array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 107

من المحيط إلى الخليج .. الواقع والمأمول

الإثنين، 09 أيار 2016

إذا كان التكامل العربي والإسلامي شغل حيزًا كبيرًا من تفكير صناع القرار والنخب من أبناء هذه الدول منذ فترة طويلة بدأت منذ الربع الأول من القرن العشرين أي منذ أن وضعت الحرب العالمية أوزارها، ثم تبلورت هذه الرؤى أكثر بعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية، حيث اتجهت الدول العربية إلى بلورة العمل العربي المشترك فظهرت إلى حيز الوجود جامعة الدول العربية في منتصف أربعينيات القرن العشرين، ثم زادت رغبة الدول والشعوب في التكامل مطلع الخمسينيات الميلادية مع بداية انقشاع الاستعمار الأوروبي وتحرر العديد من الشعوب العربية، ثم توالت مسيرة العمل العربي المشترك بين مد وجزر، وبين نجاح وإخفاق خلال السنوات السبعين الماضية التي شهدت الكثير من الحروب والأزمات، وبدرجة أقل من التكامل والتلاحم.

مع عدم إغفال حقيقة تنامي العلاقات الخليجية ـ المغاربية وتطورها في كافة المجالات ولاسيما في شقها الاقتصادي وكذلك السياسي والعسكري خلال السنوات الأخيرة، لكن التحديات الإقليمية والدولية الجديدة التي طرأ ت على المنطقة العربية بصفة عامة منذ أحداث ما يسمى بثورات الربيع العربي وما تبعها من محاولات ومخططات لخلخلة الأمن الإقليمي جراء التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن العربي، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تعصف باقتصادات العالم، مقابل ظهور تكتلات إقليمية ودولية كبرى أثبتت تفوقًا واضحًا وزاد حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في هذه التكتلات، كل ذلك وغيره يحفز على أهمية التكامل الخليجي العربي، والخليجي المغربي حيث نحن بصدد التركيز على التكامل المغربي في هذه المقال، انطلاقًا من أسباب كثيرة مهمة وتمثل مرتكزات ودعائم لهذا التكامل نظرًا لكثير من الدواعي والأهداف.

ورغم الاتفاقيات واللجان المشكلة بين الجانبين، ورغم الفرص المتاحة والممكنة، مازال حجم التبادل التجاري بين الجانبين ( الخليجي والمغاربي ) دون الطموح، وأيضًا مازالت فرص استغلال المزايا النسبية للجانبين أقل من الاستفادة من المتاح والمتوفر سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني والعسكري، رغم أن التحديات المحيطة بالجانبين تكاد تكون متطابقة ومشتركة، سواء في مواجهة خطر الإرهاب العابر للحدود ولا سيما تنظيم داعش الإرهابي، أو تنظيم القاعدة الذي يغير أسمه في المنطقتين ولا يغير أهدافه ومشروعه التخريبي ورغبته التدميرية، وغير ذلك من التنظيمات العابرة للحدود والتي تتوسع في الفراغ الأمني وضعف قبضة الدولة في العديد من الدول العربية التي تعرضت إلى موجة الثورات الأخيرة كما هو الحال  في ليبيا، وسوريا، والعراق، واليمن وغيرها من الأقطار العربية التي نمت فيها جماعات الإسلام السياسي والتي تسعى إلى الوصول إلى السلطة بالعنف المسلح.

ورغم الانفتاح الإعلامي والثقافي وتدفق المعلومات وانسيابها، إلا أن تأثير القوى الناعمة بين الجانبين الخليجي والمغاربي على التكامل غير مؤثر بالشكل الكافي ودون مستوى التأثير المطلوب، ومازالت هناك مسافة ثقافية وإعلامية موجودة، ولم يتم توظيف وسائل الاتصال الحديثة في التقارب وتوضيح حقيقة الواقع المعرفي والثقافي ومواطن التلاقي بين الجانبين، ومن ثم توضيح مواقف الدول والشعوب تجاه القضايا المشتركة لأسباب تعود للطرفين، فدول مجلس التعاون الخليجي قد تكون انكفأت على قضاياها الملحة ومنها ما تمثله الجماعات الإرهابية من خطر مباشر، ودور إيران في زعزعة الأمن الخليجي،و محاولاتها المستمرة لنشر الفتن الطائفية والعقائدية لتصدير ما تسميه بـ (الثورة) والتي تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي مباشرة وبقية الدول العربية بدون استثناء، إضافة إلى الأوضاع المضطربة في اليمن وسوريا والعراق، فيما تبدو دول الاتحاد المغاربي أكثر قربًا من الناحية الجغرافية والثقافية بدول الاتحاد الأوربي والدول الإفريقية جنوب الصحراء، إضافة إلى قضاياها الاقتصادية، ومواجهتها للإرهاب المتنامي في شمال إفريقيا، وغير ذلك من الظروف أو المشكلات الإقليمية.

دول مجلس التعاون الخليجي من جهتها، تولي استقرار الدول العربية المغاربية اهتمامًا كبيرًا، وتتبنى دعم الأمن الإقليمي لهذه الدول الشقيقة، وتدعو إلى الحل السياسي في ليبيا لصد موجات الإرهاب التي تجتاح هذه الدولة المغاربية العربية، من أجل تعافيها وحفظ وحدة أراضيها وعودتها دولة فاعلة في منظومة العمل العربي المشترك، كما تؤيد التحول السياسي السلمي في تونس وترفض المحاولات الإرهابية التي تريد جر تونس إلى مواجهة مع الإرهاب على حساب التنمية والاستقرار، وهذا النهج تنتهجه دول مجلس التعاون تجاه الشقيقات الجزائر والمغرب وموريتانيا، لأن دول الخليج العربية لا تمتلك طموحات إقليمية أو مطامع في دول المغرب العربي، وفي مساعيها تنطلق من الإيمان وتؤمن بأن الأمن العربي لا يتجزأ ولا ينفصل، و بالدرجة نفسها تؤمن  دول مجلس التعاون أن المصير العربي واحد من المحيط إلى الخليج، خاصة في ظل موجة الهجوم الإقليمي على الدول العربية ومحاولات النيل من دولها وتهميشها وتقزيمها وتقسيمها لتمرير مخططات واضحة ومعروفة لصانع القرار في كافة الدول العربية.

دول مجلس التعاون تنظر إلى دول المغرب العربي نظرة واحدة بنفس الدرجة من الأهمية والمساواة في التآخي باعتبارهم جناح الأمة العربية في قارة إفريقيا ومفتاح التعامل مع القارة السمراء، ويقابل ذلك نظرة وتعامل مماثل من الدول المغاربية تجاه الأشقاء في دول مجلس التعاون.

ونعتقد أنه جاء وقت تفعيل التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد المغربي، على أن يعتمد هذا التكامل على تعظيم المصالح المشتركة ذات المردود الإيجابي على الشعوب والاستفادة من المقومات ومصادر القوة المتمثلة في الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية والسواحل الطويلة والتحكم في الممرات المائية الدولية الهامة، والسوق الاستهلاكية وتنوع الإنتاج والقوة البشرية والعسكرية، وغيرها لمواجهة تمدد التنظيمات الإرهابية، وتحقيق تنمية مستدامة وأن يكون ذلك عبر تطوير آليات اللجان المشتركة أو استحداث المزيد منها حتى يتمكن الطرفان من الوصول إلى مرحلة التكامل الذي ينعكس بالإيجاب على تعضيد العمل العربي المشترك، وملء الفراغ الذي يضرب العديد من الدول العربية، ثم تحصين المنطقة العربية برمتها من المخططات الإقليمية والدولية التي توجه سهامها ضد دول المنطقة.

ولتحقيق ذلك لابد أن تتوفر الإرادة للمضي قدمًا نحو تكامل حقيقي يقوم على أسس راسخة واضحة الأهداف، لتحقيق نتائج لصالح شعوب هذه الدول،والمهم في الموقف الخليجي هو صيانة الأمن القومي العربي بغض النظر عن الانتماء الجغرافي لأي دولة عربية.

مقالات لنفس الكاتب