فرضت الحرب الكورية منتصف الخمسينات من القرن الماضي خريطة تحالفات مازالت مهيمنة على منطقة شرق آسيا، ففى خضم الحرب العالمية الثانية والمواجهة بين اليابان والحلفاء قُسمت الأمة الكورية إلى جزئين، شمالي بنفوذ شيوعي، وجنوبي بنفوذ أمريكي. وما أن حطت الحرب أوزارها حتى برزت التناقضات بين حلفاء الحرب، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، في ضوء التناقضات الأيديولوجية والتنافس العالمي بين الجانبين، ليزداد الانقسام الكوري بتحالفاته الخارجية عمقًا. ومع بدء الحرب بين شطري كوريا عام 1950م، تبلور توازن القوى بين كوريا الشمالية تدعمها بكين وموسكو من ناحية، وكوريا الجنوبية تدعهما واشنطن واليابان من ناحية أخرى. وقد استمر هذا التوازن، وتكرس الانقسام والتباعد بين الجانبين على مدى العقود الأربعة التالية. وعقب تفكك الاتحاد السوفيتى ساد الاعتقاد بإمكانية إحتواء كوريا الشمالية بعد أن تراجع أحد حلفائها الرئيسيين، وبدأت المفاوضات بين واشنطن وبيونج يانج للحد من طموح الأخيرة النووي، وسمح هذا الإنفراج فى شبة الجزيرة الكورية بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وكوريا الجنوبية عام 1991م.
وقد مثلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لسيول في فبراير 2001م، بداية التطور فى العلاقات بين البلدين، وإطلاقها نحو مزيد من التعاون الاقتصادي، وعكست زيارة بوتين لكوريا الجنوبية عام 2013م، ثبات التوجه نحو دفع التفاهم بين الجانبين، والذي يأتي في إطار توجه روسي متزايد نحو عمقها الآسيوي في الشرق. فقد أصبح الأخير المصدر الواعد للاسثمارات، على الأقل بالنسبة لروسيا، التي تراجعت بالنسبة لها الفرص في الاقتصادات الغربية نتيجة أزماتها الداخلية من ناحية، والعقوبات الغربية المفروضة عليها من ناحية أخرى، لتبقى الفرص في الاقتصادات الشرقية، ومنها كوريا الجنوبية، هي الأوفر حظًا. ومن المعروف إنه في عام 2013م، احتلت روسيا المركز الثالث عالميًا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إليها، حيث ارتفع حجم هذه الاستثمارات في الاقتصاد الروسي بنسبة 83%، بقيمة 94 مليار دولار، إلا أن توتر العلاقة مع الغرب ألقى بظلال واضحة على حجم الاستثمارات المتدفقة لروسيا خلال عام 2014م، مما دفع روسيا إلى الاتجاه شرقًا لفضائها الآسيوي وذلك في إطار رؤية الرئيس الروسي بوتين حول "إعادة التوازن" بالتوجه شرقًا نحو آسيا حيث ثاني وثالث أكبر اقتصاد عالمي ممثلاً في الصين واليابان على التوالي، وعشرة من أكبر عشرين اقتصاد في العالم، وأجيال متتابعة من "النمور الآسيوية" باقتصاداتها الصاعدة سريعة النمو في جنوب شرق آسيا.
في هذا السياق، تسعى موسكو لوضع منطقة الشرق الأقصى الروسي على خريطة الاستثمار العالمي رغم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وجعل المنطقة محط أنظار المستثمرين خاصة من دول الجوار الآسيوي لروسيا، ويفسر هذا اتساع مستوى المشاركة في منتدى الاقتصاد الشرقي (EEF) الثاني الذى عُقد يومي 2و3 سبتمبر2016م، بجزيرة روسكي قرب مدينة فلاديفستوك الواقعة على خليج القرن الذهبي بالمحيط الهادي في أقصى الشرق الروسي، مقارنة بمنتدى العام الماضي حيث حضر المنتدى ثلاثة آلاف مشارك من 60 دولة منهم 240 من رؤساء الشركات الروسية، و57 من رؤساء الشركات الأجنبية، ويعادل هذا إجمالي عدد المشاركين في العام الماضي مرة ونصف. هذا إلى جانب ارتفاع مستوى التمثيل حيث شارك في افتتاح المنتدى كل من رئيسة كوريا الجنوبية، ورئيس وزراء اليابان، على سبيل المثال. وكذلك في حجم الوفود الآسيوية المشاركة في المنتدى حيث كان الوفد الياباني، ثم الوفد الصيني يليه وفد كوريا الجنوبية هي الوفود الأوسع تمثيلاً في المنتدى.
ويهدف المنتدى إلى حث دول العالم على المشاركة في تطوير منطقة الشرق الأقصى الروسي، وتعريف المستثمرين الروس والأجانب بالتسهيلات الجديدة الداعمة للاستثمار في المنطقة، والتي تتضمن تسهيلات جمركية وضريبية تُمنح حصرًا للمستثمرين لتشجيعهم على الاستثمار في الشرق الأقصى الروسي، الذي يعد منطقة بكر غنية بمصادر الطاقة والمعادن الثمينة والهامة، غير المستغلة بالكامل. كما تهدف الحكومة الروسية إلى توطين الاستثمارات الروسية في الداخل الروسي والحد من تدفقها للخارج من خلال إتاحة فرص مجدية وهامة لرأس المال الروسي للاستثمار في روسيا. وتعتبر موسكو هروب رؤوس الأموال الروسية للخارج تحدٍ يعوق تنمية الاقتصاد الروسي خاصة في وقت يواجه الأخير مشكلات حادة نتيجة الانخفاض غير المسبوق في أسعار النفط، ففي عام 2015م، بلغ حجم رؤوس الأموال الروسية التي خرجت من روسيا 57 مليار دولار، بينما غادرها 151.5 مليار دولار عام 2014م. وتتخذ موسكو العديد من الاجراءات لتشجيع الاستثمار في منطقة الشرق الأقصى منها تطوير البنية الأساسية اللازمة، وتقديم الدعم الحكومي المباشر للمستثمرين , لتطوير خطوط النقل وإمدادات الطاقة وغيرها من البنى التحتية التي تعد متطلب ضروري لبدء المشروعات الانتاجية المختلفة في المنطقة. وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن روسيا ستقدم للمستثمرين أفضل الشروط لتنفيذ الأعمال لتمكين منطقة الشرق الأقصى الروسية من المنافسة بنجاح مع مراكز الأعمال الرئيسية في روسيا والعالم.
ومن المشروعات الطموحة التي طرحتها روسيا لتشجيع الاستثمارات الروسية والأجنبية على السواء في المنطقة، ومنها تلك الخاصة بكوريا الجنوبية، مشروع الميناء الحر في فلاديفوستوك، الذي يعد المشروع الأكثر طموحًا لتحفيز التنمية الاقتصادية في الشرق الأقصى الروسي، وتحقيق اندماج روسيا في نظام العلاقات الاقتصادية الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث قرر الرئيس بوتين، للمرة الأولى في ديسمبر 2014م، منح عاصمة إقليم بريمورسكي "فلاديفوستوك" وضع ميناء حر بنظام تسهيلات جمركية متقدم. ويهدف المشروع إلى تعزيز حركة التجارة مع العالم، وتطوير البنية التحتية للنقل والخدمات اللوجستية، وإدراج إقليم بريمورسكي في طرق الملاحة البحرية العالمية، فضلاً عن خلق شبكة من مراكز الخدمات اللوجستية تتمتع بظروف ومزايا خاصة للنقل والتخزين والمناولة الجزئية للبضائع، وتنظيم الصناعات الموجهة للتصدير غير المعتمدة على الموارد الطبيعية، وزيادة الإنتاجية في الصناعات ذات القيمة المضافة العالية.
وتتركز فرص الاستثمار في الشرق الأقصى الروسي في قطاع الطاقة بالأساس حيث تتعطش اقتصادات شرق وجنوب شرق آسيا وتتزايد احتياجاتها من الطاقة لتلبية متطلبات النمو الاقتصادي السريع بها. وأكد الرئيس بوتين على استعداد روسيا لتزويد بلدان منطقة آسيا والمحيط الهادي بالطاقة بأسعار تنافسية، واقترح تكوين مجموعة عمل حكومية بين هذه البلدان خاصة بمشروع "دائري الطاقة الآسيوي" "Asian energy ring"، الذي يهدف إلى ربط أنظمة الطاقة في روسيا واليابان وكوريا الجنوبية والصين ومنغوليا معًا.
وتم الاتفاق بين عملاق الغاز الروسي "جازبروم" وكوجاز الكورية الجنوبية على زيادة إمدادات الغاز الطبيعي الروسي المسال إلى كوريا الجنوبية. وعبرت شركة ميتسوي اليابانية عن رغبتها في ضخ استثمارات تفوق البليون دولار في مشروع النفط والغاز سخالين3، ومن المعروف أن كوريا الجنوبية واليابان تفتقر إلى موارد الطاقة وتسعى إلى تنويع وارداتها من النفط والغاز الطبيعي، وتعتبر روسيا مصدر أكثر قربًا وأقل تكلفة بالنسبة لسيول وطوكيو، يتزامن هذا مع رغبة روسيا في الانفتاح على كوريا الجنوبية واليابان كسوق كبيرة وهامة للطاقة، وكمصدر للاستثمارات. وهناك استثمارات لشركة ميتسوي اليابانية في مشروع سخالين2، ويتم تصدير70% من إجمالى إنتاج سخالين من الغاز الطبيعي المسال إلى السوق اليابانية. ولا يقتصر الأمر على قطاع الطاقة، فقد طرح الرئيس بوتين مبادرة "الاقتصاد الرقمي"، التى تقوم على خلق فضاء إلكتروني مشترك يجمع دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتعزيز التعاون والتواصل المباشر بين المؤسسات والشركات في هذه البلدان، والاستفادة من الفرص التي يتيحها التطور السريع لتكنولوجيا الاتصالات الرقمية، وتوظيفها لخدمة النمو والتعاون الاقتصادي.
إن تباطؤ حركة الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية التي بدأت عام 2008م، والذي عمق من تداعياتها السلبية التدهور الحاد في أسعار النفط على مدى العامين الماضيين، فرض على مختلف الدول تطوير مبادرات غير نمطية لمواجهة التحديات الاقتصادية والحفاظ على قدرتها على تلبية الاحتياجات المتصاعدة لشعوبها، وجعلت الأبعاد الاقتصادية تتقدم على ما سواها في العديد من الحالات، وأصبح الاقتصاد هو الذي يقود العلاقات الدولية ويحكم حركتها خاصة في شرق آسيا. إن عالم المال والأعمال ذات المصالح الحقيقية والضخمة يبني جسور قوية بين روسيا وجوارها الآسيوي، ويجعل موسكو أكثر استعدادًا للتعاون وبناء الثقة، وتجاوز الخلافات السياسية مع بعض الدول لتحقيق مكاسب اقتصادية. وهناك فضاء اقتصادي جديد يتشكل بثبات وجدية في الشرق ؛ تمثل الطاقة العمود الفقري له، وينطلق منها إلى آفاق أرحب وأعمق من التعاون بين روسيا ودول شرق آسيا خاصة كوريا الجنوبية واليابان، دون المساس بشراكات روسيا التقليدية والاستراتيجية مع كوريا الشمالية والصين.
وتحاول روسيا أن تبني جسور برجماتية بين الكوريتين وأن تكون حلقة وصل بينهما من خلال مشروعات تسهم في تهدئة التوتر في شبه القارة الكورية، من أبرزها مشروع خط السكة الحديدي راجين-خاسان الذي يمتد على طول 54 كيلومترًا، ويربط مدينة راجين الساحلية في شمال شرق كوريا الشمالية ببلدة خاسان الروسية المجاورة. وكان قد تم الاتفاق بين الرئيس بوتين والزعيم الكوري الشمالي الراحل كيم جونج-آيل عام 2000م، على مشروع تطوير راجين-خاسان للربط بين خط السكة الحديد الكوري وخط السكة الحديد الروسي، واقيمت شركة مشتركة "راسونكون ترانس" في اكتوبر 2008م، لإقامة المشروع الذي تبلغ تكلفته 340 مليون دولار. وبلغت حصة خطوط السكك الحديدية الروسية المملوكة للدولة في الشركة المشتركة 70% بينما امتلكت بيونج يانج الحصة المتبقية. وفي عام 2013م، تم توقيع مذكرة تفاهم بين موسكو وسيول تسمح لثلاث شركات كورية جنوبية بالمشاركة في المشروع من خلال الاستثمار في الحصة الروسية. ويمهد انضمام الشركات الكورية الجنوبية الثلاث للمشروع الطريق أمام توسيع استثمار سيول في كوريا الشمالية، رغم الحظر الذي فرضته سيول على الاستثمار في الأخيرة والمعروف بعقوبات 24 مايو. وكانت كوريا الجنوبية قد فرضت عقوبات ضد نظيرتها الشمالية منذ عام 2010م، عندما غرقت السفينة الحربية تشيونان التابعة لقوات البحرية الكورية الجنوبية في المياه قبالة حدودها البحرية الغربية واتهمت سيول بيونج يانج بقصف السفينة بطوربيد.
إن روسيا معنية باستقرار شبة الجزيرة الكورية، على النحو الذى يساهم في تحقيق عدد من المشاريع الاقتصادية المشتركة الهامة لمختلف الأطراف، ومن الملاحظ أن تطوير العلاقات بين موسكو وسيول لم يؤثر على الروابط القوية بين روسيا وكوريا الشمالية، حيث تحتفظ موسكو بعلاقات دافئة مع بيونج يانج، وكانت كوريا الشمالية من أوائل الدول التي زارها الرئيس بوتين في يوليو 2000م، عقب توليه السلطة، كما رحبت روسيا بزيارة زعيم كوريا الشمالية في أغسطس 2001م، والتي تم خلالها توقيع إعلان موسكو الذى يعتبر إطارًا هامًا للتعاون بين البلدين إلى جانب عشرين اتفاقًا جرى توقيعها عام 1996م، منها معاهدة الصداقة والتعاون بينهما. وعلى حين تعد علاقات روسيا مع كوريا الجنوبية اقتصادية بالأساس، يغلب على علاقات موسكو وبيونج يانج الطابع الاستراتيجى، وتظل التجارة بينهما هامشية وضئيلة حيث تقدر بحوالي 100 مليون دولار أى أقل بحوالي 60 مرة من التجارة بين الصين وكوريا الشمالية.
فقد أعادت خطة الولايات المتحدة لنشر درع صاروخي في كوريا الجنوبية الأهمية لكوريا الشمالية، وأبرزت أهمية استمرار الشراكة الاستراتيجية بين الأخيرة وموسكو. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت عن نشر منظومة" ثاد" للدفاع الصاروخي الأمريكية في مدينة سونج-جو في إقليم كيونج سانج الشمالي بكوريا الجنوبيةبحلول نهاية عام 2017م، وذلك للرد على أي صواريخ باليستية قد تطلقها كوريا الشمالية مستقبلاً. ومن المعروف أن الولايات المتحدة تحتفظ بنحو 28500 جندي في كوريا الجنوبية، وأعلن وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر في كلمة ألقاها أمام أفراد طاقم حاملة الطائرات "كارل فيلسون" في قاعدة "سان ديجو" البحرية الأمريكية بولاية كاليفورنيا، نهاية سبتمبر الماضي، موافقة سيول على نشر منظومة "ثاد" للدرع الصاروخية في أراضي كوريا الجنوبية، وأن 60% من القوات البحرية والجوية المرابطة خارج أمريكا سيتم نشرها بحلول عام 2020م، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأشار إلى أن البنتاجون خصص عشرات المليارات من الدولارات لإعادة تسليح قواته المرابطة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على مدى الأعوام الخمسة القادمة، وأن وزارة الدفاع ستخصص ما يزيد عن 40 مليار دولار لتطوير البحرية الأمريكية مركزة على الغواصات الذاتية القيادة (الروبوتات البحرية) التي بوسعها السير في البحار غير العميقة التي تعجز الغواصات الكلاسيكية عن عبورها، إلى جانب 12 مليار دولار مخصصة لتصنيع القاذفات الاستراتيجية من طراز "بي – 21" وتوظيف 56 مليار دولار في نشر مقاتلات "أف – 35" للجيل الجديد.
وقد انتقدت روسيا، ومعها الصين، تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في شرق آسيا، ونشر منظومة "ثاد" في كوريا الجنوبية، واعتبرته استكمالاً لنشر الدرع الصاروخي الأمريكي في أوروبا بهدف تطويق روسيا وتهديد الصين، خاصة وأن لهذه المنظومة رادارات قوية تقوض أمن الدولتين. وأبدت موسكو على لسان سفيرها لدى كوريا الجنوبية، ألكسندر تيمونين، فى 22 أغسطس، معارضتها الشديدة لنشر الدرع الأمريكي المضاد للصواريخ في شبه الجزيرة الكورية. من ناحية أخرى، أجرت روسيا والصين في أكتوبر 2016م، مناورات عسكرية مشتركة تتضمن صد الهجمات الصاروخية. وتعتبر روسيا والصين أن نشر هذه المنظومات هو انتهاك للاستقرار الاستراتيجي في العالم ويصعد التوتر في المنطقة، تزامن ذلك مع بيان أصدره الجيش الكوري الشمالي أكد فيه أن بيونج يانج "ستتخذ التدابير اللازمة فور تحديد مكان وموعد نشر منظومة "ثاد"، وتوجيه ضربة انتقامية قاسية".
ولا يعنى هذا التأييد المطلق من جانب موسكو وبكين لبيونج يانج، فالتطور في البرنامج النووي لكوريا الشمالية يثير قلقًا متزايدًا لدى روسيا والصين، خاصة عقب إجرائها خامس تجربة نووية مطلع سبتمبر الماضي، والتي اعتبرت الأقوى منذ بدء البرنامج. ودعت الخارجية الروسية كوريا الشمالية لوقف "مغامراتها الخطيرة"، وتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن الدولي، والتخلي تمامًا عن الصواريخ والبرامج النووية. وتدعو روسيا إلى إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، وتؤكد التوافق بين موسكو وكوريا الجنوبية على رفض إعلان كوريا الشمالية نفسها "دولة نووية". وبدأت كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية واليابان، فضلاً عن الصين وروسيا والولايات المتحدة، محادثات ما أطلق عليه "السداسية" عام 2003م، لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، إلا أن هذه المحادثات توقفت بعد إجراء بيونج يانج تجارب نووية عام 2006م.
إن الحراك الروسي باتجاه كوريا الجنوبية يظل محدود التأثير على التحالفات الاستراتيجية التي ترسخت في شرق آسيا لعقود ممتدة، خاصة مع التوجه الأمريكي للحفاظ على تحالفها الوثيق مع كوريا الجنوبية من ناحية، والتوتر الذي يخيم على العلاقات الروسية الأمريكية من ناحية أخرى. كما يظل تأثير هذه التطورات محدودًا نسبيًا على منطقة الشرق الأوسط، وربما يكون التأثير عكسي، بمعنى أن التناقضات الواضحة بين موسكو وواشنطن حول الملفات الشرق أوسطية وخاصة سوريا، قد تلقي بظلال واضحة على مجمل التفاهمات في مناطق أخرى ومنها شبة الجزيرة الكورية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أستاذ العلوم السياسية، جامعة القاهرة.