرهان على البترول لوحده لا ينهض بالاقتصادات، بالنظر إلى تقلبات أسعاره في سوق النفط العالمية, ترتد بشكل مقلق على موازنات تلك الدول، كما أن الرهان على ما تمتلكه دول الخليج من احتياطيات قد يكون حلا مؤقتا، لكن لا يجب أن يستمر طويلا، وأن الدول مدعوة بقوة إلى تنويع اقتصادها من خارج القطاع النفطي، وكل دول العالم تعاني من تزايد المشكلات الاقتصادية، مما دفع التوجه لإقامة التكتلات الاقتصادية، سواء كانت التكتلات ثنائية أو إقليمية أو حتى شبه إقليمية، باتت هي الخيار الأفضل، الذي تلجأ إليه الدول، من أجل تحقيق الآثار المتوقعة للعولمة الاقتصادية.

إندونيسيا متخوفة من العودة إلى أزمة الآسيان في عام 1998م، فلجأت الحكومة إلى مجموعة من الإصلاحات، كما شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين نموا مذهلا، حيث نما حجم التجارة بين الجانبين  إلى نحو 536 مليار دولار، لكن قدرت صادرات الصين للولايات المتحدة عام 2012م، نحو 426 مليار دولار، بينما قدرت الصادرات الأميركية للصين بنحو 110 مليارات دولار بعجز تجاري نحو 316 مليار دولار لمصلحة الصين، وهذا الرقم يمثل تقريبا 60 في المائة من إجمالي العجز التجاري للولايات المتحدة، واتهمت الولايات المتحدة الصين رسميا بخفض قيمة عملتها السوقية عمدا للزج بصادراتها في منافسة غير عادلة، هذه إحدى القضايا الاقتصادية المثيرة للنزاع بين البلدين، ويتبادل البلدان اتهامات بشأن ممارسات غير عادلة للترويج لصادراتهما من تكنولوجيا الطاقة المتجددة، الأمر الذي ينتهك قواعد التجارة الدولية،  لكن هناك ترابط بين الدولتين، إذا تعتبر الصين أكبر دائن للولايات المتحدة بمبلغ مقدر بنحو 1.3 تريليون دولار، في شكل سندات خزانة، ما جعل قرار رفع الفائدة الأمريكية في يد الصين، بسبب انفجار الضغوط الانكماشية الآتية من الصين، وهو ما يمثل تكافل ما بين الولايات المتحدة والصين يجري على نحو أعمق، الصين وكثير من البنوك المركزية راكمت احتياطيات ضخمة من الأصول المقومة بالدولار، التي تبلغ أكثر من عشرة تريليونات دولار.

منذ عام 1983 أقامت دول المجلس منطقة تجارية حرة، ثم اتحادا جمركيا مطلع عام 2003م، وقد تخلل خلال تلك الفترة إقرار عدد من القوانين والأنظمة والسياسات التي سهلت انسياب نقل السلع والخدمات ووسائط النقل بين الدول الأعضاء، وشجعت المنتجات الوطنية، وفعلت القطاع الخاص في تنمية صادرات دول المجلس. قفز حجم التجارة البينية لدول مجلس التعاون من حوالي 6 مليارات دولار في عام 1986م، إلى ما يزيد على 100 مليار دولار في عام 2013 م، وكان معدل نمو التبادل التجاري قبل توقيع الاتفاق الجمركي عام 2003 م، السنوي قدره 4.6 في المائة، أما بعد عام 2003 م، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري البيني بمعدل نمو سنوي بلغ 18 في المائة.

رغم ذلك لا تزال قيمة التبادل التجاري تتراوح في حدود 10 إلى 12 في المائة من حجم التجارة الخارجية الإجمالية لدول المجلس، وتمثل 19.45 في المائة من إجمالي الواردات لدول المجلس البالغة 541 في عام 2013م.

اتجاه دول مجلس التعاون إلى التعامل مع العالم من خلال اتحاد اقتصادي كامل، سيفرز كيانا مهما على خريطة الاقتصاد العالمي، خصوصا وأن حجم اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي من خلال الإحصاءات في عام 2013 م، جاء في الترتيب الثاني عشر ضمن أكبر اقتصادات العالم، وذلك بالنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس، الذي وصل إلى مستوى 1.62 تريليون دولار، كما أن مجلس التعاون يمثل خامس أهم اقتصاد من حيث التبادل التجاري مع العالم، حيث وصل حجم التجارة الخارجية لدول المجلس في عام 2013 م، مستوى 1.42 تريليون دولار.

 على صعيد الصادرات إلى العالم، سجل مجمل صادرات المجلس مبلغ 921 مليار دولار عام 2013م، وبذلك يكون مجلس التعاون رابع أكبر مصدر في العالم بعد الصين ثم الولايات المتحدة وألمانيا، كما أن واردات المجلس وضعت في الترتيب العاشر عالميا من حيث أكبر المستوردين من العالم.

 تلك الإحصاءات تدل على قوة اقتصادية كبرى لدول مجلس التعاون التي لا يستهان بها، تعطيها مزايا تفاوضية، وجاذبية لاستقطاب الاستثمارات، خصوصا وأن دول المجلس تمتلك موقعًا جغرافيًا متميزًا يقع في وسط العالم.

رغم ذلك فإن نسبة التبادل التجاري لا زالت منخفضة نسبة إلى الكتل التجارية التي ترتفع إلى 67 في المائة من إجمالي صادرات الاتحاد الأوربي البينية عام 2013م، ويبدو أن هناك أسباب أبطأت تسارع نمو التجارة البينية بدول المجلس.

 فمن أهم مقومات نمو التجارة البينية، هو وجود شبكة مواصلات متطورة ومتنوعة، تستوعب حركة نقل البضائع والسلع بين دول المجلس، وهذه الشبكة تتضمن الطرق والموانئ والمطارات وشبكات السكك الحديدية، وعلى الرغم من تفعيل اتفاقية الاتحاد الجمركي، ما زالت حركة التجارة البينية، تعاني من طول أمد الإجراءات الجمركية عند منافذ الحدود خاصة البرية منها، كما أن شبكة المواصلات البرية بين دول الخليج لا تزال ضعيفة البنية ,تكمن أهمية شبكة المواصلات في تقليل تكاليف النقل، ودعم استقرار السوق، وتحقيق التوازن فيه، خصوصا في تقليل تكاليف البضائع الثقيلة كمواد البناء من الدول ذات الفائض والطاقة الإنتاجية العالية إلى الدول ذات الشح في الإنتاج، وذلك من أجل مقابلة الطلب المحلي،وذلك سيساهم في تجنيب السوق المحلي التضخم في الأسعار.

هناك معوقات كثيرة، من خلافات سياسية، ودورها في تأخير بعض الاتفاقيات أو تفعيلها، وضعف إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي، وعدم قدرة بعض الدول على تحقيق المعايير المعتمدة للتقارب الاقتصادي، ولكن في هذه الدراسة سنركز على المعوق البنيوي الأساسي، المتمثل في الربط عبر السكك الحديدية، والربط الكهربائي، والمائي، باعتبارها عقبات رئيسية تبطئ مسيرة التكامل الاقتصادي.

وبالفعل تترقب الأسواق قرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي المتعلق بمصير شبكة السكك الحديدية لدول المجلس لتكون جاهزة للتشغيل بحلول عام 2020، وذلك وفقا لآخر تحليل أجرته شركة ( ميدل ايست ايكونوميك دايجست )، وفي الوقت الذي تحقق فيه مشروعات المترو في كل من الدوحة ودبي وجدة ومكة والرياض تقدما سريعا، فإن جهود تطوير شبكة دول مجلس التعاون الخليجي ما تزال بطيئة.

وفي الوقت الراهن، فإن شبكات الخطوط البرية الرئيسية قيد الإنشاء هي العناصر النهائية لشبكة الحرمين السريعة بين جدة والمدينة المنورة، وخطوط الشحن التي تخدم الدمام والجبيل وخدمات التعدين بمنطقة وعد الشمال.

وقد علق ادوارد جيمس، مدير المحتوى والتحليل بمشروعات ( ميدل ايست ايكونوميك دايجست ) قائلا رغم الأعوام التي انقضت في المحادثات والتخطيط لا نزال بعيدين عن تطوير شبكة السكك الحديدية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، على الرغم من أن ثلاثة أعوام فقط التي تفصلنا عن التاريخ الرسمي للافتتاح، ويبدو أن تطوير مشروعات الشحن والركاب للمسافات الطويلة يمثل تحديا في المنطقة، ويرجع ذلك إلى مجموعة من التحديات التي تتعلق بالتكلفة، والنواحي الجيوسياسية، والتكنولوجيا، وحقوق الطريق.

وفي ظل انخفاض أسعار البترول، يبدو أن مشروعات المترو على قائمة أولويات الحكومات في المنطقة التي تعاني ازدحاما مروريا كبيرا في المدن الرئيسية، رغم ذلك تشهد مشاريع الطرق والسكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي تركيزا استثماريا غير مسبوق حاليا، فيما تستحوذ على الحصة الأكبر من الإنفاق الحكومي، وأظهرت البيانات أن كلفة مشروع الربط الخليجي الموحد خلال السكك الحديد سيتجاوز 20 مليار دولار، وهو يشكل إضافة مهمة لمنظومة النقل في دول المنطقة كما ونوعا، وتمثل جزءا من الخطط التنموية الطويلة الأجل التي تستهدف تحقيق التكامل والتوافق بين دول المنطقة.

كان مترو دبي الملهم الأول لانطلاق عدد من مشاريع الطرق والمواصلات في دول المنطقة، وتستعد دبي لتنفيذ خطة زيادة طول ( الخط الأحمر) للمترو ليصل إلى موقع معرض ( إكسبو 2020 )، فيما تستعد إمارات الدولة لبدء مشروع قطار الاتحاد الذي سيربط كل الإمارات بشبكة نقل ومواصلات فريدة تقدر تكلفتها ب40 مليار درهم، والمتوقع انطلاقه بحلول عام 2018.

وتشهد السعودية أيضا حركة قياسية في هذا المجال، إذ أظهرت البيانات أن السعودية أنفقت ما يزيد على 90 مليار دولار على هذا القطاع، وتتضمن الخطة خمسة مشاريع للمترو والحافلات وآلاف الكيلومترات من شبكات السكك الحديد خلال السنوات العشر المقبلة في مدن السعودية الرئيسية، حتى تصبح السعودية محورا هامًا في مجال النقل والمساندة، بإنفاق ما يزيد على 13 في المائة من المصاريف الحكومية، انسجاما مع استراتيجية جديدة تضع قطاع النقل ضمن أولوياتها، إلى جانب قطاعي الطاقة وتقنية المعلومات.

وحددت الكويت مسارين لمشروع شبكة الحديد بطول إجمالي 574 كيلو مترًا شاملا مسار المرحلة الأولى بين منفذ النويصيب والخفجي جنوبا للربط مع السعودية إلى ميناء مبارك الكبير وجزيرة بوبيان شمال شرق البلاد، ومسار المرحلة الثانية لربط الموانئ الشويخ والشعيبة بشبكة سكة الحديد والربط مع العراق شمالا بمنفذ العبدلي/ سفوان ومع السعودية غربا بمنفذ السالمي، ويتوقع تشغيله مع نهاية عام 2018.

وفي قطر ترتبط مشاريع الطرق والمواصلات في شكل مباشر باستضافة مونديال 2022، وتصل القيمة الإجمالية لمشاريع النقل والسكك الحديد في قطر إلى 40 مليار دولار. كما وقعت كل من قطر وسلطنة عمان عقودا استشارية لإعداد التصاميم الهندسية لمشروع سكة حديد دول المجلس ومشاريع السكك الحديدية الوطنية فيها.

هناك تحول كبير في جميع دول المنطقة في خريطة الاستثمار خلال السنوات الماضية، دليل على أهمية هذا القطاع في تحقيق أهداف التنمية، وسيكون لمشاريع النقل والسكك الحديد والمترو في دول المنطقة، أثر إيجابي في الحركة الاقتصادية والإنتاجية والمنافسة، في حين ستتمكن الدول من تحقيق وفر مالي كبير نتيجة رفع كفاءة القطاع وسهولة حركته وشموله على مستوى الدول والإقليم من خلال مشاريع الربط. بينما يعتبر الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون من أهم مشروعات ربط البنى الأساسية التي أقرها مجلس التعاون، ومن بين الفوائد التي يحققها المشروع تخفيض الاحتياطي المطلوب لكل دولة، والتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ، والاستفادة من الفائض، وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية.

ارتبطت أربع دول أعضاء كهربائيا في ديسمبر في 2009 م، في دولة الكويت، وتم ربط شبكة الإمارات بالشبكة الرئيسية في 20 أبريل 2011م، وبذلك ارتفع عدد دول المجلس المرتبطة كهربائيا إلى خمس دول، ويتمثل الجزء الثاني من المرحلة الثالثة بربط شبكة سلطنة عمان بالشبكة الرئيسية من خلال الإمارات العربية المتحدة، وبذلك يكتمل مشروع الربط الكهربائي بمراحله الثلاث. الربط الكهربائي يعد من أنجح وأهم المشروعات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي، باعتبار أن الطاقة هي المحرك الرئيسي والفاعل في جميع العمليات التنموية الحيوية، كونه يتيح تبادل وتجارة الطاقة على أسس تجارية لتحقيق قيمة مضافة اقتصادية للدول الأعضاء، وهو يعمل وفقا لاستراتيجيات تواكب النمو الاقتصادي والسكاني بدول المجلس، لتطوير أنشطة وأعمال هيأة الربط الكهربائي الخليجي، لتدخل بعد نحو 14 عاما من إنشائها مرحلة جديدة، وهي تفعيل تجارة الطاقة، وإنشاء سوق خليجية مشتركة للكهرباء، قابلة لأن تتطور إلى سوق إقليمية، تتيح للدول خيارات للاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المختلفة.

يجب الأخذ بالتقارير المحلية والعالمية، بمأخذ الجد حول استهلاك النفط في الكهرباء في الدولة الأكبر في دول الخليج وهي السعودية، خصوصا وأنه يرفع تكلفة الكهرباء، وهناك تقارير صادرة من كابيتال انيرجي التي اعتمدت على تقديرات سابقة لشركة أرامكو، حذرت فيه من ارتفاع الاستهلاك المحلي من النفط إلى 8.2 مليون برميل بحلول عام 2030، إذا استمر النمو 8 في المائة سنويا، خصوصا مع زيادة السكان 17 في المائة في السنوات الثلاث الأخيرة حتى عام 2014.

هناك عدم ترشيد في الاستخدام، وارتفاع في تكلفة الإنتاج للكهرباء، وقد أوردت صحيفة الاقتصادية في أحد تقاريرها، بأن تكلفة إنتاج الكهرباء في السعودية 80 هللة، ما يقارب 21.3 سنت للكيلو واط، بينما تكلفة الكيلو واط باستخدام الفحم الحجري يراوح ما بين أربعة وثمانية سنتات، ترتفع من سبعة إلى عشرة سنتات باستخدام الغاز، وإلى 14 سنتا باستخدام الطاقة الشمسية. لذلك كثير من الاقتصاديين، يطالبون باستخدام الغاز في توليد الكهرباء، لتوفير 1.5 مليون برميل يوميا، وتشير التقارير إلى أن نصف احتياطيات السعودية الحالية من الغاز الطبيعي والبالغة 283 تريليون قدم مكعبة، تعتبر من الغاز المصاحب للبترول، والذي يعتمد استخراجه على إنتاج البترول الخام، كما أن كفاءة الغاز في توليد الكهرباء أعلى من كفاءة استخدام النفط.

فيما يستهلك القطاع الصناعي 40 في المائة من الغاز الطبيعي كوقود ولقيم في صناعة الميثانول والأمونيا لإنتاج الأسمدة، وحسب أرامكو عام 2013م، بلغ إجمالي الكميات المباعة من غاز البيع 8.09 تريليون وحدة حرارية باليوم، مدعومة عند سعر 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما السعر العالمي 10 دولارات، فتصل قيمة الدعم السنوي لصناعة البتروكيماويات 40 مليار دولار. وبلغ بيع غاز الإيثان كوقود ولقيم في مصنع الإيثلين في قطاع البتروكيماويات لإنتاج البلاستيك 1.41 تريليون وحدة حرارية باليوم بسعر 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية، أي وصل الدعم عند 18 مليار سنويا، ويعتبرها البعض دعم الصناعات البسيطة، وليس صناعات تحويلية دقيقة متطورة ومتقدمة. وتبيع الدولة برميل النفط لشركة الكهرباء بخمسة دولارات، ما يجعلها تخسر 150 مليار دولار سنويا عندما كانت تبيع البرميل بـ 115 دولارًا.

لذلك تتجه الدولة نحو ترشيد استهلاك الطاقة بنسبة 60 في المائة، لكبح نمو الطلب الداخلي السنوي على النفط والغاز، بجانب إدخال الطاقة النظيفة المستدامة كالطاقة الشمسية، واستغلال طاقة الرياح، إذ تتجه السعودية لإنشاء 16 مفاعلا نوويا بتكلفة 300 مليار دولار، لتأمين احتياجات المستقبل من المصادر الأرخص. تكون جاهزة بحلول عام 2030 م، تغطي 20 في المائة من استهلاك الكهرباء بـ 18 ميجاوات، خصوصا إذا ما عرفنا أن تكلفة إنتاج الكهرباء من الغاز والنفط أعلى 17 مرة من تكلفة التوليد بالطاقة النووية، وتتجه التوليد بالطاقة الشمسية تغطي أكثر من 40 في المائة بإنتاج نحو 40 ميجاوات خلال نفس الفترة من حجم الطلب المتوقع في عام 2030 المقدر ب 120 ميجاوات، مرتفعا من 56 ألف ميجاوات في 31 أغسطس 2014 الذي زاد بنسبة 7.7 في المائة عن عام 2013.

البعض يعتبر أن استخدام أنواع أخرى، وتحديدا الغاز الطبيعي بشكل أكبر، لانخفضت تكاليف إنتاج الكهرباء المفترضة، ما بين سبعة إلى عشرة سنتات للكيلو واط الواحد، ريثما تجهز محطات التوليد بالطاقة النووية، ولهذا يمكن اعتبار الكهرباء وسياسة الدعم مسؤولين وبشكل كبير عن ارتفاع الاستهلاك.

 وتشارك الهيأة في وضع وثائق الحوكمة لمشروع الربط العربي، كما جرى قبول انضمام هيأة الربط إلى مجموعة كبار مشغلي الشبكات، لتصبح ضمن أكبر 17 مشغلا لشبكات الكهرباء في العالم وتغطي 80 في المائة من مجمل الطلب العالمي على الطاقة.

كما يأتي مشروع الربط المائي على رأس أولوية دول المجلس الذي بات يشكل هاجسا كبيرا لدى دول المنطقة، ليس فقط للاستخدامات التنموية والصناعية، بل يعد الملف الزراعي من أكثر القطاعات استهلاكا للمياه.

فقضية الأمن المائي مطلب وطني واستراتيجي، بأن يكون لدينا أمن مائي مرتبط بالأمن الغذائي المستدام، لأن الربط المائي الخليجي معيار الأمن المستقبلي، ويعتبر عام 2012 م، منعطفا مهما لبلورة خطة الربط المائي بشكل أكثر جدية، على أن يكون مصدر المياه من بحر العرب أو بحر عمان، لانخفاض تكاليف شبكة خطوط نقل المياه، وقصر المسافات بينها.

التعجيل ببناء شبكة خطوط نقل المياه، سيخفف الاعتماد الرئيسي لدول الخليج على محطات تحلية مياه البحر الممتدة على ساحلي الخليج العربي والبحر الأحمر التي تنتج ما يقارب عشرة ملايين جالون يوميا من المياه العذبة، 60 في المائة منها مياه تحلية البحر المنتجة، فضلا عن التوتر الحاصل بالمنطقة بسبب الملف النووي الإيراني والتهديدات المستمرة ، إلى جانب وجود تهديد جدي يتمثل في حدوث هزات أرضية، وخاصة من جهة إيران التي تعد منطقة زلازل نشطة.

التكامل الاقتصادي الخليجي تحت مظلة الاتحاد، قادر على مواجهة التحديات القائمة والمستقبلية، خصوصا في ظل التكتلات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، يجعلها تبحث عن كيفية الاستفادة من المزايا النسبية في اقتصادات دول الخليج، لتحقيق منظومة اقتصادية، تقوم على أسس التكامل، وليس التنافس.

المسيرة الخليجية نحو التكامل في الفترة الماضية، تميزت بالبطء الشديد، لكن يبدو أن التحديات التي تهدد دول المجلس الأمنية بعد عاصفة الحزم التي قادتها دول التحالف بقيادة السعودية في اليمن، والاقتصادية نتيجة انخفاض أسعار البترول، يجعلها تسرع الخطى نحو تحقيق المسيرة، وستتغلب تلك التحديات على العقبات السياسية والتنظيمية بالإرادة السياسية والشعبية، التي أدركت حقيقة تلك المخاطر التي تهدد دول المجلس قاطبة دون تمييز بين دوله، خصوصا وأن إيران تعتبر كل دول الخليج المطلة على الخليج دول تابعة لها، فيما تحاصر إيران السعودية من الجنوب في اليمن للسيطرة على مضيق باب المندب.

لم تعد دول الخليج تعمل بمفردها ككيانات مستقلة، مهما بلغت من المكانة والتقدم الاقتصادي، ستبقى مهددة أمنيا، وليس فقط البحرين، بل كل دول الخليج خصوصا بعد اكتشاف الكويت خلية العبدلي، لهي أكبر دليل على أن المخطط الإيراني يستهدف جميع الدول، رغم العلاقات الحسنة التي تربط الكويت بإيران.

 في حين أن التكامل الخليجي من خلال التنسيق، سيحمي مكتسباتها وتقدمها الاقتصادي، بل أن المنافع للدول الأقل وزنا وثقلا ستكون أكبر، خصوصا إذا ما أبعدنا الأثر السياسي عن المجال الاقتصادي.

مجلة آراء حول الخليج