يعيش المجتمع الخليجي مرحلة تاريخية دقيقة تحمل في طياتها أشكالاً من التحديات والمخاطر في ظل التدفق الحر للمعلومات والبيانات عبر شبكة الإنترنت والهاتف الجوال طبقًا لقواعد صناعة إعلامية جديدة، وأنماط متطورة من استهلاك المعلومات وإنتاجها، ونشرها، للتشارك في مضامينها بصيغة تفاعلية تبادلية بين المتلقي والمرسل مع انحسار للقيود الرقابية والنخب المتحكمة أو القادة الإعلاميين، كما أفرز الإعلام الرقمي نمطًا إعلامیًا جدیدًا یختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامیة السابقة غير القادرة على الصمود أو المنافسة، من حيث التفاعلية – اللا زمنية – التكاملية – اللا جماهيرية – التنوع والاستمرارية قابلية التحرك أو الحركية – تجاوز الحدود الثقافية - فضلاً عن تأثیراته السياسية والثقافیة الواسعة النطاق التي تفوق وظيفة إعلام الجمهور، كما نجح الإعلام الجديد في تحويل عدد من القضايا الهامة بعد تبنيها من قبل روّاده إلى قضايا رأي عام استهدفت كثير منها الهوية الخليجية وبناءها الاجتماعي، الأمر الذي يملي استقراء الكثير من المتغيرات الداخلية والخارجية وطبيعة توافقها مع متطلبات الأمن الوطني والقومي بمفهومة الشامل، لاسيما ما يتصل بطبيعة العولمة وبيئتها المعتمة التي تتطلب إعادة هندسة مؤسسات الإعلام، كأبعاد هامة ومؤثرة في الأمن العقدي والثقافي والفكري في ظل بيئتها الإلكترونية ونشاطها الرقمي التي شكلت بؤر مشاكل مجتمع المعلومات بالعالم أجمع .
ماهية الإعلام الرقمي الجديد
يمثل الإعلام الرقمي الجديد مظهرًا حديثًا كليًا، ليس في إطار دلالات علوم الاتصال فحسب بل في مجمل ما يحيط بهذا النوع المستحدث من الإعلام من مفاهيم سارعت من مظاهر التغير الاجتماعي غير التوافقي، ذلك التغير الذي يتناقض مع مقومات الاستقرار الاجتماعي، فالإعلام الرقمي شكل فرصة للمجتمعات والثقافات أن تقدم نفسها للعالم فاتحة المجال أمام الجميع بدون استثناء أو قيود لوضع ما يريدون على شبكة الإنترنت، ليكون متاحًا للعالم رؤيته، مما يتطلب استعدادًا حقيقيًا للاستثمار في هذه التقنية، والأهم من ذلك استثمارها بشكل إيجابي ناجح ومؤثر وفعال، لأن الأمر يزداد تعقيدًا مع غموض الشخصيات الحقيقية التي تتفاعل في إطار الإعلام الجديد أحيانًا، كما أن الحرية التي لا تحدها حدود الزمان والمكان والرقابة تتيح نشر أخبار غير صحيحة، وشائعات مغرضة، وأفكار خاطئة، كما يمكن أن تقود إلى ارتباطات مدمرة، سيما أن مؤسسات الإعلام الحكومي لا تملك خطة واضحة للانخراط في حراك الإعلام الجديد، والإقبال منقطع النظير من قبل العامة عليه، مما أعطى ثقلاً للعالم الافتراضي في الإنترنت طابعًا يحمل معه أصداء عالية على أرض الواقع ، في ظل التوجه المحلى والدولي نحو تحرير الإعلام أو حرية الطرح وحرية الرأي والتعبير ، وما يحمله من منافسات داخلية وخارجية في هذا الشأن.
ويعكس النشاط الرقمي Digital Activism نوع من الحراك الاجتماعي والسياسي والحقوقي على الإنترنت من طرف النشطاء، عبر فضاءات التدوين ووسائط ومواقع التشبيك الاجتماعي، لحشد تأييد ومناصرة الرأي العام حول قضية ما، أو للضغط على صانعي القرار، أو التأثير في سياسة الحكومات على نحو يهدد سياساتها ومصالحها الاستراتيجية، خصوصًا إذا ما التقى هذا الحشد والضغط بالسياسة الخارجية لجهات خارجية مغرضة، والتي تنطلق من فرضية تكاد تكون مؤكدة بتدخل راسمي السياسة الخارجية ، وشركات الإنترنت العملاقة، ومواقع التواصل الاجتماعي في حقل النشاط السياسي الشعبي، وميدان حرية التعبير على الإنترنت .
ولاستشراف أبرز السياقات لنشاط الإعلام الرقمي المؤدلج والمسيس في الهيمنة على الفضاء الخليجي، وأساليب المواجهة المثلى في سياق العلاقة التكاملية بين مؤسسات البحث العلمي والمؤسسات الإعلامية في المجتمع الخليجي، تجاه المتغيرات والتهديدات القائمة أو الممكنة ذات العلاقة بالمجالات البيئية والمجتمعية أمكن رصد بعض من التحديات والمخاطر، طبقًا لمحورين بحسب القراءات السياسية والأمنية المستفيضة في مجال النشاط الرقمي، وهما كالتالي.
1) تحديات تقنية الإعلام الرقمي في دول الخليج
برصد وتحليل أبرز تحديات نشاط الإعلام الرقمي المهددة لمنظومة الأمن العقدي والثقافي والفكري والوطني، أمكن إيجاز التحديات التالية:
1-1) حرية انسياب وتبادل المعلومات والخبرات
باتت حرية الإعلام الرقمي في تبادل المعلومات والخبرات، تشكل عامل قلق وتهديد للمجتمع الخليجي، سيما ما يتصل باستراتيجية حرية الإنترنت التي انبعثت مؤخرًا من الدوائر السياسية الغربية على اعتبار أن هذه الحرية مجرد غطاء لأجندة جيو ـ استراتيجية يسعى من خلالها أعداء الخارج إلى اختراق مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن توجه الغرب الصريح لتبني هذه السياسة التي لقبتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بـ " حرية الإنترنت " ووضعتها في أعلى سلم أولويات السياسة الخارجية لإدارة الرئيس" باراك أوباما " للعام 2011م، لحماية مصالحها الحيوية في المنظومة الدولية .
فالمساعي التي تبذلها القوى العظمى والمؤثرة عمومًا كي تكون طرفًا فاعلاً بل رئيسيًا في مجال الدفاع عن حرية مستخدمي الإنترنت في الوصول إلى المعلومة وإيصالها لم تمثل تهديدًا واقعيًا ومباشرًا فقط للنشطاء الذين يقبلون دعمها وتمويلها، بل كان لها تأثير على طبيعة الإعلام الرقمي الخليجي ذاته، وتوجهاته الراهنة والمستقبلية، إذ يعتقد العديد من المدونين بأنّ مساعي التسييس الجامح للمدونات والنشاط الرقمي ومحاولات توظيف بعض نجاحاته لتحقيق أهداف جيوسياسية غربية، باتت تهدد شرعيتهم على الميدان، الأمر الذي يسيئ إلى الأنشطة الرقمية الهادفة خليجيًا وعربيًا، فضلاً عن ظهور " إعلام رقمي مواز " يتجاهل السياق المحلي للمنطقة العربية وخصوصيتها ويعمل وفقًا لمعايير دولية مزدوجة والكيل بمكيالين، وهو ما يميز حركة مناصرة حرية التعبير على الإنترنت في استهداف الأنظمة العربية والإسلامية، ومقاومة سياسات الحجب والرقابة الرسمية والدينية.
1-2) استقلالية الإعلام الرقمي عن المؤسسات الرقابية
يعدّ حقل الإعلام الرقمي في المجتمع الخليجي من أكثر الحقول لامركزية وتشتت وحيوية ،الأمر الذي جعل هذا النشاط ممانعًا لمحاولات الاختراق والتوظيف من قبل المؤسسات الرقابية، حتى تلك المتمرسة على تقنيات الاتصال الحديثة فاستقلاليته جعلت منه كيانًا جذابًا ومقاومًا في الوقت نفسه لكل أنواع الرقابة الحكومية أو التوظيف من قبل مؤسسات الضبط الرسمي الأخرى، لكن صفة الاستقلال تلك لا تعني بالضرورة انعزال رواد النشاط الرقمي عن محيطهم، فالنشطاء الرقميين خليجيًا وعربيًا يتعاونون مع الجماعات المناهضة والمعارضة كالليبراليين والسياسيين والمتمذهبين بمذاهب مناهضة لمذهب الدولة خلال الفترات الهامة والحرجة، إضافة إلى توظيف وتوجيه المؤسسة الإعلامية والهيآت الحقوقية والإنسانية والقانونية المحلية والإقليمية والعالمية ومعظم هؤلاء النشطاء مرتبط بعضهم بالبعض الآخر عبر ديناميكيات تشبيك مزدوج بعضه على الإنترنت وبعضه الآخر على الأرض للتعاون والتنسيق، لحشد المناصرين لحملاتهم ومطالبهم الإلكترونية من أجل التغيير الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي إلى جانب ارتباط النشاط الرقمي العربي بحركة النشاط الرقمي العالمي من خلال المؤتمرات والورشات التدريبية والحركات الغربية المؤازرة لقضاياهم، أضف إلى كلّ هذا القدرة التشبيكية الهائلة التي تتميز بها مواقع التواصل الاجتماعي التي تفعل وتتفاعل في سياق متعدد الطبقات والفئات والمذاهب محليًا وقطريًا وقوميًا وعالميًا .
1-3) اندفاع المجتمع الخليجي للتغير الاجتماعي
تتسم البنية الرئيسية الرقمية وفقًا لأستاذ القانون في جامعة هارفارد Jonathan Zittrain بأنها بنية " توليدية " [1] إذ يمكن للأفراد أن يطوروا بسهولة التطبيقات التي تعمل على أعلى الشبكة، إضافة إلى إنشاء محتوى باستخدام هذه التطبيقات، الأمران اللذان قد لا يكونان مقصودين من قبل واضعي تطبيقات نشاط الإعلام الرقمي، حيث تلعب تطبيقات الناشطين المتفانين والبرمجيات المفتوحة المصدر، دورًا رئيسيًا في إحداث التغيير الاجتماعي بكافة مستوياته العقدية والثقافية والفكرية وحتى الأمنية والسياسية، حيث قربت وسائل الاتصال الحديثة بين الأفراد المتباعدين جغرافيًا وجعلت من العالم كما لو أنه في كف يد واحدة من حيث سهولة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات رغم تنائي وتنافر وتعارض أيديولوجياته وأفكاره وأخلاقياته وثقافاته .
والمفارقة الكبرى في ثورة التقنية الرقمية أنها قربت المتباعدين، وأبعدت المتقاربين فجسر التواصل للنشطاء سهل وانسيابي في العالم الافتراضي، ويؤكد بعض المفكرين وعلماء الاجتماع على أنه لا توجد مجتمعات، وإنما الموجود تفاعلات اجتماعية في تغيير وتفاعل دائبين، كما لا يقتصر التغير الاجتماعي على جانب واحد من جوانب الحياة الإنسانية والاجتماعية، وإنما إذا بدأ التغير فمن الصعب إيقافه نتيجة لما بين النظم الاجتماعية الفرعية والنظام الاجتماعي بعامة من ترابط وتساند وظيفي كما بين oppenheimer أثر الصراع الدولي في العصر الحديث على التغيير الاجتماعي، من حيث تأثيره العميق في بناء المجتمعات اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا فضلاً عن معايير السلوك الأخلاقي وكذلك نمط الصراع بين الجماعات المختلفة في داخل المجتمع، نتيجة تعرض النشطاء من رواد الشبكة الإلكترونية للكثير من الأفكار والثقافات المناقضة لنمط العلاقات والسلوكيات الشخصية، وأنماط الحياة العامة للمجتمع الخليجي ، كما ساعد فشل الإعلام المحلي في استقطاب المتابعين في ظل برتوكولية الإعلام ،وطابع الخبر التقليدي الذي يعرض صور لقاءات المسؤولين ومراسم الاحتفال التي تتناولها الصحف والقنوات الرسمية، بعيدًا عن التحليل الجاد لماهية الحدث، أو طرح القضايا التي تمس المواطن بشكل مباشر مما صنع حاجزًا وهميًا، ونفور المتابع الخليجي من تقليدية الطرح والافتقار إلى الابتكار .
1-4) تعقيد تقنيات نشاط الإعلام الرقمي الحديث
أسهمت تقنية الإعلام الرقمي في كسر الحواجز الاجتماعية والأمنية التي تحمي المعلومة الإعلامية، فضلاً عن الصمود أمام أساليب الحجب والرقابة المتطورة التي تستخدمها الحكومات الراغبة في السيطرة على ما يُنشر على الشبكة العنكبوتية، إذ أصبح للإعلام الرقمي متخصصون ومفكرون وأدوات ونظريات، وأدلة مساعدة بسبب تطور أدوات التقنية التي ساعدت في تطور هذا المفهوم وتوسع دائرته، إذ لا يوجد حشد إلكتروني أو نشاط رقمي بدون هدف، ويتأرجح الهدف غالبًا ما بين إحداث أو المطالبة بالتغيير، أو التأثير على قضية ما، أو الدفاع عن قضية أو مفهوم ما، أو بهدف الحصول على حق ما .
أما من حيث الوسائط التي يتم فيها نشاط الإعلام الرقمي فهي ذات تقنية عالية من أجل نجاح بث النشاط كـالمدونات الرقمية، والمواقع والعناوين الإلكترونية والمنتديات ومواقع التشبيك الاجتماعي، وأخيرًا أدوات الإعلام الجديد كالتدوين الصوتي والمرئي المستهدفة بالدعوة للنشاطات ، وتوقيع العرائض ونشر القضايا التي تهم الجهة الناشطة بلغات عدة بما يخدم هدف الحملة أو النشاط، الأمر الذي شكل تحديًا كبيرًا أمام مؤسسات الإعلام الرسمي ، فقدرات تأمين التقنية الرقمية ، وتسهيل الوسائط المتكاملة والمعرفة الاستكشافية، والقدرة على التحكم في بناء وتصميم الوثائق، لمواجهة سياسات الحجب والرقابة والقرصنة الجديدة ، تعد عالية ومتقدمة بفضل ما يتلقاه الناشطون من دعم تقني وفني من جهات خارجية متقدمة لأهداف استراتيجية، باتت معلنة بحسب ما تكشف مؤخرًا من مؤامرات خارجية على الشبكة الإلكترونية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
1-5) تنامي الإنفاق والتمويل العالمي لدعم الإعلام الرقمي
بقدر ما يزداد شعار حرية الإنترنت والنشاط الرقمي من قبل الساسة والإعلاميين الغربيين، وتوظيفه في إطار نظريات التغيير السياسي والاجتماعي للمنطقة، بقدر ما يتزايد إنفاق الأموال الغربية على هذا الحقل، وقد مثّل ذلك فرصة ثمينة وغير مسبوقة لعدد من المنظمات غير الحكومية، ومصممي ومروّجي برمجيات تجاوز الحجب والرقابة، للدفع بأجندة سياسية أجنبية المحور، فضلاً عن البحث حول مصادر تمويل إضافية جديدة، مما شكل تحديًا بالغًا لمؤسسات الإعلام الخليجي.
فالتكاثر غير المسبوق للمنظمات غير الحكومية، ومراكز الأبحاث والدراسات الأجنبية في دعم وتمويل الإعلام الرقمي، ساعد على انتهاك وطمس الخصوصيات الذاتية الأصيلة للنشاط ، بل إنّه أظهر نوعًا جديدًا من النشطاء المدسوسين والمرتزقين لأهداف إيديولوجية وأمنية استعمارية محضة ، تستجيب لرغبات الممولين وإملاءاتهم وتقايض المال بنشاط مزيف، يناهض شرعية وأمن مجتمع الخليج المستهدف، فحساسية التمويل الأجنبي للنشاط المدني والاجتماعي ، أضرت بالكثير من المبادرات الإعلامية الرقمية الممولة محليًا لتأمين المجتمع، أو تلك المبادرات القائمة على قاعدة التطوع والعمل الخيري التي بدأت تلاقي هي الأخرى سياسات حجب وإقصاء رقمي غير مسبوق من القائمين على النشاط الرقمي الدولي، مما أضر برسالتها الإعلامية الهادفة إلى ترسيخ الوعى بأبعاد الطابع الإنساني في العقل والوجدان الإسلامي المعاصر لإظهار حقيقة الوجه الحضاري والإنساني للإسلام على الصعيد العالمي .
2) مخاطر نشاط الإعلام الرقمي في الخليج
وسط تصاعد الهجمات الساعية إلى حشد وتجنيد الشباب الخليجي، تبرز أهمية الوعي بمخاطر تسييس الفضاء العنكبوتي من قبل أطراف دخيلة، وغياب الدور المحوري لمؤسسات الإعلام الرسمي ممثلة في مفكريها ومثقفيها لإصلاح قضايا العمق الاجتماعي المتصلة بعقيدته وثقافته وأمنه وعموم نظم حياته، لتفعيل خطوط الدفاع وضمان تحصين المجتمع من التصدع أمام ما يجتاحه من حشد أو تغريب، حيث يمر الإعلام الرقمي بمرحلة من أكثر المراحل خطورة لمنظومة الأمن الوطني وبدون فحص وتفكيك السياقات الجديدة للحراك الرقمي، يصعب التنبؤ بعواقب هذا التوظيف والتدخل الأجنبي على طبيعة هذا الحقل الجديد، فعدد المؤتمرات وورشات العمل التي تنظمها المنظمات الخارجية، لمتابعة تحركات المدونين العرب في غياب إعلام بديل قادر علىضبط وتوجيه هؤلاء المدونين، وترسيخ مقومات المنظومة العقدية والثقافية والأمنية ، ينبئ بالمخاطر والتداعيات التالية :
2-1) الإعلام الرقمي وقيادة الحراك السياسي في المجتمع الخليجي
من المؤكد أن سهولة الاتصال بالمواقع الإخبارية وفورية الإعلام الرقمي، حيث تتوافر الآلاف من المواقع الإعلامية التي تقدم الوظيفة الإخبارية، وتنشر الوقائع والأحداث التي تتم في بقاع كثيرة من العالم في لحظة وقوعها، تمتلك القدرة على القيام بالتعبئة لتأييد الأفكار التي تنادي بها، ومناهضة غيرها من الأفكار بحيث يمكن أن تسهم في تكوين رأي عام إقليمي أو عالمي نحو المواقف والقضايا والأفراد في وقت معين، يتشكل من فئات المستخدمين لشبكة الإنترنت وبصفة خاصة المواقع الإعلامية المنتشرة فيها مما يجعلنا نطلق على هذه المواقع - المواقع الرقمية التعبوية - التي تعمل بمعزل عن كل النظم والأشكال التنظيمية المتاحة في المجتمعات المستهدفة كدول الخليج , حيث شكل الإعلام الرقمي محورًا صلبًا للسياسات الخارجية في المنطقة فضلاً عن العمل مع شركاء استراتيجيين من القطاع الصناعي ومن الميادين الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية من أجل إنشاء جهد دائم يستعمل قوة تكنولوجيا الاتصال ويطبقها على أهدافها ومصالحها الاستراتيجية، سيما ما يتصل بسياستها الموجهة للسيطرة على شعوب المنطقة، ودعم المنشقين إلكترونيًا cyber dissidents من المعارضين السياسيين الذين يركزون نشاطاتهم المعارضة على شبكة الإنترنت وفضاءات التدوين، ومما يزيد الوضع صعوبة، تنامي المبادرات الغربية الهادفة إلى مساعدة المنظمات الشعبية في جميع أنحاء العالم من أجل استخدام التكنولوجيا الرقمية والحديثة، وتمويل البرامج الرائدة في المنطقة وشمال إفريقيا التي من شأنها تعزيز وسائل الإعلام الجديدة، وإمكانات التشبيك بين منظمات المجتمع المدني .
وانتشرت ظاهرة الإعلام الرقمي أو ما يطلق عليه " المدونات الإلكترونية " في المجتمع الخليجي، لمحاولة التأثير أو التغيير على المستويين الاجتماعي والسياسي ويتم استخدام التقنية الرقمية كبنية تحتية ومنصة للانطلاق والتحرك والعمل ومن خلال أدوات ووسائط عدة من أجل إيصال الرسالة التي يريدونها، وأسهم النشاط الرقمي بدور هام وفاعل ومازال في الثورات العربية والانتفاضات الشعبية في المنطقة منذ العام 2011م، كما ملأت حركة النشاط الرقمي كقوة فاعلة من أجل التغيير الاجتماعي والسياسي المؤدلج الفجوة التي تركتها وسائل الإعلام التقليدية في معالجتها لقضايا اجتماعية واقتصادية عدة ، تتصل بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والفساد المالي والبطالة والفقر والمذهبية والفئوية وخلافها من القضايا ذات التأثير المباشر على فئات المجتمع، موظفة جزءًا لا يستهان به من الرأي العام داخل الفئات الشابة المتصلة بالأنترنت التي باتت تمثل مصدر تهديد بالغ للمنظومة العقدية والسياسية والأمنية مؤخرًا للصفات الفريدة التي تتسم بها بيئة الإعلام الرقمي القادر على تحويل مجموعة متنوعة من الممارسات الاجتماعية إلى قوى مقوضة للمنظومة المجتمعية، بفعل دعم ورعاية أطراف خارجية ووكلائها بما يتفق ومصالحها الاستراتيجية، مستغلة في ذلك قصور دور مؤسسات الإعلام الرسمي على تجاوز حدود الزمان والمكان، وفتح باب المشاركة في المعلومات والمعرفة أمام الجميع ، مع منح وسائل الإعلام الجديد بعدًا إنسانيًا تشاركيًا من خلال ما يعرف اليوم بشبكات التواصل الاجتماعي .
2-2) تهديد الأمن العقدي والوطني وطمس الهوية الخليجية
من مآسي شبكة الإنترنت وسلبيات الإعلام الجديد، صعوبة الوثوق والتحقق من صحة وصدقية العديد من البيانات والمعلومات التي تحويها بعض المواقع في ظل الحاجة إلى التعزيز المتواصل للقدرات الثقافية والتعليمية للمتلقي، وما تزخر به من مواقع تروج للعقائد الباطلة والأفكار الهدامة والدعوات المشبوهة المهددة للأمن الوطني بمفهومة الشامل، التي تُعرض وتُسوق لها قيم وسلوكيات خاصة بمجتمعات أخرى كقيم وسلوكيات حضارية عالمية،في ظل عدم وجود معايير مهنية للعمل الإعلامي الأمر الذي شوه صورة الإسلام وشكك في الثوابت واليقينيات التي تدين بها أمة الإسلام في ظل انفلات إعلامي لمبادرات رقمية جديدة وهجينة يرعاها أو يفرزها التمويل والدعم الحكومي الخارجي، وهي الأقرب إلى التسويق السياسي منها إلى النشاط الاجتماعي إذ يطغى عليها التركيز على المواضيع والمقولات الجاذبة للإعلام والانتباه الغربي كالشباب والمرأة والحرية الجنسية وحقوق الأقليات والمثليين والحوار بين الأديان والحضارات، وهي مبادرات تهيمن عليها اللغة الإنكليزية على حساب اللغة المحلية وتتسم بصلابة وتعدد قنوات تواصلها مع الغرب ووسائل إعلامه الكبرى، ومباركة المنظمات الحكومية وغير الحكومية لها على حساب تجذرها في العمق المحلي ، للنيل من ثقافة المجتمع الخليجي تحت لبوس المنهجية العلمية، فكانت حركة الاستشراق التي تمثل الجانب الفكري في محاربة الإسلام قديمًا وحديثًا، ففي ظل بيئة الإعلام الرقمي الحديث ، سرى تغيير في مسمى ورواد الحركة الاستشراقية، إذا أصبح علماء الاجتماع والانثروبولوجيا الاجتماعية والخبراء في دراسات الدول الشرق الأوسطية في الوقت المعاصر الممثل الجديد للاستشراق الحديث، وإن كان بأساليب ومنهجيات أخطر أثرًا من الاستشراق الكلاسيكي في منهاجياته المحدودة وفي عدائه للإسلام ليس من جانب نشطاء الغرب فحسب بل وناشطين عرب ومسلمين .
2-3) الاختراق الأمني والتجسس الإلكتروني
تشكل بيئة نشاط الإعلام الرقمي وسيط ثري للتأثير على هوية وقيمة المعلومات التي بات من السهل اقتناؤها واختزالها بل واختراق الأنساق المعلوماتية المختلفة على مستوى الدول والحكومات، وأصبح من الممكن كسر الحواجز الأمنية التي تحمي المعلومة خصوصًا بشكلها الرقمي الجديد، كون شركات الإنترنت العملاقة ومحركات البحث ، ومواقع التشبيك الإلكتروني، تمتلكها أساسًا دول وشركات أجنبية، كما تحولت فرضية استغلال مخابرات هذه الدول للنشاطات السياسية الشعبية على هذه الشبكات إلى واقعة مبرهنة، لتوسيع نطاق عمليات التجسس للناشطين إعلاميًا بالنسبة للدول المستهدفة، حيث المعلومات التي توفرها المدونات والوسائط والتطبيقات وخدمات الأنترنيت المتنوعة، تشكل قاعدة معلومات إستراتيجية وحيوية ، لخدمة صانعي القرار الغربي، كما باتت تشكل بنك معلومات شديد الثراء والتنوع أثناء الأزمات الأكثر إلحاحًا في مجتمع معين والفئات الجاهزة للتحرك لدعم أو زعزعة استقرار ذلك المجتمع، نظرًا للمعطيين التاليين:
- تقاطع المصالح الاقتصادية لشركات الإنترنت مع جهود ومصالح الحكومات الغربية حيث تعمل شركة " غوغل " مثلاً في الوقت الحاضر مع الولايات المتحدة ومسؤولين أوروبيين، للدفع بسياسات من شأنها أن تجعل من الرقابة على الإنترنت حاجزًا للتبادل التجاري، ووفقًا لمرئيات مدير الاتصالات السياسية في غوغل " بوب بورستين " أن هدف الشركة هو تحقيق أقصى قدر من حرية التعبير بقصد الوصول إلى أدق المعلومات، كمتطلب وجزء هام جداً لأنشطة الشركة التجارية.
- العلاقة الوطيدة والمتشابكة بين دوائر صنع القرار الغربي ومديري شركات الإنترنت العالمية، فعدد لا بأس به من مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية كانوا قد اشتغلوا سابقًا في شركات الإنترنت، ونظرًا لمبالغة الدوائر السياسية الغربية باستخدام الإنترنت للوصول إلى المعلومة وإيصالها، بات المجتمع الدولي ينظر إلى الإعلام الرقمي وإلى تداولات شبكة الإنترنت عمومًا على أنها تهديدات مباشرة لأمنه، خاصة مع اقتران المبالغة الاستخبارية hgyvfdm بإساءة استخدام الإنترنت فضلاً عن تقديم الدعم والتمويل للعديد من النشاطين الرقمين في دول المنطقة والخليج في مجال الحقوق والحريات والأقليات وغيرها من النشاطات السياسية الشعبية المسهلة لعمليات اختراق المجتمع، والتحول من وسائل التجسس بالطرق التقليدية إلى الطرق الإلكترونية، خاصة مع ضعف تقنيات حماية الشبكات الخاصة بالمؤسسات والهيآت الحكومية من الأساليب الحديثة للتجسس الإلكتروني عبر تكوين عملاء محليين عبر شبكة الإنترنت، وهم لا يعرفون أنهم يمثلون أهم الركائز الإعلامية للمخابرات الأجنبية في استقطاب المعلومات لجمع الحقائق اللوجستية التي يسعى إليها أعداء الخارج عن الشباب العربي وطاقته الحيوية الذي يقدر بـ (70 ) % من التركيبة السكانية، سيما مع توسع انتقال المعلومة المدعمة بالصور والإحداثيات عبر شبكة الإنترنت، وهذه حقائق مثبته عن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية بشكل خاص .
2-4) نشر الفكر الثوري ومنهجة الحروب
يتسم السياق الجديد للحراك السياسي في الإعلام الرقمي بالقدرة على جلب المناصرين والحصول على دعمهم للقضايا المطروحة من قبل النشطاء في الشبكة الرقمية، إضافة لمشاركتهم في تعريف الرأي العام الأوسع بهذه القضايا وتسويقها لديه، وصولاً إلى تشكيل جماعات افتراضية لخدمة هذه القضايا، بقصد الضغط على صناع القرار والتأثير في السياسات الحكومية المتعلقة بالقضايا المستهدفة من قبل الناشطين والتي قد تتطور إلى تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات، عبر مواقع التشبيك الاجتماعي ، وفي هذا الإطار قدم العديد من النشطاء والمدونين العرب مساعدات عدة لمراكز البحوث الغربية، للمساعدة على فهم وترجمة ورسم خرائط للمدونات العربية ومواقعها على الإنترنت، مما أفاد المراكز الإستراتيجية العالمية كثيرًا في عملها التحليلي لمحتوى المدونات في فهم واستكشاف المواقع التي تعكس فكر وتنظيم بعض الجماعات كالجماعات المتطرفة والإرهابية والإسلاميين والمحافظين والليبراليين في فضاء المدونات العربية، لتنظيم وتنسيق نشاطها الثوري عند الحاجة، لإحداث التغيير الاجتماعي أو السياسي إما لإضعاف الدول المستهدفة، وتقسيمها على نحو يسهل معه السيطرة عليها بما يخدم مصالحها الحيوية في المنطقة .
أما التطور الأكثر مدعاة للقلق، وضع المعرفة والبيانات حول الشبكة العنكبوتية العربية بين أيدي الساسة والعسكر ورجال الأمن والاستخبارات، لتعزيز مصالح الدول الرأسمالية، إذ تكتسب شبكات المدونين العرب أهمية خاصة لدى الغرب، لتنمية وصقل الشبكات الصغيرة فضلاً عن مساعدة النشطاء العرب على مكافحة وتجاوز الرقابة على الإنترنت، وتدريبهم على تقنيات تبادل ونشر المعلومات على الشبكة في إطار ما يسمى بالحروب الإلكترونية ، ومن ثم إسقاطها على حقل الحراك السياسي على ساحة الإعلام الرقمي، الذي يراد منه أن يكون جبهة حرب جديدة تضاريسها إلكترونية ومعلوماتية، موجّهة ضد المجتمعات التي لا تساير السياسات التوسعية الرأسمالية .
2-5) انحسار فعالية الإعلام الخليجي الموجه والمضاد
يعكس الإعلام الرقمي والفضاء المفتوح والتقنيات العابرة للحدود، حصيلة ثقافة مصنعة ، لتمرير أجندات خاصة موضوعة له، بات من الصعب حيالها تحصين الجبهة الداخلية ضد محاولات اختراق المجتمعات الخليجية، وبثّ الفرقة والتعصّب والاقتتال فيها، وهدم مقوّمات الوحدة الوطنية، سيما أن أخطر سياسات أعداء الخارج الحاملة في طياتها أجندة سياسية وإيديولوجية ضارة بقوى الإصلاح في الخليج والمنطقة العربية، التسييس المفرط لفضاء الإعلام والتدوين العربي لخدمة مصالح غربية وقوى إقليمية بالتزامن مع انحسار نسبي لفعالية الإعلام الخليجي الموجه والمضاد للإعلام السلبي الموجه ضدها والذي لا يتورع عن امتهان الكذب الصريح كأحد أسلحة الإعلام للتحريض ضد سياسات وتوجهات دول الخليج، كما جند الكثير من المتخصصين لتبني الحركات والمبادرات والجماعات المناهضة لحكوماتها كمبادرة " المنشقون الإلكترونيون " أو cyberdissidents.org التي تسوّق دوليًا على أنّها حليفة قوى الإصلاح الناشطة على الشبكة العنكبوتية الشرق أوسطية، وتستند المبادرة في ذلك على أن المدونين والمعارضين والناشطين السياسيين الذين يستعملون الإنترنت في دول الشرق الأوسط الاستبدادية - وفقًا لتصور المبادرة - يتعرضون لمخاطر ومن ثم فمن واجب بعض القوى الخارجية أمنيًا وقانونيًا وأخلاقيًا الدفاع عن هؤلاء المعارضين باعتبارهم أكبر حليف لها، ووصفت سفيرة أميركا في الاتحاد الأوروبي " كريستين سيلفربيرغ " هذه المبادرة بأنّها المنظمة الرائدة في العالم للدفاع عن المعارضين الديموقراطيين المستخدمين للإنترنت، لضعف ضوابط السيطرة على نشر العنف والتطرف والإرهاب .
كما أثر الإعلام الرقمي الموجه من الخارج على مصداقية الإعلام الرسمي الخليجي ووسائله القائمة تكنولوجيًا وتطبيقيًا، مستغلاً في ذلك حالة عدم التوازن بين حجم ونوعية الرسائل الإعلامية الموجهة وبين استعداد المتلقي لهما فيما يتعلق بالرأي والرأي الآخر ، بقصد تفتيت دائرة المتلقي ، والتركيز على مخاطبة الأفراد والجماعات الصغيرة وفق الميول والاحتياجات الفردية، فضلاً عن ظهور مستحدثات إعلامية غير مسبوقة بتطبيقات وخصائص جديدة، أخذت مكان وسائل الاتصال الجماهيري وعلى الرغم من الجهود المضنية لوزارات الثقافة والإعلام الخليجي الموجه في جذب الجماهير ضمن خططها للدخول إلى مجال الفضاء الإلكتروني، ومحاولاتها الحثيثة لمجاراته ، لا يزال الإعلام الرسمي يدور في دائرة مفرغة، لعدم قدرته على استقطاب تلك الجماهير الباحثة عن الجديد فضلاً عن شفافية ومصداقية وحيادية الطرح والمعالجة التحليلية للحدث .
3) استراتيجية تطوير الإعلام الرسمي في الخليج
لاستعادة دور الإعلام الرسميوإعادة تشكيل خارطته، لا بد أن ندرك أن الإعلام الجديد لا يمثل بثًا أحاديًا كوسائل الإعلام التقليدية، وإنما يتسم بخاصية تفاعلية قادرة على استقطاب الجمهور الباحث عن فضاء تواصلي ثنائي بين المرسل والمتلقي، مما يفرض إعادة هيكلة بعض المؤسسات الإعلامية لضبط الأداء الإعلامي، والنهوض جديًا بهذه المؤسسات مرة أخرى مع اعتماد المهنية في اختيار كوادرها، بقصد التحول لوظائف الإعلام الجديد، من حيث:
- تطوير مؤسسات الإعلام الرسمي، من خلال تبني نظم الاتصالات الجماعية الرامية إلى تعزيز التنمية الوطنية، ومنهجية السيطرة المحلية المستدامة كزيادة الاعتماد على احتياجات الجمهور، وتقليل الاعتماد على نهج الرسالة الإعلامية التي تأتي من أعلى إلى أسفل إلى التواصل التنموي ليس استجابة لاحتياجات المواطنين للمعلومات فحسب، وإنما لتحقيق تحول جذري في اتجاه وسائل الإعلام لتغذية قنوات الاتصال بين المرسل والمتلقي.
- تطوير المحتوى الإعلامي من خلال مراقبة إحداثيات المجتمع والتعلم منها مع توسيع آفاق التعرف على العالم، ورقعة التركيز والاهتمام، طبقًا لنهج مدروس ومتوازن يذهب إلى أبعد من مجرد تقديم معلومات واقعية لاستكشاف أهمية أكبر وتحفيز التفكير النقدي عند المتلقيللحدث تحليليًا -وليس – احتفاليًا لخلق الأجواء الملائمة للتنمية، وتقوية المعايير الاجتماعية.
- الاستفادة المثلى من مواقع التواصل الاجتماعي كـ - المدونات - البود كاست - المنتديات – مجتمعات المحتوى – يوتيوب – التدوين المصغر – تويتر – التي تنطوي على فرص كامنة يمكن الإفادة منها واستثمارها بالطريقة الملائمة لتصبح معنية بحماية المجتمع من أنماط السلوك المناهض لسياسة الدولة، والمخالف للموروث القيمي والثقافي والفكري، عبر ربط المشكلات الأمنية بالمشكلات الاجتماعية والبيئية والإنسانية، لتجسير العلاقة بين مؤسسات الإعلام الرسمي والمجتمع، ووضع الأطر القادرة على اشراك كافة مؤسسات وأفراد المجتمع الرسمي والمدني، ضمن علاقة تكاملية للمشاركة في المسؤولية الاجتماعية والحماية من المحتوى الإعلامي الضار وغير القانوني .
- توسيع نطاق الحوار السياسي الآمن، عبر التواصل الفعال مع كافة مواقع الإعلام الرقمي، وفق رؤية إعلامية مدروسة لإحداث التأثيرات المطلوبة بتكوين المعرفة التأسيسية الآمنة للناشطين مع إشراك الخبراء والمختصين وجميع أصحاب المصلحة في نقد وتفنيد مشروع تسيس وأدلجة نشاط الإعلام الرقمي المهدد للأمن الوطني والقومي،مع تعيين مختصين لإدارة محتوى شبكات التواصل الاجتماعي التي تحظى بمشاهدات تفوق مشاهدات القنوات الفضائية الرسمية والخاصة.
- ايجاد جسور للتواصل مع العامة والناشطين في الإعلام الرقمي من أبناء مختلف فئات ومذاهب وشرائح المجتمع المحلي والجاليات الأجنبية، ممن تتوفر لديهم المعرفة وإمكانية الحفاظ على الثقافات الأصيلة في مواجهة الحداثة من أجل إشعال مشاركة مواطني الخليج مع العالم الأوسع، أو من خلال العمل مع فرق إعلام دولية لتقريب وجهات النظر بين الثقافات الواسعة للموضوعات المقترحة، في سياق الانفتاح الآمن على الحضارات العالمية، سيما أن الاعتزاز بالهوية والخصوصية الحضارية لا يعني نبذ الحضارات الأخرى أو الانغلاق في مواجهتها ورفض نتاجها الإنساني ، ولا تعارض إطلاقًا بين الالتزام بالثوابت الدينية والمحافظة على الهوية وبين الأخذ والاقتباس من الحضارات الأخرى، بما يساعد على حل المشكلات وخدمة قضايا التطور والتقدم .
- تشجيع المشاريع الإعلامية والسينمائية والتلفزيونية التي تدرس الموضوعات الدولية، وتستهدف في نفس الوقت إشراك الجماهير عبر صيغ متعددة تستند على سلامة وشفافية وحيادية الطرح، مع استقلال وسائل الإعلام، بقصد تعميق فهم الجمهور للمواضيع بطرق تكاملية تجمع – على سبيل المثال – ما بين محتوى الكتاب، وفيلم المناقشة، ونتاج المراكز البحثية، أو المعارض والمتاحف [2].
- تبني استراتيجيات لإصلاح وسائل الإعلام، على أن تتم في بيئة أكبر من الانفتاح والثقة بالمتلقي، لفهم والاستجابة لهموم المواطنين والمجتمعات المحلية، وتعزيز مشاركتهم في السلام والتنمية، فضلاً عن تحقيق فهم مشترك لأدوار ووسائل منظمات المجتمع المدني مع الإدارات المحلية، كما أن تخصيص مساحات للمواطن والمجتمع للتواصل مع الإدارات المحلية من شأنه الارتقاء بالخدمات العامة , ودعم البرامج الإنمائية، ودفع الأجندة الإعلامية الخاصة بالمواطن للدفع بالتنمية الوطنية[3] .
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبير دراسات سياسية واستراتيجية
[1] " Mary Joyce: Thinking in the digital activity: 2010 "
[2] http://www.unesco.org/new/en/communication-and-information/intergovernmental-programmes/ipdc/homepage
[3]https://owl.english.purdue.edu/media/pdf/20080628094326_727.pdf