array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 122

أزمة الخليج دخلت دينامية التصعيد والحسم السريع ضرورة وليس خيارًا حالة الركود تتطلب عاصفة جديدة لتلافي تأثير الصراع على التوازن الإقليمي

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

              لم يكن جزءًا من أجندتها أو استراتيجيتها، ولا ضمن خُططها المعدة سلفًا، أن تقوم دول الخليج بالتدخل العسكري في اليمن. كما أن المسارات الخليجية المحتملة للتعامل مع حرب اليمن في ظل الأزمة الخليجية لم تكن محسوبة أيضًا. صحيح أن دول مجلس التعاون كانت ولا تزال لاعبًا قويًا في المنطقة، ورقمًا مهمًا يصعُب تجاوزه، إلا أن التدخل كان "مفاجاة استراتيجية" بمعايير عدة بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، مما أوجد خللاً في التوازن الاستراتيجي الإقليمي لم يكن بالإمكان تعديله إلا أن تقوم المغيرات الخليجية في فجر 26 مارس 2015م، بدك مواقع مغتصبي السلطة من القوات الصالحوثية، إيذانًا بانطلاق "عملية عاصفة الحزم" لإعادة الشرعية فى اليمن بناء على ً ثلاثة دوافع: أولها عودةعبد ربه منصور هادي رئيسًا لليمن، وثانيها سحق حركة أنصار الله الحوثية، ثالثهما الحد من النفوذ الإيراني في البلاد، لكون الحوثة جسر امتداد للوجود الإيراني في اليمن، حيث  حول محور الهلال الشيعي، دمشق وبيروت وبغداد إلى طوق حول دول الخليج [1]. ويبدو المشهد اليمني معقدًا بما فيه الكفاية لجعل قراءة مستقبل الحرب أمرًا صعبًا، لكن مما لا شك فيه أن لهذا الصراع تأثير على التوازن العسكري في منطقة الخليج، مع خطر أن تتسع دائرة العنف والصراع في المنطقة خارج اليمن أو انطلاقًا منها. كما أن مما لا شك فيه أن الأزمة الخليجية ستترك أثرها على الوضع العسكري الخليجي الجماعي، وعلى المشهد في اليمن.

 تأثر التحالف العربي بالمتغيرات الخليجية

 فرضت الأزمة الخليجية بين دولة قطر وأشقاء لها في مجلس التعاون ضرورة إعادة النظر بالبيئة الأمنية في شموليتها وليس في الخلاف نفسه أو الحرب في اليمن. ونستبعد حدوث  صدام  عسكري في الأزمة الخليجية،مع أن البعض ربط   ذلك الاستبعاد بحدوث متغيرات على الأرض كتوقف الحرب في اليمن؛إلا أن ذلك لا ينفي أن حرب اليمن قد فرضت تقييد  خيار الحرب والأعمال العسكرية [2]. وقد أدخلتنا دينامية التصعيد  بين الأشقاء الخليجيين إلى طرح فرضيات عدة في شكل التأثير وأطرافه في حرب اليمن و التي تنحصر في خروج دولة قطر من اليمن والتي تملك قدرة دبلوماسية هائلة على جمع النقائض كجماعة الإخوان المسلمين ، والحوثة، وإيران كالتالي :

- جماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح)

 روج صالح والحوثة إلى أن الحملة العسكرية الخليجية تستهدف الإخوان في المقام الثاني وتفتيت اليمن أولاً. وقد تسبب ما يجري في الخليج من أزمة بين قطر من جهة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين بردود أفعال تتفق حول أن ما يجري سوف يزيد من سخونة الحرب باليمن وتعقيد مساراتها وبالأخص تأثيرها على جماعة الإخوان (حزب الإصلاح) الذي يتعرض لهجوم إقليمي شرس بقيادة الإمارات الموجودة بقوة في اليمن وتدعمهم قطر بشكل كبير [3].. ويذهب كاتب صحفي ومحلل سياسي يمني [4]إلى أن من تأثيرات الأزمة الخليجية وخروج قطر من التحالف أن هذا القرار يؤثر على قوات التحالف العربي المشاركة في قتال الحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق، لا سيما وأن أغلب القيادات العسكرية التي تقاتل في صف التحالف سواء في الجنوب أو الشمال أو الوسط هي من حزب الإصلاح الإخواني التي قطعت دول الخليج العلاقات مع قطر بسببهم. ويضيف أن غالبية المقاتلين في اليمن والقيادات العسكرية، والقرار قد يعيد لديهم التفكير في التحالف، وتعيد ماتروج له القوات الصالحوثية من تحذيرات أن الحرب تستهدفهم، وهي بمثابة "الحفار" للوصول إلى جذورهم لاستئصالهم، رغم مدهم جبهات القتال بآلاف من الشباب للقتال مع التحالف العربي. فالإشكاليّة هي التمويل القطريّ للإصلاح ماديًا والدعم الإخواني للدوحة سياسيًا دون أن ننسى أنّ الإخوان في ساحات قتال اليمن قوّة عسكريّة مهمّة وحضورهم الجغرافيّ واضح في كلّ القطاعات.

 - المفارقة الحوثية

            كانت مفارقة في موقف الحوثيّين حين أعلنت وسائل إعلامهم التعاطف مع دولة قطر، جراء الأزمة الخليجية، وفي ذلك يلتقون مع الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) في المواقف السياسيّة رغم قتلهم لبعض في ساحات القتال. والخطورة هنا أن الحوثة والاصلاح رغم تقربهم من قطر يتفقون أيضًا في العداء لاحد أطراف العمليات الفاعلين وهي الشقيقة دولة الإمارات، وربما بوتيرة أشد من عدائهم للخليجيين الآخرين. ولتزايد حاجة الدوحة لجوارها الإقليمي على ضفة الخليج الأخرى بعد إغلاق حدودها البرّيّة. فقد يعتقد الحوثة أن إيران ستكون جسرًا لكسب ود قطر. لكن ذلك في تقدير المراقب الخليجي  مستبعد لأسباب أن قطر لم تعد موجودة على أرض القتال في اليمن كما أنها لن تفرط في دم أشقائها الخليجيين جراء أزمة خليجية عابرة فتجافيها من الخليج مؤقت أما الالتفاف الإيراني في جنوب الجزيرة العربية عبر الحوثة فأشد خطرًا ، وديمومة.

 - الكسب الإيراني من طول أمد الأزمة الخليجية

           استفادت طهران من هذه الدعاية المجانية للترويج لقدراتها الاستخباراتية، ولكونها حامي الشيعة، ولقدرتها للتغلغل في عمق العواصم العربية.وليس الخليجية ربما لأخذنا جرعة مضادة خلال الثورة الخمينية ثم الحرب العراقية الإيرانية. وقد أتت طهران الفرصة الآن على طبق من ذهب، حيث أن هناك توقعات بأن تقوم إيران بدعم الموقف القطري رغبةً منها في إطالة أمد الخلاف داخل الجبهة الخليجية ما سيمكنها من التوسع بشكلٍ أكبر داخل المنطقة وليس فقط عبر الحوثة في اليمن، بالإضافة إلى أنها ستكون قريبة من صنع القرار الخليجي وستضع قدمًا لها داخل المجلس [5].لذا زادت طهران من وتيرة انخراطها في الأزمة اليمنية، ربما لتكمل ما بدأت به من جهود توسعية حين  توقيع اتفاق بين الحوثيين وطهران لتوسيع وتطوير الحديدة  ثانى أكبر موانئ اليمن، وفتح جسر جوى مع إيران لتسيير 14 رحلة أسبوعية، لعودة التمدد الإيراني. ولتأكيد ذلك أعلن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، أن طهران قد تكون مهتمة بإنشاء قواعد بحرية في سوريا واليمن. وأضاف: امتلاك قواعد بحرية في مناطق بعيدة لا يقل أهمية عن الطاقة النووية، بل هو أكثر أهمية عشر مرات، ويخلق قوة ردع . وأوضح رئيس الأركان العامة أن إنشاء منصات بحرية قبالة شواطئ هذين البلدين يتطلب أولاً تدشين بنية تحتية هناك [6].

    الأزمة الخليجية تدخل اليمن في حال المراوحة  

         أصبحت القضية اليمنية على وشك الركود، والدخول فى دائرة الحرب المنسية فى ظل التوترات الإقليمية، والمسارات الخليجية السلبية المحتملة للتعامل مع الأزمة الخليجية وهو ما ينذر بطول أمد حرب اليمن، ويزيد من تكلفة الإعمار، وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. وحين غابت القضية اليمنية في ثنايا الأزمة الخليجية قفز من يريد إحياءها بادعاء وجود ترتيبات لتسوية سياسية في اليمن، بل ودلل على ذلك بمؤشرات واهنة كنقل مكتب المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ، من نيويورك إلى العاصمة الأردنية، والسعي لعقد جلسة للبرلمان اليمني في عدن أو المكلا [7]. لكن الواقع يقول إن هذه الادعاءات ماهي إلا لسد فراغ حالة المراوحة التي يمر بها الملف اليمني وليس إنهاءها. فاليمن على هذه الحالة يمر بحالة مراوحة بين التسخين اللفظي والجمود العملياتي، في زمن الأزمة الخليجية وستخلق تحالفات داخلية جديدة في اليمن، وثغرة لتدخل إقليمي ودولي، فالجميع له أجنداته المستقبلية في زمن الفوضى. فحالة المراوحة ليست في صالح الشرعية اليمنية ولا في صالح التحالف العربي كالتالي :

 - في زمن المراوحة أصبح العدو الحوثي قادر على فهم وتيرة الشد والجذب في نهج قوات التحالف العملياتي، ومدرك للنسق الذي يحكم تحركات قوات الشرعية، مما يعطي الحوثة فرصة لفرض واقع جديد على الأرض يرسخ الانقلاب ويمكنهم من فرض مشروعهم بالقوة، من باب أن كل ضغط من قبل التحالف مقدور عليه، لتكراره بدون حسم بنفس الوتيرة في زمن المراوحة.

 -تستنزف حالة المراوحة صبر وموارد الشعب اليمني فلا يعود مؤمن بجدوى" عملية إعادة الأمل" التي فقدت زخم وقوة "عملية عاصفة الحزم " وأصبح يحول بينه وبين نهاية الأزمة كثبان من خيبة الأمل يصعب اجتياز مكوناتها جراء انتشار الكوليرا وانتشار الفقر الشديد المطل على وديان المجاعة الموحشة.

 

  لقد تلاشت المعركة؛ إلا من صوت نيران متفرقة زخمها الإعلامي أكثر من الأمتار التي تقرب الشرعية من صنعاء، فقد عمدت القوات إلى المراوحة في مكانها؛ ولولا طبيعة اليمن الجبلية لدفنت القوات نفسها في خنادق الحرب العالمية الأولى. فأين ذهبت المعارك الهجومية والخاطفة، وكيف أصبحت خطوط القتال جامدة. رغم تقنيات المناورة، والتفوق الجوي، وثورة تقنيات الأسلحة والتفوق في إدارة المعركة!

 

-النزاع في اليمن ثوري، طائفي، انفصالي؛ ففي التحليل الأخير هو نزاع بين قوى طائفية تتسم بروح(الثورة) كما يسميها الحوثيون وبين قوى تكفيرية يمثلها فرع القاعدة في اليمن والذي يستمد العون من حزب الإصلاح ناهيك عن روح انفصالية يمثلها الحراك الجنوبي [8].  والأهداف  المعلنة  للتحالف العربي  تتمثل في إعادة التوازن بين القوى اليمنية المتنازعة. والتي تميل لصالح الشرعية ،حيث تواجه القوات الصالحوثية صعوبات كبيرة في التجنيد لمواجهة حالة الاستنزاف التي تعرّضت لها  مع عزوف القبائل وهي خزانها البشري عن إرسال أبنائها لحرب بلا نهاية لذا انتهجوا حرب الاستنزاف لفرض الركود على ميدان المعركة. وهنا نعيد السؤال أين زخم وقوة "عملية عاصفة الحزم "  في زمن "عملية إعادة الأمل" الحالي ‘و هل نحتاج إلى"عملية الخروج  من المراوحة" ؟

 

الحسم الخليجي لتجاوز حالة الركود 

 تستطيع ببساطة شديدة، أن تُحدد الوقت واللحظة، التي تبدأ فيها إطلاق أول شرارة للحرب صوب عدوك، لكنك لا تستطيع تحديد وقت نهايتها.والطبيعة الجبلية لليمن تجعل من الصعب دخول أى جيش نظامى،ومع انتشار الخبايا والكهوف تصبح مهمة قوات التحالف لوقف الحرب بنتائج مرضية شبه مستحيلة. وفي الوقت نفسه لا تريد قوات التحالف العربي النزول لدرك ميليشيات الحوثي والمخلوع فالتحالف العربي ، يتجنب تمامًا استهداف المدنيين على حساب التعجيل في حسم المعركة، وإعادة إحكام سيطرة الشرعية على كامل الأراضي اليمنية، حيث يستخدم الانقلابيون المدنيين، والأطفال والنساء خصوصًا، دروعًا بشرية لصد أي هجمات جوية أو برية في العاصمة صنعاء وما جاورها [9]. ولايوجد ضعف بنيَوي لدى قوات التحالف العربي بالإضافة إلى الإمكانات الموضوعة بتصرُّفِها والتي هيَ من بين الأغنى في العالم. لكن الإشكالية هي  حجم القوّات  البرية المطلوبة  لتحقيق هجوم بري ناجح .فعند الهجوم لا يمكن أن  تحقق النصر  إلا إذا كانت  نسبةِ  قوّات المهاجمين  ثلاثة على الأقلِّ مقابِلَ كلِّ واحد،  و هذه النسبة لم يتمّ بلوغُها . كما أن مع الرئيس السابق عبد الله صالح قطاعات الحرس الجمهوري كبيرة العدد، وهي وحدةٌ نخبويّة في الجيش اليمنيِّ بقِيَت على ولائها له.

 الحسم ضرورة وليس خيار

 في الآونة الأخيرة أصبحت وكالات الأنباء الدولية تتحدث عن حرب اليمن وكأنها تقرأ خطابات منسوخة من منشورات منظمات حقوق الإنسان، أو منظمة الصحة العالمية .ففي الغرب مزاج  ظالم يميل إلى تصوير التحالف العربي كما لو كان جيش الولايات المتحدة في حرب فيتنام ،مصورين المقاتل الخليجي وهو يقصف اليمن بلا هوادة، باستخدام الأسلحة المنتجة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة .حيث يدل  تقدم الأسلحة  ودقة أصابتها في الإعلام الغربي  على عدم  كفاءة الصقر الخليجي، أو أنها ضربات مقصودة لحصد عدد كبير من القتلى المدنيين في اليمن في استخفاف مستهجن بأرواح المدنيين؛بل وظهر كأن التحالف  عديم الرحمة في قصفه للمجتمعات المدنية إلى حد استخدام الأسلحة العنقودية المحرمة دوليًا. كما أصبحت المجاعة في اليمن خميرة للغضب في الغرب بعد نفاذ المخزون الغذائي عن أكثر من تجمع بشري،دون أن يعي المتابع للأخبار أن  خط المساعدات الحيوي الذي يمر عبر ميناء الحديدة وموانئ أخرى بات يُقطَع ويفتح من قبل الحوثيين بناء على حاجتهم اللوجستية.  ووفق الأرقام التي نشرتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى فإن اليمن قد دخل رسميًا في محنة الجوع ودوامة المجاعات، وأشارت التقديرات الأممية إلى أن نحو سبعة ملايين يمني يعانون للحصول على الغذاء، وأن 14 مليونًا يشكون بشكل عام من انعدام الأمن الغذائي، وأن الأمر يتفاقم جراء استمرار الحرب وحركة النزوح وانهيار القطاع الزراعي والنظام الصحي [10].كما بدا تفشى الأوبئة والأمراض في أوساط الأطفال والنساء بسبب سوء التغذية وقد رصدت حالة تفشي لوباء الكوليرا في اليمن في  أكتوبر  2016م، وعاود التفشي في 2017م، في 10 محافظات يمنية، في ظل تعطل أكثر من نصف المنشآت الصحية في البلاد عن العمل، بسبب الحرب واستحوذت العاصمة صنعاء على النصيب الأكبر من إصابات الكوليرا ما يقارب 34.6 بالمئة من الحالات.  وخلال الفترة ما بين26 أبريل و18 مايو 2017 م، انتشر المرض إلى حوالي 20 محافظة في جميع أنحاء البلاد. كما أن من دوافع سرعة الحسم أن حالات العمليات تقود إلى انخفاض الروح المعنوية  جراء  الاستعداد القتالي ،ومرض التخندق .كما يؤثر في المعنويات  تكبد  الجيش خسائر فادحة في حملته . سواء لقلة التدريب أو لضعف قواعد الاشتباك، أو ببساطة لأن الرجال يموتون في القتال. كما تعاني المعدات والأسلحة من الاستهلاك وتتعرض للتلف ونفاذ قطع الغيار، كما أن من دوافع ضرورة الحسم السريع أن هناك سيناريوهات اقتصادية كارثية قد تتعرض لها دول الخليج جراء استمرار الصرف على الحرب حيث ستكبدها فاتورة باهظة التكاليف وستقود إلى مربع أزمات اقتصادية خانقة. كما يجب الحسم حتى لايتمكن العدو من تحقيق التوازن الاستراتيجي سواء بالمدد الإيراني أو بالتهريب من تجار السلاح بإفريقيا أو قصف التجمعات السكانية بالصواريخ البالستية .

 تأثير الصراع على التوازن الإقليمي

           تتسع دائرة العنف والصراع في المنطقة خارج اليمن أو انطلاقًا منها، فقد أصيب الكثير من المراقبين العسكريين بالدهشة لأن الخليجيون تمكّنوا من تنفيذ عاصفة الحزم دون دعم غربي لا من جانب الحكومات الغربية ولاشركات المعدات العسكرية. ورد الدهشة عدم تحديث معلوماتهم حول التغييرات الحاصلة في جيوش الخليج. فسنةً بعد سنة، قامت تلك الجيوش بتحديث نفسها، وبتعزيز طابعها المحترف  وكان جدير بالمراقبين أن يتوقّعوا ذلك[11]فقد أصبح الخليج لا عبًا إقليميًا مهمًا. فالسعوديون أقوياء، كما عمل الإماراتيون بطريقة جدّية لبناء جهاز عسكري قوي ومؤثر. وقد يُصاب البعض بالدهشة إذا قيل لهم أن دولة الإمارات كانت قد أرسلت قوات تدخّل إلى لبنان، والصومال، وكوسوفو، وافغانستان، وليبيا، ثم إلى اليمن حالياً. لقد كانوا يستعدون لهذه الحرب منذ زمن طويل. لكن ذلك الجانب المشرق يكدره جانب المراوحة الذي سبق ذكره، فتلك المراوحة في الحرب المشتعلة في اليمن لها تداعيات كبري على المنطقة وعلى اليمن. فالصراع أدى إلى تقسيم فعلي في اليمن.وتقسيم اليمن يعني  أن خارطة الشرق الأوسط يجب رسمها من جديد. ويعني عدم الاستقرار على  باب المندب أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم. وقد قادت حرب اليمن إلى صراع بأوجه عدة منها الصراع على المضائق والجزر والقواعد البحرية . واللاعبون هم أمريكا وإسرائيل وإيران ودول الخليج العربي. حيث يتصاعد الصراعُ حاليًا بين القوى الدولية والإقليمية؛ لضمان السيطرة على ممرات ومضايق البحر الأحمر؛ لما يُمثّله من أهمية استراتيجية، لتوسُّطه خارطة الملاحة الدولية، وربطه بين قارتي آسيا وإفريقيا . وتحتفظ أمريكا بقاعدة عسكرية في جيبوتي، تتضمَّن نحو 4000 جندي، وتستخدمها في إطلاق طائرات من دون طيار إلى اليمن ومنطقة القرن الإفريقي. كما تظهر إيران لبسط الهيمنة على مداخل البحر الأحمر، خاصة عبر دول القرن الإفريقي الضعيفة، بتأسيس قواعد عسكرية،   تُطلُّ على الساحل. فإيران تُسيطر فعليًا على جزر مضيق  هرمز ، بما فيها الجزر الإماراتية المحتلة  (أبو موسى – طنب الكبرى – طنب الصغرى)؛ الأمر الذي مَكَّنها من السيطرة عمليًا على ملاحة الخليج، فذهبت للسيطرة على مدخل البحر الأحمر واتخذت إيران من ميناء "عصب" الإريتري قاعدة عسكرية لها، حيث تُطلّ سواحل الدولة الإفريقية على بعد كيلو مترات قليلة من مضيق "باب المندب" بوابة دخول البحر الأحمر.  وهو تواجد استراتيجي هام بالنسبة لطهران، ليس فقط على المستوى الملاحي، بل على مستوى مشروعها التوسعي الإقليمي أيضًا، حيث يُمكنها من نقل الأسلحة إلى الحوثيين عن طريق الوحدة 190 التابعة للحرس الثوري[12].

 

ومما سبق يمكننا القول أن "عملية عاصفة الحزم "كانت مفاجأة استراتيجية من طراز أذهل المراقبين العسكريين، لكن الأزمة الخليجية بين الأشقاء قد أدخلتنا دينامية التصعيد الداخلي ثم حالة الركود التي تتطلب عاصفة جديدة لتلافي تأثير الصراع على التوازن الاقليمي.  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مدير مجموعة مراقبة الخليج

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-

 

 

[1]. وليد محمد مصطفي.اليمن.. ساحة صراع بين الحوثيين والقاعدة.

http://www.archive.roayahnews.com/اليمن-ساحة-صراع-بين-الحوثيين-والقاعدة/

[2]. سعيد الشهابي.سياسي خليجي يستبعد التدخل العسكري في قطر بسبب اليمن.شهارة نت.28يونيو2017م

http://www.shaharah.net/?p=76069

[3]. . ميساء شجاع الدين.التوتّر الخليجيّ... ماذا يعني لليمن؟نبض الخليج. 16يونيو 2017م

 http://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/06/yemen-brotherhood-al-islah-party-qatar-saudi-arabia.html

[4]. . . محمود الطاهر.نون بوست. 5يونيو2017م

 http://www.noonpost.org/content/18290

[5]. يحيى صهيب.كيف ستستغل إيران الأزمة القطرية الخليجية؟.نونبوست.5يونيو 2016.

https://www.noonpost.org/content/18285

[6]. طهران تدرس إنشاء قواعد بحرية في سوريا واليمن

https://24.com.eg/yemen/1997958.html

[7]. الحكومة الاردنية توافق على طلب الامم المتحدة بنقل مكتب ولد الشيخ من نيويورك إلى عمّان

http://almasdaronline.com/article/92155

[8]. لطفي حاتم.التدخل العسكري الخليجي في اليمن وأثره على الأمن الإقليمي.النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين.

http://www.nuijiraq.org/index.php?option=com_k2&view=item&id=3597:التدخل-العسكري-الخليجي-في-اليمن-وأثره-على-الأمن-الإقليمي&Itemid=676

 

[9]. عزيز مطهري .لماذا لا ينهي «التحالف العربي» الحرب في اليمن؟ صحيفة الشرق الاوسط..09 مايو 2017 م

https://aawsat.com/home/article/921861

[10]. المجاعة من أفريقيا إلى اليمن.الجزيرةنت .9 مارس2017م. http://www.aljazeera.net/knowledgegate/newscoverage/2017/3/9 /

 

[11]. . مايكل نايتس.ماذا حقّق التحالف العربي على الأرض في اليمن؟معهد واشنطن .9أبريل 2016

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/what-did-the-gulf-coalition-war-achieve-in-yemen

[12].شريف الدسوقي.صراع الجُزُر.. الرابحون والخاسرون في تنازع الهيمنة على البحر الأحمر .2يوليو2017م

http://alkessa.com/artical-16807

 

 

 

 

 

 

@z4alajmi

 

http://gulfsecurity.blogspot.com/

 

مقالات لنفس الكاتب