array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 108

مجلس التعاون الخليجي والقضايا العربية: قراءة تحليلية في بياناته الختامية (1981-2016)

الإثنين، 06 حزيران/يونيو 2016

ليست مصادفة أن يُولى مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه في مايو1981م، اهتمامًا ليس فقط بقضايا دوله الأعضاء، وإنما بالقضايا العربية، إذ حظيت الأخيرة باهتمام القادة الخليجيين منذ البيان الأول التأسيسي لمجلس التعاون، إذ نص في ديباجته على أنه من بين أهداف تأسيسه هو خدمة الأهداف السامية للأمة العربية، ودعم القضايا العربية والإسلامية.

ومن هذا المنطلق، يمكن رصد حجم الاهتمام الخليجي بالقضايا العربية على مدار الخمسة والثلاثين عامًا من خلال قراءة تحليلية للبيانات الختامية الصادرة عن اجتماعات القمة، مع التأكيد على أن المقصود بالقضايا العربية في هذا التقرير هي القضايا العربية غير الخليجية ما لم يكن هناك طرف عربي في هذه القضية، مثال ذلك لن تتعرض الدراسة لمشكلات الجزر الإماراتية المحتلة رغم أنها قضية عربية، إلا أنها تخص أحد أعضاء المجلس (الإمارات) والطرف الآخر في القضية ليس عربيًا (إيران).

في البدايةنسجل ثلاث ملاحظات أساسية تعكس مدى اهتمام مجلس التعاون بالقضايا العربية، وذلك على النحو التالي:

الأولى، رغم أن البيان الأول الصادر عن الاجتماع التأسيسي لدول مجلس التعاون في مايو 1981م، وكان تركيزه على تحديد الهدف من تأسيس المجلس واقرار نظامه الأساسي، إلا أنه لم يغفل الإشارة إلى القضايا العربية المثارة على الساحة آنذاك. وإذا كان من المفهوم إشارة البيان إلى الجهود المبذولة لوقف الحرب العراقية الإيرانية (1908- 1988م) باعتبارها من المشاكل التي تمس بشكل مباشر أمن منطقة الخليج واستقرارها، بل إن البعض يرجع تأسيس المجلس في جانب منه لمواجهة التدخلات الإيرانية ما بعد ثورة 1979م، وتبنيها مبدأ تصدير الثورة، إلا أن هذا الرأي لا يقدم تفسيرًا شاملاً لمّا تضمنه البيان من قضايا عربية أخرى منها قضية الصراع العربي ــ الإسرائيلي، إذ طالب بتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في الشرق الأوسط ووقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وهو ما يؤكد إدراك قادة دول مجلس التعاون أن نجاح المجلس في تحقيق أهدافه استقرار يتطلب استقرار المنطقة برمتها بإرساء السلام والاستقرار، وهو ما يفسر شمول بيانات القمم الخليجية منذ بيانها الأول للقضايا العربية.

 الثانية، إنه في خضم أشد اللحظات خطورة وتهديدًا لدول مجلس التعاون وأهمها العدوان العراقي على الكويت في أغسطس 1990م، لم تغب القضايا العربية عن اهتمامات قادة دول المجلس، بل إن مراجعة البيان الصادر عن القمة الحادية عشر التي عُقدت في العاصمة القطرية (الدوحة) في ديسمبر 1990م، أي بعد أربعة أشهر من العدوان، توضح اهتمامًا واسعًا بالقضايا العربية بدءًا من التأكيد على أهمية حرص القادة الخليجيين على تدارك انهيار البيت العربي ورأب الصدع الذى ترتب على عملية العدوان، مع تسخير كافة الإمكانيات المادية والبشرية لخدمة القضايا العربية، مرورًا بقرار القمة الخاص بتدشين برنامج لدعم جهود التنمية في الدول العربية، وصولاً إلى تناول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية وكذلك الاهتمام بقضايا لبنان الداخلية. وهو ما يعطي مؤشرًا على مدى الحرص الذي يوليه قادة دول المجلس بالقضايا العربية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية.

الثالثة، تضمنت بعض البيانات دعوات تتعلق بآلية التعامل مع الكثير من القضايا العربية، وعكست هذه الدعوات بعد نظر القادة الخليجيين، بعضها تمت الاستجابة لها وبعضها الآخر لم يلق تفعيلاً بما زاد من تفاقم الأوضاع واتجاهها نحو مزيد من التدهور، ومن بين الدعوات التي تحققت الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية الأمم المتحدة (البيان الختامي للقمة الثامنة-نوفمبر 1987م) وقد انعقد مؤتمر مدريد وإن لم تلتزم إسرائيل بمقرراته. إلا أنه لم تلق الدعوة الخليجية لإزالة الخلافات العربية ــ العربية وتعزيز التضامن العربي، بدءًا من البيان الختامي الثاني (نوفمبر 1981م) وتكرارها في كثير من البيانات التالية، أية استجابة من الدول العربية. وكانت الدعوة أيضًا إلى تحسين جهود التنمية بما ينعكس إيجابًا على حياة المواطن العربي (البيان الختامي للقمة الحادية عشرة ديسمبر 1990م). وفى الإطار ذاته، كان لدول مجلس التعاون الأسبقية في الدعوة إلى مواجهة التطرف والإرهاب، وطالبت علماء المسلمين بتوضيح ذلك، مع المطالبة بعقد اتفاقية دولية لمكافحة الإرهاب (البيان الختامي للقمة الخامسة عشر ديسمبر 1994- البيان الختامي للقمة الثامن عشرة ديسمبر 1997م) وقد تحقق جزء من هذه الدعوة فيما عرف بالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة في أبريل 1998م، وكانت موضع ترحيب أيضًا من المجلس إلا أنها لم تلب الدعوة بصورتها الأوسع (البيان الختامي للقمة التاسع عشرة ديسمبر 1998م) الهادف إلى إبرام اتفاقية دولية تلزم الأطراف كافة.

في ضوء هذه الملاحظات الثلاث، يمكن استعراض القضايا العربية غير الخليجية في بيانات قادة دول مجلس التعاون الخليجي من خلال أربع مجموعات:  

الأولى-القضايا العربية الثابتة في بيانات المجلس:

تكشف بيانات قادة دول مجلس التعاون منذ تأسيسه عن الاهتمام بالقضايا العربية، بعضها طرأت تغييرات على مضمونها، وبعضها الآخر ظل ثابتًا مع بعض التطورات، ويمكن إجمال هذه القضايا في قضيتين:

1-  قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، طالبت بيانات المجلس كافة بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة 1967م، ووقف الاستيطان ودعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وإرساء السلام العادل والشامل على أساس قرارات الشرعية الدولية، ووفقًا لمبادرة السلام العربية. مع التأكيد على أهمية وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي.

2-  القضية العراقية، ظل العراق بأزماته محورًا ثابتًا في بيانات المجلس كافة، وإن تغيرت طبيعة الأوضاع، فخلال الفترة (1981-1989م) كان الاهتمام بإنهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية، أما خلال الفترة (1990-2003،) فقد انصب الاهتمام على العدوان العراقي على الكويت، وتنفيذ التزامات العراق حيال الكويت المتعلقة بالتعويضات، أو بملف الأسرى الكويتيين وبقية قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وخلال الفترة (2003-2016م) حظيت الأوضاع الداخلية في العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي باهتمام دول المجلس.

الثانية-القضايا العربية شبه الثابتة:

أولى المجلس إلى جانب القضايا العربية الثابتة في بياناته، اهتمامًا خاصًا بمجموعة أخرى من القضايا وردت في بيانات المجلس بشكل متكرر وليس ثابت، وتركزت فيما يلي:

1-  الأوضاع في لبنان، حظيت لبنان وقضاياها الداخلية باهتمام دول المجلس، إذ وردت في 21 بيانًا بنسبة (58%)، صادرة عن القمم التالية (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 34). والاهتمام كان منصبًا على التوترات التي شهدها لبنان، إذ أنه في الثمانينات حتى أوائل التسعينيات كان لبنان في مرحلة تعافيه من الحرب الأهلية التي انتهت باتفاق الطائف. الأمر ذاته تكرر مع التداعيات التي صاحبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري" ثم عمليات الاغتيال السياسي وهو ما جعله موضع اهتمام دول المجلس. يضاف إلى ذلك أزمة لبنان المستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي لجزء من أراضيه، وازداد الاهتمام بالأوضاع اللبنانية مع قيام الثورة السورية وانغماس حزب الله اللبناني في الأزمة.

2-  إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، مثلت هذه القضية نقطة محورية شغلت دول المجلس في أعقاب العدوان العراقي على الكويت، حرصًا على استقرار المنطقة، ولذا طالبت دول المجلس بإخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل مع ضرورة إخضاع المنشآت الإسرائيلية للتفتيش الدولي، ومنع امتلاك أي طرف لأسلحة الدمار. لكن هذه الدعوة الخليجية لم تجد الآذان الصاغية سواء من المجتمع الدولي أو من الأطراف الإقليمية وهو أدى إلى تفاقم أزمة البرنامج النووي الإيراني على استقرار المنطقة. وهذه الدعوة وردت في(14) بيانًا بنسبة (39%)، صادرة عن القمم التالية (12، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28).

3-  اليمن، يمثل اليمن العمق الاستراتيجي لدول مجلس التعاون، وقد وردت في 13 بيانًا بنسبة (36%)، صادرة عن القمم التالية (3، 4، 22، 23، 27، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 35، 36)، ويلاحظ أن هذا ثمة تباين في الاهتمام الخليجي باليمن، صحيح أنه بدأ منذ البيان الثالث والرابع، إلا أنه ظل غائبًا حتى القمة الثانية والعشرين وإن ورد بصورة غير ثابتة حتى القمة الثلاثين، إذ أصبح حاضرًا بصفة دورية في كل بيانات القمم، وهو ما يمكن تفسيره في أن بداية الاهتمام كانت بسبب النزاع بين اليمن وسلطنة عمان ونجاح المجلس في تسويته وتم تبادل البعثات الدبلوماسية بين الطرفين. ومع بدايات الألفية الجديدة وبعد أن تمكن المجلس من تجاوز أزمته مع العدوان العراقي على الكويت، اتجهت الأنظار نحو تعزيز التعاون مع اليمن عبر إدماجه في بعض الأجهزة التابعة للمجلس، ومع امتداد الحراك العربي لليمن كان الدور الخليجي واضحًا عبر المبادرة الخليجية ونجاحها في عبور اليمن أزمته، إلا أن تدخل بعض الأطراف الإقليمية وتحديدًا إيران في الأزمة عبر دعم الحوثيين شهد اليمن انتكاسة، إلا أن المجلس ظل داعمًا للشعب اليمني  من خلال التحالف العربي لاستعادة الشرعية فيما عُرف بعاصفة الحزم التي انتهت لتبدأ عملية إعادة الأمل لإعادة بناء اليمن.

الثالثة-القضايا العربية المتغيرة طبقًا للظروف والأوضاع:

        حظيت بعض القضايا العربية باهتمام مجلس التعاون بصورة متباينة طبقًا للتغيرات، وشملت هذه المجموعة بقية القضايا العربية الواردة في بيانات المجلس، وتشمل ما يلي (مرتبة حسب مرات التكرار في البيانات):

1-  الدعوة إلى نبذ الخلافات العربية العربية-العربية، إذ وردت هذه الدعوة في (9) بيانات بنسبة (25%) صادرة عن القمم التالية (1، 2، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 29)، ويلاحظ أنها تركزت في بداية تأسيس المجلس سعيًا لتدعيم الروابط العربية ــ العربية. وتجددت أيضًا مع عقد القمة الاقتصادية الاجتماعية في الكويت باعتباره خطوة أولى على طريق تعزيز العمل المشترك. ولكن يظل عدم الاستجابة لتكرار الدعوة الخليجية لجميع البلدان العربية بضرورة تسوية كافة خلافاتهم ونبذ الفرقة والتأكيد على تضامنهم، عاملاً رئيسًا فيما وصلت إليه الأوضاع العربية اليوم من صراعات ومشكلات.

2-  الأزمة الصومالية، مثلت الصومال الواقعة على الجانب الآخر من البحر الأحمر نقطة ارتكاز مهمة للأمن الخليجي. ولذا، فقد أولى المجلس اهتمامًا خاصًا بها منذ بداياتها في تسعينيات القرن الماضي، إذ ناشد المجلس الأطراف الصومالية منذ البداية بضرورة اللجوء إلى الحوار والاحتكام إلى المفاوضات بعيدًا عن لغة السلاح والحرب حفاظًا على وحدة الدولة واستقلالها وسيادتها، وهو ما تكرر في (8) بيانات بنسبة (22%) صادرة عن القمم التالية (12، 13، 14، 27، 28، 29، 30، 31). ولكن رغم هذه الدعوة بل وتوسط العاهل السعودي الملك الراحل "عبد الله بن عبد العزيز" في الأزمة، إلا أنها لم تكن هناك استجابة من الأطراف الصومالية مما أدى إلى ضياع الدولة وتقسيمها.

3-  ظاهرة التطرف والعنف والإرهاب، يظل اهتمام المجلس المسبق بهذه القضية، إذ حذر بجلاء من التداعيات الخطيرة لهذه الظاهرة وانعكاساتها على أمن واستقرار دول المنطقة، وقد ورد هذا التحذير في (8) بيانات بنسبة (22%) صادرة عن القمم التالية (7، 15، 16، 17، 18، 19، 22، 30)، وكان أول حديث للمجلس عن هذه القضية كان في قمته السابعة (نوفمبر 1986م) بشأن تناوله لتدهور العلاقات السورية البريطانية رافضًا الربط بين العرب والإرهاب، ثم تتالت بيانات المجلس في التحذير من خطورة هذه المشكلة، رافضًا في الوقت ذاته الربط أيضًا بينها وبين الإسلام، مطالبًا علماء المسلمين بتوضيح التباين بينهما مع ابراز الصورة الحقيقية للإسلام. كما حرص المجلس في بياناته التأكيد على أهمية عدم الخلط بين دعم وحماية الإرهاب واحترام حقوق الإنسان، تلك القضية التي يُعاد إثارتها اليوم من جانب بعض الدول الأوروبية ضد دول المنطقة في حربها مع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.

4-  الأزمة السودانية (خاصة أزمة دارفور)، انصب اهتمام المجلس بالأوضاع السودانية وصراعاتها المتعددة، إذ وردت في (7) بيانات بنسبة (20%) صادرة عن القمم التالية (26، 27، 28، 29، 30، 31، 32)، ويلاحظ أنها تركزت بصورة واضحة على أزمة إقليم دارفور، ومطالبة جميع الأطراف اللجوء إلى المفاوضات بعيدًا عن السلاح، ورفض التدخلات الخارجية موقف المحكمة الجنائية الدولية في الاتهامات الموجه إلى الرئيس السوداني "عمر البشير".

5-  إعلان دمشق وبرامج الدعم الخليجية، رغم أنه لم يرد الحديث عن إعلان دمشق سوى في ثلاث قمم تلت حرب الخليج الثانية (11، 12، 13)، إلا أنه مثل مرحلة مهمة في تاريخ العلاقات الخليجية العربية، حيث جمع الإعلان دول الخليج مع مصر وسوريا في مرحلة ما بعد العدوان العراقي على الكويت، بما حافظ على العلاقات العربية ـ العربية في ضوء ما أصابها من تراجع بسبب هذا العدوان، إذ لعب هذا الإعلان آنذاك دورًا مهمًا في رأب الصدع العربي. إلى جانب ذلك ظلت برامج الدعم الخليجية المقدمة للدول العربية مستمرة، وقد ورد هذا الخطاب المدلل على أهمية التعاون الخليجي العربي في (3) بيانات صادرة عن القمم التالية (20، 29، 30).

6-  الأزمة السورية، أولى المجلس اهتمامًا بسوريا في معرض تناوله لقضية الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة، إذ تعد الجولان أرض سورية محتلة منذ عام 1967م، كما أبدى أيضًا اهتمامًا بسوريا في قمته السابعة، إذ أبدى أسفه بسبب تدهور العلاقات السورية البريطانية رافضًا كما سبق الإشارة الربط بين الإرهاب والعرب. ومع قيام الثورة السورية في 2011م، أعطى المجلس لها اهتمامًا خاصًا، نظرًا لما يتعرض له الشعب السوري من إبادة جماعية على يد نظام بشار الأسد. ولذا حرص المجلس في بياناته الأخيرة أن يولي دعمًا خاصًا للقضية. وإجمالاً وردت سوريا في (6) بيانات بنسبة (17%) صادرة عن القمم التالية (7، 32، 33، 34، 35، 36).

7-  الأزمة الليبية، حظيت ليبيا باهتمام المجلس مرتين الأولى تعلقت بأزمة لوكيربي، والثانية مع اندلاع الثورة الليبية ضد نظام القذافي. ولذا، فقد وردت ليبيا في (4) بيانات بنسبة (11%) صادرة عن القمم التالية (19، 32، 35، 36).

8-  الأوضاع في مصر، لم يتطرق المجلس في بياناته إلى الحديث عن مصر إلا مع اندلاع ثورة 25 يناير 2011م، وما أعقبها من تداعيات، وصولاً إلى ثورة الثلاثين من يونيو 2013م، إذ وردت مصر في (3) بيانات بنسبة (8%) صادرة عن القمم التالية (32، 34، 35)، ويلاحظ فيما ورد بشأنها التأكيد على دعم المجلس لكافة الخطوات التي اتخذتها القيادة السياسية المصرية ما بعد الثلاثين من يونيو بهدف استعادة دور مصر الريادي والتاريخي.  

9-  تونس، لم تحظ باهتمام كبير من جانب المجلس، إذ لم يرد ذكرها في بيانات المجلس إلا مرتين بنسبة (6%) صادرة عن القمتين (6، 32)، الأولى في إدانته للاعتداء الإسرائيلي على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس، والثانية كانت رسالة تهنئة بمناسبة انتخاب المجلس التأسيسي بعد الثورة التونسية.

10-                     مشاركة بعض البلدان العربية في بعض أجهزة مجلس التعاون ولجانه، حظيت قضية تكامل المجلس مع بعض البلدان العربية عبر إدماجها في بعض أجهزته ولجانه على اهتمام المجلس، خاصة مع تطورات ما وُصف بالربيع العربي، إذ عقد المجلس اجتماعًا بشأن انضمام كل من المملكة الأردنية والمملكة المغربية إلى المجلس (اللقاء الثالث عشر التشاوري في الرياض في 10/5/2011م)، كما ورد كذلك في بيان للقمة (32)، إذ رحب المجلس بهذا الانضمام عبر تشكيل عدد من لجان التعاون المتخصصة في هذا الشأن وصولاً إلى الشراكة المنشودة، مع تأسيس صندوق خليجي للتنمية بمبلغ قدره (2.5 مليار دولار) لكل دولة يقدم الدعم لمشاريع التنمية بها.

11-                     جيبوتي، في إطار إدراك المجلس للدور الذي تلعبه جيبوتي بسبب موقعها على البحر الأحمر وتأثيرها المباشر على الأمن الخليجي، أولى المجلس اهتمامًا بها عبر تقديم دعم مالي لمساعدتها في استكمال برامجها التنموية. ووردت مرة واحدة في بيان القمة (34) أي بنسبة (3%).

12-                     القرصنة البحرية، ارتباطًا بمشكلات الأمن الخليجي في البحر الأحمر في ظل الأزمة الصومالية وتطورات الأوضاع في المنطقة، أولى المجلس اهتمامًا بضمان الملاحة وسلامتها في الممرات المائية وتحديدًا خليج عدن والبحر الأحمر، فتضمن بيانه الختامي الصادر عن القمة (30) إدانة لأعمال القرصنة ومعاونة دول المجلس للدول المطلة على هذه الممرات.

رابعًا-القضايا العربية التي لم تتناولها بيانات المجلس:

        يؤكد ما سبق أنه إذا كان صحيحًا أن ما تضمنته البيانات الختامية الصادرة عن القمم الخليجية يعكس حرص قادة دول المجلس على التفاعل بإيجابية مع أهم القضايا وأبرزها تأثيرًا على الساحة العربية، إلا أنه من الصحيح أيضًا أنها لم تول اهتمامًا ببعض هذه القضايا ذات الأهمية، منها على سبيل المثال وليس الحصر:

-       تطوير جامعة الدول العربية وكيفية إصلاحها في ضوء الخبرة التي اكتسبها المجلس، إذ يذكر أن الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق الدكتور عصمت عبد المجيد قد شارك في الجلسة الافتتاحية للقمة في دورتها التاسع عشرة، وذلك للمرة الأولى والأخيرة. فلم يشارك الأمين العام للجامعة في أي قمة تالية، هذا من ناحية. كما أنه من ناحية أخرى، لم تقدم دول مجلس التعاون خبراتها التي اكتسبتها من طبيعة العمل المشترك في كيفية تطوير أوضاع الجامعة، خاصة في ظل ما تتمتع به هذه الدول من استقرار في أوضاعها السياسية مقارنة بدول أخرى، إضافة إلى قدراتها المالية بما قد يفيد كثيرًا في إصلاح الجامعة العربية ويعزز دورها في التفاعل مع القضايا العربية.

-       لم يول المجلس اهتمامًا بأزمة الصحراء المغربية وتأثيراتها السلبية على العلاقات البينية في منطقة المغرب العربي. إذ صحيح أن المجلس أصبح لديه خبرة في مجال حل نزاعات الحدود كما حدث فيما بين دوله، أو بين بعض دوله ودول الجوار على غرار ما جرى بين سلطنة عمان واليمن، فمن الممكن أن يُستفاد من هذه الخبرة في تسوية قضية الصحراء المغربية، بما يُنهي حالة الانقسام بين دول المغرب العربي.

نهاية القول إن تجربة مجلس التعاون تظل التجربة التكاملية العربية الوحيدة الناجحة سواء على مستوى اهتمامه بقضايا دوله الأعضاء أو بقضايا الأمة العربية، بما يؤكد على أهمية دعمه وتعزيزه، وإن ظلت الرؤية الداعية لتحوله إلى اتحاد خليجي خاصة في ظل خطواته الجادة التي حققها نحو مزيد من التكامل في مختلف المجالات، رؤية تستحق السعي لأن تصبح واقعًا عمليًا يضمن الارتقاء بمستوى هذا التكامل ليعود بالنفع ليس فحسب على أعضائه وإنما على الدول العربية بأسرها، بما قد يُوقف انزلاقها نحو مزيد من التفتت والتمزق والتشرذم. 

مجلة آراء حول الخليج