array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 122

ملاحظات على دفتر الأزمة اليمنية

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

يأتي هذا المقال في نهاية ملف متكامل عن الأزمة اليمنية بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن الشقيق، وتداعيات هذا الانقلاب، وما قد يترتب عليه مستقبلاً من متغيرات إثر حملة يقودها الانقلاب على الأرض , خاصة فيما يتعلق بتغيير هوية وثقافة الشعب اليمني في مهد العرب.

تناول الملف اليمني في هذا العدد من مجلة (آراء حول الخليج) كافة المحاور من مختلف الزوايا بأقلام نخبة من كبار المسؤولين، والمفكرين، والأكاديميين والمراقبين اليمنيين والعرب. وكما قالت العرب قديما (أهل مكة أدرى بشعابها).. فأهل اليمن أدرى بمسالكها ودروبها السياسية المتعرجة التي تشبه وديانها وجبالها صعبة التضاريس، لذلك تم طرح أسباب الانقلاب، وما حدث خلاله، وما ترتب عليه، وما يمكن أن يترتب عليه مستقبلاً.

 وتتبقى لي ملاحظات على هذه الأزمة:

 **الانقلاب لم يأت من فراغ، بل سبقته إرهاصات مهدت له، بدأت مع استمرار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في الحكم لمدة تجاوزت 35 عامًا، وكما وصفها هو نفسه بـ (الرقص على رؤوس الثعابين)، واستخدم فيها وسائل الحكم القديمة التي كانت سائدة قبل الدولة الحديثة في الاسترضاءات وكسب الولاءات، حيث اعتمد على إرضاء القبائل وتوزيع الهبات والوظائف على المولاة لإيجاد مؤيدين نافذين أقوياء بما يحقق له طول البقاء في السلطة، في بلد للقبيلة دور هام في تركيبته وحكمه.

**تجاهل علي عبد الله صالح استشراء النفوذ الإيراني في اليمن ـ سواء عن عمد لحسابات سياسية، أو بسبب التمويل الإيراني المغري ـ ما أدى إلى تحول أسرة (الحوثي) من رجل وأولاده؛ إلى قوة انقلاب عسكري/ سياسي، وقنطرة لعبور المذهب الاثنى عشري الإمامي إلى اليمن ومحاولة صبغ المذهب الزيدي بصبغة ولاية الفقيه في مدة لم تتجاوز عقدين من الزمن.

**قاد الرئيس السابق انقلاب الحوثي عبر قواته، وجعل الحوثيين واجهة لهذا الانقلاب، الذي يغرس جذوره في أرض اليمن بما يتجاوز مناورات الرئيس السابق   نفسه وبذلك لن يستطيع استرداد السلطة من الحوثيين الذين صنعهم.  

**الانفلات الأمني الذي أوجده الانقلاب أدى إلى تفشي الإرهاب وجذب الجماعات الإرهابية إلى اليمن ما يؤثر على استقرار اليمن لسنوات طويلة، وكذلك سوف يؤثر بدوره على المنطقة.

**الخوف على ثقافة وهوية المجتمع اليمني، حيث بدأت تزحف الثقافة الفارسية في المضمون والجوهر، وترتدي مسوح الدين في المظهر على حساب الثقافة العربية والإسلامية الأصيلة في موطن العرب الأول، حيث افتتح الانقلاب العديد من الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية الإيرانية في وقت مشغول فيه العالم والشعب اليمني بالظروف السيئة التي أوجدها الانقلاب.

**الأوضاع الاقتصادية في اليمن ازدادت تدهورًا، بعد أن سطا الانقلاب على مقدرات الدولة في ظل مبدأ حكم الميليشيات المسلحة التي تجعل مصلحة الجماعة أو الحزب أولاً وفوق مصلحة الوطن.

**المجتمع الدولي لا يولي الأزمة اليمنية مكانتها الحقيقية بل تراجعت الاهتمامات الدولية والأممية، وحتى العربية بهذه القضية، في ظل الصراعات الإقليمية، وعليه تبدلت اهتمامات ومواقف ومصالح القوى الكبرى.

**في المقابل، وفي تطور مهم لمجريات هذه الأزمة، تؤكد الحكومة الشرعية أنها تشعر بالمخاطر وتدرك حجم وخطورة التحديات بمنطق الدولة وليس بمنطق الميلشيات ـ كما يفعل الحوثي ـ لذلك تقبل الشرعية بالحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث وهي المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بل أن الشرعية لن تتشفى أو تنتقم لما حدث، بل ترى أن اليمن يتسع للجميع، وتؤكد على أن يمن المستقبل يقوم على دولة اتحادية مسؤولة عن كل أبنائها تحت راية العدل والمساواة، دون انتقاء أو إقصاء لأي مكون من مكونات الشعب اليمني بما يؤكد صراحة أن الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح سيشاركون في اليمن الجديد دون  انتقاص من حقوق أو واجبات لأي مكون يمني.

**المآخذ على معالجة الأزمة اليمنية كثيرة منها، ضعف إعلام الحكومة الشرعية الذي لم يقدم واقع الأزمة أو يطرحها للغرب بواقعية، مقابل الآلة الإعلامية الإيرانية التي تسوّق الانقلاب الحوثي للغرب على الطريقة الإيرانية في الإقناع ,ودس السم في العسل وقلب الموائد، وإذا سلمنا بضعف الإعلام اليمني واحتكاره من جانب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فلا يوجد أي دور للإعلام الجماعي العربي المتمثل في الجامعة العربية، في مؤازرة الشعب اليمني وإظهار معاناته كما يجب وتسويق قضيته العادلة.  

اليمن يحتاج إلى توضيح حقيقة الانقلاب، وإلى إجماع عربي ودولي لإعادة تأهيل هذا البلد من كل الجوانب وإعادته إلى الحظيرة العربية قبل فوات الأوان. 

مقالات لنفس الكاتب