array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 117

الإعلام الخليجي .. قضايا الداخل ومخاطبة الخارج

الأحد، 05 آذار/مارس 2017

من البديهي أن الوحدة الخليجية لها قواعد راسخة تفرضها صلات القربى، التاريخ المشترك، الجغرافيا، الواقع، الحاجة، والتحديات، وهي أسس قوية تعتمد على المصالح المشتركة، ومطالب شعوب دول مجلس التعاون. تلك المطالب ضرورة وليست ترفًا، خاصة في ظل وجود المقومات وتعاظم التحديات والمخاطر التي تواجه دول مجلس التعاون في كافة المجالات سواء الأمنية والعسكرية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو غير ذلك، كون هذه التحديات تمس المصالح العليا لدول المجلس ومنها الوجود الخليجي نفسه وأمن واستقرار دوله، بل استقرار المنطقة بأسرها.

ويأتي دور الإعلام في مقدمة أدوات ترسيخ مفهوم الوحدة لتأثيره على الرأي العام سواءً في توضيح الإيجابيات والتنبيه على السلبيات، أو إبراز المخاطر والتحديات، وكيفية مواجهتها في إطار التكامل الخليجي. كون الإعلام في الوقت الحاضر هو القائد لتوجيه وتشكيل الرأي العام وعلى كافة المستويات المجتمعية. ودول مجلس التعاون لديها شبكة كبيرة ومؤثرة من وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء التي حققت انتشارًا واسعًا تجاوز حدود دول المجلس إلى محيطه الإقليمي والدولي. كما أن دول الخليج قدمت في السنوات الأخيرة كفاءات إعلامية متخصصة دخلت صناعة الإعلام وحققت نجاحات مشهودة، إضافة إلى توفير الإمكانيات المادية التي أتاحت لدى وسائل الإعلام الخليجية امتلاك التكنولوجيا الرقمية الحديثة.

وفي ظل هذه المزايا للإعلام الخليجي وبكل أدواته وكفاءاته، فهو مطالب بالكثير خصوصًا لتوحيد الخطاب الإعلامي الخليجي على كثير من المستويات ومنها السياسة الخارجية، والعلاقات البينية، كذلك تجاه  قضايا المنطقة العربية والشرق الأوسط عامة،  ومن الضروري أن يكون الخطاب الإعلامي الخليجي إيجابيًا تجاه الداخل الخليجي لتوعية أبناء دول الخليج وتحصينهم، وأن يركز على مخاطبة الآخر (الخارج)، في ظل الانسياب الإعلامي الدولي الذي لا يعترف بالحدود، أو اللغات، أو الثقافات، وكذلك عدم اكتراثه بخصوصيات للدول والشعوب، أي أنه إعلام يقتحم بدون استئذان، كما أنه يحمل بين طياته رسائل متعددة، منها محاولة التأثير على  ثوابت الدين، والثقافة المجتمعية، والقيم السائدة، أو الترويج لأجندات خاصة ضد دول مجلس التعاون سواء بقصد إثارة الفرقة والفتن بين أبناء هذه الدول باللعب على وتر الطائفية والمذهبية وتغذية النعرات السلبية في مجتمعاتنا وهذا ما تفعله إيران وأتباعها من الأذرع والميلشيات التي تمولها طهران، أو ما تقوم به دول أجنبية في الغرب, التي تقود حملات معادية ضد دول مجلس التعاون من زوايا معروفة ومنها ما يروجونه من تهم ملفقة حول حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، والمشاركة السياسية وغير ذلك من اتهامات ممجوجة ومكررة، وفي الحقيقة أن دول مجلس التعاون أكثر تسامحًا وإعلاءً لقيم العدالة من كثير من الدول التي تروج لهذه الاتهامات، فدول الخليج رائدة في قبول الآخر والتعامل والحوار معه، وأنشأت لذلك مراكز  ونظمت مؤتمرات، وكراسي علمية في الجامعات، وغرست هذه المفاهيم في المناهج الدراسية وغيرها، كما أنها تفتح أبوابها للملايين من العمالة الوافدة دون أي اعتبارات للديانة أو العرق أو المذهب، إضافة إلى المساعدات التي قدمتها وتقدمها للدول الفقيرة وفي حال حدوث كوارث أو نكبات طبيعية في الكثير من دول العالم أيًا كانت هذه الدول وسياساتها وهذا موثق في أجهزة الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية.

ومع ذلك، ورغم أهمية دور الإعلام الخليجي، إلا أنه من الضروري أن يضع استراتيجية جماعية تحت إشراف الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ترتكز على محورين هما: تحصين الداخل، ومخاطبة الخارج.

*ففي الداخل، من الضروري العمل على تحصين الشعوب خاصة جيل الشباب الذي يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي، بل يأتي في مقدمة شباب الدول العربية الذين يستخدمون هذه الشبكات، على أن ينطلق ذلك من فلسفة مدروسة تهدف إلى غرس قيم الانتماء، وتأصيل التعريف بمخاطر الإرهاب والعنف وأهمية نبذه ومواجهته، وأن هذه الظاهرة المرفوضة والمقيتة ليست من الدين، وكذلك توضيح التحديات والمخاطر المحدقة بالمنطقة وما يتعرض له الأمن الخليجي من مؤامرات ودسائس إقليمية وذات أبعاد دولية، وكيف يمكن مواجهتها وتفويت الفرص على المتربصين  والطامعين في المنطقة، والتأكيد على أهمية ترسيخ قيم المواطنة وإعلاء شأنها فوق كل النعرات الهدامة، وتأكيد مفهوم أن الأوطان ملك لشعوبها تحت قياداتها الشرعية، وأن الحفاظ على الوطن وثرواته ومقدراته من الثوابت التي لا يمكن المساس بها.

*وعلى صعيد مخاطبة الخارج، مازال الإعلام الخليجي لم يحقق المرجو منه، ومطالب بالكثير في ظل الهجمات الإعلامية ضد دول الخليج العربية، بل  علينا الاعتراف بوجود تقصير خليجي على الصعيد الإعلامي في مخاطبة الخارج وتصحيح الصورة الذهنية التي تحاول جهات معادية ومشبوهة تثبيتها عن دول الخليج لدى الرأي العام الأجنبي، وهذا الأمر يتطلب رؤية خليجية واضحة وتنسيق مشترك حتى يحقق هذا التوجه أهدافه، وعليه لابد من وضع خطة  التعامل إعلاميًا مع الدول المستهدفة، والموضوعات التي يجب إثارتها وبلغة هذه الدول ومن خلال وسائل إعلامها وعبر كُتابها ومفكريها ذوي الشعبية والثقة، والقائمين على الإعلام فيها، وأن يكون الطرح موضوعي ومقنع ويشرف عليه ذوو التخصص، حتى يؤتي ثماره وألا يكون مجرد عمل ترويجي سطحي مباشر تقوم به شركات علاقات عامة الأمر الذي يعود بأثر سلبي.

هذا العمل في غاية الأهمية ويجب تحقيقه بأقصى سرعة حيث تزاد الحملات المعادية ضد دول الخليج لأهداف مختلفة ومصالح متشابكة وأجندات معلنة وأخرى سرية، ومواجهة ذلك لا يجب أن يقوم به إعلام يخاطب نفسه أو مجتمعه ومنكفئ على ذاته، بل يضطلع به خطاب إعلام مدروس ومتخصص في مخاطبة الخارج ضمن رؤية طويلة المدى وليس مجرد هبات تأتي كرد فعل فقط عندما تكون هناك حملة ضد دول الخليج أو عندما تطفو على السطح محاولات للإساءة لها.فالإعلام أمسى سلاحًا فتاكًا تتجاوز، أو تتساوى، تأثيراته مع أي سلاح آخر، وهو وسيلة السيطرة على العقول والأفكار والمواقف. وهو مجال مهني معقد يتطلب الاستثمار الكبير، وطويل المدى، من أجل تهيئة الوسائل والكوادر البشرية والمعدات لمسايرة التطورات المتسارعة التي يشهدها هذا المجال. 

مقالات لنفس الكاتب